الجزء الأول .. والثاني
بقلم ليلى مظلوم
-هل تريدين المال ؟؟؟خذي هذا ثمنك لقاء خروجك معي إلى الحفلة ..لست مغرما بك ولا بحضورك اللافت ..فأنت لا تعنين لي شيئا. مجرد دمية جميلة
أتباهى بها أمام أصدقائي ..وما عليك إلا التظاهر بأنك تحبينني إلى حد الجنون لأرى نظرات الحسد والغيرة في عيون الجميع ..يا جوليا!!
تسمرت جوليا بعد هذا الكلام للحظات ..ولم تعرف بماذا تجيب كمال ذلك الشاب المهووس بإعجاب الناس به ..أو المدعين ذلك لماله ومركز والده المرموق ..وفتحت عينيها على مصراعيهما ..بالرغم أن
الواقف أمامها لا يفاجئ أي أحد بغطرسته وتمرده ..وقلة الذين يواجهونه في الحقيقة خشية النتائج ..وتمتمت بحنق :أشفق عليك حقا !!
ثم أكملت طريقها غير آبهة بما قد يفعله ذلك المجنون ..وما كان منه إلا حمل السلاح بين يديه وأطلق طلقة في الهواء محذرا إياها إكمال طريقها ..كان ذلك الصوت المدوي كفيلا بوقوفها للحظات ..فاقترب منها كمال وقال :
-لقد غيرت رأيي ستخرجين معي مجانا ..ولا تضطرني إلى فعل أشياء مقيتة أنت تدركين جيدا أنني قد أفعلها..
أما الفستان الذين أريد منك ارتداؤه سيصلك إلى المنزل ..فهذا اللباس الذي أراه يكسو جسدك لا يليق بعشيقتي ..
ارتجفت شفتا جوليا ..وقالت بخوف وتمرد :
-حسنا !
-يوبي… هذا ما كنت أتوقعه من فتاة ذكية مثلك ..في الساعة السادسة 🕕 أريدك أن تكوني بالقرب من الجامعة حتى لا أدخل بسيارتي إلى حيكم البئيس ..
لم تنبس جوليا ببنت شفة ..أما كمال فعاد إلى سيارته الفارهة وأشغل المذياع بأعلى صوته… ثم مر أمام جوليا وكأنه يقود طائرة ..وتوجهت الأخيرة نحو منزلها سيرا على الأقدام وهي تفكر كيف ستتخلص من هذا المأزق الذي وضعت نفسها فيه ..وما إن وصلت إلى باب المنزل حتى تغيرت ملامحها ..فسيارة حسان ابن خالتها تركن خارجا ما يدل أنه قد أتى لزيارتهم ..وهو صديقها المفضل منذ أيام الطفولة ..أيعقل أن القدر ساقه حتى تشكو إليه ما حدث معها ؟؟وهل سيقدر على مساعدتها بغير النصائح ..هذا ما خطر إلى بالها قبل أن تطرق الباب ..وكان هو الذي فتح لها ..وبمجرد أن لاقتها عينيه حتى عبس خائفا :
-ما بك يا جوليا ؟!
-لا شيئ أنا متعبة قليلا ..
-إن أردت نذهب لنتمشى قليلا ..
-لا أبدا ليس هناك أي شيئ اطمئن ..
ولم تكمل كلامها حتى أطلت أمها لتقول مازحة :
-أنتما الإثنان تخيفاني بهمساتكما ..ماذا هناك ؟؟
-لا شيئ يا أمي !
-حسنا ادخلي هناك مفاجأة لك !!
-مفاجأة !!
واحمر وجه حسان خجلا ..ثم قال :
-لقد أحضرت خطيبتي كي تتعرف إليكم وهي تعي جيدا المكانة التي تحظون بها في قلبي .وأصرت على المجيئ للتعرف إليكم ..
ما إن سمعت جوليا بكلمة خطيبتي ..حتى شعرت بوخز في قلبها ..فأخيرا جاء من يخطف حسان منها ..ولم تدرِ إن كانت غيرة حب أم غيرة مصلحة ..ولكنها استجمعت قواها وقالت :
-مبارك لك يا حسان !!
ثم دخلت إلى المنزل وهي تقول لنفسها كيف يطلب مني أن نذهب لنتمشى ..وخطيبته ضيفة عندنا ..أيعقل أنه أبله لدرجة يظن فيها أن أسراري ستكون بحوزته وحوزة خطيبته ..إنه مجنون حقا! … والآن لم يعد له في قلبي أي اعتبار ولا بد أن أنساه وأحاول حل مشاكلي بمفردي..
ثم رسمت على وجهها ابتسامة مصطنعة لترمق بها ضيفتها ..وتفاجأ بأنها تعرفها من قبل ..تعرفها جيدا ..إنها زميلتها إن صح التعبير وهي ضحية من ضحايا كمال فقد رأتهما معا مرات عديدة في الجامعة وهما يتبادلان الأحاديث والضحك وحتى المال .. أما الضيفة فقد ابتسمت بكل برود وقالت مرفرفة عينيها :
-يا للصدف ..ألست جوليا ؟؟أنت ابنة خالة حسان إذاً..تشرفنا !!
-إن كنت أعرفك من البعيد ..كيف تعرفينني أنت ؟؟
-نتحدث في هذا الموضوع لاحقا !!
-حسنا…
وهنا تدخل حسان مبتسما :
-حبيبتي وأفضل صديقة لي يعرفان بعضهما مسبقا ..وكل واحد في جامعة مختلفة ..وطباع مختلفة ..ما الذي قد يجمع بينكما ؟؟أريد أن أعرف حالا !
قالت جوليا بلهجة مهددة راشيل خطيبة صديقها :
-هل حقا تريد أن تعرف من هو الذي يجمع بينا ..؟؟لا أظنك ستفرح عندما تعرف ذلك !!أليس كذلك يا…
-راشيل.. اسمي راشيل !!
وقبل أن تكمل كلامها قرع الباب ..وذهبت والدة جوليا لتفتح فوجدت رجلا غريبا في الخارج ويحمل بين يديه طردا معينا وطلب منها التوقيع ..فاستلمت الطرد مستغربة ..وبدأت دقات قلب جوليا تتسارع فقد تذكرت كمال عندما وعدها بإرسال الفستان الخاص بها .ولكن ما باله مستعجلا هكذا ؟تبا له من شاب وقح ..وقالت بلهجة مترددة :
-أعتقد أن الهدية تخصني يا أمي ..
-ممن ؟وما المناسبة ؟
-أخبرك لاحقا ..
ثم أخذت الطرد وتوجهت نحو غرفتها مستعجلة بعد أن أخذت الإذن ..وهنا ألح حسان على راشيل ليعرف من أين تعرف جوليا وما هو القاسم المشترك بينهما ..
وحاولت الأخيرة تشتيت السؤال ولكن لا بد من الكلام في نهاية المطاف ..فهمست له أنها ستخبره لاحقا ..مما دعاه إلى الاستعجال بالذهاب ..
وفي الطريق قال لها :
-كلي آذان صاغية ..هاتِ ما لديك !!!
رواية سر الحياة
الفصل الثانى2
بقلم ليلي مظلوم
ها هي الساعة تشير إلى السادسة ..ولا زالت جوليا في غرفتها تنظر إلى الفستان باستغراب وقد أقفلت هاتفها ..لا بد أن كمال يتصل بها في هذه الأثناء
وهيا مطمئنة أنه لن يحضر إلى حيهم لأخذها بالقوة ..ولكن ماالذي قد يفعله بها في الجامعة غدا هذا ما خطر إلى بالها في تلك الأثناء… السادسة وخمس دقائق ..والجو لا زال هادئا ..وتنفست جوليا الصعداء… وشعرت بأمان مهدد بين الحين والحين…
وما هي إلا ثوان معدودة حتى طرقت والدتها الباب ..فقامت بإخفاء الفستان تحت السرير وتنهدت بعمق ..ثم فتحت الباب وهي مرتبكة ..فقالت لها أمها :
-ليس من عادتك أن تقفلي الباب ..هل هناك خطب ما ؟؟
-لا لااااا ..ماذا تريدين يا حبيبة قلبي هل قلقت علي؟
أكملت كلماتها ثم طبعت على جبين أمها قبلة امتنان وحب ..فأجابتها:
-لماذا تقفلين هاتفك؟؟ لقد اتصل حسان بي ..وطلب منك التحدث إليه .وسيكون هنا بعد قليل ..ولكن في صوته رجفة قلق 😟 لم تعجبني !!!أخبريني ما الذي يجري ؟؟أنا أمك وأكثر إنسانة تحبك في هذا العالم !
-غريب !!ولكن كيف له أن يترك خطيبته ويأتي إلى هنا ..أم أنه سيحضرها معه مجددا ؟؟
-هل تغارين منها ؟؟
كان هذا السؤال وقعه كالنار على قلب جوليا ..فهي نفسها لا تعرف سبب الوخز الذي يسيطر على قلبها ..علما أنها هي من ألحت كثيرا على حسان حتى يخطب ويستقر… ولكن عندما فعل ذلك حقا ..كان الأمر مؤلما ..
-أمي أنا لا أعرف حقا ماذا أقول لك ..
-إذن !!!
-لا شيئ ..اتركي الأمور على ما هي عليه…
-ولكن أتعلمين أنني أتمنى رؤيتك سعيدة ..لذلك لم أعلق كثيرا على رفضك للعرسان الذين يتقدمون لخطبتك ..ماذا تنتظرين ؟؟إن كان حسان هو السبب ..!!
فقاطعتها مزمجرة :
-لا ليس هو ..لننس الامر ..
وسمعت صوت سيارة حسان فهي تعرف هديرها ..وتعرف حتى طريقة مشيه وتنفسه ..ولكن مهلا هناك صوت سيارة أخرى ..من تراه يكون ..؟؟
وأطلت من النافذة لترى راشيل محاولة إيقاف حسان ..فهرعت وفتحت الباب.. ثم أطلت عليهما بوجه مستغرب ..
-حسان ..راشيل !!
قال حسان بصوت غاضب 😠 :
-تعالي إلى هنا!! لماذا لم تخبريني بأمر ذلك المعتوه؟؟!!
-عمن تتحدث ؟؟
-عن السيد كمال !!
-ولكن هل سنتحدث هنا أمام الباب كي يسمع الجيران ؟؟؟
ثم التفتت إلى راشيل وقالت بعتب :
-لقد أخبرته إذاً… ولكن هل أخبرته كل شيئ أم ابتلعت الجزء الذي يخصك ؟؟
ولطمت راشيل وجهها مستنكرة هذا الكلام ..ثم نظرت إلى حسان برجاء وهمست :
-أرجوك دعنا نذهب من هنا !!
-لن أرحل حتى أفهم كيف سمحت الآنسة جوليا لنفسها بأن يستغلها ذلك ل…
وهنا صرخت جوليا في وجهه :
-خذ خطيبتك وارحل من هنا لا علاقة لك بي ..هل فهمت ..كنت صديقا لي في يوم من الأيام والآن لم تعد تعني لي شيئا ..
وما إن أكملت كلامها حتى سمعت صراخ 😱 والدتها وهي تنهرها عن قلة أدبها ..وتصر على معرفة ما يجري ..
أما حسان فاقترب من جوليا ..وقال لها:
-أحقا تريدين إلغاء الصداقة بيننا ؟؟حسنا لك هذا ..وتأكدي أنني لن أزعجك ثانية ..
ثم صعد إلى سيارته ورحل أمام ناظريّ الجميع ..
أما راشيل فقالت لجوليا :
-أظن أننا يجب أن نتحدث أليس كذلك؟؟
-ليس هناك أي حديث بيننا !!
ووالدة جوليا وقفت مذهولة وتكاد تجن حتى تعرف ما سبب كل هذه الفوضى ..فغمزت لها راشيل ..وهمست :
-ثقي بي يا خالة ..
وأشارت إليها بتركها مع جوليا ..
ثم خطت خطوات بطيئة ومتثاقلة نحوها وبعدها وقفت مقابلا لها وهي تقول :
-أتعلمين أن كمال اتصل بي وأراد مني أن أحضرك إليه بالقوة؟؟!!
-وهل ستفعلين ذلك؟؟
-كلا… وقد هددني بإخبار حسان بكل شيئ ..ولكنني سأخبره بنفسي..
-ألا تخشين أن ينفصل عنك؟؟
-هل تريدين أن نتكلم كصديقتين ؟؟!!!
قالت راشيل جملتها ومدت يدها لتصافح جوليا… فنظرت جوليا إلى يديها ..وقد تصاعدت زفراتها ..وبدت كأنها تفكر بعمق ..ثم قالت بعينين مغمضتين ولهجة يشوبها الإجبار :
-حسنا ولكن لمدة وجيزة فقط ..أريد أفهم ما الذي يجري ..
-موافقة ..
ثم ابتسمت لها ..وأمسكت يدها ..وجلستا سوية في المقعد الخلفي للحديقة.. وكانت راشيل تحدق في الأرض وكأنها تبتلع نهرا من الكلمات ..إلى أن فاجأها اتصال كمال… ونظرت إلى جوليا مذعورة…
