رواية في قبضة الإمبراطور
الفصل الأول
بقلم ميار عبدالله
هذه الرحلة غير آمنه ..
انني احذركم .. يجب توخي الحذر
هذه الرحلة عبارة عن السير في الأدغال
وخفايا تلك الأدغال قاتمة و مخيفة
بداية الرحلة غامضة ومبهمة .. في منتصفها ستتجلي الحقائق وفي آخرها سنصل لبر الآمان .
قصتنا قصة نسائية بحتة .. فاذا قارئًا صادف تلك الرواية فـ مرحبًا بك يا عزيزي في فخي .
اما عن سيداتي الورديات الحالمات أرحب بكن لنتنقل معًا بين طبقات الرمادية الكئيبة والوردية الناعمة .
" كلمة من الكاتبة"
سيقولون عني امرأة تجهر بحقوق المرأة المصونة
المرأة المعززة في بيت زوجها .. ذلك البيت الملجأ الوحيد لها
أرفع شعارات للمرأة الحرة لتمارس حقوقها وتتنفس الطبيعة مثل الرجل ولكن انا ...!!
انا كـ ذوي النساء .. تعيش في قفص ضيق لا أسمح بدخول أحد إلى محيطي .. حتى يزوجوني لرجل يقولون عنه سيد الرجال
رجل يتفاخر فقط بحقوقه .. مزهو بنفسه بما وصل اليه والي الراتب الشهري الذي يتحصل عليه .. رجل الذي يقولون عنه عينه لا تشبع .. يريدك في جسد هذه ، و شعر تلك ، وملابس غير شفافة وضيقة حتى تسحب عنق الرجال .
يريد ملابس تحدد معالم أنوثتك لكي يتفحص ويتمعن و يري اختيار أمه الغالية ثم يخبرك بموافقته وكان الملك قد أخرج تصريح لك بفتح الزنزانة.
يريد امرأة بعينين لا تري .. واذن لا تسمع .. و عقل لا يفكر ، يريد طعام دافيء مثل وصفات امه و امرأة يفتخر بها في المحافل ، في درجة علمية تقاربه لينتهي بك الحال مع دستة أطفال قائمة على نشأتهم وهو الرجل الذي يكد ويتعب في الخارج ..
لا يريد المجادلة .. لا يريد النقاش الطويل الذي لا ينتهي برأيه ، بطريقة ام اخري سينتهي بك الحال تقومين بتقشير البصل امام دراما رومانسية تتعذبين بها طيلة النهار والليل .
الشعراء الذين يتغنون بوصف المرأة و جسدها و رقتها وعذوبتها .. الا يعلم ان ذوي جنسه من يدفنون المرأة حية .. اعمارهن تذهبن هباءً و مشاعر انثوية مكبوتة في نحرها .
طوت شادية الورقة ودستها في جيب بنطالها .. اللعنة لا تنفك إلا وتكتب عن حقوق المرأة.. منذ متي اصبحت مناضلة للمرأة الآن ؟!
اخذت لقطة سريعة علي هاتفها لتعود النظر الي البوابة الجحيمية المكتظة بالمسافرين، تأففت بحنق وهي تمرر خصلاتها السوداء بأناملها.. اتسعت ابتسامتها حينما قدمت ابنة عمتها فريال تجر حقيبة سفرية ضخمة، انحسرت ابتسامتها شيئا فشيء وهي تتأكد من التغير الذي طرأ عليها ..
لم تكن تلك فريال التي غادرت مصر تحديدًا منذ ثلاثة اعوام
التي غادرت كانت رقيقة، حلوة ، مليئة بالدلال ، مفرطة في الغنج
التي الان شامخة، ابية ، عيناها جامدة غادر بها الروح
ابتسامتها تثير الرعب في الأنفس
وما إن أصبحت أمامها حتى تأكدت من ما أثار حفيظتها .. العائدة ليست بروح فريال القديمة ، ابتسامه جاهدت بان تشق ثغرها و ازدردت ريقها لتهمس بارتجاف
- حمدلله علي السلامة ، واضح انك هتطولي الزيارة المرة دي
البسمة وصلت معناها الي التي امامها بعينين صخريتين ، جذبت حقيبتها وهي تغمغم
- لا هقيم هنا
فتحت حقيبة السيارة ووضعت حقيبتها ، و السؤال الذي انتظرته خرج ببساطة من لسان شادية
- قصيتي شعرك ليه ؟
التفتت اليها تواجهها برفع حاجبها الايمن وببرود تتفحص خصلات شعرها الطليقة وقالت
- وانتي قلعتي حجابك ليه ؟
تخشبت شادية ولم تتحرك ساكنًا ، اتساع طفيف من مقلتيها ولهاث خافت خرج من شفتيها ، ليست من المفترض أن تكون موضوعة داخل بؤرة .. ارتعش جسدها وهي تهتف بهدوء نسبي وقدميها المتخشبة لانت وتحركت إلى مقعد السائق
-خالك لو عرف انك هتقيمي هنا مش هسيبك تطلعي برا الفيلا
لوت فريال شفتيها وهي تراقب جسد شادية المرتجف وكأنها خضعت لاستجواب ، هزت رأسها يائسة وهي تهتف بنفاذ صبر
- شادية
عيناها تدقق إلى الطريق ثم إلى المرآة الجانبية .. شعورك وكأنك مراقب شعور فظيع ، وسواس ينخر عقلك والجميع سـ ينعتونها بـ المجنونة .. رفعت عيناها تراقب السيارة الخلفية التي انعطفت للجانب الأيمن لتتنفس الصعداء اخيرًا وانفاسها التي احتفظتها أطلقتها كدفعات متتالية لتنظر برعب إلى فريال هامسة
- نعم
رغم سكون عيناها الى انها لمحت طيف من الشرخ لتغمغم باهتمام
- فيه ايه ؟
رفعت شادية عيناها الي المرآة وهي تري الطريق خالي من السيارات لتعاود النظر اليها بابتسامة
- محصلش حاجه
هزت كتفيها بلا مبالاة و غمغمت
- فين الخشنة التانية جيجي ؟
أجابت بجمود وهي تحدق إلى الطريق
- تلاقيها في سباق ما انتِ عارفاها
لم تعقب فريال واكتفت بالنظر من النافذة وهى ترجو أن يتحقق هدفها الذى جاءت إليه !!
********
حالته أشبه بأسد حبيس داخل قضبان حديدة ، مقيدة لحدوده وحريته .. يزأر بأعلى صوته ليثير الرعب أمام المتفحصين وعلى وجوههم مرتسمة امارات الذعر .
اقتحم وقاص غرفة مكتب والده وهو ينظر نحو الثلاثة المجتمعين في تلك الغرفة ، ناكسي رؤوسهم ووصمة عار وشمت اسم عائلة الغانم وكل ذلك يعود لهم .. لأنهم غفلوا عنها .. عن شقيقته الصغيرة التي تزداد كل يومًا بهاءً ، ولفتت العديد من أنظار الذئاب نحوها وهي كـ حمل وديع ليست علي أرض صلبة .. حياتها بيضاء بالكامل ، معتكفة تمامًا عن العالم ، حابسة نفسها داخل شرنقة ..
ضم كفيه في جيب بنطاله وغمغم
- وصلتوا للـ**** ده ؟
والجواب كان سبة من والده و انهيار والدته في بكاء مرير ، تطلع بعينه الى الأخ الضال "نضال " الذي تجهم وجهه وتحاشي النظر إليهم..
يلوم نضال كثيرًا علي عدم اهتمامه بها وعنايتها ، لطالما طلب منه الاعتناء بصغيرته خلال سفره للخارج المتكرر لكن من يستمع !! هو الأبن الأكبر يتطلب منه الاعتناء بجميع أفراد تلك العائلة من كبيرها لصغيرها .. أطلق سباب بذيء من شفتيه وصاح بغضب مستعر
- الـ **** ده مش هرحمه ، انا مش عارف ازاي لغاية دلوقتي مش عارفين توصلوله
ونضال الشارد لم يكن بعيدًا عن تلك المسرحية المعروضة أمامه ، ساندًا بجذعه علي الحائط ويده حاملة كوب من القهوة .. عيناه تتأمل خارج محيط ذلك القصر الخنيق لكن عقله مسافرًا لرهف المنعزلة عن العالم .. اغمض جفنيه حينما تذكر حادثة سنوات تحدث علي مرأي عيناه .. صاح بصوت أجش
- انا ماشي
عينيه حالكتين لم يصل إليهما نور يكسر عتمة روحه ، الخشية لا تأتي من وحش بري مفترس على وشك مهاجمتك
الخشية هنا حينما تنقلب الأدوار ويصبح من كان تحت ترويضه استحال وحشًا .
تخشب جسده حينما استمع إلى صوته الجامد
- مش لما نشوف حل للمصيبة دي ولا قررت انت كمان تشيل ايدك من مسؤولية
التفتت نضال ينظر إلي وقاص وعيناه ترسل نيرانًا مستعرة .. عيون تكاد تنطق بالكراهية البغيضة و المثير للسخرية أنه لا توجد أي عاطفة للقرابة.. التقطت ألفت العداء بينهما لتغمغم بصوت واهن
- وقاص اهدي
التفت وقاص بعينيه يتطلع إلى والدته .. لثواني لا تحسب لم يتحرك ساكنًا .. وجهه الخاوي من التعبيرات وجسده المتصلب جعلها تنظر اليه بهلع وما ارجف بدنها تلك الضحكة المميتة التي أطلقها وهو يغمغم
- اهدي !! .. انتي عايزني اهدي بعد كل اللي حصل .. واحدة فوق بتموت بين ايدنا وانا والبيه ده وكلنا مش عارفين نعملها حاجه
أشار بأصبعه بدونية إلى الواقف امامه .. زفر بحدة وهو يمرر أنامله على خصلات شعره وثواني وعاد الصمت يبتلعهم ..
لكل شخص يرون المثالية والسعادة في اشياء تكون في قبضة اليد .. لم تحذر بعد عزيزي
فـ لكل سعادة مادية مؤقتة تسلب منك جزء من روحك النقية.. الأمر اشبه بكونه ضريبة تمنيك شيء ليس بحوزتك .
انتفض جميعهم على صوت صفع الباب الذي ادي الي زلزلة أرجاء المنزل ليرفع وقاص عيناه إلى والدته صائحًا
- شايفة عمايله ؟
ازدردت ألفت ريقها بتوتر ورفعت عيناها الى الجبل الشامخ .. الجبل الشامخ الذي تصدع و غمغمت
- مهيب الدكتور قال ان احنا نقدر نسفرها لمس...
صاح وقاص صارخًا
- علي جثتي يا ألفت هانم .. اختي مش هتتحط في مصحات نفسية تاني
زجر مهيب صوت ابنه بحدة
- وقاص
وهو اشبه بالمجنون الذي لم يأخذ جرعة سعادته .. مجنون علي وشك قتل الجميع ونفسه إن لم يستجيب الجميع لمطالبه .. هتف بخشونة
- لطالما انتوا شيلتوا ايدكم منها يبقى سيبوني انا احاول ارجعها زي ما كانت
خرج بعاصفته الهوجاء التي لا تبقي شيئا ولا تذر إلى مكان يستطيع فيه أن تعود روحه المسالمة .. عضت ألفت علي شفتيها بقهر من تفكك تلك العائلة .. لقد انفرطت حبات عقد تلك العائلة لتهمس بألم
- الكسر عمره ما يتصلح يا وقاص
***********
عادت رهف وحيدة كالسابق ولكن المختلف هنا أن الجميع بات يخشونها .. يخشون أن تلوثهم كما حدث لها .. نظرت الي الغرفة بملامح مبهمة والي فراشها الذي شاركها الفترة السابقة سعادة ظنت انها السعادة الابدية .. سعادة ظفرتها بعد سنون من الانزواء عن العالم .. رفعت كلتا ذراعيها وهي تنظر الى الاختلاف الذي تطرأ عليها .. بشرتها شاحبة كالموتى ، انتفضت من مضجعها ووقفت أمام المرآة العاكسة تعاتبها على ما حدث لها .. لطالما كانت مرآتها خير صديق يؤنس وحدتها سابقًا .. صرخت جازعة وهي تخطو للخلف
ما أمام المرآة شبح امرأة
اثني فقدت روحها وأصبحت امرأة عجوز
سقطت على الأرض وهي تجذب خصلاتها التي دنست
بكت بقهر رافعة عيناها الى السقف واصوات بعثت للحياة مرة أخرى
نبشت بأظافرها على جلدها وهي تحاول ان تزيل اثار ماضية وشمت بجسدها .. الرؤية أصبحت ضبابية وهي تسعى بكل جهد ان تتخلص من عارها .. انتفض جسدها حينما شعرت بذراعين تحيطان جسدها بقوة .. صرخت بنجدة وهي تنبش بأظافرها على وجهه وذاكرتها عادت للحادثة القديمة .. ربما لم تتسنح لها الفرصة بأخذ ثأرها لكنها الآن لن تتركه
- رهف
تخشب جسدها وهي تستمع الي صوت دافيء يكرر اسمها بعاطفة .. تبدد ذلك الضباب لتقع عيناها على عينيه .. المسافر البعيد جاء ليشهد عار الذي صنعته للعائلة .. دفعته عنها بعيدًا وهي تنزوي بمنأى عنه
انزلق جسدها وضمت ساقيها على صدرها لتدفن وجهها باكية وجعها .. مرضها .. وسواسها الذي لا ينفك وتتذكر تلك الليلة ، ضمت قبضة يدها وظلت تضرب علي موضع قلبها الذي يعلن حتي الان الحياة .
أغمض جفنيه متاوهًا على حالة صغيرته .. هبط بجذعه امامها وضم يديها بحزم ليهتف بصوت حاني
- متخافيش أنا جنبك مش هسيبك المرة دي
عضت علي شفتيها بقهر ،اي مساعدة تريدها وقد انهار أساسها وثباتها .. براءتها و سذاجتها ، رفعت عيناها بخواء هامسة بصوت متحشرج
- و ... و .. وقـ....ااااا.. ص
ونظرة عيناها اردته قتيلا
الخواء والكسر تآكلها
والتوسل في عينيها يعذبه
طوق النجاة تلتمسه فيه وهو يقدم ذراعيه لها
خرت ساقطة بين يديه يذكره بسقوط ورقة شجر في عاصفة خريفية ، استشعر نبضات قلبها التي تنبض بقوة وكأنها تقابل وحشًا مجهولا بمفردها ..وكان روحها تهفو إلى طريق مجهول
صمته يعلن عن ثورة عظيمة و ثورتها أعلنت عن خواءها
وجسده ينتفض ويتضخم، والروح تطلب الثأر
ضمها بقوة حتي شعر بقرقعة عظامها اللينة ليهمس
- اششش يا حبيبتي صدقيني انتي بتدبحيني يا رهف
ازاحها حتي ينظر الي الضباب في عيناها ، غمغم بصوت جاهد بكونه هاديء
- عايز منك وعد انك هتبقي احسن .. اوعديني .. خلي يكون عندي امل انك هترجعي احسن من الاول
وهي ...!!
روحها في سحابة ضبابية .. و عيناها لا تستطيع رؤيته .. حاسة الاذن كالمرصاد و جسدها أعطي الراية البيضاء .. أفاقت علي صوته الحازم
- رهف
وما إن حطت عيناها علي عينيه ادركت انها في مأمن بجانبه، لفت ذراعيها حول عنقه وانفجرت باكية تشكوه عن آلامها و اضطراباتها .. يأسها وغضبها
ربت بحنو على خصلاتها المشعثة التي بدت باهتة كصاحبتها وهمس
- ابكي يا حبيبتي .. ابكي دلوقتي بس مش هسمحلك انك تبكي تاني
**********
دقات كعبها العالي يرن عاليًا علي ارضية المشفي الساكنة ، ثوبها منساب بأحتشام علي قدها جعل العديد من الأعنق يتأملوا سيرها المتبختر ، وما إن اقتربت من المكان المنشود القت نظرة ساخرة على الجميع
عادت أسرار بخطواتها الي حماتها الجالسة علي الكرسي وكأن هما وضع علي عاتقها .. ارتسمت ساخرة وهمست
- اهلا حماتي العزيزة
توقفت يد حماتها عن التسبيح ورفعت عيناها لتنظر بشرر الي الحرباء التي حطمت عائلتها ، صاحت بغضب
- جاية هنا ليه
انفجرت ضاحكة و صدى ضحكاتها يترك اثرًا مخيفًا في الأنفس ، مالت وعيناها غامتا بشرر
- الله هو انتي فاكرة ان دخول الحمام زي خروجه ولا ايه .. يا خسارة كان لازم تفكروا مية مرة قبل ما اشرف عيلتكم اللي تسد النفس
شهقت شيراز من مدى وقاحتها ولسانها السليط لتنفجر بها صارخة
- انتِ واحدة منحطة وزبالة
مالت أسرار برأسها الى عيني حماتها المذعورة .. لطالما تشعر بالنشوة والانتصار بينما تهزم غريمتها في ساحة المعركة ، همست بصوت فحيح
- الزبالة دي اللي هتوريكي ايام زي الجحيم يا شيراز
وابتعدت بظفر وهي تغمز بعينيها نحوها
- عموما انا جاية اشوف جوزي
والتفت مغادرة إلى غرفة زوجها ، فتحت الباب واغلقته بهدوء خلفها يعكس النيران المستعرة في جسدها .. زفرت بحرارة وهي تجد جسد زوجها على الفراش .. اقتربت تجلس بجواره .. تتلمس انامله وصوت خافت يصدر من شفتيها
- هتبقى كويس
هبات من نسيم عطرها تسللت انفه .. فتح ضياء جفنيه ينظر اليها وعيناه ظهر بها نظرة لم تفهمها ، كان يستعطفها .. يطلب الغفران لما فعله بحقها غمغم بصوت محشرج
- أسرار
وضعت أناملها على شفتيه وهمست
- هتتعب من الكلام استريح انا شوية وهرجع الشغل
وكانه في انتظار طلبها حتى يعود للنوم مرة أخرى مستجيبًا للعقاقير التي تنهش في جسده ، رحلة راحة لكن الروح ليست مستقرة .. ليست آمنه لما سيحدث في غيابه .
*********
عدلت مارية من وضع أصبع أحمر اللون علي شفتيها بأغراء وابتسمت ترسل قبلة إلى المرآة التي أظهرت بهاءها الذي يسلب عقل الرجال في الحانة ، عدلت من وضع تنورتها السوداء الملتصقة بجسدها ، نفسًا عميقًا زفرته علي مهل وهي تفتح باب الاستراحة ليصم أذنيها صوت الموسيقى
اجساد متمايلة .. وأرواح مسافرة .. وعقول خاملة
هنا لا مكان للمواعظ
المواعظ تلك تدفنها في التراب قبل مجيئك
هنا استجابات لأوامر الشهوة .. الرغبة .. والحاجة الشديدة
وهي استجابت لتلك الأشياء
ولا يوجد وقت للتوقف او التفكير بالعودة .
انتبهت على صوت زميلتها التي هتفت بعملية
- مارية يوجد زبون خاص
استدارت بـ وجهها لتنظر إلى زميلتها بمكر ،غمزت بعبث
- حقًا ؟
هزت زميلتها رأسها وتابعت طريقها للعمل .. زفرت مارية عدة أنفاس متتالية و غمغمت
-حان وقت العرض
توجهت إلى الغرفة الخاصة بالزبون ووظيفتها هي إمتاعه أو بمعني أدق " تعديل مزاجه "
يطلب منها الرقص فترقص
وربما أشياء خاصة لا يستطيع تنفيذها سوي هنا !!
تستطيع أن تثير رغبته بها لكنها لا تخمد نيرانه .. وربما تلك هي شهرتها في الحانة " الفاكهة المحرمة "
دلفت إلى الغرفة لتجده واقفًا بشموخ موليًا ظهره ، همست بنبرة لعوب
- أأستطيع مساعدتك ؟
التفت الرجل ووضع كفيه في جيب بنطاله يطالعها من منابت رأسها إلى اخمص قدميها ..
انحسرت ابتسامتها و همست بصدمة
- مـ .. ماهر !!
ولأول مرة ترى النظرة الدونية والاشمئزاز ينطلي من عينيه .. لطالما جميع الرجال عيونهم مليئة بالشهوة في حضرتها ما عداه هو !!
دار بعينيه في أنحاء الغرفة التي بها جميع ما تثير النفوس الضعيفة ، ووجودها هي هنا بحد ذاته خطيئة .. خطيئة تدعوك لتجردك من معتقداتك.
لكنها بالنسبة له
عينان خاويتان ، وجسد مستهلك لا قيمة له ، ووجهها مغطى بـ مساحيق تجميل أخفى الكثير من شحوب وجهها .. غمغم ساخرًا
- مكان وضيع يناسبك يا مارية
تجهمت ملامحها وصاحت بجمود
- انا ورايا شغل
واستدارت مغادرة .. لا ترغب بوجود أشخاص في الماضي في حياتها الحالية.. تخشب جسدها عندما استمعت إلى نبرته المستهزئة
- قوليلي بتكسبي كام .. ويا تري tips من كل واحد بيفرق لو ...
التفتت تصيح بهدر وهي تشير بإصبع السبابة
- اياك تتكلم بحقارة عني انت سامع
هز رأسه يائسًا ثم عاد بعينيه يقابل عيناها لثواني راغبًا في الغزو
الغزو للوصول إلى منبعها
زفر بحرارة وقال
- المكان مش مناسبك يا مارية ارجعي لحياتك القديمة
لم تتردد وهي تجيبه
- لو لقيت روحي القديمة هرجع زي ما كنت
- سيا مش عجبها وضعك
- انا عايزة اكون لوحدي يا ماهر من فضلك ، مش عايزة مساعدة من حد
لكم الحائط بعنف حتى ارتعدت منه ومن عيناه .. عيناه هي الجحيم بحد ذاتها .. قال بنبرة غامضة
- لسه لغاية دلوقتي مش عايزة تقوليلي مين هو
مر عشر دقائق من دون مال
عشر دقائق تستطيع أن تكسب بهما مائتي دولار ، غمغمت بجمود
-هتستفيد ايه .. عموما انا مضطرة اشوف زبون غيرك كون انك مش جاي هنا تعدل المزاج
واستدارت لتغادر لتجد يداه أمسكت بذراعها و قربها منه حتى التحم ظهرها بصدره .. مال يهمس في اذنها
-المرة الجاية لما اجي هنا .. أوعدك مش هسيبك إلا وانتي معايا
نبرته جامدة .. ويداه لفت ذراعيها وكأنه يحاوط روحها!.. وزفرات انفاسه أثارت في نفسها الرعب ولأول مرة تخاف منه
رواية في قبضة الامبراطور
الفصل الثاني والثالث
هل تجد المرأة الراحة في عدم وجود رجل يؤنسها
كذبت النساء حينما قلن ان الحياة أفضل بدون الرجال ..
أتعلمون ماهي المرأة
كائن مليء بالعواطف ، ترغب دائما في سماع رجل يمدح في صفاتها ويتغزل في مفاتنها ويقبل يديها علي كل فعل صغيرة ،
امرأة دائما يجعلها هي صاحبة القرار لكن حين وقت التنفيذ يتم الأمر على قراره هو .
مسد عنقه وهو يميل إلى اليسار واليمين ليدس المفتاح في عقب الباب ودلف بهدوء .. انار الاضاءة الخافتة و ارتمي علي الأريكة متطلبًا الراحة .. ربما لو استمر الجلوس في تجمع عائلته سيقتل أحدهم او البائسة تنتحر كما المرة السابقة !!
أرخى رأسه وأغمض جفنيه لثواني يقتبس هدوء ذلك المنزل ، لا يود سماع اي صوت .. يكفيه ما بداخله من نيران علي وشك ان تلتهم من يقترب منه ، فتح جفنيه ليقع عيناه عليها
كما هي
ناعمة .. وجميلة في جميع حالاتها
عيناها يوجد بهما الذعر والترقب من الأقتراب لمساحته
والجسد مرتجف من أقل خطأ
تمتمت بخشية
- نضال
عبث بخصلات شعره وقام بفحصها من رأسها لاخمص قدميها ، لاحت شبه ابتسامة ساخرة على شفتيه لينقبض قلبها من ابتسامته وهتف
- ايه معاكي زبون ولا ايه ؟
سارعت نافية وهي تجلس على مقعد في مقابلته هامسة بصوت مرتجف
- لا
وصوت ضربات قلبها يصم أذنيها ، هي غير متوقعة حضوره .. ياتيها في نهاية الأسبوع ثم يقضي باقي لياليه مع نساء اخري .. لقد كان اتفاقا بينهما
تريدين المال عليك الخضوع لقراراتي
لا وجود للحب لأنه كذبه كبيرة
لا تتعلقي بي لأنك الخاسرة الوحيدة
وكلما ارضيتينِ كلما أزدت لك من البقشيش !
وهي ...!!
لا تستطيع حتى الاعتراض
ربما كل شيء هنا في بدايته لامع وجذاب ولكن إلقاء الضوء بكثرة على العينين تصاب بالعمى ، ربما هي في أشد حاجة للمال لكنها حتى الآن ليست بائسة ، ربما ما أخذه منها الكثير وما يساوي حياتها لكن بالنسبة له أقل شيء .. أيام أخري وسيتركها هذا هو نضال حينما لاقته أول مرة لكن ... مستحيل أن تقع في حبه
قامت من مجلسها وهي تعرض بهدوء
- تحب اجبلك حاجه تشربها
اخرج لفافة تبغ وهو يشعلها بهدوء ،مخرجًا سحبًا بيضاء كثيفة ثم انقشع ذلك الدخان شيئًا فشيء حتى ما عاد يراه
من هو ؟
هو رجل يثير فضول إمرأة
يسمح لها بالاقتراب لكن لا تكن انانية، فضولية ، جشعة
ولكن هو يستطيع الاختراق كل الخطوط ، بلمسة .. تذوق الشهد ..ثم النبذ
نظر اليها بطرف عينيه وصاح بجفاء
- مش عايز
انها تتلاعب مع النيران وما أدراك اللعب مع النيران ، عادت تجلس في مكانها منتظرة امره القادم .. رفعت عيناها لتقابل عيناه الداكنة .. مشتعله بالغضب وشيء آخر لم تكن تريده أن يحدث الآن .. ليست مؤهلة نفسيًا وجسديًا لتنفيذ طلبه
- اخبار الشغل ايه
هتف بها وهو يجول بعيناه عما ترتديه بعيون غير راضية ، غير مستمتعة عما ترتديه من منامة لا يظهر انشًا من جسدها ، هزت رأسها وتمتمت
- تمام
- والمرتب مكفيكي انتي وعيلتك
عادت تهز رأسها مرة اخرى
- الحمدلله
سحق عقب سيجارته في المنفضة وعاد بنظره إليها ، يخبرها بحديث صامت ما ينتويه ، هتف بصوت خاوي
- انتي عارفة اخرة علاقتنا ايه
ازدردت ريقها بتوتر ورفعت تنظر بعيناها الشاردتين كـ عين الغزال إلي السقف هامسة
- عارفة
والخطأ هنا لا يصح إرتكابه والإ عليك الدفع لذلك الخطأ ، شهقت حينما سحق ذقنها بخشونة يقتحم عيناها المذعورة قائلا بصوت اجش
- لما اكلمك عينك تبقى في عينيا
والأعين تقابلت
وما بداخله ظهر جليًا على عيناه
وهي لم تعد صاحبة القرار
لقد امتلكها منذ تلك الليلة
وصارت ملك يمينه
جال بعينيه علي عيناها الساكنة وصاح محذرًا
- اوعك يا فرح اوعي في يوم الاقيكي اتعلقتي بيا .. لانك هتخسري كتير اوي
وشفتيها تمتمت بجمود
- عارفة
ربت على وجنتها وهو يهتف بابتسامة متهكمة
- Good girl , عايزك تبسطيني الليله دي
وعيناه تبوح بما يرغب به رجل لامرأة مثلها
هو بمثابة ذئب يحاصر الفريسة
يستدرجها ببطء ويخدرها
طاقته المنبعثة بمثابة الاستدراج
واللمعة في عينيه هي بمثابة التخدير
والخاسر هو سقوط الفريسة .
*********
ضوء الشمس يأكلها .. هي أكثر سوادًا .. الشمس لم يعد يطهر إثمها ، حجبت الشمس عن عيناها بكف يدها و طالبته بالرحيل
ترحب بالظلام لأنه مثلها
لأن معظم الخطايا تقام فيه وهي قامت بأكبر خطيئة
السواد لانه لا يظهر الندوب بل يسترها ويحميها
انتفضت من مضجعها باحثة كالمجنونة عن ضالتها ، فتحت الخزانة وأخرجت جرعة إدمانها التي كانت تنتشيها بشهوة ، ألقته ارضًا وهي تتذكر من حرضها على جلبه .. تهاوت علي الأرض وهي تغلق جفنيها تبحث في ذاكرتها المعطوبة عن بداية الحكاية ..
- نادية
صاحت بها بيأس وهي تخرج احلام واماني من عقل صديقتها المخبولة الي ارض الواقع ، لا تعلم إلى متى ستكف عن التللص واستراق النظر إلى الشباب الوسيمين في الجامعة .. صاحت نادية بتافف وما زالت تخرج قلوبًا من عيناها على المهلك أمامها
- يوووه يا رهف سيبيني اركز مع لهطة القشطة ده
تأكل الفضول في نفسها لتسترق نظرة علي ذلك الشاب الذي سلب لب عقل صديقتها .. شهقت بصدمة وهي تعلم ذلك الشاب العابث لتقرصها من ذراعها موبخة
- والله ملقتش في الكلية دي غيره
وصديقتها علي غمامة وردية محلقة في الأفق .. بين الواقع والخيال والحالة ميؤوسة منها ، تنهدت نادية قائلة
- اووف جمال ايه وحلاوة ايه وطعامة ايه .. ياخي ياريتني كنت انا
ثم التفتت الى صديقتها وهي ترد بحالميه
- تعرفي الروايات بتخليني اعيش في عالم منعزل عن الدنيا مفيش غيرك انتِ وبطل احلامك .. تحبي ابعتلك
وهي رهف الغانم .. ذات الحسب والنسب لا تعبأ كليًا بتلك الروايات السخيفة لطالما أصدرت والدتها فرمانا بمنع تلك الأشياء السخيفة التي تفسد العقل وهي صدقتها ، تمتمت بصراحة
- لا ، كفاية عليا الميوزك آخر الليل ، انتي عارفة اني مينفعش اسهر ماما مانعة الكلام ده
انفجرت نادية ضاحكة بيأس على تلك الفتاة البائسة الصغيرة .. انها مثل عروس الماريونيت ومالكتها هي والدتها ، ربتت على كتفها وصاحت ساخرة
- بنت ماما بصحيح انا مش عارفة امتي تتجرأي ويكون ليكي شخصية بدل ما هي ممشياكي زي ما هي عايزة
عبس وجهها وصاحت بتحذير
- نادية
يبدو انها اخترقت بعض الحدود لكن لا يضر ، اقتربت منها محاولة استمالتها
- انا يا هبلة عايزة مصلحتك .. بصي هبعتلك روايات لوز اللوز واقريهم وقت فراغك
رأت في عينيها ذلك العصفور الذي يود الخروج من عشه الذهبي .. كـ تردد التقي في أول زلة له وإستسلامه لما يوسوس به نفسه .
نظرت نادية بظفر وسحبتها قائلة
- تمام يلا بينا
تلك السقطة الأولى والسقطات الأخري
أرسلت بحياتها للجحيم
**********
قد يصبح الرجل المتمرد أو الثائر بطلاً شعبياً يحترمه الناس، لكن المرأة الثائرة المتمردة تبدو للناس شاذة غير طبيعية أو ناقصة الأنوثة.
وهي شبه إمراة كما سمعت من سيدات محدودات الفكر .. ذات عقل صلد و نافذة ضبابية ، من قال ان المرأة تناصر إمرأة مثلها والرجل يناصر رجلا مثله .. لولا السياسة لما عبأ الرجل بالمرأة.. ولا المرأة بحاميها كما تلقب ، لا يوجد رجل يدعي حامي ، المراة تستطيع حماية نفسها من عدو ومتربص ومتحرش .
نظرت برضا تام إلى قصة شعرها الجديدة قبل عودتها والي ثوبها ثم سحبت هاتفها وهبطت الدرج متوجهه الي الطاولة
ألقت قبلة في الهواء لشادية التي صعقت من بشاشتها الغير معهودة منذ ليلة أمس .. وكان شبح فريال القديم تلبس جسدها ذلك الصباح !!
سارعت بمعانقة خالها الذي ربت على ظهرها قائلاً
- نورتي يا حبيبتي .. البيت بيتك
- شكرا يا خالي
ابتسامة ممتنة وزعتها عليهما لتأخذ مقعدًا لها ، والفرد الغائب لم يحضر حتى الآن .. تساءلت
- اومال فين جيهان
جاء الرد بصوت مشاكس
- جيجي بعد اذنك
نظر الأب بعبوس وصاح بلهجة حادة
- جيهان
زفرت جيهان بيأس وهي تتخذ مقعدها
- يوووه انت عارف ان انا بتعصب من الكلمة دي .. اسمي جيجي اسهل والطف بكتير من جيهان
التقطت جيهان شرائح الخيار وهي تتناوله بنهم .. ضيقت عينيها بتساؤل للزائرة
- مزة العيلة اللي عملت make over يجنن جت بعد طول غياب ، اقدر افهم سبب الزيارة الحلوة دي
زجرتها شادية بعيناها لتنظر نحوها بعدم إهتمام .. وعادت بنظراتها الي فريال بأهتمام التي هزت كتفيها بلا مبالاة
- قررت استقر هنا
- وشغلك ؟
بنفس البرود اجابت
- فضيت كل حاجه هناك .. نقدر نقول هبدأ من اول وجديد
التفتت بعيناها الي خالها وقالت
- كل حاجه جاهزة
هز معتصم راسه بعدم اقتناع
- جاهزة زي ما طلبتي بس انا مش عارف انتي ناويه علي ايه
القت بنظراتها علي ابنتي خالها ثم اجابت بغمزة عابثة
- كل خير
********
جافى النوم عينيه
والجسد ما زال يستعر بنيران الغضب والعجز
والنار لن تخمد إلا بأخذ ثأره
وهو أعلن الحرب
و ياويله من خطي ساحته
عقله سابحًا في اميرته و جسده حاضرًا في اجتماع عقيم .. مشروعات وإنجازات تمت بدونه وخسائر عليه أن يحلها ، انتبه على صوت مهندس المشروع
- زي ما قولت لحضرتك .. المشروع ده أرباحه مضمونة ومتقلقش من الارض اطلاقا لأن كل شيء تحت السيطرة يا فندم
ألقي نظرة متمعنة على الأرض المفترض إقامة المشروع عليها ورفع عيناه متسائلاً
- وبالنسبة للأراضي الخاصة بالملاك اتعاملتوا معاها ازاي ؟
أجاب المحامي بثبات
- متقلقش يا استاذ وقاص البيوت عوضناها بشقق من مجموعتنا
رفع عيناه متهكمًا وقال
- عايز تقنعني انهم سابوا ارضهم وبيوتهم مقابل شقة في المدينة بسهولة
تبادل الرجلين نظرات يحوي الكثير من المعاني ليعيد المحامي نظرته الي رب عمله قائلاً
- احنا اقنعناهم
- اقنعتوهم ولا اجبرتوهم
أجاب المحامي بسلاسة وهو يتحاشى النظر الى عيني رب عمله
- كل شيء تم بالتراضي يا استاذ وقاص واللي رفض فى الاول وافق مقابل مبلغ مادي يقدر يكون بيه مشروع
والصمت أصبح موحش في تلك الغرفة
والقلق سري في عروق الرجلين
الترقب والانتظار هما ما يمتلكونه
والرد النهائي منه هو
اراح وقاص رأسه على مقعده وهتف بجمود
- طيب بما ان كل حاجه جاهزة ايه المشكلة
ازدرد ريق المسمى بأحمد والقي نظرة ذات مغزى للمحامي .. ليهتف المحامي
- قصر الشواف
ضيق وقاص عيناه متسائلاً
- قصر مين ؟
- قصر عيلة الشواف قصر قديم يرجع لجدود العيلة .. المالكة هي الحفيدة واخر خبر وصلني انها برا مصر
دق بأنامله على سطح المكتب وقال
- اتواصلتوا مع حد من عيلتها هنا
هز احمد راسه وقال
- حصل ومنتظرين ردها
وصمت آخر كاد يزهق انفاسهم
وملامحه الآدمية انمحت
تفصد العرق من جبينهما و اصبح الجو خانقًا من نظرته الثاقبة
قام وقاص من مجلسه وهو يهتف بسخرية
- طيب يا سادة واضح ان احنا بنهرج هنا
هتف أحمد خشية أن يضيع عمله وتوليه المشروع
- يا فندم
القي نظرة إلى المحامي وقال
- يومين والاقيك قولت Done ، تمام
تنفس احمد الصعداء وابتسامه مهزوزة زينت ثغره ليهتف المحامي
- تمام حضرتك
واستدار مغادرًا وبقي الاثنان في غرفة الإجتماع يفكران كيف يحصلون على الموافقة من الحفيدة خلال يومين .
**********
مسدت عنقها بعد ساعات طويلة قضتها بين الأرشيف وغرفة الاجتماعات مع الموظفين لينتهي بها الأمر مرتميه على الأريكة الجلدية المزعجة مصدرة أصوات في كل حركة تفعلها .. نظرت بكآبة إلى ألوان الحائط الرمادية .. حتمًا كل شيء يحتاج الي لمستها الخاصة .
تولي منصب كبير علي عاتقها ولاول مرة شيء يستحق النظر اليه كـ صفقة وعليها أن تكون الرابحة .. والمنصب اخذته كـ تحدي من حماتها التي تراها مجرد وقحة ذات لسان سليط فقط ، والآن هي اخذت منصب ابنها من عمله وقريبًا الأملاك وستنظر إلى دموع حماتها بتشفي .
رفعت رأسها إلى السكرتيرة وقالت
- تغريد اظن كده الشغل تمام
هزت تغريد رأسها وهتفت بعملية
- تمام يا فندم
لقد جعلت السكرتيرة تعمل لساعتين إضافيتين .. اغمضت أسرار جفنيها وقالت
- طب روحي انتي بقي علي بيتك
ظهر التردد على ملامح تغريد
- لكن
صاحت بنبرة لا تقبل النقاش
- تغريد قلت روحي على بيتك
وعادت تغلق جفنيها متطلبة الراحة لفترة قصيرة .. لكن منذ متى تأتي الراحة ..دق رنين مزعج من هاتفها لتصيح بعصبية
- شوفي مين اللي بيرن
امسكت تغريد هاتفها ونظرت الي المتصل لتهتف
- من المستشفي
انتفضت من مضجعها وهي تسحب الهاتف من يدي تغريد لترد
- ايوا
وتجمدت مقلتيها من النبأ الذي لم تتوقع أن يأتي ذلك اليوم وتحديدًا تلك الليلة .. انهت الاتصال ثم التفت بهدوء مبادرة الي تغريد
- انا ماشية حالا .. اقفلي المكتب وخلي بالك من الملفات المهمة
حاولت تغريد ان تستفسر من الأمر
- ان شاء الله خير يا فندم
والرد لم يكن سوي إغلاق الباب... !!
هرولت بشدة إلى الطابق لكي تكذب خبر ما سمعته من العاملة .. توقفت وهي تلتقط هواءًا حينما رأت حماتها منهارة ارضًا
- ابني
جذبت خصلاتها جزعًا وعيونها معلقة على الطبيب المرتسم على وجهه إمارات الاسف .. سمعت حماتها تهتف بامل للطبيب
- طمني
التقط الطبيب انفاسه وصاح بلهجة هادئة
- للاسف مقدرناش ننقذه .. حالته حرجة زي ما وضحتلك وللاسف منجدش منها
جحظت عيناها ووقفت ثابته بلا حركة وخفت اصوات الضجيج الصادرة من حولها حتي أحست بأصوات انفاسها الثقيلة .. تشعر بأحدهم يجذبها بقوة صائحًا
- انت السبب منك لله .. اشوف اليوم اللي قلبك يتقهر على حد غالي عندك
ضيقت عيناها بوحشية وهي تزيحها عنها و لسانها عجز عن التحدث للوهلة الاولي .. اسرعت مغادرة وطرقات حذائها يكاد يصم صدى أصوات حماتها المسمومة
- اشوف فيكي يوم يا ظالمة .. اشوف فيكي يوم ، حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل
خرجت من المشفى متوجهه الى سيارتها وهي تنظر الى الجميع بعدائية .. انفجرت صارخة وهي تركل بقدميها علي اطارات السيارة بعنف .. لم تعبأ بنظرات الجميع المتوجسة والأخرى المذعورة ، والذي لم يكن في حسبانها صوت انكسار كعب حذائها من ثورانها .. خمدت ثورتها والتفتت تجلس على مقعد السائق ورقم واحد هاتفته في تلك اللحظة
- نضال .. عايزاك
**********
استجاب لندائها فورًا وهو الآن في موقعها المفضل أمام النيل .. وحيدة لكن قوية .. ليست منكسرة بل شامخة كما عاهدها .. ترعب باقل نظرة من يقترب منها ، وعيناها حكاية أخرى
عينان مليئة بالبرود والأسرار .. واحذر فإن لها مخالب !!
اقترب منها قائلاً
- انتي كويسة ؟
رفعت عينيها اليه وقالت
- انا كويسة
لا يجرؤ على الاقتراب من محيطها وهي لم تسمح له بعد .. لطالما هو يخترق الخطوط الحمراء لأي إمرأة تقع عيناه عليها إلا هي .. هي الإستثناء لجميع قواعده .
والتصريح اتي من عيناها .. جذبها الى احضانه وهو يحتضنها معطيًا إياها بعضًا من السلام و راحة لمعركتها .. غمغم بصوت أجش
- محتاجه اي حاجه
هزت رأسها نافية
- لا شكرا .. كنت في شغل ؟
- لا
تنفست بحرية وهي تنظر الي النيل بشرود ، لتعود النظر إليه بنبرة متوعدة
- بكرا الصبح هرجع ..مش هسيبها شيراز يا انا يا هي
******
جسد مترنح
والعقل في أقصى حالات السعادة المؤقتة
ربما لو اخبروها أن الخمر سيجعل ذاكرتها لن تعود ابدًا لأدمنته
لكنها تتذكر .. حتى الآن تتذكر كل شيء
هو .. بقوته وعنفوانه وتلك الطاقة المنبعثة منه
رضخت لأنه طلب
لم تأتي مرحلة الأمر لأنها ببساطة سلمت له مقاليدها
خلعت حذائها الجلدي وألقته على الأرضية وتابعت بـ ترنحها إلى غرفة نومها ، مدندنة بسعادة حظيت بها لفترة قصيرة قبل أن تسبح في ذاكرتها باحثة عنه .
- واضح ان شغلك الجديد عجبك
شهقت من الصوت الغاضب من خلفها لتستدير بأعين ناعسة لصاحبة الصوت ، هللت بمرح وهي تسحبها في عناق
- سيا ؟! انتي بتعملي ايه هنا
و المدعوة بـ سيا وقفت متخشبة وهي تراقب انهيارها المزري في الضحك .. همست ساخرة
- جاية اشوف بتهببي ايه في حياتك ديه
تأففت مارية وهي تجلس على الفراش قائلة
- بصي انا مصدعة ومش عايزة احكي في اي حاجه
- انتي سكرانة
ووضع الجملة هنا لم يكن سؤالاً ..!!
جذبتها بقوة من مرفقيها لتصبح في مواجهتها ، انفجرت مارية ضاحكة وهي تهتف بهذي
- شربت كاسين .. تلاته ، الصراحة مش فاكرة بس مش كتير
اتسعت عيناها وظهر لهيب من النار لتلطم وجنتها قائلة بعنف
- لأ ده انتي لازم تفوقي
ارتمت مارية علي اثرها ساقطة في الفراش .. لدقيقتين ظلت بلا حراك .. مما أثار القلق في سريرتها ، اقتربت منها لتجدها تنتحب في صمت .. امالت بعيناها نحو عيني شقيقتها وهمست بصوت واهن
- مش عايزة افوق سيبيني لو لفترة انسي انا مين يا آسيا.. انا قرفانة من نفسي اووي وقرفانة من كل الناس وقرفانة من حياتي يا شيخة نفسي اموت دلوقتي .. قوليلي جمالي عمل فيا ايه ده انا كل يوم اصحي واتمني واقول يا ريتني ما كنت حلوة واكون تحت عيون الرجالة القذرة ..و جسمي كان يا ريتني كنت تخينة علشان اتجنب تحرش من يد خنازير
سحبتها آسيا إلى أحضانها وضمتها بقوة .. آسفه على حال شقيقتها المتدهورة ، لطالما خشيت عليها من تهورها وقراراتها المتعجلة لكن يصل بها الحال وهي تدفن نفسها حية !! لن تسمح لها
تمتمت بألم
- مارية
انفجرت مارية في بكاء مرير وهي تتشبث في حضن شقيقتها لتغمغم
- ويا ريتني ما كنت عرفته ولا قابلته
تشبثت آسيا ذراعيها بقوة .. لو تخبرها اسمه فقط ... اسمه ، نظرت الى عيناها بجدية وقالت
- انتي لو تقوليلي هو مين يا مارية احلفلك بحياتي عمره ما هيتهني بحياته
هالها تلك النظرة من شقيقتها
نظرة الموت والتوعد
مسحت دموعها بكف يدها وصاحت بنبرة خاوية
- هو داء يا آسيا .. مش هاسيبك الا وانتي راضخة .. عارفة يعني ايه راضخة
صرخت آسيا في وجهها بهدر
- مارياااا
وهي تقوقعت حول نفسها مرددة بهذي
- هيسمع أنينك ومش هيسيبك .. هيحس بنشوة وهو بيشوف النظرة اللي في عينيك، عارفة ايه هي النظرة .. نظرة التوسل
لترفع بعيناها الي عيني شقيقتها التي تخشبت لثواني ، تفهم معاني كلماتها ، زادت من شراستها وهي تنظر الي شقيقتها بألم .. تخبرها أنها من ستثأر بحق شقيقتها وحق نساء آلمهن
- هيندم يا مارية .. هيندم
واستدارت تغادر غرفتها بأمل معرفة ذلك السفاح .. سفاح قلوب النساء .. لتتصنم حينما استمعت إلى هذيها
- انتي اللي هتندمي يا آسيا
وكأنها لا تعلم دائرة الثأر لافرار منه سوي بقتل صاحبها اولا ..
لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي ، نظرت الى اختها وبنبرة مستهزئة ردت
- يبقي انتي متعرفيش اختك لسه
في قبضة الإمبراطور
الفصل الثالث
تظل حواء في صراع مع ادم
وادم يستطيع أن يثبط انفجارها بفعل واحد
عناق .. قبلة .. أو صفعة !!
اللعبة بدأت منذ بداية استمرار تثبيط و تهكم ادم لحواء .. حواء امرأة خادمة له فقط وإن اختلفت المسميات .
وجودها في عزاء زوجها يخرس اقوايل حماتها الشمطاء التي تظل تفتري بالحديث عنها .. ولما لا تعطي للمشاهدات عرضًا حصريًا وبدلا من اقاويل واشاعات تتناقل هنا وهناك تستطيع اعطاء لهم عرضًا حصريًا !!
بفستانها الاسود الذي يعلن عن حدادها لزوجها الذي ظل لسنوات يصارع مرضه وانتهي فوز المرض عليه ، اقتربت من حماتها بغية افقاد اعصابها .. جعلها هي الاخري تأخذ جولة سريعة للسرايا الصفراء ..
ابتسامة ماكرة القتها علي حماتها التي توقفت عن التسبيح وانقبضت معالم وجهها للغضب ، اقتربت منها تجالسها وتأخذ واجب عزاء زوجها وتكاد تشم رائحة حريق من حماتها العزيزة !!
- جيتي تاني هنا ليه ؟
صاحت حماتها بصوت حانق وهي تهمس بجوار كنتها الماكرة
التفتت اليها تعطي كامل اهتمامها امام حماتها ، لتمط شفتيها بنبرة عاتبة
- لأ لأ مش معقول يا حماتي نفضح اسرارنا للناس هنا
قبضت شيراز علي مسبحتها تكاد أن تسبب في قتلها الان لكن ليس امام وجود النساء المتربصات لكل فعل وردة فعل منهما .. عضت علي نواجذها تكاد تطحن ضروسها وهي تهمس بحدة
- انتي ازاي بالجبروت ده
مالت امام اذن حماتها بصوت حاد .. تخبرها الماضي
- التعليم مش ببلاش يا حماتي
جزت شيراز علي اسنانها وصاحت بصوت خفيض خشية ان تسمعها احدي النساء
- خلاص انتي ملكيش حاجه هنا
اقتربت اسرار تلمس كف حماتها التي تضغط بقوة علي سبحتها ثم مالت تهمس بصوت يحمل في طياته الكره
- لا لا .. اناكده هبدأ ازعل .. متنسيش الشركة انا اللي مسكاها وصدقيني خلال يوم واحد اقدر اقفلها بالشمع الأحمر
ومن فرط عصبيتها انفرطت حبات المسبحة علي الأرضية لتسمع شهقات النساء الخفيضة ، عادت أسرار بملامحها الجامدة تتخذ وضع المشاهد لبرهة من الوقت .
انتفضت شيراز من مجلسها حينما راته امامها يحاور زوجها ويبدو زوجها انه صاعدًا للاعلي ، هرولت تلاحقه قبل ان ينصرف الي مجلس الرجال .. وصلت اليه وهي تهمس بصوت متحشرج
-سراج .. انت جيت
ما ان استشعر المسمي بسراج صوتها حتي التفت اليها وسارع بتقبيل يدها وغمغم بنبرة اسفه
- يدوب ركبت الطيارة وجيت.. البقاء لله
انفجرت باكية بلوع ام فقدت فلذة كبدها
- ابني مات ومقدرتش اعمله حاجه
ربت سراج علي كتفها وغمغم بنبرة آسفه
- ده عمره .. مقدمناش حل غير اننا ندعيله
هزت رأسها بنبرة ذات مغزي لزوجها الذي صعد للدرج ثم صبت جل تركيزها عليه وهمست بنبرة جادة
- تعالي عوزاك في موضوع
تمتم بنفي
- مش هقدر حاليا محتاج اسافر تاني .. ورايا شغل كتير هناك
والرجل البوهيمي لم يغب عن انظار أسرار التي تتابع إصرار حماتها علي جذب الرجل للحديث .. هزت رأسها ساخرة
- لأ ونعمة التربية
والصوت علا وهي تسمع إعتذار الرجل البري لحماتها
- مضطر اسافر بكرا .. فيه مكالمة محتاجه اعملها ضروري
نكست شيراز رأسها وهي تشيع بنظرها الي الراحل لتعود ناكسة الراس تجلس في مقعدها مستمعة لصوت القرآن الذي يصدح في كل ركن من اركان المنزل ..
همست بمكر وهي تتلاعب بحواجبها وهي تري لاول مرة بذعر حماتها
- ياعيني يا لوزة وانتِ لوحدك
*******
تنظر بسماجه الي المحامي و المغفل المفترض انه مهندس المشروع ، نقرت باصابعها علي سطح طاولة اجتماعات الشركة المسؤولة عن المشروع ، لن تنكر ان الشركة مهيبة بشكل أثار اعجابها وجميع العاملين كـ خلية النحل ، وهذا يدل علي قيادة مثالية من القائد والمتحكم في مقاليد تلك الشركة .
- ها قولتي حضرتك ايه ؟
غمغم بها المحامي بعد عرضه والمثير للإعجاب انها لم تستمع سوي للمبلغ المفترض انها تكون طامعة له .. تأففت وصاحت بلهجة لاذعة
- مش عارفة اقول ايه الصراحة .. جايبني علي مالا وشي علشان تعرض عليا ملاليم
جحظ كلاهما ونظرا الي لهجتها الحادة الساخرة ، ملامحها الاستقراطية واسم عائلتها المرموق غير متوقع منه إخراج تلك الكلمات منها ..
غمغم المحامي بنبرة عملية
- يا استاذة فريال العرض هيستفيد منه الطرفين
مطت شفتيها وهي ترمق الشاب الذي لم ينبس ببنت شفه بعد ان اوضح كافة التفاصيل للمشروع ، عادت ببصرها للمحامي وهتفت
- عرض مش منصف اووي يا متر
حاول المحامي استمالتها وهو متشكك منها انها هنا للعب فقط
- قطعة الارض بتاعت حضرتك هتفيدنا اووي لمشروعنا وده لكبر مساحته عكس بقيه البيوت المجاورة
عادت تطرق بأصابعها علي سطح الطاولة لثواني ثم استطردت
- قولتوا المشروع لايه ؟
اجاب أحمد وهو يختص بنظرات ذات مغزي للمحامي الذي سارع بارسال السكرتيرة الي رب عملها
- انشاء باذن الله اكبر مول تجاري
وعادت الي نقطة واحدة
تستفز بها اعصابهم
وتحرق ذلك المتوتر بشدة خشية إفساد مشروعه
- حته ملاليم تدفعوها وتكسبوا ملايين .. المشتري دايما اللي بيكسب مش كدا ولا ايه ؟!!
******
الطبيب يخبره انها بخير
وخروجها عن قوقعتها التي حبست نفسها به هو العودة للتفاعل مع البشر مرة اخري .
الجميع رفع ايديهم عن المساعدة وكأنها بلا أمل او فائدة للعودة الي حياتها
هو لا يقدر الآن خصوصًا الاحمال التي تتساقط عليه من حيث لا يدري .. وهو وعد نفسه أمام الله والجميع ان يساعدها بقدر إستطاعته ، وملف حياتها السابق سيأتيه بالتفاصيل من الرجل الذي كلفه بالنبش في الماضي .
احيانا يكون ترياق المستقبل هو النقش في الماضي املاً في مساعدة الحاضر ، نسي من زخم افكاره السكرتيرة التي تقاطعه من شروده
- يا فندم حضرتك معايا ؟
رفع بعيناه عليها يدرس وقفتها المتذبذبة ، ضيق عيناه قائلاً بصوت اجش
- فيه حاجه تاني عايزة تقوليها
بلت طرف شفتيها وهي تجيب بحذر
- اه .. المحامي بيبلغ حضرتك ان وريثة القصر معترضة علي المبلغ
وتلك مشكلة اخري تضاف الي رصيده ، ليهب من مقعده غالقًا زر سترته وصاح
- وهو فين ؟
- لسه في اوضه الاجتماعات بيتفاوضوا معاها
واخر كلمة كانت هي بمفردها تحدث الهواء ، جعدت جبينها بيأس وهي تزفر بقلة حيلة علي عودة ذلك الرئيس المتهجم الوجه.
بكل وقاحة دلف الي غرفة الاجتماعات دون اللجوء الي الطرق .. لترفع فريال حاجبها بتعجب طفيف سرعان ما سكنت تعابيرها وهي تجده مترأس الطاولة متحدثًا بصفاقة الي المحامي
- خير يا متر
اجاب المحامي بكياسة شديدة وهو يلقي نظرة ذات مغزي لأحمد
- استاذ وقاص كنا بنعرض علي الاستاذة فريال مبلغ ٧ مليون مقابل القصر وخصوصا ان موقع القصر مفتقر لحاجات كتير نقدر نزود السعر عليه
جل اهتمامه علي نظرات الرجلين .. ولم يلقي اهتماما للمرأة بالمرة ..
التفتت فريال تهمس بصوت لعوب
- لا مش ممكن كدا يا متر .. ما انتم كدا كدا كسبانين ولو مش دلوقتي بعد سنة من اقامه المشروع
والتفتت تلقي بنظرة عليه وهيئته تشبه هيئة قرصان .. جعدت جبينها حينما استمعت رده الجاف
- خليها يومين تفكر بالموضوع
زفرت بملل وهي تعود بنظرتها الي الرجلين أمامها وهمست ببؤس مصطنع
- تؤ تؤ تؤ
ثم بسخرية رفعت بنظرها اليه تتحداه الا يرفع عيناه ويقابل عيناها التي لم تتقابل قط
- كده يا استاذ و.. وقاص .. انا جايه وايدي كريمة وتقولي ٧ مليون .. هنقول عليكم بخلا ولا ايه ؟!
لقد جاءت هنا للمرح
والنظر لذلك النرجسي الذي امتلك معظم اراضي لن تجعله يظنها هي المرتعبة و الصاغرة لأمره
حدجها بنظرة ثابتة لينتصب واقفًا وصاح قائلاً بجفاف
- يومين يا استاذة وهننتظر رد حضرتك
اللعنة لم يسمح لها بإمعان النظر اليه ، ضربت بكفيها علي فخذيها لتستقيم واقفة وهي تمط شفتيها بضيق زائف
- خسارة واضح مجيتي كدا بدون اي فايدة.. تشاو
ورحلت ورحيلها ينبأ بأن القادم منها لن يسير علي ما يرام
مجيئها ورحيلها كان لتدرس القلعة التي يتحامي بها غريمها
التفتت بعيناه الي المحامي وقال
- عملت ايه ؟
تمتم المحامي بأسف
- للاسف هي المالكة والوريثة الوحيدة للقصر بعقد بيع وشراء ودون اي وجود ورثة ده
لم ينتظر باقي حديث ليصيح بلهجة مقتضبة
- هنستني اليومين ولو رفضت
وترك باقي كلماته معلقة لينقبض ملامح أحمد وتكسو ملامحه الضيق والخوف من فقدانه لمكانته ومشروعه ، أجلي حلقه وغمغم
- واضح يا فندم
*******
ما معنى أن تكون المرأة امرأة في بلاد أن يكون المرء فيها أنثى عليه أن يدفع الثمن غالياً ؟! .
و ما هو اللون الوردي ؟
لون باهت لا هو يمثل نقاء اللون الابيض ولا هو يمثل اللون الأحمر الدموي .
الحياة هي صفعات .. صفعات علي روحها وجسدها ووجدانها ، صفعات افاقتها من الوهم الكبير الذي عاشته لفترة وتمنت ان تظل محلقة به ، وهم نسجته بيديها يشبه نسيج العنكبوت .. وما أوهن بيت العنكبوت !!
انتقالها لغياهب ماضيها أمر واقع ومفترض عليها
هي ببساطة سقطت في فجوة
وما طريق للعودة والظلام يحاوطها كظل لها من كل جانب .
تذكرة الماضي مجانية وما عليها سوي التوجه اليه .. !!
تأففت حانقة من ملامح نادية الحالمة وهي تتمسك بيدها هاتفها وكأنه كنز تحفظه بيديها واسنانها خاشية قاطعي الطرق من أن يسلبوه منها ، رمت دفاترها الثمينة وهتفت بحنق
- انتي بردو لسه في عالم خيالك ده
اغلقت نادية هاتفها علي مضض ، لتضم قبضة يديها واسندتها علي ذقنها وهمست بحالمية متأثرة
- اوووف بجد متتصوريش قد ايه اللي بيحصل في عالمي ده .. حاجه كده فوق الوهم ، اللي هو فعلا ياريت اشوف منه علي الواقع
ثم استطردت بتساؤل
- انتي قريتي اللي بعتهولك ؟
اشمئزت ملامح رهف فور تذكرها لما قرأته ليلة أمس ..
انها كارثة .. كارثة بمعني الحرفي وهي تلتهم السطور التهاما تستنكر ذلك البطل الخيالي الذي حاز علي جل إهتمام صديقتها بل وباحثة عنه
- قريته بس بجد مقدرتش اكمله ، نهاية مش منصفة اطلاقا يعني ازاي يغتصبها ويجبرها علي الجواز
لم تبدي نادية جل إهتمام لما تفوهت به رهف .. ظلت تستحثها بصوت ناعم .. ناعم لدرجة تقشعر الأبدان
- غلطة وصلحها
خبطت رهف علي الطاولة تبحث بعيناها عن اي الة حادة تدقها به ، زفرت بيأس ثم صاحت بنبرة جامدة
- انتي في وعيك ، غلطة عملها وسهل تغتفر .. انتي مش بتسمعي عن حوارات الاغتصابات والجثث البنات اللي بتكون مرمية في مناطق صحرواية
لم يبدي علي ملامحها الأكتراث .. بل ظلت تحفر حفرة بغية إسقاطها فيه .. تمتمت بهدوء
- بس بردو هو حبها .. صدقيني عيدي النظر من وجهه نظره هو .. هو كان معذور
زفرت يائسة وهي تبعثر خصلات شعرها ثم قالت
- مفيش فايدة فيكي اطلاقا
غمزت نادية بشقاوة وقالت
- ابدًا
- رهف !!
صوت رجولي اقتحم صومعتهما الخاصة .. ليتبعها شهقة منفلتة من شفتي نادية وملامح ذاهلة اعترت ملامحها ، استدارت بغية معرفة ذلك الصوت وقالت بحذر
- نعم !؟
أهذا هو الشاب الذي جعل نادية تتدلي بفمها ، لن تنكر انه وسيم بطريقة مرعبة .. بطريقة ترهبها ذاتيًا .. تلك الوسامة وبدون اي خطأ فيه يشعرها بالتدني دائمًا
اقترب من طاولتهم وغمغم بصوت رخيم
- انا اسف بجد اني هعطلك بس انا لسه يدوب بدأت المحاضرات وحاولت اسال كذا شخص من الدفعة يساعدني في المنهج وقالولي انك تقدري تساعديني
وهو ...!!
يربكها ويثير بها مشاعر متناقضة في آن واحد
وعيناه تستبيح صفحات وجهها بهدوء وكأنه يدرسها !!
يدرسها حتي يعلم نقطة ضعفها وينطلق في غزوه .
انتزعت عيناها انتزاعًا منه ثم التفتت الي نادية التي تنظر اليه بهيام .. وكأنها وجدت ضالتها !!
زجرتها بعيناها ثم التفتت اليه هامسه
- تمام مفيش مشكلة .. بلغني اي مادة محتاجها وان شاء الله اقدر اساعدك
زفر بإرتياح شديد وقال شاكرًا
- بجد متشكر جدا واسف لو عطلتك
رفع يديه وقال معرفًا عن نفسه
- بالمناسبة انا ماجد الجوهري ، من المفروض اكون في السنة الاخيرة بس الظروف حكمت اني افضل في السنة الثانية
يداه معلقة في الهواء وهي بحذر تنظر اليه ثم الي يداه .. مدت يدها تصافح يده بعهد لا تعلم بأي شيء هو شرعه .. عهد خفي أصاب يدها بالرعشة الكهربائية التي سرت من أخمص قدميها الي منابت رأسها ، حمحمت نادية قائلة وهي تمد يدها علي امل ان يلاحظ انهما ليس بمفردهما
- وانا نادية صاحبة رهف بالمناسبة ولو محتاج اي مساعدة انا ممكن اساعدك لو رهف طبعا كانت غايبة
انتبه هو علي صوت انثوي يقتحم مدراه ، جال بعيناه عنها مصافحًا يدها وقال
- اها اكيد.. عن اذنكم
استأذن منصرفًا لتشيعه نادية بنظرات ولهة ، تنهيدة حارة خرجت من شفتيها لتلتفت الي صديقتها قائلة
- شوفتي الصاروخ .. اوووف قلبي هيقف
شخرت رهف بسخرية مقلدة صوتها
- لو محتاج اي مساعدة اقدر اساعدك .. لا يابنت ماشاء الله دحيحة الدفعة
انفجرت ضاحكة وهي تتلاعب بحاجبيها
- انا بجد محتاجة اشوف رد فعل الهانم وهي تسمع بنتها بتتكلم زينا
انحسرت ابتسامة رهف وحل محلها الجمود .. ابتسمت بشحوب
- مفيش فايدة فيكي
غمزت نادية وهتفت بنبرة ذات مغزي
- المهم متنسيش واركني عقلك اللي بيفكر علشان تحسي بلذة الرواية اللي هبعتهالك النهاردة وهشوف رأيك
وهي سارت خلفها
متبعة نهجها
دائما الممتنع مرغوب
وهي رغبت ان تسلك طريقًا مختلفًا عن روتينها علي سبيل الفضول
فضول تآكل آحشاءها وانتهي بتآكلها حية !!
************
وكر الشياطين يصبح في اهبة الإستعداد في الليل
وكونها هي عضوة لا داعي للخوف
هي من ارادت النبش في تفاصيل عائلة زوجها
وأصبحت جزءًا منهم
عيناها غارقة في النظر الي السماء الملبدة بالغيوم .. لتشيح بعيناها ناظرة الي مصابيح الانارة في الحديقة واذنها مرهفة السمع الي سكرتيرة زوجها السابق ، تمتمت قائلة
- ها يا تغريد ، طمنيني
ردت تغريد بهدوء
- متقلقيش كل حاجه مضبوطة وكأنك موجودة
- زي ما فهمتك الاوراق المهمة تيجيلي مخصوص والسواق هو هيتكفل بالمهمة دي وحاجه كمان لازم تعرفيها ، اللي في القصر ملهمش اي صلة بالشغل حتي لو سألوكي
صوت جلبة أرهف اذنيها لتسقط بنظرها الي اصوات صادرة من غرفة حماها القابعة اسفل شرفتها.. تمتمت تغريد بأسي
- ولا يهمك يا فندم .. البقاء لله
غمغمت وهي تغلق الهاتف
- انا هقفل وهكلمك بكرا
اقتربت من مصدر الصوت واستندت علي الحاجز مائلة باذنها للاسفل لتسمع صوت شيراز
- انت عايز تسافر وتسيبني مع دي
والبربري .. البوهيمي الذي يثير بها التقزز أجاب
- يعني اعمل ايه .. انتي عارفة وضعي برا مقدرش اسيب كل حاجه واستقر هنا
وصوت حماتها جاء متوسلاً
- سراج انت طول عمرك ماكنت بترفضلي طلب
صمت خيمهما كليًا لتضيق أسرار بعيناها عابسة لما تريد تحققه تلك الشمطاء من خلفه ، استمعت اليه وهو يقول
- سيبني وقت اشوف ايه برا وهاجي متقلقيش
وصوت حماتها جاءها خافت حاولت ان تميل أكثر علها تستمع لكن السكون جعلها تبتعد وهي تفكر عاقدة جبينها
- مرة خرفانة بصحيح .. ناوية علي ايه يا شيراز
********
- مارية .. عمل جيد يا فتاة
صاحت بها ربة عملها وهي تلقي اليها حصتها من المال اليوم ، نظرت الي زميلاتها بظفر وهي تعلم ان نصيبها دائمًا يكون الأكبر لتلاعب بحاجبيها الانيقين قائلة بمكر
- اعلم وهل يوجد افضل مني ؟
لكزتها زميلتها بخفة وهتفت
- انظروا .. انظروا من يتحدث لست كالتي اتت اول مرة
انقبضت ملامحها وحل محلهما الشرود والسخرية لتقول
- يتعلم الانسان سريعًا
وضعت حصتها من المال داخل حقيبتها ثم التفتت تلقي قبلة في الهواء للجميع قائلة
- وهذه حصتي .. اراكم ليلا يا فتيات
وخرجت من الحانة واذنيها لم تعتاد بعد للسكون الذي يغلفها .. سكون الطبيعة الذي لم تختاره وفضلت الصخب والعربدة .
تنفست الهواء النقي في ذلك الصباح الباكر وسارت في زقاق ضيق مليء بروائح كريهة تشبه روائح الحانة..
ذلك الزقاق في الأمس يشهد جميع جرائم ومصائب مهولة ولكن عند النظر اليه في الصباح خاملاً بدون اي نشاط يجعلها تستنكر إن كانت في المكان الصحيح !!
فاجئها صوت أجش صائحًا بسخرية
- برضو مصممة تحطي نفسك في قذارة يا مارية
شهقة اصطحبها النظر الي عيناه المليئتين بالكراهية وشيء آخر لم تعلمه بعد
هزت رأسها ساخرة وهي تلعب بخصلاتها الشقراء
- ماهر .. ارجع لحياتك وكفاية كدا
ابتعد عن الحائط المستند عليه والقي بعقب السيجارة ساحقًا إياه في قدمه والتفت ينظر اليها بجرأة ، غمغم بصوت هاديء لا تعلم أهدوءه ذلك هدوء قبل العاصفة ؟
- لسه نضيفة من جوا الحقي نفسك .. فيه شمس في حياتك وهي محتجالك
يعلم غريمها نقطة ضعفها
اقتربت منه وهي تحذره بعيناها الخاويتين
- انت ملكش علاقة بشمس انت فاهم
غمغم بصوت ناعم وهو يسحب عضدها اليه وهي ساكنة دون ادني حراك
- مارية
نظر الي عيناها مدققًا النظر الي رماديتها الشفافة ، همس بصوت اقشعر بدنها من التقزز
- شمس لو ملقتكيش جنبها صدقيني هتبقي نسخة منك بس علي اقذر الا اذا انتي بتدي full pleasure للزباين
ونوت ان تصفعه
وقبل أن تحط بيدها علي وجنته امسك رسغها التي تطاولت عليه ولوي ذراعها خلف ظهرها ، وجحيم عيناه بدي جليًا ونبرته بمثابة خروج الوحش القابع في داخله
- اوعك تتجرأي تعملي كده
سقطت عيناه متأملاً مفاتنها التي تظهرها للرائح والغادي .. مفاتن لم يسترها حتي ذلك المعطف النسائي ، ساقيها ما زالت تخبر الرجال انها هنا للملامسة ، صاح بسخرية لاذعة
- لبس ساقطة .. ملامح ساقطة .. كل اللي فيكي يدل انك عارهة .. وبلاد الحرية التعبير عن الرأي مديالك الدعم .. ناوية المرة الجاية تشتغلي في porno
وحينما نوت ان تصفع وجهه بيدها الحرة ادركها ولوي ذراعها الاخري خلف ظهرها حتي عادت بلا حيلة .. انفجرت به صارخة وهي تحاول كبح دموعها التي ستسقط امامه
- بس بقي يا حيوان .. ايه شغال مواعظ من الصبح ، انا واحدة ميتة اسمًا وروحًا
هزها بعنف وصرخ في وجهها
- وانا مش هسيبك الا لما تفوقي
تلوت بشراسة ولكن هذا لم يزيدها سوي قربًا منه .. قرب جحيمي آخر لم تدركه هي وهي تحاول الفكاك منه قائلة
- بأي جهة حق .. بصي وكلمني اخويا مثلا .. ابن خالي .. ابن عمي .. ولا حبيب ، انت ولا حاجه كنا مجرد زملاء في الشغل قبل ما استقيل
غمغم بهدوء وهو يقتحم عيناها بوقاحة محاولاً سبر اغوارها
- معاكي فرصة ترجعي وتبصي نفسك في المراية يا مارية عندك بنت ومن حقها تكون جنبك وتحت رعايتك ده طبعا من غير وجود ( صمت للحظات قبل يتابع بسخرية ) .. الوالد
ما زال يضغط علي جرحها الغائر
يضغط بقوة دون ان يعبأ بها ولا بالامها
تمتمت بصوت حاد
- ملكش علاقة بالموضوع انت فاهم
وهو لم يعبأ بذلك اطلاقا .. يهزها بعنف اكبر قائلاً
- هترجعي البيت وتفكري في اللي معاكي ولسه محتاج يساعدك ، لو خطيتي برجلك للمكان القذر ده مرة تانية هعمل فيكي ايه ؟
وعيناه ألجمتها
والشراسة التي تتجلي في حدقتيه أخافتها
ولم يعطيها مهلة للرد لجعل عقلها المعطوب يتحدث بالسخرية ، غمغم وانفاسه تلفح جانب وجهها .. الانشات الفاصلة بينهما جعلها تستوعب انها قريبة منه .. قريبة لحد الخطر !!
- هقتلك
ثم نبذها بعنف تتابع مسار حياتها .. حياتها التي سيكون هو منذ تلك اللحظة هو كاتبها !!
*******
هي مجرد إمرأه عاملة .. ابتعدت عن محيط والدها .. وانتهجت دربًا مختلفًا .. هي شادية ، شادية التي قررت ان تكسر جميع قواعدها .. محطمة العادات والتقاليد غافلة علي انها حطمت جزءًا آمنت به .. مبتعدة عن جزء من روحها .
عملها كمنظمة حفل زفاف يتطلب منها مجهود جبار كي لا تفتك بوالدة العروس التي لا يعجبها مقترحاتها .. اما والدة العريس فحدث ولا حرج .. تلك المرأة لا يجب ان تكون في الصورة ،، تنظيم حفل زفاف للطبقة الثرية يجعلها تتحمل الآنفة والإستعلاء و آرقام خيالية لمجرد خاتم زجاجي لا قيمه له بالنسبة لها ، خاتم خبيث يقيد المرأة ويزهق انفاسها ويحد من حريتها ..
تقافزت برشاقة خارجة من القاعة لتلحق بإبنة عمتها المنتظرة اياها .. ما ان ابصرتها متكئة بجذعها علي سيارتها حتي ابتسمت بعذوبة قائلة
- سوري علي التأخير .. بجد فين لما قدرت اقنع العروسة ومامتها ومامت العريس علي شيء يتفقوا معاه كليًا .. العروسة كنت شيفاها بتحاول ترضي الطرفين علي حسابها الشخصي .. بجد صعبت عليا اووي ، تخيلتها للحظة في الكوشة وابتسامة باهتة علي وشها .. فريال انتي معايا ؟
وفريال لم تكن هنا بمعني ادق .. جل تركيزها في هاتفها .. صاحت شادية صارخة في وجهها
- فرياااال
وضعت فريال يدها علي صدرها ، ثم رفعت بعيناها الي شادية بضيق
- يخربيتك حد يزعج حد كدا
اقتربت بمكر تتلاعب بحاجبيها بشقاوة
- بتعملي ايه ؟
مطت شفتيها بيأس .. قائلة بلا مبالاة
- بدور علي مكان افتح فيه الصالة بتاعتي
- ولقيتي
غمزت بشقاوة وهي تنزلق بجسدها في الكرسي المجاور للسائق
- بكل سهولة
لا يعجبها ذلك الغموض وهي تتخذه كـ قناع ساتر عنها
غموض ستفك هي الغازه وحتمًا ستعلم سبب تمنعها عن التحدث في الماضي
- فريال !!
التفتت فريال اليها بابتسامة بريئة ، لتهز شادية رأسها قائلة
- مش مطمنالك
هي بنفسها لا تعلم الطريق الذي اتخذته
سحبت نفسًا عميقًا وزفرته علي مهل قائلة مغيرة دفة الحديث
- انتي مش قولتي هتأكليني
انطلقت شادية بسيارتها تشق الزحام في ساعة الذروة .. وفضلت ان تجاريها لتصيح بمرح
- شاورما من عند السوري هتاكل صوابعك وراها
كررت الكلمة بإستنكار
- سوري !!
تنهيدة حارة خرجت منها وهي تحاول ان تقلد لهجتهما
- هدوول القلب يا عمري .. لك تؤبشي قلبي .. راح ادوقك احلي شاروما وحاسبي لتاكلي اصابعينك
انفجرت فريال ضاحكة لاول مرة بإستمتاع منذ مجيئها وقالت
- فاشلة اوي اوعك تتكلمي اللهجة دي .. انتي دمرتيها
تنفست شادية براحة وهي تحمد ربها ان جدار الصلابة ما هو الإ جدار واهن ... واهن لدرجة من أقل حركة قابل علي الإنهيار .. صبرًا يا ابنه عمتي سأعلم ما بكِ .
**********
الكسر لا يأتي بعده انهيار
هو انكسر لعديد من المرات لكنه لن يسمح لأحد أن يكسره مرة اخري .
بداية معاناته مع انثي .. وانتهت بأنثي .
هو رجل يصعب التفكير به .. لإن كثرة التفكير به يجعلك دون قصد منك مُعلقة به
والتعليق لم يحبذه ابدًا .. لطالما حذر نساؤه ألا يتوغلوا الي روحه .. ما بداخله ظلام .. ظلام دامس كبئر سحيق لم يصله نور ينقشع ذلك الظلام .. ولا هو يرغب بذلك .. يحب العيش في الظلام ودون وعي منه ألحقت به عصفورته الجميلة .. عصفورة العائلة التي انقضت عليها مخالب طائر جارح .
اندفع بقوة الي سجن شيده خصيصًا لذلك الذي تجرأ علي عصفورته .. قابل احد رجاله المخلصين ليسأله قائلاً
-عملتوا ايه مع الكلب اللي جوا
غمغم بصوت اجش وشكله المرعب لم يثير في نضال اي شيء
- ضبطه يا باشا
سحب كرسي خشبي وهو يرمق بإزدراء الي الذي يصارع بإبقاء عيناه مفتوحتين .. سكون غلفهما للحظات سوي من صوت سقوط قطرات المياه علي جهاز معدني قديم
ضحك بقوة وهو ينظر للجثة الهامدة .. وأثر صدي صوت ضحكاته ترك في قلب الرجل الذعر .. اجفل حينما سحبه نضال من ياقه قميصه المهتريء .. صاح نضال متهكمًا
- واضح كدا انك هتفضل مشرفنا لأ ولفترة كبيرة كمان
لكمه بقوة علي جانب وجهه ثم عاد يرفعه علي مستوي بصره .. ليبصق عليه صارخًا
- غلطتك يا **** انك لما فكرت تبص .. بصيت علي اسيادك يا ****
لكمه اخري سددها بعنف علي وجهه ليخر الرجل ساقطًا كتساقط اوراق الشجر الضعيفة في موسم الخريف .. رفع حدقتاه الضبابية ليشعر بأنفاس نضال الملتهبة تقضي علي ذرات الأكسجين من حوله .. همس بصوت يشبه فحيح الافعي
- فاكر اني مش هعرف اجيبك مثلا !! .. او انك هتهرب من يدي
رفعه بقسوه ودفعه بقوة علي الجدار العفن ليشعر بلطمة اخري تسدد في جسده المكدوم .. تاوه صارخًا حينما شعر بنصل سكين يخترق جلده وصوت نضال يتردد في اذنيه
- احمد ربنا انك واقع تحت ايديا لان انا لغاية دلوقتي رحيم معاك يا ابن ****
وحاول ان يظل ثابتًا .. حاول علي قدر المستطاع لكن جسده لم يساعده .. ترنح ساقطًا علي الارضية المتسخة حينما ابتعد عنه نضال قائلاً
- غلطتك دي .. غلطة لا تغتفر ، عيلة الغانم مش بترحم
