رواية في قبضة الإمبراطور
الفصل السادس والسابع
بقلم ميار عبدالله
لحظة واحدة فقط نحتاجها
لحظة واحدة لنستطيع أن نفرق بين الحقيقة والخيال
لحظة واحدة تمر أمام نصب أعيننا
لنرى جميع أعمالنا الدنيوية
مجرد زمن بشري
لكن يمر به جميع سنواتنا
وهي في لحظة واحدة
صنعت قرارها
قرار لم تعبأ بنواتجه
لانها منذ ان اتخذت القرار بدي صحيحا بشكل اذهلها
هي قضت شهور وأعوام مبتعدة عنه .. فارة منه
وتأتي هي تضع قدمها على أرضه
أرضه التي خرجت منها محطمة .. راغبة في الموت
لقد عاملها كـ عارهة و هي رضيت
لكنها اليوم خلعت رداء الجبن
هي ستريه وجها هي حتما لا تعلمه
تخشى أن لا تقدر على انتزاع تلك الشخصية التي تلبستها
خطت بقدميها إلى غرفته وهي تري تغير طفيف منذ آخر مرة جاءت إليه ... نظراته مستنكرة أكثر من كونها متعجبه
هو ما زال كما هو
لم يتغير به شيء
وهذا ظهر جليا على عيناه
لم تري عيناه منطفئة ... حتى الان لم تدخل امرأة تكسره
لكن صبرا سيأتي يومه
عيونهم تقابلت ... ذكرى قديمة استرجعها كلاهما في نفس اللحظة
ذكرى لقاءهم الأول ...!!
تأففت بحنق وهي تتطلع الى وجه موظف الاستقبال السمج ، أي حماقة يتفوه بها من فمه الكريهة .. استعادت رباطة جأشها كي لا تفتك به وتصيبه بعاهة مستديمة
- مش فاهمة يعني .. ايه اللي في كلامي مش مضبوط ، انا حجزت الاوتيل ده من تلاته ايام واكدت الحجز .. تيجي تقولي بكل برود سوري الغرف كلها محجوزة
آثار صوتها المرتفع في بهو الاستقبال انتباه عديد من النزلاء وأعينهم أصبحت فضولية .. ارتبك معالم وجه الرجل وهو يخشى مما يتفوه به .. إن اضطرت لمقابلة رئيسه في العمل سيطرد من العمل لا محالة .. اساسيات ذلك الفندق تجعل من أقل شكوى من النزلاء يطرد من العمل دون السماع لتبريره .. ازدرد ريقه وهو ينظر إلي القادم في اتجاهه بتلك اللحظة .. بكل ذلك العنفوان والهالة الخطرة المنبعثة منه تجعل رئيسه في العمل يخشاه ما بالك هو !!
- افندم !!! مش سامعه يعني رد حضرتك !!
صاحت بها بنفاذ صبر وكل عظمة في خلايا جسدها تأن وجعًا والمًا .. رحلة عملها استغرقت ساعات طويلة ورفضت بكل إصرار للذهاب الى الفندق الذي حجزته شركتها متعللة بأن الخدمة سيئة للغاية ، وياليتها وافقت للذهاب معهم !!
ليت محلها الآن في زمان الماضي والتمني الآن لن يفيدها بشيء وإن طالبت بعودة الزمن لبرهة من الوقت .. انتبهت الي صوت عميق جعل شعيرات جسدها تقف وظله ابتلع جسدها بأكمله
- فيه ايه يا جمال .. ايه المشكلة ؟
تشبثت بحقيبة سفرها وهي تزيح تلك الذبذبات التي أفقدت صواب عقلها من ذلك الرجل ؟ .. كيف لنبرة صوته تؤثر علي سيال خلاياها العصبية ؟ .. كيف يبدو اذًا ؟ من نبرة صوته العميقة شعرت ان طوفان ابتلعها ،، قبضت بقسوة علي حقيبتها لتنظر الي معالم المدعو جمال المذعورة بملامح مستنكرة .. الرجل تبدو سطوته لا تؤثر فقط علي النساء بل الرجال !!
غمغم جمال ونبرة صوته المرتجفة لم تساعده على لملمة تلك الفوضي التي حدثت منذ قليل مع تلك المرأة الجذابة
- اهلا بيك يا فندم .. متقلقش كل حاجه تمام مجرد مشـ ..
قاطعته بنبرة انثوية حادة وهي تطرق بكعب حذائها بنفاذ صبر على الارضية اللامعة
- مش كل حاجه تمام
ثم التفت إلى الرجل الذي زعزع معالم الموظف الفقير وتابعت بنبرة لاذعة
- بس انا عارفة اتصرف كويس ومش محتاجة مساعدة .. شكرًا
تصادمت عيناها بعينان ذهبيتين عميقتين ذو لمعة زلزلت كيانها داخليًا ، قشعريرة باردة سرت على طول عمودها الفقري و بمحاولة بائسة حاولت أن تشيح بعينها عن ذلك الرجل الخطير الوسيم لكنها لم تستطيع ، انه يبدو مثل شباك العنكبوت التي تجذب الحشرات وتفترسهم أحياء
عند تلك النقطة التي توصلت اليها شعرت بالقلق .. شيء يدعي بالخوف من ذلك الغريب ، ابتلعت غصة مؤلمة وهي ترى شبح ابتسامة متهكمة زادت وسامته خطورة .. شراسة ، ازاحت عيناها عنه وهي تعود للخلف بخطوات متعثرة ما ان تقدم نحوها .. رباااه اهدئي واثبتي ما بالك يا مغفلة لقد جعلته يشعر أنك خائفة منه لقد حقق ذلك الخطير مأربه ،،،
نظر نحو المدعو جمال الذي أخذ ينقل بنظراته المذعورة الي المسكينة التي ما ان تعلم مكانته ربما ستتمنى وصاله وربما تقدم اعتذار له !! ،، عاد بنظراته إلى سيده الذي أسند بساعديه على الحاجز وقال بنبرة ساخرة وهو يرد صفعتها الباردة
- صدقيني يا انسه اخر حاجة كان ممكن افكر فيها مشكلتك مع موظف الاستقبال .. كوني مدير الفندق لازم أحافظ على سمعة الفندق من أي شخص بيعمل شوشرة
دلو ماء مثلج سقط على رأسها وهي تستقبل وقاحته ونبرته المستهزئة ، ذلك عديم الحياء .. البربري .. الحقير .. عديم الذوق ..لحظة لحظة هل قال مدير الفندق !!
عادت تتفرس وسامته الفجة وهي تدقق جانب وجهه وهي لا تعي الحديث الدائر بينه وبين موظف الاستقبال المرتبك ، هل ذلك الرجل مليونيرًا ام بلياردير كي يتملك فندق بتلك الضخامة !! ، تفحصت بفضول انثوي بشرته البرونزية التي تتميز بها بشرة بلدها ثم إلى خصلات شعره الحالكة ثم حاجبه الكث إلى لحيته المهذبة التي زادته جاذبية ، انتقلت الى اخر نقطة الا وهي شفتيه .. أغمضت جفنيها فورًا وهي تلعن ما تفكر به ..عادت مرة أخرى تدقق بملامحه بها لمحة رجل لعوب .. زير نساء .. ذلك الرجل الخطر يعلم تأثيره علي النساء جيدًا كونها لاحظت انه التقطها بالجرم المشهود ما أن التقت نظراتها الولهة نحوه
- ياريت يا جمال تخلص من المشكلة في اسرع وقت
صعقت من وقاحة ذلك الرجل الفظ الغليظ لتنظر نحوه بعداء شديد ، نظرات نارية تحرق الاخضر واليابس
- افندم !!
لم يعبأ للرد بل لم يكلف نفسه .. التفت إلي جمال بنظرة ذات مغزى مما جعل جمال يهز رأسه ايجابًا عدة مرات وهي كالأطرش في الزفة .. حتمًا هي المغفلة بينهما ، عاد الرجل الغامض بنظراته نحوها وهو يهتف بنبرة جافة
- اقامة سعيدة يا انسه
جمدتها تلك النظرة الاخيرة منه .. جعلتها ترمش بأهدابها عدة مرات .. تحاول أن تفسر معنى تلك النظرة التي شملتها كلها قبل مغادرته .. انها لا تفهم هل هي نجت منه أم وقعت في براثن ذلك الصياد !!
التفت مغادرًا بعد أن أشبع فضوله نحو تلك الأنثى الثائرة .. ملامحها الناعمة يظهر خلف طياته نمرة شرسة جريئة ، سيرها المختال ونغمات كعب حذائها العالي جعل العديد من أعناق الرجال تلتف إلى تلك المرأة المغوية بخصلاتها الشقراء المصفوفة بعناية خلف ظهرها و قماش ثوبها العملي ذو شعار شركة الطيران .." اذًا تلك المرأة مضيفة " .. أبرز قدها الرشيق معالم انوثتها الفتاكة .. لا ينكر أنها أثارت فضوله .. فضول لمعرفة خبايا تلك المرأة التي تظهر أظافرها بعداء امام اي رجل وعيونها التي تشبه عيون القطط في مكرها ودهائها وشفتيها التي تغوي قديسًا ، يعلم جيدًا تأثيره علي جنس حواء وهي الاخري لم تستطع أن تبتعد عن مداره لقد سقطت بسذاجة في قضبان مصيدته ، راقب نظراتها المتفحصة له .. نظرة انثى راضية ولم تعبأ بوجود الموظف أمامها ، يعجبه النوع الجريء من النساء وهو لن يترك امرأة أثار فضولها !!
هي وقعت في براثنه لن تنكر
وقعت حتى تكسرت عظامها وتحطم وجدانها
تمكن الصياد من حصار فريسته ورضخت هي بخنوع شديد
افاقت من شرودها الذي ظهر به وجهها القديم الساذج علي صوته الساخر
-اقدر اعرف سبب الزيارة السعيدة دي
كان واقفا ينظر اليها من علو وعيناه التي بقدر ما اعجبت بها لكنها خشت منها كثيرا .. عدلت من خصلات شعرها الشقراء لتجلس بترفع علي المقعد دون قصد انحسر تنورتها القصيرة حتي ظهر جزء من وشمها علي فخذها الايسر
ضاقت عيناه على موضع الوشم ليرفع عيناه ساخرا منها .. تقسم أنها تعلم ما يدور في عقله
تظن انها ستعيد ايام الخوالي
ظهر الغضب من عينيها وهي تجده يعود للجلوس علي المقعد بجمود منتظرا سبب زيارتها السعيدة كما قال سابقا .. مطت شفتيها ثم قالت بهدوء ثابت
-تقدر تقول مراجعة أخطائي واخطائك
لمعت عيناه بتلك اللمعة قشعرت بدنها وارتجف داخلها لكنها ثابته .. جامدة .. وجهها لا يوحي بالحرب المشتعل بداخلها
عاد يكرر كلامها بنبرة متسلية
-اخطائي؟!
لفت خصلة حول اصبعها وهي تواجهه ببرودة اعصاب
هي تدق طبول الحرب في أرضه
لكنها ستنهب أرضه
-جيه وقت دفع الحساب .. عموما 3 سنين غيرت فيا كتير وجيه دورك يا نضال
ملامحه غامضة ... يوجد بها العديد من الشفرات .. حك طرف ذقنه قائلا بصوت أجش
- مارية
لطالما كان ينطق اسمها بشيء من الحميمة ونبرة اجشه تخرج من صوته علامة للرغبة
الصوت الذي يخرج من شفتيه بأسمها يذكرها حينما كانت في قبضته
في قبضة الامبراطور وهي مجرد جارية له
مسحت بيدها على تنورتها وقامت تنظر إليه من علو قائلة
- مش عايزة اعطلك .. عموما استعد يا نضال باشا
غمزة فـ ابتسامة فـ وعيد فـ لقاء قادم
حيث تعادل الخصمان في عدد الاسلحة والجيوش
قالت بنبرة ذات مغزى
- لقاء قريب إذا
شيعها بنظراته حتى اختفت خلف باب غرفته
سبها بعنف وهو يتنفض من مقعده ... اللعنة هل يجب ان تظهر الآن وكل شيء من حوله على وشك الانهيار
زفر بحرارة وهو يمر بخصلات شعره القصيرة .. عودتها يبدو سكون قبل العاصفة !!
****************
هي انشغلت في صالتها الجديدة ... معداتها من نيويورك جاءت سالمة الى مكانها الجديد
اسابيع تعمل كالطاحونة حتى انهت الجزء الاول وهي الاجهزة رياضية وفكرت ان تستغل المساحة الشاسعة لنادي صحي
زفرت بعمق وهي تنظر الي المشتركات الجدد وعيناها تلمع بحماس لجعل صالتها من أهم الصالات الرياضية للنساء
لن تقتصر على فئة معينة من النساء وستكون هي ميزة منفردة عن باقي الصالات الرياضية
نظرت الى السطح العاكس الذي يحتل مساحة شاسعة من الغرفة ... بدأت الموسيقى تنساب على اذنيها لتقول بصوت مرتفع
- 5 … 6 ... 7 ... 8
حركاتها رشيقة .. وانغمست هي كليا مع الموسيقى .. العالم من حولها اختفي وعادت هي الى فريال الصغيرة البريئة
فريال التي كانت اكبر احلامها إنشاء أكبر صالة نسائية وباحثة عن الحب
فريال التي تبدلت ولم يعلمها أحد .. حتى هي أصبحت من هي ؟
هويتها فقدتها .. وكل ذلك يعود بسببه
الحقير الذي كسرها .. لكنها أثبتت له أنه مخطئ
ربما الكسر لا يعود كما كان سابقا
يظل ندب موشوم في الروح
وهي تحمل ندوب في روحها المعطوبة
التفتت عدة حلقات وعيناها سابحة في غياهب ماضيها
لمحت شخصا واقفا على عتبة الباب .. ضاما يديه في جيب بنطاله ينظر إليها بتفحص
وكأنه يحاول الوصول الي عمق روحها
توقفت عن الدوران وروحها القديمة عادت للحظة وهي تنظر اليه
أغمضت جفنيها وهي تمرر بأناملها على خصلات شعرها القصير التي بالكاد تصل إلى ذقنها
التفت إلي النساء وقالت وهي تطفئ مشغل الموسيقي قائلة
- إستراحة لمدة 10 دقايق
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها وهي تتوجه إلى القرصان
نعم طال غيابه وتوقعت أن يأتي منذ تلك الليلة البعيدة حينما قابلت شقيقته
لكن ليست مشكلة هو الآن هنا
صاحت مرحبة قائلة بمرح زائف
- اتفضل
نظر إليها بعينيه البلورتين الي عيناها الداكنة ... راغبا التعرف على جانبها الآخر الذي راه منذ لحظات
لقد بدت منذ لحظات بريئة وضعيفة وكأن بحركاتها الرشيقة تصرخ للنجدة
عاد بعينه الى عيناها التي تبدلت للجمود ... صاح بجمود يشوبه السخرية
- فريال الشواف منورة بنفسها في قريتي
قرية الجنيات
نعم ... صاحت بنبرة لاذعة
- بدل ما انت بتصرف فلوسك وتبعزقها شوف مشاريع خيرية افضل
رفع حاجبه يرى انفجارها البارد .. هي تجعله يفكر بها مرارا
ونجحت حقا في ذلك ... رمق صالتها المبهرة بديكوراتها والاجهزة التي تتكلف ثمنا باهظا ليرد ساخرا
- اظن انك اخر واحدة تحكيلى عن الموضوع ده
مال اليها وعيناه تقتحم عيناها دون سابق انذار
ليصيح بلهجة مخيفة
- عايزة ايه .. شغل اللف والدوران ده مش بيعجبني
راقبت تلك المسافة الفاصلة بينهما لتقترب خطوة واحدة وهي تضم ذراعيها على صدرها
لفحت أنفاسها في وجهه وطولها يكاد يصل إلى كتفيه العريضين .. لتهمس بصوت مغوي
- اللي انت عايزة وبتدور عليه انا كمان عايزاه
وحرب الأعصاب تلعبها هي بأحترافية .. اقتربت تغويه و تلف جسدها الناعم حوله
ترغب في إشعاله
فقدان سيطرته
حتى تحكم هي اللف حول عنقه كالحية
همست تجذبه باغواء
- ايه يا وقاص باشا ده انت معروف بسرعة بديهتك
هي كل مرة تدهشه
تثير به الفضول والقلق
نعم سيكون كاذبا إن لم يعترف بها
هو ليس جبانا لكنه سيكون أحمق و مغفل إن لم يعترف انها تلعب بـ أوتار حساسة
وقحة حتى تقدم رخيصا كهذا أمام النساء
الا تعلم هي الإشاعات التي ستنتشر بسرعة
لمست ياقة قميصه واندلعت النيران في عينيها هامسة بحقد
- انت عايز الراس الصغيرة وانا عايزة الراس الكبيرة
امسك كفيها بقوة وبعدها عنه وأزال تلك المسافة الضئيلة بينهما قائلا
- والسبب ؟
- انا عارفة اللي حصل لأختك .. وجاية لسلام
اي سلام هي قادمة له وقد أرعبت شقيقته
اصبحت ملازمة البيت وتخشى الخروج
اللعنة هو لن يسمح لها أن يعود لنقطة البداية بعد أن قطع شوطا ليس سهلا
علمت ما يعصف في ذهنه كما تراه في عينيه لتقول ببساطة
- مش مصدقني صح .. واضح لسه متنرفز من موضوع القصر .. الصراحة ليك حق انا لو منك كان عندي تصرف ثاني
شهقت باصطناع وهي تنظر الى ساعة معصمه لتهمس باسف زائف
- أووبس ورايا شغل ... لينا مقابلة تانية يا وقاص
وعادت بكل هدوء إلى منتصف الصالة رغم الهمسات التي تتبادلانها النساء
لكنها بدت غير عابئة اطلاقا
غير مكترثة بل بكل لرود عادت تستأنف التمارين بحزم
ربااه من تلك المرأة ؟!
وضع نظارته القاتمة على عينيه ليلقي نظرة عليها .. نظرة اخيرة ربما وهو يهمس
- افوقلك وهعرف حكايتك
*********************
عادت الأشباح
خرجت من القبور
وتعيث في الأرض فسادا
أرضها هي تحولت من الخضرة وكل ما تشتهيه النفس .. إلى صحراء قاحلة لا يوجد بها كائن حي
كل ما فعلته لها ولاخيها تحطم
هي هربت من الناس حتى لا يتذكروا خطاياها
لكن تأتي هي ....
امسكت وسادة تنفس بها عن غضبها ... لكمتها بكل عنف وضراوة تتخيله هو
كان هو مكبلا اياها ... مانعا اياها من الحراك .. فمها مغلق بقطعة قماش وجسدها تعري امامه
هي تشعر بالقرف من جسدها ومن لمساته التي تخبرها ما سيفعله بها تلك الليلة
اخبرها انها ستكون ليلة لا تنسى
وهو صدق
وتلك الليلة اصبحت ليلة لم تمحي من ذاكرتها رغم العلاجات التي خضعتها
لاح من ذاكرتها القديمة مشهد قديم
قديم لدرجة انه باهت
بلا حياة
أغمضت جفنيها وهي تستعيد المشهد وكأنه حدث ليلة أمس !!
- هسأل سؤال شخصي شوية لو مش هيضايقك
ابدي ماجد جل اهتمامه لها وهي يتفحصها
اتعلمون تلك النظرات التي تربك المرأة
وتجعلها تفقد سيطرتها
هذا ما فعله هو ... علاقتهم توطدت إلى حد ما كون شقيقها في الخارج
سمحت لشخص غريب عنها أن يتوغل لها .. غمغم ماجد مؤكدا
- اكيد
ارتبكت معالمها لفحصه الدقيق لوجهها .. أشاحت بعينيها عنه وقالت بارتباك تحاول معرفة ذلك الغامض
- هل غيابك ده بسبب مشاكل عائلية ؟
أظلمت عيناه بوحشية .. وقبض يده على قلمه لترتعب هي قائلة
- لو مش عايز ..
قاطعها قائلا بوحشية جمدت اطرافها
- عيلتي اشك انها عيلتي
اتسعت حدقتا عينيها بذهول ليتابع ببساطة ساخرة
- متتخضيش كده انا كل اللي عايز اقوله اني حتى الان معرفش ايه سبب المشاكل الكتيرة دي ... كل مرة بحاول اعرف سبب مشاكلهم لكن للاسف محاولاتي مش بتوصل لشيء
هو مثلها
عائلتها لا تعبأ بها حرفيا
ونضال هذا لا يهتم سوي لنفسه
رغم مشاجراته مع والدها إلا أنه الحصان الأسود في عمله
لكن الاشاعات الكثيرة به يجعلها تشعر بالخجل والعار كونه من عائلتها
لكن حينما جاءت لصورة وقاص ابتسمت بنعومة وهي تقول
- بس اكيد في حد مخليك صامد
هز رأسه نافيا
- مفيش للاسف
سحقت شفتها السفلي بأسف وهي تري معالم وجه البائسة لتهمس باعتذار .. في محاولة بائسة منها للتهوين عنه
- انا اسفه
غمغم بمرح منفعل
- المهم فيه تخليص محاضرات ؟
جارته في مرحه وهي تعطيه تلخيصات تساعده على فهم المادة ورفعت اصبع الابهام محذرة
- متتعودش مني علي كده .. لازم تحضر
هز رأسه وهتف بجمود
- ان شاء الله
الجملة المصرية المشهورة التي أصبحت بمعني "ولا هيحصل" .. عقدت جبينها بضيق قائلة
- يبقي مش جاي ... اه انا بساعد بس صدقني لو لقيت حد بيستغلني هيخسر كتير
هي توجه له رسالة خفية وهو التقطها حينما حدق في عينيها لثواني قبل ان يقول بمرح ثقيل
- اوووه لازم اخاف بقي
أومأت موافقة وهي تتخذ لهجة حازمة لتداري خجلها منه
- من المفترض .. الملخص يجي بكرا فيه شعب عايز يستفاد
هز رأسه وقال وهو يهم بالقيام
- اكيد .. استأذن انا اسف لو عطلتك
شيعته بنظراتها حتى اختفى عن مرمى بصرها .. لم تشعر بجلوس نادية حتي أجلت حلقها وصاحت متنهدة
- اووف القمر هل علينا في نص النهار
هزت رهف رأسها يائسة .. لطالما اخبرتها نادية عن اعجابها المريض به منذ ظهوره .. صاحت مشاكسة
- اهدي ، شوية و هلاقيكي اختارتي اسامي عيالكم
عضت نادية شفتها السفلي بوقاحة قائلة
- هو بس لو يديني ريق حلو
سارعت رهف بوضع كفيها علي شفتيها قبل ان تشهق موبخة
- بطلي اللي في دماغك ده
غمزت بمكر عابث .. تذكرها بتلك الروايات التي أدمنتها كما فعلت
- ما اللي في دماغي عجبك يا برنسيسة
زمجرت رهف وهي تلكزها بقوة
- يا قليلة الادب
انفجرت نادية ضاحكة وهي تقول
- شوفي دماغك هي اللي راحت مش انا
تنهدت رهف يائسة
- ادي اخره رواياتك
تلاعبت نادية حاجبيها بشقاوة
- لو مش عجبك طلقني
امسكت رهف مقلمتها والقتها علي وجهها لتتفاداها نادية بمهارة و رهف تصيح غاضبة
- امشي من وشي
منذ تلك اللحظة علمت ان هناك شئ متغير بنادية .. تحذيراتها الباطنية .. وبعض الألفاظ الخادشة للحياء التي تخرج من شفتيها ، نادية تغيرت وأصبحت شخصا اخر لا تعلمه .. لا تعلم ما المتغير بها ولا المشاكل التي تواجهها لكنها ستعلم منها حتما .
ويا ليتها ما علمت .. نادية لم ترغب السقوط بمفردها ..فأجبرتها هي ايضا للسقوط معا !!
*****************
- طمنيني عنك يا مارية
قالها بلوع لم يستطيع اخفاءه
هو جاهد الكبح في مشاعره
لكن لم يعد يصبر اكثر
هي ستهرب منه عاجلا ام اجلا
سمع زفرتها العميقة عبر أثير الهاتف وهمست قائلة
-متقلقش كل حاجة كويسة .. أنا وشمس بخير
نظر الي صورتها التي تحتل حائط في منزله بحنين .. عبث في خصلات شعره قائلا
- آسيا ساكتة لفترة طويلة وانا مش هكدب واقولك مش قلقان
شتمت بعنف وهي تصيح قائلة
- الحرب دي حربي انا وانا اللي هخوضها لوحدي
- انا غبي اني سمحتلك تسافري
لطالما يصدمها ماهر بصراحته المطلقة
صريح لدرجة تجعلها تخاف منه
هو لايستطيع ان يزف رأيه .. أو يضعها في إطار تجميلي
شخرت بسخرية
- يا كابتن ماهر .. اظن وقت الندم فات
صاح بتصميم
- هجيلك يا مارية
لا ..لن تدعه
هو وعدها انه لن يقترب منها
هي استغلته لانها تعلم انه يضعف أمامها
عضت شفتيها قائلة بهمس
- انت وعدتني
- وانتي وعدتيني ان قبل أي خطوة هتقوليلي
صاحت بأسمه ناوية ان تعدل عن قراره
- ماهر
لمس بأنامله علي لوحتها وكتم تأوه يخرج من شفتيه ... ذلك الحقير حطمها وكسرها .. الحقير اقترب منها وسرقها منه وهو كان غبي حينما تركها له .. لقد رأي عيونها تلمع بالسعادة حينما تتحدث عنه وعن هداياه ، قرر ان يحفظ ماء وجهه لكن ما فائدة البكاء علي اللبن المسكوب ؟!
غمغم بعتاب
- خالفتي وعدك يا مارية
جلست بتهاون علي المقعد ومرت اناملها بعصبية علي خصلات شعرها مندفعة بتهور
- ليه بتعمل كده ده معايا ... انت عندك عيلة مشوفتهاش من فترا وجاي تساعدني
لمس بأنلمه على ملامح وجهها وقال بنبرة ذات مغزى
- انتي عارفة السبب
أغمضت جفنيها وتلك المرة تصل لها صريحة .. لا لن تنفع له .. عائلته لن ترضى بأمراة مشوهة مثلها .. وهي ما عادت تستطيع تقبل وجود رجل بجانبها
- ومش عايزاك تقولها
رد ببرود
- مش محتاج اقولها .. ساعات الكلام بيكون مقداره قليل جدا بالنسبة للأفعال
زفرت بيأس وقالت منهية الحديث
- محتاجة اقفل ورايا مشوار مهم
غمغم بلهجة غير قابلة للنقاش
- جاي يا مارية
أغلقت المكالمة والقت بهاتفها على الفراش .. لما سيأتي ؟ هي تستطيع الدفاع عن نفسها والدليل المفاجأة التي أعدتها له .. ربما لا تعلم كيف ستكون ردة فعله .. لكن القرار الذي اتخذته كان افضل قراره رأته صحيحا لأخذ حقها .
**********
صرخت في وجهه هادرة بعنف
- انت مجنون اوعك تتجرأ و تخطي حدودك معايا
الحارس الشخصي تلبسه الجنون حتما
الا يكفي انه يستقل سيارة بمفرده ويتابع تحركاتها
لقد سبب ذلك المجنون بها الخوف والقلق
منذ ان علمت انه من يتابع تحركاتها بسيارته الغامضة ... وكل ذلك يرجع إلى والدها القلق عليها فقط .. قلق عليها هي التي لاتخرج من حدود المحافظة أما شقيقتها التي تجول في أنحاء العالم غير قلق عليها ، مسح الحارس علي وجهه قائلا بثبات
-يا انسه شادية دي تعليمات البيه
اقتربت منه تضربه بقبضتها الضعيفة غير مؤثرة في جسده العضلي الضخم هادرة بعنف
-ملكش دعوة باللي يقوله بابا انت تنفذ اللي عايزاه
تركها تنفس عن غضبها وكأنه وسادة الملاكمة !! ، صاح بصوت اجش ارعبها
- انسه شادية احنا هنتأخر عن الميعاد
نظرت الي الفندق خلفها الذي من المفترض أن تشرف على قاعة للزفاف .. خشت انا يراها العمال لكن اطمأنت حينما لم تجد احدا منهم لتعود إليه قائلة
- لو مبعدتش دلوقتي انا هوقف تاكسي و وريني هتعمل ايه
دفعته عنها بعيدا وسارت عدة خطوات خارجة من الفندق لتستعين بسيارة أجرة ، وخلفها هو يعض على نواجذه صائحا
- يا انسه
استمعت الي نبرته الغاضبة ، التفتت اليه هادرة في وجهه
- ولك عين يا بجح تتعصب .. انا غلطانة اني بضيع وقتي عليك
نظرت بعينيها إلى الطريق تنظر بأمل حتي صاحت بعنف وهي تري سيارة أجرة قادمة من بعيد
- تاكس
اندفع الدم في اوردته وهو يرى انحسار بلوزتها القصيرة ليظهر خصر نحيل ... اغمض جفنيه وهو يسب بعنف على ما ترتديه في كل يوم .. فتح عينيه ليجدها هابطة بجذعها الى النافذة قائلة للسائق
-فاضي ؟
اللعنة كيف سمح لها والدها الخروج هكذا ويطلب منه ان يحافظ عليها ، ربما يستطيع حمايتها بجسده لكنه لن يستطيع حمايتها من الأعين التي تلتهمها ... اندفع نحوها بعنف ليسحب عضدها إليه حينما سمع نبرة الذئب الجائع وهو ينظر بجوع إلى ما تم اظهاره
- ايوا يا انسه
صاح بصوت مرعب للسائق قائلا
- اتحرك انت يا باشمهندس
التفت اليها حينما وجد السائق فر هاربا منه .. ضغط بقوة على ذراعها وسحبها اليه لتصيح برعب
- انت بتتخطي حدودك للمرة .... للمرة
لسانها شل عن الحركة ... رباااه انها قريبة منه ... قريبة وكأنه على وشك ان يفعل شئ مشين بها .. انفجرت الدماء في وجنتيها السمراء وارتبكت حدقتها قائلة
- اووووف
ترك ذراعها ما ان وجد لسانها قد انعقد .. .كم يود أن يسحبها الى السيارة ويذهب بها إلى المنزل حتى يهدأ عقله الذي على وشك أن ينفجر .. سمعها تهمس بسخرية
- شركة ايه اللي تعين اجسام من غير عقل
مد ذراعه إلى السيارة قائلا بجمود
- اتفضلي يا انسه
حينما همت بالرد عليه وجدت جيهان ظهرت من العدم بدراجتها النارية قائلة
- بتناقروا زي الديوك ليه
انشرحت أسارير شادية والتفت تستقل خلفها قائلة
- كويس انك جيتي يا جيجي .. وصليني في طريقك
ضيقت جيهان بعينها اليهما وهي ترى أن هناك حرب على وشك البدا .. ولم تكذب ظنها حينما استمعت الي نبرة شادية الحادة موجهة حديثها إلى الرجل الضخم
- بكرا الصبح مشوفش وشك
انطلقت جيهان بدراجتها النارية بعد ان امأت الى الحارس .. شيعهما الحارس بنظراته ليعبث بخصلات شعره قائلا
- مجنونة يا ربي كل عميل اجن من اللي قبله
***********
- فرح
صاحت بها والدتها تخرجها من شرودها المخيف .. انتبهت فرح الي والدتها التي جلست بجوارها مربته على فخذها لتقول
-ايوا يا ماما
نظرت اليها والدتها نظرة ذات مغزى قبل ان تقول بتهكم
- مالك يا بنتي مبقتيش زي الاول ليه
غمغمت بسخرية
- الشغل تاعبني
زفرت والدتها بيأس قبل ان تقول
- انت اللي اصريتي تمشي في الطريق ده رغم اني حذرتك .. بس هعمل ايه غير اني ادعيلك
حتى امها تظنها عاهرة
عاهرة باحثة عن المال
لكن هي لم ترغب في المال
هي فعلت هكذا حتى تأزمت حالتهم وكل من أفراد عائلتها ترغب بالمال .. التفتت الى والدتها صائحة
- يا ماما ارجوكي متعمليش كدا .. انا مراته
لاحت ابتسامة ساخرة علي شفتي والدتها ونهضت من جوارها قائلة
- مراته في السر يا بنتي ... انا رايحة اشوف ابوكي
هل الآن تسمع تهكم والدتها
ألم تخبر والدتها وطلبت منها النصيحة حينما ضاق بها الأرض ذرعا
الم تشجعها على ذلك الطريق ؟!
اتسمع منها الآن الندم والسخرية !!
أغمضت جفنيها بيأس
- امتى هتتخلص مني يا نضال
**************
نقر وقاص بقلمه على سطح مكتبه ونظر الي احمد ومحاميه ليقول بنبرة جامدة
- لقيتوا مكان مناسب للمشروع
اجلي أحمد حلقه قبل أن يقول بأسف
-دورنا لكذا مكان بس للاسف الاماكن دي تفتقر لمميزات المكان الأول
نقر بقلمه على سطح المكتب للحظات .. ملامح وجه غير مقروءة ، رفع بعينه إلى أحمد وقال
-تمام جدا ... ورق المشروع يتحرق
حل الذهول على ملامح كلا من المحامي وأحمد .. صاح احمد مذهولا
- ايه ؟ يا فندم اد....
قاطعه وقاص قائلا بصوت حاسم
- كلامي خلص يا باشمهندس اتفضل
عض أحمد علي نواجذه ... رغم الحريق الهائل في جسده إلا أنه قال بصوت جامد
- تمام يا فندم
خرج احمد يجر اذيال الخيبة .. لقد ضاع ترقيته وضاع مشروعه المشرف عليه ، التفت إلى المحامي صائحا بعنف حينما دلفا الى المصعد
- مش عارف ايه اللي عمله الباشا
نقر المحامي علي طابق مكتبه وملامحه الجامدة جعل أحمد يشتعل غضبا
- وبالنسبة للبيوت اللي اتهدت ؟! ... والمساكن اللي أديناها و الفلوس اللي اتصرفت .. وانا منصبي ومشروع اللي كان هينقلني لمكان تاني
ربت المحامي علي كتفه وقال بهدوء
- تتعوض يا باشمهندس والباشا هو اللي مسؤول عن الخسارة .. رايح اشوف شغلي
اختتم عبارته حينما وصل المصعد الى طابقه المنشود .. غمغم بحقد دفين
- كل ده بسببها ... حته ست لاراحت ولا جت لعبت علينا كلنا
*********
واقفا ينظر الى النافذة الزجاجية ... لم يستدعي فرح مرة أخرى إلى منزله بعد انفجارها الأخير
ان استمرت في الكذب عليه ستصبح كارت محروق بالنسبة إليه .. او هي من تسعى الى ذلك عمدا حتى يعجل بخروجها من دوامته !!
هذا من جهه ومن جهه اخري قدوم مارية كالاعصار إلى أرضه ... رغم لقائهما منذ فترة ليست بعيدة وكلف رجلا أن يبحث خلفها وما يأتيه لا شيء ... زيارات مع زميلاتها في عملها السابق ومكوثها في منزلها القديم ... سكونها هذا يقلقه غير من الممكن ان تلقى تهديدا ثم تصمت وتتراجع جيوشها .
حدسه صدق حينما جاءه في الصباح الباكر تحذير من والده الباشا الكبير ، ثم اتصال المحامي الخاص به وهو يخبره أن يجب مقابلته في امر عاجل
وهو ما زال منتظرا اياه ... غير عابئا بتهديدات الوالد لانه يعلم انه يحتاجه في العمل اكثر من اي شخص اخر .. حتى وقاص !!
استمع الى صوت السكرتيرة عبر الجهاز تخبره بقدوم المحامي ... سمح بالدخول والتفت الى الباب الذي انفتح بعد لحظات وقال بنبرة ساخرة
- ايه يا متر وجودك هنا مش مبشر الصراحة انت والباشا الكبير في يوم واحد تتصلوا بيا
مسح المحامي الخاص به العرق المتصفد على جبينه بمحرمة ورقية وقال بنبرة اسفه
-مش مبشر خالص يا نضال باشا
التفت حول مكتبه وجلس على مقعده وصاح بجمود
- قول
صاح المحامي بلهجة جامدة
- اترفع عليك قضية نسب
صمت ... صمت ما قابله حينما أخرج قنبلته
نظر الي ملامح نضال الجامدة وعيناه تموج بالبرية والغضب ليغمغم نضال قائلا
- نسب ؟! ومين اللي رفع ؟
أجاب على سؤاله الذي يعلم إجابته جيدا
- مارية عزام
واسترسل بجمود وهو يعطيه الورقة التي أرسلت من المحكمة قائلا
- بتطالب بإثبات ابوتك لبنتها شمس
التهم نضال الورق التهاما ثم صاح بسخرية
- جيه الوقت الضعيف يطلعله صوت
أرخى رأسه على المقعد وغمغم
-لسه ساذجة زي ما انتي يا مارية و هتفضلي طول عمرك كده
في قبضة الإمبراطور
الفصل السابع ..
الأحداث ما زالت غامضة ؟!
لكنك بدأتي تمسكين اول الخيط
استمري يا عزيزتي .. فالحقائق والأسرار مهما طال اخفاؤها ففي يوم
ستتجلي تلك الحقائق وصدقيني لن تعجبك
ستتمنين أنك لو تكتشفيها
ربما تكون مصائبك اقل بكثير وأهون مما في الشخصيات التي تلعب بكل إصرار وضراوة لاثبات كفائتها على المسرح الخشبي
لا تتعجلي بالنهاية
فالنهاية ستأتي لا محالة
استرخي واستمتعي معي ... سنسلط الضوء على شخصية مليئة بالأسرار ...
تنهدت شيراز براحة ما إن أخذت وعد من ولدها ... ابنها الذي ما تراه في السادسة عشر رغم انه سنوات قليلة وسيصبح علي مشارف الاربعين .. من يصدق ذلك ابنها سراج سيعود بعد أن اعطته صورة كاملة لما تفعله ارمله اخيه .. ارمله اخيه التي تنهش كل من يقترب من عمل شركة العائلة .. زوجها واعضاء مجلس الادارة تشيد بعملها الكفء لكنها هي تعلم انها في يوم ستقلب تلك الطاولة وسيظهر وجهها الحقيقي ...
نظرت الى زوجها و عيناها لامعتين بظفر .. الصياد حصد على حصة كبيرة من الغنائم وسيتطلب احتفالا ، تمتمت بصوت ناعم أمومي
- ماشي يا حبيبي وانا في انتظارك
أغلقت المكالمة لتلتفت الي زوجها الذي يتصفح بكل برود الجرائد ، لكنه التقط تلك النظرة من عيناها ليغمغم بجمود
-جاي
لم يكن يسألها
لأنه يعلم خلال تلك الاشهر المنصرمة قضتها في النواح والتوسل الأمومي التي تجيده .. ترغب في عودته قبل انتهاء عدة زوجة ابنها ضياء ، ترغب في عودته حتى يتم وضع النقاط على الحروف .. نظرت شيراز نحوه وكادت أن تلقي بأي تحفة ثمينة علي رأسه ، هو لا يشعر بالخطر اطلاقا لكن هي تشعر
اسرار تلك الغامضة التي تقضي بين أربعة جدران تعمل بكل نشاط في العمل ومساعدتها ترسل الأوراق الهامة إليها ... رغبت في استمالتها وكسبها في صفها لكن تلك الخبيثة تعلم خططها واصبحا الان يلعبان على المكشوف
نظرت الى تاريخ اليوم والعد التنازلي للعدة على وشك الانتهاء .. تنهدت بحرقة
- اتأخر انه يجي
ردت على الفور
- يجي في نص المعركة احسن يجي في آخرها
طوي الجريدة والقاها على المنضدة المستديرة امامه وقال بنبرة ذات مغزى
- غريمك مش سهل يا شيراز
زوجها هو الآخر شعر بتغير اسرار .. جيد انه شعر بذلك ولا ستكون هي المجنونة الوحيدة في المنزل
- الايام هي اللي هتثبت ده
حدقت بعيناها إلى الجدار .. غمغمت بصوت هامس
- الايام جايه ما بينا يا اسرار ويا انا يا انتي
من خلف الجدار كانت واقفة ببرود .. استمعت بالصدفة الي صوتها الهادر عبر الهاتف ، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها
- الايام هي اللي هتوضح يا حماتي
*************
الموسيقى هي التي تجعلها تعود إلى حقيقتها
روحها التي ما زالت تثأر وتعربد طالبة بالتحرر من الدرك الذي سقطت فيه
تتذكر كل يوم ملامح قرصانها الغائب .. غموضه وصمته يشغل حيزا في عقلها الذي لا يتوقف عن التفكير
لولا تلقيها رسالة تهديد من الماضي الذي يجري خلف اظلالها طالبا شيئا ليس من حقه
مفتاح حريتها يطلبه بكل جفاء وهي ليست ساذجة للعودة إلى العذاب مرة أخرى
لكن هو جاءها صدفة .. وجودها هنا لغاية أسرتها في نفسها لكنها ستبلغه بها يوم
اليوم تشعر انه يقترب والباحثون خلفها سيصلون في أي وقت الي عقر دارها
الشيء الذي يبقيها على قيد الحياة هو الذي بحوزتها ... وهي ستحارب بأسنانها و تنهش لحم من يقترب إلى محيطها
أفاقت من دوامتها العاصفة إلى وجوه النساء الثريات المدللات .. انها تمقتهم بشدة وتمقت أفعالهم وحديثهم عن المجوهرات والاحتفالات .. اللعنة شادية محقة ان النساء من الطبقة المخملية يمتلكن عقلا فارغا وتعيش في فقاعة منعزلة عن الجميع ......
صفقت بيديها وهي تنظر الى المراة العاكسة الي وجوههم المجهدة .. لتهتف بصوت ناعم
-ممتاز جدا .. اهم شئ الاكل في مواعيده بدون اي لخبطة ... اشوفكم في الـ class اللي جاي
زفرت بحرارة وهي تمسح حبات العرق المصفدة على جبينها وتأملت بهدوء الي جسدها النحيل وشعرها الأسود القصير الذي رغم تعجب تلك الفتيات اللاتي يتغنين بطول شعورهن الا انها لقت مدحا علي تصفيفة شعرها بل ولجرأتها التي جعلتها تقص شعرها بذلك الطول ... رهف لم تعاود الظهور وهذا يقلقها
قلقة من كل ما خططت له يذهب في مهب الريح .. التفت إلي صوت تعلمه جيدا يصيح بصخب
-الصراحة عندك حق انك تيجي هنا
انشرحت أساريرها وهي تنظر الي ابنة خالها الأخرى بشحمها ولحمها امامها وخصلات شعرها يتراقص بمرح خلف ظهرها لتتقدم نحوها محتضنه اياها قائلة بتعجب
- جيجي !! ، انتي بتعملي ايه هنا ؟
غمزت جيهان بمكر انثوي واكتسب بشرتها البيضاء حمرة محببة لترفع بنظارتها الشمسية قائلة
- صاحب المكان طلب يقابلني
سحبتها الى احد الاركان لتجلسان على المقعد .. عبست فريال قائلة
- القرصان !!
نظرت جيهان الي الصالة الرياضية وكونها جلبت معداتها من آخر البلاد يعني أنها باقية ولفترة طويلة ، عبست بتهجم
- بس مكنتش اعرف انك جدية للدرجة دي يا فيري ... افتكرت مدة بسيطة وهترجعي
ابتسامة شاردة احتلت معالم فريال وهي تقول بنعومة
- المكان يستاهل
قرصتها جيهان بخفة قائلة بمكر انثوي وعيناها تتلألأ بالآلاف من النجوم
- وصاحب المكان بردو
تنهيدة حارة كبحتها في شفتيها .. رباااه القرصان من هو ؟!
ان فعل كل هذا من أجل شقيقته ... ماذا عن حبيبته ؟!
تسللت ابتسامة ماكرة علي شفتيها الي ركن خبيث ظنت انها قضت عليه سابقا لكن هذا المكان يؤثر فيها سلبا وإيجابا
سلب ان قناعها الزائف يتصدع ... وايجابا لانها لاول مرة منذ سنوات الهجرة تشعر بالأمان والدفء الذي تنشده
مؤكد القرصان حينما يسقط في فخ الحب بقيدوه سيصبح عاشقا مجنونا .. عاشقا من المؤكد سينال نجمة من السماء ليقدمها إلى معشوقته ..
رفعت بعينها إلى جيهان ... لطالما تكره هذا من صغرها جيهان رغم انها لا تتحدث معها كثيرا الا انها الوحيدة التي تستطيع أن تؤمن اسرارها ... وكيف تنسى انها من استطاعت ان تنقذها منه
ابتسمت بلطف وهي تربت علي فخذها
- من اول ما بدأتي تشتهري يا جيجي محدش عارف يجيبك ولا يعرف مكانك
حتما ستجلب شادية .. اللعنة فريال تعود إلى طبيعتها هنا وتتصرف بأريحية شديدة ، مقابلتها لـ وقاص
هو رجل قليل الكلام لكن رجل افعال
رجل لن تستطيع مقابلته مرتان .. هيئته تبعث الوقار والخشية .. خشية من ماذا لا تعلم
لكن في وجوده انك متحفز في مراقبته ... متحفز لنشب عراك معه وحتما هو في النهاية الفائز
رجل يبدو معتزا جدا بشرقيته وأهل منزله وهو لا تجده كثيرا في فئته من الطبقة المهتمة بالمظاهر
استدعاها لانها بطريقة غير واضحة أنقذت ما تم انقاذه لشقيقته
أنقذت شقيقته وهو بهدوءه الذي يستفزها حاول سبر اغوارها
لكنها كحصن منيع لن تتفوه بشيء من الممكن أن تخسر حياتها هي الأخرى
يوجد العديد من المتربصين الذين ينتظروا أن تظهر لينقضوا عليها
أطلت جيهان النظر الي اظافرها المطلية بلون خوخي لتقول
- هتلاقيني دايما على انستجرام يا بيبي ... انتي عارفة اني من أشهر البنات علي السوشيال ميديا
تملك الملايين من المتابعين على جميع التواصل الاجتماعي .. ربما لأنها مثابرة .. مغامرة .. جريئة .. لحوحة .. تحب استكشاف الأدغال وخفاياها .. التعرف على القبائل الهمجية .. تتوغل إلى مناطق وعرة.. تسافر مع فريقها إلى أي بقعة في العالم تثير بها غريزة الاستكشاف .. والاهم مسابقاتها الخطرة في سباق الدراجات النارية .
هي ببساطة النقيض لاختها شادية
ضيقت عيونها اللي جيهان لتقول بنبرة ذات مغزى
- ظاهريا بس يا جيجي .. بس مش كل الناس تعرف انك بمعلوماتك تودني ناس في داهية
عدلت من ياقة قميصها و نفضت تراب وهمي على سترتها السوداء الجلدية القصيرة لترد
- من دوني مكنتش عرفتي تمسكي علي ال***** زلة
انقلب تعابير وجه فريال إلى 180 درجة ، عادت تلك الجامدة مرة اخري التي قابلتها مذ عادت للسفر .. ربتت على فخذ فريال وهمست بصوت هاديء
- انسيه
ياليتها تستطيع نسيانه .. انه كالمرض الخبيث الذي ينخر في العظام .. لا تستطيع نسيانه لانه يظهر كشبح في اي ركن هاديء .. يذكرها بخبث انه ما زال معلقا في جزء بائس من عقلها ... استمعت إلى نبرة جيهان الممتعضة
- بعد ارتباطك انتي وشادية قررت اني افضل اني ابقي single
مالت فريال براسها وهي تعبس بتساؤل
-فين الوسيم ؟!
تهجمت ملامح جيهان للجمود وردت بنبرة لامبالية
- وسيم وراه شغل كتير وعايزة اقولك بيقنع شادية انها ترجع تغني .. الغبية هتشتهر في يوم وليلة على السوشال ميديا
قدمت لها الحل على طبق من الفضة وهي تقول
- معاكي فيديوهات ليها وهي بتغني
التمعت تلك الفكرة برأسها سرعان ما خفت البريق لتقول باستسلام
- لا بلاش .. مش عايزه اواجه غضب الحليم
عضت فريال شفتها السفلى وهي تعلم ان غدا فيديوهاتها ستنتشر على كافة التواصل الاجتماعي .. من يصدق ان خلف الوجه الحسن عقل داهية كبيرة ، ستستفيد الحكومة منها كثيرا والمقابل كسب أعداء كثر وينتهي الحال بها مقتولة لكن ما تفعله هو عين الصواب .
تذكرت تذمرات شادية من تدخل وتحكم الحارس في معظم شؤونها لتقول
- والحارس؟!
اقتربت جيهان هامسة
- اري ان هناك نار تشتعل
أقرت فريال قائلة
- شادية عايزة اللي يديها على دماغها
- وانتي عايزة ايه ؟
تساءلت جيهان بصوت ناعم لترد فريال بصوت واثق
- القرصان
انفجرت جيهان في الضحك قائلة باستمتاع
- هنيئا لك به يا فيري
ثم ما عادت ملامحها للعبوس وقالت
- المستفز اللي اسمه نزار .. اول مرة اعرف ان ليه مطعم هنا ... مش بينزل من زوري وانا بشوفه بيحوم حوالين شادية
اتقصد الوسيم السوري ؟
التفتت إلي جيهان وقالت
- اشم رائحة الغيرة يا جيهان
هزت رأسها نافية وهي تقوم من مجلسها قائلة
- اطلاقا ... عموما انا همشي عشان الحق السباق
تغار جيهان من اختها لانها رغم اختلاف طباعهما و هيئتهما الا ن شادية تسقط الرجال الذين يحبون أن ينهلوا من نبع البراءة التي بها على عكس جيهان التي تريد من يلجم افعالها المتهورة .. زفرت فريال بيأس حتما ستكون أيام ملتهبة أن رأت رجلين يحومون حول ابنتي خالها .
***********
جرس الفرن انبئها بنضج العجين .. التقطت منشفة وهي تخرج الكب الكيك من الفرن والرائحة داعبت بمذكرتها لأول وآخر مرة صنعت الكب الكيك لماجد بمناسبة عيد مولده ... وقتها كانت اقرب اصدقاءه كما يقول وهي تعتبره كصديق تائه يبحث عن ضالته
نادية صديقة عمرها من الاعدادية ... غياب والديها إلى بلدة خليجية للعمل وتركوها في منزل الجدة ترعاها وتلبي احتياجاتها .. توفت جدتها حينما كانت في الصف الثالث الثانوي ومرت بعدها بمرحلة بائسة ومحطمة حتي السنة الأولي من الجامعة .. وبعدها تغيرت .. معاملتها وجرأتها التي اصبحت مخيفة احيانا وملابسها التي اصبحت في طريقها للتحرر ، اصرت كثيرا لمعرفة ما بها والأمر ينتهي إلى حائط سد
تأملت الى القطعة الاولي التي زينتها بقطع الكيوي التي تحبها نادية ... لتتذكر هجوم نادية الحاد ولأول مرة ومن اجل من .... من أجل رجل !!!
-ايه علاقتك مع ماجد
صاحت بها نادية بحدة وملامح وجهها الناضرة كساها الإجهاد وسواد اسفل جفينها جعلها تهلع بشدة ، تمتمت بصدق
- مفيش اي علاقة يا نادية وانتي عارفة كده كويس
كانت متوترة ... وخائفة ... يداها ترتعش بشدة حتي وضعت كوبي القهوة علي الطاولة ، التفتت الى رهف وقالت بصوت اجش
- رهف مش انا اللي تضحكي عليها بكلمتين
ابتسمت رهف وهي تقترب تحتضنها قائلة بنعومة
- اطمني انا معنديش اي حاجه من ناحيته ... ولو حسيت بأي شئ منه هبعده
هدأتها ببساطة .. اعطتها المخدر الذي ترغبه .. مخدر تضطر أن تتجرعه علّ سلوكها الحاد يخف .. لا تعلم لماذا ماجد ترغبه بكل استماته وضراوة .. تري نظرات ماجد نحوها اللامبالية .. لما هي تتعذب طالبة وصاله وهو لا يعبأ بها حرفيا !!
اهذا الحب بكل حالاته البائسة .. اهي بائسة ليعطيها الفتات !!
هزت نادية راسها قائلة
- تمام
ثم اتسعت ابتسامتها بشكل مخيف ومذعر ... عيناها تحدق الي كوبي القهوة وكأنها طوق نجاتها لتقول
- عموما جبتلك القهوة من ايدي
ببساطة وحسن نية تناولت القهوة التي تجلبها دائما معها ... لطالما تشعر بتغير المذاق بين قهوة نادية وقهوة التي تعدها احدي الخادمات في المنزل ...لكنها نفضت كل شيء وهي ترتشف القهوة قائلة بامتنان
- تعبتك يا نادية
ردت نادية ببساطة وهي ترتشف قهوتها
- لا تعب ولا حاجه
سكنت ملامح نادية وهي تستفسر عن حالتها
- لسه اخوكي مجاش من السفر
هزت رأسها نافية وهمست بضجر
-بيقول انه وراه شغل مهم
- واخوكي التاني ؟
عبست ملامح رهف وهي لأول مرة تلتقط ذلك التلهف من نادية في صوتها وحركاتها المريبة لتقول
- نضال !! .. ده الوحيد اللي معرفش هو بيعمل ابه .. خناقات كتير بتحصل بينه وبين بابا لكن ميقدرش يستغني عنه هو برده عمود من عمدان الاساس في عيلة الغانم
هزت نادية راسها بعلامة غير مفهومة ثم التفتت إلى تجمهر بعض الشباب حول الفتاة اللامعة لتقول وعيناها محدقة الي الفتاة التي تختال بسيرها
- مش ديه جيجي ؟!
رفعت رهف بصرها والقت نظرة عابرة اليها وقالت بلامبالاة
- جيهان .. غريبة انها بتيجي الجامعة افتكرتها مشغولة بسفرها و شغلها علي السوشيال ميديا
صاحت نادية بحنق وهي تعصر بيدها الكوب البلاستيكي حتى انزلق القهوة الساخنة على يدها ولم تشعر بحرارتها علي يدها كونها تشتعل من الداخل
- بجد مش عارفة لمت شباب الجامعة حواليها ازاي .. بجد مستحقش كل ده هي انسانه مغرورة
صاحت رهف بصوت قوي تنهرها بصوت حاد
- ناديااا
انتبهت علي القهوة المنسكبة علي يدها لتنزع يدها عن الكوب وهي تخرج محرم ورقي قائلة
- بفضفض معاكي
هزت رهف راسها وسحبت اوراقها و كشكولها وقالت
- عموما لو هتبطلي نميمة قوليلي علشان ورانا محاضرة .. وشكرا علي القهوة
في الوقت الحالي ...
نظرت إلى يدها التي تلطخت بالشوكولا و صوت زعيق يهدر بقوة خلفها ... الصوت الهادر يزداد قوته ووضوحها لتلتفت خلفها هامسة بنعومة الي وقاص الذي عاد من علمه وصوته القلق الذي يحتضن روحها
- رهف
رسمت ابتسامة باهتة علي وجهها قائلة
- وقاص
نظر الي يديها وقال بنبرة متسلية وعيناه مازالت تحدق نحوها برعب
- بتعملي ايه؟
طمئنته بعيناها وهي تتذكر ذلك الوعد الذي قطعته أمام نفسها ذلك الصباح ... ابتسمت بنعومة وحنين
- فاكر قبل ما تسافر كنت عملت كب كيك ليك .. انا حاسة اني مش لاقيه حاجه اعملها قولت ادخل المطبخ
شمر عن ساعديه وتقدم نحوها قائلا
- خليني اساعدك
عبست وتهجمت ملامحها وهي تنهره بشدة
- ابدا استني لحد ما اخلص
ذكرى قديمة تعبث في مخيلتهما معا وهما يستعيدا الذكرى بنفس الكلام والأفعال لكن المكان هو المختلف ... وقتها كان وقاص عائدا من عمله وهي تعلمت من الطباخة وصفة الكب كيك وقررت ان تصنعها له وراها هو حينما عاد رآها مليئة بالعجين من رأسها حتى أخمص قدميها .. صوت ضحكاته ما زال لها صدي في أذنيها
رفع وقاص يديه مستسلما وبدي للحظة مرتاحا .. مسترخي بشدة
- هبص من بعيد
التفت الي الكب كيك التي تزينها وصاحت تنهره كأم
- عيني علي كل حاجه هعرف لو اكلت ايه من ورايا
كان يراقب شغفها وهي تزين قطعته .. وكأنها تضع قطعة من روحها في تلك القطعة له
كان يظن ان المطبخ مجرد هوس ... لكن هذا الهوس تحول إلى هواية وإتقان وهو يراقب يداها التي تعمل بدقة وحرفية ادهشته التفتت اليها وهي تقدم قطعته هامسة بنعومة
- اتفضل .. زي ما بتحبها شوكليت بتدوب من أول قضمة
نظر اليها للحظات يحتضن عيناها بدفء قبل ان يقضم اول قطعه في فمه .. يتذوقها بتلكؤ
المرة الأولى التي تذوقها كان استبدلت السكر بالملح
وكانت متحجرة ومحروقة لكنه أكلها كلها
اكل جميع القطع التي صنعتها له .. لكن تلك المرة
أغمض جفنيه وهو يتأوه باستمتاع هشة كما يحبها وانفجار الشوكولا في فمه جعلته يعود الي مراهقته
فتح عيناه وغامت عيناه البلورتين وهمس بصوت اجش
- لذيذة ... ايه رأيك افتحلك مطبخ وتبدعي فيه
شهقت بسعادة وهي تكبح دموعها لتهمس بصوت هادئ
- لا صعب انا محتاجه اتعلم لسه ... عموما في وصفات كتير هجربها وانا هنا
اقترب يقبل جبهتها قائلا
- مش لازم تقعدي هنا في البيت ... فيه اماكن كتير برا حلوة ممكن تستمتعي بيها
علمت طلب شقيقها لتخرج من المنزل وترى الاماكن التي لم تلحق ان تراها وكله بسبب تلك المرأة بشعرها القصير .. هزت رأسها وصاحت بهدوء
- اكيد
****************
يحب جدا مراقبة الدخان الأبيض الذي يخرج من سيجارته
ليت كل المشاكل التي تأتيه اليه ركضا تتطاير كما يتطاير الدخان في الهواء
تختفي حتى لا يعد لها أثر ظاهري علي مرأي بصره ...
أرخى رأسه على مسند مقعده وعقله يتذكر مقابلته بالباشا صباح اليوم...
صاح الباشا كما يحب أن يلقبه قائلاً
-انت عارف بعد القضية اللي اترفعت عليك .. سمعتنا وسط السوق عاملة ازاي
ما زال في مكانه يحدق بشرود إلى نقطة في الفراغ .. اتسم الصمت للحظات قبل أن يرد بسخرية
- اعتقد انك اخر شخص تتكلم عن الموضوع ده يا باشا
زفر بحدة وقال بصوت جهوري
- دي مشكلتك لوحدك وانا هسحب ايدي من الموضوع .. عايزك تخلص من الموضوع ده بدون شوشرة
رفع نضال عيناه الي الباشا ، هو الوحيد في تلك العائلة الذي لم يرث زرقة عيونهم بل اكتسبها من والدته .. حك ذقنه بطرف سبابته وقال
- اللي يشوفك كده ويسمع كلامك ميشوفكش وانت وقت ثورة شبابك بتعمل ايه ؟
عقد الباشا من حاجبيه وصاح موبخا
- ولد
ابتسامة ساخرة تتزين شفتي نضال وهو يقول بنبرة ذات مغزى
- الولد كبر وبقي نسخة زيك بالضبط .. وفر كلامك ونصايحك لابنك التاني
رمقه الباشا باستخفاف وقال
- مش عايز اي مشاكل في الشغل
هز راسه بدون معنى وقال بصوت متهكم
- عمر ما كان فيه مشاكل في الشغل وقت ما استلمته
جلسس الباشا علي المقعد وقال بصوت ذات مغزى
- المحامي بلغني انك انكرت بوجودها والمحكمة قررت تعمل فحص DNA ، انت ممكن ....
انتفض نضال وهو يلتفت اليه صائحا بشراسة
- عايزني اعمل زي ما عملت يا باشا .. العب في نتيجة التحليل زي ما انكرت وجودي
ارتفع صوت الباشا وصاح هادرا بأسمه
- نضال
خبط نضال بكفه علي سطح مكتبه وضاقت عيناه بشراسة وهو يصيح
- مش هخط بأيدي نفس الغلط اللي كررته انسي
انتفض الباشا من مقعده قائلا
- انت مجنون انت عارف عملتك ديه ممكن تعمل ايه
رمق الباشا لثواني ... يعلمه انه لايريد ان يكرر نفس خطئه .. لكنه سعي لذلك .. سعي ان يسير في نفس طريق الاب ، صاح بنبرة جامدة
- كان ساعتها عندك زوجة وطفلين بتربيهم .. انا معنديش حد اخبي عليه اعمالي .. رغم اننا متشابهين يا باشا لكن فيه بينا اختلاف
رمقه الباشا للحظات لوهله رأي نظرة الصدمة في عينيه قبل ان تقسو عيناه وهو يغادر مكتبه محركا ذراعه بلا مبالاة
- براحتك
نعم هو يسير على راحته ... دعس عقب سيجارته في المطفأة والتفت يدلف الي غرفة النوم ليقابله فرح بملامحها الناعمة المفزعة لرؤيته قبل ان تهمس بهدوء
- نضال .. انا همشي
وخطت بسيرها إلى الباب للمغادرة ليوقفها بصوته الجامد
- رايحة فين ؟
التفتت اليه تحدق نحوه بتعجب .. سرعان ما ردت ببساطة مريبة لها
-البيت
وضع كفيه في جيب بنطاله وقال بجفاء
- الايام الجاية مش هطلبك كتير متقلقيش على الحساب
مرارة كالحنظل ابتلعتها بصعوبة ... يذكرها بعيناه .. بصوته ... بأفعاله أنها ما زالت عاهرة ... عاهرة باسم زوجه
اسدلت اهدابها تحاول ان تبتلع تلك الغصة التي كادت ان تخنقها لتهمس بصوت متحشرج
- تمام
هز رأسه وصاح بلا مبالاة
- اتفضلي
سارعت بمغادرة المنزل وهي تمتم بحرقة ودموعها تهبط باريحية
- ايامك قربت تنتهي
*******************
ستقص بدايتها ....
وكيف وقعت في مصيدته ؟
البداية لم تكن البداية
والنهاية ستكون أول بدايتها
هي لم تعلم أأسمها هو المشكلة أم هو نصيبها ؟!
ام فرحها مؤجل لوقت معلوم ؟!
هي لم تقابله بل لم تتطلع اليه ... كانت هي منشغلة في عملها الذي يسحب راحتها
نادلة بسيطة ذات ملامح ناعمة وجميلة وهذا الشئ الوحيد الشفيع لها لتستمر في عملها
من قال ان الطبقة المخملية حيث يوجد الأخلاق والمروءة بل هو على النقيض
لمساتهم المتحرشة تطعن انوثتها .. هي تعبت من العمل لكن المال هو الذي تحتاجه لعلاج والدها وتأمين حياتها
ربتت على تنورتها السوداء الضيقة ومالت تدلك بأناملها على نحرها ... التفتت إلى صديقتها التي جلبتها الي العمل قائلة بصوت هادئ
-فيه مسؤولين كبار يا فرح .. اي غلطة مش هقدر اطلب من المدير انه يعديها زي المرة اللي فاتت
المرة الفائته حينما تحرش بها احد ابن المسؤلين الكبار ... المدير لم يستطيع سوي ان يلقي تحذير اليها بسبب ان والده يمتلك نفوذا كثيرا منعه من أخذ حقها .. زحفت الدموع زحفا وهي تتخذ طريقا للخروج ، عضت شفتيها وهي تهمس بصوت جاف
- متقلقيش
بلعت صديقتها ريقها بتوتر .. لتربت على كتفها وقالت بصوت مشجع تدب في أوردتها
- بالتوفيق
امسكت الصينية الموجهة إلى الطاولة المهمة .. هي كانت تقترب منه دون ان تعلم
عقلها كان سابح في مشاكلها وهو من بين الرجال في الطاولة رآها
جذبته بنظراتها الحزينة وسحنة وجهها الجامدة
جسدها الذي يتمايل بطبيعة انثوية رغم ملامس عملها ... كانت مختلفة بين النادلات في المطعم
اقتربت تضع طبق طعامه لتميل بجذعها واضعه الطبق امامه ... الاقتراب بينهما هو أدركه وهي كانت باردة .. بل غير عابئة تماما بما يحدث في الطاولة والنظرات التي تعري جسدها
نظرة ... نظرة واحدة واحدة ارضتها له وتجمدت مقلتيها وهي تري نظراته التي تحاول الوصول لشيء بها .. عادت بنظراتها الي الزبائن تري نظرة الرضي في وجههم لتبتسم بعملية متمتمة
- بالهنا والشفا
وعاد عقلها يعود إلى مشاكلها وهو بقي محدقا نحوها بشيء عجيب يراقبها تنتقل في أرجاء المكان بخفة وتترك اثرا بنغمات حذاء كعبها ... ضيق عيناه وهو يرى شاب متهور يقترب منها وهي حاملة صينية مشروبات تحملها لطاولة ومن شرودها اصطدمت ليشيح بوجهه عنها يستمع إلى الصراخ من الشاب
- انتي عامية مش تشوفي قدامك
للحظات لا تعلم كيف حدث ... هي مجرد ثانية شردت فيها دون ان تراه .. بدت وحيدة مرتعبة والعيون مسلطة بطريقة مخيفة نحوها لتهمس بصوت مرتبك
- انا .. انا بجد اسفه
رفعت عينيها لتنظر الى ذلك الشاب ... انه نفسه الذي تحرش بها وهي امتنعت عنه ، ابتسامة خبيثة تسللت ثغره وهو ما زال يصيح بصوت حاد
- عمل ايه بأسفك ده .. فين المدير
اقتربت صديقتها تتمسك بكف فرح والتفت اليه تكاد تكتم غيظها منه ... ذلك العابث حتما لن يتركها تلك المرة ، غمغمت بصوت ناعم
- بنعتذر جدا يا فندم .. اتفضل معانا نقدر نصلح
هدر زاعقا بحدة اجفلت فرح
- نصلح ايه ... فين المدير هنا .. انا سكت مرة علي الموضوع ده
قدم المدير ينظر اليها بنظرة ذات مغزي قبل ان يلتفت لزبونه قائلا
- اتفضل يا فندم
والجملة التي انتظرتها جاءت
لقد فاز ذلك الغر عليها والمدير أصدر حكمه
- انتي مطرودة يا انسه فرح
بكل بساطة لمت متعلقاتها بهدوء شديد تكاد تحسد عليه ... وصوت صديقتها يهمس بنبرات معتذرة
- انا اسفه يا فرح والله حاولت كتييير
وضعت الثياب في المغسلة لتعدل هندام ثيابها البسيطة قائلة
- مش مشكلة
غمغمت الصديقة بصوت مشجع
- متقلقيش عندي معارف كتير هقدر ادورلك علي شغل في مكان تاني
ردت فرح بتعبير ساخر
- انا اكتفيت اني اشتغل هنا وفي الحالة دي
المعاملة هنا ليست ادمية بالمرة ولا ترغبها النفس السليمة ... الشيء الوحيد هو الذي يهدم ذاتها هي كرامتها التي جاهدت في المحافظة عليها ... تسرب صوت صديقتها بين زخم افكارها
- انا اسفه والله يا فرح
وانطلقت هي مغادرة من الباب المخصص للعمال .. وعيناها شاردة بتمعن شديد إلى الطريق الهادئ .. اقتربت عند بداية الطريق .. تحديدا عند المحطة لتستقل حافلة الي منزلها ، تهادي علي مسامعها صوت صديقتها وهي تهرول بقوة تمنعها من الصعود للحافلة
- فرح
عبست ملامحها بعبوس وتساؤل وهي تري ابتهاج ملامح صديقتها
- خدي الكارت ده
عبست بشدة وهي تطرق بنظرها الى الكارت وكأنه مصباح علاء الدين .. رفعت عيناها المتسائلين لتقول صديقتها
- واحد عارض عليكي وظيفة
ردت بسخرية ... تعلم حالات مشابه لتلك حينما كانت تعمل في المطعم ، تظن ان رجل يمتلك نقودا يظن نفسه انه قارون !!
- وظيفة ؟
هزت صديقتها بملامح مبتهجة وهي تنظر للاسم الذي يلمع في الكارت دلالة على سطوة صاحبه
- ليه فندق كبير ومعروف .. عارض عليكي الوظيفة .. انتي تروحي هناك وتديلهم الكارت بتاعه ووظيفتك هتلاقيها مستنياكي
ظهر الانهاك والتعب على ملامح رهف وقالت
- انتي متأكدة؟!
رفعت صديقتها عيناها نحوها وعلمت ما يجول في ذهنها ... هي نفسها لم تصدق ما حدث منذ قليل حينما أتى رجل ببذلة سوداء يبدو انه حارس شخصي لاحد الزبائن يغمغم بصوته الاجش بكلمات مختصرة لرب عمله عن عرض مساعدة للتي فقدت عملها ... كانت ستثور في وجهه وتعنفه وقد تعرضت هي الأخرى لحالات مشابهه لتلك لكن ما ان حطت عيناها على الاسم حتى هدأت واستكانت ... اسمه لا يوجد عليه غبار رغم كثرة الشائعات لكنها من النوع الذي لم يبدي اهتماما لتسلم اذنها من الالسان التي تنهش في لحم الإنسان .
- انا عمري بعتلك شغل مشبوه يا فرح
امسكت فرح الكارت وبتردد همست اسمه وحاجبيها ينعقد بعبوس
- نضال الغانم
هو الداء والدواء
هو السم والعسل
هو الذي رغم تناقضاته الا انها استطاعت ان تظل ثابتة على أرضه المهتزة !!
***************
سارت الهوينا وهي تتفحص بشرود الى الطبيعة التي اصطنعها وقاص ..
برغم كل شيء الا انها لم يفت عليها أنه بات غامضا
غامضا بشكل أثار حيرتها وهي تقارنه بالمراهق المشاكس الذي يشتعل حيوية حينما كانت صغيرته .. هي فقط مسألة وقت وستأتي امرأة في حياته وستقلب كيانه وحينها سـ ... ينسيها !!
لا لن يفعلها هو ابدا !! هي ستغار فقط لكنها ستتمني سعادته ، عضت باطن خدها وهي تتسلح بأسلحة الثبات والقوة من اجلها وآجله ... قاطعها خيال امامها يسد عليها الطريق لترفع بعيناها إلى صاحبة الخيال التي ابتسمت بنعومة
-صباح الخير
وأول المواجهة ستبدأ هنا
تلك المرأة التي تعلم عنها كل شيء تقريبا ... وهي لا ... شمخت برأسها وردت بثبات
- صباح النور
داعب الهواء وجه فريال لتتزين شفتيها ابتسامة خلابة وهي تقول
- الجو النهاردة حلو مش كده
لن تخدعها بالحديث المعسول ابدا
اقتربت بثبات ظاهري وقلبها يختض بعنف تحاول بطريقة بائسة .. مشفقة التعمق للنظر الى عينا تلك المرأة الداكنتين لتقول
- انتي تعرفيني من فين ؟
اعجبت فريال بثباتها الظاهري وردت بهدوء
- اعرف عنك كتير يا رهف
عبست ملامح رهف وقلبها يصدر طنينا في اذنيها لتستدير مبتعدة عنها حتى علا صوت فريال الهاديء
- متهربيش مني .. هتفضلي تهربي لحد امتي يا رهف .. من ذكريات عمرها ما هتغادر عقلك ولا من كوابيس بتأنس وحدتك
شهقت رهف وهي تلمس بكفها على موضع قلبها .. استدارت ترمقها بقلق لتتدمر حصونها وهي تقول
- انتي ..
اقتربت فريال وهي تهمس ببساطة
- فريال ... اسمي فريال .. استنيتك كتير ومجيتيش صالتي .. تعالي في يوم صدقيني هيعجبك
ثم مالت لاذنها تهمس بصوت ناعم
- متستسلميش لاحلام وذكريات خلاص انتهت .. دوامة الماضي هتبلعك وصدقيني كل الناس بتتحرك وانتي لسه في مكانك ومحدش هيبقي حواليكي .. كل اللي معاكي دلوقتي مع العمر هينشغلوا وهتبقي انتي قاعدة في اوضة صحية وهيزروكي كل اسبوع لكن مع المشاغل هتبقي كل شهر وبعدين كل سنة
كيف قرأت افكارها ... كيف هي لتلك الدرجة مكشوفة أمامها ... معراة وهي بلا حول ولا قوة ... ارتعشت شفتيها وهمست بصوت مختنق
- انتي عرفتي ازاي
ربتت على ذراعها مؤازرة وداعمة في آن واحد
- مش غلطة انك تدوري على شخص يساعدك .. عارفة ان اقرب الناس خذلوكي بس الحياة كده دروس و لازم نتعلمها
نكست رهف رأسها وخذلتها دموعها أمامها .. امام المرأة التي تعلمها بطريقة مثيرة للذعر
لكنها تلمست بها شيء امن ... ان تعطيها مفتاح الأمان لتهذر بصوت مرتجف وجسدها يختض من الم الذكريات التي تمر أمام نصب عينيها
- اقرب الناس ليا باعوني .. اقرب الناس من ضمنهم نـ..
قاطعتها فريال وهي تبتسم بلطف
- رهف .. هستناكي تيجي الصالة بتاعتي بكرا
لا تعلم فريال كيف
ولكنها شعرت ان غدًا ستأتي رهف
وستبدأ فريال بوضع البيادق في اماكنها الصحيحة !!
*************
الغد هو النتيجة لاختبار الذي اقرته المحكمة حال نكران الأب ابوته لشمس
رغم انها الجانب الأضعف في تلك اللعبة لكن القوانين في صفها
القانون في صف الأم في حالتها البائسة ... تعلم انها ارتكبت خطئا جسيما أن لاذت بالفرار حالما اكتشفت انها حامل منه ... هربت لانها تعلم ان من شروط عقدهما زواجهما للمتعة .. للمتعة الخالصة ، دون تعقيدات او عبئ لأحد الطرفين
لكنها غبية لتجازف بالأمر ... لتكتشف ببساطة انه تركها حالما رأي لعبة جديدة يستطيع ان يحركها بخيوطه..
يوم ان اخذت شمس للمشفى لإجراء التحليل لا تعمل لما اتصلت بماهر
هو رغم كل شيء ... الحامي ... هو المعوض عن اشياء كثيرة في حياتها
لكنها تستغله بكل حقارة وكل ذلك لانه يحمل مشاعر لا ينكر اخفاؤها
عيناه رغم كل شيء بسخريتهما واللامبالاة الا انها لا تقدر على كتمان مشاعره الجياشة نحوها رغم عيوبها ونقصها ...
كانت ببساطة تستطيع ان تتزوج بماهر في الخارج وتنسب الأبوة لشمس
لكنها هزت رأسها رافضة لتسجله بأسمها هي ... لكن تلك الليلة يوم انهيارها في المشفى
خشت من مكيدة يصنعها نضال او عائلته .. اتصلت به واعطته الاشارة الخضراء وانتهي الامر ...
رنين جرس باب منزلها جعلها تبتسم ... ماهر اتي ولم يخذلها ... جرت وهي تنتبه لمنامتها الحريرية القصيرة كاشفة بسخاء عن منحنيات انوثتها المهلكة لأي رجل يملك دماءا حارة .. فتحت الباب وقلبها يخفق بأثارة وثانية تبدلت ملامحها وهي تهمس بصوت مفاجئ
-نضال !!
كان مسترخيا جدا وهو يتسند بذراعه علي الحائط واهدابه ترتفع من اخمص قدميها العاريتين إلى منابت رأسها ، ملامحه الغير المقروءة جعل قلبها ينتفض هلعا بين جنبات صدرها وهي تواجه وجها لوجه
وجهه الحقيقي الغير المتصنع ... خافيا غضبه خلف ظلال عيناه الحالكتين وهو يغمغم بنبرة ساخرة
-مفاجاه مش كده ؟!
تقدم خطوة لتعود هي عدة خطوات للخلف بتعثر ... رباااه أنها ما زالت كما هي لم تتغير ، اتسعت حدقتا عينيها حينما رأته يتقدم بهدوء يغلق باب الشقة ليغلقه خلفه بهدوء
هي وهو بمفردهما مثل الايام الخوالي لكن الفارق أعوام وطفلة في المنتصف
طفلة تقف حجر عثرة في طريقه
استعادت رباطة جأشها وهي تراقب وقفته المسترخية ونظراته الغامضة يستر غضبه لتقول
-انت بتعمل ايه هنا ؟
انفلتت ضحكة خشنة منه ليمر بطرف إبهامه على طرف شفته وقال بنبرة هازئة
-بعمل ايه ؟ سؤال غريب موجه ليا يا ماريا
بالكاد حاربت ان تقف بثبات حينما نطق اسمها بشيء من الحسية والحميمة وكأنها ما زالت خليلته لتقول بنبرة مختنقة
-الناس هنا عارفة اني عايشة لوحدي يا نضال ووجودك هنا هيسؤا سمعتي
اقترب نحوها وأزال المسافة الفاصلة بينهما ليشرف عليها بطوله الفارع وضخامة جسده مقارنة بجسدها ليقول بنبرة
-اخر شئ تتكلمي عنه يا ماريا هو الاخلاق ..انتي اخر واحدة تتكلم عنه
ما زال يسخر منها ويستهزأ منها
خرجت وحوشها من مكمنها لتظهر من عيناها المغويتين غضبا لم يراه قبلا وهي تصيح في وجهه هادرة
- اخرس خاالص
مال يراقب بتدقيق الي انفاسها الثائرة ليهمس بصوت ساخر
- حبيبك جاي من آخر البلاد علشان يشوفك
تشنج جسدها وهي تستمع تلك النبرة المخيفة المحذرة
يحذرها من التوغل إلى عمق غاباته مرة أخري كي لا تضل
همست بصوت خافت
- ماهر
هز رأسه وهو يجيبها بسخرية شديدة
- ايوا حبيب القلب
لحظات ليعود الثبات بدلا من القلق ... الصلابة بدلا من الذعر لتقول
- هتعمل معاه ايه ؟
ربت علي كتفها يلمس نعومة وجهها قبل ان تشيح بوجهها عنه بشيء من القرف وهي تسمعه يغمغم بغموض
- قرصة ودن علشان ميتجرأش يبص لشئ مش ملكه
صرخت هادرة في وجهه
- بس انا مش ملكك
رد بثبات ظاهري
- أي شيء ملكته يا ماريا بيفضل طول عمره ليا
تجلدت .. تجلدت وهي تصنع الانتفاضة للمرة الاولي بكل عزيمة
جاءت متأخرة لكن ان يأتي متأخرا افضل من الأ يأتي !!
وقبل أن تجيبه وهي تجابهه بنفس اسلحتها التي يستخدمها في معركتها
تهاونت
تعثرت
تراجعت حينما استمعت الي صوت ماهر الثائر الواقف عند مقدمة المنزل وهيئته لا تبشر بالخير اطلاقا
سيحدث معركة وستنتهي بموت أحدهما
صرخ ماهر بصوت كاد أن يحيي الموتى من قبورهم وهو يتقدم بهياج نحو نضال
-انت بتعمل ايه هنا يا حقير !
