
لمست قبره وانا ايدي بتترعش والدموع بتنزل من غير سابق إنذار، زوجي وحبيبي سابني، خلاص مبقاش موجود معايا، سابني لوحدي في دنيا صعبة وقاسية وانا مليش غيره، اتكسرت.. اه والله اتكسرت وكانت اول مره اتكسر بالشكل دا في حياتي
اتوفى في مهمة ليه بعد زواجنا بسنة ونص بس، أصله كان ظابط، كنت حامل منه ومع التعب والزعل عليه والخضة من اللي حصله الجنين كمان اتوفى، اخر حاجه منه كمان راحت، مقدرتش احافظ على ابني واربيه عشان يعرف ان كان عنده اب بيحبه من قبل ما يشوفه، كان بس مستني اللحظة اللي هيتولد فيها، بس مقدرتش احافظ عليه وضاع هو كمان
مسحت دموعي وبدأت ادعيله كتير اوي وبعد ما خلصت بدأت احكيله عن يومي كالعادة الآخيرة ليا من وقت ما اتوفى
_ ازيك يا حليم، وحشتني اوي، كل يوم بتوحشني اكتر، انا مش عارفه اعيش من غيرك، بس بحاول اتأقلم لحد ما اجيلك، النهاردة روحت شغلي وبعد ما خلصت رجعت البيت حضرت أكل ليا ولدرة ويزيد
اه صحيح، نسيت اعرفك بيهم، انا جبتهم معايا اهم، البنت اسمها درة، اسم حلو اوي، والولد اسمه يزيد، اسمه كمان حلو وجميل، النهارده هحكيلك عنهم
بدأت تتكلم وهي بترجع بذكرياتها لامبارح وهي خارجة من المقابر بعد زيارتها لحليم
لقيت بنت صغيرة في شاب بيضربها وولد بيحوش عنها بس عشان سنه صغير زيها اضرب معاها وهو مش قادر يتصرف، جريت عليهم وبدأت احوش عنهم والولد اللي كان بيضربهم كان معاه مطوة وهو بيهددهم حاولت افصل بينهم فا جت في ايدي واتعورت، كانت التعويرة سطحية لكن الولد لما شاف الدم سابنا وهرب
خدت الولاد وروحت بيهم شقتي، لفيت ايدي بشاش وقعدنا احنا التلاته وبدأت أسألهم وقولت
_ عايزة اتعرف عليكوا، انا سدرة وانتوا؟
_ انا درة
_ وانا يزيد
ابتسمتلهم وقولت
_ اساميكوا حلوه يا درة ويا يزيد، اتشرفت بمعرفتكوا، ممكن بقا تقولولي كنتوا بتعملوا ايه وفين اهاليكوا
اتكلم يزيد وقال بثبات
_ انا يزيد عندي عشر سنين، ماما ماتت بعد ولادتي وبابا مات من سنتين، بعد موته عمي رماني في الشارع، الشاب اللي كان بيضربنا دا هو اللي لقاني وخدني، كان بيشغلنا نبيع ورد واللي بيرجع قبل ما يبيع كل الورد اللي معاه بيعمل فيه زي ما شوفتينا كدا
درة بس من السنه اللي فاتت هو قال انها كبرت ولازم تطلع تشتغل بنفسها، عندها ست سنين، من لما اتولدت وهي مع الشاب دا متعرفش اهلها، هو قال انه حد سابها في الشارع وساب ورقة معاها مكتوب فيها اسمها وبس، بس معظم الموجودين هناك اساميهم مش حقيقية والشاب دا هو اللي سماهم، ومن السنه اللي فاتت وهو بيقول لدرة يا ورد
بيقولها انتِ ورد وشكلك عامل زي الورد، حلوه، كانوا بينادوها بورد وانا كان اسمي تابع ورد عشان كنت مش بخلي حد يضربها وبدافع عنها
النهارده ضربها عشان حاول يعمل معاها حاجه مش كويسه وهي كانت بتعيط وانا كنت ببعده عنها فا ضربني معاها، بس حضرتك جيتي وانقذتينا منه
دموعي نزلت وانا مش حاسه، قعدت اتأمل ملامحهم، ازاي حد يقسى على حد بالشكل دا، ازاي في ناس بترمي ولادها وناس مش بتصون وصية اخواتهم وياخدوا بالهم من ولادهم ويراعوهم ويتقوا فيهم ربنا
مسحت دموعي واتكلمت وقولت بابتسامة
_ طيب انتوا مش لازم ترجعوا تاني انتوا هتعيشوا معايا هنا، انا عايشة لوحدي ومعنديش حد، وانتوا كمان معندكوش حد، احنا نعيش مع بعض ونبقى أهل، ايه رأيكوا؟
اتكلمت وقتها درة والدموع ماليه عنيها وهي بتقولي
_ هو انا ينفع اقولك يا ماما، بشوف البنات كلها عندها ماما وانا معنديش
خدتها في حضني وقولتلها بحب وانا الدموع بتنزل مني بغزارة ومش قادره اوقفها
_ اكيد يا حبيبة ماما تقدري تقوليلي ماما زي مانتي عايزة، بس بشرط
_ ايه هو؟
_ هتعيشوا معايا زي ما اتفقنا
بصت هي ليزيد وكأنها بتاخد رأيه، حرك هو راسه بهزة بسيطة معناها ايوه، فقالتلي وهي بتضحك
_ ماشي موافقة
سألتها بخبث وقولتلها
_ انتِ بتحبي يزيد يا درة
ردت عليا ببراءة وقالت بحب
_ بحبه اوي، هو الوحيد اللي كان بيدافع عني ومش بيضربني زيهم
فرد عليها هو وقال بحب
_ وانا كمان بحبك يا درة
فاقت من ذكرياتها وهي بتزرع ورد حوالين قبر حليم وهي بتقول
_ بس يا حبيبي، هي دي قصتنا، لقيتهم وخدتهم معايا، حسيت اني محتاجالهم زي ما هم محتاجيني، دايمًا كنت بتقولي لو لقيت خير اعمله من غير تردد، عشان كدا مترددتش لحظة وقررت انهم يعيشوا معايا، واربيهم زي ما كنا هنربي ولادنا
اه صح نسيت اقولك ان الورد اللي بزرعه دا ورد درة، هي جايباه هي ويزيد هدية ليك، بيقولولك انهم بيحبوك اوي وكان نفسهم يشوفوك
رجعت البيت بعد زيارتنا لحليم وبدأت اذاكرلهم، اصل انا قدمتلهم في مدرسة وخلصت ورق وشهادات ميلادهم وكل حاجه
كانوا ماليين الدنيا عليا وكنت بحبهم اوي وبحب اسمع منهم كلمة ماما اللي اتحرمت منها من بعد موت حليم، لما قررت انه مفيش راجل غيره يدخل حياتي، اصله كان حب العمر، وحب العمر بييجي مره وحده، وكلت أمري لله وبدأت في تربيتهم ومن اليوم دا وهم ولادي
يتبع