بيت الهرم (في شقة الهرم) الجزء الرابع عشر .
.........................الرعب ينتقل لمكان آخر واشخاص آخرين................................
نظرت للجده وقد انتبهت حواسى كلها لتبدأ فى سرد اعجب واشر جزء فى مذكراتى نفسها
فبعد حادث الولدين تحولت ناهد الى كائن مجنون لا يعى ما يحدث حوله تتكلم مع الجدران والصور وقد انتقل الاولاد ليعيشو مع الجده فى الدور السفلى بينما بقى جابر محطما تماما فى غرفته عاجزا عن الحركة والحياه
فصرخة الولدين قد زلزلت اركان المنزل واعلنت بكل وضوح عن ان النهاية الحتمية تقترب ببطء واصرار
وعشنا جميعا فى الجحيم لدرجة اننا فكرنا فى بيع العمارة بالكامل ولكن من ذا الذى يشترى بيتا ساءت سمعته واصبحت فى الحضيض؟؟
اصبحت ناهد تهيم على وجهها فى الشوارع تخرج نهارا وتعود ليلا بينما انا قائمة على رعاية اولادها وزوجها الشبه قعيد واسودت الدنيا بوجهى وانتاب اليأس قلبى خصوصا اننا اتينا بشيوخ وقساوسة لم يفعلو شيئا ابدا بل كانو يزيدون فى يأسنا
فالشياطين كانت تختفى وقت ظهروهم وبان الوضع كما لو كنا فى حرب مع قوى اكبر مننا باضعاف مضاعفة
لدرجة اننا كنا نعقد الجلسات مناصفة بين الشيخ والقسيس وكانت تنتهى للا شيئ
منهم من كان يذهب ولا يعود ابدا ومنهم من كان يستمر فى عقد ما يشبه الجلسات ولا ينجح سوى فى اثارة اعصابنا وتدعيم يأسنا من الخلاص وتنفيض جيوبنا من الجنيهات
وادركت الام ان لا مناص من التسليم بامر واقع شديد القبح وسلمت بان هذه هى النهاية او هذا ما سيكون قائما على صفحة المستقبل
وفى احدى جولاتها فى السوق تقابلت مع امراه بيضاء ذات نمش فى الوجه مقتحمة صاخبة الملامح طيبة القلب
اقتربت منها المرأه بشكل هجومى وإحتضنتها بعنف وترحيب حار لتتذكرها ام ناهد بعد برهة قصيرة من الاستذكار
انها الحاجة( إصلاح )صديقتها القديمة وجارتها قبل إنتقالها لحى آخر بعد زواج ابنها
وبعد طول عناق وقبلات وتحيات سألتها الحاجة اصلاح عما حدث لابنتها ناهد
نظرت لها المرأة فى استغراب وقد دارت فى نفسها اسئلة بلا اجابات فكيف عرفت المرأه باخبارنا وهى غير موجوده اصلا فى حيها الى ان تجيبها الصديقة الصاخبة بانها سمعت الاخبار عن طريق انسباء ابنها الذين مازالو يعيشون معها فى الحى ولكنهم فى شارع بعيد عنها لتزداد ام ناهد اكتئابا
فهى الان ادركت ان سمعة البيت فى الحضيض وان الناس تتندر عليهم وتتواصل اخبارهم المفرزعة كقصص مثيرة يتداولها اهل الحى حتى الشوارع البعيده عنهم تعرف ذلك
ونظرت ام ناهد فى وجه الحاجة اصلاح بحزم قائله بانه النصيب وانه ليس لهم فى الامر من شيء فهذا ابتلاء وقضاء الله على ابنتها لتجيبها المراه بصدق وحرارة انها حزينه على ما حدث لناهد وابنائها وانها كانت تنوى اصلا الزيارة لها فى المنزل لتطمئن على صديقة الماضى وارتاحت ام ناهد من صدق الحاجة اصلاح ودعتها للزيارة فى منزلها ولكن المرأه اكفهر وجهها خوفا من الزيارة وحاولت ان تدارى شعورها عن ام ناهد التى لم يفتها تغير لون وجه المرأه ولكنها اصرت على الدعوة باعتبار انه لا يوجد شيء يستحق كل هذا الخوف والتطير
وبالفعل فى اليوم التالى كانت ام ناهد تستقبل الحاجة اصلاح فى منزلها ودخلت المرأه متوجسة الى العمارة التعيسة ولكن مع استقبال ام ناهد الحار ذابت معظم المخاوف واستقلت المرأه عربة الحديث والذكريات وفى معرض الكلام سألتها اصلاح عن ناهد فقالت الام انها موجوده بشقتها الان وانها لا تكلم احدا معظم الوقت وبعد برهة قامت ام ناهد لتحضير بعض الفطائر فى المطبخ بينما جلست المراه فى الصالة تواصل حديثها لتسألها عن الست (كنديار) – بضم الكاف وتسكين النون-
لتسرح ام ناهد تماما وتغرق فى الذكريات فيما يخص تلك المرأه الحبيبة والصديقة القديمة
*****
كنديار
كان (سيد ) صديق عزيز لمحجوب ( ابو ناهد) وتطورت الصداقة لشراكة فى التجارة والرزق
وارتبطت العائلتان بروابط المحبة والصداقة الجميلة
فكانت كنديار وهى سيدة طويلة القامة رجولية الاكتاف قوية ذات بشرة خمرية وشعر اسود حالك ترتدى الطرحة والجلباب الاسود وتضع الكحل دائريا حول العين تمتاز ملامحها بقوة الشخصية والتركيز ولها ولد واحد وعده بنات كان ابنها الاكبر (خميس) مثال للشاب المستهتر وكانت دائما ما تشتكى كنديار الى أم ناهد من افعاله فهو بكريها وهو اكبر من ناهد بحوالى عشر سنوات رفيع رقيع ابيض البشرة طويل الشعر يفعل كل ما يسئ للاب الطيب والام الوقورة وكانت ام ناهد دائما ما تصبرها بان الولد مازال شابا طائشا وانه لسوف يكون خير الرجال فى المستقبل
كانت كنديار مثال للصديقة العزيزة المخلصة وكانت ام ناهد تعتبرها مثال للاخت الكبرى لها بما لها من ثقة وأمانة وعلاقة وطيده لانها زوجة شريك مجحوب زوجها فى تجارته وكانت دائما ما تزور أم ناهد فى منزلها وتأتى لها بما لذ وطاب من الاطعمة المعدة بدقة وحرفية لام ناهد ولاحظت الاخيرة ان كنديار تنظر لناهد نظرات اعجاب وتلمح بانها تريدها لابنها خميس وهو أغلى احلامها على الاطلاق فناهد كانت مثال للفتاه العروس التى تتمناها اى ام لابنها خصوصا انها تحمل على أكتافها هموم المنزل عن أمها الموظفة البسيطة فى التربية والتعليم وكانت أم ناهد لا تتكلم عن ناهد الا بكل حب وفخر بانها ابنتها الحبيبة والصديقة والمدبرة لكل شئون المنزل ولكل شئون إخوتها الذكور فى غياب الام فى عملها المتواضع والذى كانت تتمسك به بشده حيث كانت من النساء الذين يرغبن فى الاستقلال المادى عن الرجل فيما يخص مصروفها الشخصى نفسه وكثيرا ما كانت تأتى للمنزل فى غياب ام ناهد لتساعد ناهد وتشرف على تعليمها أصول المنزل والطبخ والتنظيف وكانت ام ناهد سعيده بهذا التواصل بين صديقتها كنديار وبين ابنتها ناهد
وساءت أحوال خميس ابن كنديار كثيرا اصبحت سمعته سيئة لما يقترفه من افعال لا اخلاقية من سرقة للاب نفسه وتورط فى علاقات جنسية من نساء مشبوهات وتحرش لبنات منطقته وبلطجته وتلقت أم ناهد هذه الاخبار فى تحفظ شديد فهى لا تريد جرح مشاعر صديقتها وحبيبتها كنديار وكثيرا ما كانت كنديار تجأر بالشكوى من سلوك ابنها خميس وكانت ام ناهد تخفف عنها قائلة انه سوف ينصلح حاله وسيكون زينه الرجال ونصحتها فى تزويجه بسرعة حتى يعرف معنى المسئولية ككل الرجال وخصوصا انه يبلغ من العمر سته وعشرين عام لتأخذ كنديار ناصية الحديث وتبدأ فصل جديد من الالحاح فى الموافقة فى زواج ناهد من خميس وخصوصا ان خميس بالفعل يحب ناهد بجنون ويتصنع الزيارات للمنزل فى وجود امه ليرى ناهد عن قرب
فى الوقت الذى يصارح سيد شريك محجوب برغبته فى النسب الرائع بمحجوب عن طريق تزويج ناهد لخميس ابنه
وتهرب محجوب من الطلب كلما امكن لانه يعرف بحقيقة سلوك الولد المشين وفضائحه العديدة وهو يرى ان ناهد جوهرة غالية لابد من ان يزوجها لرجل يعرف قيمتها ويصونها
كذلك فعلت أم ناهد مع كنديار فقد تهربت بشكل غير مباشر من الخوض فى حديث الزواج مع صديقتها العزيزة كنديار لانها لها نفس وجهة النظر فى خميس ابنها
فى الوقت الذى ظهر فيه جابر ابن عم ناهد وتقدم بشكل رسمى لخطبة ناهد تحت مظلة الموافقة من الاب فهو ابن اخيه ومثال للكفاح والرجولة المطلوبة لصيانه ابنته الغالية ولن يبعدها عنه باعتباره عمه
لتتلقى كنديار خبر موافقة الام والاب على جابر بصمت حزين وان استمرت علاقة الصداقة بينها وبين أم ناهد بل زادت مودة ودفء وتحاشت ام ناهد الخوض فى الحديث السابق حتى لا تجرح مشاعر صديقتها
وانفصل محجوب وسيد فى الشراكة وان بقت أواصر الصداقة والعلاقة العائلية بين اسرة سيد واسرة محجوب واستمرت الزيارات الحميمة من كنديار لام ناهد والعكس
وتمت الخطبة لجابر الذى كاد يطير من الفرح بارتباطه بهذه البنت الرائعة ولعبت كنديار الدور الاقوى فى مساعده أم ناهد فى تجهيز العروس والخروج معها للاسواق لتشترى الجهاز اللائق بناهد الغالية
وتم الزواج بين ناهد وجابر والذى يكبرها بثمانية اعوام لتعيش ناهد فى الدور الثانى من العمارة سعيده بكونها مازالت فى كنف ابيها وامها واشقائها الصغار
*******
تخرج ام ناهد من المطبخ حامله صفحة الشاى والفطائر المشهورة بها لضيافة الحاجة اصلاح والتى سألتها عن كنديار بشيئ من الغيرة النسائية – فقد كانت كنديار هى المفضلة الدائمة عند أم ناهد - لتخبرها أم ناهد انها عادت لبلدها فى المنوفية بعد وفاه سيد زوجها ودخول ابنها خميس السجن فى قضية مخدرات وانها انقطعت اخبارها منذ زمن قريب ولا تعرف عنها شيئا الان وانها تهفو دائما الى لقائها لانها كانت نعم الصديقة لها وانها تشعر بالذنب تجاهها ولكن كان لابد من الرفض لان خميس كان مثالا للانحلال والاستهتار وياخذ الحديث شكله النسائى بين الحاجة اصلاح وام ناهد لتخبرها اصلاح انها كانت لا تحب تلك المرأه وتشعر نحوها بنفور كبير بينما ام ناهد تدافع عنها بهدوؤ متحفظ حتى لا تغضب الحاجة اصلاح
تسمع ام ناهد من ينادى عليها من الشباك الجانبى لتستأذن الحاجة اصلاح وتقوم لتلبى نداء الجارة
فى الوقت الذى عادت فيه ناهد من جولاتها الغامضة وبينما تصعد الى شقتها تنادى عليها الحاجة اصلاح وتقوم لتسلم عليها
- ناهد بت يا ناهد ايه يا بت مش شايفانى؟
تنظر لها ناهد بتصلب شديد ولا ترد عليها
تقترب المرأه منها وتضع يديها على صدرها تمهيدا لتحضنها ولكن ناهد تدفع يدها بقسوة وعدائية عنها وهى تنظر لها بعداء وشراسة الحيوانات وقد صدر من فمها صوت وكانها تزوم كالكلاب المسعورة
تراجعت المرأه بخوف بينما خرجت ام ناهد لتجرها بعيدا عن ناهد خوفا من ان تكرر ما حدث مع الجارة ومع ام سلمى العروس
تظل ناهد واقفة على السلم ناظرة للمرأه بقسوة وتركيز وقد إستدارت عيونها بعدائية بينما جرت ام ناهد المرأه للداخل واغلقت الباب فى احكام حامده الله على ان المعركة لم تشتعل
يا وليه بقوللك ناهد مش طبيعية تقومى تروحى تسلمى عليه وتمدى ايديك
اصفر وجه المرأه وقالت
-ياختى انا قلت أسلم يا ساتر دى حالتها صعب الله يكون فى عونك
- احمدى ربنا انها ما مسكتش فيكى
تنظر المرأه فى وجها غير مصدقة
- للدرجة دى؟؟ الله يكون فى عونك ياختى
تستمر الزيارة لساعة اخرى وتداولت المرأه سيرتها الشخصية على مدار الزيارة الى ان أرهقت ام ناهد من وجودها تماما
وقبل انتهاء الزيارة بدقائق قالت المرأه وهى تلملم اطراف طرحتها
- شوفى يا أم ناهد انا سمعت عن واحد اسمه الشيخ لبيب ساكن فى بيت جنب مقابر البساتين بيقولوه انه واصل أوى
نظرت لها المرأه مستغربة من توقيت عرض الخدمة وقد اوشكت المرأه على الرحيل
واصلت الحاجة اصلاح كلامها
الراجل ده بيعمل حاجات جامده اوى يا ذكية وياما حل عقد الناس بس هو حراق شوية
ترددت ام ناهد قائلة بملل
- احنا صرفنا كتير فى الموضوع ده ومافيش فايده
- وماله المهم الفايده وربنا هيجعل على إيده الخلاص انشاء الله
بعد تفكير قصير تقرر ام ناهد ان تطرق هذا الباب لعل وعسى
- خلاص خليه ييجى
تنظر لها المرأه بدهشة ثم تنفجر ضاحكة عاليا
- هىهىهىهى ييجى؟؟ ده احنا اللى لازم نروح ونبوس الايادى يا روحى
- بقوللك سره باتع وسمعت انه عصبى وبيطرد الناس كمان
تنظر لها ام ناهد وقد استفزها كلام المرأه واثار اهتمامها
- يا سلام على ايه يعنى؟
تواصل المرأه كلامها
- يا حبيبتى بيقولو انه مبيظهرش الا قليل اوى وبيجيله وزرا وسفرا وعرب وممثلين
- انتى تعرفيه؟
- ياريت انا سمعت عنه لما كنت فى ابو السعود من نسوان جامده جدا
- خلاص شوفى ازاى نروحله
- انا اعرف ولية اسمها (مندورة) وكانت النسوان بيتحايلو عليها عشان تاخد معاد معاه باين عليها ليها دلال عليه هكلمها وأرد لك الخبر
توسلت الام بهمس
- الله يخليكى يا اصلاح اوعى تنسى اديكى شايفة المر اللى احنا فيه
- عيب عليكى ده انا طول عمرى خدومة واحب الناس ومبحبش اشوف حد تعبان الا واساعده
ده انا ......... وانا............ وانا ........... وواصلت المرأه مديح نفسها لعشر سطور قادمة
وودعتها المرأه لتعود ام ناهد الى حياتها التعيسة تنتظر الفرج على يد الشيخ (لبيب)
******
""محدش يقدر ياخدنى منك يا ماما
انا بحبك يا ماما متبيبنيش جدتى عايزة تاخدنى منك يا ماما
لا يا ماما اوعى تسيبيها تعمل فيا كده
هكذا تصرخ اشجان بشكل دائم فى عقل ناهد
هكذا تشحنها بالغضب والمقت والجنون وقد ادركت اشجان محاولات الجده لتخليص ناهد من ذلك الأسر الجهنمى"""
,,,,,,
كانت من عادات ام ناهد ان تنام فى فترة العصر قليلا بعد انصراف الاولاد الى الشارع او الساحة الشعبية لتريح جسدها المكدود من عناء خدمتهم المتواصلة وكانت توصى امجد بان يهتم ب(حسام) بشكل خاص وان يدير باله عليه خاصة وان الشاب اصبح انطوائيا صامتا وتترك ياسر يلعب مع اصحابه من ابناء الجيران اما منزلها وتدخل لتنام قليلا
الجو دافئ اشعلت الام المروحة وتركت نفسها للاسترخاء ساعتين تحسبا لعودة الاحفاد
جلست على طرف سريريها العريض والذى اصبح يشاركها فيه حفيدها امجد الصغير
جلبت زجاجة مياه من الثلاجة لتضعها بجانب السرير والقت بجسدها المكتنز تستشعر خدر الراحة بعد تعب وقوفها صباحا لاعداد الطعام لاحفادها وكانت مشهورة بانها سيده نظيف وتوالت إلى نفسها ذكرياتها منذ كانت ناهد هى من يقوم بخدمة البيت كله من تنظيف وترتيب ايام كانت هى موظفة بمديرية التعليم بالجيزة وكانت تعود مرهقة لتجد البيت آية فى النظافة والترتيب وكانت ترقد قيلولتها بنفس التوقيت معتمده كليا على ناهد الحبيبة و التى كان جمالها مصدر قلق الاسرة بسبب كثرة خطابها
يتسلل النعاس شيئا فشئيا الى جفونها المرهقة
((الحلم))
تحلم ام ناهد بانها فى مكان فسيح به حوض للاستحمام – مغطس- وقد دخلت عليها ناهد وقد تلطخت بالاوساخ وتلبد شعر رأسها الناعم وبدت فى هيئة رثة وصحة متدهورة بينما الام تحيط الابنه بذراعيها يدخل رجل غريب عليهم الحمام ويشعل ثقاب ويلقيه فى الماء وبينما الام مرتعبة من الرجل الغريب تقفز ناهد الى الحوض لتسبح وقد ذابت الاوساخ فى الماء الذى بدأ يفور وكانه يغلى فتصرخ ام ناهد بالرجل ان يخرج لتجده هو نفسه الحاج محجوب زوجها الذى ابتسم فى وجهها بينما ناهد تسبح فى الحمام رشاقة وقد استعادت جمالها وصفائها القديم يخرج الاب لتخرج ناهد بعدها من الحوض عارية تماما وتستلقى امام امها وتامرها بدهن جسمها بزيت طيب الرائحة جدا وما ان فعلت ذلك حتى احمرت خدود ناهد وفرحت ثم تدرحجت على مفارش بيضاء تلتف حولها كلما تدحرجت حولها ليجيء اطفال فى منتهى الجمال يحملون الشموع حولها بينما تشير للام مودعة وهى سعيده مستبشرة بينما يقف على الجانب الاخر رجل وامراه لا تعرفهم وقد اسود وجههم وتجهم الحقد من مرآهم وعندما تمر ناهد بجانبهم يشعل الاطفال فى ملابسهم النار بالشموع التى يحملونها ليجرى هذان عليها وقد اشتعلت ملابسهم لتجرى مذعورة منهم وتنادى على ابنتها ولكن صوتها لا يسمع وحركتها بطيئة جدا فقط تسمع صراخ الرجل والمرأه الذين قفزو فى مياه الحوض لينطفئو بينما الحوض يغلى ويفور بهم وصراخهم يشق أجواز الفضاء
تفتح ام ناهد عيونها فجأه لتجد نفسها فى غرفتها وقد مرت دقائق فقط على نومها تتقلب فى الفراش فى حالة أرق وهى تسأل عن معنى ذلك الحلم الغريب وبينما تفكر بعمق تلمح صرصورا فاخر الشكل يقف بين ساقيها على طرف السرير
صرخت فهى تكره الصراصير جدا وتحاربهم بكل قوة قفزت لتقف باحثة عن شبشبها المنزلى لتعالج ذلك الكائن الكريه
لكنه يختفى تضيئ نور الغرفة لتبحث عنه وقد اشمأزت وتوترت اعصابها بشده لتفاجأه ان ارض الغرفة نفسها مكسوة تماما بالصراصير بل الجدران نفسها وخلف الباب
منها ايضا ما يطير ويصتطدم بوجهها لتصرخ المرأه بجنون رهيب ولا تقدر على الحركة وسط ذهولها من تلك الاعداد الضخمة من الحشرات تحاول الخروج من الغرفة ولكنها لا تجرؤ على الخطو فوق كل تلك الصراصير بينما المفارش والدولاب يفور باعداد متزايده من تلك الحشرات البشعة تصرخ ام ناهد بعمق وتزعق على أولادها من خلال شباك المنور الداخلى بغرفة النوم وتحاول فتحه لتجد ان الصراصير قد غلفت جدار المنور من الداخل وكلما صرخت كلما هاجت الحشرات وتموجت حركتها باتجاه صورتها رفعت الطرحة لتغطى وجهها بينما تشعر بالصراصير تغذو ساقيها وذراعها وتتسلق لحمها الابيض تصاب المراه بجنون رهيب وخوف مهول وتجرى خارجة من الغرفة وقد تغطت طرحتها البيضاء بالصراصير وكذلك ملابسها المنزلية
وقبل أن تصل لباب شقتها كانت قد انهارت تماما وزحفت الصراصير على جسدها باصرار وقوة
يضرب قلبها بعنف رهيب ويخونها صوتها ويهرب منها بعيدا
تفتح عيونها بشهقة رهيبه وتكتشف انها كانت تحلم ذلك الحلم المزعج الملئ بتلك الكائات المقززة تغادر سريرها وتفتح الانوار لتجد ان كل شيئ على ما هو عليه وتحمد ربها كثيرا فى سرها وتذهب من فورها لتتوضا وتصلى حتى تهدا نفسها بينما تغادرها رغبتها فى القيلولة تماما
تخرج للشارع لتطمئن على امجد لتجده مندمج تماما فى لعب الكرة اما البيت مع اطفال الجيران
تدخل مجددا لتعد لنفسها كوبا من الشاى لتستعيد روعها وقد نست تماما الحلم الاول والخاص بناهد ووالدها الحاج محجوب وان تذكره لاحقا بعد وفاه ناهد
,,,,
يدق جرس التليفون يتمد يدها المرتعشة قليلا وتلقفت السماعة
لتجد صوت صاخب ضاحك ودود انتظرته طويلا
- ايوة يا ذكية ازيك يام ناهد
-اهلا يا حاجة اصلاح ازيك انتى يا حبيبتى
- ياختى معلش اتأخرت عليكى لحد ما عترت على الوليه اللى اسمها مندورة
- مندورة مين؟
-اللى قابلتها قبل كده فى ابو السعود اللى مكان الناس عايزين يوسطوها فى مقابلة الش.......
تقاطعها ام ناهد
- ايوة افتكرتها مالها؟
- قابلتها يوم التلات فى سيدى ابو السعود وقعد اتحايل عليها عشان ناخد ميعاد مع لبيب وقعدت تقولى مقدرش وانا اتحاييل عليها وجبتلها كيلو جبنه وكيلو مش بلدى وايدتها قرشين وووو ...... ووو ... تستمر فى الثرثرة عبر الهاتف بينما يظهر على ام ناهد التأفف الشديد من الحاجة اصلاح
وفضلت اقولها معلش دى ولية وغلبانه وبنت واحده عزيزة عليا ووووو.......وووو.و..و
قاطعتها اام ناهد بنفاذ صبر
- خلاص يا اصلاح نهايتو قالتلك ايه؟
تصمت اصلاح بحزن وتقول لها
- مالك يا ذكية مش طايقة تسمعى ليه
تعتذر ام ناهد متعللة بتعب اعصابها لتستمر المرأه فى ثرثرة لا نهائية
- واتفقت معاها على يوم الخميس الساعة 4 العصر
نتقابل كلنا عند جامع إسمه الدندراوى فى ترب البساتين ونروح للراجل كلنا كده بربطة المعلم وطبعا تحضرى ناهد
تنزعج ام ناهد من اقتراح حضور ناهد وتقول
- لا ناهد لأ يا اصلاح دى ممكن تبهدلنى فى الشارع إنتى متعرفيش ممكن تعمل فيا ايه
- طب والعمل؟؟
- منا قلتلك هو ييجى هنا
- يا وليه ييجى ايه ؟؟ ده محدش بيعرف يشوفه اصلا تقومى تقوليلى ييجى؟؟ اقوللك هاتى حاجة من اترها ونشوف هيعمل ايه
- أترها؟؟
- ايوة هاتى لباس ولا سنتيان من بتوعها هىهىهىهىهى ( تضحك بفجور) وهو هيتصرف
- طيب خلاص انا هتصرف يا اصلاح
خاللى بالك لبيب بياخد الف جنيه كشف
- ألف جنيه؟؟ ده كتير اوى
- معلش يام ناهد ربنا يا حبيبتى يجعله بفايده ده انا جبت للولية كيلو جبنه وكيلو مش وسبت عيش وووو (تكرر نفس كلامها التى قاطعتها فيه ام ناهد اولا) وكل اللى جربوه قاله ده اللى بيجيب التايهة
تستمر المراه فى الثرثرة بينما تفكر ام ناهد كيف تقنع الابنه التى على وشك الجنون بزيارة هذا الرجل ولو رفضت كيف ستتسلل لشقتها لتحصل على قطعة من ملابسها بدون خصوصا وان الخصومة والعداوة على اشدها بينها وبين ابنتها
تنهى المكالمة المرهقة مع صديقتها العزيزة على موعد الخميس الرابعة عصرا فى لقاء الشيخ لبيب المعجزة كما قالت عليه صديقتها الثرثارة الحاجة اصلاح
,,,
تصعد ام ناهد الى الدور الثانى وتطرق الباب برفق ليفتح لها جابر وقد بدا اكبر سنا مما هو عليه كان بادى الارهاق والتعب وقد تهدلت وجنته وبانت التجاعيد حول عيونه
- ازيك يا جابر
- ازيك يا مرات عمى إتفضلى
تدخل ام ناهد شقه ناهد لتجدها آيه فى الاهمال والقذارة بينما تتراكم الملابس القذرة وبقايا الصحون فى كل مكان حزنت لانها تعرف ان ابنتها تقدر النظافة والترتيب وادركت ان بنتها فى تدهور محقق
سالت عليها فقال لها انها فى غرفتها نائمة
تظاهرت بانها سوف تقوم بترتيب المنزل وجمعت الملابس المتناثرة القذرة لتغسلها وبالفعل قامت بغسل الصحون وترتيب المطبخ كيفما اتفق وقد دست قميصا داخليا لناهد فى صدرها فى غفلة من جابر الذى كان يقف معها محرجا ويقوم بمساعدتها بيناما ناهد تقبع فى غرفتها وتغلقها عليها يتحدث جابر الى حماته ويكشو لها من عدم قدرته على فعل اى شيئ بينما هيى تجيبه بصوت خافت حتى لا تصحو ناهد فهى اصبحت تهابها جدا ولا تقدر على مواجهتها اصلا بينما يعلو صوته هو الى ان تسمع باب غرفة ناهد يفتح عنوة وتخرج ناهد وقد انتفخت جفونها وتهدل شعرها واحمرت عينها لتقف امامهم بتحدى وغل لتقول
- انتى ايه اللى جابك هنا؟؟
ترتبك الام امامها وتقول
- قلت اشوف لو عايزة حاجة يا ناهد
تنظر لها ناهد شذرا لتقول لها من بين اسنانها
- محدش طلبك
يتدخل جابر محرجا
- عيب يا ناهد دى امك
تنظر له بتنمر واضح وتقترب منه كثيرا قائلة بغل
- اخرس انت يا بو ديل نجس يابتاع الموامس
ترتبك جابر وقد ادرك ان نوبه الهيجان آتيه لو تكلم أكثر من ذلك بينما تتحرك الام خارجة بصمت
- لو جيتى هنا تانى هكسر رجلك ....انتى فاهمة؟
تهز الام المسكينه رأسها وتدمع عيونها وهى تقول
- حححححاضر يا ناهد يابنتى حاضر
- ملكيش دعوة بيا يا حرباية يا أوس البلاوى
تنفجر أم ناهد بالبكاء وهى تتحرك لتخرج من الشقة بحذر بينما تدفعها ناهد للخارج اكثر بعدوانية
- يالا غورى ياريتك تموتى وأرتاح منك
وقبل ان تغلق الباب فى وجهها تقترب منها بينما الام تبكى
وتهمس لها وهى تنظر لها فى عينها وقد تنازعت فيها قوتان
- انا عارفة كويس انتى جيتى ليه
وتغلق الباب فى وجهها بعنف لتهرع أم ناهد نازلة السلم وقد زاد اصرارها على مقابلة ذلك المدعو لبيب داعية من الله ان يوفقها فيما له الخير لابنتها التى صارت كشيطان رجيم
لقراءة باقي الفصول من هنا
