رواية هيلينا
-لا شكرا لك لا داعي لذلك ..أعرف كيف أحمي نفسي جيدا ..فليس تلك القطعة الصغيرة المصنوعة من المعادن التي صنعها المجتمع كفيلة بحمايتي .
-حسنا أنا أكرر أسفي ..ولقد رأيت أنه من واجبي أن أنبهك والأمر يعود لك طبعا ..
-شكرا لحرصك الذي لم ألمسه من زوجي حتى ..
وأقفلت الهاتف وهي تفكر بينها وبين نفسها ..هادي يقول النساء متساويات ..أما هي فتقول الرجال متساوون ..فهم لطيفين مع النساء طالما أنهن ليست ملكهن ..وعندما تصبح في منزلهم يتحولون إلى كائنات فضائية لا تمت للمشاعر بصلة ..وهل يعقل أن تلك الكائنات تملك مشاعرا !!
ومرت الأيام بعد تلك الحادثة ..وكان رفاق هادي يترددون إلى منزله باستمرار ..وأحيانا يأتي سامي بمفرده ..وذات مرة ..كان هادي وسامي جالسين يتسامران الأحاديث ..وكانت هيلينا تعد واجبات الضيافة ..وقررت أن تجلس معهما في تلك الجلسة ..وما إن حاولت الجلوس ..حتى ركلها هادي برجله ووقعت أرضا . وشعرت بالإحراج من الضيف ..لم هذه المعاملة القاسية ؟؟وهم سامي لمساعدتها كي تقف ..إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة ..فهذا ليس من
حقه ..وبالرغم من ذلك فقد شعر بالأسى تجاهها ..وحدّث نفسه :لم لا تكون زوجته كهيلينا جميلة ..ولا تريد من الدنيا سوى الكلام اللطيف؟ ..أما تلك التي في منزله فلا يهمها سوى المال ..وإن غضبت منه لا تصالحه حتى يحضر لها هدية ثمينة !!ما هذا التنظيم العشوائي في هذا الكون ؟؟ولكن اللوم يا سامي لا يقع على التنظيم العشوائي أبدا ..بل على الرضا والتقبل ..!!!أو بالأحرى على سوء الإختيار منذ البداية ..وعلى عدم معرفة الحب ثانيا ..فمن يحب سيعرف كيف يختار حبيبه ..والكون بكل الأحوال قد يكون منظما عشوائيا !!!
ووقفت هيلينا بصعوبة ولم تستطع النظر إلى سامي من شدة الإحراج ..وذهبت إلى غرفتها وأطلقت العنان لدموعها ..وفجأة سمعت صوت هاتفها يرن برسالة نصية على برنامج الواتس أب .وقد جاء فيها: لا تحزني يا هيلينا ..يوما ما ستكونين سعيدة !!لا تقلقي ..
وكان المتصل سامي ..وعندما قرأت هيلينا تلك الرسالة تبدلت ملامحها وقالت لنفسها :على الأقل وجدت من يهتم لأمرك ..
ثم أرسلت إليه :لا تقلق عليّ انا بخير اطمئن ..وشكرا لاهتمامك ..
فأجاب :أتعلمين أنك جميلة ومن النساء النادرات في هذا الوجود !!؟؟
فكتبت إليه :سبحان الله زوجي يقول كل النساء سواسية ..وأنت تقول أنني مميزة ..
فكتب :يبدو أن زوجك لا يعرف قيمتك !!
فكتبت :هل لي أن افهم من أين أتيت بتلك الجرأة لتتكلم معي وأنت في منزلنا وزوجي إلى جوارك .ألا تظن أن هذا الأمر خارج عن النطاق الأخلاقي ..
فكتب :أنا آسف ..ولكني لم أعد أتحمل معاملة زوجك القاسية ..لديه جوهرة ﻻ يقدر ثمنها ..
فكتبت :قدر جوهرتك التي في منزلك ..ولا داعي لأن تشغل بالك بغيرك !!وداعا يا سيد سامي ..أعتقد أن الكلام بيننا انتهى ..
فكتب وهو عابس الوجه: أنا لست من ذلك النوع من الرجال ولكنك تعنينني حقا ..ولو أن زوج أختي يعاملها بهذه الطريقة لما قبلت ..
فاستفزتها الجملة :ولكن أهلي لا يعلمون شيئا عن حالتي ..ولو علموا لطلقوني فورا ..
فكتب مبتسما: أخبريهم إذن ما الذي يجبرك على القبول بهذا الوضع ..
فكتبت :لا أعلم لماذا أسمح لك ولنفسي بالتكلم عن خصوصياتي ..ألا تجد أن هذا الأمر غريبا .
فأجاب :لا أعلم ماذا أقول لك ..ولكن اعلمي أنني دائما إلى جانبك ..مهما قاسيت ..اعتبريني صديقا أو أخا أو أي شيئ تريدينه !!أنا هنا دوما !!
فكتبت ناهية الحديث :شكرا يا سامي ..والآن وداعا ..
تلك المحادثة ..كانت دوامة 🌀 بالنسبة لهيلينا ..فسامي رجل طيب معها ..وقد يساعدها في إصلاح حال زوجها ..ولكن قد يفهم هادي هذه العلاقة على نحو مغاير وهي لا ينقصها هذا الشيئ ..كل الذي تريده استرجاع حب هادي لها ..هذا. إن كان يحبها من الأصل ..ربما أحب سنها الصغير واستغله لصالحه حتى يترجم عقدته من أمه في حياته معها ..
ومرت الأيام والليالي ..وهي تحاول أن تنشغل بطفلها عن قساوة زوجها ...وهو كان مشغول بأصدقائه على حد قوله ..وذات يوم سمعته صدفة وهو يتحدث على الهاتف إلى أحدهم أو إحداهن وهو يقول :حسنا يا حبيبتي أنا قادم إليك...
وبمجرد أن شعر بوجودها حتى عدل من جملته: حسنا يا سامي ..عشر دقائق وأكون معك ..جهز الورق حتى افوز عليكم اليوم ..الفوز لي ..
ثم أقفل الهاتف ..وسرى الشك إلى قلب هيلينا ..وخاصة عندما اقترب منها وداعب خديها وهو يقول :ادعي لي ..اليوم أنا متحمس للفوز وداعا ..
ثم خرج من المنزل ..ليترك المسكينة ..تعيش حالة صراع داخلي ..وبدأت تتذكر ملامح هادي المتغيرة ..فتارة يكون طيبا إلى درجة كبيرة وأخرى لا يمكن التحدث معه ..ويرتدي أفضل ما لديه من ملابس ويرش
أزكى أنواع العطور ..إضافة إلى الإقتصاد المالي المبالغ فيه بالرغم من تحسن وضعه المادي ..وهو ليس بخيلا بطبعه… لا بد وأنه يصرف المال في مكان آخر غير المشروبات الروحية .وشعرت بالغيرة في أعماقها تكاد تفتك بها ..واحتارت ماذا تفعل ..فقرر
ت أخيرا أن تتأكد من كلام زوجها بالرغم أنها متأكدة ..ولكن ليطمئن حدسها اطمئنانا سلبيا ..فحملت هاتفها ..وبحثت بين الأرقام عن رقم سامي ..ثم اتصلت به دونما تردد ..ولكن سامي لم يجب ..فقالت لنفسها :أيعقل أنه مشغول بلعب الورق مع هادي وأكون قد ظلمت الرجل ..؟
إلا أن حديثها لنفسها قد تغير بعد دقائق ..حيث اتصل بها سامي ..وأجابته بسرعة :
-ألو .
-ألو ..لقد رأيت رقم هاتفك وهو يحتل شاشة هاتفي ..على غير عادة ..ماذا هناك ؟
-أريد التحدث إلى هادي لو سمحت ..لقد اتصلت به ولكنه لا يجيب على هاتفه ..
-ولكن هادي ليس هنا ..
-هو أخبرني بذلك !!
-ممممم يبدو أنك تحاولين إيقاعي بشيئ ما ..كوني صريحة وأخبريني ماذا هناك ..؟
