رواية متعة السالكين الفصل الرابع عشر14بقلم ليلي مظلوم


 رواية متعة السالكين

الجزء الرابع عشر

ومرت الأيام ولا زلت أحتفظ بالسر لنفسي ..أردت الإنتقام على طريقتي الخاصة ..وخمنت       أنه طالما لم أبح بما لا أعرف ..فهذا يعني أنه لدي مساحة من التفكير ..

واقترب موعد الزفاف ..بقي له أسبوع واحد ..وكلما مضى يوم كانت جدتي تذبل معه ..تريد تزويجي ولكنها تخشى فراقي ..وكنت أمازحها بأني سأنهي    علاقتي بسامي كرمى لها ..ولكنها كانت تستاء.. لا زواجي يفرحها ..ولا بقائي في المنزل يفرحها أيضا ..فشعورها بالذنب تجاهي كان يؤرق جفونها ..وعندما رأيتها بتلك الحال ورأيت عجزها سامحتها من كل قلبي ..ولكن هل سأسامح سهى وسامي . ؟


وقد أتت سهى لزيارتي ذات يوم ..وسألتني عن علاقتي بسامي ..فأجبتها :إنني  فرحة جدا ..لأن سامي تلا عليّ ترانيم حبه أخيرا ..فهو منذ بداية خطوبتنا لم يقل تلك الكلمة ..ولكنه قالها أخيرا بإحساس عال ..ورافق    كلمته تلك باعتراف منه أنه كان يحب إحدى قريباتي ولم يصرح لي عن اسمها ..ولم أرد أن أعرفها… وهو الآن بات يحتقرها ..ويتلاعب بمشاعرها ..وسيأتي اليوم الذي يوبخها فيه لأنها اعتدت على ملكية غيرها ..


في تلك الأثناء احمر وجه سهى غضبا ..فأشعلت سيجارتها وكأنها تريد ابتلاعها ..وقالت باستغراب :هل هو اخبرك بهذا ؟؟


-نعم ..اليوم صباحا بالتحديد… 


-ولم لم يخبرك باسم قريبتك ؟؟


-لأنه لا علاقة مقربة لي معهن كما تعرفين ..لا يهمني أمرها ..


ثم قلت بطريقة خبيثة :تخيلي لو أنك أنت . 


وبعدها ضحكت مستنكرة تلك الفكرة ..:لا يعقل أن تكوني أنت يا صديقة عمري ..ها هل    ستأتين لزيارتي بعد الزواج؟؟ربما يكون لسامي صديق مقرب ووسيم ..ويتم النصيب وتصبحين أقرب إلي!! 


لقد عاشت سهى حالة صعبة ..فهي غير قادرة على الصمت وغير قادرة على الكلام ..وفي نفس الوقت أزعجها موقف سامي المصطنع ..فحتى  إن واجهته وأنكر فإنها لن تصدقه ..لأنني لمست الجزء الأكثر حساسية من القصة ..


مر الاسبوع وسامي كان مشغولا بتحضيرات الزفاف ..لم يلحظ اي تغير في تصرفاتي ..إلى  أن حان وقت كتب كتابنا ..كنت ارتدي فستان الزفاف الأبيض ولكن أفكاري كانت سوداء خبيثة ..وعندما رآني سامي بالفستان

 عبر عن إعجابه ..وابتسم ابتسامة واثقة من نفسه ..وأمسك يدي ..ثم جرني كعريس حقيقي يجر عروسته ..وجلسنا أمام الشيخ ليتلو علينا ما تعلمه    من سابقيه بخصوص المهر والأمور الأخرى ..أتراه لا يعلم أن اكثر النساء لا تحصل على أي من حقوقها ..وكم من الزوجات العازبات اللاتي يعشن مع 

 أزواجهن فقط من أجل أولادهن ..أين قدسية ذلك الزواج ..فلو كان الأولاد هم  الرابط الوحيد الذي يجمع بين الازواج ..فسحقا لهذا الزواج ..وخاصة ذلك الزوج الذي يمثل دور سي السيد ..عليك أن وعليك أن  ..وهو  يترفع عن إحضار وردة لزوجته   أو كلمة شكر آخر النهار ..ومنهم من يتخذون من كتابهم المقدس عضين فيحفظون الآيات التي تتحدث عن التعدد ..وينسون الآية الأسمي فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان…


واتفق الشيخ مع سامي على قيمة المهر ..ثم سألني :أترضين يا نور بأن أكون وكيلا عنك في تزويجك من سامي بمهر مقداره ثلاثين مليون ليرة لبنانية ..؟؟


فلم أجبه بشيئ ..ثم أعاد صيغة السؤال مرة ثانية ..ولكني أيضا لم أجبه بشيئ ..وعادة هذا ما تفعله بعض الفتيات من باب الغنج والدلال ..ونظر 

إلي ّ سامي باستغراب ظنا منه أنني أقوم بما تقوم به الفتيات ..وأعاد الشيخ الصيغة للمرة   الثالثة ..فصمت مجددا ..عندها تأفف الشيخ وقال لي :هل أنت مغصوبة على هذا الزواج ياابنتي ؟؟


وأضحك السؤال سامي والحضور ..طبعا لم تكن جدتي إلى جانبي وإلا لكنت ضعفت وبدلت رأيي عما أنا مخططة له . فقلت للشيخ :بصراحة نعم ..


ولا يمكنني أن أطلعكم على وجه سامي في تلك اللحظات ..وكأن كل إهانات العالم قد اجتمعت لتتآمر عليه ..احمر وجهه كعدائي يركض طوال النهار .  .وارتجفت شفتاه وتبدلت أحواله ..وتصبب عرقا ..ثم حمل منديله ليمسح جبهته ..وقال بكلمات مبعثرة :ما هذا الكلام يا نور ..هل جننت؟؟أتدركين الذي فعلته الآن ..


فلم أرد عليه أبدا ..وتوجهت بفستاني الأبيض إلى الخارج ..وأنا راضية عن نفسي ..ثم قلت عندما وصلت إلى الباب :إياك أن تلحق بي  .وإياك أن تتصل بي    مجددا… اسأل سهى إن كانت جاهزة لتكمل الزفاف بدلا عني...أم أن الحب شيئ والزواج شيئ آخر ..


فناداني بصوت ضعيف :نورررر!! 


وبدأت أتجول في الشارع...والكل ينظر إلي باستغراب ..فتاة ترتدي فستان الزفاف ..وتحمل بين يديها محفظة صغيرة ربما تحتضن هاتفها وبعض

 المال ..ولكنها بلا عريس ..والابتسامة تعلو وجهها ..هل هي مجنونة ..أم هاربة !!


تأملت الشارع أمامي ..وكنت مولعة بالكتب ذات العناوين الغريبة ..لا يهمني اسم الكاتب فالشهرة ليست دليلا على براعة الكتاب ..قد تجد كاتبا هنا

 أو هناك يملك أحاسيس العالم ولكن الحظ لم يحالفه ..وكم من العباقرة الذين عرف الناس قيمة فنهم بعد موتهم… ها هو بيكاسو  قد مات فقيرا ولكن   لوحاته بيعت بأغلا الأثمان بعد وفاته ..ولن أتحدث عن العلماء الذين أعدمتهم الكنائس ولكن نظرياتهم تشغل الأوساط


العلمية ..فهل هو إبداع ما بعد فوات الأوان !!أليس من حقهم أن يتمتعوا بنجاحاتهم جميعا ؟؟!!


ووقع نظري على إحدى  المكتبات التي تعرض بعض الكتب  ولفت انتباهي كتاب يبدو منبوذا بين أصدقائه فحملته برفق  ..وبدأت أزيل الغبار عنه   لأقول عنوانه( مجنون )..وترافق لفظ هذه الكلمة لأحدهم وهو يقول( مجنونة)..فأشحت بنظري لأرى من هذا الوقح وكانت المفاجأة ..


                 الجزء الخامس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>