رواية أنه أبي الفضل الثاني2 بقلم مريم السيد

رواية أنه أبي الفضل الثاني2 بقلم مريم السيد
  يُؤسفُنِي بِأنّنِي لمْ تَعدْ لَديَّ رَغبةٌ بالانتِظَارِ، فَقَدْ
 اكتفَيتُ مِن شُعور الابْتلاعِ بِبطْءٍ"

/أُوَيسْ➥

ᰔ.   ᰔ.   ᰔ.   ᰔ.  ᰔ
هبّ الرجلَ واقفًا بضيق قائلاً: 
-أنتَ جايبنا هنا علشان تقلل مننا ولا إيه؟ 
حمحم الجد بتوتر ثمّ أردفَ بجدية وود: 
-عاش ولا كان يا بدوي هو بس آدم بيحب يهزر كتير. 
هدأت ملامح "بدوي" ولكنّه عادَ غاضبًا حينما رأى آدم يهز رأسه بنفي بأبتسامه سخرية قائلاً: 
-مبعرفش أهزر والله! 
دلفَ "بدوى" للخارج وقبل رحيله أردفَ بغضب وهو ينظر للجالسين: 
-مش بدوي الحسين إللي يتهزأ من عيل! 
نهضَ آدم ببرود ثمّ أردفَ بغرور وهو يبتسم: 
-أهو العيل ده معتقدش يا بدوي الحسين إنه ممكن يفكر يعمل زيك وخاصة في السن ده؟! 

رحلَ للخارج وهو يزداد غيظًا من الذي يسمى "آدم"، بينما في الداخل كانت نظرات التحدي ونظرات الغضب تتبادل، وحينَ كان الجو ليسَ مناسبًا، خرج صوتَ من جوفي، لا أعلمَ كيفَ خرج ومن أين! 
أردفتُ وأنا أتصنع الشجاعة قائلة: 
-أنا موافقه بـ بدوي يا جدو! 
" يا ستي أتوكسي وافقي بواحد شبهي مش واحد شبه المومياء! "
جملة أردفَ بها "آدم" بـ سخرية وهو يضحك بعدما أسند فنجان القهوة على الطاولة الصغيرة الذي أمامه، بينما زوجتة نظرت له بتعجب قائلة بلغة عربية: 
-في البداية هذا رأيها حبيبي لماذا تتدخل؟ 
نظرَ لها الجد ثمّ عقّبَ قائلاً: 
-أهـو هي فهمت عليك يارب تفهم بقى وتخليك في مراتك يا آدم! 
قال ببرود: 
-أنا عيوني وحياتي لـمراتي بس مريم مش هتتجوز المومياء ده! 
وقفتُ بضيق وأنا يدي ترتعش قليلاً قائلة: 
-ده شئ يخصني يا أستاذ آدم وأعتقد انا كبيرة وواعية أنا بعمل إيه؟! 
نظر لي باستهزاء وقال بسخرية: 
-هو ده شئ يتبسط بيه يعني؟ 
أكملَ بضيق وكاد صوتهُ يرتفع قليلاً: 
-العيبٍ فعلا مني لما سبتك عايشه هنا لوحدك وتشوفي نفسك عليا! 
ضفتَ على حديثه بغضب وقلت: 
-هو فعلاً العيب منك لما سبتني هنا، بس ده لانك تخليت عني وعن وصية والدي، يبقى ملكش الأحقية تتدخل في حياتي! 
أقتربَ مني وأردفَ بغضب، جعلَ الجميع ينظرون لنا بتوتر ينتظرون ما يحدث بعد: 
-وأنا رجعت، ومش هخليكي يا مريم تمشي ورا عقلك المتخلف ده! 
نظرتَ له بضيق ثمَ دلفتُ للأعلى، بينما هو جلسَ على أحد الكراسي الخشبية الكلاسيكية بغضب، كاد أن يردف الجد بكلمات بينما همسَ "آدم" بهدوء عجيب: 
-لو عاوز تزعق وتتكلم فـ أنا مليش خلق دلوقتي وأجله لوقت تاني بعد اذنك! 
شاور للتي كانت تنظر له ببعض الخوف، صعد بها للأعلى، بينما الآخرين كانَ ينظرون لبعضهم بتعجب وحيره. 

                    𐙚  𐙚  𐙚  𐙚  𐙚   𐙚

المرءُ يصمت والعقلُ يفكر، والقلبُ ينصت، أمّا بالنسبة لي، فكل عضو بي يتحدث بأسمه، وبحبي لهُ، أنه أبي حبي لهُ ليسَ بـ حرامًا، بل حلالاً يجوز لي، أحببته منذ ما كنت صغيره بضفيرتين، والشرائط السوداء المفضله لهُ تربط ضفائري، أحبّته طفلة صغيرة، وهو أحبّ إمرأه ناضجة. 

-عـاوز إيه يا آدم؟ 
همسَ بهدوء وأبتسم: 
-بقيتي مش محترمه يا بنت وبتقولي يا آدم حاف كده! 
أردفت ببرود: 
-هبقا أحشيلها جبنه رومي! 
غمزَ لي بأحد عينيه قائلاً بإبتسامة: 
-لـو هتاكليني معنديش أي مشكله يا قلب آدم! 
صمت قليلاً، حديثه يجعلني أتراجع عن مبادئي، حنين الكلام، ومريح القلب. 
أردفتُ ببرود قائلة: 
-كُنت جاي ليه؟ 
جلسَ على طرف السرير وهو ينظر حوله، وكإنه يتفحص كل شئ حوله،كإنه يعيد كل شئ، هناك الركن الذي كنتَ اختبأ منه حينما كنا نلعب الغميضة، وهذا الركن الذي به الكرسي الخشبي الكبير المطرز باللون الفضي ويزينه فراشات فضيه ويسوده اللون الإسود، كانَ يقرأ لي قصة خيالية ويضع بها إسمي ، بينما هُنا، كانت ألعابي المفضلة حولنا هو يلعب معي ويمزح ويضحك معي. 
أستيقظت من شرودي حينمَا أردفَ قائلاً: 
-متزعليش مني يا مريم من موقف أمبارح، أنتِ عارفة أنا عاوز مصلحتك! 
أبتسمت قليلاً بسخرية قائلة: 
-عـاوز مصلحة مين يا آدم؟، مصلحتي؟، يا آدم قول حاجه أصدقها طيب!! 
شهقت حينما شعرت بقربه،رائحته، ملابسه، عيناه عن قرب، لحيته، شاربه، كل ما بهِ كنت مشتاقه لهُ، رغم صغري فلن أنسى ذلك، لم أنسى ملامحه، صوته، لم أنسَ شيئًا تمامًا. 
فِقت من شرودي حينمَا همسَ قائلاً بهدوء: 
-وحشتيني! 
رمشتُ عدة رمشات، تركني واقفة حائرة، اللعنة عليهِ، يستطيع فقد سيطرتي، يجعلني أحبهُ أكثر فأكثر، لكن ماذا عن زوجته، ماذا عن قوله "عيناي لزوجتي وروحي"، لما يقف ضد أختياراتي ويخبرني أنه يعلم الصواب، لما القرب هكذا، لما اللعب بمشاعري هكذا، لما يدي ترتجف، لما هذا وهو متزوج ! 
أهكذا يفعل الأب بإبنتهِ عاشقتهِ! 

كان الجميع صامتًا، لا احد يتحدث، نهضَ الجميع بدهشة وقلق حينَ دلفت زوجة" آدم"نحو المرحاض ممسكة بمعدتها، دلفت النساء خلفها، و"آدم"يبعد خصلات شعرها عن وجهها وهي تتقيأ ، بعد قليل نهضت وقالت بإرهاق وهدوء: 
-أنا بخير لا تقلقوا، لكنّي سأجري فحص صغير. 

حينما أبتسمت فهمت مقصدها، نغزات في قلبي تؤلمني، تركت الجميع ودلفت للأعلى، أغلقت الباب خلفي بضيق.. 
لماذا؟ لماذا عاد؟؛ هل يريد معاقبتي على كوني كبرت بعيدةً عنه، هل يعاقبني على كوني رفضت الذهاب معهُ، هل عادَ ليخبرني لم أصبح أباك بمفردك بل أصبحت ملك لغيرك! 
-أدخل؟ 
حينما سمعتُ طرقات غرفتي نهضت عدلت ملابسي وأرتديت حجابي بعشوائيه. 
أردفتُ ببرود: 
-خير يا آدم عاوز إيه؟
-مفيش لقيتك مختفيه من وقت إللي حصل ومنزلتيش كمان تتعشي معانا! 
هزيت كتفي بلا مبالاة قائلة: 
-عادي مش جعانه ومش حابه أنزل! 
أبتسم بخبث قائلاً: 
-مقولتليش مبروك! 
نظرت له وتظاهرت بعدم فهم فأكمل وهو يتعمق بالنظر لي: 
-هبقى أب! 
أصبحَ جوفي جافًا من أحرفي وكلماتي، أتحكم بعيني لكي لا تمطر، لكن… لكنها فاضت وأمطرت! 
أقتربَ منّي بعدم فهم والقلق على ملامح وجهه: 
-مـريـم! مريم أنتِ بتعيطي لي؟
أكملَ وهو يجلس على ركبتيه و بأنامل أصابعهِ يزيل دموعي: 
-هشش اهدي علشان خاطري إهدي انا هنا جمبك! 
هزيت رأسي بنفي وقلت بتعلثم: 
-أ.. أنتَ مشيت ومبقتش جمبي! 
-حقك عليا… حقك عليا أنا هنا خلاص جمبك! 
إبتعدت عنه وضحكت بسخرية: 
- لا فعلاً جمبي! 
رجعت ليه يا آدم؟ 
أردفت ببرود، بينما هو نظر لي بعدم فهم فأكملت: 
-أيوه رجعت ليه؟ 
فاكرني هتلاقيني مستنياك وأقولك أنتَ رجعت يا آبيه آدم، رجعت للبنت الصغيره صاحبة الضفيرتين إللي اول ما تشوفك هتجري على حضنك إللي من صغرها متعوده عليه؟؟ 
أكملت بضيق وعيني تدمع: 
-أنا اقولك رجعت ليه؟؛ رجعت علشان تلعب بمشاعر البنت الصغيره إللي تعودت على وجودك، رجعت علشان تقولها بصي أنتِ مصيرك هيبقى زيهم وأنا عايش حياتي زي ما كنت بحلم! 
راجع تندمني يا آدم علشان تحسسني أني غلطت لما أخترت أعيش في البلد إللي أهلي أتوفوا فيها رجع… 
قاطعني بصوت خافت وهو ممسك بيدي: 
-رجعت علشان بحبك! 

"أترا الحُـبْ سهًلاَ، وأنتَ لم تجرب كيف تكـون نائمًا وعقلكَ ياقظًا!" 


تعليقات



<>