رواية شهد الحياه الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12بقلم زيزي محمد
وقفت تنتظر قدومها تبحث بعينيها بين المارة، مرت ساعة، ثم اثنتين، ولكنها لم تأتي، شعرت بيد رامي على كتفها، التفت بعيون دامعة وهتفت بصوت حزين :
_ شفت مجتش بردو، قلبي واجعني يا رامي، رغم كل الرسايل إلي بعتهالها هى وسلمى
ازال دموعها بطرف إبهامه : خلاص يا شهد كفاية، انتي استنيتها كتير اوي خلينا ندخل، الشهود والمأذون زهقوا .
أومأت له دون التحدث، سارت معه وبداخلها حزن يكفي العالم بأكمله، تمت مراسم الزواج، واصبحت هي زوجته شرعا وقانونا، تمناها هو في ليلة وكانت أقصى امانيه ان يراها مرة اخرى يشبع نظراته ونفسه بها وبملامحها التي تشعل بداخله شعور لم يعهده من قبل مع أميرة او غيرها، وها هي الان زوجته ولكن لوقت محدد، هل سيخلف وعده مع اميرة، هل سيسيطر على مشاعره اتجاهها، من الان وهو يريد ان يعانقها يقبل شفتاها يردها ملكه، متى ستصبح شهد الحياة حياته، ولكن يجب عليه ان يكبح ذلك الشعور ويسيطر على مشاعره التي تزيد الضعف اتجاهها يوما بعد يوم .
هي من هي؟!، هي التي تركتها امها وحيدة وسط هذة الغابة، هي التي ضحت بنفسها وآمالها من اجل اسعاد امها واختها ومع اول عقبة باعوها، تتعامل مع الناس بصخب بقوة ومن داخلها ضعيفة هشة تريد البكاء في كل لحظة، غريبة هذه الدنيا لم ترى منها سوى الالام القهر و الظلم، يتردد على ذهنها دائما جملة ( الدنيا زي مابتدي زي ما بتاخد )!، ولكن معها هي ( الدنيا بتاخد بس )، رفعت بصرها للسماء تناجي ربها وحده يعلم ما بها وما مخاوفها وبما تشعر بيه، اعطها القوة والصبر يا الله .
***********************************
بمنزل حسني .
فتحت سميحة الغرفة باندفاع قائلة بغضب : خلاص يا حسني البت زمانها اتجوزت اديني التليفون اكلمها واقولها اي حجة .
رمي هو لفافة التبغ من يديه ودهس بقدمه عليها قائلا بسخرية : مالوش لزمة ياختي انا قومت بالواجب.
قطبت بين حاجبيها وهتفت بعدم فهم : قصدك ايه انك قومت بالواجب .
ابتسم بمكر مردفا : هاقولك عملت ايه، نزلت للواد عادل بتاع سايبر خليته يكتب رسالة للحلوة بنتك ويقولها معلش يابنتي اصل انا مش هاقدر اجاي اصل حسني محرج عليا ومش موافق، وبس اكيد شافتها وفهمت .
ضربت بكفيها على صدرها مردفة بصراخ : ليه ياحسني، عملت كدا ليه، ليه يا راجل عاوزها تكرهني مش كفاية طردتها مش كفاية مشافتش يوم حلو منك، دا علامات الحرق لسه في جسمها لغاية دلوقتي، لييه؟؟، حرام عليك ياخي ارحمها بقى، البت بعيدة وبعدت عنك وعن شرك وغلك وبردو مش عاوز تسيبها في حالها .
اندفع هو صوبها ثم غرس اظافره في جلدها قائلا بغل : عارفة ليه، علشان هي بنته من صلبه، بنت مصطفى اللي حبسني زمان، مصطفى إلي راح وشهد ضدي في القسم واتحبست سنة واتبهدلت في السجن .
نفضت يديها بعيدا عنه بعنف مردفة بعصبية : مش انت إلي سرقت انت ومتولي الحج مسعد وبعدين احمد ربنا انك خدت سنة وخففوا الحكم .
ضحك هو بسخرية : ولما انا سرقت اتجوزتيني ليه ؟.
انهارت في هذة اللحظه وجلست مكانها على الارض وبكت بكاء مرير : كنت غبية مغفلة، بنت الحج مسعد قالتلي ان انت ومتولي مش سرقتو وان مصطفى ظلمكو وهو مكنش بيحب يحكي عنك ولا يجيب سيرتك، بعد ما مات انت ومتولي خرجتو، هي اتجوزت متولي قولت مفيش واحدة تتجوز سارق ابوها، وقولت بس اكيد مصطفى ظلمكو، جتلي وقعدت تلف وتدور عليا علشان جوازي منك صدقتها وصدقتك ووافقت .
ثم رفعت بصرها ونظرت له نظرات توحي بالغل والكره : بس بعد كدا وبعد مامرت السنين وجبت سلمى، جت منال مرات متولي قبل موتها تعيطلي من قسوة متولي وانه متجوز عليها اتنين غيرها وانها كانت عارفة انكو السارقين بس من كتر حبها في متولي وافقت على كلامه ونشرت انك برئ ومصطفى ظلمك انت ومتولي .
انحنى هو بجذعه الاعلى نحوها وهتف بحقد دفين : وانا انسى لما اتحايلت عليه يشهد ان مسرقتش وهو قالي الساكت عن الحق شيطان اخرس وانت سرقت يا حسني ولازم تتعاقب، اهو مات وانا بكمل انتقامي في بنته .
ازالت دموعها بقوة مردفة بغضب : انا بكرهك يا حسني، بكرهك وبكره اليوم إلي شوفتك فيه واتجوزتك، بضرب نفسي بالجذمة اني وافقت عليك .
اثارت تلك الكلمات الغضب في نفسه، استقام في وقفته واتجه صوب الخزانة اخرج الحزام الجلدي منها وقام بلفه حول يديه عدة مرات واندفع اتجاها يذيقها العذاب، نزل بذلك الحزام الجلدي على جسدها الضئيل ارتفع صوت صراخها، وكلماتها وهي تطلب منه الرحمة، ولكن الرحمه قد تجردت من قلب ذلك الرجل، سمعت سلمى صراخ امها، انتفضت من جلستها، وباتت تطرق الباب بعنف هاتفة بقوة :
_ بابا، حرام سيبها، ابوس ايدك، سيبها .
ارتفع صوته من الداخل وهتف بغلظة : لمي نفسك يابت وروحي اتنيلي على اوضتك، اصل والله اجاي وانزله على جسمك انتي .
ارتعدت هي بعض خطوات للخلف، انكمشت على نفسها، شعرت بالضعف والخوف، صمتت ولكن بداخلها قلبا يصرخ وينزف، صمتت ولكن عينيها رفضت الصمت وتمردت وسالت دموعها بغزارة .
**********************************
وقفت تنظر للمبنى الشاهق بخوف ورهبة، حتى شعرت بيد كريم الممسكة بيديها يجرها خلفه بهدوء، سارت معه بخطوات بطيئة، استقلوا المصعد وبداخلها شعور بالخوف اتجاه ما تقدم عليه، وقف المصعد في الطابق المنشود، تحركت هي خلفه وبداخلها مشاعر متضاربة، تحدث
ببعض الكلمات لسكرتيرة، ثم اخذها وجلس، نظرت حولها في اوجه الموجدين زدات وتيرة القلق في نفسها، شعر بها حاوطها بيده هامسا في اذنيها :
_ متخافيش هي مش هتاكلك، انا مسمحش لحد ياكلك اصلا انا إلي هاكلك بعد كدا .
اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر القاني عقب كلماته تلك، اخفضت بصرها ارضا ثم قالت بهمس : عيب يا كريم كدا .
ضغط بيديه اكتر على جسدها وهو يبتسم بمكر وماهي الا دقائق معدودة حتى اتت السكرتيرة وابلغتهم ان الطبيبة في انتظارهم، جذبها من يديها باتجاه غرفة الطبيبة في هذه اللحظة تريد الهرب مما تقدم عليه .
*********************************
في منزل حسني .
جلست بجانب والدتها تضع لها ( المرهم المخصص للكدمات) بدأت سميحة تأن تحت لمسات يديها هتفت سلمى بحزن :
_ معلش يا ماما، استحملي ان شاء الله المرهم هيريحك .
هتفت سميحة ببكاء : اه ياني، بنتي زمانها بتكرهني، اتصرفي يا سلمى لازم تعرف، مش كفاية كرهها ليا .
اغلقت سلمى عينيها بضيق ثم هتفت بنفاذ صبر : اعمل ايه يا ماما، مانتي شوفتي قدامك كسر تليفوناتنا، وكمان حلف علينا ما احنا طالعين من باب البيت الا على معاد فرحي .
ازداد بكاء سميحة ثم هتفت بحقد دفين : ربنا يخدك يا حسني الكلب، ربنا يزلك، زمانها يا حبة عين امها مقطعة نفسها من العياط .
******************************
ظلت تنظر الى غرفة الطبيبة وتتفصحها جيدا، لم تنصت لحرف واحد ينطقه كريم مع الطبيبة حتى انتبهت لصوت الطبيبة الجاد :
_ طيب يا دكتور كريم، ممكن تسيبنا شوية نتكلم .
أومئ كريم دون التحدث، امال على ليلى وطبع قبلة رقيقة على مقدمة رأسها ثم خرج من الغرفة، كانت هي تتبعه بنظراتها حتى خرج ثم حولت بصرها للطبيبة، كانت امرآة في الاربعنيات هادئة ملامحها بسيطة صوتها دافئ من ينظر اليها يشعر بالراحة، ابتسمت الطبيبة قائلة بلطف :
_ بصي يا ليلى مبدئيا انا اسمي الدكتورة هدى، ثانيا انا عاوزكي تتأكدي ان اي كلمة هاتقوليها عمرها ما تطلع برا الاوضة دي، انا عاوزكي تحكي عن كل حاجة جواكي، انشالله باللخبطة مش عاوزة ترتيب، قولي اللي انتي حاساه دلوقتي او قبل كدا، قولي شقعورك سواء كان خوف او قلق او اي حاجة، انا معاكي وهسمعك، كل جلسة هانقعد ساعتين مع بعض، هانحكي فيهم كل حاجة .
عم الصمت بالغرفة عقب حديث الطبيبة، اخفضت ليلى بصرها ارضا ثم تساقطت بعض الدموع من عينيها مردفة بنبرة يتخللها البكاء : بابا مات بسببي ......
*****************************
في منزل رامي المالكي .
جالسة على السرير تبكي وتشهق بصوت عالي، وحولها اكوام من المناديل، يجلس بجانبها حمزة ممسكا بعلبة المناديل كلما رأها تنتهي من منديلا يخرج الاخر بسرعة معطيا اياه، وامامها رامي يزم شفتيه بضيق ، وبجانبه صفاء تنظر لها بحزن، نظر حمزة لوالده وهتف باسمه بهمس شديد، حول رامي بصره نحو حمزة مضيقا عينيه بتركيز، حتى هتف حمزة بتحريك شفتيه دون اصدار صوت :
_ شهد خلصت المناديل .
ابتسم رامي بشدة على براءة ابنه، رأته شهد على تلك الحالة، اندفعت واقفة على الفراش مردفة بانفعال :
_ جرى ايه يا رامي مفيش احساس، انت بتضحك وانا بعيط .
وضعت صفاء يديها على رأسها ثم قالت لنفسها : يالهوي هانبدأ المشاكل .
رفع رامي بصره نحوها مردفا بهدوء : انزلي ياشهد كملي عياط، الفقرة لسه مخلصتش .
اتسعت عيناها بصدمة ثم هتفت بغيظ : انت بتتريق عليا يارامي، بتتريق على مشاعري .
حمحمت صفاء بصوت عالي : احم، انا رايحة اخد دوا الضغط والسكر يالا بينا يا حمزة ساعديني .
هتف حمزة بنبرة طفولية : اقعدي يا تيتة خلينا نتفرج .
قطب رامي بين حاجبيه مردفا بصرامة شديدة : تتفرج علي ايه يا ولد، انت اتتجننت .
هتفت شهد بصوت عالي : انت بتزعقله ليه انت هاتجيب غيظك مني فيه .
اشارت صفاء بيديها لحمزة بخفة ثم تسلل حمزة هو وصفاء خارج الغرفة، بينما وقف رامي بطوله الفارع واردف باستفزاز : عاوزة ايه يا شهد، هي امك كبستك ومجتش هاتجيبي ضيقك عليا انا ولا ايه .
انسابت الدموع مرة ثانية من عينيها عقب جملته الحادة المستفزة وتعالت شهقاتها لم يعلم انه بهذا الحديث انه قام بالضغط على جرح عميق بقلبها، رأها هو على تلك الحالة استغفر ربه بصوت عالي، ثم اقترب منها وجذبها من يديها واجلسها على السرير مرة اخرى وجلس بجانبها، اعطاها بعض المناديل، ثم هتف بضيق :
_ انتي اللي بتخليني اتعصب واقول كلام يزعلك ويضايقني من نفسي .
هتفت هي بكلمات متقطعة إثر بكائها الحاد : محدش حاسس بيا، مش عارفين انا حاسة بوجع قد ايه، والله كلمة قلبي مكسور دي قليلة اوي على إلي حاساه .
ألمته تلك الجملة كثيرا ( قلبي مكسور دي قليلة )، جذبها لاحضانها معانقا اياها بقوة، دفن وجه في عنقها مستنشقا رائحة الورد التي دائما تفوح منها كلما اقترب منها او جلس بجوارها، ثم هتف بنبرة حنونة :
_ سلامه قلبك من الكسرة يا شهد ، اوعي تنطقيها تاني ابدا فاهمة .
ابتعدت قليلا عنه واصبح وجهها مقابل لوجه ثم هتفت بنبرة حزينة : ازاي قلبي مش يوجعني يا رامي، ازاي قلبي مش يتكسر واقرب الناس ليا خذلوني، امي يا رامي عارف يعني ايه امي، يعني المفروض كل حاجة في حياتي، انا مش عارفة هي بتعمل معايا كدا ليه، ليه تبيع بنتها علشان خاطر جوزها، دا بيهنها وبيضربها، انا كنت بطلع من اوضتي اخد مكانها الضرب، كانت بتشوفه بيحرقني وتبقى ساكتة مش قادرة تتكلم، انا طلبت منها ايه، طلبت حاجة بسيطة عاوزها تيجي تحضر معايا جوازي .
وضع يده على احدى وجنيتها قائلا بغضب : كان بيضربك وبيحرقك .
هتفت هي بنبرة طفولية : اممممممم .
عانقها مرة اخرى بقوة، شعرت هي بقوة عناقه، طبع قبلة رقيقة على عنقها من فوق وشاحها مردفا بصرامة : اياكي اسمعك تجيبي سيرتهم تاني، انسيهم خالص يا شهد دول مش موجودين في حياتك، انا بس انا وامي وحمزة احنا من انهاردة حياتك الجديدة، فاهمة ولا لأ .
بادلته هي عناقه فهي في اشد الحاجة لذلك الحنان والدفئ، ثم هتفت بهمس : حاضر، هانساهم وانتو من انهاردة حياتي الجديدة .
**************************************
في العيادة النفسية
مرت الساعتين وكأنهم دهر على ليلى كانت تجيب بكلمات بسيطة، ابتسمت الطبيبة ثم هتفت :
_ خلاص يا ليلى كدا كفاية باذن الله هاستناكي الاسبوع إلي جاي في نفس المعاد .
أومأت ليلى لها دون التحدث، فحديثها مع الطبيبة ارجعها لاحداث تحاول جاهدة نسيانها او عدم التفكير فيها ، دقت الطبيبة الجرس ثم دلف كريم مع السكرتيرة، هتفت الطبيبة بجدية : خدي مدام ليلى خليها تملى شوية بيانات بس وعرفيها المواعيد كويس وشوفي الاول مناسبها ولا لأ .
خرجت ليلى مع السكرتيرة تائهة شاردة، فور خروجها، اندفع كريم بالحديث :
_ هي مالها وشها باهت ليه كدا ومببتكلمش .
ابتسمت الطبيبة واردفت بحكمة : عادي يا دكتور دا طبيعيى انه يحصل في اول جلسة، على فكرة هي اتجاوبت معايا بس يعني بنسبه ٤٠٪ .
هتف كريم بتعجب : ٤٠٪ نسبه حلوة .
أومأت الطبيبة مؤكدة ثم هتفت بتوضيح : طبعا يا دكتور، متنساش هي اتعرضت لازمة نفسية صعبة ومش سهل تعدي منها، صحيح هي اتكلمت معايا علي موت والدها ومجبتش سيرة اغتصاب خالص، بس دي خطوة كويسة، بس في حاجة في وسط الكلام قالت جملة انت مصر على انك تسرع في علاقتكم، ودا شئ غلط لازم ليلى تاخد وقتها ومتتسرعش ابدا ليلى لازم تتخطى مرحلة اغتصابها، هي عمرها ماتنسى ابدا بس الاثر النفسي بيقل مع الوقت لو قدرت تثق في حد وتفتح قلبها له، بس دا مبيحصلش بين يوم وليلة، أهم حاجة يا دكتور انك تتحلى بالصبر .
قام كريم من جلسته ثم مد يديه لكي يصافح الطبيبة قائلا برسمية : شكرا اوي يا دكتور هدى وان شاء الله هاجبهالك الاسبوع الجاي في نفس المعاد .
************************************
مر الاسبوع سريعا على ابطالنا، وجاء اليوم المحدد لزفاف سلمى وزكريا، جلست امام المرآة في صالون التجميل المسمى ب_ ( الكوافير ) تضع لها الفتاة اللمسات الاخيرة، كانت في غاية الجمال والبساطة بفستانها الرقيق، تعالت الزغاريط وابواق السيارات معلنة عن وصول زكريا، زدات دقات قلبها ، تسرب الخوف رويدا لقلبها، انتهت الفتاة من وضع الطرحة ثم اطلقت زغروطة عالية مردفة بعدها بحماس :
_ يالا يابنات افتحو الباب للعريس خليه يدخل يشوف عروسته القمر .
وبالفعل دلف زكريا يبحث في وجوه الفتيات عن سلمى حتى وجدها بفستانها البسيط وملامحها الرقيقة ولاول مرا يدق قلبه بشعور غريب لم يشعر بيه من قبل مع ليلى، اتسعت ابتسامته تدريجيا ثم اقترب منها قائلا بصوت منخفض للغاية :
_ بسم الله ما شاء الله، قمر بدر منور يا سلمى .
نظرت له نظرات خاليه من التعبير، حتى احتدت نظراتها مع ظهور مديحة من الخلف، اقتربت منها مديحة بابتسامة مصطنعة مردفة : الله اكبر ايه الحلاوة دي يا مرات ابني .
ثم تابعت قائلة : يالا علشان الفرح هايبدا والناس بتستعجلنا .
ذهبت معهم وكانها دمية يحركوها كما يشاؤون، تفاجئت هي بكم الاضواء والناس الحاضرين، تعالت الاغاني وبدأ الرقص، نظرت لامها الجالسة وحدها حزينة، وجهها متورم ونظرات الشفقة من نساء الحي وهمسات مديحة للنسوة، طأطأت رأسها لاسفل، تمنت ان الارض تنشق وتبعتلها تمنت ان تختفي من الوجود، مرت الساعتين ببطء حتى امرت مديحة بانهاء حفل الزواج، صعدت هي الدرج مع زكريا تبكي حتى وصلت اعتاب شقة زكريا، وقفت ثم استدرات لعناق والدتها تحت انظار السخط من مديحة و حسني، جذبتها مديحة عنوة من احضان سميحة مردفة بسخرية :
_ ما خلاص ياختي، هو حوار ولا ايه نكدتو على الواد في ليلة دخلته .
ثم تابعت بصرامة : خد عروستك يا زكريا، يالا وانا وامها وابوها قاعدين هنا نستنى الخبر الحلو .
اتسعت عيني سميحة بصدمة : قصدك ايه بالخبر الحلو يا مديحة، انتي بتتكلمي جد لا يمكن يحصل ابدا، انتي مش شايفة البت خايفة ازاي .
رفعت مديحة حاجبيها باعتراض : قصدي عاوزين نعرف هي بنت ولا لأ، اه لتطلع مغشوشة ياختي، يبقى ابوها ياخدها يقتلها هو حر .
ترنحت هي عقب حديث مديحة، رأها زكريا مد يديه يحاوطها بخوف حقيقي، ثم هتف : انتي بتقولي ايه ياما، مينفعش اللي انتي بتقوليه دا .
جلست مديحة ثم هتفت بمكر : اتكلم انت يابو سلمى، انا مش هاتكلم.
جلس هو الاخر على الكرسي مردفا بخشونة : بقولك ايه يا جوز بنتي، انت تنفذ إلي امك قالتلك عليه، احنا هانستنا هنا وناخد البشارة.
صرخت سميحة : حرام عليك يا راجل دي حتى بنتك، اتقي الله بقى ..
قاطعها حسني بصفعة على وجهها مردفا بغلظة : لو مش سكتي هاموتك انتي فاهمة .
خرج صوت سلمى بضعف : خلاص يابابا حاضر هانفذ كل حاجة .
ابتسمت مديحة بسخرية : شاطرة يا مرات ابني بتسمعي الكلام ...
ثم استطردت : وبقولك ايه يا زكريا، انا عاوزك تدخل عليها يا حبيبي علشان اخدها بكرة عند دكتورة اطمن عليها، بلاش ضحك على الدقون، انا مستنية اهو .......
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
رواية ( شهد الحياة ).
البارت الثاني عشر .
بمنزل زكريا .
وقفت في منتصف الغرفة تنظر لزكريا بخوف، تحاول تنظيم انفاسها المضطربة، حاول تهدئتها ولكن كلما اقترب خطوة ترجع هي للوراء خطوتين، تمسكت بطرف فستانها بخوف ثم هتفت : بص اوعى تكون فاكر انك هاتعمل حاجة وانا صاحية وحاسة .
هتف بعدم فهم : قصدك ايه وانتي صاحية وحاسة، امال هتنامي .
أومأت هي ثم هتفت موضحة : انا كنت عارفة ان امك هاتعمل كدا بس متوقعتش بالسرعة دي، علشان كدا فكرت وجهزت نفسي .
_جهزتي نفسك لايه ؟!!!.
تحركت نحو الدولاب ثم فتحته واخرجت شريط من الدواء، نظرت لهذا الدواء قائلة : دا منوم هاخاد حبيتين منه واعمل إلي انت عاوزه .
اتسعت عيناه بصدمة ثم هتف بغضب : لدرجادي مش طايقة لمستي، مش عاوزة تحسي بيا .
انسابت دموعها بكثرة قائلة بحنق : امال انت فاكر ايه، فاكر ان هادوب في هواك، لأ طبعا بس....
قاطعها بحدة : بس ايه، انا كان ممكن معملش معاكي حاجة واضحك على امي بس بتفكيرك وكلامك دا خلتيني هاعملها وانتي صاحية ..
اندفعت نحوه ثم جلست على ركبتيها ممسكة بيده تقبلها وتتوسل له: لا يا زكريا ابوس ايدك لأ، مش هاستحمل والله، لو عندك رحمة في قلبك متعملش كدا فيا، بص انا مش منعتك اعمل اللي انت عاوزو بس بالله عليك وانا نايمة ..
جذبها من مرفقها ثم نظر في عينيها قائلا بضيق : انا هاضطر اعمل كدا وانتي نايمة بس مش هاحطه تحت بند انك قرفانة مني، هاحطه تحت بند انك خايفة زي اي بنت في ليلة دخلتها، وكمان علشان امي مش هاتسيبك الا لما تتأكد عند الدكتورة، ولو كنتي لسه بنت انا عارف تفكير امي كويس يا سلمى وهاتقول ايه ..
ثم استطرد : روحي يالا غيري هدومك، وانا هاغير وخدي الحبيتين خلينا نخلص الحوار دا .
عم الصمت عقب حديثه ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة ثم تحركت نحو الدولاب تخرج ملابسها شعرت بانفاسها تقل تدريجيا مما تقدم عليه .
في الخارج .......
وضعت صينية الشاي على المنضدة هاتفة بسخرية : اشربوا الشاي لغاية ما المحروسة بنتك تنجز في ليلتها دي .
رفعت سميحة احد حاجبيه قائلة بضيق : والله كنت عارفة انك مش هاتجيبها لبر يا مديحة .
شهقت مديحة باعتراض : ليه ياختي بر ايه إلي بتتكلمي عنه، انتي مش واثقة في بنتك، انتي لامؤاخذة لو واثقة هاتقولي اه ومش تخافي، اما انتي لامؤاخذة مش واثقة .
هبت واقفة تهتف بعصبية : اما انتي ولية .....
قاطعها حسني بحدة : اسكتي يا ولية لاقطع لسانك، الست مديحة مغلطتش اقعدي زي الجزمة اما نشوف راسنا من رجلينا .
_ وان مش سكت يا حس....
قاطعها للمرة الثانية بصرامة : ويمين الله لو نطقتي بحرف لمفرج الحارة كلها عليكي النهاردة .
جلست بانكسار تحت نظرات السخرية من مديحة، مر ساعة و اثنين حتى خرج زكريا من الغرفة بقطعة قماشة بيضاء بها ثلاث نقط من الدم، اطلقت مديحة الزغاريط، بينما نظرت له سميحة بكره شديد، اخذها حسني من يديه بفرحة عارمة ثم هتف : بنتي امال، دي تربيتي .
نظرت له سميحة بحقد قامت بسبه في سرها، ثم حولت بصرها نحو زكريا هاتفة بضيق :
_ عاوزة ادخلها اطمن عليها .
هتف سريعا بارتباك : لا هي نامت من التعب وبتقولك هي كويسة بس محتاجة تنام .
لوت مديحة شفتيها بتهكم : بنات اخر زمن .
تجاهلتها سميحة ثم وجههت حديثها لزكريا : زكريا انا هامشي وبكرا هاجليها اطمن عليها .
اومئ زكريا دون رد ثم دلف الى غرفته مغلقا الباب جيدا، ذهب الى السرير وجلس بجوارها ثم ربت على شعرها بحنان قائلا :
_ مكنتش عاوز دا كله يحصل، سامحيني كان نفسي نعيش حياتنا واحنا مبسوطين بس اظاهر ان هاعاني معاكي يا سلمى .
******************************
بمنزل رامي .
عاد متأخرا من عمله، منهكا، جسده يصرخ بالراحة، تسرب الى انفه رائحة شهية، تقدم بخطوات بطيئة نحو المطبخ، رأها تقف بهمة وتصنع (كيكة الشوكلاته)، حمحم بصوت منخفض التفت بخضة واضعة حجابها على رأسها باحكام ثم هتفت بضيق :
_ ايه دا يا رامي ينفع كدا .
اقترب بعض خطوات ثم اتكأ بنصف جسده على الثلاجة هاتفا : ينفع ايه مش فاهم؟!.
قالت شهد بعبوس : تدخل فاجأة، مش المفروض تعمل صوت .
تجاهل حديثها قائلا : انتي بتعملي ايه، في حد بيعمل كيكة بليل .
نظرت للخليط التي تقوم ياعدادة مردفة بسعادة : حمزة جه وراني مكتوب في الكراسة انهم يعملوا نشاط طبخ او رسم، وبما اني مبعرفش ارسم حلو قررت اعمله كيكة .
اتسعت ابتسامته على نبرتها الطفولية : شهد البنات مامتهم يعملوا حاجة للطبخ والولاد رسم، يعني حمزة المفروض يرسم .
نظرت له بصدمة ثم هتفت بحزن : يعني الكيكة دي مش هتنفع، دا النشاط هايتسلم بكرا ..
اقترب منها ثم حاوط وجهها هاتفا بنبرة حنونة للغاية : متزعليش حتى لو ماخدوش هاكلها انا كلها، انا بحب الكيكة بالشوكلاته .
نظرت له ودموعها تلمع في عينيها : بس انا كان نفسي اوي اديهاله، كان نفسي اعمله حاجة بايدي .
صمت قليلا ثم هتف : ايه رايك تعملي الكيكة وتزينيها وانا ارسمها وارسمه حواليها وارسمهم كانهم في الفصل طب والله نشاط تحفه .
عادت ابتسامتها على ثغرها مرة اخرى هاتفة : بجد يا رامي يعني هاياخد اللي انا عاملها .
داعب وجنيتها بلطف قائلا بهمس : طبعا، هو انا اقدر ازعل شهد الحياة مني .
تأثرت هي بلمساته، تجمدت انفاسها ولكن عند نطقه لشهد الحياة هتفت بتلعثم : انت مش هااتقولي عرفت الاسم دا منين بقا .
داعب وجنيتها اكثر مردفا بابتسامة صغيرة : لا مش هاقولك، وبعدين انتي بتلبسي الطرحة في وجودي ليه ؟.
امسكت يديه لتوقفه عن تلك المداعبة : بس يا رامي، انت بتعامل بنت اختك، وبعدين انا بلبس الطرحة علشان مينفعش اظهر قدامك بشعري .
رفع حاجبيه باعتراض ثم هتف : انتي هبلة يا شهد هو انتي فاهمة ان لما بلعب في خدودك ابقا كدا بلعب مع بنت اختي انتي فاهمة الدنيا غلط يا ماما، ثم تعالي هنا دا اللي هو ازاي مينفعش تقعدي بشعرك قدامي .
حاول ازاحة حجابها حتى قامت بتثبيت يديه، نظر لها مستفهما، هربت هي ببصرها : رامي مينفعش احنا هانعيش مع بعض اخوات زي الاول هو اصلا مفيش حاجة اتغيرت في حياتنا وبعدين خالتي كانت واضحة من الاول قالت هاتتجوزو علشان الحرمانية، مالوش لزوم اكشف شعري وكدا .
شعر بالغيظ عقب حديثها حاوط خصرها ثم جذبها اليه ، وكانت لمسته متملكة لها ثم هتف بعبوس : انتي مضايقة ان بقولك اكشفي شعرك، مش احسن ما اقولك تقلعي الاسدال دا كمان وتيجي تنامي في اوضتي وحضني .
تاهت هي في اخر حديثه مردفة : ها !!!.
ابتسم بمكر ثم اقترب بوجهه وهمس امام شفتيها : تيجي تنامي في حضني .
اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر القاني مردفة بتتلعثم : اوعا تتهور يا رامي .
لم يتحكم في نفسه عقب جملتها تلك وصدرت ضحكاته عالية مصاحبة ببعض الدموع، وضعت يديها بتلقائية على صدره قائله : هو انا قولت ايه خلاك تضحك بالشكل دا..
هدأ قليلا من ضحكاته المستمرة ثم هتف بمرح : اصلك استاذة في انك تبوظي اي مشهد رومانسي في الدنيا تاخدي اوسكار احسن واحدة تضحك في الرومانسية .
قطبت ما بين حاجبيها بضيق ثم هتفت بنبرة يتخللها الضيق : لا طبعا ازاي، طب دا ليلى صاحبتي طول عمرها بتقولي انتي رومانسيه اوي يا شهد .
ثم تابعت بحزن : تعرف وحشتني اوي يا رامي، بتصل بيها بيديني مشغول شكلها حاطني في لائحة الرفض، مش عارفة اكلمها كرهتني وانا ماليش ذنب والله .
حاوط هو وجهها سريعا مردفا بحنان : اوعي تعيطي، اوعي عيونك تعيط انا بتخنق لما بشوفك بتعيطي ...
قاطعته هي ببكاء : طب اعمل ايه منا مخنوقة وطول اليوم بفكر في اللي حصلي، انا ما صدقت حمزة طلب مني حاجه قولت اهو اغير من نفسي واشغل وقتي، بس بعملها وافتكرتها هي كانت بتحبها اوي يا رامي وبتحب تاكلها من ايدي هي وعم احمد .
ازال دموعها مردفا بهمس : خلاص بقا يا شهد، بلاش تعيطي، طب يا ستي مش هاتهور بس انا لسه عند كلمتي انتي فاشلة في الرومانسية وليلى دي بتخدعك .
نظرت له بضيق طفولي: لا والله انا رومانسية اوي .
ابتسم هو بمكر قائلا : طب ايه رايك نبص في عين بعض واللي يرمش يبقى خسران و التاني يطلب منه طلب .
هتفت بتحدي : ماشي يالا .
كانت خطته خبيثة يريد قربها الى اكبر قدر ممكن، اختلق الخطط والحجج التافهة والطفولية حتى يصل هو لمراده، بينما هي سرحت في جمال عينيه بلون العشب الاخضر الغريب شعرت بتجمد انفاسها ثم رمشت عدة مرات، حتى هتف بحماس : رمشتي اهو، انا اطلب بقا.
حمحمت بحرج : طب يالا اطلب وبعدين وطي صوتك، البيت كله هايصحى .
اتسعت ابتسامته مردفا بخبث مصاحبة غمزة من عينيه : بوسيني .
اتسعت عيناها بصدمة من وقاحته : انت اتجننت يا رامي، انت ازاي تطلب طلب زي دا .
رفع هو حاجبيه باعتراض مردفا : لأ انا اروح فيكي في داهية احنا قولنا ايه، قولنا تحدي والي يخسر يطلب من التاني طلب، يالا بقى بوسيني .
حاولت هي ابعاد يديه عنها ولكنها فشلت ثم هتفت بتذمر : اوعا يا رامي، والله اصوت واقول بيتحرش بيا، قال ابوسك قال، انت اخويا يابني .
زاد من تحكمه بها قائلا بعبث : لا انا مش اخوكي دلوقتي، بكرا ابقى اخوكي بوسيني يا شهدي، وبعدين بصي عرفيني انتي ازاي رومانسية ولا هو كدب وخلاص .
ضربت صدره بخفة قائله بحنق : هو الرومانسية بالبوس، الرومانسية بالكلام .
تنهد هو بنفاذ صبر : لا ماهو بصي انتي ياتقولي كلام رومانسي يا تبوسيني اختاري .
صمتت قليلا لتفكر ثم رفعت بصرها اليه مبتسمة واضعة يديها حول عنقه قائلة بهمس : اول مرة شوفتك فيها كرهتك اوي قفلت في وشي الباب، بعد كدا لما عرفتك بدأت احبك سنة سنة، بعدها لفت نظري باهتمامك للبسك وشياكتك واهتمامك بنفسك رغم انك مخلف والمفروض تبقى بكرش وكدا ....
صمتت ثم ضحكت بخفة، بينما هو ابتسم على طفولتها في التعبير عن مشاعرها، قربها منه اكثر هاتفا بهيام : كملي يا شهد .
اخذت هي نفس قصير ثم هتفت بنفس همسها بخجل واضح : ملامحك حلوة، وانت حلو، شبه بتوع الروايات، انا بقرا روايات على قدي، عمري ما اتخيلت ان البطل الحلو اللي في الرواية هايبقى موجود في الطبيعة، واهو لاقيتك قدامي .
وضع يديه على وجينتها قائلا بحب : انا كمان اتمنيتك بس روايتي من تأليفي، روايتي اللي رسمتها بيكي، روايتي اللي كتبت فيها اول سطر لما شوفتك من سنين كانت بتزيد كل يوم سطر عنك وعن جمالك، كنت فاكرها قصة حلوة هاتنتهي بعد يوم او عشرة او سنه بس اكتشفت انها بقت رواية دامت في قلبي سنين وهاتفضل العمر كله، انتي كنتي حلم بعيد اووي، ودلوقتي بقى بين ايديا .
ساد الصمت عقب حديثه، بقي الاثنين ينظرون لاعين بعض، يتأملون ويفكرون ويحللون حديث الاخر، حتى ابتسمت شهد مردفة بعبث : شوفت اهو عملنا مشهد رومانسي خطير، انا اتخيلتك الانسان الي هاحبه واقوله الكلام دا، وانت اتخيلتني حبيبتك وقولتيلى كلام حلو بس حقيقي كلامك لمسني يا رامي، انت رومانسي اوي .
شعر هو بخيبة امل بعد انهاء حديثها ثم هتف : شكرا .
ابتعدت بعض الخطوات، ثم مسكت ذلك الخليط مرا اخرى مردفة بفضول : رامي لو اعتبرنا كلامك حقيقي والبنت اللي بتحبها رواية هاتسميها ايه ؟!.
اغمض عيناه بضيق ثم هتف : بعدين بقى هاقولك بعدين، تصبحي على خير.
هتفت سريعا : انت مش هاترسم الكيكة بعد ما ازينها.
لم يرد عليها وانما تحرك نحو غرفته بصمت، ما يشعر بيه الان خيبة امل، كانت تتخيله حبيبها وتهتف بكلمات الحب له وهو صدقها للحظات وتخيل انها له، حتى بعد ما استطاع البوح ما بداخله جاءت هي وبعفويتها دمرت كل شئ، آه منك انتِ يا شهد الحياة، اي حياة انتِ، حياة الحب والمرح والسعادة والطفولة، ام حياة البؤس و العذاب، اي حياة انتِ يا شهدي انا .
*****************************
صباح اليوم التالي .
استقيظت مبكرا تقطع قالب الحلوى ثم تضعه في ( الحافظة ) حتى تفاجئت بدخول رامي عليها وهو عابسا، يضع تلك الرسمة علي المنضدة وما ان رأتها ابتسمت من حرفيته في الرسم رسمها كأنها حقيقة وحولها حمزة وزملائه وامرأة دققت في ملامحها وجدتها جميله بشعر اشقر رفعت بصرها ثم هتفت بتساؤل : مين دي .
اردف هو بخشونة : مس كلير مس بتاعت حمزة في المدرسة .
همست باسمها عدة مرات : كلير، كلير!!
ثم استطردت : بس هي حلوة اوي، وانت راسمها وكانها هي بالظبط .
هتف وهو مازال عابسا : هي حلوة اصلا لو مش حلوة مكنتش هاقدر ارسمها كدا .
شعرت بالضيق بسبب اثنائه على امرأه اخرى فهتفت : طيب ومرسمتنيش وانا بعملها ليه ولا انا مش حلوة .
_ مش عارف، هابقى اشوف بعدين ...
كان رده السريع وهو يخرج من المطبخ، نظرت هي مرة اخرى للرسمة هاتفه : طب والله انا احلى منك، انتي جمالك جمال بارد انما انا جمالي جمال شرقي.
في غرفه صفاء .....
كانت ممسكة بذلك الهاتف تهتف بهمس : لا ما هو انا كان لازم اعمل كدا، انا عارفة ان رامي عمره ما يغلط ولا يخون تربيتي .
ضحكت ميمي ثم قالت : اه منك انتي ياماما يا خطيرة، مثلتي انك شاكة فيه واقنعتيه بالجواز .
تنهدت صفاء : يارب بس يحصل اللي في بالي واخوكي يتحرك شوية اصل هاتشل.
هتفت ميمي مؤكدة : هايتحرك صدقيني ياماما، شهد هاتحركه، طب والله نفسي اشوفها ، الله يخربيت الغربة وسنينها .
قالت صفاء : معلش يابنتي ان شاء الله ترجعي وتشوفيها .
***********************************
بمنزل زكريا ....
استقيظت على صوت طرق الباب، نظرت بجانبها رأته ينام واضعا الوسادة فوق رأسه، نظرت لنفسها رأت تلك المنامة الشفافة ملتصقه بجسدها، سالت دمعة ساخنة منها، لم تتمنى يوما ان يحدث ذلك ولكن ما باليد حيلة، صوت طرق الباب لم يهدأ، تنهدت بنفاذ صبر ثم قامت تبحث بعينها عن ذلك ( الروب) حتى تغطي بيه جسدها، رأته اخيرا ارتدته ثم تحركت صوب الباب، اخذت نفس طويل ثم زفرته ببطئ، قامت بفتح الباب نصف فتحة حتى دفعتها مديحة بعنف مردفة :
_ ايه ياختي ساعة علشان تفتحي ...
هتف زكريا بصوت ناعس : فيه ايه يا ما على الصبح .
هتفت مديحة بسخرية : قوم يا سبع، قوم يا زينة الرجالة، انت سايب مراتك ونايم .
اعتدل زكريا في نومته مردفا : دا اللي هو ازاي ياما، انا نايم وهي نايمة وهى عروسة وانا عريس لامؤاخذة .
اطلقت ضحكة ساخرة : يا فالح هو انا المفروض اقولك تعمل ايه، على العموم كمل نوم، انا عاوزة السنيورة تصحى .
رفعت سلمى بصرها لها مردفة بتساؤل : وانتي حضرتك عاوزني في ايه ...
رفعت مديحة احد حاجبيها مردفة : هاقولك يا حبيبتي، بس الاول في كام حاجه تحطيهم زي الحلقة في ودنك، انا مش اسمي حضرتي، اسمي اماااا، تاني حاجة تصحي الساعه ٧ تكوني تحت ايدي، تاالت حاجة انا اقول اي حاجة تقولي حاضر ونعم ويا ويلك يا سواد ليليك لو فكرتي تقولي لأ، اخر حاجة في المطبخ في مواعين الفرح والحنة قومي يالا اغسليهم وشطبي المطبخ وروقي الشقة علشان الناس اللي جاية ...
قاطعها زكريا بحدة : اماااا سلمى لسه عروسة .
ابتسمت سلمى بتهكم : هو دا اللي فارق معاك اني لسه عروسة، يعني كمان كام يوم عادي ..
هتفت مديحة بغضب : انتي يابت متتكلميش مع سيدك وتاج راسك كدا اتظبطي وربنا مايهمني انك عروسة، يالا يابت انجري على المطبخ ...
نظرت لزكريا رأته وضع الوسادة مرة اخرى على رأسه متجاهلها، توجهت نحو المطبخ بانكسار وبداخلها يقين انها سوف تذوق العذاب المر امرين على يد مديحة ...
**********************************
بمنزل كريم ..
وقفت في المطبخ تجلي تلك الصحون وهي شاردة في اختلاق حجة حتى تخرج من البيت عندما علمت بمجئ
" كريمه "، شعرت بقبلة رقيقة اعلى كتفيها، التفت ثم هتفت بخفوت :
_ صباح الخير
حاوطها هو من خصرها عنوة مردفا بمزاح : صباح النور على البنور .
اغلقت الصنبور ثم مسكت تلك المنشفة، نشفت يديها وهي تهتف : كريم لو سمحت ابعد احنا اتفقنا على ايه ؟.
ابتعد هو امتثالا لرغبتها مردفا بهدوء : حاضر ياستي، الا قوليلي انتي كنتي سرحانة في ايه ؟!.
صمتت قليلا ثم استدرات تهتف بكذب : كريم كان في شوية حاجات عاوزة اشتريها ممكن ابقى اخرج ..
ابتسم مردفا : ليلى لما تعوزي تكدبي اكدبي على حد غيري ...
عقدت حاجبيها بتساؤل :انت ليه بتقول كدا؟!..
اتسعت ابتسامته مردفا : علشان عينك بتتحرك كتير وانا بكلمك، معنى كدا انتي بتكدبي عليا، وبعدين دا سبب تافهه انك تسرحي فيه، قوليلي بجد في ايه ؟!.
تنهددت هي بحزن مردفة : كريم انا عرفت ان عمتك جاية فانا يعني كنت بفكر ان اروح اقعد في اي جنينة لغاية ما تمشي، انا مش عاوزة احضر وهي موجودة انا مش هاستحمل اهانة منها ولا عاوزة اقعد اشتكيلك كل شوية وانت تتخنق مني، فارجوك افهمني ووافق ..
حاوط وجهها مردفا : انا عمري ما اتخنق منك ابدا، وانا زعلان انك عاوزة تهربي من بيتك علشان عمتي وكلامها الرخم، بس انا يعز عليا تطلبي طلب وموافقش ..
هتفت بفرحة : بجد موافق، ربنا يخليك ليا ياكريم يارب .
لمعت عيناه لحديثها الفطري : بس مش هاتقعدي في جنينة هاتيجي معايا عيادتي تقعدي في اوضة لوحدك تتسلي براحتك ولو حبيتي تساعديني انا موافق ..
أومأت هي بابتسامة : ماشي، هاروح البس
******************************
بمنزل زكريا ..
استمعت سلمى لاذان الظهر تنهدت بتعب، لم تنهي جلي تلك الصحون والآواني حتى الان سمعت صوت رنين جرس المنزل وماهي الا ثواني حتي سمعت صوت والدتها تسأل عنها، تركت الاواني وتوجهت نحو الخارج هاتفة بسرعة : مامااااا ....
نظرت لها سميحة بصدمة، من ملابسها المبتلة ووجهها الشاحب ويديها المليئة بالصابون : يالهوي ايه دا انتي بتعملي ايه في بنتي يا مديحة ..
لوت مديحة شفتيها بسخرية : بعمل ايه ياختي، بتغسل المواعين انتي شايفها بتشتغل في الفاعل ....
اندفعت سميحة نحوها جاذبة مرفقها بعنف : انتي فاكرة انك هاتسخريها وهاسكتلك ...
دفعتها مديحة بغضب : اوعي يا ولية انتي اتهبلتي ولا ايه، يمين الله اطردك برا وامنعك عنها العمر كله ...
خلعت سميحه حجابها وحدفته ارضا ثم اندفعت نحوها مردفة بصوتها الجهور : دا انا هافرج عليكي امه لا اله الا الله يا ولية ياقرشانة ....
اشتبكت مديحة وسميحة بالايدي، وصوت صراخهما يصل لاخر منزل في الحارة، بينما اندفعت سلمى تحاول الفصل بينهم، خرج زكريا على صراخهما، اتسعت عيناه من الصدمة، حاول جذب امه بعيدا ولكن كانت هائجة لم يقوى عليها احد قامت بدفعه اختل توازنه ولم يكن في حسبانه ان سلمى وراءه وقعت على الارض واصدم رأسها بتلك الطاولة الصغيرة نزفت على الفور، رأها زكريا ورأي الدم الخارج من رأسها حتي صاح بأعلى صوته :
سلمممممممممى
