رواية متعة السالكين الجزء السادس6بقلم ليلي مظلوم


رواية متعة السالكين 6.

الجزء السادس 

بقلم ليلى مظلوم

ورحلت سهى دون أن ألح عليها بالبقاء. ...لا أعلم لماذا في تلك اللحظة كنت أريد أن أكون

 وحدي بالرغم أن هذا ديدني  طوال النهار تقريبا ..لا بصراحة أكثر

 لم أرد البقاء وحيدة بل برفقة حاسوبي الثمين .وتوجهت إلى اسم سامي مباشرة وقرأت 

رسائله المتعددة وكأنه يريد التأكد من هويتي ..(مرحبا ..كيف حالك ..أجيبيني بسرعة ..كيف حال جدتك ..)?

فأرسلت إليه رسالة أشكره فيها على قبول صداقتي ..صداقتي !!!غريب أمر هذا النت وحساباته  هل يعرف معنى الصداقة الحقيقية حتى يسمي من ينضمون إلى حساباتنا بالأصدقاء ..وهل يقدرون تلك القيمة ..أم أنها صداقة افتراضية قد تخيب وقد تساعدنا أحيانا ..وقد خطرت إلى بالي في تلك اللحظات أم أحمد ..ولهفتها لرؤية ولدها ..فأرسلت إلى سامي :هل أحمد جابر صديقك ؟؟


-نعم صديقي ..لماذا ؟؟!!


-ألا ترى أنك ترى أمه أكثر منه ..ألم تحاول إقناعه برؤية أمه ؟؟


-بصراحة. بلى حاولت مرات عديدة ..ولكن في باله أن والدته تشكل عبئا ثقيلا على عمله وعالمه !!


-هل هذا كلام رجل عاقل ..كيف تسمح بهذا ؟؟


-ما ذنبي أنا حتى تضعي اللوم علي ..لقد حاولت جاهدا إقناعه ولكنه كان يترفع عن التحدث في هذا الموضوع لأنه يشكل له أزمة نفسية ..


-أزمة نفسية ؟؟!!لماذا ..هل يخجل بوالدته .؟؟


-على مايبدو ..


-مممم هل أستطيع التحدث معه ؟؟


-لا أنصحك بهذا لأنه سيحظرك بمجرد أن تحدثيه بالأمر ..ولكن لا تلوميه ..إنه يعيش بين نارين ..نار والدته ونار زوجته وأولاده وعالمه ويبدو أنه    اختار النار الثانية ..فزوجته هددته بأخذ الأولاد منه ..إنه يعيش في بلد تعود حضانة الأولاد للأم ..


-ما هذه الزوجة هل هي مجنونة ؟؟


-هل سنمضي الوقت ونحن نتحدث عن أحمد ..لقد أخبرتك أنه لا فائدة من الأمر ..والآن حدثيني عن إبداعاتك ..يتملكني فضول عارم لأعرف عنك أكثر .


-سامي !!أن لم ترَ اليوم أم أحمد كيف تصرفت عندما رأت صورة ولدها على الحاسوب ..أرجوك إن كان باستطاعتك تقديم المساعدة فافعل.. 


-نور… لقد فرحت كثيرا عندما رأيت اسمك يزين شاشتي ..فلا تفقديني هذه الفرحة بالتحدث عن أمر يستحيل حدوثه… أحمد اختار عالمه الخاص ولا سبيل إلى العودة ..ولا أخفيك سرا ..المبلغ المادي الذي   أعطيه لأم أحمد على أساس أنه من ولدها ..في الحقيقة هو مني أنا ..وأرجو ألا تخبريها بهذا ..ولم أجد طريقة أفضل من هذه لأفرح قلبها.. 


-ممممم حسنا ..لن ألح عليك كثيرا ..حدثني عنك إن أردت ..


-لا بد وأنك قرأت المعلومات على حسابي الشخصي ..


فضحكت نور :أتعلم كنت أظن أنك في الخامسة والثلاثين ..وأنت لم تتعدّ الثلاثين ..


-أوووه ليس لديك بعد نظر إذن !!


-لا بل ليس لدي تجارب. ..


-ولم أنت مستسلمة هكذا ؟؟!


-هذا قدري ..


-نحن من يصنع قدرنا… .اااااا نور عليّ أن أقفل الآن لدي حالة مستعجلة ..نتحدث لاحقا… 


وأقفل سامي هاتفه ..ليفتحه مرات ومرات وهو يتحدث إليّ ..لقد أمضينا بضعة أشهر ونحن نتحدث سوية ..لم أعد أشعر بالملل ..لقد ملأ هذا الشاب   حياتي ..فكان يطربني أحيانا بكلمات معسولة ..كان يدق قلبي مع كل حرف ويعزف لحن الأمل والمستقبل ..لقد تحدثنا


 عن الحب ..عن الحرب ..عن الطب ..عن السياسة ..عن الصداقة ..حتى عن الطعام ..تناولنا مواضيع شتى ..وكنت أحضّر الموضوع الذي نريد التحدث عنه قبل أن يحين الموعد ..فأدخل إلى النت وأجمع المعلومات وأسأل جدتي أحيانا ..وأم أحمد أحيانا أخرى ..كل هذا حتى أبدوَ أمامه فتاة مثقفة ..وكان ينبهر بإجاباتي ..وكلمته الشهيرة برافو يا قطتي لم تفارق شفتاه ..بالفعل لقد تعلقت به كثيرا ..ولم أعرف مشاعره هو حقا ..لم يتطرق لعرضها أمامي ..وكنت أشتعل من التفكير… أريد أن أعرف ما يكنه لي ..وما أنا بالنسبة إليه..


وذات ليلة شعرت أنني أريد التحدث إلى جدتي لأخبرها بالتطورات الجديدة التي طرأت عليّ ولكن شجاعتي خانتني ..لا بد وأنها ستنفر من الأمر ..وفكرة أنني أحب أحدهم ..ستأخذها إلى الزواج ..والزواج يعني مغادرة المنزل .. ومغادرته تعني المزيد من


 الخوف والجراثيم القاتلة بالنسبة إليها ..فتذكرت ريشتي التي غادرتها منذ أن تعرفت إلى سامي ..وهرعت إلى خزانتي ..وأحضرت أدوات  الرسم ..وبدأت أترجم مشاعري على تلك اللوحة ..إنها أكثر من يفهمني ...وصدقا صدقا كنت أشعر


 براحة كبيرة بعد الإنتهاء من الرسم ..وكأني رميت حملا ثقيلا كان يؤرق تفكيري. .وبعد أن أكملت عملية التصدير ..نظرت إلى اللوحة بابتسامة عارمة وحدثت نفسي :أيعقل أن يكون هناك 


شخص ما يستطيع تفسيرها ..والحالة التي أمر بها ..لا ..لا أعتقد هذا ..فقد رأيت على النت أن معظم الأشخاص يسخرون من هذا الفن ..بالرغم أن اللوحات


 تباع بثمن باهظ ..فهل تساوي لوحتي ذلك الثمن الغريب ..لا يهمني هذا ..وليس هذا ما أسعى إليه ..فأنا لا أحتاج إلى المال بل إلى ما هو 


أغلى من ذلك بكثير ..إنه السلام الداخلي الذي ما إن سيطر على قلوب الكثيرين حتى تحول إلى سلام خارجي ..وستتحرر الشعوب وخاصة الأطفال من رائحة الدماء ولوعة الفراق . .حقا !!كم أنا فتا


ة حالمة ..وكأن قصص جورج أورويل لم تمر أمامي ..ذلك الكاتب العظيم الذي فسر الكثير من أطماع البشر ..فهل ستمزق قصصه يوما إكراما للسلام العالمي ..؟؟!


استيقظت من شرودي أو تأملي على صوت جدتي تناديني بلهجة مخنوقة :نور نور ..تعالي إلى هنا حالا ..


ولا أعلم صراحة منذ متى وهي تناديني ..فقد كنت في عالم آخر ...مممم  وأين هي أم أحمد ..


                   الجزء السابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>