قصة مستشفى الشرقيه الفصل الاخير بقلم محمد شعبان


قصة  مستشفى الشرقية.....

الجزء الاخير


أول ما حسيت بالأيد دي طلعت اجري وانا بنادي على جمال بصوت عالي، لحد ما فجأة وغصب عني طبعًا وبسبب الضلمة، اتكعبلت في حاجة على  الأرض ماعرفش أيه هي، لكني أول ما اتكعبلت ووقعت على وشي ماحستش بأي حاجة ولا بقيت سامع أي أصوات لأنِ كنت تقريبًا بدأت اغيب عن الوعي..

(أحمد.. ياض يا أحمد.. أصحى ياض الساعة بقت ٩.. يا أخي قوم بقى ورانا شغل كتير النهاردة)

لما قومت من النوم وبصيت حواليا؛ لقيتني نايم في الأوضة زي ما انا، قومت من النوم وانا مفزوع وببص حواليا وانا عمال استعيذ بالله من الشيطان الرچيم، جمال أو ما شاف شكلي وانا صاحي من النوم بص لي باستغراب كده وقال لي..

-مالك يا ابني قايم من النوم مخضوض كده ليه؟!

حكيتله على اللي حصل لي بالليل وعن اللي شوفته، لكنه فضل يضحك عليا وقال لي بعد ما خلصت كلامي..

-انت بتخرف بتقول أيه يا احمد، انا أول مرة اعرف انك خواف للدرجة دي يا جدع، وبعدين واضح من اللي حكيته أن كل اللي انت شوفته ده كان حلم، استهدى بالله كده وقوم يلا عشان نغسل وشنا ونكمل شغل.

قومت وخرجت مع جمال برة الأوضة، لكننا لما خرجنا لقينا باب الحمام مقفول بقفل زي بقية الأوض، أول ما شوفت باب الحمام انا قلبي فضل مقبوض لحد ما جمال راح فتحه ودخل الحمام، دخلت معاه لما قال أن الحمام  ده مافيهوش ماية بسبب أن المحبس بتاع الماية بتاعه بايظ ومش راضي يفتح، بس الغريب في الموضوع بقى أن انا لما دخلت الحمام لقيت شكله زي ما شوفته بالليل بالظبط، معنى كده ايه طيب، هل اللي انا شوفته ده كان حلم ولا الحقيقة؟!

في الحقيقة ماكنتش عارف ولا لاقي تفسير لحد ما جمال فوقني من سرحاني وطلعنا للدور الخامس غسلنا وشنا، وبعد كده نزلنا جيبنا فطار وفطرنا مع عم عطية.. عم عطية اللي واحنا بنفطر معاه سألته سؤال كان في بالي من ساعة ما صحيت..

-عم عطية، هو انت امبارح بالليل طلعتلنا المبنى؟!

لما سألته السؤال ده وشه اتاخد كده وبعدين قال لي..

-لا يا ابني.. انا مادخلتش  المبنى امبارح بالليل ولا بدخله أصلًا في أي وقت متأخر، انا بنام من الساعة ١٠ عشان متعود اصحى الساعة ٦ الصبح، خير يا ابني هو انت شوفت حاجة؟!

لما قال لي كده بصيت لجمال وبعد كده بصيت له تاني وقولتله..

-حاجة زي أيه يعني؟!

وقتها جمال ضحك وقال لعم عطية..

-معلش يا عم عطية، أصل احمد امبارح حلم بكابوس وكان بيتهيأله أن حد نده عليه وحوارات كتير كده، ماتخدش في بالك يا راجل يا طيب ويلا نكمل فطار عشان احنا النهاردة ورانا شغل كتير.

بصراحة طريقة كلام جمال وبروده كانوا مخليني هاين عليا اقوم امسك في زمارة رقبته، لكني في النهاية تمالكت نفسي وكملنا فطار في صمت لحد  ما خلصنا، بعد ما فطرنا طلعنا الدور الرابع ونضفناه وبعد ما خلصنا تنضيفه، نزلنا للدور التالت اللي خلصنا تنضيف نص الأوض بتاعته تقريبًا، ساعتها كانت الدنيا لَيلت ف نمنا انا وجمال في أوضة من الأوض اللي نضفناها زي الليلة اللي فاتت، بس ليلتها بقى شوفت كوابيس ألعن من اللي شوفتها في الليلة اللي قبلها لحد ما صحيت الصبح على صوت جمال برضه وهو بيصحيني..

عدى حوالي يومين واحنا شغالين في المبنى الرئيسي للمستشفى وانا كل ليلة بشوف كوابيس، وطبعًا جمال مش دريان بأي حاجة ولا بيشوف اللي انا بشوفه لحد ما في يوم حصلت حاجة غريبة اوي  انا مالقيلتلهاش تفسير، يومها كنا وصلنا تقريبًا في التنضيف لنص الدور الأول، كنا ساعتها بعد العصر وأستاذ حمادة المشرف بتاعنا كان موجود في المستشفى وجمال كان بينضف في أوضة وانا كنت بنضف في أوضة، بس أثناء ما كنت في الأوضة اللي بنضف فيها شوفت كراكيب أو مُعدات تالفة وتحتهم كان في بالطو جلد لونه أسود غرقان دم، أول ما شوفت البالطو ده خرجت جري لأستاذ حمادة وانا بقول له..

-أستاذ حمادة الحق يا أستاذ حمادة.

بص لي باستغراب هو وعطية اللي كان واقف معاه وقال لي..

-مالك يا احمد شكلك مخضوض ووشك اصفر كده ليه؟!

رديت عليه وانا بحاول امسك نفسي قدامه عشان مايبانش اني خايف..

-لا لا مافيش.. انا بس لقيت حاجة غريبة في أوضة من الأوض وعاوزك تيجي تشوفها انت وعم عطية.

لما قولتله كده بص لي باستغراب اكتر وسألني..

-حاجة أيه خير؟!

رديت عليه وقولتله وانا قلبي بيدق بسرعة..

-تعالى بس معايا وانت هتشوف بنفسك.

لما دخل استاذ حمادة وجمال وعم عطية وانا معاهم في الاوضة لقينا نفس المعدات والبالطو زي ما هم، بس المختلف بقى أن البالطو كان مليان تراب وماكنش فيه نقطة دم واحدة.. على عكس ما كنت شايفه من ثواني، وقتها استاذ حمادة بص لي باستغراب وقال لي..

-هي فين الحاجة الغريبة دي يا احمد، انا مش شايف غير مُعدات مليانة تراب وبالطو اسود تقريبًا حد نسيه هنا، هو في أيه؟!

لما قال لي كده بصيت للبالطو وانا مصدوم وبعد كده بصيت لعطية ولجمال وقولت..

-والله العظيم تلاتة البالطو ده كان مليان دم من شوية، كان دم باين إنه دم جديد لأنه كان مبهدل الأرض والمعدات حوالين البالطو.

ساعتها بص استاذ حمادة لجمال وقال له..

-كمل انت يا جمال تنضيف الأوضة دي وخلي احمد ينضف أي أوضة تانية، لأن واضح إنه بيتهيأله وبيتخيل حاجات مش موجودة.... وياريت لو تنجزوا وتشدوا حيلكوا شوية، وتسيبك بقى يا احمد من الكلام الفاضي ده لأننا المفروض نسلم المستشفى لعمال التشطيبات كمان كام يوم.

بصراحة كنت واقف قصاده وانا مش عارف انطق ولا اتكلم، أنا متأكد من اللي شوفته، وفي نفس الوقت مكانليش عين اتكلم لأنهم لما دخلوا معايا مالقوش لا دم ولا اي حاجة من اللي شوفتها، عشان كده سمعت كلام استاذ حمادة وخرجت نضفت أوضة تانية وجمال كمل تنضيف في الاوضة دي وفضلنا مكملين شغل لحد بعد المغرب كده، طبعًا وقتها كان استاذ حمادة مشي وعم عطية كان راح قعد في أوضته، أما انا وجمال بقى بعد ما خلصنا تنضيف  المبني جهزنا الأكياس أو الأغلفة بتاعت التكييفات والمفروض أننا كنا هنطلع السطح عشان ننضف الأجهزة من فوق وبعد كده نحط عليها الأكياس بتاعتها زي ما استاذ حمادة قال، في الوقت ده جمال قال إنه هيروح يشرب شاي مع عم عطية عقبال ما انا أغسل الاكياس بتاعت التكييفات بماية، وبعدين هيبقى يجيلي عشان نطلع سوا نحطها على التكييفات اللي في السطح، خرج جمال من المبنى وانا فضلت انضف في الاكياس لحد ما اتفضل كيس أخير كنت بنضفه، وقتها جمال دخل من باب المبنى وقال لي يلا عشان نطلع السطح سوا، خلصت بسرعة تنضيف الكيس الأخير وطلعت انا وهو عشان نغلف التكييفات، لكن في الوقت اللي كنت انا شغال فيه تغليف.. لفت نظري مبنى صغير كده جنب المبنى الرئيسي، والمبنى ده كان عم عطية قال لنا قبل كده إنه كان مبنى المشرحة، اللي لفت نظري أكتر للمبنى ده؛ هو أن انا لقيت الأنوار بتاعته مفتوحة ولمحت جواه حد أو شخص لابس لبس أبيض أو تحديدًا يعني ملاية بيضا، الشخص ده كان عمال يروح ويجي جوة دور من الأدوار، وقتها انا اتسمرت في مكاني وماقدرتش اكمل اللي كنت بعمله لحد ما فجاة لقيته واقف في مكانه وبص لي بصة عمري في حياتي ما هنساها، كان واقف بيبصلي وهو  مبرق اوي وانا ماكنتش عارف اعمل أيه، غصب عني من الخوف ماقدرتش اتحرك لكني بدأت انده على جمال اللي كان واقف ورايا وقولتله بصوت واطي..

-جم جم جم جماال.. تتعالي بببص.

لما قولت كده جمال ماردش عليا ف لفيت وشي عشان اشوفه هو مابيردش ليه، بس المصيبة بقى ان انا لما لفيت مالقتش جمال ولقيت نفسي واقف لوحدي في السطح، في نفس الوقت ده سمعت صوت جمال وهو بينده عليا من تحت وبيقولي..

-ياض يا احمد.. الله يخربيتك يا شيخ.. انت طلعت لوحدك، مش انت يا ابني قولت إنك هتستناني لحد ما اجي وهنبقى نطلع سوا؟!

أول ما سمعت صوت جمال خدت بعضي ونزلت جري من السطح وحكيتله على اللي شوفته، بعد ما حكيتله بص لي باستغراب كده وقال لي..

-يا ابني انت بتقول أيه، انا مادخلتش المبنى إلا دلوقتي، انا لسه مخلص الشاي مع عم عطية وماطلعتش معاك ولا حاجة، وبعدين تعالى يا سيدي السطح اما نشوف المبنى المنور والرجل الغريب اللي بيبرقلك ده.

طلعت انا وهو السطح والمصيبة السودة بقى أننا لقينا المبنى مضلم زي ماهو ومافيهوش أي حاجة غريبة، في الوقت ده جمال فضل يضحك عليا وكملنا شغل  لحد ما تعبنا ونمنا، ليلتها بقى ماعرفتش انام وفضلت صاحي لحد تاني يوم الصبح؛ ومع طلوع النهار روحت لعم عطية وحكيتله على كل البلاوي اللي بشوفها من يوم ما جيت المستشفى المنيلة دي لحد اللي حصل في السطح، بعد ما حكيت لعم عطية على اللي حصل معايا كله لقيته قال لي..

-بص يا احمد يا ابني.. بصراحة كده المستشفى هنا مهجورة من خمس سنين وفجأة كده صاحبها افتكر انه يفتحها ويشغلها تاني، انا شغلتي هي بس حارس او بواب على المستشفى، وطول ما هي مقفولة انا مابدخلهاش لا ليل ولا نهار، ولو هتسألني ليه المستشفى فضلت مقفولة الوقت ده كله وليه اتقفلت أصلًا ف خليني احكيلك الحكاية من الأول؛ من حوالي خمس سنين وقبل ما المستشفى تتقفل أنا كنت شغال حارس بوابة زي ما انا دلوقتي كده، في يوم جالنا مريض حروق واللي عرفته إنه كان مولع في بعض أجزاء من جسمه في محاولة للانتحار لكنها فشلت.. الشاب ده يا ابني كان مدمن مخدرات وكان دايمًا بيعمل مشاكل مع أهله، واخر مشكلة بينه وبينهم انتهت بمحاولة انتحاره، المهم  دخل الشاب ده المستشفى وطلع الدور الرابع بتاع الحروق، بدأوا الدكاترة يتعاملوا معاه على إنه مريض عادي جدًا، لكن اللي مش عادي يا ابني هو صوت صراخه بسبب احتياجه لجرعة المخدرات اللي ماكنش واخدها، وقتها كل العاملين واللي شغالين في المستشفى صحيوا مش عشان صوت صراخه وبس لأ.. الكل صحي لأن البيه كان عاوز الدكاترة يدولوا مخدرات، ولما طبعًا رفضوا وحاولوا يهدوه بمسكنات قام من على سريره ومسك مشرط وطعن بيه دكتور وممرضة وأصاب عامل بأصابة خطيرة، الدكتور والممرضة ماتوا والعامل اتنقل للرعاية، والمريض ده بعد ما عمل كده قتل نفسه بنفس المشرط، اتلموا الدكاترة عليه وانتهى الموضوع بتشريحه وبمعرفة السبب اللي خلاه ينتحر، واللي هو طبعًا احتياجه لجرعة مخدرات مع الألم القوي اللي كان حاسس بيه وقتها بسبب الحروق، المهم من بعد اللي حصل ده وكل اللي في المستشفى كانوا بيسمعوا حاجات غريبة وياما دكاترة وممرضين وممرضات زي الورد قالوا إنهم بيشوفوا عفريت الجدع المحروق ده.. الموضوع مانتهاش لحد هنا وبس لأ، الموضوع اتطور لما كنا بنلاقي بعض الدكاترة الصغيرين منتحرين في أوضهم بمشارط، اللي مرة يقطع شرايينه ومايتلحقش، واللي مرة يدبح نفسه، والغريب بقى أن كل اللي انتحروا دول كانوا بيقولوا قبل ما يموتوا إنهم شافوا شبح الشاب المحروق، كترت حوادث الانتحار وماحدش بقى راضي يشتغل في المستشفى دي بسبب سمعتها.. وعشان كده اتقفلت لسنين، وطبعًا كل ما كان مدير المستشفى يجي يشغلها او يجددها تحصل مصيبة والموضوع مايكملش، ولو هتسأل عني انا.. ف خليني اقولك إنِ ما بتنقلش من أوضتي لوحدي.. لا ليل ولا نهار، ولو هتقولي ليه ماحكيتلكش من الأول عن اللي انا عارفه ده، ف انا هقولك إنِ خوفت ا حكيلكوا لا تقولوا عاوز امشيكوا او اقطع عيشكوا لا قدر الله.. بس بيني وبينك يا ابني ونصيحة من رجل قد ابوك، امشي.. خد جمال صاحبك وامشي لأن المستشفى هنا وخصوصًا المباني بتاعتها مش أمان.. مش أمان لا لعامل ولا لممرضين ولا لدكاترة ولا حتى لعيانين، انا نفسي امشي من هنا والله يا ابني لكن للأسف انا ماليش شغلانة غير دي، وبرضه انا مابشوفش حاجات تشيب لأن بفضل قاعد طول الوقت برة المستشفى ومابدخلهاش.

بعد ما خلص عم عطية كلامه روحت لجمال وحكيتله على اللي حصل وبعد كده سَمعته بودنه من عم عطية كل حاجة، طبعًا وقتها جمال اقتنع لما سمع  الحكاية من عم عطية وخد بعضه وراح لم حاجته ولملي حاجتي معاه ومشينا من المستشفى دي نهائيًا، واللي عرفته بعد كده ولغاية وقت قريب انها ماتفتحتش بسبب أن عم عطية لقوه ميت في أوضته بسكته قلبية قبل الافتتاح اللي كان هيتعمل وقتها، في الحقيقة انا عارف انك ممكن ماتصدقنيش لكن خليني اقولك أن مافيش حاجة في الدنيا ممكن تخليني اكدب او اقول حكاية ماحصلتش؛ انا فعلًا شوفت الويل في الكام يوم اللي قضيتهم في المستشفى دي وحقيقي كمان الرجل اللي اسمه عم عطية ده صعبان عليا اوي.. مافيش لقمة عيش تستاهل انك تموت علشانها، واكبر دليل على كده أن انا دلوقتي ربنا كرمني وبقيت شغال شغلانة محترمة بمرتب مش كبير اوي  لكنه كويس ومعيشني انا وأهلي.. وأما عن جمال ف هو بيشتغل معايا في نفس المكان اللي بشتغل فيه حاليًا، وكل ما نفتكر أيام المستشفى يضحك ويقولي أنه ماشافش حاجة لكنه سابها بسبب كلام عم عطية الله يرحمه...

حكيتلك الحكاية زي ما حصلت معايا واتمنى انك ماتذكرش لا أسم المدينة اللي فيها المستشفى ولا أسم المستشفى وماعنديش أي مانع من أنك تقول أسماء الشخصيات زي ما هي، وياريت اللي هيسمع حكايتي دي او هيقراها يقولي تفسير للي شوفناه، ويقولي كمان ليه جمال ماشافش حاجة غريبة وانا بس اللي شوفت...


"دي كانت حكاية او قصة حكاها أحد المتابعين وهو اسمه أحمد ومن محافظة الشرقية، فكرة التصديق من عدمه حضرتك كقاريء اللي تحددها  مش انا، لكن لو هنفترض ان القصة دي حصلت بجد.. ف أيه تفسيرك للي احمد شافه، وليه جمال ماشافش حاجة، وليه عم عطية مات قبل افتتاح المستشفى بأيام؟!


                    النهاية

لقراءة باقي القصه اضغط هنا 

تعليقات



<>