رواية في شقة الهرم كامله



شقه الهرم قصه حقيقيه : الجزء الاول..........
اليوم الأربعاء وفي إحدى ليالي نوفمبر الباردة عام 1997 وقد استسلمت للنوم مبكرًا– على غير العادة – في شقتي التي أستأجرتها حديثا وكانت المرة الأولى التي أنام فيها قبل أذان الفجر فقد كنت متعبا ومرهقا بعد يوم طويل شاق في عملي المتواضع. جرس التليفون الأرضي يصرخ بانتظام في الغرفة المجاورة لغرفة نومي أسمعه بعيدا في أحلامي وأمزجه تلقائيا مع أحداث نومي العميق. فأنا أعشق النوم وأحترمه ليس لكسل مني فأنا معروف بالنشاط والإصرار ولكن النوم عندي له مذاق خاص جدّا. الجرس يدق بإلحاح وتبجح وأنا غير قادر على القيام من فراشي الدافى لأخرسه. من عساه يتصل بى فى هذه الساعة المتأخرة؟ أتكون أمى؟ أحدث مكروه ما لأحد؟ كل هذه الأفكار تدور فى رأسى الناعس وأنا فى الحالة المتوسطة بين النوم واليقظة. هه هه هه أنهض متكاسلاً متأففا وأتمنى أن يكف المتصل عن إصراره فأنا أريد إكمال وجبة نومي اللذيذة. وصلت للغرفة الأخرى وقبل أن أمسك سماعة الهاتف توقف عن الرنين وطبعا لم تكن خدمة إظهار الرقم متوفرة كما الآن.

وقفت في الظلام شاعرا بحيرة وتساءلت بيني وبين نفسي هل كان المفروض أن أسرع أكثر من هذا للرد؟ لعله تليفون مهم أو طارى وطبعا كنت مازلت ناعسا فقررت الرجوع للسرير الدافى لأن الجو بارد بدرجة عجيبة خصوصا وأن الشقة شبه خالية من الأثاث لأنني – كما قلت لكم – استأجرتها حديثا لأستقل بحياتي بعيدا عن أهلي، تراجعت لغرفتي وأنا أسير في الظلام متناسيا أمر الهاتف اللعين. آه نسيت أن أصف لكم شقتي فهي واسعة ذات ثلاث غرف وصالة استأجرتها وقتها بمبلغ 300 جنيه وهو مبلغ كبير بالنسبة لتلك الأيام وغرف الشقة كبيرة عدا غرفة هى التى اخترتها لتكون غرفة نومى فهى صغيرة محدقة- حتى لا أشعر بالبرد فيها. هه هه وفجأة.... تناهى إلى سمعي صوت غامض يأتي من البلكونة المغلقة. صوت ضعيف لكنه واضح بما يكفي إذ يوجد شخص ما في البلكونة يحاول فتحها من الخارج وخصوضا أنني أسكن الدور الثاني أول بلكونة. تجمدت في مكاني وشعرت بخوف وقلق ونظرت عبر الظلام لشيش البلكونة المغلق بإحكام ومن خلفه الباب الزجاجي المغلق. وعلى الضوء الآتي من الشارع لا ألاحظ أي سلويت أو تكوين لإنسان لكن بالفعل يوجد شخص يحاول الاقتحام الصامت لداري الجديدة كما لو كان يعرف أنني هنا.

والصوت مازال مستمرًا .... يا إلهي ماذا أفعل وقد تنامى الصوت الخافت ليصبح واضحا لدرجة صادمة. مددت يدي المرتعشة إلى زر النور في الصالة حيث أقف وسبحت الصالة في الضوء المفاجى، وتمنيت أن يعرف المتسلل أنني موجود في المنزل ويهرب قبل أن أواجهه. سكت الصوت بعد إضاءة النور.. انتظرت لدقائق لأطمئن بأن الزائر غير المرغوب فيه قد رحل، تقدمت من البلكونة وقدماي ترتجفان في تقدمهما من الباب وأحدثت أكبر ضوضاء ممكنة وأنا أفتحها حتى أعطيه الفرصة في الهرب. لا تتهموني بالجبن فأنا وحيد في الشقة شبه الخالية وجديد في المنطقة كلها ولا أعرف ما يحدث فيها وأنها المرة الأولى التي أنام فيها مبكرا منذ عدة أشهر، فقد اعتدت السهر حتى الساعات الأولى من الصبح أشاهد الفيديو وأدخن الشيشة المعسل الأصل أمام التليفزيون. وكانت الساعة حوالي الثانية والنصف صباحا. مددت يدي وعالجت الباب الزجاجي أولاً محدثا أكبر قدر من الضوضاء وانتظرت قليلاً ريثما أتيح الفرصة لهذا المتسلل. ثم عالجت مزلاج الشيش بنفس الضوضاء وبنفس التثاقل. ثم دفعت الباب الخشبى بهدووء وخوف ووقفت أنتظر أي ردة فعل .

بررررررر البرد يهجم بأشواكه الإبرية لاسعا جلدة وجهي وقدمي الحافيتين ويتطاير شعر رأسي الناعم معلنا أنني في مواجهة هواء الشارع البارد الذي لا يرحم. لكن لا أحد على الإطلاق، نظرت للأرض المتربة قليلاً بفعل الإهمال لكن لا أثر مطلقا. دخلت إلى أرضية البلكونة متوجسا ونظرت يمينا ويسارا لكن لا أحدا فقط بعض الكراكيب المهملة في زاوية البلكونة البعيدة، أقترب من السور لأرى الشارع مكدسا بالصمت والخواء والرياح تجري محركة الأوراق والشجر بكل انفراد على ضوء أعمدة الإضاءة ولكن لا أحد لا بشر أو حتى الكلاب الضالة. تراجعت بظهري للغرفة مرة أخرى. أعدت غلق البلكونة بإحكام مرة أخرى وغادرت الغرفة كلها ومشيت إلى آخر الشقة حيث غرفتي الصغيرة لأواصل نومي. وأطفأت النور في طريقي إلى فراشي الدافى لأنني لا أحب الضوء أبدا أثناء نومى ولكننى هذه المرة تركت نور الصالة لإحداث بعض الألفة بيني وبين موجودات الشقة وتفاصيلها. وعدت لسريري الحبيب المواجه لباب الغرفة وتركت بابها مفتوحا. وحاولت النوم مجددا وتقلبت عدة مرات أسفل غطائي الثقيل حائرًا مما سمعته ولم أره وبعد فترة تثاقلت جفوني رغما عني ورحت في النوم مجددًا شاعرًا بتكاسل غير عادي في أطرافي ومتناسيا ما حدث وكأنه حلم عابر لا معنى له.
خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ

تررررررررررررررنا تررررررررررررررنا يدق جرس الهاتف مرة أخرى محدثا صوتا مفزعا ومنبها لي. فتحت عيني مرة أخرى أسفل غطائي الدافى نهضت متأففا من فراشي وأزحت الغطاء عن جسدي وفيما كنت أنزل من فراشي شعرت بتجمد وبرد غير طبيعي يجتاح جسدي ويهزني رغما عني. وتوجهت مرتعدًا إلى الصالة المضاءة لأسكت هذا الرنين المزعج. وفي طريقي للهاتف صعقت تماما وأنا أنظر للبلكونة في الغرفة الأخرى وقد فتحت على مصراعيها شيشا وزجاجا، مع أنني متأكد من إحكامي لغلقها ومن خلال الباب تندفع ريح مسمومة محملة بمعاول إبرية شديدة البرودة. كم الدما تمارس عملها الأزلي في تبريد تفاصيل الشقة وبما فيهم أنا شخصيا. أنظر بذهول ورعب للبلكونة وكأنني أنظر لفم جهنمي مفتوح يريد التهامى وتدافعت إلى رأسى أسئلة بلا إجابات. من فتح باب البلكونة ؟؟؟؟؟؟؟ وكيف لم أشعر به ؟؟ وهل هو الآن موجود معى فى الشقة ؟؟ تجمدت وأحسست أنني عار تماما في مهب الريح الباردة. وفى الوقت نفسه سكت الهاتف عن الرنين المتواصل ليسود صمت ثقيل له طعم البرد والخوف ذاته.

تراجعت بظهري لغرفتي الصغيرة وقفزت على السرير ولففت نفسي بالغطاء الثقيل وأنا أنتفض بذعر لم أعرفه قبل ذلك. الصمت الصمت الصمت يقطعه صوت اندفاع الرياح الباردة تجول في شقتي بحرية الاقتحام الإجرامي. ومن خلال ذلك الصمت المسموم سمعت صوت اقدام ثقيله تمشى بتثاقل من البلكونة المفتوحة على مصراعيها عابرة الغرفة الواسعة ثم إلى الصالة ثم إلى .. إلى.. إلى غرفتي الصغيرة حيث أتدثر بغطائى مرتجفا من الرعب. أقدام حافية تتحرك بمنتهى الإصرار – ثم توقفت عن الحركة فجأة لتقف حيث فراشى وحيث أنا لم أجرؤ أبدا على رفع ناظري لصاحب هذه الأقدام. فقط وفي مجال رؤيتي الضيق وعلى الضوء الآتي من الصالة أرى بكل وضوح قدما نسائية متورمة بدت رجراجة مشوهة تقف بجانب فراشي في غرفتي الصغيرة. →

                   الجزء الثاني من هنا
SHETOS
SHETOS
تعليقات



<>