الجزء الثاني من روايه شقة الهرم
استأجرت الشقة من شخص يدعى جابر، وهو رجل كهل وأب لثلاثة شباب تقريبا في مثل عمري وقد تعرفت عليه عن طريق سمسار عقارات في شارع الهرم – ذهبت لبيته الكائن في نهاية شارع فيصل وهو بيت كبير مريح وكنت قد شاهدت الشقة مسبقا مع السمسار دون الحاج جابر نفسه، وعندما وافقت مبدئيا عليها وسألت عن التفاصيل قال لي السمسار: لا تقلق فالحاج جابر رجل عملي وكريم ولن يمانع في أي تفاصيل تطلبها منه – ولاحظت أن الشقة مهجورة منذ زمن بعيد فالأثاث الموجود بها مغطى بالكامل ويعلو كسائه طبقة كثيفة من الأتربة، فيما يعنى أنها مغلقة منذ زمن ليس بالقريب وعندما سألت السمسار جاوبنى بأنه لا يعرف الرجل إلا من مدة بسيطة بواسطة الابن الأكبر للحاج جابر وأن الشقة مطروحة للإيجار ولم أبالي وقتها بمعرفة السبب، فقد يكون الرجل عائدا من سفر قريب، وعرفت أيضا بالصدفة أن العمارة عبارة عن منزل لعائلة واحدة وأن صاحبة العمارة والتى تقطن الدور الأول هي حماته وجدة أولاده من ناحية الأم. وعندما نزلت مع السمسار قابلت هذه الجدة وكانت متحفظة لا تنظر أبدا إلى وجه المتحدث لها– سيدة بيضاء تحمل جمالا غابرًا وتتشح دائما بالسواد المريح مكتنزة الجسد تميل للقصر بيضاء الوجه حليبية اللون يتسم وجهها بالاستدارة المحببة للناظرين تلبس العوينات الطبية الخفيفة لتضفي لمحة تقول إنها على قدر من العلم والثقافة،
وكانت لا تتكلم إلا فيما ندر – وعرفت أيضا أن أبناءها الرجال يسكنون فى الطوابق التى تلى الطابق الكائن به الشقة، وقد أزعجنى أن أتواجد فى بيت عيلة- كما يقولون- ولكنى تناسيت هذه التفصيلة نظرا لأن الشقة لقطة وإيجارها مناسب جدًا لإمكانياتي. وذهبت مع السمسار للحاج جابر في بيته البعيد عن المنطقة، فالشقة كانت في أول شارع الهرم في شارع جانبي منه – ذلك الشارع الشهير والذي كان في ذلك الوقت سكن وملاذ لكل الجوعى جنسيا واجتماعيا وتتميز بقربها من نهر الشارع الأساسي، فالعمارة تقع في شارع جانبي هادى وتتسم العمارات والفلل فيها بالصمت المريح المحبب بينما الصخب غير بعيد في الشارع الشهير، وبيت الرجل كائن في ترعة المريوطية وهي مسافة بعيدة جدّا– أدخل في حساباتك الازدحام وانعدام الطريق الدائري في ذلك الوقت - دخلت بيت الرجل ولاحظت أنه على قدر من التدين والوقار يحمل ملامح مصرية وتتلون بشرته بذلك اللون القمحي الضارب إلى السمار المميز لمعظم رجال مصر، يلبس الجلباب الصوف ولا تترك يداه المسبحة وعلامات الصلاة موسومة على صفحة وجهه، ووافق بسهولة على التعاقد لمدة خمس سنوات بدون شروط تأمينية قاسية – ووقعت معه عقد الإيجار بمنتهى الارتياح وسلمني مفتاح الشقة ومفتاح باب العمارة – وعندما هممت بالخروج من عنده استوقفني قائلا: – يا أستاذ تامر أنصحك بالاقتصار عن الجيران وخصوضا حماتى الساكنة في أول دورة حيث إنني على خلافات مع الحاجة صاحبة العقار– والتي هي حماته وجدة أولاده– بسبب خلافات عائلية قديمة
بيني وبينها، تشاءمت من كلامه للحظات، حيث إنني أكره وجودي في وسط متوتر، خصوصًا عندما يكون التوتر عائليا، ولكني استخففت بكلامه في سري فأنا أصلاً لا أحب الاختلاط مع الجيران، وأعتز جدّا بخصوصيتي ووحدتي مع نفسي وأرى أن اختلاطي مع الجيران فيه انتهاك صريح لراحتي المنشودة وانعزالي المحبب، بل أنا أفضلهم من النوع المتحفظ الذي يريد طوال الوقت أن يظهر أمامك وكأنك نسيبه أو زميله في العمل فهذا شعور مريح جدًا لي. ودعت السمسار وأعطيته حقه وزيادة، ورجعت للشقة الجديدة سعيدا بالإنجاز الجهنمى وبالعقد اللقطة، واستعنت بامرأة البواب في العمارة المقابلة لتنظف لي الشقة من الأتربة، وترفع الملاءات عن العفش المخزن كيفما اتفق، وذهبت من فوري لأنقل متعلقاتي الشخصية للشقة وأنا في منتهى السعادة بهذا الإنجاز. وكانت متعلقاتي أيامها مجرد حقيبة متوسطة لملابسي وجهازا للفيديو كاسيت، وقمت بتفريغ الغرفة الكبيرة من الأساس تمهيدا لوضع بضائعي التي أتاجر فيها، واستخدمتها كمخزن، فأنا أقوم بطبع وتوزيع شرائط الكاسيت التي كانت وقتها في أوج رواجها، وجدته عملا يلائم شخصيتي الميالة للفنون بكل أنواعها، فقد كانت الموسيقى والأغاني وقتها عبارة عن وجدان جمعي للناس، فأنت في شوارع بولاق الدكرور تسمع صوت حسن الأسمر وطارق الشيخ، وكأنها موسيقى تصويرية دائمة لمشهد الشوارع هناك، بينما تسمع صوت إيهاب توفيق وحمادة هلال وحكيم مصاحبا لشوارع المهندسين، وطبعا تسمع ماريا كاري وويتني هيوستن وباك استريت بويز في مصر الجديدة، والقاسم
المشترك بين كل هذه المناطق هو صوت عمرو دياب الملتاع، نعم هذا العمل يتسم بلمحة فنية تلائمني بعد حرماني القادري من دراسة الفنون، وكان عملي يقتصر على توزيع بعض الألبومات الأجنبية مثل اينيجما ومايكل جاكسون وبعض الكوكتيلات التي كانت توزع أكثر من الألبومات نفسها، وكل ذلك بمساعدة صديقى وشريكى فى العمل وقتها خالد، وكان أهلي ضدي على طول الخط بسبب هذا العمل مجهول المستقبل، وخصوضا والدي الذي شن علي حربا شعواء. ومرت الشهور وأنا ساكن بهذه الشقة وكانت لي طقوسي وقتها. كنت في الغالب أعود من عملي في حوالي التاسعة مساء، وقبل دخول البيت أعرج على نادي فيديو حورس القريب، والذي ضربت فيه صداقة مع صاحبه ليزودني بالأفلام الأجنبية التي أعشقها، وكنت زبونا مميزا عند هذا الرجل، وكان لا يبخل أبدا فى إعطائى كمية من الأشرطة بأسعار إيجار زهيدة وكلما انتهيت منها أرجعها له ليعطينى غيرها على سبيل الاستعارة المدفوعة الأجر وغير المحددة المدة. قبل ذلك أمر على أي مطعم قريب من شارع فيصل لأشتري عشاء كيفما أتفق، فمرة الدجاج المشوي مع طبق المكرونة من الانسجام، ومرة أبتاع أرغفة من اللحم – الحواوشي – مع السلطات، وأعود لتلك الشقة محملاً بعشائى وأفلامى وأدخل البيت على الساعة العاشرة والنصف
لأنعم بحمام سريع ثم أجلس- أرضا- في صالة الشقة لأتناول عشائي وأقوم بتشغيل جهاز الفيديو كاسيت ماركة باناسونيك ياباني وكنت خبيرا في صيانته ومسح الأتربة عن الهيد بورقة النتيجة الرقيقة، وأتابع بشغف لا ينتهي الأفلام المستعارة، وأنا أحتسي الشاي الممزوج
بالحليب وأدخن الشيشة أمام التليفزيون حتى أذان الفجر، فتلك طقوسي أحبها وأعتبرها من تفاصيل شخصيتي، فأنا أجلس على وسادة مريحة أرضا– شلتة مستطيلة – وبجانبى كل ما أرغب، فالموقد الصغير- وابور شرائط يعمل بالكيروسين أحب رائحته جدًا- وأضعه بجواري لصيقا بالحائط، أجهز عليه الشاي وأشعل عن طريقه فحم الشيشة بل وأسخن طعامي عليه إن لزم الأمر وأنا جالس في مكاني، ولا أعرف حقيقة سبب هذا المزاج، ولكنه شيء مريح جدّا فقط أجلس وأفعل كل شيء وأنا أتابع أفلامي المفضلة، وكنت قد تعودت النوم بعد الفجر بساعة أو أقل حسب رغبتي للسهر أو للنوم. ولكنني كنت دائما أنام بعد هذا التوقيت – أذان الفجر – دائمًا. وكنت ألاحظ أشياء ولكني لم أعرها اهتماما باعتبارها صدفا أو تفاصيل غير مهمة ناتجة عن شرودي أو عدم تركيزي، ولكنى الآن أتذكرها بعنف شديد. من هذه الملاحظات كنت عندما أذهب للحمام أجد نفسي في المطبخ أو العكس دائما يحدث هذا الخلط وكأنه طبيعي. نعم – لا تندهشوا– كان هذا يحدث لي بطريقة لا يمكن تفسيرها إلا بالسرحان أو الشرود ليس إلا، وأنا أصلاً مشوش ومتهم بالشرود قليلاً. وكانت تلك الحوادث تزورني على حين غرة فكانت تحدث بتكرار غير منتظم لذلك أقنعت نفسي أنني بالتأكيد شارد أو سارح. أدخل الحمام لأغسل يدي مثلاً أو أقضي حاجتي لأجد نفسي في المطبخ لأعود أدراجي، وأنا قلق على نفسي من ذلك الشرود، وحدث ذات مرة أنني وقفت لأتبول مثل باقي الخلق وأنا سارح مع أغنية تنطلق
بالحليب وأدخن الشيشة أمام التليفزيون حتى أذان الفجر، فتلك طقوسي أحبها وأعتبرها من تفاصيل شخصيتي، فأنا أجلس على وسادة مريحة أرضا– شلتة مستطيلة – وبجانبى كل ما أرغب، فالموقد الصغير- وابور شرائط يعمل بالكيروسين أحب رائحته جدًا- وأضعه بجواري لصيقا بالحائط، أجهز عليه الشاي وأشعل عن طريقه فحم الشيشة بل وأسخن طعامي عليه إن لزم الأمر وأنا جالس في مكاني، ولا أعرف حقيقة سبب هذا المزاج، ولكنه شيء مريح جدّا فقط أجلس وأفعل كل شيء وأنا أتابع أفلامي المفضلة، وكنت قد تعودت النوم بعد الفجر بساعة أو أقل حسب رغبتي للسهر أو للنوم. ولكنني كنت دائما أنام بعد هذا التوقيت – أذان الفجر – دائمًا. وكنت ألاحظ أشياء ولكني لم أعرها اهتماما باعتبارها صدفا أو تفاصيل غير مهمة ناتجة عن شرودي أو عدم تركيزي، ولكنى الآن أتذكرها بعنف شديد. من هذه الملاحظات كنت عندما أذهب للحمام أجد نفسي في المطبخ أو العكس دائما يحدث هذا الخلط وكأنه طبيعي. نعم – لا تندهشوا– كان هذا يحدث لي بطريقة لا يمكن تفسيرها إلا بالسرحان أو الشرود ليس إلا، وأنا أصلاً مشوش ومتهم بالشرود قليلاً. وكانت تلك الحوادث تزورني على حين غرة فكانت تحدث بتكرار غير منتظم لذلك أقنعت نفسي أنني بالتأكيد شارد أو سارح. أدخل الحمام لأغسل يدي مثلاً أو أقضي حاجتي لأجد نفسي في المطبخ لأعود أدراجي، وأنا قلق على نفسي من ذلك الشرود، وحدث ذات مرة أنني وقفت لأتبول مثل باقي الخلق وأنا سارح مع أغنية تنطلق
من جهاز التسجيل الضخم، والذي اشتريته خصيصا ليرضي ذوقي في الاستماع لشرائط الكاسيت بمنتهى النقاء الصوتي. بهاء سلطان يشدو وصدى الصوت يضيف ذلك الشعور بأنه يغنى لك وحدك. نضحك يومين نبكي سنه ... نعطش حنين نشرب ضنى ومحرومين من الهنااااااااااااااااااااا أقف مستمتعا بجودة الصوت وتأثير الإيكو. لأجد نفسي فجأة أقف أمام الموقد أمارس رش باب الفرن. واصلت رغما عني وأنا أنظر بتمعن. أراقب تدفق مائي على زجاج باب الفران المغلق وأقول لنفسي: لا بد أن هذا من تأثير تلك السيجارة اللعينة التي شربتها مع صديقي خالد الحشاش الأصيل. كذلك كنت أشعر بتلك القشعريرة الغريبة عندما أمر في الممر الواصل بين الصالة وبين عفشة المياه، قشعريرة خاطفة وكأني تعرضت لريح باردة مفاجأة ولكني أيضا لم أعر الموضوع أي تركيز أو انتباه. أما الطامة الكبرى فتتمثل في أنني أشعر وباستمرار أن هناك من يجلس معي – صامتا – في المكان لدرجة أنني اشعر بتركيزه معي وهو يتابع أفلام الفيديو، فقط ضيف صامت لا يتكلم ولا يحدث صخبا أو مطالبات ترهقني، فقط يجلس في مكان ما غير بعيد عني يشاركني
المشاهدة، كنت في مرات عديدة ألمح بزاوية عيني من يجلس إلى يساري غير بعيد، ألمح كتلة تشغل حيزا من الفراغ ولكنها غير منظورة. ومع مرور الوقت تطورت هذه العلاقة العجيبة لدرجة أيضا لم أعرها اهتماما إلا فيما بعد، لقد كنت أشعر بتململه أو كسله أو عصبيته لو كان الفيلم غير مسلى بالنسبة له. لدرجة أن ذوقي نفسه تغير في انتقاء أشرطة الأفلام نفسها، فأصبحت أستأجر الأفلام العربية والمسرحيات على غير عادتي. ووجدت نفسي أتابع تلك الأفلام بمنتهى الشرود والصمت بينما يتابع هو بتركيز واستمتاع ولا يقطع هذه الجلسة المعتادة إلا عندما أتحدث في الهاتف الأرضي مع أحد أصدقائي أو أستضيف زائرًا من أصدقائي أو من أسرتي. كذلك كنت أتعجل رحليهم لأنعم بهدوئي وطقوسي التي تخللها هذا الزائر الغامض بدون أي اعتراض مني. أليس هذا عجيبا؟ بل الأعجب أنني بالفعل لم ألاحظ ولم أهتم. أما الأكثر غرابة هو أن كل من يزورني منهم يقول لي شيئا مشتركا بينهم جميعا فقط جملة واحدة تتكرر بطرق مختلفة وبشخصيات عديدة، جملة تقال إما بعصبية أو تركيز أو بهدوووء. – الشقة دي فيها حاجة مش طبيعية يا تامر. سمعتها مرارا من أمي ومن أصدقائي ومن عملائي. دائما يقولون إن للشقة ظلاً ثقيلاً محيرًا غير مريح.
وكنت لا آخذ الكلام على محمل الجد، فأنا سعيد مستقر لا أشعر بعدم الارتياح هذا، فالشقة واسعة ورطبة يجري فيها الهواء بمنتهى النعومة صيفا وتنغلق على نفسها شتاء ككهف منتظم. إلى أن جاء يوم تأخر عندي صديقي خالد، والذي هو أعز أصدقائي، كما كان شريكي في عملي التجاري الوليد. وهو رجل من برج العقرب يملك إحساس التاجر العملي، وكان لا يتحدث معي إلا في شئون المكسب والخسارة وما إلى ذلك من تفاصيل العمل لدرجة أنني كنت أطالبه بالكف عن الكلام في العمل طوال الوقت. فكان ينظر لي باستغراب ويقول: يعني هو فيه إيه أهم من الشغل نتكلم فيه يا «طوط كان يناديني دائمًا بهذا الاسم متجاهلاً أن اسمي يبدأ بالتاء وليس الطاء. وكنت ولازلت أحبه وأعتبره أخي الأكبر المختلف عني نهائيا في السلوك والشخصية. فهو مدخن شره للحشيش يلف السيجارة تلو الأخرى بكل حرفية، ويشربها مكان السجائر العادية وكأن هذا هو العادي والمألوف، ودائمًا ما يأتي بالأصناف الجديدة ليعلن عنها بطريقة تعودت عليها. – تمورتي معايادخنه ملبن اسمها صدام أو سبع حروف أو ال جي أو ديجيتال.
وكنت أتعجب إذ كيف يسمي منتجو الحشيش هذه الأسامي، أم إن الموزع هو المسئول عن ذلك إمعانا في الدعاية العجيبة، أم إن هذا له علاقة بتأثير الحشيش نفسه على الشاربين. وحاولت بكل الطرق إبعاده عن ذلك فوجدته يتعصب ويكشر عن أنيابه معلنا ألا دخل لي بمزاجه الشخصي، ومن ثم التزمت الصمت اتقاء لغضبه ونفوره من وعظي ونقدي له. وجلست اشاهد مسرحيه نجم– وكلما صرخ نجم بشفيق يا راجل ينطلق الناس بالضحك بطريقة استغربتها في بادئ الأمر ثم صرت أشاركهم الضحك وصديقي تاركا إلى سباته إلا عندما علا صوت شخيره وقد تدلت السيجارة المحشوة بين أصابعه فمددت يدي وأمسكت بالسيجارة وأطفأتها. وابتسمت في إشفاق وقمت من فوري بتغطيته ووضع وسادة صغيرة تحت رأسه حتى ينتظم تنفسه ويرتاح رأسه. ورجعت لمتابعة المسرحية بشرود وأنا أدخن الشيشة وعلى صوت المسرحية وشخير صديقي زارني النعاس أنا الآخر، فقمت وأطفأت النور والتلفاز وأرجعت الشيشه للمطبخ، وغسلت أسناني وتوجهت لغرفتي الصغيرة مستلقيا على فراشي العريض، حيث تعودت طوال حياتي أن أقرأ قليلاً قبل النوم بواسطة أباجورة صغيرة بجانب السرير
حتى تغمض عيناي ويفلت الكتاب من يدي فهذه أيضا عادتي منذ زمن بعيد أحسب أنني ولدت بهذه العادة. وفي هذه الليلة بالذات حدث شيء غريب جدًا... بينما أنا مستمر في القراءة- كان كتابا مملاً استعرته من أحد أصدقائي يتكلم عن قدرات العقل البشري، ولا يوجد ضوء في الشقة كلها إلا من الأباجورة وصديقي خالد يغط في نومه وصوت شخيره العالي يسليني، تذبذب الضوء في الأباجورة بجانبي قليلاً وانخفض سطوعها بدرجة ملحوظة، وإن لم تنطفى تماما وفجأة انقطع صوت شخير صديقي العزيز وساد صمت مفاجى لفترة قصيرة ثم انتبهت لأسمع همهمة وأصواتا – محادثة – من الصالة المظلمة... صوت خالد صديقي يتحدث مع مع؟!!! لا أعرف بالضبط، ولكنه صوت آخر شبه أنثوي مكتوم بينما صوت صديقي واضح النبرات ولكنه بطيء الإيقاع لدرجة جعلت تبين الكلمات نفسها شيئا صعبا، وكلا الصوتين مبهم التفاصيل أو يسير بالمقلوب لا أعرف بالتحديد. اندهشت وضحكت وتصورت أن صديقي العزيز يحلم ويمارس التحشيش وهو نائم. ولكن من أين يأتي الصوت الآخر؟!! هل يكون صديقي يتكلم بصوتين في حلمه مثلاً؟!! ناديت عليه بهدوووووووووء. – يا خالد إنت يا بني بتحلم بإيه؟!! يا خالد يا خاااااااااااااااااالد!! "
