روايه أحنا اتقابلنا قبل كده
( الجزء الرابع )
بقلم ياسر عوده
توقفنا فيما سبق حينما اتت هند وسئلت عابد هل يحبها ام لا ؟
لم يكن عابد يتوقع من هند ان تاتى فى مثل هذا الوقت لتسأله هذا السؤال ، لم يتحدث بكلمه ظل فى حاله صدمه ، وحينها تحدثت هند وقالت : انت ساكت ليه ، مترد مش محتاجه تفكير قول اى حاجه انا متقبلها ، قولى اه او لا ؟
عابد : هو حد قالك قبل كدا ان انتى مجنونه ، كان ممكن تستنى لبكره او حتى تتصلى بيا بدل ما تيجى فى السقعه والبرد ده ؟
هند : انت ليه مهتم بالتفاصيل وسايب اصل الموضوع ؟
عابد : هى دى تفاصيل ، دا اصل الموضوع ، انا قولت حصل مصيبه لا قدر الله ؟
هند : تمام يا سيدى انا مجنونه ايه المشكله ، من الواضح انى كنت بتوهم ، هسيبك تكمل نومك ، ثم بداءت هند بالتحرك للخروج من الشقه ولكن اوقفها صوت عابد حينما قال : مش هتندمى لو ارتبطى بواحد اعمى .
هند : كل اللى عرفاه انى ضمنت ان لو اتجوزتك مش هتبص لوحده غيرى .
عابد : انتى حره بقى ، وعلى فكره انا بحبك من فتره كبيره ، بس مكنتش اقدر اصرحك بكدا علشان خفت ترتبطى بيا من باب الشفقه .
هند : اولا الكلمه دى تبطل تقولها ، ثانيا ممكن اخد حضن منك ؟
تبسم عابد وقال : طبعا ممكن ، ثم فتح عابد ذراعه وحضنته هند بقوه وقالت له : الجو بره سقعه اوى .
اخذ عابد يضحك بشده ، وضحكت هند هى الاخرى .
لم يمضى يومان حتى قام عابد باحضار دبل خطوبته على هند ، واقاما الاثنين حفله خاصه بهم بمفردهم ، فليس لهم احد يحتفل بهم ، ومنذ ذلك الوقت دبت السعاده بقلب الاثنين ، وتحسنت الحياه اكثر فكل واحد منهم تألق فى عمله ، فعابد مع مرور الوقت اصبح معروف بالوسط الفنى ، واصبح مطلوب للعمل فى الكثير من البرامج الصوتيه ، وزياده على ذلك اصبح مطالب للعمل خارج مصر باحدى الدول العربيه ، اما هند فاصبحت من اشهر عارضات الازياء بمصر وبداء مصممى الازياء يطلبونها بالدول الاوروبيه للعمل فى عروضهم .
اقترب وقت زفاف عابد على هند ، فخطوبتهم ظلت ثلاثه سنوات تقريبا ، واتفقا الاثنان ان يتزوجا بعد ان يعود عابد من اشتراكه باحدى برامج المطلوب للعمل بها بدبى بدوله الامارات ، وقامت هند بتوصيل عابد الى المطار لتودعه ، وقالت له : اوعى عيناك تزوغ على وحده كدا ولا كدا ؟
تبسم عابد وقال : انتى هبله ، نسيه ان انا اعمى ، هتزوغ عنيا ازاى ، وبعدين مش انتى اللى قولتى ان من مميزات الاعمى انه مش هيبص لاى وحده ؟
هند وهى مبتسمه : دا كان زمان ، دلوقتى انت مشهور وفى بنات كتير عرفاك .
عابد : انا بردو اللى مشهور ، دا انتى اللى بقيتى اشهر من النار على العلم .
هند : عمرى ما عرفت اغلبك بالكلام ، يلا علشات تلحق طيارتك ؟
عابد مد ايده ليسلم على هند وقال : اشوف وشك بخير .
هند : هو انت مودع واحد صحبك علشان تسلم عليا بايدك ، ثم قامت بحضنه وقالت : ماتتاخرش عليا ، وكلمنى كل يوم ، وخل بالك من نفسك ، واياك تنسانى .
عابد : هو انا اقدر انسى قلبى ، انا قلبى هو اللى يعرفك ، اقولك سر ؟
هند : قول ؟
عابد : من ساعت ما عرفتك ، كل مره اسمع صوتك فيها ، قلبى يفضل يدق بصوت عالى ، لدرجه انى كنت بخاف تسمعيه ، ويفضل يعمل كدا وسعات بحس بنغزه من كتر دقاته .
ضحكت هند ونظرت الى عابد وقالت : دا انت بقيت شاعر كمان ، بطل بكش يا عم انت ، ويلا الحق طيارتك .
عابد : لا خلينى فى حضنك مان شويه .
هند : اتلم ، عوزه اقولك ان الناس اللى رايحه وجايه بيتفرجوا علينا ، هههههههه
عابد : هتوحشينى ، ثم ترك عابد حضنها وبداء يتحسس طريقه وساعده احد رجال الامن بالمطار للصعود الى الطائره ، ورحل عابد من القاهره ، الى دبى .
وصلت الطائره بمطار دبى ، استقبله احد المكلفين برعايته اسناء وجوده بدبى ، وقام بتوصيله الى الفندق المقرر اقامه عابد فيه ، طبعا اول حاجه فكر فيها عابد هو الاتصال بهند ، وظل يحدثها عما حدث معه منذ ان تركها حتى وصوله للفندق ومحادثتها .
لم يمر ساعتان فى اى يوم الا وكان هناك مكالمه دائره بين عابد وهند ، كل واحد منهم يتحدث مع الاخر ويحكى له ماذا حدث معه ، ظل عابد فى دبى عشر ايام فقط ، واخيرا انتهى عمله ، حتى ان الجميع اشاد به ، وحان اخيرا وقت عودته للقاهره ، وحينمى غادر الفندق مع الشخص الموض لاصطحابه للمطار حدث ما لم يكن بالحسبان ، ففى اثناء الطريق انفجرت احدى اطارات السياره ، وانقلبت السياره عدة مرات .
تم نقل المصابين الى اقرب مستشفى ، كان من ضمنهم عابد ، وحينمى قام احد الاطباء وجد حالته حرجه للغايه لذلك طلب من الممرضه سرعه نقله الى غرفه العمليات ، فلقد حدث لعابد نزيف داخلى بالمخ ، كما هناك كسور كثيره بضلوعه واطرافه .
ظل عابد بغرفه العمليات قرابه الثلاثه ساعات ، واخيرا لم يصمد اكثر من ذلك ، فاثناء الجراحه قالت الممرضه للدكتور : التنفس وقف يا دكتور ؟
الدكتور : صدمات كهربائيه بسرعه ، واتأكدى من حاله القلب ؟
الممرضه : مفيش فايده يا دكتور ، التنفس قاطع .
فحص الطبيب عابد بنظره سريعه وقال : الرئه متدمره ، بس القلب لسه بحاله كويسه ، ثم صمت عده لحظات وكانه بيفكر فى شيء كبير ثم قال : اتحضروا لعمليه نقل قلب بسرعه ؟
الممرضه : نقل قلب ايه يا دكتور ، المريض مات ومفيش نفس ؟
الدكتور : انا عارف ان المريض مات ، احنا هنعمل عمليه نقل قلب من المريض ، مش هنحطله قلب .
الممرضه : انت عارف ان العمليات دى بتحتاج ورق وموفقه من اهل المتبرع ، انت كدا بتعرض نفسك والمستشفى للخطر يا دكتور ؟
دكتور : هو انتى مقرتيش ملف المريض ، دا مش من الامارات ، دا مصرى ، يعنى مستحيل نقدر ناخد موفقه اهله وعقبال ما نعمل كدا هيكون القلب مات ومفيش منه اى فايده ؟
الممرضه : يا دكتور يبقى بلاش من العمليه دى ؟
دكتور : فى مريض فى المستشفى محتاج نقل قلب ، ولو محصلش الموضوع دا خلال اسبوع هيكون مات ، ايه المشكله لو خدنا القلب من واحد ميت علشان واحد لسه فى امل انه يعيش ، انا مش هستنى موافقه حد ، العمليه دى هعملها على مسئوليتى الشخصيه ، ومتضيعيش وقت واعمليلى الفحوصات اللازمه علشان نعرف انه متطابق مع الاستاذ جاسر اللى هننقله القلب ولا لاء ؟
الممرضه : بس يا دكتور ...... ، فقاطعها الطبيب وقال : مفيش وقت للكلام بتاعك دا ، نفذى اللى بقوله حالا ؟
الممرضه : حاضر يا دكتور .
مرت ربع ساعه تقريبا ثم جاءت الممرضه ببيان كامل لحاله
قلب عابد وتحاليل الدم والانسجه ، ومقارنه مع حاله جاسر
المريض الاخر ، واخذ الطبيب ينظر الى تلك البيانات ثم ابتسم
وقال : سبحان الله متطابقين لدرجه غريبه ، جهزو غرفه
العمليات للاستاذ جاسر ، عقبال ما انقل القلب من الميت يكون
جاسر جاهز ، وكل دا لازم يبقى فى اسرع وقت ممكن .
الممرضه : حاضر يا دكتور ، هروح ابلغ الاستاذ جاسر ان احنا
لقينا متبرع للقلب ، ثم رحلت الممرضه لتنفذ تعليمات الدكتور .
