رواية في قبضة الإمبراطور
الفصل الرابع والخامس
لعبة الإنتقام ازدهرت في عقلها واخرجت براعم شيطانية
سوادء ، عانقت روحها المعطوبة حتي تجسدت شبحًا اخر
شبح لا تعرف متي حل موطنها الموحش
شبح انسجته في خيالها البائس وما ساعدها علي التلبس بتلك الشخصية هو .. ماهر الذي كان وقودها و آسيا التي كانت تنفث في شعلة النار حتي جعلتها نيران تتآكله هو حيًا .. لكن هي تعلم .. تلك النيران المندلعة التي شبت في صدرها آكلتها حية ،
هي أعلنت الحرب .. والبقاء للإدهي
والأقوي مصيره ان يستسلم راكعًا يومًا
وهي ستري عيناه .. عيناه المشبعة بالرضي والنشوة
عيناه التي اخفت عليها مشاعره التي لم تقرأها يوما
الغامض .. المثير للإعصاب ، يعيش في برج عاجي
غمغمت بشراسة وهي تندفع لاول مرة منذ ان وطئت بقدمها الي موطنها البارد .. موطن والدتها الي بيت آسيا ، تضغط بقوة علي زر الجرس و هي تتوعد بإنتقام له
- مش هسيبه ابدًا .. مش هسيبه ابدًا
هي انغمست في الوحل .. و ستدفعه مثلها
انفتح الباب بقوة وصاحبته تتوعد للطارق المزعج بسباب لاذع لكن كل ذلك ذهب في مهب الرياح حينما نطقت بذهول
- مارية !!
تطلعت الي نظرات شقيقتها المنصعقة وبدأت تتفحص ثيابها بغموض .. دفعتها بقوة ودلفت الي الداخل صائحة
- فين شمس ؟
تنهدت اسيا وهي تغلق الباب والتفت الي شقيقتها تسحبها الي غرفة ابنتها .. داعمتها بجسدها قائلة بهدوء
- جوا تعالي
وصلت الي الغرفة وظهر اختلاج في وجه مارية .. عضت علي شفتيها وكل شجاعتها تطايرت عند ذلك الباب تحديدًا
ضغطت آسيا ذراعها بدعم وهي تتعزز من غرازئها الامومية
- بنتك محتجاكي يا مارية
سحبت نفسًا عميقًا وزفرته علي مهل .. قبل ان تضع بيدها علي المقبض .. دلفت بهدوء وعيناها تجول في ارجاء الغرفة الوردية الهادئة .. سلام نفسي زعزع من استقرارها الواهي واقتربت من مهد صغيرتها
تطرفت دموعها من مقلتيها وهمست بصوت متحشرج
- شبهه اووي يا سيا
تراجعت اسيا للخلف سامحة ببعض الخصوصية للطفلة الام والبنت .. عقدت ذراعيها علي صدرها قائلة
- صدقيني لو انتي متحركتيش انا هتحرك
وتطاير وعيدها كما يتطاير الدخان في الهواء .. ربما طلة صغيرتها الملائكية ثبطت من عزيمتها وهمست بصوت خافت
- اعمل ايه يعني يا اسيا
- تروحيله وخليه يشوف بنته
توجست خيفة في نفسها وعادت تتأمل الصغيرة ولاح مشهد باهت في عقلها ما إذا اقتحمت غرفته حاملة ابنتها ، عبثت بشعرها الأشقر وغمغمت بسخرية
- مش هيتقبلها في حياته .. هو قال اي غلطة في حياتنا اني هبعد عنه
آهة موجعة اطلقتها من ان غرست اسيا اظافرها في ذراعها وصاحت بحدة
- ليه يا مارية عملتي في نفسك كدا ؟
طأطات رأسها تخفي عارها و كل ما فعلته شقيقتها للتخلص من عارهما قديمًا ذهب هباءًا
- حبيته
اغمضت جفنيها محاولة التحكم في اعصابها الثائرة ، غمغمت وهي تجز علي اسنانها
- ودلوقتي !!
رفعت عيناها محدقة في ظلام عينا شقيقتها لتجيب
- مش عارفة احدد مشاعري من ناحيته
دفعتها اسيا ببعض الحدة وهمست
- الكلب ده لازم يتربي
- هو مضحكش عليا .. قالي شروطه ونفذته
وشقيقتها لم تستمع اليها .. بل لا تريد ان تستمع .. مستمرة في حديثها
- لازم يعرف انه ليه بنت
بطرف عينها القت نظرة اخيرة الي ابنتها .. شقيقتها لا تريد تكرار مأساة حادثهما القديم .. تحارب بكل استماته و ضرواة للظفر بالفوز .. حطمت آمال شقيقتها قائلة
- مش هيقبلها
هزت آسيا رأسها نافية وصاحت بصوت جاف
- انا معاكي .. لازم البنت تعرف ابوها
وآسيا بكل إلحاح تنفث في الشعلة
الشعلة التي ستتحول الي حريق هائل يدمرهم جميعًا
لكن الحرب .. حربها هي
ولن تكون بيدق في تلك اللعبة مرة اخري !!
******
بنظراتها القاتمة وسيرها المتبختر والدلال الذي متأسر في روحها الزائفة .. اقتربت بتعمد الي موظفة الاستقبال وهي اليوم جاءت علي حسب قراره هو .. والتنفيذ علي قرارها هي
بخصلاتها الثائرة القصيرة هتفت بمرح للموظفة الجادة
- جايه اقابل القرصان
ضيقت الموظفة عيناها شاخصة حالة تلك المراة المبهرجة .. قالت بنبرة لينة عملية
- افندم !
تأففت وهي تخلع نظارتها قائلة بنبرة مغوية
- الكبير بتاعكم هنا .. ( وبدلال مقزز للعاملة استلذت نطق اسمه بحميمية ) استاذ وقاص
ابتلعت الموظفة شتيمة قررت ان تقولها وبنفس النبرة العملية والوجه البشوش الجامد رفعت سماعتها تتصل بسكرتيرة مكتبه
- ابلغه مين ؟
- قوليله وريثة قصر الشواف
اخبرتها مكان المصعد لتصعد فيه .. هي متشوقة لرؤية رد فعله حينما تري ما نوت .. ذلك المسمي بالإمبراطور ستحطم عرشه .. قابلتها السكرتيرة وهي تغمغم بهدوء
- تمام نص ساعة حضرتك وهتدخلي
ببرود جاف ردت وهي تنزلق بجسدها علي اريكة جلدية
- اوك
والنصف ساعة لم تحرقها توترًا او قلقًا
النصف ساعة القادمة ستنعطف بحياته هو لمكان اللاعودة
تقدمت تسير بخيلاء نحوه وهي تضعه تحت اختبار انثوي شديد الحساسية ..
جالسًا علي مقعده الفاخر وكأنه عرش السلطان او الامبراطور !! مزهوًا بنفسه ... معروفًا بحزمه وصلابته تمامًا مثل صلابة ذراعيه السمراء .. انه رجولي ... ساحق .. نرجسي ..محطم قلوب العذارى .. أنفه الشامخ دلاله علي انه لم تأتي امرأة قط مست شيء في قلبه وملامحه الرجولية الحادة التي تذوب بها جميع النساء .. كل قطعة في جسده تفوح بالرجولة والجاذبية تدمر حصون النساء الواهية .
ابتلعت خطواتها الرنانة ذلك السجاد السميك لترفع حاجبها الانيق من نظرته الثاقبة لعسليتها الراكدة
- فكرتي في العرض ؟
غمغم بها بصوت ابح رجولي .. سؤاله يشمل إجابة واحدة وهي الموافقة والإذعان لأمره .. بالطبع فهو الامبراطور الحاكم لارض المدينة وحده وكأن المدينة خارج حدود الدولة !!
رفعت انفها بأنفه لتعقد ذراعيها على صدرها قائلة بجمود
- غريب جدًا انك تديني يومين للتفكير
نقر بأصابعه الرشيقة على سطح مكتبه الزجاجي وهو ينظر نحوها بجمود .. تلك الـ **** بمثابة الشوكة في خاصره ، لولا انها من ذوي عائلة معروفة لسحقها كما يسحق الحشرة تحت قدميه .. عصفت عيناه البلورتين وهو ينظر الي و .. وقاحتها للنظر إليه بلا أدنى حياء !!
- بمعنى ؟
اقتربت بخبث كما تقترب الحية من الفريسة ،، تتلوى بنعومة ملمسها لتضع يديها على مقدمة مكتبه خافضة بجذعها إلى مستواه لترد بعبث
- مش ملاحظ ان ٧ مليون قليل بالنسبة الارض اللي عايزها مني !!.. يعني الارض اللي هتشتريها مني هتقدر توسع من مشروعك اللي هتوصل أرباحه بالملايين خلال كل سنة
التقط عطر ازكم انفاسه من رائحة الأزهار التي لا تتناسب مع شخصيتها الوقحة وهي تتفحص كل انش به بتعمد سافر .. سرعان ما أتت لمسه توابل لاذعة لتظهر شبح ابتسامه عابثة علي شفتيه .. عدل رأيه سريعًا ليعلم ان رائحة عطرها تناسب شخصيتها الوقحة .. هب من مقعده وهو يتفرس عيناها العسلية مزيحًا تلك المسافات الضئيلة الفاصلة ولأول مرة يري الي اين تريد الوصول ، عيناه تقابل عيناها الجريئة ليهمس بجفاف
- من الاخر عايزة ايه ؟
عضت على شفتيها السفلي المطلية بلون زهري لترى عينيه اللتان هبطت أثر سحقها لشفتيها بغموض اثارها .. يبدو رجل الامس تبدل وهرموناته تعمل .. نظرت الي نحره والي بداية عضلات صدره الضخمة الذي اظهره قميصه بنظرات تقيمية تعم عن الرضي لتعود رفع عينيها نحوه وهي تدنو نحو أذنه
- مش بطلب كتير علشان تعرف اني كريمة .. بطلب بس حوالي ١٠ في المية من حصة الأرباح
انفاسها هادئة أقرب من كونها باردة .. جسدها لم يصيبها بالرعشة او ارتجاف منذ قربها منه رائحة عطرها تخبره بخبث انها رغم كونها في عرينه الا انها تستطيع ان تجابهه ، ما ان استمع الي عرضها حتي اسودت عيناه وصرخ في وجهها هادرًا
- انتِ اتجننتي
ملامحها أشبه بملامح انثي متبلدة المشاعر .. جماد أقرب من كونها ادمية .. ابتعدت عدة خطوات للخلف وهي تعبث بـ خصلاتها الفوضوية القصيرة قائلة ببرود
- والله ده اللي عندي وانت اللي بأيدك القرار يا استاذ وِقاص
ثم التفتت مغادرة عرينه وهي ترفع علمها في مملكته .. تعلم انها اخذته على حين غرة لكن الايام القادمة ستثبت له انها ليست كالنساء اللاتي عرفهن .. ليست تلك المبهورة بوسامته الفجة .. وليست تلك المكسورة التي ترتعب من عيناه العاصفتين وليست تلك الساذجة التي توافق علي جميع أوامره
- هتجيلي مرة تانية و هتوافقي على عرضي يا انسة ..
صاح بها بجفاء قبل أن تضع يديها في مقبض الباب .. لتدير على عقبيها وهي تغمز بعبث
- فريال واللي مقربين مني بيقولولي يا فيري .. بس اكيد مش اقصد فيري الغسيل علشان منزعلش من بعض من اولها يا وِقاص
اختتمتها بضحكة رنانة ساخرة لكلماته الواثقة لـ ترفع اصبعي الوسطي والسبابة كـ علامة للتحية ، تلك الوقحة .. عديمة الحياء تغمز بعيناها الجريئتين له ، صاحبة الخصلات القصيرة المتمردة ، تفحص بلوزتها متعددة الالوان التي أدخلت طرفها لسروالها لتنزلق عيناه الي سروالها القماشي الذي يعانق جسدها حبًا ظل ينظر اليها ببطء وتركيز متأملاً قدها الرشيق وخطوط خصرها النحيل بعبوش شديد وغرضها يصل اليه كرسائل مشفرة .. رفع عيناه نحوها بغموض وهو يدخل قبضتي يديه في جيب سرواله ليهز رأسه بتحيه مقتضبة ، غادرت بهدوء لا يناسب زوبعتها وحربها البارد لينظر الي اثرها بمكر وهي يحك طرف شفتيه بسبابته
- هتيجيلي .. بس المرة الجاية هتستسلمي لشروطي
وهي تدندن بسعادة وكرقات حذائها يعلن نغمة خاصة بها .. عاد تغطي ملامحها بـ نظارتها قائلة مستمتعة
- يا خسارة .. مش مشكلة الجايات اكتر من الرايحات يا وقاص
*****
تأملها بعيون غائمة بالحزن
وحيدة
منهارة
تصرخ بدون صوت
واكتفت فقط الشكوي في صمت
رهف الرقيقة الحساسة المطيعة دائمًا
كانت النجيبة .. المجتهدة .. التي لم يسمع لها صوتًا .. ربما كانت تلك مشكلة تغافل انها في سن حرج ولم يهتم بعاطفتها التي احرقتها
- رهف
نادها علي استحياء وقلق من ان تعود لانتكاسة مرة اخري.. اقترب من فراشها ووضع يديه علي كفيها الباردتين وعاد ندائه لها
يستجديها
و يعطيها املاً
حماية
ملجأ تختبأ به
رفعت عيناها الخاويتين وابتسمت بتألق قائلة بنعومة
- و... وقاص
مال يقبل جبهتها ويضمها الي ذراعيه لتسارع بلف ذراعيها حول عنقه .. لطاما كان هو ابيها واخيها دومًا .. بعيدًا عن علاقة التوتر بين والديها كان هو خير دعمًا وحماية .. لكنه غاب لفترة
استمعت الي صوته الذي حاول ان يبث فيه مرحًا
- ايه رأيك نغير جو ؟
جذب انتباهها كليًا .. كونها ستواجه العالم مرة اثار بها الذعر .. لكن وجوده قضي نهائيًا علي ترددها .. تشبثت فيه بقوة ليتابع قائلاً
- نروح البيت اللي بنيته .. الحقيقة قرية صغيرة بعيدة عن العالم ده
انشرحت اساريرها وهي تتذكر حلم شقيقها منذ ان كان في السادسة عشر .. اخبرها ان سيشيد مدينة خيالية لها وله تكون هي الأميرة وهو حامي المملكة .. بيت سيعوض به الكثير من بيتهم المفتقر ، كانت صغيرة وقتها لا تتذكر عمرها وظنت انه يلاهي طفلة صغيرة لكن أكان غيابه لتحقيق حلمها ؟!
غمغمت بصوت متحشرج
- خالة فتحية هتكون موجودة
الخالة فتحية لا تتذكرها جيدًا .. ذكري باهتة تلمع بقوة في ذهنها .. كانت هي المراة الوحيدة التي دللتها كثيرًا .. بل مع قوانين والدتها الصارمة بمنع الاشياء التي تزيد الوزن كانت تجلب لها حلوي في السر .. هز وقاص رأسه نافيًا وقال
- لا مش هتيجي دلوقتي عندها ظروف مع عيلتها ..عم بهاء هيكون موجود
انهارت سعادتها كما ينهار بيت لعبة الورق بأقل لمسة ، عادت اشباحها تتجسد امام مرآي عيناها لتختفي في صدره هامسة
- انا خايفة
وهو لم يعطيها سوي عناقه الذي يهدأ من روعها .. يطرد اشباحها .. ضمها بمحبة وهو يخلل بأصابعه علي خصلات شعرها قائلاً
- متخافيش انا معاكي
**********
ضمت شعرها الاسود علي هئية جديلة وغطت ذراعيها السمراء بسترة وهي وحيدة تشرف علي الرجال في العمل .. ربما حينما انتفضت من سباتها اول ما بدأت بعمله هو منظمة حفلات زفاف .. تمنع ابيها في الاول كونها ستختلط مع الرجال وظنها ضعيفة مغلوبة علي آمرها .. لكنها اخذته كـ تحدي وجميع العاملين خضعوا تحت اختبار الأب بنفسه وليزيد اطمئنانه زرع حارس شخصي لها لكنه بهيئة عامل ..رغم انه بدي جليًا بين الشباب بضخامته وهيئته المرعبة لكنه يبدو طيب ، هزت رأسها وهي تبعد بعيناها عنه لتنظر الي شاب آخر وجهت حديثها بصوتها الانثوي الحازم
- مصطفي خلي بالك من الورود اللي جاية .. انا طلباها مخصوص
هز مصطفي رأسه قائلاً
- حاضر يا استاذة
انتبهت علي وجود الحارس بهيئته المخيفة الي المسكين مصطفي يخبره بصوته الجهوري انه سيقوم بأخذ الزهور من السيارة .. جزت علي اسنانها والأحمق ذلك ستقتله .. انه يتحكم بالرجال وليست هي .. هي رئيسته وهو مجرد عامل وان اختلفت مسمياته .. انتبهت علي صوت رجولي مرح بلهجته المحببة إليها
- يا ستنا اهدي بس ما يطقلك شي عرق
دارت اليه وصاحت بحدة طفيفة
- نزار انت بتعمل ايه هنا .. مش المفروض تشرف علي الاكل
وهو مستمتع للوضع .. أصبح حليفًا مع الرجل المخيف ، طمئنها قائلاً
-ماتخافي الوضع كلو ماشي تمام التمام
ثم بحركة مسرحية اخذ يتطلع في الارجاء متوجسًا خيفة
- اوعي تكون اختك تطلعي من الحيط .. حاج أول مرة شفتها
هزت رأسها يائسة وهي تتذكر مشاجرة اختها معه في اول مقابلة .. غمغمت ببساطة
- ما انت تستاهل عارفها ما بتصدق اي كلمة منك تطلع غلط وتهب فيك
عبس وجه نزار الوسيم وصاح متذمرًا
- كل هاد بس لأنو قلتلها مره !! وبعدين ع شوي كانت رح تدوسني بالمتور تبعها
هي لم تنتبه له .. تطلعت الي الحقيبة البلاستيكية الخاصة بمطعمه صادرة منها رائحة طعامها المفضل.. لتتسع حدقة عيناها بأنبهار قائلة
- الشاورما دي ليا !!
اومأ موافقًا وهو يعطيها بود قائلاً
- أي ألك ...ريتو مية صحه وهنا
ابتسمت في امتنان قبل ان تهجم علي الشاورما السورية المفضلة .. صداقتها مع نزار بدأت بالصدفة حينما كانت هي تبحث عن افضل شخص خبير في الحلويات لينضم الي فريقها ومطعمه كان وقتها صغيرًا لكن مريحًا .. رائحة الطعام لعبت وترًا حساسًا لانفها والطعام لم تتذوق قبلاً في طيبته .. عرضت عليه صفقة شراكة ولمفاجئتها وافق وهنا بدأ الحظ لمطعمه وبدلا من محل صغير افتتح سلاسل مطاعم في كافة انحاء المدينة و ازدهر عمله وعملها .. انتبهت علي صوت فريال التي تفرقع اصابعها في وجهها
- شادية
انتبهت من شرودها علي وجود فريال وصاحت بعبوس
- فريال ؟
القت فريال نظرة متفحصة للوسيم الذي بجانبها ثم غمغمت بوقاحة
- مين القمر ؟
احتقن اذني نزار واصدر ضحكة خفيفة لتبدأ شادية بالتعريف حانقة
- فريال بنت عمتي و نزار الشيف
ظهر بريق في بركتي العسل اخاف شادية لتهتف بنبرة ذات مغزي
- نزار .. تعرف ان شادية بتفضل طول الوقت بتحكي عنك ..وعن جمال اكلك و حلاوة اكلك وطعامة اكلك
القت نظرة الي نزار الذي ابتسم بحرج وحاول ان يكتم ضحكاته الصاخبة .. لكزتها بحدة موبخة
- فريال
نظف نزار حلقه وتمتم برضي
- طيب الحمدلله
عقدت فريال ذراعيها وقالت
- معندكش اخ يا نزار ؟
اجاب براحبة صدر للدخيلة التي تقتحم خصوصياته
- أي عندي أخ أكبر مني واسمو غسان وهوي حالياً بيشتغل بره
تصنعت فريال الاسي وهي تنظر الي شادية التي احتقن وجنتيها غضبًا وخجلاً من معني كلماتها
- خسارة ملهوش في الطيب نصيب
عبث بخصلات شعرها ثم قال مستاذنًا
- طيب بالأذن منك رح روح شوف الشباب وصلوا لوين
شيعته فريال بنظراتها .. حتمًا تعلم لما تحب شادية الذهاب للمطعم السوري .. ابتسمت بخبث وهي تغمز بشقاوة
- ده بقي مين ؟
يخيفها التألق الغريب في حدقتي عينيّ فريال
يخيفها لدرجة تبث في داخلها الرعب
وكأنها بشخصيتين متأرجحة بينهما
اجابت وهي تجز علي ضروسها
- نزار .. واهدي كده مفيش حاجه بينا علاقة صداقة وشغل فقط
اعترت الدهشة معالم فريال سرعان ما قالت
- تصدقي انا غلطانة اني بحاول اربطك بشاب حلو
وجملة منها خرجت في مكان وتوقيت خاطئين .. جملة متهورة جعلتها تريد ان تدفن برأسها في الرمال
- ما انتي كنتي مرتبطة بشاب حلو عملك ايه يعني
الجمود اكتسي ملامحها لدرجة تخيلت رؤية اهتزاز خفيف في حدقتيها لكن ملامحها الجامدة جعلها تتراجع .. زفرت فريال وقالت بصوت هاديء
- المهم انا جيت علشان ابلغك اني هسافر لفترة بسيطة لمنطقة معينة
ضيقت عيناها وقالت بتساؤل
- رايحة فين ؟
- القرصان
هي ذاهبة له
لتري ما خلف تلك القشرة الجامدة
هي فضولية بشدة
وسيحترق هو !! .
*******
لتقع في الخطأ يحتاج لدفعة .. دفعة خفيفة لتستمر في السقوط
لكن ما من ايادي مناجية .. والضمير !!
لا تحتاج للسؤال عنه .. لانه مات .
لكن هي تشعر بالاختناق .. اختناق يكاد يزهق انفاسها
من كفة عائلتها ومن كفة اخري نضال وهي ..!!
تتراقص علي حافة الهاوية قسرًا
تسير وعقلها شارد الي نهاية علاقتها بـ نضال .. هي تنتظره ان يخبرها لقد سئمت لتتضطر البحث عن شخص اخر .. شخص يستطيع أن يجلد روحها كما فعل هو .. اجفلت علي نبرة ذكورية اجشة
- فرح
توترت معالمها وهي تري ذلك الحبيب الهائم بها .. ابن الجيران الذي وقع صريعًا في هواها ويستجديها بها وبحبه .. حبه الذي سيدنس كما دنست جسدها وروحها ... غمغمت بهدوء
- عماد .. عامل ايه ؟
انشرحت اساريره لتزداد تلك النغزة في قلبها كلما رأته .. غمغم بسعادة بددت جلية علي تقاسيم وجهه
- ايه اخبارك يا ست البنات ؟
ست البنات !! هزت رأسها ساخرة وهي تجيب بإقتضاب
- انا كويسة الحمد لله
غمغم بتساؤل واهتمام صادقين
- الحاج و الحاجه كويسين ؟
اغمضت جفنيها في يأس .. هو لاذنب له لتنفجر به .. زفرت واجابت
- ايوا تمام
استماعه للصبي الذي يناديه من المقهي جعله يتراجع عن تساؤلات تنهش عقله وقلبه وهو يراها كل يوم تذبل عن اليوم الاخر .. تنحنح حرجًا
- طب عن اذنك يدوب الحق الشغل .. انتي عارفة القهوة يوم الخميس بتكون عاملة ازاي
هزت رأسها وهي تنسحب ببطء متوجهه الي بنايتها
- اكيد .. عن اذنك
تصاعدت بتثاقل وهي تستطعم تلك المرارة في حلقها كـ مرارة الحنظل ، تخشب جسدها ما إن استمعت الي رنين هاتفها المميز الذي جعلته خاصًا به .. نظفت حلقها واجابت بتوجس
- الو
ونبرته جامدة
متسلطة كما اعتادت
ولا تزيد عن خمسة احرف
خمسة احرف اودت بحياتها لجحيمه
- عايزك
حاولت ان تثنيه او تذكره انه من صرفها
- بس
قاطعها بصوت اجش آمر
- النهارده اشوفك في البيت
********
- كيف يصبح المغتصب بطلا !!!
لطاما تساءلت وهي مصدومة من ما تقرأه
البداية معروفة .. هو يكون متمردًا .. ثائرًا .. متنقمًا من النساء .. يعاملهن كـ جواري حتي تأتي هي .. تنتشله من الدرك
لكن لا ننسي اضافة توابل حارة ولاذعة ونكهة رمانسية حتي تكتمل الصورة بالنهاية السعيدة .
رغمًا عنها
تأثرت
ضعفت
استسلمت
استلذت ذلك الأمر
وتمنت ان تعيش بشكل خفيف في ذلك الأمر
هو بغموضه وقسوته وهي برقتها وحلاوتها
اغمضت جفنيها وهي تكاد تعض علي يدها .. سبحت مرغمة للماضي ومحاولات نادية .. نادية صديقة عمرها ، ابتسمت بسخرية وهي تعود لحدث مر عليها ..
- نادية
صاحت بها متأففة تحت الحاح صديقتها بعد ان استجابت لها .. تساءلت نادية بفضول
- ها اقتنعتي ؟
عادت تتأفف وعاتبتها بمحبة
- ورايا مذاكرة شوفيلك كتاب اقعدي عليه
عبست نادية وقالت بضيق
- انا غلطانة .. ومش هرجعلك تاني
لكنها عادت .. عادت حتي حاصرتها من كل جهه
واستجابت
ورضخت الفريسة للصياد
وسؤالها ما زال يطرق عقلها حتي الآن !
- كيف يصبح المغتصب بطلا ؟!
شهقت علي صوت جهوري يزعق بها
- رهف
افاقت من احلامها او كوابيسها ، لترفع بعيناها اليه .. هي لا تستطيع الخروج من كهفها ابدًا
تمتمت برجاء وهي تنتفض من رقودها اليه تختبيء في احضانه
- وقاص .. متبعدش عني
غمغم بصوت حاني
- مش هبعد عنك تاني .. انتي في حمايتي يا حبيبتي
رددت بهذي وهي تنفجر باكية تحاول كتم شهقاتها .. او تمنع ان تذرف دموعها .. ولما الدموع وهو الوحيد حتي الآن من يحاول ان يهدم صومعتها مرارًا
تمتمت بتوسل و صوتها المعذب ادمي قلبه
- متسافرش وتبعد .. كنت محتجالك اووي
غرست اظافرها في قميصه وهي تحاول تهدئة قلبها الذي ينتفض في كل مرة .. حاميها آتي بعد غياب لما البكاء !! ، رفعت عيناها اليه وتساءلت بتوجس
- انا وحشة صح !!
اغمض جفنيه ولا يعلم كيف يجيبها .. لقد تركها الجميع ولم يساندوها .. وكانهم سندوها يومًا !!
احاط وجهها بكفيه وهتف
- انتي حلوة من جوا وبرا وهتفضلي تحت حمايتي حتي لو شاب شعري
حينما يصدر وعدًا في كلامه فهو ينفذه
ضمت ذراعيها حول عنقه وقررت اخذ هدنة
هو يستحق ان تفعل من اجله الافضل
لا تعده لكنها ستحاول .
********
تقطع الغرفة جيئة وذهابًا .. لقد مر أكثر من ثلاثة اسابيع علي عدتها والاوضاع ما زالت هادئة في وكر الشياطين .. زفرت بعصبية محدثة الي المتصل
- نضال اللي بتفكر فيه هيجيب نتيجة سلبية .. سيب البوليس يتعامل معاهم
تنهد للحظات قبل ان يرد بإسمها
- اسرار
اغمضت جفنيها للحظات .. العنيد لن يستمع اليها ابدًا ، غمغمت بصوت هاديء
- انت عارف اني مش هتحرك من مكاني لفترة من الوقت بس بجد خلي بالك من نفسك
وما زاد الطينة بلة حينما قال
- انتِ الوحيدة اللي عارفة ده
- علشان كدا بقولك بطل .. بطل اللي انت فيه يا نضال .. نتيجة افعالك جت بتأثير سلبي علي عصفورة العيلة
صاح محدثًا بصوت جامد
- عمري ما اجبرت حد يا اسرار
دلكت جبينها وزفرت محدثة ان تعدله عن قرارته الخاطئة
- عارفة .. لكن مكنتش عادل يا نضال .. والضحية كانت رهف .. للدرجة دي مش مهتم بيها .. ده انت كنت بتقول هي الحاجة الحلوة اللي دخلت حياتك
تحاول ان تضغط علي الجرح الذي لم يندمل بعد .. تضغط بقوة علّه يفيق .. تابعت بصوت رزين
- فوق يا نضال .. من فضلك اللي بتعمله ده هيهدم اساس العيلة كلها
انفلتت ضحكة قصيرة منه
متهكمة وساخرة اقرب من كونها مستهزأة
هي تنصحه ... وماذا عنها ؟!!
- وانتي مش ناوية تفوقي من اللي انتي فيه ؟
عصفت عيناها بالثأر وصاحت بحدة
- غلطوا يا نضال وهدفعهم التمن
لاحت ابتسامة ساخرة وقال بجفاف يذكرها بجملتها التي قالتها سلفًا
- سوادك هيبلعك
ردت بجفاء اكبر
- قول لنفسك الكلام ده .. انا هقفل
اغلق المكالمة وبقي محدقًا في هاتفه لثواني قبل ان يضعه جانبًا .. رفع عيناه علي همستها تنبأه بمجيئها اليوم
- نضال
تطلع الي تقاسيم وجهها الناعمة .. لن ينكر انها جميلة و جذبته .. لكنه لم يكن عابثًا او كاذبًا يومًا .. لمس يدها ليشعر بأرتجافها .. مثل كل مرة حينما يلمسها تنكمش علي نفسها ثم دون ادني فرصة لسماع اعتراضها يبتلعها بدوامته
لمس شعرها وجفناها بنعومة شديدة ليميل الي اذنها هامسًا بصوت هاديء
- انتي عارفة قبل ما اقرب منك ان ده لفترة من الوقت وهننفصل
تأثرت بلمسته واصبحت متحفزة لما هو أكبر .. لما هو يذهب بعقلها .. عقلها المشوش تحت وطء لمساته لا يعمل بكفائه .. هو غير عادل في تلك المعادلة
يخدرها ببساطة ويستدرجها ثم يحرقها
اجابت بصوت مرتجف وحينما نوت ان تفتح جفنيها اعاد انامله علي جفنيها متطلبًا منها السكون
- قولت ووافقت
عاد يلح سؤاله بكل قوة مثل كل مرة حينما ينوي الاقتراب
- عارفة انتي هنا ليه ؟
تلك المرة قابلت عيناه الداكنة .. لا يحتاج لقول شيء .. اجابت ببساطة اعتادت علي قولها امام المرآة الف مرة قبل ان تقولها امامه مرة واحدة فقط
- أعدلك مزاجك
وهو كافئها حينما ضمها اليه .. كما تعانق الحية فريستها
- بالضبط
******
تنفست الصعداء حينما تقدمت الي القرية الصغيرة التي شيدتها عائلة الغانم .. عائلة الغانم التي لا تستطيع الدولة الاقتراب منهما .. هزت رأسها ساخرة وهي تقترب من البوابة الضخمة لتري حارسًا ضخم الجثة والهيئة عند البوابة يقترب منها قائلاً
- اقدر اساعدك يا استاذة
خلعت نظارتها وهتفت بهدوء وهي تخرج له الكارت السامح بالدخول اهداه اياها خالها ثم ورقة روتينية قائلة
- انا المفروض اشوف المكان اللي هأجر فيه الصالة بتاعتي .. فريال الشواف
تمتم بهدوء وهو ينسحب بعيدًا عنها متحدثًا الي شخص يبدو مسؤولا عبر الجهاز اللاسلكي
- ثواني حضرتك
انتظرت دون ان يظهر علي ملامحها اليأس او الضيق
انتظرت بشغف حتي تري ما بداخل تلك البوابة وتلك الأسوار شاهقة الأرتفاع
انتظرت حتي سمعته يقول
- تمام اتفضلي يا استاذة
اعادت تشغيل محركها والبوابة تفتح علي مصرعيها لتقول بإستمتاع للايام القادمة مع القرصان
.
في قبضة الإمبراطور
الفصل الخامس
ربما الحياة ليست عادلة للجميع
ربما نستمر في حفر السعادة علي وجوهنا
رسم اللامبالاة .. والتغاضي عن دقة القلب
لكن ما لا نستطيع الابتعاد عنه هو دائرة الانتقام
هوة
هوة اصرت ان تسقط فيها
رغم علمها أنها تسير على حبل مهترئ وأسفله سعير لكنها لا تملك خيارا سواه
أما متابعة الطريق الذي ما بعده ظلام
أو سقوطها في نيرانه
-جميل جدا .. لا بجد المكان حلو جدا
لن تكذب
ما خلف الاسوار .. عالم خرج من الأساطير
عالم تسكنه الجنيات الحالمة
عالم ينبئك أن الخير مازال موجودا في الأرض
حدائق غناءه و شلال صناعي وبحيرة صناعية نفذت بأحترافية شديدة وكل ذلك لمن ؟
تلك الاموال التي انفقت ببذخ لعالم سحرى لمن ؟
لماذا القرصان قرر بدلا من الاحتفاظ بكنزه الثمين صرف كنز يستطيع ان يتفاخر به بين القراصنة
اسرها ذلك المنظر البديع خلف النافذة الزجاجية .. ذلك الموقع ستكسب به ذهبا ، انتبهت على صوت المحامي الخاص بها والي رجل حامي القرية الذي هتف بجمود
-استاذة فريال حضرتك عارفة هنا القوانين ماشية ازاي .. احنا هنا في قرية لا تحكمها فقط غير قوانين مختلفة
بالطبع قوانين مختلفة يجب أن تخضع فيها ... ولماذا هي ذهبت الى عرينه ؟!
يظن أنها بخضوعها انها اصبحت في قبضته
قبضة الامبراطور .. التفتت الى المكان الفسيح من حولها ثم عادت الي رجلها الأمين قائلة بابتسامة ساخرة
-استاذ شريف خلص الورق مع الاستاذ اللي هناك ومتنساش البيت اللي قررت اشتريه
اتسعت اعين المدعو شريف متذكرا ذلك المنزل بالقرب من منزل القصر .. قصر عائلة الغانم ، ما الذي تنتويه تلك السيدة واي حرب باردة هي تخوضها بمفردها أمام جيش جبار أمامها ؟!
بان علي نبرة صوته التردد وهو يحاول العدول عن قرارها
-لكن
مال كثير ستنفقه هنا لبضع أيام لكن هذا ما سيقربها من هدفها
ابتسامة ظفر احتلت ملامحها الناعمة
ان كان هو قرصان فهي ستكون الساحرة الشريرة في تلك القصة
هتفت بنبرة حازمة
-قوله deal
هز المدعو شريف رأسه ثم التفت الي حامي القرية لينهي الاوراق ... خرجت الي الشرفة وبصرها معلق الي القصر العتيق .. زفرت بحرارة وهي تضع نظارتها القاتمة قائلة
-عالم ساحر عملته بايدك يا قرصان .. يا تري مين السبب في شغفك حورية بحر ولا .....!!
تركت كلمتها معلقة والتفت الي الرجلين ... ينتظران توقيعها
وقعت علي الاوراق والقت ابتسامه مجاملة للرجل الذي هتف بابتسامة عملية
-نورتي يا استاذه في قرية الغانم .. اتمني هنا الخدمة تعجبك
القت نظرة الي النافذة الزجاجية وهتفت بابتسامة ماكرة
-I cant wait to see you priate
********************
هي تحاول معه
شقيقها ينتظر منها التغير الذي سيطرأ عليها بعد ان تكون في قرية !!!
هذة ليست قرية
هذا منزلها
موطنها الذي حلمت به مرارا واخبرته
كل شيء يبدو ساحرا بطريقة خطفت انفاسها
اكل تلك السنين قضاها وقاص في تحقيق حلمها
استفاقت من افكارها علي صوته وهو يهتف بدفء اصهر جليد قلبها
-مرحب بيكي يا اميرتي في مملكتك
مد يده ليقودها الي جولة ساحرة ... عيناها متلهفة في كل صغيرة وكبيرة في قصر عائلتهم القديم
متي اصلح تلك النافورة ووضع تمثال حورية بحر وفي الحوض اسماك ملونة ؟!
متي رمم ذلك القصر ؟
دلفت معه الي الداخل لتشهق وهي تتذكر الطلاء الداخلي يشبه قصر اميرتها المفضلة
زرفت الدموع وكتمت شهقتها بصعوبة وهي تلتفت اليه قائلة بصوت مختنق
-وقاص
احتمت في ذراعيه وتلك المرة بكت بقهر
هو فعل لها الكثير
سفره وحججه لم يكن أنه رأي امرأة وجعلها أول اهتمامه
بل كان يهتم بها هي
رفعت عينيها إليه وهمست بصوت متحشرج
-انت عملت اللي كنت بحلم بيه .. انت لسه فاكر ؟
ربت بلطف على وجنتها ليقرصها بخفة مصدرة تأوه .. هز رأسه قائلا
- وعدتك لما اكبر هكون موجود على أرض الواقع .. انتي عارفة ان انا عمري ما قولت حاجه الا لو نفذتها
دفنت وجهها في احضانه وتشبثت بقوة واستجداء في ذراعيه .. مال يهمس في اذنها قائلا بصوت جاهد بجعله هادئ
-رهف انا بمد ايدي ليكي علشان اساعدك .. حاولي يا حبيبتي انك تساعدي نفسك .. مش عايزك تساعدي نفسك علشاني .. عايزك انتي ترجعي لحياتك يا رهف
ستفعل
من أجله وأجلها
هو يستحق ذلك وهي تستحق الأفضل
حاولت التخلص من شبح ماضيها الذي يطرق بابها بقوة والتفتت اليه هامسة بصوت مرير
- الدنيا كلها خذلتني يا وقاص .. لا اب لا ام لا صاحبة لا حب ... كل ده اكتشفته وهم كبير وانا العبيطة اللي في النص , تقدر تقولي فين الفت هانم صاحبة الاتيكيت وكانت مخلياني عروسة ليها ..عروسة اتمردت علي صاحبتها وقررت تفك خيوط اللعبة ولما فكت خيوطها كتشفت اللي عايشة فيه اهون بكتير من اللي شافته
وهو أول من خذلها
لولا عناده وهي تخبره في كل ليلة في مكالمتها كم اشتاقت له وكم اشتاقت الحديث معه
كانت تذكره بأيام ماضيهما الخالي من أي تشوه أو عيب
ضم وجهها بكفيه وتعمق النظر الي عينيها التي انطفأ بها شعلتها
تلك النظرة سيضعها في عقله حينما يصل للحقير الذي فعل ذلك بصغيرته
اختلج عضلة فكه ودون وعي شدد بقسوة علي اناملها وهو يهتف بوعيد
- اوعدك اني مش هسمح لمخلوق يأذيكي وكل اللي اذوكي هيتحاسبوا
دموعها تتهاطل بغزارة
لا لن تسمح له بتدمير حياته أكثر
هو يستحق العيش ولو لمرة واحدة
يجب أن تعتمد تلك المرة على نفسها
لا تريد الصفعة الثانية التي ستأخذها من الحياة أن تكون بائسة بدرجة تثير الغثيان كما هي الآن
قست نظراتها وهي تنظر اليه هامسة بنبرة خاشية
- اوعي يا وقاص .. اوعي الاقيك تمشي في الطريق ده .. مش عايزة اخسرك انت الوحيد اللي في الدنيا اللي مخليني مستمرة اني اعيش .. لو مشيت في السكة دي صدقني هتخسرني للابد وانا هكون ضعت
ان كانت نظرتها المستسلمة تؤلمه
فإن تلك النظرة تجلده
هي في كل الحالات قوتها وضعفها مصدر مقلق لمن يقترب منه
شيعها بنظراته وهو يراها تتفحص القصر حتى دلفت إلى مصدر كنزها
سب بعنف وهو يشعث خصلات شعره وهتف بتوجع
- بتعذبيني يا رهف في كل حالاتك
يتذكر جيدا قبل مجيئه الى هنا الذهاب إلى ابن العائلة العااااق
ذلك منذ ولادته وكل ذكرى سعيدة تحولت للجحيم
يتذكر جيدا يوم مجيئه إلى منزل الداعر
وكل اشهر يغير نسائه كما يغير طلاء الشقة
كان مائلا بجسده على الحائط وهو ينتظر اجابه طرقه
رفع عيناه ما ان استمع الي نبرته المستنكرة
- وقاص !!
رفع عيناه ليحدق اليه
مشعث الشعر وقميصه مجعد وبنطاله في مكانه
يبدو انه قطع لحظته في وقت مناسب والا لن يتلقى ردا
استقام وهو يقتحم شقته قائلا بابتسامة ساخرة وعيناه تمسح الشقة النظيفة الخالية من مؤنث قائلا
-مفاجأه مش على البال يا نضال باشا
توقف عيناه علي مائدة طعام معدة لاثنان والتفت بنظرة ماكرة إليه ما إن حضرت نجمة الليلة
- اعذرني وانا بقطعك عن سهرتك مع الجميلة
شعر بالأجواء التي تزداد شحنة وهو يشاهد امرأته مختلفة عن الشقراوات والصهباوات
ملامحها بريئة بشكل اشعره بالتقزز
وفجأه جاء الشملول كما يقول وهو يقف بجسده حائلا عن تفحص بضاعته
كاد أن يضحك ساخرا وهو يرى تلك النظرة القاتمة من عيناه
واصطكاك أسنانه وهو يحاول بأقصى جهد الحفاظ على ضبط النفس
- وقاص
وضع وقاص كفيه في جيب سرواله وهو يراقب تلك النظرة القاسية من عيناه ببرود ليقول بتهكم
- بس اللي مش مصدقة ان مستواك ينحدر بالشكل ده يا باشا .. فين الموديلز اللي كانوا بيحاوطوك في كل ناحية
انه يستفزه وهو يعلم ذلك
وكان الثور رأي رقعته للفتك بها
أمسكه من تلابيبه وانفجر في وجهه قائلا
- صدقني كلمة تانية وهشيل الرابط اللي بينا
اي رابط يتحدث عنه
ألم يخبره أنه لم تعد بينهما رابط ليجعله يبتعد عن محيطه ؟
اي رابط ذلك المتبجح يتحدث به الان
ايقصد رهف؟!!
رفع عيناه الجليدية الي التي ترتجف بشدة من العداء بينهما ليهتف بلهجة لاذعة
- معلش يا حلوة .. مزاج الباشا رايق اليومين دوول ..مع السلامة
وكأنها انتظرت تلك الكلمات الجافة .. المؤلمة لتحتفظ بكرامتها وتغادر
هل تملك كرامة ؟!
نساء مثلها مهما كانت من تحمل من قناع فهن دهسا بكرامتهمن أسفل حذائهن
استمع الي صوت صفع الباب خلفها لينظر الي نضال قائلا بجفاء
- كويس اوووي .. نتصافي
دفعه بقوة ومن دون أي إنذار وجه لكمة في وجهه ... ليتراجع نضال لعدة خطوات وضربه المباغت شله للحظات .. ما أن استعاد توازنه حدق في عينيه اللامعة بالثأر والقصاص
هجم عليه وقاص ممسكا بياقة قميصه صائحا بصراخ
- فينه
نظر اليه ببرود .. يتحداه علنية انه لن يخرج كلمة من جوفه إلا لو أراد هو
هو يحرقه ببطء
ببطء يجعل الوجبة تصبح أكثر شهية
تألقت شرارات الغضب في عينيه وصاح
- فين اللي بتخبيه عني
هتف نضال بصوت ساخر
- وقاص واضح انك جاي بتخرف
العزيمة والاصرار في عينيه لم تخيفه
هو يعلم أنهما وقوده
ووقوده هو رؤية ذلك الوقود ينفد
لكمه بكل غل وصاح منفعلا
- فعلا حد فينا بيخرف وناوي يفوق الليلة
هو وسادته للتنفيس عن غضبه
يعلم أن خصمه ليس بغر وساذج
هو يتركه ينفعل ويثور حتى تخمد طاقته
وهذا يزيد من سخطه وتمرده
اندفع الغضب وصاح بتقزز وهو يلقيه ارضا
- صدقني يا حقير مفيش حد غيرك اللي نجس العيلة من ساعت ما شرفتها
امسكه من تلابيب قميصه ونظر إلى الساكن بين يديه ليبصق جانبا
- انت مجرد واحد اناني .. الحقد عمي عينيك برغم كل شيء وصيتها عليك
لكمه تتبعها لكمه وهو يخرج سلاحه الوحيد
الوحيد لنتفض الوحش الذي في حالة سبات
- مجرد حثالة من وقت ما ولدت واللعنة جت في عيلتنا
واللكمة الأخيرة أخطأت اصابتها ما ان امسكه نضال بقوة من تلابيب قميصه وألقاه أرضا وجثم عليه بجسده الضخم لينظر اليه بحرقة
- خلصت
تأججت أنفاسهما وشرارة اللهيب لم تخمد .. زفر نضال يسب بعنف وهو يمر بابهامه علي خيط الدم الذي انبثق من شفته السفلى و استقام واقفا قائلا بجمود
- كل واحد فينا بيحاسب على غلطته يا نزيه
سحب المحارم وهو يوقف تدفق المياه ليجلس على الاريكة بتثاقل وقال بنبرة ماكرة
- متفتكرش سفرك ده ميخلنيش اعرف سببه ايه ولا لهفتك .. صابرين اسمها كان مش كده
لقد رأى تلك النظرة
تلك النظرة التي تخبره انه وصل لاعماقه
النظرة التي عراه هو
نظر بأسف إلى قميصه الذي تمزق وقال بنبرة لا مبالية
- شوفت بقي كلنا في دايرة واحدة ازاي .. وعصفورة العيلة اللي فاكرها طيبة جدا يا عيني هي بردو بتدفع تمنها
اخرح لفافة تبغ واشعلها لينظر وقاص نحوه بحرقة قائلا بصوت أجش
- وكنت فين وقت ما احتاجت لنصيحه .. انت عارف انها قطة مغمضة
نظر بشرود الي الدخان الكثيف الذي خرج من شفتيه وتبعه بتفحص حتي اختفي وعلق علي كلمته قائلا
- والقطة المغمضة هتفضل طول عمرها كده ..خسارة .. سيبها تقوي نفسها يا حامي الاميرة ..الضربة اللي اخدتها هتقويها .. متنساش انها من عيلة الغانم وانت عارف ايه اللي بيجري في دمنا مهما حاولنا نغطيه في الف وجه نزيه وبريء قدام الناس كلها
القي اليه نظرة اخيرة ليعدل هندامه قائلا قبل أن يخرج من منزله
- لينا زيارة تانية يا نضال الغانم
شيعه نضال بنظراته قبل ان ينظر بشرود الى السقف .. نعم لديهما زيارة أخرى يا وقاص الغانم !!
افاق من شروده على صوت بهاء الذي اخبره انه وضع الحقائب في غرفتهما
القي نظرة اخيرة الى القصر قبل أن يلتقط هاتفه وينغمس في أعماله عله يخرجه من ماضيه الذي يعلمه نضال !!
-القذارة هتفضل لازقة فيك يا ابن الغانم مهما عملت من وشوش
صاح بها نضال ساخرا وهو يحدق في فرح التي لبت سريعا لتضمد جرحه الخارجي
وهو سيتكفل بجرحه الداخلي بمفرده
جرحه الذي ظن انه اندمل وعاد وقاص بكل صفاقة يضغط بكل برود يضغط على موضع جرحه
أغمض جفنيه وهو يشم شذى عبيرها الذي يحطيه في جميع الأرجاء
انتبه علي ملمس يدها التي لمست بالخطأ نبضات قلبه الرتيبة لتشهق بخفوت ما أن فتح عيناه
انتفضت واقفة وحاولت الابتعاد ليجذبها اليه بكل عنف تسقط في احضانه
نظرت اليه بهلع وعيناه الخائفة جعلته يتفحصها بدقة
ترتعب كـ عصفور اصبح بين يدي طائر جارح
ليقترب برأسه دافنا وجهه في عنقها .. يثمل بهدوء
ورأسه يردد كلمات متهكمة
- قذارة كنت انت منبعها وكل اللي حواليك بيقع فيها
لمس أنامله مستشعرا قماش قميصها الناعم
استكانت للحظات لكن عيناها ما زالت تنظر اليه
بخشية
وحذر
مالت برأسها واسقطت اهدابها ارضا تخشى مواجهته
امسك ذقنها ورفعه إليه حتى أصبحت في مستوي بصره ليقول
- حتي انتي وقعتي رغم تحذيري ليكي
ونفسه يردد قائلا
- بيصروا انك الشيطان رغم كل شيء .. حتى اقتنعت انك شيطان وجسدت ليهم هيئته ليهم
همست اسمه بخشية ما ان رأت تغير في نظرات عينيه
- نضال
اسقطها على الاريكة و جثم عليها بجسده العضلي قائلا وهو يلمس وجهها الناعم ويده تستبيح ملامسة ما هو له
- دخلتي منطقتي رغم اني حذرتك .. ندمتي ليه ؟
لمساته تغيرت
من النعومة والرقة
للقسوة والالم
شهقت ما ان شعرت بأصابعه تنغرس في جسدها الغض
- نضال
يعلم تلك النظرات في عينيها
السجينة اعجبها السجن والسجان
امسك كفها بخشونة وصاح منفجرا
- مصلحة بيننا متبادلة ليه بتتوقعي مني شيء اكبر
كلمات ذلك الرجل ما زالت تتردد في أذنيها
هي خلعت رداء الكرامة منذ ان رأته
لما ما زلت تلك الكلمات تنهش في جسدها ؟!
لما حتى الآن هي عاجزة وخاضعة له
لما الان الانتفاضة الأولى؟
صرخت بفزع ما شعرت بيديه التي تعمل ككماشتين تنهش لحم جسدها لتصيح
- انا مطلبتش
مال يضع رأسه على نبضات قلبها التي تلعن عن كذبها
وعن عيناها التي تكذب لسانها ..ليرفعها اليه وضم وجهها بيده قائلا وهو يضع يده على قلبها الخائن
- وعيونك .. وقلبك كل ده مش دليل ؟!
انفجرت تلك الدموع اللعينة التي ستثبت ضعفها
انفجرت في وجهه بنبرة جامدة
- جسدي مخانش يا نضال .. عقلي مخانش .. لسه على عهده حتى تيجي انت وتقول شكرا
ازال دموعها بأنامله وهو يعلم أنها وطئت عالمه بالخطأ
وابن العائلة الاكبر علم هذا ما أن رآها .. اقترب بوجهه وهو يستشعر لهاثها الخافت ونبضات قلبها الخافقة ليهمس بصوت خاوي
- التمن يستحق التضحية ؟
رفعت عيناها بحدة إليه وصاحت بأنفجار
- يستحق .. شرفي كان هيتدمر بين كلاب الشوارع .. مكنش عندي حل غير اني اتصرف .. الفرصة مش بتيجي غير مرة واحدة
هز رأسه نافيا وقال
- مكانتش فرصة ... كانت باب جحيم
همست بصوت خفيض
- نيرانك يا نضال اقدر استحملها .. لكن غيرك لأ
- نيراني مش هينه يا فرح .. بتاكلك ببطء
وتلك النظرة التي يراها في عينيها
تلك النظرة التي تألقت وهي لأول مرة تعطيه موافقتها للمسها
ابتسمت ببرود وهي تعطيه مفتاح بابها للولوج
- وانا معترضتش
هي ستندم على ذلك
وهو سيتأكد كثيرا ألا تتفوه بشيء غير قادرة على تحمله
**********************************************
تدق بعنف على أرضية الغرفة
هي تخشى أن يسحب البساط تحت قدميها
ويذهب كل شيء لها
نعم هي غبية لو اعلنت انها ذكية وقادرة علي محاربة خصمها الذي يعلن بكل ضراوة أنه سيخرب ارضها
صرخت بعنف إلى محدثها
- سراج هي كلمة تسيب كل حاجه وترجع
هي يجب عليها ان تجمع حلفاءها معا
لن تستلم
شيراز لم تخسر معركة سابقا
ومعركتها الاخيرة ستفوزها بظفر
لن تدع زوجة ابنها ان تكسب
استمعت إلي اعتذاره لتهب في وجهه صارخة
- ميهمنيش اللي تقوله ... تيجي في أقرب فرصة يا ابن عدنان
رقت تعابير وجهها ... ابنها الاخر الذي لم يستطيع ان يخرج عن طوعها عليها أن تكسبه ... جلست على الاريكة وصاحت بنبرة هادئة
- هستناك يا ابني متتأخرش
أغلقت المكالمة وزفرت بعمق وهي تنظر الي قهوتها التي لم تتذوقها .. ارتشفت بعضا منه قبل أن تتفاجيء بوجودها مائلة بجسدها على الحائط والشماتة تنتطلي من عينيها .. وضعت كوب قهوتها وصاحت بقوة نحوها
- انتي بتعملي ايه
ضحكت اسرار بقوة وهي تتقدم امامها بثوبها الأسود لتجلس في مقابلتها قائلة بنبرة ذات مغزى
- اهدي يا شيراز لتقعي من طولك ويخسارة محدش هيلحققك علشان انا الوحيدة اللي هنا
انقبضت معالم وجه شيراز وهي لثواني لم تصدقها
ضيقت عينيها وقالت بجفاء
- والله وطلع ليكي لسان يا اسرار
عبثت اسرار خصلة بشعرها وهي تجيب
- قولتلك البركة فيكي يا حماتي ... صدقيني كلها فترة وكل اللي انتي فيه ده يختفي
تهجمت معالمها وانتفضت واقفة تصيح بحدة
- بتحدديني يا بنت الذوات
وضعت اسرار ساق على الاخرى ورفعت عينيها تتأمل حماتها بشامتة لتصيح بلهجة مخيفة
- تؤ تؤ وانا استجرأ برده للعقل المدبر والحية بتاعت البيت ... اتصلي باللي انتي عايزاه .. انا كنت عامله احترام بس لوجود ضياء لكن دلوقتي كل فعل عملتيه هتتحاسبي عليه بالبطيئ يا شيراز هانم
سددت نقطة في صالحها وهي تري اهتزاز حدقتي شيراز .. قبل أن تعيد وجهها الجامد قائلة
- كلامك الفارغ مش هيأثر فيا يا بنت الحسب والنسب
قامت من مجلسها وسارت عدة خطوات قبل أن تصبح في مواجهتها .. مالت نحو أذنها صائحة بتقزز
- وياتري بنت الحسب والنسب مرتبطتش غير بعيلة **** زيك ..اشك ان ضياء ابنك
ابتعدت ومعالم وجهها يعلوه النظر ما ان رأت الدهشة التي استعرت ملامح شيراز لتقول بنبرة ذات مغزى وهي محدقة لكوب قهوتها
- كفاية كلام كده يالا وخلي بالك من القهوة اللي شربتيها مين عارف مش يمكن حاطه فيها سم
- حسابك تقل يا اسرار
همست بها شيراز وهي تجز على أسنانها
فقد أتى اليوم الذي يرفع به الضعيف صوته
*****************************
مكالمات شادية لا تستطيع تجاهلها
تعلمها إن لم ترد عليها فستأتي اليها
تسير في الطرقات بدون هدف لتقطف زهرة ومالت تستنشق العطر بانتشاء
الزهور طبيعية .. وماذا بعد يا قرصان أين تختبئ!!
لها أكثر من ثلاثة ايام والحركة في القصر ساكنة
تأففت وهي تستمع الي شاديه المتذمرة لتقول
- شادية اهدي قولتلك مش هطول .. فترة وهاجي
قررت التغاضي عن اسئلتها الفضولية لتهتف بمكر
- سيبك مني وقوليلي السوري عمل ايه .. اسمع هناك الجو يشرح قلب اللي ملوش نفس للارتباط
أغمضت جفنيها وهي تستمع إلى صوت الطبيعة .. لترد على فضول شادية قائلة بابتسامة ناعمة
- المكان هنا مختلف وكأني في حقبة مختلفة .. زمن الاميرات والملوك رجع من تاني .. زمن كل حالمة هنا مجسد علي ارض الواقع
اتسعت ابتسامتها وتحولت الى ضحكة هادئة قبل أن تتجمد ابتسامتها ما ان وقع بصرها للفتاة امامها .. صاحت قائلة وهي تنهي الاتصال
- شادية هقفل معاكي دلوقتي .. سلام
هل استجابت لها جنيتها اليوم ؟!
اقتربت بهدوء تجلس على المكان الشاغر وعيناها تتفحص الفتاة الساكنة .. تنظر بشرود الى العشب الأخضر لتقطع تأملها المريب قائلة
- الحياة مش مستاهلة كل ضياع الوقت والحزن .. مش كده ؟
اختلجت معالمها الساكنة ليحل محلها الذعر .. انتفضت قائمة وهي تنظر اليها بخشية قائلة
- انتي مين ؟
ضحكت فريال بنعومة لتستقيم واقفة وهي تعبث بخصلاتها القصيرة الحرة
- أميرة هاربة من الوحوش واصرت تتحامى في مملكتها .. وللاسف الوحوش طالت ايديها ف احلامها
نظرت رهف بهلع لتلك المرأة التي من المؤكد تعلم عن ماضيها
شحب وجهها وكادت ان تذرف دموعها لتنظر حولها طالبة الحماية من شقيقها
لم تجده .. ارتجف جسدها وهي تترك مسافة آمنة بينهما
- انـ....انتي مين؟؟
بكل ثبات وبرود ردت ببساطة
- انا جنية اقتحمت احلام الاميرة .. لكن الاميرة مش ناوية تسمع نداء جنيتها
هلع وجه رهف وكادت أن تفر هاربة وهي تلعن اليوم الذي تجرأت أن تخرج من قوقعتها
اقتربت فريال بابتسامة صادقة وهي تخرج الكارت الخاص بها
- فريال الشواف .. جارة علي بعد مسافة مش بعيدة من مملكتك .. دي الكارت بتاع الصالة اللي فتحتها لو حابه تيجي
نظرت الي الكارت الخاص بها ثم رفعت بعينها إليها لتقطب جبينها ما ان ودعتها تلك الغريبة
- اشوفك يا رهف
التفتت مغادرة الي منزلها وهي تهمس بابتسامة ماكرة
- كنزك المدفون في سفينتك يا قرصان وصل ريحته للسفن المجاورة
*************************
- فينها ؟
صاحت بها اسيا مقتحمة منزل ماهر ... ذلك اللعين هو الذي ساعدها ومن غيره الذي سيفعل تلك الفعلة الدنيئة
مسح ماهر وجهه بحدة وهو يراقبها تقتحم غرف شقته ...اقترب منها ما ان عادت للصالة ليقول بهدوء
- آسيا اهدي
قست عيناها ما أن وقع بصرها عليه .. اقتربت منه تجذب ياقة قميصه صائحة بانفجار
- فين شمس ومارية يا ماهر ؟
عض على شفته وهو يحاول التحكم في أعصابه .. هو يعذرها لكنه يعلم نفسه جيدا
غمغم بهدوء
- سافرت
اللعنة ... لقد تجرأت على فعلتها لكن بمفردها ؟!
تعلم أن شقيقتها مجنونة ومتهورة دائما لكن يصل بها الحد إلى ذلك !!
- سافرت فين ؟!!
اطبق شفتيه وهو لا يصدق انه ساعدها
اللعنة لما جعلته يقطع وعدا ان لا يأتي خلفها
هو مغفل وأحمق .. هز رأسه قائلا
- انا اسف لكن مقدرش وعد ملزم بيه
عادت جملته بسخرية
- وعد ملزم بيه !! ... واضح ان قلبك حن يا ماهر
تلك المستفزة
اللعنة تعلم نقطة ضعفه وتستغلها أيضا .. صاح محذرا
- اسياااااا
اشاحت بكفيها قائلة بسخرية
- تغيرت نظرتي عن الرجالة المصرية حقيقي .. اصبحت اشك في نخوتـ..
ابتلعت كلمتها ما إن أمسك عضدها وقربها منه ليميل الي اذنها وهو يكظم غضبه قائلا
- كلمة واحدة تاني وصدقيني اني احط خاطر ليكي ... أمني مني يا اسيا نيران حقدك وروح الثأر مش مدفع لأي راجل في وشك .. الله اعلم لو راجل غيري كان هيعمل ايه وقتها
رمقته بازدراء وهي تزيح بذراعها عنه قائلة
- يبقى ميعرفنيش لسه يا ماهر ...خلي نيران الغيرة تنهش في جسمك زي نيران الغضب بتنهش في روحي
والتفتت مغادرة يشيعها بنظراته وهو يتنهد بحرارة .. لقد احترق هو من زمن ببعيد .
*********************
- بتعمل ايه هنا ؟
صاح بها وقاص صارخا ما ان تفحص اسماء المقيمين في قريته .. توترت معالم الموظف وقال
- استاذ وقاص
صرخ في وجهه بحدة وهو يطرق بعنف على سطح مكتبه
- انت جرا ايه لعقلك يا بيه .. مش قولت ممنوع أي غريب يدخل القرية
اجفل معالم الموظف وقال بحذر
- الأمر جيه من الباشا الكبير لحد من معارفه
بالطبع أبيه وهل يوجد غيره
المساهم في مشروع القرية بنسبة تخوله ان يتحكم بها .. وتلك ...!!
الوقحة ... الماكرة .. الخبيثة
تأتي الى موطنه بعد ان اعطت رفضها للبيع دون أي محاولة لأستمالتها
ماذا تريد ؟ ومن هي ؟
زفر بحرارة وهو يمسح وجهه ليقول بجمود لموظفه
- اتفضل يا استاذ
تفحص ورقة الإيجار ومكان المنزل ... ليسبها بعنف وهو يستقيم واقفا
اللعنة ألا تكفيه الكوارث في عائلته لتأتي تلك العلقة لعالمه..تنهد زافرا بحرارة وقد أنهكه التفكير
- يا تري انتي هنا ناوية على ايه ؟
*****************************
- استاذ نضال فيه واحدة مستنية حضرتك ومصممة تشوف حضرتك
صاحت بها سكرتيرته بعملية وهي تحدثه عبر الهاتف .. صمت للحظات قبل أن يجيبها
- قالتلك اسمها ؟
غمغمت السكرتيرة بنبرة عملية
- لا قالت إنها معرفة قديمة
أغمض جفنيه ... ليهتف بجمود
- دخليها بعد نص ساعة
تمتمت السكرتيرة بهدوء ونبرة عملية شديدة
- تحت امر حضرتك
اطرق رأسه ولا يعلم لماذا لا يتنبأ خيرا بتلك القادمة
القادمة تحمل أشياء لن تسره ولن تسر عائلته
لم يشعر بمضي الوقت من زخم افكاره ليتنبه ما ان استنشق عطر يعلم صاحبته جيدا
رفع عيناه إلى الزائرة التي تقدمت أمامه بأبتسامة جامدة
- واتقابلنا تاني يا نضال
ضيق عيناه وقال ببرود
- مارية
انفلتت ضحكة ساخرة وهي تجلس على المقعد قائلة
- كويس أنك فاكر اسمي من بين YOUR LISTS
لقد صدق حدسه
زيارتها ستجلب له الخراب او الدمار !
