رواية هيلينا الفصل السادس عشر16 بقلم ليلي مظلوم


رواية 🌸هيلينا 🌸

الجزء السادس عشر ..

بقلم ليلى مظلوم

وبعد فترة قصيرة ..طلب    هادي من هيلينا أن تأخذ طفلها ليقضي النهار معها ..وكرر ذلك مرارا ..حتى تعلق الطفل كثيرا بوالدته ..وأصبح يتذمر كثيرا    في اليوم الذي لا يرى فيه والدته ..ويبكي بألم وحرقة عندما تحين عودته إلى المنزل ..حتى أن هادي نفسه لم يعد يحتمل ..وذات يوم لم يجدِ نفعا أي طريقة من الطرق بإسكات الطفل ..فحمل هادي هاتفه ..وقال له: سنتحدث إلى أمك الآن ..


ثم اتصل بها ..وأسمعها بكاءه ..وبعدها قال لها :لقد تعلق بك كثيرا ..وهو يمضي الوقت كله بالسؤال عنك ..


-إذاً دعه يعيش معي ..وكلما أردت رؤيته أرسله إليك ..


-لقد أضحكتني حقا ..كيف تظنين أنني أقبل أن يربي ولدي رجل غريب ..؟


-ما الحل برأيك .

.

-طلاقك!!  ..تطلقي من سامي وعودي إليّ ..وستعود المياه إلى مجاريها لا بل أكثر صفاوة وعذوبة ..سنعيش معا حياة لا مثيل لها ..


-هل جننت؟؟


-لا لم أجن ..ولكن الأمر بيدك الآن ..إما سامي أو الطفل وعليك أن تختاري ..ولا تنسي الطفل يعني أنا ..سنكون سوية ..!!وسنشكل فريقا رائعا من السعادة والأمان ..


وبعد تلك المحادثة ..شعرت هيلينا بقشعريرة تطال كل خلية من جسدها ..ما هذا الموقف المحرج ..أهو تهديد مبطن بعدم إرسال الطفل مجددا ..؟


وما إن عاد سامي إلى المنزل  حتى رأى هيلينا بحالة حيرة شديدة ..والجدير بالذكر أن    وجود الطفل في منزله كان يفقده اهتمام هيلينا ..ومع هذا كان يتحمل كل شيء ..حتى المعاملة الغير المهذبة التي كان يعامله إياه الطفل ..ولم ينجح في استقطابه أبدا ..وكان يفضل الخروج من المنزل ..والتنازل عن هيلينا لتكون سعيدة إلى جانبه ..


وجلس سامي إلى جانب زوجته التي لم تلحظ وجوده ..واقترب منها أكثر ثم أمسك خصلة من شعرها ..وقال بحنان: 

-ما الذي يشغل بال أميرتي ؟


-ابني !!


-ما الجديد؟؟البارحة كان هنا .


-لقد اتصل بي هادي وأخبرني أنه يبكي منذ الصباح ويريد رؤيتي ..


-هذا أمر طبيعي ..سيعتاد على وضعه الجديد بعد فترة ..


-لا أظن هذا ..


-والحل؟؟أن تكوني حزينة وأنت في غيابه ؟؟


-ماذا تعني إنه ولدي ..ولن يهدأ لي بالا حتى أراه سعيدا دائما ..


-لا أعني شيئا ..ولكن من غير المعقول أنت تبقي على هذه الحال ..هل سيحل الأمر إن حزنت ..؟


وحاول احتضانها ..ولكنها أبعدته عنها للمرة الأولى في زواجها ..وقالت له: أنا متعبة .وأريد أن أنام ..


-لن تستطيعي النوم ..فرفقا بنفسك ..


وفعلا لم تستطع النوم في تلك الليلة وهي تعيش معركة حاسمة شبه متعادلة الأطراف ..عشقها لسامي ..وهيامها لولدها ..من ستختار هنا ..؟؟وكيف ستكون حياتها الجديدة إن تطلقت ..هل سيفي هادي بوعده ..وكيف ستعيش بعيدة عن سامي ..إنها تتنفس حبه.. وتمنت الموت على الإختيار ..كانت تسمع بأذن صراخ ابنها ..وبالأذن    الأخرى كلام سامي الجميل ومغازلته لها ..لم تجد رجلا يحب زوجته أكثر منه ..لقد جعلها ترى الدنيا بعين أخرى… ولم يقف في طريق سعادتها يوما ..وبقيت على تلك الحالة لفترة من الزمن ..لم ترَ فيها ابنها ..وكانت تتحرق شوقا لرؤيته ..إلى أن قررت أخيرا ..وطلبت الطلاق من سامي ..وبالرغم من مرارة هذا الطلب    إلا أنه كان مستعدا لتنفيده ليس تنازلا عنها ..بل لأنه كان يريد سعادتها في البقاء إلى جانب ابنها ..واعتذرت إليه هيلينا ..فقال لها: لا شيئ مهم في هذه الحياة سوى سعادتك ..وسأطلقك وأنا أكاد أختنق ..


وفي اليوم التالي ذهبا إلى المحكمة وتم الطلاق ..وما إن نطق سامي كلمته حتى شعر بدوار ..وكاد أن يقع أرضا ..ولم تتجرأ هيلينا على النظر إليه بعد تلك الكلمة ..لأنها قد تغير رأيها ..ولكن لا بد من ذلك ..وعادت    إلى منزل أهلها لتخبرهم بما حدث ..وانقسم المنزل إلى قسمين ..قسم شجعها ..والقسم الآخر لامها كثيرا ..وأخبرها أنها ستندم على قرارها… وقال لها والدها :كيف تتخذين قرارا كهذا بدون أن تخبرينا ؟؟


-إنه قلب الأم يا أبي ..انظر إلى حالتك كيف تكون عندما تراني حزينة ..وضع نفسك مكاني ستقدر إحساسي ..


أما سامي ..فلم يعد إلى المنزل في ذلك اليوم بل ذهب إلى المشفى لأنه أصيب بوعكة   صحية ..وتبين في الفحوصات أنه مصاب بداء السكري والضغط ..إنه فراق الأحبة التي يهد الجسد وليس الحسد كما يقولون ..


وقد عرف هادي أن هيلينا قد تطلقت فابتسم ابتسامة النصر ..وبقي ولده يتذمر طوال النهار طالبا رؤية والدته ..فأرسله إليها ..وأخبرته أمه أنها    ستعود إلى المنزل بعد فترة قصيرة ..ولكن حساباتها لم تكن في محلها ..فبعد انقضاء العدة ..اتصلت بهادي لتخبره أنها   أصبحت جاهزة لتعود إليه ..ولكن المفاجاة كانت أنه رفض ذلك ..وأصيبت بصدمة قوية… لقد خسرت أكثر إنسان أحبها في الوجود لتعود إلى أكثر إنسان مريض نفسيا ولم يرضَ بذلك ..ما هذا الذي فعلته في نفسها ..؟؟فقالت له: وأين وعدك لي ؟؟


قال لها: سأتزوجك ولكن بشرط واحد ..أن يقبل جميع إخوتي بك ..بعد اعتذارك منهم فردا فردا ..

وكان إخوته يرفضون عودتها طبعا ..حيث كان رأيهم ..أنها مثلما تركته في المرة الأولى فإنه ستتركه في المرة ا


لثانية والثالثة ..


ومع هذا ذهبت إليهم ..واعتذرت منهم وطلبت منهم إقناع هادي بعودتها ..ولكنهم كانوا    يسمعونها. الكلام اللاذع ..ويتهمونها بأبشع الإتهامات.. وأقل كلمة كانت تقال في حقها :أنت لا تصلحين زوجة ولا تستحقين أن تكوني أما ..وهادي كان مترددا كثيرا في أمر عودتها ..فهو يتلذذ برؤيتها تتعذب من جهة ..ومن جهة أخرى     يحبها .ويريدها أن تعود لطفله.. وكانت الغلبة دوما للتفكير الأول ..بالإضافة إلى أن أهلها كانوا يلومونها على فعلتها حتى انقضت سنة كاملة من الحزن والمشاعر السلبية ..


وفي تلك الفترة تعرفت إلى  إحدى الفتيات عن طريق الصدفة ولم تكن صدفة أبدا ..فقد   ذهبت إلى الطبيب ..بعد أن بدأ شعرها يتناثر  وشارفت أن تصبح صلعاء.. وكانت الفتاة في انتظار الطبيب برفقتها في صالة الانتظار ..

              الجزء السابع عشر من هنا 

 لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>