رواية الفتونه الجزء الرابع4بقلم ياسر عوده


رواية  الفتونه ( الجزء الرابع )

توقفنا فيما سبق حينما هجم معلم ابراهيم فتوه الجماليه على زين فتوه الحسينيه ، وانضم اكثر من نصف رجاله زين للمعلم ابراهيم وتم محاوطه المعلم زين والباقى من رجالته ، وبمجرد اشتباك جميع الاطراف  فى تلك المعركه الغير متكافأه ظهر سكان الحسينيه ، فها هم الرجال يخرجون من المنازل الى شوارع الحسينيه ومعهم ما يقاتلون به من نبابيت او حجاره او اى شيء يتحصلون عليه ، وها هم ستات الحسينيه يظهرون من على اسطح منازلهم يرمون رجاله الجماليه بالمياه المغليه او بالحجاره ، كانت المعركه غير متوقعه ، فلقد اشترك بها كل سكان الحسينيه من رجال لستات حتى الاطفال كانوا يلقون بالحجاره ، لم يصمدوا رجاله الجماليه كثيرا وبداء البعض يهرب ، حتى وجد المعلم ابراهيم  نفسه محاصر بين رجال الحسينيه ومعه بضعه من رجاله ولقد سلم نفسه وطلب الامان من المعلم زين ، طلب المعلم زين من المعلم ابراهيم ان يقسم له بالولاء والطاعه وفعل المعلم ابراهيم واصبحت الجماليه تابعه للمعلم زين .

انتشر خبر تلك المعركه بمصر المحروسه كلها ، عرف الناس ان بالحسينيه فتوه جديد ولكن قوى وجريء ولا يستطيع احد التفوق عليه ، مرت الايام والاسابيع والشهور ، انجب المعلم زين توأم ولد وبنت  الولد اسماه انور اما البت فاسمها شمس ، كان زين محبوب جدا بالحسينيه وخصوصا بين فقراءها فلا يظلم عنده احد ، ياخذ من القوى حق الفقير ، ولا يفرض على الفقير ما لا يستطيع ، كانت الحسينيه على خلاف معظم مناطق مصر المحروسه ينتشر بها العدل والامان .

اخذ التوأم يكبر وكان انور وشمس مرتبطان جدا ببعضهما ولا يفترقان ابدا وحينما بلغا سن ثمانيه سنوات اراد زين ان يعلم انور اصول التحطيب والقتال بالنبوت ولكن لم يستطيع فصلهم عن بعض فقام بتعليم شمس التحطيب  ايضا لتظل مع اخيها ، واظب التوأم على التدريب بالنبوت حتى وصلوا لسن الخامسه عشر واشد عودهما ولكن كانت شمس قد هى من ورثت مهارة زين بالتحطيب فاخذت تتفوق كثيرا على اخيها انور فى اى معركه بينهما ، بالطبع كان ذلك يقلق زين كثيرا فلم يكن انور لديه الموهبه الكافيه ليصبح فتوه للحسينيه ، شعر انور بهذا الامر ايضا وشعر بالغيره اتجاه اخته التى كانت تحصل على استحسان والدها لمهرتها النادره بالتحطيب ، بداء انور الانفصال عن اخته فى كل شيء حتى بالتدريب بداء يتخلف كثيرا عنه وبداء يعرف  شباب يقودانه للحانات التى يشرب بها الخمور ، وفى يوم تأخر انور عن العوده للمنزل وقلق المعلم زين كثرا حتى انه قد طلع الصبح ولم يعد انور بعد وهنا طلب المعلم زين من رجالته البحث عن انور فى كل مكان ولا يعودون الا به .

اخذت رجاله المعلم زين تبحث عن انور فى ظهر هذا اليوم عادو به ولكن كان محمولا على  اكتافهم فوجده قد طعن بخنجر وقد تم القائه باحدى الشوارع الجانبيه ، كانت الصدمه ثقيله جدا على المعلم زين وزوجته سميه وايضا على شمس ، سقطت شمس مغمى عليها من فجع الامر اما سميه فامتنعت عن تناول الطعام منذ ذلك اليوم ، اما المعلم زين فاظر بعض التماسك وكان كل همه  البحث عن من فعل ذلك بابنه ووريثه ، من اراد الانتقام من زين بهذا الشكل ، ظل المعلم زين يبحث عن قاتل ابنه لشهور ولكن بدون جدوى لم يصل لشيء تدله على من فعل ذلك بانور .

مرت الايام وماتت سميه حزنا على ابنها ، اما شمس فظلت تتدرب على القتال بالنبوت ولكن سرا حيث ان ابيها المعلم زين قد منعها من التدريب عليه لانه كان السبب فى التفرقه التى حصلت بينه وبين ابنه انور ، اما شمس فظلت تتدرب سرا لانها كانت تريد الانتقام لاخيها  يوما ما حينما تعرف من قتله ، وبمرور الايام جاء شاب للمعلم زين يطلب منه الانضمام لرجالته كان اسمه عطوه ، عندما طلب منه زين ان يعرف اسم ابيه او لقب عائلته فقال عطوه : انا يتيم الاب والام ولا اعرف اهلى وجئتك يا معلم لانى سمعت عنك كل خير .

سئله المعلم زين قائلا : انت تعرف تحطب يا عطوه ؟

عطوه : بعرف يا معلم بس طبعا محتاج اتعلم من خبرتك يا سيد الناس .

طلب المعلم زين من احد الرجال النزول امام عطوه للتحطيب ليستطيع تحديد  مستوى عطوه بالتحطيب ، وبالفعل حدث ذلك وكان عطوه يمتلك قوه كبيره وغاشمه ايضا فاطاح بالرجل من ضربه واحده ، انبهر زين بقوه عطوه وقام بنفسه للتحطيب امام عطوه ، كانت مباراه  جيده بين الاثنين وانتصر المعلم زين بفارق ضئيل جدا وكان عامل الخبره هو سبب الفوز لا اكثر ، ولكن لم يكن زين مطمأن واحث ان هناك شيء غريب بتلك المباراه فلقد احس ان عطوه تعمد ان يخسر فى تلك المباراه .

قبل المعلم زين بعطوه رجل من ضمن رجالته ، ولقد اظهر عطوه فى مده صغيره جدا انجازات كبيره فى المعارك التى كانت تحدث بين الحسينيه والمناطق الاخر وكان يبطش بالفتوات بدون رحمه او شفقه  ، كان المعلم زين يزداد اعجابه بعطوه يوم بعد يوم ، اصبح لم يعد يستطيع الاستغناء عنه ، ويوكل عطوه بقياده رجالته فى جميع الخناقات او المشاجرات واصبح عطوه بمثابه نائب له ، كان الامر يقلق الكثير من رجال زين وخصوصا المخلصين له ، فهذا الوافد حديثا لا يعرفون عنه شيء قد ظهر من العدم واكتسب ثقه المعلم زين بسرعه كبيره واصبح اهم شخص بالنسبه له .

اما المعلم زين فكان ينظر لعطوه نظره مختلفه ، فلم ينظر اليه كرجل من رجالته  وانما كابن له يعوضه عن انور الذى قد فقده منذ فتره ، كان المعلم زين يرغب فى ان يورث عطوه الفتونه منه ويكون هو فتوه الحسينيه ، فهو الوحيد القادر على المحافظه على ما قد بناه المعلم زين من العدل والمساواه بالحسينيه ، بداء المعلم زين خطوته الاول حيث انه جمع كل رجاله واعلن ان عطوه اصبح  بمثابه فتوه لهم وانه هو من سوف يقوم بمراعاة مصالح اهل الحسينيه ، وكل قرار يتخذه مفوض من المعلم زين نفسه ، وان المعلم زين سوف يبقى فى بيته وكل من لديه شكوى يذهب اليه وهو سوف يعطيه حقه .

لم يكن هذا اعلان اعتزال المعلم زين عن الفتونه ، او حتى تنازل عن الفتونه لعطوه  ، وانما هو مجرد اختبار ليعرف ماذا سيفعل عطوه ان اصبح فتوه من بعده ، مر الكثير من الوقت منذ ان اعلن المعلم زين هذا الامر ، فى باديء الامر كان عطوه يسير على خوطى المعلم زين فى العدل ورد المظالم ولكن بمرور بعض الوقت وبعد ان اطمأن المعلم زين لعطوه بشكل نهائى تغيرت الاحوال شيئا  فشيئا ، ها هو عطوه يعلن فرض بعض من الاتاوه على الفقراء دون مرعاة لفقرهم واحتياجهم ، وقام بالتخفيف من الاتاوات المفروضه على الاغنياء لكسب ثقتهم وتأيده اذا لزم الامر ، واطلق عطوه يد رجاله فى اهل الحسينيه ، فقاموا بجمع الاتاوات كما يريدون والتعدى على حرمه منازلهم دون مرعاة للاحترام او الاخلاق او الاصول ، فدائما وابدا تكون اخلاق  الرجال من اخلاق فتوتهم فان كان صالحا فيصلح حلهم وان كان فاسدا فالويل لاهل منطقته من فعل الفاسدين منهم .

                   الجزء الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>