
رواية هيبة بقلم مريم محمد غريب
رواية هيبة الفصل الثاني والستون62 بقلم مريم محمد غريب
في عيادة طبيبة المخ والأعصاب الشهيرة.. "سهام صالح" ..
جلس "زين" أمام الطبيبة الأربعينية هازًا قدمه بشيء من العصبية، رفعت الطبيبة نظارتها قليلًا، ونظرت له باهتمامٍ مهني قائلة:
-كمل يا زين بيه.. حضرتك كنت بتقول إن زوجتك وارثة علّتها عن والدتها. ممكن أعرف إيه المشاكل إللي بتواجهك معاها؟
تخطّى "زين" مشاعر التوتر ومضى يخبرها بثباتٍ:
-أنا متجوزها من فترة قصيرة زي ما قلت لحضرتك.. بس لحد دلوقتي. مقدرتش أقرب لها
كل مرة أكون جنبها أحس إني مشدود لها. لأنها دايمًا قصادي بنت ناضجة على الأقل جسديًا
بس لما بفتكر إن عقلها عقل طفلة مش بقدر أخد أي خطوة.. وبخاف.. بخاف عليها من نفسي يا دكتورة. بخاف أنسى نفسي في مرة وأصدمها أو حتى آذيها وأنا مش حاسس!
كتبت الطبيبة ملاحظة صغيرة بالدفتر أمامها، ثم نظرت إليه وقالت:
-تمام أنا زي ما فهمت منك إللي جابك هنا إنهاردة خوفك عليها. وإنك عايز تعرف هل هي ممكن تحس؟ تفهم؟ أو حتى تخاف؟ صح!
أومأ لها: أيوة مظبوط.. و الأهم هو أصلًا ينفع يحصل بينّا علاقة؟
أنا مش عايز أظلمها. ولا عايز أتسبب لها في أزمة نفسية أشدّ من أزمتها الأساسية..
وتنهد بحرارة مسندًا ظهره إلى الكرسي، وأطرق رأسه مرددًا بخفوتٍ:
-هي.. بريئة أوي. وفي نفس الوقت ساعات بتبص لي بطريقة بتخوّفني
بتحسسني إني مسؤول عن حماية عقلها. ومجبر أنتبه لحقيقة إنها.. مراتي!
أغلقت الطبيبة دفترها بهدوءٍ، ثم مالت للأمام قائلة:
-زين بيه. مبدئيًا عايزة أقول لحضرتك معلومة مهمة جدًا.. أنا دكتورة مخ وأعصاب
مش متخصصة في الطب النفسي. واستشارتك جزء كبير منها يتطلّب طبيب نفسي
لكن خلّيني أشرح الجزء المتعلّق بتخصصي..
واستطردت بوضوحٍ مهني:
-زوجتك في حالتها ممكن تحس وتشعر بالعلاقة؟ أيوة. الجسم بيستجيب بشكل طبيعي جدًا
لكن الإدراك. والقدرة على فهم معنى العلاقة الزوجية والهدف منها ده أمر مختلف تمامًا
والمشكلة مش في الإحساس. المشكلة في الوعي.. هي ممكن تتلخبط. ممكن تخاف
ولو حصلت العلاقة منغير تهيئة نفسية ده ممكن يسبب لها صدمة عصبية.
رفع "زين" عينيه بسرعة وكأن كلمة "صدمة" وخزته.. وسألها:
-يعني حضرتك تنصحيني بـ إيه؟ هي للأسف اتعلّقت بيا جدًا
وأنا.. أنا حاسس إني ممكن أضيّعها وأنا مش واعي. مش هقدر أسيبها وفي نفس الوقت مش ضامن نفسي.. أعمل إيه؟!
-طبعًا هي لازم تكون فاهمة على أد إدراكها إنك جوزها.. وإن إللي بيحصل مش خطر عليها. انت بتقول انها متعلقة بيك صح؟ يعني بتحبك؟
-أيوة.. تقدري تقولي كده.
هزت رأسه وأردفت بهدوء:
-تمام. الموضوع مش مستحيل في الحالة دي.. لكن لازم التأهيل النفسي قبل الجسدي ده ضروري.
زين بإصغاء: إيه إللي ممكن أعمله؟
بدأت الطبيبة تشرح له خطة علاج محكمة، ودوّنت له رقم هاتف طبيب زميلًا لها في قسم النفسية والعصبية، بالكاد شكرها "زين" على وقتها ونصائحها ..
ليدق هاتفه فجأة ويرى أسم "عاصم البدري" يضيئ شاشته ..
تنفس بعمقٍ وهو يقرّ بداخله.. هذا الرجل حمّله مسؤولية هو بنفسه لم يقوَ عليها... ويتوقع منه أن ينجح