رواية هيلينا الفصل العاشر10 بقلم ليلي مظلوم


رواية 🌸هيلينا 🌸

الجزء العاشر… 


-نعم!!! لقد بعت المنزل واستأجرت منزلا جديدا !!


-هل جننت؟؟


-لا تقلقي لقد نقلت الأثاث كله ..وهناك من يرتبه لنا ..


-بالتأكيد أنت تمزح ..كيف تتخذ قرارا كهذا من دون إطلاعي عليه ؟؟


-إن أردت أن تكوني بخير فاصمتي ..هيا أحضري ابننا ودعينا نذهب من هنا ..أنا مشتاق لمنزلي الجديد ..


-إنه ليس منزلك ..إنه منزل للأجار أيها الذكي؟؟


وما إن وصلت هيلينا إلى المنزل الجديد حتى بدأت تبكي بحرقة ..يا إلهي أني مشتاقة إلى ذلك المنزل ..

فأجابها هادي بحنان :لابأس ستعتادين عليه ..كما اعتدت على المنزل السابق ..


ولكن لم تلحق هيلينا أن تعتد عليه ..حتى تم طردهم من المنزل بسبب عدم دفع  الإيجار ..لذا اضطروا أن يستأجروا منزلا آخرا بأقل تكلفة ..وكانت   هيلينا مستاءة من الذي حصل ..ووجدها زوجها جالسة قرب النافذة وهي تتأمل الشارع بتمعن ..وكأنها تراه للمرة الأولى ..فاقترب منها واحتضنها وهو يقول :لابأس لابأس يا عزيزتي الأمر لا يستحق كل هذا الحزن والغضب فرفقا بنفسك ..


-كيف لا يستحق يا هادي ..أين ذهبت بالمال ..ولماذا وضعنا المادي يتراجع إلى الوراء بدل أن يتقدم كسائر الناس ..ألا زلت على علاقة بتلك الفتاة ؟؟


-لا ..لا ..لقد خسرت مالي بسبب غلطة في العمل ..ولكن لا تقلقي لديّ حلا مذهلا ..إن وافقت فكل الأمور ستكون كما تريدين ..


-وافقت؟؟!!وما دخلي أنا ..


فتنهد قبل أن ينطق بالمكيدة :

-أنا أريد أن أحيا معك حياة هادئة ..وقد ندمت على كل الأيام التي مرت ..لم لا نبدأ صفحة جديدة بعدما نستعيد منزلنا الأساسي؟؟


-وكيف نستعيده ؟؟


-هنا يأتي دورك ..يمكنك فعل ذلك بسهولة تامة ..وأعدك بحياة بمثابة الجنة ..


-ماذا هناك يا هادي ..


-كل المطلوب منك ..أن تتصلي بزوج أختك منى ..وتطلبي منه المجيئ إلى هنا لأمر هام ..وما إن يدخل إلى المنزل بعدما تكوني قد خلعت حجابك ..أدخل أنا ..وأضبطكما سوية ..وأهدده بأنه إن لم يدفع المال أو يعطينا منزلا فإننا سنفضحه أمام منى والناس أجمعين… وطبعا مركزه المرموق لا يسمح له بذلك ..


-هادي هل جننت؟؟


-هي خطوة واحدة وسنعيش حياة هادئة ..وكل شيئ سيكون بخير ..


ونظرت هيلينا إلى ولدها النائم بسلام ..وحسدته ربما على تلك الراحة ..ثم نظرت إلى هادي الذي أمسك يديها بحنان ..ونظر إلى عينيها وهو يهز برأسه نعم نعم ..وكأنه يمارس التنويم المغناطيسي ..وكانت هيلينا    في صراع داخلي وخارجي ..ووفكرت وفكرت وفكرت إلى أن قالت أخيرا :حسنا موافقة ولكن بشرط أن تعود هادي في أيام الخطوبة ..


-لك هذا وأفضل يا زوجتي الحبيبة ..


وفي اليوم التالي اتصلت هيلينا بزوج أختها منى وطلبت منه أن يحضر إلى المنزل لأمر مهم جدا ..وألحت عليه أن يكون الأمر سريا ..وبما أنه يعتبر   نفسه الأخ الحنون لها ..فسارع ليلبي نداءها ..وما إن دخل إلى المنزل ..وحاولت هيلينا استقباله بدون حجاب ..حتى تراءى إليها في تلك اللحظات حبها لأختها ..ومعاملتها الطيبة لها ..وأن ما سيجري ليس من أخلاقها وطينتها ..لماذا كل هذا ..حتى يرضى هادي ؟؟وماذا إن خدعها ولم يرضَ ..ما هذه الدوامة اللعينة التي وضعت نفسها بها ..وشعرت أن أحدهم   صفعها على وجهها لتصرخ :اذهب من هنا ..كرمى لكل مقدساتك ارحل ..ارحل ..أنا لست هكذا ..أنا شريفة ..أنا أحبكم ..ارحل ارحل من هنا ..


فأجابها باستغراب :لماذا تقولين هذا ؟؟ماذا هناك ؟


-ارحل من هنا ..أنا آسفة وأخبر منى أني أحبها ..هيااااااا اذهببببب من هناااااا ..


وما كان أمامه إلا أن يرحل من دون أن يعرف ما الذي كان مدبر له ..وما هي إلا لحظات حتى دخل هادي ورآها على تلك الحالة فقال لها: ماذا جرى ؟؟


-لم أستطع أن أكون خبيثة… لا لا هذه لست أنا ..


وكادت أن تنهار وتقع أرضا ..فاحتضنها هادي وقال لها: لا بأس ..هذا أفضل ..ما هذا الجنون ..كيف سمحت لنفسي أن أفكر بتلك الطريقة !!!؟

؟سامحيني يا هيلينا… 


وكيف يمكن لهيلينا أن تسامحه بعدما وضعها في ذلك الموقف المخزي ..ولماذا بدّل هادي رأيه ..أيكون اختبارا آخر لزوجته ؟أيعقل هذا ؟؟كل الذي حدث   قد أثّر بشكل سلبي على نفسية هيلينا التي لم تعد تجلس في مكان واحد يجمعها مع منى وزوجها خجلا من الذي حدث ..


نعم هذا ما يحدث أحيانا ..عندما يكون الضمير صاحيا فإنه يمنعنا عن الكثير من الأمور ..وما إن نهم لنقوم بفعل خاطئ حتى نخجل من أنفسنا أمام     العالم أجمع ويكون الخجل الأكبر أمام من نظن أننا ارتكبنا بحقهم الخطأ ..ولكن مهلا إن لم نعطِ فرصة لأنفسنا حتى نصحح او نغير المسار الذي كنا نعيش فيه فلا أحد قادر على إعطائنا إياها..وكما يقول الرومي عليه السلام "ﺭﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻧﻔﺴﻚ، ﻓﺴﻴﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ :

" ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻛﻨﺖ ﺫﻛﻴﺎ، ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺭﺩﺕ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ . ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻧﺎ ﺣﻜﻴﻢ، ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ"


وبعد فترة من اللوم والعتاب الذاتي ..قررت هيلينا أن تتصل بسامي بعد خروج زوجها من المنزل ..وتشكو له ما حصل معها ..وما إن سمع ما سمعه حتى جن جنونه ..وقال بنبرة غاضبة :ماذا تنتظرين بعد هذا يا هيلينا


؟؟تطلقي منه !!إنه سيجرك إلى أشياء لا تحمد عقباها ..أنت لست بأمان معه ..تطلقي منه ..وأريحي نفسك من هذا الهم والعذاب ..


-وهل من الهين أن أصبح امراة مطلقة ..


-ما المانع ستجدين من يقدرك حق قدرك والحياة لا تستحق أن نعيشها ببؤس وشقاء ..

                الجزء الحادى عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>