رواية متعة السالكين 8..
الجزء الثامن
بقلم ليلى مظلوم
فأجبته باستغراب :نعم !!!بالطبع ..
-هل لي برؤيته ..أريد أن أسوي شيئا ما.
-حسنا ..الحق بي ..
وسرت أمامه بخطوات سريعة وتفكير أسرع ..ترى هل تذرع ليراني على انفراد..ولم يرد إحراجي أمام جدتي ..أم حقا يحتاج ذلك الحاسوب . .
وعندما وصلنا إلى الصالة قلت له :هذا هو تفضل !!
فابتسم ساخرا :ظننتك فهمت قصدي...أريد أن أتحدث إليك بأمر مهم ..لم أشأ أن يكون هاتفيا .
-حسنا تفضل ..
-بكل صراحة ..أنت فتاة جميلة وذكية...ولم يلوثك الخارج بدناءاته ...ويشرفني جدا أن تكوني زوجة لي…
ما بال هذا الرجل ..لقد طلب مني الزواج دون أن يعترف لي بمشاعره ..لم يقل كلمة أحبك كما في الأفلام ..إنه يتحدث بطريقة جدية حازمة ..وكأنه يريد أن يشتري تحفة تكون جميلة وذكية وليست لديها علاقات ..هذا كل ما في الأمر ..لقد انتظرت هذه اللحظة كثيرا.
ولكن ليس على ذلك النحو أبدا. .إنها تفتقد روح الحب ربما ..لست أدري ..وما بال نبضات
قلبي تهدأ ..وتعود وجنتاي إلى حالتهما الطبيعية ..رباااه ..تخيل هذا الطلب أجمل بكثير من تحقيقه . أهذا هو الواقع ..أم أن الأحلام تعطينا إحساسا مرهفا...يا للمشاعر التي بردت في قلبي فجأة ..
وها هو يفاجئني بعبارة أخرى :هل السكوت علامة الرضا ؟؟
وقبل أن أجيبه سمعت وقع خطوات أم أحمد قادمة بلهفة ثم قالت: ولدي . هل صحيح ما أخبرتني به منذ قليل.. أم أنك قلت هذا لتريحني فقط...
فأجابها بانزعاج مبطن لأنه لم يحصل على جوابي بعد :نعم يا خالة صحيح ..
-إني أنتظر مرور الشهر بفارغ الصبر ..
يا للأم المسكينة التي تبحث عن أمل كاذب ربما ..ونظرت إلى سامي لأتفحص عينيه ..هل هو صادق ؟ولكني لم أستطع تحديد أي شيئ ..كانت نظرة
عينيه محايدة إلى أقصى درجة ..ثم استأذن الرحيل ..ولم ألحق به وتركت المهمة لأم أحمد ..وتوجهت إلى غرفتي لأعيد ترتيب المشهد بذاكرتي لعلي أجد ذلك الإحساس الجميل الذي افتقدته ..وفجأة رن هاتفي ..وكان المتصل هو سامي ..استمعت إلى رنين الهاتف بأعصاب باردة على غير عادتي ..إلى أن لاذ
بالصمت ..لم أشأ أن أرد عليه في تلك اللحظة ..لم أرد التسرع في اتخاذ القرار ..وماذا عن جدتي ..هل ستوافق على هذا الزواج ..كل تلك الأمور كانت تسبح في عقلي بعيدة عن قلبي ..الاختيار العقلي الجامد البارد...
وأعاد الاتصال مرة أخرى. فتأففت هذه المرة ..وأجبته ببرود :ألو ..
-ألو ..أنا لا أزال في الشارع الذي يوصلني إلى منزلكم ..وأردت أن أتأكد من جوابك قبل أن أتحدث إلى جدتك في الأمر ..وإن أشرت بالموافقة سأعود حالا إليها وأطلبك منها ..
-هلا أعطيتني بعض الوقت ..
-ممم هذا حقك ..ولكن لا تطيلي في الرد ..أعتقد أن الأمر لا يستحق كل هذا الوقت ..أليس كذلك ..لا بد أن جدتك هي السبب !!
-حسنا ..سأحاول ..ولكن أريد أن أسألك عن أحمد ..هل حقا ما قلته لوالدته ..
-قلت لها نصف الحقيقة ..سيعود إلى لبنان في القريب العاجل ..وسيحضر حفل زفافي ..فيكون النصف الآخر مرهونا بموافقتك.. لأنه سيذهب لرؤية العروس برفقتي ..وبالطبع سيرى والدته هناك ..
-هل هذا تفكير بوليسي ..
-نور ..أنتظر موافقتك على أحر من الجمر ..
أقفلت الهاتف واستسلمت لبكاء مرير لم أعرف سببه في ذلك الوقت ..أهو حزني على
الأم الملهوفة لرؤية ولدها ..أم على خذلاني بما كنت قد خمنته عن المشاعر والزواج سابقا ..ها هو أبي قد توفي بسبب حبه الشديد لأمي ..فقصص الحب التي أسمع عنها روميو وجولييت
وقيس وليلى ليست خرافة ..ومن يدري لو كانت الظروف تسمح بلقائهم بشكل عادي لما خلد التاريخ قصتهم ..ولبقوا طي الكتمان كأي علاقة عابرة ..
في تلك الاثناء اتصلت بي سهى ..فأجبتها ولا زال البكاء حليفي :ألو أهلا سهى .
-ماذا هناك؟؟لماذا تبكين ..
-لا أعلم ..لا أعلم صدقيني ..
-لقد اشتقت إليك ..لم أرك منذ أشهر ..هل تسمحين لي بزيارتك اليوم ..
-طبعا أهلا بك ..وسأسوي الأمر مع جدتي.
واتفقت أنا وابنة خالي على موعد لقائنا ..ثم توجهت إلى غرفة جدتي بوجه عبوس مكفهر ..وقلت بلهجة حازمة: ستأتي سهى لزيارتي اليوم ..أرجو ألا يزعجك هذا.
فابتسمت الجدة بحنان ..وقالت لي :اقتربي مني. .
فاستغربت طلبها في بادئ الأمر. .ثم نفذته بصمت ولا زالت الدموع حبيسة مقلتيّ..فمسدت لي الحنونة على شعري الطويل الكستنائي لمدة وجيزة من الزمن ..ثم قالت: لقد رأيت في عينيك حبا لذلك الطبيب ..أليس كذلك ..لا بد وأنه هو سبب دموعك الآن ..
ولا أخفي عنكم لقد تفاجأت كثيرا من جملتها تلك ..وحاولت مغادرة حضنها لأنظر إليها إلا أنها شدتني بقوة العجائز ..وأكملت: أنا موافقة على الزواج بكل سرور ..لقد عشتِ معي طوال تلك المدة وحرّمتُ
عليك الخروج لأنني أحبك ..وأخاف عليك ..ولكن ما بالعمر بقية ..فتزوجي به إنه رجل طيب. وأنا آمن عليك معه ..لقد اتصل بي منذ قليل وطلب يدك للزواج ..وأخبرني أنك خائفة من
ردة فعلي ..لقد بقيتِ طوال السنين الماضية خائفة مني .أو من غضبي وحزني ...ولو أنك طالبت بحقك في الخروج والعيش كأي إنسان آخر
لربما تغير الأمر ..ولكن ذنبك أنك وافقت ..فكرت بي أكثر مما فكرت بنفسك ..أنا آسفة
حقا ..ولكن المرض الذي يعتريني ليس بيدي ..فلتبقَ نوافذ غرفتي مغلقة ..ولتبقَ الابواب المواجهة إلي مظلمة ..ولك
حق التصرف في غرفتك ..ولتأتِ سهى لزيارتك كلما أرادت ذلك ..عليك أن تعتادي على النور يا نور ..قبل أن تنتقلي إلى منزل زوجك ..وأنتقل أنا إلى جوار ربي ..
فحدثت نفسي بمشاعر متناقضة :زوجي؟؟؟!!!لكني لم أوافق بعد ..
