رواية من انت الفصل الثالث عشر13 بقلم ليلي مظلوم


 روايةمن أنت


الفصل الثالث عشر



وبمجرد أن ظهر أمامي حتى أطلقت لدموعي العنان التي ظننت أنها جفت ..وكأني أشكو له ما حل بي .. لماذا أبى ذلك السائل أن يتحرر إلا عند رؤيته ..أهو الغنج والدلال أم الحب أم الإهتمام.. أنا حقا لا أفهم نفسي ..اقترب هو وبجانبه أخته التي عانقت عبير بحرقة وقالت لها: جعلها الله خاتمة الأحزان ..


أجابتها عبير بصوت مخنوق: خاتمة الأحزان ؟؟لماذا يحزننا من الأساس ألسنا عباده الطيبين .


-صبر الله قلبك يا صديقتي ..كلنا معرضون لأن نفقد أحبة لنا ..وسيأتي اليوم الذي يفقدنا أحبتنا الأحياء.. فتصبري ولا تلومي الله لأنه استرجع ما هو له ..


-ولكن أمي لي . منذ أن فتحت عيناي واستنشقت هواء هذه الدنيا وهي أمامي ..فكيف تذهب بلحظة واحدة وكأن شيئا لم يكن ..


أما حامد فقد صافحني بيده وشد على يدي ..وللحظة خيل إلي أن أعانقه وأبكي في أحضانه وأهطل دموعي التي حررها مجيئه ...وقال لي بصوت خافت :سلمك الله العمر الطويل لك ولكل أحبابك ..هذه حال الدنيا ..


فلم أنبس ببنت شفة واكتفيت بهز رأسي متألمة ..وجلس إلى جانبي ..لا أنكر أني شعرت بالراحة حينها ..فبعد أن كان وجود هذا الرجل يوترني.. أصبح مسكّنا لغضبي ..ماالذي حصل ..رباه !!واستمرت دموعي بالهطول كشلالات نياغارا ..واختفى صوتي ...


كان الكل يتساءل بنظراته من هو هذا الرجل الذي اقتحم المكان وجلس إلى جانبي وكأن المكان ملكه ..والأدهى أن عدنان عندما أتى بعد أن كان يساعد الأقارب في أمور العزاء.. تفاجأ من وجود حامد ..وبالطبع اقترب منه وصافحه ..وبدآ يتهامسان في شوق مما دل على أن الرجلين يعرفان بعضهما جيدا… فهدأت النظرات قليلا…لأن عدنان هو صديق العائلة وهذا معروف في الوسط ..مرت ساعات قليلة ..وبدأ الناس يغادرون شيئا فشيئا ..وما تبقى إلا أهل طليقي ..حيث طلبوا رؤية حفيدهم قبل المغادرة..


******-******************************

عندما توجهت إلى منزل لمى ورأيت الجموع شعرت بالرهبة والخوف ..رهبة الموت التي ستكون من نصيب الجميع ..لذلك على الإنسان ألا يضيع لحظاته الثمينة بعيدا عن سعادته ..وأي سعادة هي بدون لمى ..!!يكفيني أن أراها أمامي وأتغذى من جمالها ...وتذكرت كلام مستغانمي عندما قالت( الأسود يليق بك )..ولكن تبا دموعها تنهمر بغزارة وكأنها كانت تنتظر برقي ورعدي لتفتك بقلبي ..وبعد السلام والتي واللتيا ..لم يبقَ إلا أهل زوج لمى على ما يبدو لأنهم طلبوا رؤية حفيدهم ..الذي حضر مهرولا من غرفته ..واحتضن والدته ..فقالت له: اذهب إلى جدك وجدتك ..يريدان احتضانك ..


-لا أنا جدتي ماتت ..وهذان لا أراهما إلا نادرا ..


ونادت الجدة بصوت حنون: فادي! !!تعال إلى قلبي يا نور عيوني ..سأعطيك المبلغ الذي تريده ..


-لا… 


-حتى وإن أخبرتك أن والدك سيكون هنا بعد يومين ..


فأفلت الولد نفسه من حضن أمه وقال: حقا!!! ولكنه لا يجيب على اتصالاتي ..


وهنا تدخل الجد قائلا: بعد يومين ستراه بنفسك وتلعب معه ..وعلى ما أظن أنه أحضر لك معه كل الألعاب التي تحبها ..ما رأيك أن تذهب معنا الآن وتمضي الوقت لحين عودة 🔙 والدك ..


ولم تترك لمى المجال لولدها ليجيب بل قالت: لا ..فادي سيبقى هنا لحين عودة 🔙 والده سيكون حديثا آخر ..


واحترم الجدان رغبة كنتهما ..ولكن ما بالها تتحدث عن زوجها وكأنه رجل غريب ..هل أثر فراق والدتها عليها ..طبعا لا يحق لي التدخل أبدا هنا ..فمهما كان أنا رجل غريب ..وبعد رحيل المعزين جميعهم ..لم أبق إلا أنا وعدنان وعلا ..وقال عدنان لفادي :هل تعلم أن السيد حامد  لا يحب مشاهدة مباريات كرة القدم 🏈..


فشعرت بالخجل من ذلك الطفل ..وقلت محاولا إنقاذ الموقف :بلى ..بدأت أحب هذا ..وستكون أول مباراة أشاهدها هي برفقة فادي الشطور ..


وهرع الصغير إلى أحضاني وعانقني بقوة ..وقال: حقا!!! 


ثم نظرت إلى لمى طالبا الإذن: حقا ..ولكن إن سمحت أمك بذلك !!


-أمي تحب أن تراني سعيدا ..


فقاطعتنا لمى :هذا ليس وقته يا فادي ..بعد أيام سآخذك أنا بنفسي إلى الملعب ..


-ولكن يا أمي المباراة غدا ..أرجوك وافقي ..ولا بد أن عمو عدنان سيكون معنا أيضا ..


كيف أمكن لطفل صغير أن تنسيه المباراة موت جدته التي كان يعشقها ..فعلا إن الإنسان كائن غريب ..يخشى الموت ..ويحب السعادة ...وينسى الإثنين لتبقى مجرد ذكرى ..أوليست السعادة هي الهدف المنشود لكل الكائنات الحية ..أو عبادة الله ومعرفته كما تقول الأديان ..لو سألنا الجميع ما هي الأمنية التي تبغونها في هذه الحياة ..سيكون الجواب بالطبع ..السعادة ..أو ما يتعلق بها ..دون منازع ..والبعض يجدون سعادتهم في عبادة الخالق والتعرف إليه ..لكن البعض الآخر يراه في أمور أخرى ..ربما تناول فنجان من النسكافيه هي قمة السعادة لديهم ..وهي نسبية إلى حد ما وإن كانت بعض الأمور تتشارك مع الجميع كالأمان والصحة والرفاهية ..


وتدخلت علا لتقول :لو سمحت يا لمى دعي فادي يذهب معنا وأنا أعدك أنه سيكون بأمان لا تقلقي ..هل تعرفين ما معنى أن يرضى حامد بالذهاب إلى الملعب ..إنها معجزة كب


يرة ..!!


ثم همست لها في أذنها بإحدى الجمل ..التي لم أستطع سماعها ..وابتسمت لمى وهي في قمة حزنها ثم قالت :حسنا أنا موافقة !!


لا يمكن أن أصف لكم الشعور الذي اعتراني في ذلك الوقت ..فقطعة من لمى ستكون معي ..وسأعرف عنها أكثر ..

                  الفصل الرابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>