
بعد مرور عشرين سنه كانوا حبايبي كبروا واتخرجوا واشتغلوا كمان، صرفت كل اللي كان معايا عليهم خصوصًا عشان ادخل يزيد كلية الشرطة ويبقى ظابط زي ما نفسه، ودرة حبيبة قلبي دخلت فنون جميلة عشان بتحب الرسم ودي موهبتها اللي اكتشفتها معاها من وهي صغيره
مرت العشرين سنه بين حب ومودة بينا، من اليوم اللي خدتهم فيه وهم بقوا ولادي وانا امهم، عشنا كل اللي اتمنيناه مع بعض، عطيتهم حنان الأم وخدت منهم حنية وبر الأبناء، مرت السنين والأيام بينا وكل ذكرى حصلت محفورة في قلبي قبل عقلي، ضحكنا وزعلنا وفرحنا وعملنا كل حاجه سوى
بس دايمًا كنت في خناق دائم مع يزيد لأنه عايز ينتقم من عمه ويرجع فلوس ابوه والبيت اللي عمه خده بوضع اليد وحق الليالي اللي رماه فيهم في الشوارع وكان بيعاني فيهم
كان عندي شقة ورثتها من بابا بعتها واشريتله وحده جنبي يقعد فيها عشان مينفعش يقعد معايا انا ودرة، اصل مهما عملت واعتبرته ابني برضو هو مش محرم ليا وكمان لدرة
_ ماما هو يزيد اتأخر ليه
_ مش عارفه يا حبيبتي قال انه عنده مشوار بعد الشغل مش عارفة راح فين
سكت شوية وبعدين قربت منها مسكت اديها وقولت بهدوء
_ درة، انا عايزه اسألك سؤال وتجاوبيني بصراحة
لقيتها استغربت وقالت
_ اكيد يا ماما انا عمري ما خبيت عنك حاجه ليه بتقولي كدا
_ انا بس باكد عليكِ عشان عايزة مصلحتك يا قلب ماما،
انتِ بتحبي يزيد يا درة صح؟
درة كانت حاسه ان الكلام طالع من سدرة مقرر واجابة اكتر من كونه سؤال
اتنهدت وقالت بتوتر وهي بتحاول تقول كل حاجه وهي ثابته
_ اه يا ماما بحبه، بحبه اوي كمان، هو الوحيد اللي كان بيدافع عني وبيحميني من قبل ما تدخلي حياتنا، وبعدها برضو هو اللي كان بيحميني وكان دايمًا سند ليا، هو كان ولا زال كل حاجه في حياتي
عارفة يا ماما، قبل ما انتوا الاتنين تدخلوا حياتي كنت بعاني اوي، بدأت اشتغل اجباري من سن خمس سنين عشان اعرف اجي واروح لوحدي، كانوا دايمًا بيضربوني وياخدوا الاكل مني ويقولولي اني اصغر وحده ومش مهم اكل وعادي اموت وان كدا مش هأثر عليهم بالعكس هخفف عنهم الفلوس اللي باخدها ليا والاكل بتاعي، كنت دايمًا بنام مرعوبة وخايفة عشان مكنش حد بيحبني هناك
بس لما دخل يزيد حياتي مكنتش بخاف، كنت بنام وانا متطمنه، كان بيقسم اكله معايا ويديني من فلوسه، كان دايمًا بيخاف عليا ولحد الآن ما زال هو يزيد الصغير اللي قابلته اول مره
سكتت وخدت نفسها بعدين كملت وقالت بصوت مخنوق
_ انا بحبه عشان هو حبيبي بس... بس خايفة يكون هو مش شايفني غير اخته وبس، يكون مش سايفني غير البنت الصغيره المسؤوله منه... خايفه حبيبي يكون ليه حبيب تاني يا ماما
اتنهدت وبعدين ابتسمت ابتسامه صغيره وخدتها في حضني، قولتلها وانا بحاول اطمنها واقف معاها
_ بصي يا درة يا حبيبتي الكلام اللي هقوله ممكن يكون قاسي شوية بس لازم تسمعيني عشان متتعبيش بعد كدا
العلاقات الغير شرعية ربنا حرمها عشان نتيجتها وحشة مش عشان يأذينا بيها، خليكي زي مانتي متعترفيش ولا ترخصي من نفسك حتى لو يزيد كل حياتك، خلي نفسك عزيزة وغالية، دي اول حاجه يا روح ماما
تاني حاجه خليكِ عارفة ان ممكن ما تكونيش من نصيبه، ساعتها هتظلمي الشخص اللي هيكون في حياتك، عارفة انكوا حاطين حدود ومحدش بيتخطاها لكن الحب بيبقى غصب عننا، قلوبنا مش بادينا، لكن نقدر نقوي نفسنا ونبعد عن المعاصي وندعي ربنا لو هو خير ربنا يقربه ليكِ، ولو هو شر ليكِ يبعده عنك
دايمًا خليكِ عارفة الصح من الغلط والحلال من الحرام وادعي ربنا يهديكِ ويصلح حالك
خلصت كلامي وهي بعدت عن حضني وقالت بابتسامة حلوة تشبهلها
_ اقوم احضر الاكل لحد ما يزيد باشا يوصل، وعايزة اروح ازور بابا، عايزه اروحله قبل ما اروح الشغل بكره، هتوديني؟
سألتني بأمل فا قولتلها
_ حاضر هنروح لبابا
خلصنا كلام وهي قامت حضرت الأكل ولما خلصت كان يزيد وصل
_ عامله ايه يا ست الكل
_ الحمدلله يا حبيبي بخير، اتأخرت ليه النهارده كنت في مشوار ايه
بصلي شويه وبعدين قال بهدوء وهو بيبعد عينه عني
_ ماما مش حابب احكي، ممكن؟ هحكيلك بس في الوقت المناسب مش دلوقتي، ومتقلقيش عليا انا كويس، تمام؟
هزيت راسي بصمت وانا عارفه هو كان فين وبيعمل ايه طول الايام اللي فاتت، بس كنت مستنياه يحكيلي
جت درة وهي بتقول بابتسامة
_ يلا يا حضرت الظابط الأكل جهز، يلا يا ماما
دخلنا ناكل وبعدها قعدنا شوية مع بعض وبعدين يزيد راح شقته ودرة دخلت اوضتها، اتنهدت وانا بفتكر لو حليم كان معايا دلوقتي اكيد كان هيبقى مبسوط اني عرفت اربيهم واكبرهم، كان نفسي اوي يكونوا ولادي، مش عارفه ازاي في اهالي بتقسى على ولادها بالشكل ده
تاني يوم الصبح خدت درة وروحت نزور حليم، سبتها لوحدها وقعدت بعيد عنها شوية عشان تعرف تتكلم، بدأت تتكلم والدموع بتلمع في عنيها وقالت
_ ازيك يا بابا عامل ايه، جيت النهاردة عايزة اتكلم معاك عشان تعبانة، خايفة، قلقانة، مش عارفه اعمل ايه، حاسه اني لوحدي بالرغم من ماما معايا بتحميني ويزيد في ضهري وسندي، حاسه اني مخنوقه وخايفه ارجع لوحدي تاني... خايفة ارجع بياعة الورد تاني
مسحت دموعها وكملت وهي بتقول
_ امبارح شوفت الشاب اللي كان بيشغلني ابيع ورد، الشاب اللي حاول يتح•رش بيا وانا صغيره في اليوم اللي ماما لقتني فيه
صحيح هو معرفنيش بس كان مركز معايا، نفس النظرات القذرة اللي كان بيبصهالي زمان، تقريبًا بيبصها لكل البنات
لما شوفته جسمي اترعش واتوترت وكنت خايفة.. خايفة يعرفني وانا كنت لوحدي... حمدت ربنا انه معرفنيش وروحت البيت بسرعة وانا هموت من الرعب وكل الذكريات الوحشة اللي عدت عليها سنين كانت بتتجسد قدامي
وهو بيتح•رش بيا وبيضربني عشان مبعتش كويس ويذلني عشان يديني اكل وينيمني في البرد
ساعات بستغرب نفسي ازاي فاكرة كل الذكريات دي وانا كنت يدوب ست سنين بس اتضح ان الألم ملوش عمر يحدده
لما شوفته كنت حاسه بغصة وحشة ودموعي مكتومة بالعافية، نغزة في قلبي كانت صعبة، كنت بحاول امشي بسرعة بس كنت حاسه خلاص اعصابي باظت
شكله متغيرش كتير، كبر في السن شويه بقا ممكن في الاربعينات، لكن لسه ملامحه زي ما هي، كلها قسوة ونظرات شهوانية للبنات، لسه زي ما هو انسان قذر، الحمدلله ربنا نجاني منه وبعتلي ماما ملاك ليا تداوي جروحي وتطبطب على قلبي
في حاجه تاني عايزه احكيهالك يا حبيبي
انا اتأكدت من حبي ليزيد، بس خايفة يكون مش ليا، يمكن ماما التزمت بحدود ربنا وبعدتنا عن بعض عشان حرمانية العلاقات الغير شرعية لكن... لكن انا غصب عني حبيبته، حبيبته اوي يا بابا ومش عارفه اذا كان بيبادلني نفس الشعور ولا لأ
عايزه ابطل احبه، خايفة في الاخر يكون مش نصيبي واخد واحد اظلمه معايا
اكيد صدعتك انا عارفة، رغاية اوي، بس بجد بحبك اوي اوي وانا ماشوفتكش، بحبك اوي من كلام ماما عليك وبحبك انك عرفت تختار ست جميله وقلبها ابيض، بحبك عشان انت السبب اني اعيش حياتي زيي زي اي بنت طبيعية، بحبك اوي يا بابا
ساعات بخاف اظلم ماما وبابا ويكون حصل معايا زي يزيد كدا وهم ملهمش ذنب وساعات بفكر اني ممكن اكون بنت حرام وعشان كدا رموني او ممكن يكون كانوا فقرا وسابوني لحد ياخدني... مش عارفه
بس لما بيغلبني التفكير بفتكر انك بابا وانك لو كنت موجود عمرك ما كنت هتفرط فيا ابدًا، وبفتكر اني معايا ماما، ست بكل الستات، جميلة وطيبة وحنينة، ربنا يجازيها كل خير على اللي عملته معانا
ربنا يرحمك يا بابا ويغفرلك ويسكنك فسيح جناته ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة ونعيمها
خلصت كلامها وبدأت تزرع ورد حوالين قبره وهي بتقوله بابتسامة من بين دموعها
_ انا كنت بنت ورد وبياعة ورد زي ما كانوا بيقولوا، بالرغم من انهم كانوا بيضايقوني بكلامهم إلا إني فضلت احب الورد وفتحت محل ورد بتاعي، فتحته وسميته درة الحليم، حبيت اربط اسمي باسمك عشان انت اغلى حاجه في حياتي، بتمنى اشوفك في الجنة يا بابا
بعد ما خلصت خرجت لسدرة واللي كانت بتعيط على كلامها ومعاناتها وهي صغيره، خدتها في حضنها لحد ما هديت وبعدها وصلتها لحد شغلها ورجعت
لما رجعت لقت يزيد في شقتها قاعد مستنيها، اول ما شافها جري عليها وقال بقلق
_ كنتِ فين؟ انتِ مش بتطلعي الصبح بدري كدا، حصلك حاجه انتِ تعبانه؟ طب درة فيها حاجه
قاطعته وقولتله وانا بقعد قدامه
_ اهدى كلنا كويسين، درة راحت زارت حليم وروحت معاها عشان متبقاش لوحدها
سكت ثواني وانا بركز في ملامحه اللي باين عليها انه عايز يقول حاجه وانا كنت عارفه بس هو لسه محكاش، قولت لما اقول انا يمكن يحكي، اتكلمت بهدوء وقولت
_ المهم سيبك من كل دا بقا وقولي انت عملت ايه في عمك، سجنته مش كدا