روايةمتعة السالكين الجزء 13
الجزء الثالث عشر
تظاهرت أنني لم أنتبه للإسم ..وتلبكت سهى أيما تلبك ..ثم أقفلت هاتفها وقالت: هذه أمي لا بد وأنها تستعجلني فقد تأخرنا كثيرا ..
في تلك اللحظة شعرت كمن صُفع صفعة قوية على وجهه ..ولكن لا بد من التأكد بما يدور في رأسي من شكوك ..لن أكذّب عيناي وأصدق سهى ..لقد رأيت الإسم وهي لا تعرف أحدا غير سامي خطيبي ..وأجبتها بتجاهل :لكني لم أسألك من المتصل ..!
عدت إلى المنزل وأنا أحمل الكثير من الأغراض والأفكار أيضا ..كنت فرحة بالأغراض لكن فرحتي قد تبددت ..وشعرت بألم وخذلان كبيرين ..أيعقل أن تكون سهى على علاقة بسامي ..وإن كانت علاقة عادية عابرة ..فلماذا بررت ذلك الإتصال وهذا ليس من عادتها ..ولا يمكن مواجهتها بالأمر ..وعليّ التأكد حتى لا أظلمها ..
مرت عدة أيام وأنا لست أنا ..وكان سامي يتصل بي ليطمئن عني وعن أحوال جدتي ..كنت أجيبه باختصار ..شعرت أنه مذنب.. ولكني لم أعطه فرصة الدفاع عن نفسه ..فلا يحق لي اتهامه بمخيلتي فقط ..لذلك قمت بخطة محكمة على حد تفكيري ..لاتأكد من الامر ..ففي اليوم التالي دعوت سامي إلى منزلنا بحجة أنني مشتاقة إليه ..ودعوت سهى أيضا لأراقبهما سوية ..وقد وصل سامي قبلها ..فرحبت به ترحييا مفرطا حتى لا يشك في أمري . ولم أخبره بقدوم سهى. .وحضرت فجأة ..وهي ترتدي أرقى ثيابها ..وكأنها تعرف بوجود سامي عندي ..ألقت تحيتها بثقة كبيرة ..ثم جلست على الاريكة مقابلا له ووضعت رجلا فوق الأخرى.. لم أعرفها في ذلك الوقت ..كانت إنسانة أخرى تماما ..فقلت بصوت حنون مصطنع :ماذا تريدان أن تشربا??
فأجابا بصوت واحد :عصير البرتقال !!
ثم ضحكا وكأنهما لا يريدا لهذا أن يحدث ..ولانقذ الموقف ضحكت معهما أيضا ..وقلت والغيظ يملأ قلبي :حسنا سأعد القهوة إذاً..
وعادت الضحكات لتملأ المكان ...لا بد من الضحك لأغير من حالتي النفسية ..وبينما أسير إلى المطبخ تمتمت: سأعد القهوة بداية وبعدها العصير ..عن إذنكما ..
كنت أريد أن أراقبهما براحة أكبر ..لذا اخترت القهوة لأنها تحتاج إلى زمن أطول لإعدادها ..وكنت قد وضعت هاتفي على الطاولة دون أن ينتبها له وكبست زر التسجيل… وبعد ربع ساعة تقريبا… عدت إليهما بابتسامة بشوشة وأنا مطمئنة أن خطتي قد نجحت ..ثم حملت هاتفي وحفظت التسجيل ..وقلبي يحترق من الداخل أريدهما أن يرحلا لأعرف بماذا تحدثا في غيابي ..ولكن الجلسة قد طالت كثيرا يبدو أنهما يستمتعان كثيرا بالجلوس مع بعضهما… لا يهم سأعرف بعد قليل كل شيئ ..ومع هذا كنت أخشى من النتيجة وأتمنى لو كنت مخطئة في تقديري ..
مر الوقت ببطء شديد حتى قررا الرحيل ..وذهبت لأودعهما ..على باب المدخل ..وعندما حاولت سهى تشغيل سيارتها ..لم تعمل ..فنظرت إلي باستياء وقالت :تبا ماذا أفعل الآن ..؟
فتدخل سامي :سأتصل بالميكانيكي حتى يحضر حالا ..
أجابته وكأنهما متفقان على السيناريو :لاااا أنا مستعجلة حقا وأريد العودة إلى المنزل حالا ..وسأخبر أبي بما حصل وهو يتولى الأمر ..سأطلب سيارة الأجرة…
-لا داعي لها ..تعالي لأوصلك بنفسي ..
يا لذكائهما الخارق ..لقد اخترعا هذا السيناريو حتى يكونان سوية بلا شك ..
وعدت مسرعة إلى الصالة لأحضر هاتفي ..وبدأت أستمع إلى لحديث الذي دار بينهما بينما كانا وحدهما :قال سامي بداية :لم أكن اعرف أنك ابنة خال نور ..
-وأنا لم أعرف أنك ستخطبها إلا بعد فترة من الزمن ..لقد تفاجأت صراحة ..
-لماذا ..فنور فتاة مثالية ..ويمكنني الزواج بها بفخر وأنا مغمض العينين ..
-ومشاعرك تجاهي ؟؟!!ماذا تسميها تمضية وقت للتسلية !!
-لا… أنا حقا أحبك ..وكنت صريحا معك منذ البداية ..الحب شيئ والزواج شيئ آخر ..ولا بد أنني سأحب نور وأتعلق بها بعد الزواج !!
-ألا تحبها الآن ؟؟
-بلى أحبها جدا ..ولكن حبي لك شيئ آخر ..له طعم خاص جدا ..أشعر أن الوقت معك يتبدد بسرعة ..تزيد ضربات قلبي ..وأتمنى أن أمسك يدك وأعانقك على الفور ..
-أليس هذا خيانة منا لنور ؟؟!
-ولكني لم أطلب منك الزواج ..أين الخيانة ؟؟
-خيانة الروح أصعب من خيانة الجسد بالنسبة للمرأة هل تعرف هذا؟؟
-والمشاعر ليست بيدنا إنها تدق قلوبنا دون استئذان هل تعرفين هذا ؟؟
-ولكن لماذا تكذب على نور؟؟!
-لم أكذب عليها أبدا ..ولم أقل لها كلمة أحبك طوال الفترة الماضية ..
واسترجعت ذاكرتي وقلت لنفسي :صحيح . لم يخبرني بمشاعره أبدا ..بالرغم من الكلمات المعسولة التي كان يطلقها على مسامعي ..لا بد وأنها كلمات روتينية اعتادها ..لقد تداخلت في قلبي مشاعر مختلفة ..للحظة حقدت على سهى وعلى خيانتها لي طالما أنها صديقتي الوحيدة. وحقدت على سامي ..وعلى جدتي لأنها حبستني ومنعتني من التعرف إلى البشر وطباعهم ..ولو كنت فتاة غبية لانطلت الحيلة عليّ ..علي أن أشكر القصص التي كنت أقرؤها والأفلام التي كنت أشاهدها حتى فتحت لي تلك المدارك ..فعلا القراءة قد تغنيك عن العالم بأكمله وتجعلك إنسانا حذرا ..وإلا لكنت في خبر كان ..ماذا ستفعلين الآن يا نور ..هل ستواجهيهما بالح
قيقة أم أنك ستدبرين أمرا آخر..
..هل أتزوج بسامي وأجازف بحبه لي بعد الزواج على حد تعبيره ..آه ليس لدي أحد لأطلعه على مكنونات قلبي ..إنها صفعة قوية تلقيتها من أعز إنسانين على قلبي ..كم أنا تعيسة ..كم أنا مسكينة ..ولكن مهلا مهلا الضربة التي لا تقتلك تقويك ..أريد أن أكون قوية ..أريد أن أكون أنا نور بذكائها وحسن تدبرها ..لن أسمح لأحد بسجني بعد اليوم ..لقد تحررت من كل شيئ ..
قلت كل تلك الكلمات لنفسي ..ثم توجهت نحو المرآة.. وانهمرت دموعي أمام نفسي ..فمددت أصبعي على خديّ في المرآة ومسحتها لكنها بقيت مكانها ...وأعدت إصبعي إلى صورتي الحقيقية وقررت قراري..
