رواية خارج السرب
فقالت بصوت مخنوق: جميلة ..لقد تاخرت كثيرا ..
اجابت جميلة بحماس والدموع تسيطر على خديها: لقد اشتقت اليك يا امي سامحيني ..فانا ساصبح اما بعد فترة قصيرة ..وقبل ولادة الجنين ادركت بعضا من معنى الامومة ..بالرغم من اهمالك لي ..حتى اجبرتني ان اغرد خارج سربك ..
فتمالكت امها اعصابها ..ولم تدرِ هل تنهرها وهي مشتاقة اليها ..ام تدعوها الى المنزل ..واقامة الصلح وتجاهل العقاب ام ماذا ..وقد سالتها بما تبقى من رمق الامومة داخلها: هل انت بخير .?
قالت جميلة: نعم ..فجميل قد تغير واصبح انسانا آخر ..واقلعنا عن تناول الحبوب باعجوبة وصعوبة ..مشاعر الابوة داخله قد اصحت ضميره وطلب مني الاتصال بكم كي اسوي الامر معكم جميعا ..
فتاففت امها قائلة: لا اعتقد ان هناك من يمانع هذا الصلح ..فانا اتمنى ذلك ..واخوتك كل مشغول مع نفسه ..اما عدنان فقد طلقني منذ عدة اشهر ..
وحزنت جميلة لحال امها واول ما خطر على بالها حال اختها هبة فسالتها: ماذا عن. هبة ??
فاجابت :بما انني لست اما ناجحة ..فتقربي منها انت علك تكونين اختا ناجحة .لقد قدمت اقصى ما يمكن تقديمه ..وانا اريد ان اعيش حياتي كما اشاء بدون اي ضغوطات ..
فقالت جميلة بحزن :ياااه كل هذه المدة ولم تتغيري يا امي ..بكل الاحوال واجبي يحتم علي استرضائك ..فاصلحي الامر مع اخوتي ..وسنزوركم قريبا ..اريد ان اعيش بضمير مرتاح ..لقد تعبت من القلق الدائم الذي يعتصر قلبي ..واحمد الله ان جميل قد تغير ..فغيرني معه ..وجعلني ابصر اشياء ايجابية في حياتي لم ادركها قبلا ..تحاياي الحارة للجميع وداعا ..
وبالفعل فقد عملت شيماء على تسوية الامر مع اولادها بخصوص جميلة ..وبعد جدال طويل ..تخلله التوعد ..استطاعت ان. تمتص غضبهم الذي ينم فقط عن الخوف من كلام الناس… ووافقوا على الصلح مع اختهم ..
مرت سنتان ..وكانت العلاقة بين ربى وزوجها بين مد وجزر ..فتارة يحن اليها ..واخرى الى سامية .هذا ولم تغب شيماء عن باله ايضا ..ولكنه غير مستعد للزواج بها مجددا ..وهبة بقيت تخاف من وجوده في حياتها ..وبقيت حبيسة غرفتها ..لا تخرج الا للضرورة ..وشيماء مشغولة بجمالها وغنجها ودلالها والتظاهر بالمظلومية امام الجميع ..وهاني قد انجب طفلين ..وقرر اعتزال العائلة ليعيش بسلام على حد تعبيره ..غير مدركا انه يجب الخوض في مشاكل عائلته وحلها ..ولم. ينتبه لعذاب وقهر اخته هبة ..التي اوشكت ان تصبح فريسة الاكتئاب والخوف ..واكتفى بالاهتمام بعائلته الجديدة ..ومحمد اصبح شابا منحرفا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ..وحاولت شيماء التحدث اليه واعادته الى رشده ..ولكن في كل مرة ينتهي النقاش ب :انت حر ولكن ترقب النتائج ..ستصبح في السجن قريبا ..
اما جميلة فكانت تزور عائلتها نادرا لانها باتت تخجل بهم وبتصرفاتهم ..وتتجنب الحديث عنهم امام زوجها ..مع انه يعرف كل ما احل بهذه العائلة من دمار اجتماعي وعاطفي ..
وبالنسبة لحسن وجابر ..فقد تزوجا ..واسسا عائلتين مترابطتين ملؤها الحب والتفاهم الى جانب امهما التي ظلت تحلق فوق سماء حياتهما بطيبتها واخلاقها العالية ..ولكن الحياة لا تضحك لنا دوما ..فذات يوم عاد عدنان الى منزله ..ووجهه لا يبشر بالخير ..وكانه قرر قرارا مزعجا ..فسالته ربى: ما بك ??لماذا كل تجاعيد الحزن والغضب تسيطر على محياك..
فقال لها ولا زال وجهه على ما هو عليه :اريد ان اتزوج سامية ..وستسكن معك في هذا المنزل ..ان رضيت فاهلا وسهلا بك ..وان رفضت فالذنب ذنبك ..
فتاففت من كلامه وقالت: ليس لك هذا ..هل جننت لتحضر لي ضرة كانت صديقتي يوما وتعيش معي في المنزل ذاته ..
فقال لها: هذا ما لدي.. وليس هناك اي كلام آخر ..
فقالت له غاضبة :لا بد وانك جننت ..ليس من العدل هذا يا عدنان يا من اصبحت جدّا ..الا تخجل من نفسك ..
وبينما كانا يتحادثان بصوت عال ..رن جرس الباب ..وكان الزائر حسن وجابر برفقة عائلتهما ..وسمعا الحديث الذي دار بينهما ..لان اصواتهما كانت عالية ...وقد التزما الصمت ..وحاولت ربى اخفاء قرار والدهما ..فقال حسن: ما بك يا امي ..من اغضبك يا غالية ..لم. اعتد ان ارى وجهك هكذا يوما ..
فتنهدت وقالت بتجاهل :لا شيئ ..
فقال جابر :لقد سمعنا المحادثة بينكما ..
ثم نظر الى والده وقال بعتب :ما هذا الذي سمعته يا ابي ..اتريد ان تتزوج بعد هذا العمر… .وممن ??من سامية??
فقال والده: هذا حقي ..ولا دخل لكم بالامر ..
فقال حسن :عجيب امرك السنا ولديك ??ولكن معك حق ..فامي كانت لنا الام والاب ..بينما انت كنت مشغولا بنفسك طوال الوقت ..
فقال والده غاضبا :اهكذا تحدث والدك ايها الولد العاق .
فاجاب :انا آسف ..ولكني لست عاقا ..بل على العكس ..احاول تسوية الامور ليس الا ..امي لن. تخرج من هنا ..وهذا منزل العائلة الذي يحمل كل ذكرياتنا ..ولن. تدخل اليه ارجلا غريبة…
