قصه (مستشفي الشرقيه) الجزء الاول
عمري ما كنت اتخيل أن انا ممكن اشوف حاجة غريبة واحكيهالك لأني مش بقتنع اوي بوجود العفاريت والأشباح.. أو بمعنى أصح ماكنتش مقتنع لحد ما شوفت بعيني، ولما احكيلك هتعرف شوفت بعيني ازاي...
من خمس سنين بالظبط ماكنتش لاقي شغل، دورت كتير وسألت كل اللي اعرفهم، لكن معظم الشغل اللي كنت بلاقيه يأما كان مرتبه ملاليم وساعات شغله كتير، يأما برة محافظتي اللي هي الشرقية خالص وانا صعب اسافر وافضل بالشهور بعيد عن عيلتي، تعبت بصراحة في رحلة تدويري على أي شغلانة آكل منها لقمة عيش بالحلال، لحد ما في يوم لقيت واحد صاحبي أسمه جمال بيتصل بيا، لما رديت عليه كان صوته فرحان اوي وهو بيقول لي..
-وله يا احمد.. انت مش كنت بتسأل على شغل مرتبه كويس هنا في الشرقية؟!
لما سألني السؤال ده ابتسمت ابتسامة أمل كده وقولتله..
-أه طبعًا سألتك ولسه بَدور ولحد النهاردة مالقتش.. انت لقيت حاجة؟!
ضحك جمال ورد وقال لي..
-أه يا عم لقيت.. هي شغلانة مش قد كده يعني لكن مرتبها محترم بالنسبة للمرتبات اللي بنسمع عنها اليومين دول.
لما قال لي كده سألته عن تفاصيل الشغل وعرفت إن احنا هنشتغل عمال نضافة في مستشفى، والمفروض إننا هنبات في المستشفى دي وهنروح بيوتنا يوم واحد بس في الأسبوع، وده ببساطة كده لأن المستشفى دي في قرية غير القرية اللي احنا منها، بصراحة انا ماهتمتش بطبيعة الشغلانة ولا بأن انا هبات في مستشفى ولا لأ.. انا كان كل اهتمامي بالمرتب اللي عرفت من جمال إنه محترم جدًا جدًا على عكس المرتبات اللي سمعناها لما روحنا نقدم على شغل، وعشان كده وافقت وجهزت ورقي وروحت انا وهو قدمنا في شركة الخدمات اللي هتنزلنا في المستشفى دي كعمال نضافة، يوم والتاني بعد التقديم وكنا مستلمين الشغل، لما روحت انا وجمال المستشفى اكتشفنا إنها في مدينة مش في قرية، بس المشكلة كانت إنها في مكان متطرف أو بعيد شويتين عن البيوت، ومش دي بس كانت المشكلة الوحيدة اللي بتواجهنا، المشكلة الأكبر اللي واجهتنا أن المستشفى دي مهجورة ومافيهاش أي حد غير الحارس بتاعها..! الحارس ده كان رجل اسمه عم عطية، عمره تجاوز الخمسين سنة، عايش في أوضة لوحده.. والأوضة دي في مكان بعيد شوية عن مباني المستشفى، المهم وصلت انا وجمال والريس بتاعنا في الشغل اللي المفروض هيعرفنا هنعمل أيه وبعد كده هيبقى يمشي، بس طبعًا هيبقى يعدي علينا كل يوم عشان يشوف الشغل ماشي ازاي وكده يعني، المهم أن اللي عرفته بقى أنا وجمال لما وصلنا؛ أن المستشفى دي مقفولة بقالها فترة والمفروض أن احنا هننضفها عشان هتتوضب وهترجع تتفتح من الأول.. وقتها بس عرفت ليه المرتب كبير، أه ما اهو انا وجمال بس اللي هننضف مستشفى طويلة عريضة لحد ما تبقى جاهزة عالتوضيب، وبعد كده بقى هيجيبوا فيها الأجهزة وهيتم افتتاحها..
كل دي كانت مشاكل في الشغلانة لكن انا وجمال وافقنا لأننا عرفنا بعد كده أن المستشفى لما تفتح هنفضل موظفين فيها كعمال نضافة مستمرين.. مش قادر اقولك سعادتي وقتها كانت قد أيه لأن انا أخيرًا لقيت شغلانة بمرتب كويس، لأ وأيه... دي كمان شغلانة ثابتة، لكن في الحقيقة اللي حصل بعد كده خلاني انا وجمال نعيد النظر في موضوع شغلنا في المستشفى ده تمامًا..
بعد ما استلمنا الشغل من الريس بتاعنا وقعدنا مع عم عطية وعرفنا هنعمل أيه كويس خدنا بعضنا وطلعنا للمبنى الرئيسي اللي بيتكون من ٥ أدوار وقولنا أننا هنبدأ تنضيف من الدور الخامس وبعده الرابع ف التالت وهكذا، وفي نفس الوقت برضه كنا جايبين معانا هدوم وعاملين حسابنا إننا هنبات في المكان ده وإننا مش هنروح بيوتنا قبل أسبوع، المهم طلعنا الدور الخامس وبدأنا ننضف الأوض بتاعته.. الأوض كانت متربة وطالع عين أهلها لدرجة انها أخدت مننا تقريبًا النهار كله لحد ما نضفناها، وعقبال ما خلصنا تنضيف في الدور الخامس وبدأنا تنضيف في الدور الرابع لقينا الوقت بقى متأخر اوي وبصراحة كمان احنا كنا تعبنا من كتر الشغل، وقتها جمال اقترح إن احنا نفتح أوضة من أوض الدور الرابع وننضفها وننام فيها لحد الصبح، ولما شمس ربنا تبقى تطلع نبقى نصحى ونكمل تنضيف في نفس الدور، سمعت كلام جمال ونضفنا أوضة من أوض الدور الرابع وفرشنا بطاطين كانت معانا ونمنا في أرضيتها، جمال أول ما حط راسه على تيشرت من تيشرتاته كان عامله زي المخدة كده... بدأ يروح في النوم، أما انا بقى ف فضلت قاعد وماجاليش نوم لأنِ من النوع اللي لما بيغير مكان نومته مابيعرفش ينام بسهولة، المهم فضلت قاعد وشغلت أغاني على التليفون بتاعي بصوت واطي عشان ماصحيش جمال لحد ما فجأة سمعت صوت خطوات جاية من برة الأوضة، أو تحديدًا يعني جاية من طُرقة الدور اللي احنا فيه!
لما سمعت صوت الخطوات طفيت الاغاني خالص وخرجت عشان اشوف مين اللي بيتمشى في الطُرقة بالليل كده، بس وانا خارج من الأوضة كان في بالي أن اللي برة أكيد عم عطية، بس لما خرجت لمحت حد في الطُرقة ماقدرتش احدد ملامحه ولا هيئته كويس بسبب ان الأضاءة كانت ضعيفة لحد ما، بس الحد أو الشخص اللي كان في الطُرقة ده أول ما شافني خد بعضه ونزل جري عالسلم، وقتها انا خوفت وافتكرته حرامي ولا حاجة ف نزلت جري وراه، كنت سامع صوت خطواته وهو بيجري عالسلالم قصادي بس ماكنتش شايفه، المهم كملت جري وراه لحد ما وصلت عند الدور الأرضي وأول ما وصلت عنده سمعت صوت الباب الرئيسي بتاع المبنى بيتفتح وبيتقفل بقوة وكأن الشخص ده فتحه وطلع يجري من خلاله، بس لما وصلت قصاد الباب فضلت واقف مبرق لأن انا شوفت الباب كان مقفول علينا بالقفل من جوة زي ما جمال كان قافله!
معنى كده أن الصوت اللي سمعته ده كان خيال ولا تهيؤات، بس ده لو خيال ولا تهيؤات والباب مقفول اهو زي ما هو، اومال مين الشخص اللي نزل يجري عالسلم قصادي ده وبعد كده سمعته وهو بيخرج من المبنى؟!
دارت في راسي أسئلة كتير مالقتلهاش أجابة.. ف خدت بعضي وطلعت عالسلم لحد ما وصلت للدور الرابع، لما وصلت كنت عاوز ادخل اصحي جمال لكني قولت بيني وبين نفسي أن انا لازم ادخل الحمام الأول لأنِ كنت محتاج اعمل حمام من الخضة، روحت ناحية باب الحمام اللي لقيته مفتوح وده كان شيء غريب لأن كل الأوض في كل الأدوار مقفولة بأقفال وجمال هو اللي معاه المفتايح بتاعتهم كلهم، المهم ماخدتش في بالي وقولت أن جايز يكون باب الحمام ده مفتوح بالصدفة يعني ودخلت، لما دخلت الحمام ونورت اللمبة بتاعته لقيته مترب ومتبهدل ومليان فيران، حاله كحال الأوض في المبنى ده، لكن اللي لفت نظري مش بهدلة الحمام ولا شكله لأ.. انا اللي لفت نظري أن الحمام ده ماكنش فيه ماية على عكس الحمام اللي في الدور الخامس، المهم برضه ماحطتش في بالي وخلصت اللي كنت بعمله وخرجت من الحمام وروحت ناحية الأوضة اللي لقيت جمال نايم فيها زي ما سيبته، حاولت اصحيه عشان احكيله عن اللي شوفته لكنه كان في سابع نومة وكان رافض تمامًا إنه يصحى، وعشان كده سيبته نايم وشغلت قرأن على التليفون بصوت واطي وبدأت احاول انام، لكني أول ما حطيت راسي عالتي شيرت اللي كنت هنام عليه فجأة سمعت صوت حد بينده بأسمي من الطُرقة!!
وقتها قومت وانا عمال اقول..
(لا إله إلا الله، اللهم طولك يا روح.. احنا مش هنعرف نتخمد بقى في ليلتنا السودة دي ولا أيه؟!)
قومت من مكاني وروحت ناحية الطُرقة اللي لقيت نورها مضلم خالص وكأن حد طفى الأنوار، شغلت كشاف موبايلي وبدأت اتمشى كده وانا موجهه قصادي وبقول..
(مين.. مين بينادي عليا، يا عم عطية.. أنت..)
ماكملتش كلامي لأنِ لقيت قصادي فجأة كده شخص كله أسود، حد جسمه كله عامل زي الكومة سودة ومش باين منه أي حاجة غير عينيه.. عينيه اللي حرفيًا كانت بتنور لما وجهت الكشاف ناحيته، وقفت قدامه لثواني كده وانا مذهول ومش مصدق اللي انا شايفه لحد ما ربنا ألهمني وبدأت اقرأ قرأن بصوت عالي، أول ما قريت قرأن فجأة لقيت كشاف الموبايل انطفى عشان الدنيا تبقى ضلمة تمامًا من حواليا، كنت واقف في مكاني وانا متسمر ومش قادر اتحرك من الرعب والفزع، انا مش عارف مين اللي قصادي ده ولا عارف اجري ولا شايف أي حاجة، انا كل اللي كنت سامعه وحاسس بيه وقتها هو صوت نبضات قلبي واصوت خطوات كتير من حواليا ومعاها اصوات أنفاس لناس المفروض إنهم واقفين حواليا برضه بس انا مش شايفهم بسبب الضلمة، فضلت واقف مكاني لثواني كده لحد ما بدأت امسك نفسي واتحركت خطوات بطيئة وانا بنادي على جمال، لكن فجأة وأول ما اتحركت حسيت بأيد على كتفي اليمين، حسيت كأن في حد واقف ورايا وحاطط أيده على كتفي من ورا، أول ما حسيت بالأيد دي طلعت اجري وانا بنادي على جمال بصوت عالي لحد ما فجأة وغصب عني طبعًا وبسبب الضلمة اتكعبلت في حاجة على الأرض ماعرفش أيه هي، لكني أول ما اتكعبلت ووقعت على وشي ماحستش بأي حاجة ولا بقيت سامع أي أصوات لأني كنت تقريبًا بدأت اغيب عن الوعي..
