رواية الجوكر والأسطورة الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15 بقلم أية محمد
دفشته "منة" بعيداً عنها ثم ركضت بأقصي سرعة تمتلكها حتي كادت بأن تتعثر كثيراً ولكنها كانت تواصل الركض حتي لا تقع فريسة سائغة بأفواههم، توقفت قدماها عن الخطي حينما حصرت بينهما وبين سفح الجبل العالي المطل علي شاطئ المياه، بكت بخوف وهي تري نظراتهم التي هيئت لها بأنها عارية دون ثياب تأويها، تراجعت للخلف برجفة سيطرت علي جسدها، إقترب منها أحداهما قائلاً بأبتسامة تسلية لعينه_هتروح فين يا جميل؟!..
تراجعت للخلف بعينان ملتهبة من أثر البكاء الحارق فساورتها فكرة بأن تلقي بذاتها من هذا الأرتفاع الشاق حتي تلقي حتفها ولكنها قطعت تفكيرها بنظرات حقد إحتلت عيناها، فلما يرى هؤلاء المرآة ضعيفة لهذا الحد، هل إستباحوا أجسدهن للمتعة فقط دون أي إهتمام لعفتها ولا لما تحمله من وسام لعائلة متكاملة، قررت بأن تدافع عن ذاتها بأستماته حتي أن لاقت حتفها علي يديهم سيكون أفضل لها من الهلاك ككافرة فالدفاع عن العرض ما هو الا طريق لنيل الشهادة،تطلعت لمن يقترب منها بنظرة مقززة فجذبت حجر متوسط الحجم كان يتوسط الأرض من أسفل قدماها، جذبته لتهوي علي رأسه بضربتان متتاليتان جعلته يحتشن رأسه بألم، إقترب منها الأخر بغيظ _يا بنت ال....
وتمسك بمعصمها حتي يتمكن من جذب حجابها مررت أظافرها علي معصمه المتمسك بها لتنحني بجسدها لتجذب الاتربة ثم ألقتها بعيناه ليقترب الأخر منها ويشل حركاتها لتركله بقوة أسفل بطنه لتلوي ألماً، هرولت سريعاً لتخرج للطرق الرئيسي مجدداً ليتبعوها بغضب ثار لأقصي حد مما فعلته بهم، إستدرات خلفها بتفحص ثم أكملت ركض بخوف حينما ظهروا من خلفها، توقفت حينما لامس جسدها مقدمة سيارة قطعت طريقها، تطلعت لمن بداخلها ببسمة يشوبها الأمل ليهبط هو من سيارته بعدما إتبع إشارة هاتفها ليقطع طريقه كالرعد الثائر، وقف أمامها ليتفحصها بنظرة لهفة فأسترد أنفاسه حينما وجدها بخير لتتحول نظراتها المهلكة علي من يلاحقها، أبعدها "فارس" بيديه للخلف ثم فتح باب سيارته ليعاونها علي الصعود، أشارت له بالصعود مسرعاً حتي يتمكنوا من الهرب سوياً، صعد لجوارها بالفعل فأبتسمت براحة لظنها بأنه سيلوز بالفرار بها ولكنها تفاجئت به يجذب (رموت) السيارة ليغلقها إلكترونياً ثم وضع المفتاح بجيب بنطاله ليتقدم منهم بغضب لا حصي له، كانت معركة غير متكافئة بين ثلاثة خصم ضد شخصاً بمفرده ولكن أبدي فيها "فارس" بشجاعته ليتمكن منهم أخيراً، جعلهم يتلون ألماً من فرط إصابتهم ليتطوف الطريق سيارات الشرطة التي طلبها "فارس" من قبل ليخلصوهم بصعوبة من تحت ذراعيه، طالبوه بأن يلحق بهم لمركز الشرطة لعمل اللازم فبالنهاية هو فرد من عائلة "زيدان" ويحق له المعاملة الخاصة التي تليق بمركز الجوكر والأسطورة!!..
أصبح الطريق فارغاً الا من سيارته ومازال هو يقف محله، يحاول كبت غضبه الجامح قبل العودة إليها، يخشي البوح بكلماته الخارجه أو تصرفاته الحمقاء التي كاد بسببها أن يفقدها!!..
فتح باب سيارته ليجلس جوارها بصمت مستنذاً برأسه علي مقعده، علي غير عادته لم يتشاجر معها كما ظنت فتأملته بذهول، وقعت عيناها علي جرح يديه العميق فكان يتصبب دماء كالشلال، جذبت يديه بصدمة _"فارس" أنت بتنزف!!..
لم يعيرها إنتباهاً وظل يتأملها بصمت، خطفت نظراتها للسيارة من أمامها لتبحث عن المناديل حتي وجدتها فأخذت تكبت جرحها بقوة ولكن دون جدوي، هبطت من السيارة لتتوجه إليه سريعاً قائلة بخوف _أنزل أنا اللي هسوق...
تطلع لها بتسلية فقال بثبات _لا مش هنزل ولا هنتحرك من هنا.
أجابته بصراخ_يعني أيه؟.. انت لازم تروح للدكتور فوراً..
أعتدل بجلسته ليكون مقابل لها _ويهمك أمري يعني؟..
تطلعت له بألم كأنه يتعمد تذكارها بما حدث فقالت بتماسك_اللي حصلك دا بسببي ولازم أساعدك..
كبت غيظه بصعوبة ليتمدد علي مقعده مجدداً _وأنا بخير شكراً..
بكت بصوتٍ مسموع كأن رداء القوة تخلي عنها _حرام عليك.. أنا معتش عندي طاقة لأفعالك دي أنت دايماً بتحب تعاقبني مفيش فرصة بتفوتها من غير ما تعمل دا..
قالت كلماتها الأخيرة بعدما جلست علي الارض مستندة علي جسد السيارة من الخارج، هبط "فارس" ليجلس جوارها من الجانب الأخر يتطلع لدمعاتها بألم قطعه بأستغراب _انا يا "منة"؟!...
أنا أيه العقاب اللي فرضته عليكِ دلوقتي؟!...أنتِ قولتي أن أمري مفروغ منه وان معتش في شيء يربطنا ببعض فأنا حالياً بثبتلك دا..
ثم نهض ليجذبها لتقف أمامه مشيراً لها بيديه علي الشزطي الذي أتي بسيارتها ليقف أمامهم _تقدري ترجعي القصر او تروحي المكان اللي تحبيه..
وتركها وكاد بالصعود لسيارته فقالت بصراخ كبت بقلبها كثيراً _متحاولش تفهمني أني لو روحت مكان أنت متعرفوش مش هيفرق معاك؟!..
إبتسم بمكر ليستدير بملامح ثابتة _وهيهمني في أيه مدام كل واحد فينا راح لحاله!..
تطلعت له بصدمة خشيت بأن تخنها دمعاتها أمامه وخاثة بوجود هذا الشرطي الذي يتابع حديقهم ببسمة تسلية، تركته وإستدارت لتغادر ولكنها توقفت فالغضب المكبوت أشد خطورة من القنبلة النووية، جذبت الحجرة الملقاة ارضاً لتلقيها بغضب علي زجاج سيارته الأمامية ليتهشم سريعاً، تطلعت له ببسمة نصر فقال بثبات _تفتكري العربية كدا مش هتتحرك..
جذبت (دبوس) من حجابها لتجلس أرضاً حتي إنتهت من ثقب عجلات السيارة الخلفية لتنهض بعدما إنهت عملها لتصفع يديها بلطف كأنها تنفض الغبار عنهما ببسمة غرور والأخر يتابعها بصدمة، صعدت للسيارة لتفتح نافذتها مشيرة له بغرور _علي فكرة أنا ممكن اوصلك بس عندي شروطي!..
لم يتمكن من حجب بسمته علي تلك الفتاة التي تغلغلت لقلبه منذ أعوام طفولته، أرتدي نظاراته السوداء كنوع من الكبرياء لرد جزء بسيط من هيئتها امام هذا الشرطي ليتوجه بهدوء ليجلي جوارها فتحركت السيارة فور صعده، وقف الشرطي يتأمل السيارة ببسمة بلهاء ليردد بعدم تصديق _مجانين!!..
**************'.
وقف أمامه بصمت كأنه فقد الكلمات بأكملها!، حطم "يوسف" لحظات الصمت بينهما فقال بغضب_"أشجان" فين؟..
تأمل معالم وجهه ببسمة فشل بأخفائها فقال بهدوء_في حاجات كتير لازم تعرفها قبل ما تحكم عليا يا" يوسف"..
رمقه بنظرة خاضت الغضب بداخله ليقترب منه قائلاً بقسوة يستحقها _مش عايز أعرف حاجة غير مكان أختي أما اللي عملته معايا أو معاها فدا كان متوقع لشخص فقد كل الأخلاق اللي ممكن تخليه بني آدم..
إرتخت معالم وجهه ببعض الحزن ليعيد "يوسف" سؤاله مجدداً _"أشجان" فين يا.... يا"رحيم"بيه...
تعمد لفظ إسمه الذي جاهد لصنع مفعوله الشيطاني الخاص، تحرك تجاه الدرج ليصعد درجتين قائلاً دون النظر إليه _هغير هدومي وهأخدك معايا ليها..
وبخطي أكثر ثباتاً أكمل دربه للأعلي حتي وصل لغرفته، ولج للداخل ليمزق ثيابه بغضب ثم ألقي بالمزهرية التي تزين الطاولة بعصبية، شدد علي شعره بجنون فبعدما حدث معه شعر كأنه خسر معركة لم تكن بالحسبان!!...
شعر بأن النيران التي شعلها علي وشك أن تلتهمه فتوجه مسرعاً لحمام غرفته، فكان يوجد به جزءاً مخصصاً له كأنه تعمد بأن تكون القسوة جزءاً من حياته فحتي حمامه الخاص محاط (بدوش) دائري حاد يوزع المياه بكافة الأتجاهات لعله يفيقه قليلاً من غفلته، ولج لمكانه المخصص ليشغل المياه التي خرجت بقوة من جميع الأتجاهات ليصل بالداخل لفترة تعدت الثلاثون دقيقة كأنه يحاول إستيعاب ما يحدث حوله، يعلم بأنه يحق ليوسف بأن يفرق بينه وبينها ولكنه حرص كل الحرص علي أن يجعله ينصاع له، خرج من الحمام ليتوجه لخزانته العريقة، فتحت من أمامه لتتجزأ لعدة أقسام بألوانها الباهظة، جذب أحد البذلات الأنيقة وتوجه للخروج ولكن خانته قدماه بالوقوف فتراجع للداخل وخاصة بجزء منعزل عن الخزانة، فتحها بأصابع تنصاع لأول مرة لحركاته اللطيفة لتظهر من أمامه ذكرياتها الثمينة، مرر اصابعه علي كل تفصيلة صغيرة خاصة بها وإحتفظ هو بها برقة تعهد جسده الحاد لأول مرة فكيف ستكون معاملته معاها إن كانت تلك معاملته مع أغراضها؟!...
شرد بملامح وجهها التي حجت الجروح ملامحها عنه بحرافية، ترددت كلماته وتعليماته لحريه بالقضاء عليها ليشعر بألم صعب عليه تحمل ليرفع يديه ويحطم المرآة من أمامه، خرج من الخزانة ليجذب الملابس ليرتديها علي عجلة من أمره، ثم جذب ساعة يديه والبرفنيوم الخاص به كأنهم شيئاً اساسياً له كالثياب، صفف شعره البني بثبات ليغادر غرفته سريعاً متوجهاً لغرفتها...
ولج للداخل ليجدها تجلس علي الفراش بأسترخاء وملامح عادت للقوة مجدداً، وقف أمامها ثابتٍ كالجبل العتيق مما أثار دهشتها فكانت تتوقع بأن ما أخبرته به سيكسر كبريائه!!..
خرج "رحيم" عن صمته أخيراً قائلاً بثبات لا يضاهيه _سيبتك تتمادى عليا بالكلام دا بمزاجي أولاً، ثانياً لأني كان عندي شيء أهم من أني أقف وأسمع حوارك الأهبل والشماتة اللي كانت واضحة بعيونك دي...
ثم إقترب ليقف أمام عيناها بتحدي_متقلقيش يا "نغم" مفيش حاجة في الدنيا تقدر تهد "رحيم زيدان" أو تخليه يتراجع عن إنتقامه من اللي كانوا السبب في جزء بسيط من معاناته....
ضيقت عيناها بغضب _أنت مش طبيعي علي فكرة..
رسم بسمة من جانب زاوية فمه بدت لها أكثر خطورة، إنحني قليلاً ليصل لمستواها ليهمس بصوتٍ حطم أسوار شجاعتها _بالظبط يعني لازم تخافي علي نفسك وعلي جوزك اللي الحرس منتظرين إشارة واحدة مني عشان يقدمهولك هدية جوازكم...
كبتت شهقاتها بيديها لتسبل الدموع عن التحجر فسقطت تباعاً، رددت بعدم تصديق_تقتل صاحبك!..
أجابها ببسمة تعمد جعلها أكثر خطورة _وأقتلك شخصياً لو فكرتي تقفي في طريقي...
إزدردت ريقها بصعوبة ليبتسم برضا عما يسببه حضوره المهيب ليكمل بهدوء مخادع _كدا تعجبيني، واللي يعجبني أكتر لو هديتي كدا وسمعتي كلامي كويس أوي..
وبالفعل إنصاعت لكلماته فمن أمامها هو أكثر خطورة مما خمنت!!...
*************.
عاد "سليم" من الخارج بعدما أحضر الطعام فوضعه علي الطاولة ثم رفع صوته قليلاً _"ريم"....
وحينما لم يأتيه الرد رفع صوته أكثر _أنا جبت الأكل يا حبيبتي يلا إنزلي.
ووزع" سليم" محتويات الأكياس علي الطاولة حتي أنتهي منها ولكن دون جدوي، صعد" سليم" للأعلى ليرأها، فتح الغرفة وولج ليتصنم محله حينما وجدها منقلبة رأساً على عقب، هرول مسرعاً بأرجاء الطابق العلوي ليصيح بخوف _"ريم"....." ريم"...
هداه عقله لغرفة المراقبة الخاصة بالفيلا، فتح السجل الخاص باليوم والساعة ليتفاجأ بعدد من الرجال يجتازون الفيلا في محاولات مستميتة لخطفها وبالفعل تمكنوا من ذلك بعد عدد من المحاولات المستميتة منها، قبض علي معصمها بغضب مميت، قرب بيديه الاخري الصورة قليلاً لتتضح الصورة أمامه حينما قرأ علي زيهم الخاص "رحيم زيدان"!!...
******************
بقصر "رحيم زيدان"...
هبط للأسفل ليشير له قائلاً _يلا يا "يوسف"...
وأكمل خطاه للخارج ولكنه توقف حينما لم يجده خلفه فأستدار بتعجب، إقترب منه "يوسف" قائلاً بثبات _مش هخرج من هنا غير ومراتي في أيدي...
إبتسم بخبث فأشار بيديه بأن يفعل ما شاء، تطلع له "يوسف" بأندهاش من طريقته الغير مطمنه ولكنه لم يشغل ذاته بذلك فصاح بصوتٍ مرتفع بعض الشيء_"نغم"...." نغم"..
نادها كثيراً ولكن دون جدوي فأنقبض قلبه من فكرة ما راودته لينقل نظراته عن الدرج ليتطلع له بغضب _أنت عملت فيها أيه؟!.
لاحت بسمة المكر علي وجهه ليقترب هو الأخر منه قائلاً بثبات _متقلقش لسه مقتلتهاش...
رمقه بنظرة يشوبها الاستقزاز ليكمل" رحيم"حديثه بهدوء_بس أوعدك أننا لو إتفاقنا أنا بنفسي اللي هسلمهالك ومش بس كدا لا هعملكم فرح محصلش فرح علي طريقة "رحيم زيدان"..
_أنت بقيت بالقسوة دي أزاي؟!...
عقد زر الجاكيت بثبات _حوار طويل هيحتاج أيام عشان ألخصهولك بس أوعدك أنك هتعرف كل حاجة...
وأشار له بيديه علي باب الخروج فأنصاع له فهو بالأخر بحاجة لرؤية شقيقته....
تحركت سيارات حرس "رحيم زيدان" بأتجاه المشفى الخاص بصحوبة "يوسف" الذي رفض أن يستقل سيارة "رحيم" فأبى أن يضغط عليه أكثر من ذلك لذا سمح له بالصعود غي أحدي سيارات الحرس....
**************
جلست بغرفتها بحزن علي محاولاتها البائسة في إقناع الجوكر المزعوم بعيد ميلادها ولكنها بالنهاية فشلت وعليها تقبل ذلك، طرقات علي باب الغرفة جعلتها تعلم بالطارق فقالت بحزن _أدخلي يا مدام "عفاف"...
ولجت السيدة "عفاف" ببسمة وقار لتضع ما تحمله بيدها على الطاولة، إعتدلت "حنين" لتتأمل ما وضعته ببسمة بلهاء فأشارت لها بفرحة _مين باعت قالب الكيك دا؟..
أشارت لها السيدة "عفاف" بأن شكوكها صحيحة _الباشا اللي طلب من الحارس يجبلك التورتة دي وطلب مني أطلعهالك بنفسي..
نهضت عن مقعدها سريعاً _بجد "مراد" اللي طالبها؟!.
أشارت لها بتأكيد فودت "حنين" لو إحتضنت قالب الكعك لتبقيه بقلبها قبل روحها، كم أردت أن يهديها بشيء غير الطعام حتى تحتفظ به لأخر أنفاسها!، إقتربت من القالب ببسمة واسعة تلاشت حينما غرقت بتفكير إحتفالها بمفردها ليحوم الخبث عيناها فرددت بصوتٍ منخفض _"مراد زيدان" بتحاول تتهرب مني بس أنا هقطع بينا المسافات..
***********.
بجناح"الجوكر"....
كان يستند بجسده علي حافة تراسه الخاص بقدماً مرفوعة عن الأرض لتثبت بحرافية علي طرفه، ممسك بيديه كأساً من مشروبه ذو اللون الأزرق الجذاب الذي تفوح رائحته بالليمون والنعناع الشهي، هائم بنظراته علي أسوار حديقته الشاسعة، عيناه تتنقل بأنتظام علي أوجوه الحرس ومداخل ومخارج القصر بشرود إلتهمه بماضي الذكريات....
##
_وأنا مقدرش أكون في مكان واحد مع البني آدم دا..
تفوه بها "مراد" بحدة لوالده فقال "رحيم" بحزن_أنا عملتلك أيه لكل دا، ليه كمية الكره دي ليا؟!..
أشار له "طلعت" بأن يصمت ليقف أمام إبنه الأخر قائلاً بغضب لا يضاهيه أفواه_أولاً صوتك ميعلاش وأنت واقف تتكلم في وجودي ثانياً البنى آدم اللي بتتكلم عنه دا أخوك..
قاطع والده وهو يصر على أسنانه بغيظ_مش أخويا وزي ما قولت لحضرتك مش هكون معاه بمكان واحد....
أجابه "طلعت زيدان" بهدوء بعدما إقترب ليكون علي مسافة مناسبة له_أنا عارف يا "مراد" أد أيه علاقتك كانت قوية بوالدتك بس متخليش حبك ليها يخليك ظالم وتتنازل عن مبادك اللي كانت بتميزك عن الكل، طول عمرك حكيم وبتعرف تحسبها صح أ...
قاطعه ببسمة ألم _كل الصفات دي هتخلي عنها عشان حق والدتي.
شدد "طلعت" علي خصلات شعره البني بغضب كبته بصعوبة _طيب أنت عايز أيه دلوقتي وأنا هعملهولك..
تطلع "مراد" بعداء لفريد لينقل نظراته بصعوبة لوالده _مش عايز أكون هنا ...
أجابه بتفهم_طيب أنا هخلي "عباس" يخدك المكان اللي تحب تكون موجود فيه وهو هيرتب الأمور..
أجابه سريعاً _مفيش داعي أنا هقدر أدبر لنفسي مكان...
رمقه "طلعت" بنظرة ساخرة _لا بجد ، وهتعرف تعمل كل دا أزاي يابو عشرين سنه!..
إبتسم "مراد" قائلاً بصوتٍ حفر بالأنين _لا متقلقش عليا اللي عايزك تعرفه بس أني هخرج من هنا رهوصل للمركز اللي بحلم بيه بدون أي مساعدة أو وسطة من حضرتك زي ما عملت مع اللقيط دا...
صفعة قوية لامست وجهه ليصيح "طلعت" بغضب هز أرجاء مملكة "زيدان" بأكملها _لسانك لو عاد يكرر الكلمة دي هقطعهولك فاهم؟...
تطلع له بنظرة مطولة ثم رفع نظراته لفريد بتوعد ليخرج من هذا القصر تحت نظرات مراقبة "طلعت" له الذي صاح بغضب_لو خرجت من القصر دا مش هتدخله تاني يا "مراد"...
لم ينصاع له وأكمل طريقه للخارج ليمضي طريقه بمفرده ليجتاز طرق كادت عليه بالصعاب فأغلب الأيام قضاها أما جوعاً أو متجمداً من البرد حتي إعتاد علي الصعاب ليصنع ذاته بذاته ليصبح بعد أعوام قضاها بالعمل والدراسة ذو ثروة وجاه ليحقق ذاته بعيداً عن مملكة أبيه!!..
أفاق "مراد" من شروده علي صوت باب غرفته، علم من الطارق قبل أن يتحرك لفتح بابه، ما ان فتح الباب حتي وجد الكعك أمام وجهه لتطل هو هذة المشاكسة من خلفه ببسمتها الفتاكة، زفر بملل فعاد للداخل لتلحق به قائلة ببسمة واسعة _مش من الذوق أنك تسيب زوجتك تحتفل لوحدها..
إستدار إليها بملامح غاضبة لتكمل حديثها بخبث _بلاش زوجتك ضيفتك يا سيدي..
جلس علي الاريكة واضعاً قدماً فوق الأخري ليرتشف عصيره دون مبالة بها أو هكذا تصنع، وضعت الكعكة علي الطاولة ثم تركته وتوجهت للبراد لتبتسم بأنتصار حينما وجدت دورق كبير من المشروب الذي عشقته بجنون لتسكب في كأسين متماثلين ثم وضعته جوار الجاتو لتستدير حتي أصبحت مقابل من يتأملها بدهشة من إختراقها لجناحها بحرية، وضعت يدها خلف خصرها وبالأخري أشارت له كالملوك _ممكن بعد أذن جناب الجوكر المبجل أنه يشاركني في الأمسية المتواضعة دي...
ضيق عيناه الساحرة بنظرة جانبية متفحصة لها، وضع الكأس من يديه ليردد بعدم تصديق _أنتِ مش طبيعية..
إبتسمت قائلة بتأكيد _كلهم بيقولوا كدا..
أجابها بفضول فشل بأخفاء غيرته _كلهم مين؟..
رفعت أصابعها لتشير له _بابي ودادا "فاطمة" وإنكل "حسن" وأ.... ماما الله يرحمها..
قالت كلماتها الأخيرة بدمعة تلمع بالعينين حينما تذكرتها، لاحظ هو ذلك فتألم لأجلها فمن تعلق بحب والدته هكذا يعرف كيف يكون ألم الفراق!..
حاول تشتيتها عما هو به فنهض عن الأريكة ثم وضع الكأس من يديه قائلاً بكبرياء_أوكي، موافق .... بس متأخديش علي كدا..
صفقت بيديها بحماس فضيق عيناه قائلاً بذهول بعدما إقترب ليقف جوارها _هو أنتِ متعرفيش تعدي مواقف بدون حركات الأطفال دي...
أجابته بغرور _أنا كدا لما أفرح بحس أني ممكن أرقص وأسقف واعمل أي حاجه ولما بزعل ا..
_بتستخبي ورا الستار صح..
قالها ببسمة ساخرة فرمقته بنظرة غاضبة جعلته يبتسم بصوته كله، وقفت كالبلهاء تتأمل هذا الشخص الذي تحول لأحداً لم تراه من قبل!!... بسمتها حولته لشخصاً أخر أكثر جاذبية من ذي قبل...
أشاحت بنظراتها عنه بصعوبة لتقترب من قالب التورته لتتطلع له بحزن فقال بأستغراب _أيه؟!.
أجابته بغضب طفولي _فين الشموع اللي هتطفيها، وفين أسمي والأهم من كل دا فين هديتي؟!..
حك أنفه بهدوء ليجذب هاتفه الموضوع علي الكوماد تحت نظرات دهشتها، كتب عدة كلمات علي هاتفه فتحولت ملامحها للغضب من تركه لها او عدم مبالاته بها...
مرت عدة دقائق معدودة ليطرق باب الجناح أحد حرس "مراد زيدان" ليقدم له أكياساً مغلقة بأحكام، جذبها منه "مراد" ثم أغلق الباب ليتقدم من الطاولة، حرر محتوياتها ليصع الشموع وإسمها المزين بالشوكولا ثم وضع جوارهما علبة حمراء ملفوفة بشريط أبيض رقيق للغاية ليشير لها بثبات _كدا تمام ولا نقصك حاجة كمان؟!.
وزعت نظراتها بينه وبين الطاولة بصدمة بترت كلماتها عن الخروج فجاهدت لتردد بهمس _كل دا من مسكة الفون؟!...
كبت بسمته ليرفع معصمه محاولاً رسم الجدية _معاد نومي قرب فالأفضل إنك تستغلي وقتك صح..
هرولت لتقف أمام الطاولة فهي تعلم بأن كلماته عن الوقت محسوبة بالفعل فكل شيء لديه بموعد محدد، كان يقف جوار الطاولة حينما قطعت هي المسافة ركضاً لتصبح أمامه، تأملها بهيام فتلك القصيرة تثير مشاعره الغامضة تجاهها!!..
أشارت له بسعادة _غني معايا بقي عشان أطفي الشموع..
رمقها بنظرة جانبية جعلتها تبتلع ريقها بصعوبة لتصلح كلماتها _أنا اللي هغني...
(هابي بيرث دي فور مي) قالتها عدة مرات بضحكة مرتفعة ويدها تصفق بطريقة جعلته يضع يديه علي وجهه ليخفي ضحكاته، أطفذت الشموع ثم قسمت الجاتو لتخرج قطعة صغيرة لتتوجه إليه، قربتها من فمه ببسمة رقيقة والأخر يتطلع لها بصمت، شعرت بالخجل فهي أعتادت علي تلك الحركة مع أبيها فبعد أن تطفئ الشموع تركض مسرعة بقطعة صغيرة لفمه، كادت بأن تبعد يدها ولكنه فجأها بأن تناولها من يديها بخفة، كاد فمها بأن يصل للأرض من هول الصدمة..
تطلع لها بهيام بعيناها فشعر بأنه علي وشك أن يفقد زمام أموره لذا عاد لثباته المعهود _إحتفلتي زي مأنتِ حابة ولقيتي اللي يشاركك فاضل أيه تاني بقا؟!
أشارت له بغرور _مش أي حد علي فكرة الجوكر بنفسه اللي شاركني..
إبتسم بعدم تصديق فقال بسخرية _حاضر هبلغ اهل القصر بالكلام دا ممكن أنام بقي ولا لسه في إحتفالات تانية؟!...
أشارت له بلا ثم توجهت للخروج والسعادة تزين دربها..
_"حنين"..
نادها بصوته مجدداً فتوقفت محلها بشعوراً يخترق قلبها بلا توقف، كادت بأن تغترف بعشقها له ولكنها تماسكت، إستدارت لتجده يقترب منها فتلون وجهها بالخجل القاتم مع كل خطوة كان يقطعها، وضع بيدها العلبة قائلاً بثبات هالك _الهدية..
أشارت له ببلاهة _أه، اسفة نسيت..
وإستدارت لتغادر مرة اخري ولكنها التفت إليه بخجل _شكراً علي الهدية والجاتو.
وأشارت بعيناها تجاه الطاولة ببسمة جميلة _والشمع والمشروب الجميل دا..
رفع ساعة يديه كمحاولة للتهرب من تلك الفاتنه فأبتسمت لتحتضن العلبة ثم هرولت للجناح لتجذب كاس المشروب ومن ثم للخارج، أغلق باب جناحه ببسمة تتسع شيئاً فشيء، ليعلم الأن بأنه وقع ببحور لا يعلم أين مرساها؟!....
***************.
فتحت عيناها بصعوبة، جرح جسدها كان يشتد فيجعلها تأن بألم، دمعاتها التي لم تفارق عيناها منذ الصغر حتي الأن أصبحت علي عدم قدرة بتحمل المزيد، إستند "شجن" بجذعيها لتستقيم بجلستها بتعب جسدي ونفسي عميق، تفحصت ملابسها بخوف ورعب حطم قلب من يجلس أمامها ويتابعها بشوق ولهفة وحنين يكفي عوالم بأكملها!..
وزعت نظراتها بالغرفة لتستكشف مكانها لتقع عيناها بعين من بغضته العين رغم لقائه الذي لم يكمل الخمسة دقائق ولكنها كانت كفيلة بطلع ملامحه جوار إسمه الشيطاني، تراجعت للخلف برجفة وخوف كان كفيل بأسقاطها عن الفراش، أزاحت الأبر المخترقة لجلدها لتنزف بغزارة وهي تصرخ بصوتها المبحوح_أبعد عني...
إقترب منها "رحيم" بألم لا يضاهيه لينحني لمستواها! _متخافيش يا "شجن" أنا مش هأذيكي...
تبعدت برجفة كادت بقتلها من شدتها لتشير له بصراخ_لأ... لأ متقربش...
لمعت الدموع بعيناه وهو يرأها بتلك الحالة المحطمة وهي تصرخ بهسترية وذراعيها تحاوطه الدماء، أراد فقط لو يتمكن من إحتضانها لعلها تستمع لنبضات قلبه لتخبرها كم عاني بدونها، أن يحظي بفرصة واحدة فقط تستمع بها إليه، إقترب ليكون مقابلها قائلاً بمجاهدة للحديث_طب ممكن تهدي بس وتبطلي بكي أنا محتاج بس أتكلم معاكِ....
تكورت علي ذاتها بوضعية مخيفة له لتتحاول عيناها للأحمر القاتم ومن ثم الهروب من عالم الواقع حتي لا ترى هذا الوجه، هربت من عالمه لتسقط بين ذراعيه مغشي عليها فاقدة لأخر الحقائق المؤلمة بالنسبة لها بان من كان عشقها الروحي صار عدو لقلبها، شيطان مجرد من المشاعر والرحمة!!!!!........
رأي المشهد أمام عيناه بالكاميرات المزوعة بالغرفة لتحل البسمة علي وجه الجوكر وهو يرأه يتعذب هكذا، شعر بأنه نال المراد فرفع هاتفه قائلاً بلهجته الغامضة _نفذ...
وأغلق هاتفه ببسمة تفوح بالشرار لا يعلم بأنه يلهو مع الشخص الخاطئ فرحيم زيدان كالقبر المفتوح، يلتهم من حوله دون سابق إنذار ولكن ماذا لو كانت معشوقته أحدي ضحاياه؟!!!!!!!....
ربما حانت رحلة العشق والأنتقام...
15
حبيبتي....
خانتني الأيام بما تكنه لي من ظلام لتستحوذ علي قلبٍ عشقك حد الجنون!...
حبيبتي...
جعلتني أبدو قاسياً كالحجارة بل أشد صلابة وقسوة، كالجبل الذي يطوف قاعه بنيران كادت بأن تلتهمه أولاً فشكلت خطراً لمن يقف جوارها!!...
حبيبتي....
لم يكتفوا برجمي بالحجارة فسعوا لأن يروا رماق جسدي فحتي ذلك لم يبالوا به، أرادوا أن يذبح قلبي فأصبح بالنسبة لهم ماضٍ كان!!!....
حبيبتي....
كنتِ ومازالتِ النسمة العليلة بليالي يشوبها جمرات الماضي فكنتِ أنتِ كالنسمة التي تحتضنني لتخفف جمرات النيران!!..
حبيبتي....
كنتِ روحاً وحياة لشيطان جرد قلبه من المشاعر ليصبح كالقبو المظلم يبتلع من يقف بطريقه!!..
حبيبتي...
رفقاً بي وبقلب عشقك حد الجنون لا تكونِ عدد أضافي لأناس كانوا كالأشواك بطريق معاناتي...
حبيبتي...
أعشقك حد الموت فكوني رفيقة دربي لاخر حياتي!!!...
كلماتٍ رأها تتشكل أمامه وهو يراقبها من خلف حاجز زجاجي يفصل بينه وبينها!، يراقب الأطباء وكلاً منهما يبذل مجهودات عسيرة لأنقاذها! ، قبض علي معصمه بقوة حتي يتمكن من منح جسده طاقة لتحمل ذلك الألم الذي يهتاج داخل صدره كلما تذكر خوفها الشديد منه، رقب ملامح ذعرها وتشنج جسدها علي الفراش من أمامه، شعر "رحيم" بأنه بحاجة للهروب من هذا الواقع الأليم، أقسم بداخله أن ما يشعر به ليس الا طريقاً لهلاكه، لمعت عيناه بحمرة قاتمة فحرر رابطة عنقه بضيق لشعوره بأن الشوكة الصغيرة قادرة علي قتل أسد جامح!...
_إرتحت كدا ولا لسه عايز تشوف ضعفها أكتر؟!..
كلمات إخترقت آذانه جعلته يستدير ليجد "يوسف" أمامه، إسترسل حديثه بنظرات تقزز _بتحس بأيه وأنت شايف الكل بيعاني بسببك؟!..
إبتسم "رحيم" بألم _اللي قدامك دا شاف ألم محدش بالكون كله يستحمله...
ثم قطع المسافة القليلة بينهما ليقف أمامه مباشرة _تأكد يا "يوسف" أني لو حبيت أشوف العالم كله بيعاني بسبب ذنب عملوه في يوم معايا فأخيرهم هتكون "شجن"..
وببسمة لمعت بالدمع_"شجن" يا" يوسف"!!.."شجن"اللي دخلت أوسخ عالم ممكن تتخيله وكان ممكن أدخل الجحيم عشانها،" شجن" اللي كل لحظة عشتها مكنتش بتتختم غير بالتفكير فيها، الأمل اللي عايش أحلم بيه وسط الصراع والحروب اللي عيشها ،" شجن" اللي مخليه جوا قلب الشيطان مكان صغير يعيش فيه ذكريات حلوة في وسط حيتان عايشين ينهشوا فيه وبيستنوا لحظة وقوعه عشان يرجعوا يأيدوا النار ويولعوا فيه من جديد بس دا عمره ما هيحصل...
وتركه وتوجه للرحيل قائلاً بنبرة غامضة _خاليك جانب أختك يا "يوسف".
لهجته جعلت الدموع تنساب من عين رفيق الدرب الذي عاش ولو جزء بسيط من معاناته، توقف "رحيم" عن المضي بطريقه حينما شعر بكف ممدود علي كتفيه ليخرج صوت "يوسف" بحنان_أنا معرفش أنت مريت بأيه عشان تتحول بالطريقة البشعة دي بس اللي حابب أقولهولك أني اللي إتظلم مش بيظلم يا... يا "فريد"...
أغلق "رحيم" عيناه بحنين لسماع إسمه المدفون خلف حائط الذكريات الأليمة، إستدار ليقف أمام رفيقه ليتطلع له طويلاً كأن ذكريات الماضي المدعوم بوقوفهم لجوار بعضهم البعص بالطفولة، إبتسم "رحيم" حينما تذكر أحلامهم بالطفولة ولكنه قال بثبات مخادع يخفي خلفه ألم عظيم _زمان كان حلمي اشتري بيت يكون لوالدتي ويكون ليا شقة صغيرة أتجوز فيها أنا و"شجن" ويعبت لتحقيق الحلم دا فكنت بحوش من مرتبي البسيط بالجنيه عشان أحقق حلمي دا، فجأة كل شيء اتحطم يا "يوسف"..
وبصوتٍ أشد ألم قال _في فترة من الوقت كان حلمي وأقصى أمنياتي أن يعدي يوم عليا من غير ظلم ولا وجع جديد...
الشخص اللي قدامك دا مات ألف مرة مش مرة واحدة...
ثم وقف أمام ليشير بيديه علي نافذة غرفتها _لو عايز بجد تقتل "رحيم زيدان" اللي جوايا متمنعنيش عنها... وتوافق علي طلبي...
وتركه وغادر المشفي بأكملها ليقف "يوسف" بحيرة من أمره كيف سيوافق علي ما طلبه "رحيم" منه دون موافقتها!!..
كان ببدأ الأمر يرفض طلبه وأسلوبه بالتهديد بأنه إن رفض سيبعده عن "نغم" ولكنه الأن يشعر بوجعه وخاصة بعد كلماته الأخيرة له، واجب الصداقة يعاتبه ولكن ليس علي حساب شقيقته!!، لم يعد يعلم كيف سيفكر او القرار الذي سيتخذه، ولج لغرفتها بعدما هدأت أخيراً بعد عناء من الأطباء، جلس جوارها بحزن، يراقب دمعاتها المنسدلة علي وجهها بألم، وضع يديه علي يدها قائلاً بحزن _أنا جانبك يا "أشجان" متخافيش يا حبيبتي..
فتحت عيناها بلهفة وبصوتٍ شبه مسموع قالت _"يوسف"...
أسرع ليجلس علي فراشها بفرحة حينما وجدها بواعيها، إحتضنته بأصابع مرتجفة للغاية لتردد بضعف _خرجني من هنا، رجعني البيت يا" يوسف"...
ربت علي وجهها بحنان _هنخرج يا حبيبتي بس لما تبقي كويسة..
صرخت بجنون _أنا كويسة بس خرجني من هنا، مش عايزة أكون هنا..
إنقبض قلبه حينما صرخت هكذا فخشي بأن تعود لنبوبتها مجدداً فربت علي كتفيها بهدوء_خلاص.. خلاص هنخرج..
ما أن لفظ كلماته حتي نهضت عن الفراش سريعاً كأنها بمعتقل يستنزف حياتها، إستندت علي ذراع أخيها فتوجه للخروج من الغرفة، فتح الباب ليظهر من أمامه رجلين بأجساد ضخمة للغاية يرتدون ملابس سوداء جعلته يتيقن لحساب من يعملون، وصع أحداهما يديه علي باب الغرفة ليمنعهم من الخروج ليقول بنوع من الوقار _معنديش تعليمات بخروج الهانم من هنا...
تطلع لهم "يوسف" بغضب _وأوامرك دي بتأخدها من مين إن شاء الله...
أجابه بهدوء_من "رحيم" باشا.. .
ما أن إستمعت لأسمه حتى وضعت يدها علي إذنيها بخوف وعدم تصديق، وصل الغضب لزروته فأسندها علي المقعد المجاور له بذراعيه السليم ليقف أمامه مجدداً _أحنا هنخرج من هنا مع بعض وحالاً وشوف بقي تعليماتك دي هتمشيها علي مين؟..
وضع الحارس عيناه ارضاً بتعليمات أتخذها جيداً من رب عمله _أحنا مقدرين اللي حضرتك بتقوله بس دي أوامر "رحيم" باشا ولو منفذتهاش هيقتلني..
لانت ملامح غضب "يوسف" فبالنهاية كما أخبره ينفذ تعليماته لذا ولج للداخل مجدداً ليغلق الباب بوجوههم، إقترب منها لينحني علي قدميه قائلاً بحذر_"أشجان" خالينا نفكر بالعقل من غير خوف عشان حالتك متستحملش..
رفعت عيناها الباكية لأخيها ليكمل بهدوء_مش كان حلمك أن" فريد" يكون عايش؟..
أجابته ببكاء حارق _" فريد" مش الشيطان دااا... انا أساساً عندي شك أنه ممكن يكون هو..
أشار لها بأسف _للأسف هو يا" أشجان" وأنتِ لازم تساعديه يتغير وأ...
سحب كلماته حينما إرتجف جسدها لتبعده عنها بغضب_أنت بتقول أيه يا" يوسف" الحيوان دا كان عايز يموتني وياريت كدا بس دا كان بيتفق مع ر...
كبتت كلماتها بشهقة يكسوها الألم، تطلع لها "يوسف" بنظرات غامضة ليجلس علي المقعد المجاور لها بألم يكتسح ملامحه ليردد بأسي _مش عارف أفكر أساساً اللي بيحصل غريب، من نحية أنتِ ومن النحية التانيه حياة "نغم" الي متوقف علي موافقتي علي طلبه...
تطلعت له بأهتمام _طلب أيه؟!..
أجابها بتردد _جوازك منه..
جحظت عيناها بصدمة ليرتجف جسدها بصورة مقبضة حتي صار وجهها بلون الأزرق القاتم بشكل مخيف، سقطت أرضاً ليهرع إليها "يوسف" بصدمة _"أشجان"..
تمسكت بذراعيه وهي تجاهد الأغماء لتردد أخر كلماتها قبل الأنسحاب من ذلك العالم _لااااا... متعملش فيا كدا يا"يوسف"... لأ..
أخر كلماتها لتسقط فاقدة للوعي أو كما أرادت هي، صرخ" يوسف" بالحرس ليجلب الطبيب ثم حملها للفراش قائلاً بحزن _متخافيش يا" أشجان" مش ممكن هوافق والله ما هوافق علي أي شيء في الدنيا أنتِ مش راضيه عنه... فتحي عيونك أنتِ بس..
لم تنصاع له فأشارت له الطبيبة للخروج من الغرفة حتي تتمكن من إنقاذها فأنصاع لها بدموع لمعت بعيناه وهو يري شقيقته لا حول لها ولا قوة!!...
*****************
خرج من المشفي بمفرده بعدما رفض بأن يتبعه أحداً من الحرس، شعر بأنه بحاجة لها فأنعطف بسيارته بالطريق الصحيح إليها، طال طريقه البطيء بالتفكير بشجن روحه، عادت صورة لخوفها ترسم أمامه من جديد جعلت الدماء تكاد تنفجر من أوردته، وصل للعمارة فصف سيارته بتردد أسفلها، صعد للأعلي بعد تفكير فغروره يرفض رؤية أحداً له بهذا الضعف حتي وإن كانت والدته!!...
صعد للأعلي فولج بمفتاحه الخاص حينما طرق بابها وتأخرت هي بالرد، دخل الشقة بقلق واضح علي وجهه ففتش عنها بجنون والخوف يتربص به من أن يكون أصابها مكروه أو أنها صارت رقماً بالحسابات التي تجمعه "بمراد زيدان"!!...
فتش بكل ركناً بالشقة الواسعة ليشدد علي خصلات شعره بهلاك لمن تسبب بذلك، كاد بالرحيل ولكنه توقف حينما سقطت عيناه علي ورقة بيضاء مطوية بحرافية وموضعة علي الطاولة المقابلة للباب الخارجي!، جذبها بلهفة ليقرأ محتوياتها بعناية..
"متدورش عليا إعتبرني إدفنت مع فريد إبني...."...
كلمات عصفت بما تبقي بقلبه ليطوي الورقة بغضب ثم ألقاها أرضاً ليهوي بقدميه علي الطاولة التي تحطمت لجزئين ليصيح بغضب مكبوت_لييييييه؟!..
ثم زفر بصوتٍ مسموع ليستعيد زمام أموره ليخرج من الشقة بل من العمارة بأكمله مستلقي سيارته للعودة للقصر...
***************
بقصر "ريان عمران"...
وجدها تجلس بحديقة القصر شاردة للغاية فجذي المقعد المجاور لها ليجلس عليه قائلاً ببسمته الجذابة _الجميل قاعد لوحده ليه؟!..
إبتسمت مرددة بفرحة_"ريان"!!..
إستند علي الطاولة بهيام ساحر _عيونه..
خجلت" سارة" للغاية لتغود لشرودها من جديد، ضيق عيناه بدهشة فقال بأستغراب _بتفكري في أيه وشاغلك كدا؟!...
تطلعت له مطولاً لتقول بنوعاً من الحزن _يعني لو قولتلك هتريحني؟..
أجابها سريعاً _جربي..
عبث بأصابعها بأرتباك فقالت بتوتر _عايزاك تريحني وتقولي أيه السبب ورا إنتحار "خالد"؟..
بقي ثابتاً يتأملها بصمت قطع بلهجته الهادئة _ولو عرفتي يا" سارة" هتعملي أيه؟...
تطلعت له بدموع لتتحدث بغضب لا مثيل له _لو طلع اللي في دماغي صح هقتلها...
إنكمشت ملامحه بأستغراب _هي مين؟..
قالت وهي تزيح دمعاتها _اللي كان عايز يتجوزها دي، أنا شاكة أنها ورا اللي حصله..
ثم قالت برجاء _ريحني يا "ريان" وقولي الحقيقة .
إبتسم بسخرية متجاهلاً أخر كلماتها_ يعني لو هي السبب هتقتليها؟..
أشارت له بحدة_أكيد...
أظهر لها ملامح الخوف المصطنع_أوه.. لازم أخاف منك علي فكرة..
زفرت بغضب _أنا بتكلم بجد يا "ريان"..
عادت ملامحه للجدية فزفر بضيق في محاولات بائسة للحديث بثبات _بصي يا "سارة" لما مامتي توفت حسيت وقتها أن الدنيا وقفت، تفكيري أني ممكن أعيش يوم واحد من غيرها كان صعب عليا...
إنتبهت لكلماته بأهتمام فأكمل ببسمة تخفي آلامه_الأحداث اللي حصلت بعد كدا هي اللي دفعتني أكمل من جديد..
تطلعت له بعدم فهم فقال موضحاً _والدي إتجوز بعد وفاتها بفترة قليلة جداً، إتجوز بنت من دور عياله!، فمكنش قدامي غير أني أكون قوي وأكمل عشان نفسي وعشان إخواتي ..
وضعت عيناها أرضاً بحزن لما يقصه عليها فقالت بألم _بس أنا معنديش حد أكمل عشانه!..
إستند بنصف جسده العلوي علي الطاولة_وأنا روحت فين؟..
رفعت عيناها إليه لترى حبها يلمع بعيناه، لاحت علي وجهها بسمة جعلته يبتسم هو الأخر فقال بحب_مقولتليش أقابل خالك دا أزاي عشان أطلبك منه؟..
وضعت عيناها أرضاً من فرط خجلها فأبتسم وهو يتأمل وجهها الرقيق الذي يتحاشي النظر إليه!...
جذب إنتباهه سيارة شقيقه الذي صفها بأهمال ليهبط منها مترنحاً بحالة يعلمها "ريان" جيداً، كاد بالصعود للأعلي ولكن ما أن لمحه حتي توجه إليه قائلاً بضحكة مرتفعة_أنت هنا طب كويس..
إنتبهت "سارة" للصوت الغير مؤلوف فأستدارت بوجهها لتري شاباً بملامح تكاد تشبه حبيبها قليلاً، يبدو أنه بحالة من اللاوعي!..
وقف "ريان" يتأمله بنظرات نارية والأخر يتقدم منه لتتعثر قدماه بسبب عدم إتزانه ليستقر أسفل قدميه، عاونه "ريان" علي الوقوف، فتطلع له "إياد" قائلاً بصوتٍ تفوح منه رائحة الخمر الكريه_كنت لسه طالعلك...
تملك الغضب ملامح وجه "ريان" فقال بصوتٍ كالشلال_أنت سكران؟!..
أجابه بضحكة مريبة_لازم أسكر عشان في حاجات مش لازم أفتكرها..
ثم تطلع لمن تقف خلفه _أيه دا مزز في القصر ومع مين "ريان" رمز الصون والعفاف!..
تمسك بهدوئه لأقصي درجة فأشار لسارة قائلاً بحذم _أطلعي أوضتك يا "سارة"..
أشارت له بأرتباك من هذا الشخص فخطت للداخل ولكنها توقفت علي مسافة معقولة منهما بفضول لمعرفة من هذا الشخص المتدني بأسلوبه الركيك...
ما ان إختفت "سارة" من أمامه حتي هوي علي وجه "إياد" بصفعة قوية ليجذبه ليقف أمامه ليصرخ به بجنون _مفيش فايدة فيك هتفضل حقير زي مأنت....
تطلع له بغضب من تصرفه ليجذبه الأخر مجدداً _كنت فاكر أن بعد ما خسرتها هتفوق لنفسك بس مفيش فايدة....
لوي فمه بتهكم _أفوق عشان واخدة زبالة زي دي أ.....
قطعت كلماته حينما تلاقي لكمة قوية من "ريان" جعلت الدماء تنسدل من فمه، كبتت "سارة" شهقاتها مما ترأه، إستند "إياد" علي حافة المقعد لينهض بعدم إتزان قائلاً بسخرية مصحوبة لضحكة مغيبة _معرفش أنت بتدافع عن "جان" وأخته ليه مع أن الظاهر للناس عداوتك ليه بس الحقيقة غير كدا...
إبتسم "ريان" بسخرية _حقيقة أنك مدمن ولا حقيقة أنك إنسان حقير ومتستحقش حب أي بنت مش أخت "جان" بس...
ثم إستكمل حديثه بثبات _قولتلك قبل كدا الأصول مالهاش علاقة بالعداء اللي بيني وبينه وطول مأنت بتخترق الخطوط دي هتلاقيني عائق في طريقك فمن الأفضل أنك تبعد عنهم خالص والا اللي هيحصلك ميذكرش.
وتركه وكاد بالتوجه للداخل فلحق به "إياد" ليصرخ بغضب إستمعت له "سارة" جيداً _أنت بتهدددني!!،بتهدد أخوك عشان الحيوان اللي كان السبب في موت صاحبك؟!..
رفعت يدها على فمه تكبت شهقات صدماتها حينما علمت من الجاني علي ما وصل إليه شقيقها!، تراجعت للخلف بصدمة حتي هرولت لغرفتها حتي لا يرأها "ريان"، قسم الأنتقام سكن قلبها قبل عقلها، طريقها طويل ولكن هل ستتمكن بخطاها والأهم هل ستتمكن من القضاء علي "جان زيدان"!!!
إستدار "ريان" له بملامح لا تنم علي الخيرات ليجذبه بقوة ثم أنهال عليه بعدد من اللكمات القاسية ليصيح بغضب _فوووووق من القرف اللي أنت فيه داااااا...
وصل "مروان" للقصر ليصعق حينما رأي ما يحدث مع أشقائه أمام عيناه، حال بينهم سريعاً في محاولات مستميتة لأبعاد "ريان" عنه وبالفعل بعد عناء تمكن من ذلك، دفش "ريان" "مروان" الذي يتمسك بذراعيه ليزفر بغضب لا مثيل له ليشير لهم بتحذير _إسمع منك له، أنا أه مسؤول عنكم بس خلاص طاقتي إستنزفت معاكم، من هنا ورايح كل واحد مسؤول عن تصرفاته أنا خارج أي موضوع تافه خاص بيكم..
وتركهم"ريان" بعدما حدجهم بنظرات مميتة ليتوجه لغرفته سريعاً، زفر "مروان" هو الأخر فعلي الرغم من كونه الصغير ولكنه يشعر بأن "إياد" أصغر منه بتصرفاته الطائشة،غاب عن الوعي من أثر الخمر المعتاد له فأسنده "مروان" لغرفته حتي وضعه بفراشه بحزن علي حاله الذي يسوء يوماً عن يوم...
***********
بالمشفي وخاصة أمام غرفة "أشجان"..
توجه" يوسف" للمنزل حتي يستريح قليلاً ثم يعود للمشفي، مرت عدة دقائق إختلاس فيهم أحداهم الأنظار حتي تأكد من خلو الطريق من المارة ليتسللوا جميعاً حتي وصلوا لغرفتها، تمكنوا من إسقاط رجال "رحيم زيدان" لقلة عددهم أمام الغرفة ثم ولج أثنين منهما لغرفة "شجن" الفاقدة للوغي بفعل المهدئات ليحملوها بلطف شديد كما اخبرهم "مراد" ثم خرجوا بها سريعاً للسيارات التي بأنتظارهم بالخارج ومن ثم للطائرة الخاصة التي أقلعت ما أن صعدوا بها لتتوجه سريعاً لقصر "الجوكر"....
**************
بقصر "رحيم زيدان"...
خلع جاكيته ليلقي بها علي الأريكة لينفث سجاره بغضب كاد بأن يحرق أصابع يديه من فرط ضغطه عليها!، لحظات وإنتبه لصوت سيارات الجرس الخاص به، إستدار بطالته المعهودة بالكبرياء الطاغي، ألقاها الحارس أرضاً بقوة جعلتها ترتطم بقدم الطاولة فتأوهت من الألم ولكن لم يعنيها الأمر فالأصعب قادم!، رفعت "ريم" عيناها لمن يقف أمامها برعب إعتادت عليه بوجوده، إنحنى "رحيم" ليجذبها من معصمها لتسري رجفة بأنحاء جسدها من شدة الخوف، رفع ذقنها بيديه ليتطلع لأصابة جبينها من شدة إرتطامها ليتركها ويتوجه للحارس الذي إستلم العمل منذ ساعات فقط، صرخ الحارس ألماً حينما علت صوت كسر عظام يديه ليدفشه "رحيم" أرضاً بغضب مميت ليتطلع لحارسه الرئيسي المستجد _ياريت تعلم رجالتك أنهم ينفذوا اللي أقوله بالحرف لا أزيد ولا أقل...
أسرع بالحديث الحارس الأساسي الذي أصبح المسؤول عن الجميع_اللي تؤمر بيه جنابك..
أشار له بطرف أصبعه بالرحيل ثم أستوقفه قائلاً ببسمة مكر_"حازم"..
توقف محله قائلاً بوقار _تحت أمرك يا باشا..
تطلع له ببسمة خبث _ما تنساش تزود واجب الضيافة لتوفيق.....
إبتسم الحارس بتفهم _إعتبره حصل يا باشا..
وحينما حصل على إشارة بالرحيل خرج من القصر الداخلي لينفذ أمر الأسطورة!!..
ما حدث أمامها جعلها ترتجف إرتباكاً، فساورها التوتر لا تعلم من تصرفه أم خوفاً من فعلته!...
إقترب منها فوضعت عيناها أرضاً بأصابع تكاد تقطع من فرط التوتر، تأملها بنظرة متفحصة ثم قال بهدوء_ها يا "ريم" لحقتي تنبسطي بالكام ساعة دول ولا رجالتي قطعوا عليكي اللحظات السعيدة مع زوجك المصون، بس حقيقي عجبني إختيارك أنتِ وأختك...
إبتلعت ريقها برعب حقيقي بعدما شعرت بأن نهايتها أصبحت علي المشارف، أسترسل حديثه بثبات بعدما جذب الكأس المعبأ بالمحرمات _عارفة يا "ريم" أنتِ الوحيدة اللي بشفق عليكِ في العيلة دي، يمكن عشان كدا عمري ما رفعت أيدي عليكِ لأن ضعفك وخوفك باين من قبل ما أبذل مجهود معاكِ..
ثم أطفأ سيجاره قائلاً بألم _للأسف الضعف دا بيخلي كل اللي حواليكِ ينهشوا في لحمك كأنك أرتكبتي ذنب كبير..
وإستدار ليكون مقابل من تتأمله بصدمة _أطلعي أوضتك يا "ريم"..
وقفت محلها تتأمله بذهول حتي أنها لم تستمع لكلماته، دار ما حدث أمام عيناها مجدداً فشعورها بأنه كان يكتفي بعلو صوته عليها فقط وتعمده بحجب تصرفاته مع "نغم" معها أكده هو بحديثه الأن!...
حينما وجد أنها مازالت بمحلها تطلع لها بنظرة جعلتها تهرول للأعلى بسرعة كبيرة، بقي هو بمحله علي البار الداخلي للقصر يرتشف ما ظن بأنه سيجعله ينسي ما حدث!..
أتي الخادم من خلفه قائلاً بخوف وعيناه أرضاً _"جان" بيه عايز يقابل حضرتك يا باشا..
أشار له بثبات _خاليه يدخل هنا..
غادر الخادم علي الفور ليدلف بعد قليل" جان"، إقترب من البار ليقف علي مسافة محدودة منه..
قال دون النظر إليه _خير...
جذب" جان" المقعد المجاور له ليتطلع له بعينين طافتهم طاقة هائلة من الحزن الذي رأه "رحيم" لاول مرة، قال بثبات جاهد له _أنا عارف أننا كلنا غلطنا لما خالفنا كلام عمي وزتعدينا عليك بكلامنا ويمكن أنا اكترهم ..
ثم وضع عيناه أرضاً حتي يتمكن من إستكمال حديثه _عارف إني غلطت يا "رحيم" بس ارجوك بلاش تختار أن "سلمى" تكون عقابي، أنا بموت ألف مرة من بعدها عني وأنا مش عارف مكانها او عاملة أيه؟!..
ثم زفر بثقل أنفاسه ليعيد كلماته مجدداً _متخلنيش أبعد عنها في أكتر وقت هي محتاجاني فيه...
أشاح بوجهه بعيداً عنه فكبت "جان" غضبه لينهض عن المقعد الذي أسقطه أرضاً عن تعمد _معرفش ليه حطيت أفتراضات لشخص عمره ما عرف يعني أيه حب؟!..
وتركه وغادر ليبتسم "رحيم" بسخرية محلة بالألم على كلماته؛ فجذب هاتفه بمعالم تنبع بالغموض.....
***************
كانت تجلس علي مكتب غرفتها بأرتباك فخلعت (الطوق) الذي ترتديه علي شكل قرون حمراء كالهرة لتجذب حجابها بأصرار _انا لازم أروح أقوله الكلام دا بدل مأنا عماله أفرس في نفسي كدا..
وأسرعت "سما" لقصر جدتها فطرقت الباب لتدخل بحثاً عنه بكل مكان حتي وجدته يجلس علي أحد المقاعد ويعمل علي حاسوبه الخاص بحثاً عن عمل بأحدي الشركات الخاصة، إقتربت منه لتقف أمامه بغضب، جذب "آدم" القهوة الخاصة به من علي الطاولة لتقع عيناه علي من تقف أمامه حجابها يتشكل علي شكل طوقها القطي ليكور ذاته علي المقعد بفزع_سلاماً قولاً من رب رحيم... إنصرف، إنصرف دون أذي منا أو علينا..
ربعت يدها بخصرها بغضب _هو مين دي اللي تنصرف يالا..
ثم تطلعت له ببسمة سخرية _ما تنشف ياض...
ردد بهمساً يكسوه الذهول _نهار أسود علي الوقعة السودة اللي وقعتها...
وإعتدل بجلسته ليرمقها بنظرة مميتة قائلاً بغضب _نعم جاية هنا ليه؟..
جلست علي المقعد ببسمة واسعة ويديها تعدل نظاراتها وطوقها الخفي تحت نظرات دهشته، أشارت له بخفة _لقيت حل لمشكلتنا...
تطلع لها بصدمة _هو في مشكلة؟!..
أجابته ببسمة ثقة _ولقيت حلها...
جذب قهوته ليكملها بسخرية _إتفضلي كلتا إذناي صاغية..
قالت بغرور _أنا الحل بتاعي مثالي أننا نعلن خطوبتنا للبشر بأكملهم لكن بينا وبين بعضينا أنت إبن عمتي فقط ولا غير..
أشار لها بسخرية _أممم.. الله يخربيتك يا "َمراد" علي بيت الوصية الزفت دي...
أجابته بأستغراب _بتقول حاجة؟..
وضع الكوب من يديه ليجذب حاسوبه قائلاً بغضب_عن أذنك أصل بنام بدري بس...
وغادر "آدم" مسرعاً قبل أن يفتك بنظارتها التي تثير غضبه...
*****************
عروس تتبختر وسط المياه الزرقاء بحركات تهتز لها الأمواج، يتكون من طابقين يحملن العشاق بين أحضانها، مطلق علي إسم اليخت "عشاق الليل" إسماً مطابق لثنائي هكذا، كانت "منة" تجلس أمامه بخجل من فيض نظراته العاشقة، توردت وجنتها وهي تستمع لكلماته، طال صمتها وهي تستمع له فقال بندم يتخمص صوته الرجولي _علي فكرة أنا مكنتش هعمل معاكِ حاجة دي نوبة غضب علي غيرة مش أكتر..
تصنعت الحزن بقدر ما إستطاعت فاكمل بحزن _ولا كنت أعرف أن البهايم دول هاجموكِ وأن الزفت "مروان" دافع عنك..
كبتت ضحكاتها بصعوبة فحتي بعد معرفته بما فعله من أجله مازال يلعنه!، قالت بذم كتفيها بدلال _مأنت لو كنت سمعتني كنت عرفت كل حاجة بس أنت أ...
قاطعها مسرعاً _موضوع وخلص يا "منة" بلاش بقي نفتحه كتير..
إبتسمت بخفة ثم رمقت ذراعيه الملتفة بشاش أبيض بعدما نال عدد من الغرز_ألف سلامة عليك..
همس بلهجة مثيرة_فداك مليون أيد يا باشا..
سحبت عيناها بعيداً عنه لتضع حداً بينهما، جاهدت للحديث فقالت بأرتباك وهي تعدل من حجابها كوسيلة لتخفيف توترها_علي فكرة "سليم" عارف بمقابلاتي ليك..
إعتدل بجلسته بجدية _بجد؟!...
أشارت له بهدوء ليصفن "فارس" قليلاً ثم قال _تفتكري لو إتقدمت هيرفضني...
وصل الخجل لقمته لتشير له ببسمة رقيقة _هو بيترك لينا الأختيارات وأنت إختياري يا "فارس"...
_يالهوي علي فارس واللي جايبنه طب بلاش تحسسيني بالأنوثة الزايدة دي اللي يشوفك دلوقتي ما يشوفكيش من شوية وأنتِ مسجلة إصابتين رأس وواحدة إصابة خطرة...
وتعالت ضحكاته بقوة علي كلماته الأخيرة لترمقه بنظرة نارية ليطفو بينهما المرح والمشاكسة المعتادة.
***************
كانت تتوسط الفراش ومازالت عيناها مغلقة علي أثر المهدئ الفعال، وقف "مراد زيدان" أمام الفراش بطالته الطاغية، يتأمل شحوب وجهها بنظرة تلمع بالحزن لحال تلك المسكينة التي اقسم علي مساعدتها أولاً ثم الأنتقام من أخيه المزعوم لاحقاً.
أشار للخدم الذي يقف لجواره قائلاً بثبات _أخبر السيدة التي تجلس بالأسفل بأن تصعد للأعلي..
اشار له الخادم بوقار لينسحب للأسفل وبعد عدد من الدقائق إستمع لطرقات باب الغرفة فسمح للطارق بالدخول لتدلف هي ببسمتها الهادئة ليبتسم الجوكر قائلاً بغموض _نورتي القصر يا "يارا".
**************...
بالمشفي...
إنقلبت لما فيها من غضب "رحيم زيدان" حينما علم بأختفاء "شجن"، كور قبضته التي أزداد إحمرارها قائلاً بوعيد لا مثيل له _"مراد زيدان" حفرت قبرك برجليك....
لتلمع عين الأسطورة بوعيد شيطاني لا يقوي علي كسره أعتى الرجال!!!....
