رواية في قبضة الامبراطور الفصل السادس والعشرون26والسابع والعشرون27بقلم ميار عبد الله


 في قبضة الامبراطور

الفصل السادس والعشرون


الانسان محب للتعقيدات


لم يكن ابدا من محبي الأشياء البسيطة السهلة


يقول انه امتاز بالعقل ليفكر .. ويبدع .. وربما يخلق شيئا من مادة صلبة تستطيع ان تتكلم وتراها


واصبح الان يتلاعب بالجينات البشرية .. ولما كل ذلك ؟


فضول يدفعه


سر معرفة كيف الخالق أبدع واحسن ونظم الخليقة .


وهناك نوعان من الإنسان .. الأول الجاحد والثاني هو الذي يزداد يقينا أن ما يصل إليه يعتبر مقدار ذرة من معرفة العالم.


هي شخصية محبة للبساطة ، ليس صعب جدا ان تحصل علي عائلة وزوج محب .. هي لا تطلب سيارة ليموزين او لامبورجيني وزوج يمتلك العديد من الملايين في رصيده البنكي ، لم تطلب فيلا تقع على الساحل الشمالي .. أو يقع على احدى الجزر التي يمتلكها زوجها ... ما تطلبه شيء طبيعي وعادي .


لا تريد الفشل ... لا تحبذه اطلاقا .. تكرهه .. لا تريد تكرار مأساة والدتها وتكرر مثل ما حدث مع والدها الذي تركهم ليلتصق كجرو صغير لصاحبه.


بالطبع لم تحصل على اسم والدها .. وهي حتى لا ترغب اسم تلك العائلة الخبيثة تكون ملاصقة لأسمها ، رأت معالم وجهه ماهر التي تحولت من الدهشة والصمت لتنقلب إلى ملامح خشنة ثائرة


- انتي مجنونة .. انتي واعية للي بتقوليه


ياالهي كم ترغب في رؤية ذلك القذر الذي دمر حياتهم ، كم ترغب في رؤيته وتبصق في وجهه .. ابتسامة شامتة زينت ثغرها لتبتسم بجمود


- عارف اكتر حاجه عجباني اني هخلي راس العيلة يصدق حقيقة هو مصورها بعقله ، إن كان هيقول عني اني خطفت عريس حفيدته فأنا هخليه يصدق بده


صاعقة ... هي صاعقة ودمرت أرضه ، تلك الغبية كيف لم تخبره امر هام كهذا ، عض علي نواجذه وهو يتحكم في ثائرته كي لا يقوم بالفتك بها .. الغبية تضحك بجنون وكأنها تتخيل حدوث أفكارها الشيطانية ... هز رأسه يائسا وهو يمرر انامله في خصلات شعره قائلا


- مارية .. انتي مقولتيش ليه


برقت عيناها الشبيهة بعيون القطط ... تلك الملامح الشقراء الناعمة تحولت لملامح شرسة


برية .. بها شيء من البدائية المتوحشة ، جزت على اسنانها وهي تصيح بحرقة


- العيلة دي لا تعرف عني حاجه ولا اعرف عنها حاجه ، وقت ما قرر الأب يدير بظهره لينا احنا كمان عملنا كدا ومش هاممني اذا كان عايش او لأ


ضرب بقوة على الطاولة لتنتفض بقوة وهو يغلق عينيه ، لقد أربكت الوضع تلك الغبية ... حمقاء .. مغفلة .. وللاسف لا يعلم كيف ما زال يحبها .. تمتم بحرقة


- بنت مين فيهم


تري هل يملك عائلة ؟! .. سؤال طرحته في الماضي ..لذلك الأب الجاحد الذي ترك والدتها ليتزوج بابنة عمه ، تمتمت بحقد


- بقولك مش عايزه اعرفه .. ولا اشوف وشه ، الاب اللي يتخلي عن عياله علشان عيلته التانية أهم ميبقاش اب


استقامت من مقعدها وهي تصيح بتوعد


- هزور خطوبتك لاني ناوية اطربقها عليك وعليهم


راقبها ماهر وهي تسير بتبختر ... ما زال يراها حتى الآن مضيفة طيران ، هز رأسه بيأس .. تلك المرأة بحد ذاتها لعنة .. تبدو من النوع الذي يتسلل ويستحوذ عليك ولا تنفك من اللعنة سوى بالموت .


*****


هل يعيد احد اخر مشهد حدث ؟


كانت جالسة في مقابلة وقاص ومن حيث لا تدري اقتحم هو الغرفة ، القي جملة ساخرة بها غضب دفين وعيناه عبرات عن قطعتين من الجمر المتقد.


لكي تحل المشهد الذي يراه منحلا .. قررت أن تنهي النقاش لتستقيم من مجلسها ، وحرب أعين مشتعلة بين الطرفين .. اقتربت من نضال الذي امسكها من ذراعها وبقوة وجرها خلفه دون مراعاة لادميتها ، شعرت انها مجرد من ينفذ تعليمات صاحبها.. ولكم المها ذلك التفكير .. برغم كل ما حدث لم تستطيع ان تتحكم في حياتها كما ينبغي .


تفاجأت بصفع باب الشقة بحدة ، نزعت ذراعها من براثن بطشه لتصيح بحدة في وجهه


- متشدنيش زي الحمارة وراك ، كفاية المهزلة اللي عملتها هناك


اقترب نضال منها وفتحتي انفه تنقبض وتنبسط ، صدره الغليظ يكاد ان يمزق قميصه من فرط غضبه الجام ، صفعة قوية القاها على خدها الايسر لترتمي على الارض من قوة صفعته وصوته الهادر ألجم لسانها


- اخرسيييي


حرقة قوية تلسع بشرتها .. وعيون تنهمر بقوة .. من المهانة التي تعرضت لها .. من الألم .. من البطش الذي تتذوقه منه ، نكست رأسها علي الأرض لتشعر بأنامله تقبض على خصلات شعرها بقوة ، صاحت بألم وهو يقترب من اذنها صائحا بحرقة


- انتي بتعملي ايه هناك يا مدام ، فهميني


لا يعلم ما فعله ، لكن ما حدث رد فعل لما فعلته ... لم يصدق أذنيه زوجته ذهبت بقدميها إلى مقر عمل أخيه .. شعلة نشبت في صدره وخلفت حريقا هائلا


ذهابه كالمجنون هو إثبات أن تلك المرأة هي له .. تلك المرأة التي تفعل قدر استعادتها لجعل حياتهما لها مسمي طبيعي .. يرغبها


يريدها في حياته


أغمض جفنيه وهو يحاول ان يتحكم في غضبه ، يحاول كي لا يزيد الأمر سوءا ... شد شعرها بقوة أكبر حتى شعر أن هناك بعض خصلات شعرها موضوعه علي راحة يده الضخمة ... صراخها وعويلها ... كصوت امرأة مذبوحة تحاول ان تنقذ نفسها من براثن مختل


همست فرح بنبرة خافتة


- بنصلح القديم يا نضال


تنفس بصعوبة والحريق لا يهدأ ..لا يعلم ما الذي حدث له ، ألقي مزهرية ما أن وقع بصره عليها لتصرخ تلك البائسة المرتمية أرضا وهي تضع راحة يديها على اذنيها ، صاح هادرا بعنف


- نصلح قديم ، خطفك علشان تصلحوا القديم


ثم عاد اقترب منها وهي تخبيء وجهها منه .. امسك كفيها التي تخبيء وجهها عنه لينظر الي عيناها المرتعدة قائلا بجنون


- عارفة ليه مش عايز امد ايدي في ايده .. لان عارف لو هو متصالح ..فهو علشان يريح ضميره .. مش عايزني انا يا فرح


غضبه استكان ... حريقه الهائل تم اخماده من نظرة عينيها ، ترك يدها وهو يشيح بعينيه عن عينيها قائلا


- كل واحد في العيلة دي اناني بطريقته وانانيتي انا تفوقهم كلهم ، لما اخترتك مراتي .. اخترت انك اديتيني كلك .. روحك وجسمك وقلبك


عيناها تضعفه


لطالما ما جذبه هو عيناها ما ان رأها في المطعم اول مرة


دفء غريب ممتزج بعاطفة متشابكة بخليط من حنان مفتقده ، جعلته يرغب في التمسك بها


علي الرغم هي الوحيدة التي لم يختارها شقراء .. لكي يضع لعنته بها .. لعنته المريضة .. ينهل ويمتص ويرتشف ذلك الدفء منها حتى يحولها لكائن باردا مثل الشقراوات اللاتي تزوجهن .


لكنها لم تتغير .. عاطفتها تزداد بقوة .. عاطفتها تشعبت لطرف آخر .. شمس وهي أصبحا فردين يزعزعان صومعته الخاصة ، ضوء الشمس لم يقدر على حجبه لكن تلك ؟!


كيف يمنعها ؟؟!!!!


اغمضت فرح جفنيها وهي لا تتصور أنه فعلها .. لمست اناملها المرتجفة على موضع صفعته لتأن بضعف ، تمتمت بحرقة


- ملعون ابو الحب


عيناه متبعدة عن عيناها .. يخشى لقائهما الآن .. سيكون هناك جسر ممتد بينهما وهذا لا يرغبه حاليا ، تمتم بقرف وكأنه يتلفظ صدأ في حلقه


- بلاش نحكي في الحب والمشاعر ، لانها بتقرفني


كظم غيظه وهو يشتم ببذاءة ولا يتخيل كيف ينطق اخيه اسمها بكل حرية حينما ودعها هي وهو يأخذها بطريقة خشنة من مكتبه ، ربما لأنه لو بقي دقيقة أخرى ستتحول لمجزرة


يتحاشى الحديث مع أخيه بعد آخر ما حدث .. وشيئا خفي بينهما سيعلمه


عادت تلك الحراره تشتعل في فؤاده .. سمع همسها البارد


- حسيت بغيره مش كدا


رفع عيناه ليقابل عيناها التي تنظر بجمود رهيب ... كتلة الدفء تموج بحرارة لتقترب منه هامسة بسخرية


- عينيك بتقول انك غيرت عليا ، غضبان لاني ملجاتش غيره علشان يساعدني ، عارف ليه يا نضال


استقامت وهي تصرخ في وجهه هادرة


- انت مش متصالح مع نفسك .. انت اناني فعلا .. بس غبي ، بضيع اللي يهمهم أمرك


كانت تري عيناه التي تتأثر بحديثها ... يتقلب بين تيارين متعاكسين ... صاحت بتعب


- ووقاص مش جاي يمد ايده علشان يراضي ضميره ، برغم كل مساويء عيلتكم إلا أنه قرر يبني عيلة مترابطة من اول وجديد


لو قام سـ يدك عنقها .. كظم غيظه وهو يعض على نواجذه ... وقاص هو يأخذ كل شيء في النهاية .. رغم قربه الخفي منهما الا ان وقاص افضل .. .وهي تعلنها امامه بكل صلف ووقاحة


صرخ في وجهها بحدة


- عيلة !!! .. لا انا ولا انتي حسينا بطعم العيلة هنحس بيها دلوقتي


ابتلعت ريقها وهي تمرر يدها علي خصلات شعرها ، ابتسامة شاحبة زينت ثغرها لتجيبه


- لو هتسحب ايدك من الموضوع ده فـ انا هبقي ضدك .. هبقي معاه وهخلي شمس كمان موجودة


تضغط عليه بقوة ... فرك فروة رأسه وهو يصيح هادرا


- مش رايحة في اي زفت انتي سامعة


شعرها المتمرد اعطي رونق وهو يحيط وجهها بملائكية وعيناها الغاضبة الحانقة تنظر إليه بشرز ... تمتمت بنفاذ صبر


- بس بقاااا .. انت ايه مش بتحس .. أعمى مش شايف اللي حواليك بيعملوا ايه .. انا بعمل ايه فيك وانت جبلة ، كل مرة بقول هنقدر نكمل لكن مفيش فايدة فيك


هرولت مبتعدة منه ليسمع بعدها بثواني إغلاق باب الغرفة بحدة ... أغمض جفنيه بإرهاق


هي الوحيدة التي ستساعده .. لا يوجد سوى أسرار .


***


كانت اسرار تستمع الي صوت نضال المختنق ، حديثه غير المرتب جعلها تقاطعه


- نضال ارجوك فهمني فيه ايه


بكلمات مختصرة جعلها تهز رأسها بقلة حيلة لتزجره بحدة


- بطل غباوة وتنشيف راس ده واهدي .. طيب طيب جايه


مسدت عنقها وهي تسارع نحو الخزانة لتختار ما وقع بصرها عليه ثم خرجت من الغرفة لتشعر بسكون الشقة ... لم يأتي سراج حتي الان ، جيد ... دلفت الى الحمام وهي في اقل من دقائق خرجت منه تعدل تصفيف خصلات شعرها ، دلفت إلى غرفة النوم وهي تضع هاتفها ومتعلقاتها في حقيبة يد .. ارتدت حذائها ذو الكعب المدبب لتشهق فجأة من صوت سراج الكسول


- رايحة فين يا مدام


تنفست اسرار براحة ... اليوم لا ينفع جنونه الذي يمارسه عليها ، استقامت وهي تقول بتعجل بها نبرة مختنقة


- سراج الموضوع مهم بجد ، عن اذنك


أوقفها من ذراعها وسحبها اليه ليقول بحنق


- انتي متعودة انك تنزلي بدون ما تستاذني من راجل ، اعرف رايحة فين وجاية منين يا مدام حقي ... وياتري كنتي هتبلغيني ولا اولع هنا مش مشكلة


عمل المؤسسة وورشته تقضي عليه تماما حتي يعود الي منزله قرب منتصف الليل ، لكن يتفاجىء بعودته خروج زوجته من الحمام وهي بهيئتها تبدو أنها خارجة لتقابل ذلك الحقير المدعو بابن عمها وهل يوجد رجل آخر غيره!! ... تمتمت اسرار بجمود


- رايحة عند نضال تمام كدا...وكنت هبلغك اكيد قبل ما انزل


يكاد يحاول أن ينحي غيرته جانبا ... يحاول أن يتصرف زوجا طبيعيا ويتفهم أن أسرار لن تخرج من هنا سوي لامر طاريء ، لكن يبدو انها كانت لن تبلغه بخروجها سوي حينما تكون في الخارج ويكون كالمجنون يبحث عنها ... صاح بجمود


- هتقابليه فين


تمتمت بتعجل وهي تنزع ذراعها من قبضة يده


-معرفش ويمكن على الكورنيش .. عن اذنك بقى


صاح مقاطعا بخشونة ... اللعنة تلك المرأة تحتاج إلى العديد من الضوابط كي تتعبه مستقبلا


- استني هوصلك


صاحت بلهجة حادة وهي تنظر اليه بعيناها الزجاجية


- سراج


تمتم من بين اسنانه بحدة


- مهو انا مش *** علشان اخلي مراتي تنزل من البيت على الساعه 11 بليل ، بس اقسملك يا أسرار لو لقيت موضوع تافه ما بينكم هنكدها عليكي


عقدت ذراعيها على صدرها ... رفعت إحدى حاجبها لتصيح باستهزاء


- انت هتقعد وسطنا


لاقت الفكرة استحسانه .. هز رأسه مفكرا وقال بجمود


- جوزك يا هانم


ولكي يثبتها فعلا وليس مجرد قولا .. اقترب منها وهو يحتضنها بتملك أجش وشديد ليقول بصوت أجش


- لو حضنك يا اسرار هرميه في النيل ، مفيش لمس ما بينكم نهائي


اتسعت عينا اسرار وهي لا تعلم ما مناسبة تلك الغيرة في لقاء ابن عمها البائس ، همت بالنطق ليقاطعها قائلا بخشونة


- سلام بالايد ممنوع


الصقيع في عيناها بدأ في التمرد ... ملامحها متحفزة على الانقضاض ليقول هو بسيطرة


- شعرة منك ما يلمسها يا اسرار ، انتي كلك ليا انا


ابتسم وهو يحتضن وجهها بين كفيه ليهمس بصوت ارجف قلبها


- سميها تخلف .. سميها رجعية مني ... لكن انا بغير يا اسرار ارحميه شوية


وضع يدها على موضع نبضات قلبه الخافقة بعنف لترمش اسرار بأهدابها ، مال سراج يقبل جبينها ليحتضن جسدها اليه .. يضمها بقوة وحماية غريزية .. لن يطفئ شعلة عيناها ولن يصهر جليدها سوي حالات التمرد فقط ... ليس غبي ليبهت صورتها التي جعلته تجذبه إليها.


........


كانت تتناول الذرة المشوية وحول رقبتها شال زوجها ... قبل ترجلها من سيارتها منعها بخشونة قائلا ان الجو بارد قليلا .. ابتسمت بنعومة وهي تتذكر شراسة ملامحه من اقتراب نضال الذي حياه بمشاكسة .. انتعشت من النسيم البارد لتنظر إلى نضال الشارد قائلة


- عايز الحق .. انت غلطان ، باين اوي انها اثرت فيك متخسرهاش


كان ترك اول زرين مفتوحا ليداعب الهواء قميصه ورغبة أخرى في إطفاء الشعلة المتأججة ، اسرار الوحيدة التي لا يخفى عليها شيء أو يتجمل .. صريح وواضح ومن أفضل صفاتها مستمعة جيدة ، مال بعيناه يراقب سراج الذي احتفظ بمسافة لابأس بها كي يتركهما يتحدثان بحرية .. عينا سراج كانت تحذره ان اقترب من المرأة التي بجواره ، جاء مكرهها لكن يبدو أن أسرار امرأة لا يستهان بها ابدا


- حبيب القلب مأثر عليكي ولا ايه


صاح بها بنبرة مشاكسة لتصمت اسرار لدقيقة قبل أن تجيب بحدة


- نضال متهربش .. مش انا اللى تعمل معايا كدا


نظر نضال نحو المشتعل الثائر ثم إليها ، باردة .. صلبة .. لا مبالية ظاهريا وهي تستمع بتناول الذرة لكن يعلم ان انتفاضة جسدها بسبب تلك العينان الحارقة من زوجها ، تمتم بجمود


- قرر يعمل ايه في حياتكم الجاية


هزت اسرار رأسها ، وقالت بجمود


- شيراز هانم بتحاول بكل طريقة تشوف طريقها علشان تكشب رئاسة الجميعة ، كلمت تغريد قالتلي ان سراج بكل طاقته بينهض بالمؤسسة تاني وفيه خطوات ملحوظة


انفجر نضال ضاحكا بقوة ... جعلت عينا سراج تزداد قتامة ليصيح نضال بأسف


- طب فين نتيجة انتقامك يا اسرار ، كل حاجه هترجع لطبيعتها


سراج لا يستحق طعنة في الظهر .. لا يستحق وهو يبذل كل قدرته لينهض بتلك المؤسسة ، غامت عينا اسرار وهي تتنهد بحرقة ليجيب نضال قائلا


- حبيب القلب قولتيلي


أصبحت اسرار تفكر في عاطفتها وهذا سيؤثر عليها ، تنهد أسفا ليسمعها تقول بحشرجة


- كنت ناوية اسوي سمعة المؤسسة في الارض لحد ما تعلن افلاسها وتقفل أبوابها ، لكن .. لكن سراج يا نضال بيطلع كل قرش من تحويشة عمره للمؤسسة


تمتم نضال بسخرية مريرة ... لهذا لا يريد الضعف .. لا يريد ذلك الضعف المقيت


- قلبك ضعيف يا اسرار ، زي ما توقعت لما رفضت جوازك منه ، لان عاطفة الست دايما بتنهار مع حبيب القلب


هي وعدت نفسها أن لا تقترب من عمله .. تكفي الخسائر التي حدثت والتي تحتاج لعشر أعوام لتنهض على قدميها ، لكن الضربات القادمة بدلا ان توجهها علي العمل وشيراز .. قررت أن يكون نحو شيراز فقط ، تمتمت بصوت هاديء


- شيراز مقفلة عليها كل ابواب الترف يا نضال ، كل اللي كانت بتتمتع بيه وبتتفاخر فيه مش هدوق نعيمه تاني ، واعتقد انا مسكت العصاية من النص بردت ناري


هز نضال رأسه وقال بلا مبالاة


- منكرش ده .. بس بردو هترجع من جديد


ابتسمت اسرار بسخرية


- مع سمعتها الحالية دي .. انها كانت بتزور الانتخابات وتدي رشوة للنادي .. ده غير انها وقعت جوازات كتير وخلت اجوازهم يتجوزوا من ستات رخصية ، تفتكر هتبقي في مكانها تاني


ضيق نضال عيناه ، رغم كل ما تفعله اسرار إلا أنها تؤثر علي والدة حبيب القلب ، سألها قائلا


- وحبيب القلب رأيه ايه


هزت اسرار رأسها ، تعترف منذ تلك الليلة لعودتها اليه .. توقفت عن الاقتراب منها .. كل ما فعلته اسفل المنضدة ظهر علي الحقيقة ، تمتمت بلا مبالاة


- دي نتيجة اعمالها يا نضال مقربتش من حد .. اديت لكل ست اللي اتلدغوا منها دليل خبثها


زفر نضال بحدة


- قولتلك نقطع راس الحية


ثم قال بحدة


- ولو جيه وقالك انها امي يا اسرار ، سراج ميقدرش يسيب امه في النهاية


اجفلت اسرار وهي تنظر الي نضال لثواني ولسانها عجز عن الاجابة ليسمع اجابة خشنة من خلفها يقول بجمود


- مراتي وامي اعرف ادي كل واحدة حقها من غير ما اظلم حد فيهم او اجي علي حد ، الدور والباقي علي ناس


امسك أسرار وهو يخبرها عن وقت العودة لتسير بجواره وهي تودع نضال قائلة


- مضيعهاش من ايدك ... اسمع مني ، اللي عملته ده هتفضل فكراه


****


تشتاق اليه بطريقة رهيبة ... غيابه ليومين بسبب عمله جعلها تفكر بعاطفية شديدة ، أصبحت تتقلب على صفيح ساخن.


كيف فعلها ؟ متى ؟ واين؟


لا يهم الآن ... بل اهم سؤال كيف توغل اليها بتلك السرعة وهي كانت تسير بحذر معه.. أغمضت جفنيها وهي ترقد على الفراش .. شغفها للحياة عاد بقوة .. وكأنها بدون وجود وقاص لا شيء ... لا شيء اطلاقا .. من شبح يهيم في الطرقات دون هدف إلى شخص حي .


ارهفت أذناها السمع من صوت فتح الباب .. هل عاد ؟


فتحت جفنيها وهي تراه يدخل الى الغرفة ممسكا بسترته ليلقيها على أقرب مقعد ... انتفضت بقوة وهي تنزل بقدميها العارية على الارضية الباردة.


اجفل وقاص من استيقاظ فريال حتي الان ... كاد أن يسألها ان كانت بخير .. لكنها بخير .. في أشد طاقتها وبهائها ، ابتسامة ناعمة زينت ثغره وهو يغمغم


- متقوليش


اقتربت فريال منه وهي تشبع عيناها به ، رغم ملامح الارق البادية على وجهه إلا أن عيناه متوهجة في حضرتها، انفلتت نبضات قلب هادرة ترسل رسائل خفية إلى قلبه الذي انتفض بقوة ، عيناه تزداد اتساعا وهو يرى عيناها المتوهجة


بقوة


بلمعة مضيئة


بها شيء من الحرارة


والنيران الدافئة


ألقت فريال نفسها بين ذراعيه التي ضمتها اليه بقوة ، يدمج كلا جسديهما في عناق روحي متطب عنيف ...دمعت عينا فريال وهي تهمس بحشرجة


- حبيبي وحشتني ، اليومين اللي رحت فيهم القاهرة خلاني اشتاق ليك بصورة رهيبة


خفق قلب وقاص بعنف .. كتم تنهيدة قلبه وهو يشعر بها تزداد تشبثا وقوة به ، لمس علي خصلات شعرها التي انتبه الان انها استطالت لتصل اسفل كتفيها ، امتنع عن الحديث حول خصلات شعرها وتلك العلامات في جسدها ، ترك لها حرية القرار في اتخاذ أمرهما .. تمتم بقلق حينما نظر الى عيناها الباكية


- انتي كويسة


هزت رأسها وهي تهمس بابتسامة ناعمة


- شكلك عملتها يا ابن الغانم


عبس وهو ينتظر تفسيرا ، لتلقي تلك الكلمة


كلمة بردت كل نيران متقدة


كلمة اطفأت وبنفس تأثيرها المزلزل فجرت ينابيع عشق


- خلتني احبك


لمعت عيناه بتوق شديد لترى تلك اللمعة الزرقاء في عيناه لتهمس وهي تقترب من عيناه هامسة


- فكرت قبل كدا اني حبيت ، بس لا انت اللي خلتني اغير منظورات كتيرة فيك ... لانك ورغم كل شيء وقاص


رغم كل شيء هو وقاص


ايقاع موسيقي شاذ عن باقي مسار الإيقاعات


تجعلك مرغما تتابع سير ذلك الإيقاع


تنهدت فريال زافرة بحرارة ووجنتيها تخضبت بالحمرة نتيجة عيناه التي تلتهمها التهاما


- ساحرتك عرفت تأسرها ليك يا قرصاني ، عملت فيا ايه بس .. كل يوم مش بفكر غير فيك .. كل يوم مشتاقة لحضنك بشكل مرعب ، حاولت انكر واقول انه انجذاب .. كل يوم بتكبر في نظري اكتر .. كل يوم اعجابي بك بيزيد لحد لما وقعت .. واحلى وقعة


أغمضت جفنيها للحظات ثم عادت لتفتحهما ... عضت على شفتها السفلى بتوتر


صمته اقلقها ... كادت ان تبتعد خجلة إلا أنه ثبت جسدها بين ذراعيه ليزفر وقاص متنهدا بعمق


- اخيرااا كنت قربت اموت بسببك


لا يصدق أن ساحرته أقرت


كان متوقع ان تطول في مدة عذابها تلك .. لكنها تفاجئه ... وتستمر في فعلها وهو يري اشتعال وجهها حمرة ليقترب هامسا


- انتي عارفة كنت مستنيها من امتي ؟ .. من اول يوم شوفتك فيه


اتسعت عينا فريال وقالت بصدمة


- لحقت تحبني من اول يوم ، افتكر انك كنت بتستهزأ بيا يا قرصان


تمتم وقاص باستسلام


- طلعتي ساحرة للاسف


تجهمت ملامح فريال وقالت بحنق


- بتضيع اللحظة ليا .. كده انت قطعتني


أغمضت جفنيها وهي تحاول ان تعيد تلك الالحان التي تغرد اذنيها قبل ان يزعق القرصان بصوته المزعج مخيفا العصافير ، ابتسم وقاص وهو يتلمس وجنتيها الناضجة لتهمس فريال بتلعثم


- انا مش عارفه هقولها ازاى .. بس انت الوحيد اللي بجرب معاه كل حاجه ، تصرفات كتير مكنتش اتجرأ اني اعملها بس معاك انت


كل هذا كثير عليه


أن تظل مستيقظة تعاني من السهاد مثله هذا اقصى ما كان يتمناه ، يعلم أن هناك مشاعر تعتبر وليدة من ناحيتها لكن من ناحيته نضجت واخذت لها اسمها ... صاح بصوت أجش


- فريال


غاصت .. غرقت ... النجاة في عيناه .. والغرق في عيناه ، همس بصوت خشن


- انتي وصلتيني لمرحلة اليأس من حبك .. كل ليلة بحاول اني ابين ليكي مشاعري من غير ما اتكلم ، صعب جدا لما اعترف الاقيكي مش متعلقة بيا ويوصلنا لمرحلة انا مش حابب اجربها تاني


تفجرت الدماء في وجهها وهي وليدة تلك اللحظة .. تمتمت بنعومة


- انا مش هسيبك .. انا ليك وانت ليا ، مفيش حاجه تقدر تفرقنا .. اعترف كنت غبية باللي عملته بس صدقني اتعلمت


احتضنها بقوة وخشونة لترتمي تبحث عن قلبه النابض وصوته الاجش جعلها تزداد ابتسامتها


- القرصان بيعشقك يا ساحرة


"قد يخبر الرجل المرأة أنّه يحبها خلال فترة قصيرة من تعارفهم دون أن يعرفها معرفة تامّة."


****


تجاهل هذا ما تعيشه الآن معه ... هذا افضل لها وله


الشرخ بينهما ازداد عمقا بعدما حدث ، اثر صفعته ما زال بها أثرا على خدها وقلبها


وان غادرت تلك العلامة من جسدها الا ان قلبها ينزف بمرارة شديدة.


تذكرت حديث سابق لها حينما كانت في قصر وقاص ، حديث زوجته معها


- مفيش راجل متعلق بيكي هيقدر يقبل علي نفسه بدا ... الجدال اللي بينكم .. وكسر الرهبة دي من أوائل الخطوات لتعزيز نفسك


وقتها سخرت قائلة


- فريال انا مش زي ما انتي فاكرة


تحولت ملامحها الناعمة للشراسة لتصيح هادرة


- بطلي غباء بقي ... انسي الماضي .. انسيه ، هو قرر يبدأ حياة جديدة يبقي ابدئي حياة جديدة معاه


عضت فرح علي شفتيها هامسة بعذاب


- والجروح؟


صمتت فريال وهي تشعر بالاسف حيال تلك الصغيرة ، اقتربت منها تؤازرها لتقول بجدية


- خلي الايام هي اللي تشفيها ، بس لو انتي مكانك زي ما هو ومقدرتيش تحركي فيه حاجه سبيه ، خليه يعيش لوحده .. النوع ده لازم يحس انه ملوش حد جنبه علشان يفوق


ابتسامة ناعمة أهدتها إليها لتتابع بهدوء


- عارفة انك بتبذلي فوق طاقتك .. بس ده احسن ليكي وليه


هزت فرح رأسها قائلة باستسلام مخزي


- مش هعرف


صاحت فريال بصلابة


- لطاما بتحبيه .. هتعملي كل طاقتك عشان تساعدي حبيبك يعدي الازمة دي


.........


- فرح


استفاقت من شرودها على صوت نضال الملح لتفيق وهي تنظر حولها منتبهة من عيناه التي تفترسها ، كادت أن تصيح في وجهه بسبب تعديه لحدوده لكنها اكتشفت أنها في الصالة ، انتفضت من مجلسها وهي تسحب شمس الصغيرة إلى أحضانها قائلة


- يلا يا شمس ميعاد النوم دلوقتي


تابع نضال عيناه وهي تهرول راكضة .. رافضة الحديث معه ، شتم ببذائة وهو يركل ساقه في الهواء قبل أن يلحقها ، توقف عن مقدمة الباب ليجدها تضع الصغيرة في مهدها .. تدثرها بحنان شديد .. حنان غير مصطنع يجعل صغيرته تستجيب دائما لها .. تهدأ من صراخها اذا لم يقدر علي تهدئتها لتنام قريرة العين من تعويذات فرح السحرية ...


دخل محرابها الذي تعتكف به ليقترب ماسكا ذراعها بخشونة قائلا


- متتجاهليش وانا بكلمك


زفرت فرح بيأس شديد لتصيح بحدة


- عن اذنك .. هننام


بدلا من الابتعاد ازداد قربا


امسك وجهها بكلتا كفيه .. عيناه نظرت بأسف إلى ما فعله بحماقة ونتيجة خروجه عن شعوره .. لمس موضع الصفعة لتجفل فرح وهي تسدل أهدابها تخلق ساترا تمنعه عنها ، همس نضال ببرود


- اعتقد اني سبتك فترة تنامي هنا .. .مكانك هناك مش هنا


اجابت ساخرة


- علشان اشبع احتياجاتك مش كدا ... روح انزل شوفلك اي ست تتجوزها عرفي واعمل اللي عايزة


عيناها تقابلت عيناه وهي تنظر تلك النظرة التي تكاد أن ترديه قتيلا يوما


ابتسم بسخرية قائلا


- بلاش تتلبسي شخصية مش بتاعتك


هزت فرح رأسها ، لن يتغير .. غمغمت بجمود


- دي شخصيتي اللي شكلتها ، عايزة انام


ضم خصرها اليه .. لتقع بجسدها الضئيل بين ضخامه جسده ، تلك الرجفة في جسدها جعله يميل نحو اذنها هامسا


- بتتأثري بلمستي ليه بتعملي كدا


أغمضت جفنيها ... تستعيد تلك الصلابة الواهية لتغمغم


- اللي حصل محتاج وقف علشان كل واحد يقرأ تصرفاته وأفعاله .. لو فعلا شايفني مش مأثرة فيك اقدر امشي واشوف اللي يستحقني .. مش هدفن نفسي مع واحد بيقتل نفسه واللي حواليه


زادت أنامله قسوة وهي تلمس ظهرها العاري ليصيح بلهجة حادة


- وياتري ده واحد جديد اتعرفتي عليه وانا معرفش


نزعت يده من جسدها .. ان ظلت لدقائق ستستلم ، وهذا لا ترغبه .. تمتمت بحدة


- مش من حقك تسأل .. زي ما انت عندك نزوات ومبتكلمش .. ملكش أي حق تسألني


بلهجة خفيضة نطق بحدة


- اسألك لاني جوزك


ارتجف جسدها مرة اخرى .. مال مقبلا طرف شفتيها ليهمس


- فرح مش عايز اخليكي تشوفي وشي التاني .. انتي مستحملتهوش


هزت رأسها بيأس وهي تصمت الفراشات في معدتها لتمتم


- بسيطة ..كلمة وتنهي


هز رأسه نافيا قائلا بتحذير مخيف .. البريق الماكر في عيناه تحول إلى غمامة سوداء


- ابدا .. عالله اسمع الموضوع ده تاني


التفت مغادرا ليتوقف ما ان همست بجمود


- بكرا رايحة خطوبة


دار على عقبيه ... حبات العقد بدأت في الانفراط .. صاح بجمود


- خطوبة مين؟


اتسعت ابتسامة ساخرة تتلألأ شفتيها وهي تراه بالكاد يحافظ على هدوءه .. انتظر ما زلت اخبيء الكثير ايها الجاحد ، تمتمت ببساطة


- من قرايب مرات اخوك


*****


بثوبها الأسود كانت تقف في ركن هاديء تراقب الحضور بغموض ، تتجاهل الهمس واللمز ..بل تتجاهل أي رجل يقترب منها ..


بعد طلاقها من معاذ ..أصبحت تري رجال تلك الطبقة انانيون .. معذرة !! اقالت رجال ؟!!


انهم اطفال ..اطفال أنانيون ، يحبون السيطرة والتحكم في حياة المرأة ، مرت بعيناها نحو الحارس الذي لا تعلم اسمه ... منذ غياب عاصي ذلك الرجل المتلف لاعصابها وهي تشعر ببعض البرود في حياتها ، تفاجأت من دخول جيهان الساحق والمدمر اليها بفستانها الابيض المحتشم بخلاعة .. طويل يصل طوله إلى ما بعد كاحليها ولا يوجد انشا للاتساع في النصف العلوي ، هزت رأسها حينما رأت حنة مرسومة علي جانب عنقها وخصلات شعرها ... هل عادت لونه البني الطبيعي ؟!


تمتمت جيهان وهي تضع خصلات شعرها على الجانب الآخر لتسمح برؤية الجميع للحنه التي رسمتها


- مش عارفة انا ليه قلقانة


هزت شادية رأسها ساخرة وهي تعلم ماهية تلك الحفل ، قلبت عينيها بملل قائلة


- قلقانة ليه يا انسه جيجي


عبست جيهان .. ماهر وشادية يخفون أمر جلل ... والدها حتي الان لم يظهر للساحة ولا كبير عائلة المالكي ، تمتمت بجمود


- بصي بقي من اول موضوع ماهر اللي خلاني ارجع صبغة شعري الي موضوع ان الحفلة اتغيرت من مكان الفيلا ل roof ، فده يقلق


انتبهت الى وجود رجل ضخم الجثة ، ذو ملامح حادة ينظر إلى الرجال التي تلمس جسد شادية بعيون فجة لتقول


- فين حارسك الوسيم


اجابت بجمود


- سافر


اتسعت عينا جيهان قبل أن تغمغم


- راح فين؟


هزت كتفيها بمعنى أنها لا تدري لتقول


- عنده مشاكل فجاب واحد بداله


استاءت ملامح جيهان لتقول بوقاحة


- للاسف مش مشجع اني اروح اتكلم معاه


تمتمت شادية بجفاء


- علي اساس حد عايز يتكلم معاكي


غمزت جيهان بعينها وهي تداعب خصلات شعرها التي عادت للطبيعة ، ماهر اقسم انها ان لم تعيد شعرها الطبيعي لن تذهب إلى أي مكان ، لم تجد سوي الاستسلام كي تعلم نهاية تلك الحفلة الكئيبة ..لمعت عيناها البندقية بخبث


- يا حبيبتي انا جميلة وشي زي الملاك بجناحين هل ده معناه اني مفيش راجل هنا موحد ربنا ارتبط بيه


توقفت عيناها عن مجموعة رجال تضحك بصوت مرتفع ، قيمت وسامتهم لتهتف بتعجل


- بصي شكل الشلة دي زمايل ماهر الحق اصطاد حد منهم


فتحت شادية فمها ببلاهة وهي ترى سير جيهان المتبختر على الارضية ، عيون الرجال اصطادت ذلك الكنز الثمين ، هبطت عينا شادية حينما كان يحدق الرجل في ساقيها ... الوقحة لم تنتبه أن ذات شق خلفي طويل ، شتمتها بعنف وهي تنظر الى ثوبها الأسود .. جيد الثوب لن يجعلها تجذب الانظار كما تفعل جيهان ، انتبهت الي عامل يقترب منها حاملا باقة من الورد


- استاذة شادية في حد بعت البوكية دي لحضرتك


تلقت باقة الورد وهي تغمغم بجمود


- شكرا


معجب سري ، رائع ... امسكت البطاقة وهي تنهش الحروف نهشا واخر ما فاجئها اسم المرسل ، جحظت عيناها بجمود لتنتفض هلعا من صوت فريال المشاكس


- مين ده


طوت البطاقة بين راحة يدها لتجيب بصوت جامد


- ده واحد كده متعرفيهوش


عبست ملامح فريال وهي تقترب منها هامسة بمكر


- معرفهوش .. اممم واضح


نظرت الى الاوضاع الساكنة في الحفلة والأعداد القليلة مثل رغبة ماهر ووجد لتهتف


- فين ماهر والعروسة ؟


نظرت الى ساعة يدها الذهبية وقالت


- المفروض شوية ويوصلوا


عقدت فريال ساعديها على صدرها ، حزينة ان وقاص لم يأتي معللا بعشاء عمل كان يرغب في ذهابها معه ، بفستانها الطويل بلون الاخضر اقتربت من شادية قائلة بمكر


- وغيرتوا الاماكن ليه


أجابت ببرود ، هذا ما ينقصها تحالف المزعجتان عليها


- معرفش ماهر غير رايه


انتبهت شادية إلى وجود امرأة ناعمة الملامح مقتربة من فريال ، امسكتها فريال من كفها بدعم لتقول


-احب اعرفك بالشلة اللي زادت فرح مرات نضال الغانم


اتسعت عيناها بعدم تصديق ، هل زير نساء مصر الأول تزوج ؟!! ... تمتمت شادية باعجاب


- واووو .. بقيت اشك في قدرات الرجالة دلوقتي


ثم تساءلت باهتمام


- ورهف فين ؟


هزت فريال رأسها يائسة ، لم تأتي معها لانها تعلم ان نزار سيكون المسؤول هنا عن العمل


- مقدرتش تيجي تعبانة


بحثت فريال بعينها عن امرأة بخصلات شعر أخضر بين الجموع ، تساءلت بحيرة


- فين بيلي ايليش


اشارت شادية يدها بسخرية نحو تجمع الرجال قرب حمام السباحة


- تلاقيها هناك


...........


تعلم قدر جمالها جيدا في عيون الرجال


تنظر بعينيها الناعستين إليهم ، لتتظلي في أحشاء هؤلاء الرجال نار لا تخمد وتجعلهم يشعرون بالتوق الشديد لأجلها ..لأجل لمسة يد .. عيناها كانت مثبتة منذ اول ما قدمت في اتجاههم نحو ذلك المفتول العضلات ، ابتسامات بريئة لكنها لا تدخل نطاق البراءة اطلاقا


ضحكات فاتنة


وابتسامة لعوب


وجه حسن لا يوجد به ملامح للمكر


يجعلها فاتنة باغواء .. وما تصدره من حركات مجرد حركات عفوية.


ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تتحدث إلى ذلك الوسيم


- لا بجد مكنتش متصورة انك من النوع المغامر


هيئته لا تبدو من الرجال الذين يتسلقون الجمال .. او السفر الى غابات الامازون لمعرفة خفايا الادغال ... ابتسم الرجل بجاذبية معتقدا أنه من حقق انتصارا عليها وليست هي من اختارته من البداية


- ملامحك عكس شخصيتك يا جيجي


ضحكات خبيثة من الرجال خلفهم كونها اختارته هي جعلها تغمز للرجل بمشاكسة


- انا بقلب انثى شرسة خلي بالك من نفسك


صفر الرجال وصاحوا مهللين لتسمع تعليق من رجل


- بس مكنتش متوقع ان ماهر عنده اخت حلوة مخبيهم عننا


تصنعت الأسف الشديد وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها ، تعلم كم تلك الحركة تجعل الرجال تجلي حلوقهم وهذا ما حدث مع معظمهم ، غمغمت قائلة


- ده ماهر للاسف ... عارفين الاخ


علي تصفيق حار ما ان تقدم ماهر وخطيبته وجد وهي تتأبط ذراعه ، حسنا مهمتها انتهت هنا .. صاحت وهي تفتح الكاميرا على هاتفها


- طب يا شباب هضطر اخد صورة سيلفي معاكم ، كل واحد معاه اكونت علي الانستجرام مش كدا


استمعت الي غمغمتهم الموافقة


- اكيد


نظرت الي ملامحها في الهاتف وذلك الرجل يتقدم عنهم كونه من حظي باهتمامها ، صاحت بمشاكسة


- اي حد مرتبط او متجوز يبعد عن الصورة ، مش عايزة حد يقول عليا خاطفة رجال


دارت بوجهها نحو رجل معين قائلة


- سوري يا اسامة .. ناخد صورة بعدين


التفت وهي تنظر نحو بؤرة العدسة الامامية ، ما ان انهت الوضع ...شعرت بالرجل يكاد يقترب بحذر كي يضع يده علي خصرها ، لم تهتم مطلقا ضبطت المؤقت لتقول


- 3...2...1


وتلك الثلاث ثواني تغيرت .... شعرت بذراع رجل آخر تتمسك خصرها بقوة ... اجفلت ما ان شعرت بقبلة دافئة دغدغت حواسها تقبل موضع حنتها ، رفعت عيناها لتجفل من عينا وسيم الباردة تنظر إليها بتوعد ... نظرت الى الصورة التي التقطت .. زادت عيناها اتساعا لتجد الصورة هي وهو بمفردهما ، تبدو حميمية للغاية وخصوصا ان عيناه لا تنظر الى العدسة ، زاد صياح الرجال المتذمرة لتجز على أسنانها بقوة


- انت سمحت لنفسك تمسك وسطي ازاي


مال نحو اذنها ويده الأخرى تلمس نعومة خصلات شعرها ، منذ متي لم يراهما علي طبيعتهم ، غمغم بنبرة باردة


- اقسم بالله انتي عايزة تتربى من اول وجديد


ارتجف جسدها حينما ازداد ضم خصرها اليه ، تأججت النيران الدفينة والحقد لتنزع ذراعه بقوة


- انت ملكش حق انت فاهم ، اوعي كدا


تلك تحتاج لإعادة تأهيل ... منذ وصوله مع ابنه عمه وجد أخذ يبحث بعينيه عن امرأة بخصلات شعر احمر .. برتقالي ، لكن أن تبلغه فريال بخبث انها بين مجموعة رجال .. وكل رجل يقيم جسدها بفجور ، لم يشعر سوي أنه يندفع الي تلك الغبية يوقف عن أعمالها المجنونة ..


النيران المستعرة التي تخرج من أنفه جعلتها ترفع احدي حاجبيها باستخفاف شديد ، قبض بأنامله على خصرها ليغمغم بحدة


- حركة تانية من الحركات الو*** دي هتلاقيني عملتلك عمل فاضح ويا انا يا انتي


عضت باطن خدها لتصيح بتأفف


- شادية اللي قالتلك مش كدا


لم يرد عليها .. عيناها انتقلت الي شادية وفريال وامرأة معهما لا تعلمها ، عادت بنظراتها اليه لتصيح بتوعد


- والله لاوريها


عيناه نظرت إلى الرجال وقال وهو يجذب جيهان للسير جواره قائلا


- اسف يا رجالة .. الحتة دي تخصني


لم يتركها وهما يتحركان الى مكان أكثر هدوءا بعيدا عن الصخب ، سمع غمغمة جيهان الحانقة


- متقولش حته .. انا مش لحد


بالكاد تحافظ على مظهرها العام أمام الجميع ، كي لا تبدو كبهيمة تجرها صاحبها ، صاح وسيم بتوعد


- حسابك عسير يا بنت السويسري


*****


كان جو الاحتفال هدء قليلا منذ مجيئهم .. توالت عليها المباركات من الأصدقاء ، وهناك من انتهز فرصة للنميمة ، كانت هناك عينان مشتعلة بقوة وهي ترى ابتسامة ماهر وهو ينظر إلى خطيبته


كانت وعدت نفسها أن تأتي وتراه ... أن ترى كيف ينظر إلى خطيبته ، الحقير يبتسم ويتمسك بكفها كيفما يريد ... وهي تبدو بحالة مزرية نتيجة تلك الدموع التي لا تتوقف


جزت على أسنانها بعزمية .. الم تخبره انها ستهد المعبد بمن فيه أن قرر وضع خاتم الخطبة في اصبعها ، انطلقت كالمجنونة نحوهما غير عابئة بمظهرها المزري ، لتقف أمامها وهي تصيح بعلو صوتها


- كله يوقف كل حاجه


عم الصمت من حولهما لتنظر الي عينا ماهر الماكرة ووجد التي تبادله المكر ، كل ذلك لم تنتبه له .. اقتربت منه وهي تمسك ياقة قميصه صائحة


- مش سيباك يا ماهر ، مش هتكون ليها انت فاهم


عضت على شفتها بتوتر وهي تخفض رأسها أرضا لتهمس بعذاب


- عملت ايه انا لكل ده .. كل مرة بتحاول تعاقبني بطريقة اوحش من الاول .. وانا صابرة عليك .. بس مش هسمحلك انك تتجوز واحدة غيري انت فاهم


تنهيدة خرجت من فم ماهر قبل أن يمسك ذراعيها ليرفع رأسها اليه لتواجهه ، همس بعذاب


- اخيرااا جيتي ، ده انا شوية ويأست من انك تيجي


بهتت ملامحها واتسعت عيناها بجحوظ .. هل يبتسم ؟ ... انه يبتسم ... يالله يبتسم وينظر إليها بعاطفة تكاد تغرقها .. همست بعدم فهم


- ماهر


ضحك ماهر بجاذبية وهو يمسح اثر الكحل الذي سال من عيناها بمنديل مبلل ليهمس بنعومة


- مجنونة وربي .. كنت متخيل داخلة درامية مش اكشن


اتجهت بعيناها نحو وجد التي تبتسم بسعادة بالغة لتنظر بعدها نحو الجميع الصامت ... كل يشاهد العرض الدرامي الذي تقدمه ، احتقن وجنتيها من الحرج لتهمس


- انا مش فاهمة ايه اللي بتقوله ده


ابتسم ماهر نحو وجد وهو يضم مارية الي احضانه قائلا


- وجد .. بجد اشكرك جدا علي كل اللي عملتيه


ضحكت وجد بمرح وهي تصيح بمرح


- مفيش داعي تشكرني ، لبسها الدبلة خلي حد فينا يفرح


تعالي صفير فريال تلك المرة لتزجرها شادية ، لم تعبأ فريال بل تابعت الصفير بسعادة ... أما مارية كانت تنظر لما يحدث ببهوت .. اخرج ماهر الخاتم من علبته ليمسك يدها اليمني قائلا


- قوليها دلوقتى


لسانها غير مطاوعها علي التحدث ... نظرت اليه باستفسار شديد ، عذرها ماهر بشدة ليقول


- انك ليا وبس


تلعثمت مارية .. لم تكن من ضمن مخططاتها أن يضع ماهر خاتم ملكيته ، كانت ستثور وستثير المشاكل وترحل ، لكن ما يحدث الان ...ضرب من ضروب الخيال


- ماهر انا ...انا مش فاهمة اللي بيحصل


هز ماهر رأسه ... سيخبرها لاحقا بكل ما تريده ... الان يرغب بسماعها من شفتيها


- هفهمك بعدين .. قولي انك ليا


لمعت عينا مارية بعاطفة اجشة لتهمس


- انا ليك دائما وابدا يا ماهر


تعالي التصفيق الحار من الجميع وماهر يضع خاتمه في بنصرها الأيمن ، ترقرقت عينا مارية وهي تنظر الي الخاتم ... قبلة دافئة علي جبينها من ماهر جعلها ترتمي في احضانه على الفور


- مبروك يا عروسة


زادت ضم ذراعيها حول عنقه وهي تنفجر في البكاء ... ربت ماهر علي ظهرها بحنية ، ليسمعها تصيح بجنون


- هي اختارت الخاتم


هز رأسه نافيا ... يري تلك الغيرة من عيناها ومن تصرفاتها وهي ما زالت تنظر شرزا نحو وجد ، ليبتسم بجاذبية


- انا اللي اخترته


انتبهت إلى زينتها التي فسدت ... شهقت بذهول وهي تنظر الى عيناه


- شكلي اكيد مرعب يا ماهر


هز ماهر رأسه نافيا وهو يهمس


- زي القمر يا حبيبتي


تسارعت نبضات قلبها ... ترتجف .. بل تشعر بالاحتراق ، كل ذلك كثير عليها .. أمسكت كفيه بقوة لتهمس


- ماهر انا مش بحلم


هز ماهر رأسه نافيا


- مش بتحلمي يا عمري


ارتمت مرة ثانية بين ذراعيه ليتلقاها بهدوء وابتسامة ممتنة يوجهها نحو وجد التي تبتسم لهما بغبطة وشادية التي من دونها ما كان ليقدر على تنفيذ مخططه.


******


ابتسمت فرح وهي ترى العيون اللامعة في كلا من مارية وحبيبها .. معذرة من أصبح خطيبها ، مارية تستحق السعادة بعد كل ما حدث ، سارت بشرود نحو البوفيه وهي تلتقط بعض السكريات ليعطيها بعض من الطاقة ...


تتذكر قبل رحيلها بساعات نظرات نضال الحارقة التي تتركز على جسدها في الاونة الاخيرة ، تعلم ان الفستان الأزرق الذي اختارته يبدو بسيطا للغاية وليس مبهرجا كما ترى الآن من رؤية سيقان عارية ... ظهر عاري .. كل ذلك جعلها تشمئز من النساء والفتيات في الحفل .


أخبرتها فريال ان تلك الحفلة بمثابة الترفيهة عن نفسها بدل مكوثها في البيت طيلة الوقت مع شمس ، فريال تبدو امرأة لطيفة بل وقريبتها ايضا .. تبدوان مختلفتين ... بل شاذتان عن تركيبة ذلك المجتمع المخملي .


شهقت بصدمة حينما اصطدمت بشخص ما ... البقعة لطخت سترته الباهظة ، اجلت فرح حلقها وهي تتذكر كمية المهانة التي تعرضت لها حينما كانت تعمل في المطعم


بادرت بالأسف الفوري وهي رغما عنها تزيل بقعة الكريمة من منديلها المعطر


- بجد اسفه اني خبطت فيك


وقع بصرها علي عينان عسلية خاملة ، ابدي الرجل رفضه لتزيل البقعة ... احتقن وجهها وهي تكاد تلعن نفسها ... هي الآن سيدة في المجتمع وليست نادلة ، نظر الرجل إلى البقعة وقال بابتسامة مهلكة


- لا ولا يهمك متعود كل مناسبة عصير يدلق .. جاتوه يتلبس في وشي


تبدو جميلة ... لطيفة .. ناعمة ... هشة ، هذا ما قاله الرجل حينما تأكد ان فستانها الأزرق المحتشم لا يتدرج تحت تصنيف باقي الفساتين المبهرجة ، تسأل بمرح


- تبع العروسة ؟


هزت رأسها نافية واجابت


- لا لا جاية مع صاحبتي


زادت ابتسامة الرجل المهلكة ، لتجلي فرح حلقها وهي تشيح عينيها عن عيناه ، نظرت الي بنصرها الخالي من خاتم الزواج ... اتسعت عيناها بذهول حينما نطق الرجل


- زي يعني انا برضو جاي مش تبع حد


زادت اسئلة الرجل جرأة حينما حط عيناه علي يديها الخالية من اي خاتم خطبة


- مرتبطة ؟


رمشت فرح أهدابها عدة مرات لتهمس ببلاهة


- نعم؟


هز الرجل رأسه وهو يقول


- مرتبطة .. خطوبة .. علاقة حب ..كده يعني


لا تعلم لما أعجبتها تلك اللعبة .. بالنهاية هي من أين ستري الرجل مرة اخري ، بل وبعدها عن التوتر جعلها تقول بجرأة لم تعهدها


- ولو قولت لأ


ابتسامة جانبية و نظرة ذات مغزى جعل الرجل يفهم لعبتها ، تابع في لعبتها المثيرة قائلا


- يبقى يا هنايا .. اكون طلعت بعروسة من الخطوبة دي


بترت ابتسامتها وهي تنظر بجمود .. ارتعد جسدها من نبرة اجشة


- للاسف يا كابتن شوفلك حد غيرها .. يلا يا مدام


امسك ذراعها بخشونة ليديرها إليه ، طار خصلات شعرها الطويلة من حولها بنوع من السحر عليه لترمي فرح علي جسد نضال من قوة جذب لتسقط بين ذراعيه ، ارتكزت يديها على كتفيه لترفع عيناها الي الجحيم الناري في عيناه ، دارت بعينيها نحو الرجل لتهمس بأسف


- للاسف


غمغم نضال وهو يجز على أسنانه بقوة


- شكلك محتاجه اعيد تقويم سلوكك يا فرح


جذبها بقوة وهما يغادران تلك الحفلة ، رمشت فرح عيناها وهي تنظر اليه ... هل جاء الى هنا ؟ .. لقد اخبرته ان فريال هي من ستعيدها الى المنزل ، وهو لم يعلق ... وقعت عيناها على مارية ثم إلى نضال .. كلاهما رغم انهما في مكان واحد لكن لكل منهما عالمه الخاص ، اجفلت من نبرته المرعبة


- القرف ده يتقلع فورا


نظرت الي فستانها ثم إليه لتجيب ببلاهة


- نضال


عض نضال علي نواجذه ... ليصيح هادرا بقوة


- يتقلع فورا


اغتاظت بشدة وهي تغمغم بقوة


- معنديش غيره


فتح باب السيارة لتصعد بجوار مقعد السائق ،أغلق باب السيارة بعنف ليهبط بجذعه نحو مستواها قائلا


- لينا حساب في البيت


ابتسامة ساخرة هي كانت ردها ليزداد سخط نضال .. تلك ليست فرح التي يعلمها


ليست من يحفظها عن ظهر قلب


تلك الجديدة لا يحبذها اطلاقا


تنهد نضال وهي يضع يديه على خصره .. إن كانت تريد فرح الحرب فيجب أن لا تنسي انها تلعب في ساحة معركته .


********


ازدادت ابتسامة فريال وهي ترى النظرات بين ماهر وشادية لتلكزها بقوة جعلت شادية تنظر إليها شزرا .. بالطبع لم تجفل من مشاهدة المشهد الرومانسي .. بل نقول المشهد الاكشن الذي حدث بين فرح وزوجها الذي ظهر فجأة في العلن ..يبدو أن له نفوذه في جميع الأماكن ، اقتربت فريال غامزة


- ماهر ده خبيث .. مكنتش متخيلة اني هيتحول فجأة كدا


تنهدت شادية وهي تهمس بشرود


- يائس في حبها


همت فريال بالرد لكن ملامح انثى متوحشة قدمت اليهما ... شعرها اصبح ثائر وفوضوي .. زينة وجهها أصبحت متدمرة ، اقتربت شادية من جيهان وقالت


- جيجي كنتي فين


جزت على أسنانها بقوة .. ستربيه ذلك الحقير ... تقسم انها لن تدع ما فعله بعيدا عن أعين الجميع سيجعلها ضعيفة ، صاحت بحرقة


- كان فيه حيوان بربيه


ولتزداد الصورة سوءا خرج وسيم من زقاق هاديء يعدل في هندام ملابسه ، حينما ضيقت فريال عيناها وهي تراه يقترب منهما ... وجدت يلعق طرف شفتيه السفلي وكأنه ... اللعنة.


اقترب وسيم وحالته الآخر تشبه حالتها ... غمغم بهدوء نحو شادية


- بنستأذن منكم .. الف مبروك لماهر


حاولت شادية ان تزيح الصورة التي علقت في بصرها لتسمع صوت وجد التي اقتربت من ابن عمها قائلة


- كويس ان ماهر مقررش يعاند .. روحه فيها


مال وسيم نحو إذن جيهان هامسا


- لينا حساب يا بنت الجيران


تغضنت ملامح جيهان للقرف لتصيح بهدر


- يابا انت بوق بس .. ده اخرك


اتسعت ابتسامة وسيم الخبيثة وهو يرى بهوت ملامح شادية وفريال ، اقتربت منه وجد قائلة


- وسيم يلا نمشي


دبت جيجي بكعب حذائها على الارض لتصيح بحنق


- راحية التواليت ، عن اذنكم


رمشت فريال أهدابها عدة مرات لتنظر الي شادية التي عقدت جبينها قائلة


- تفتكري عمل فيها حاجه


تساءلت فريال ببلاهة


- عمل ايه؟


ازدردت ريق شادية وهي تهمس


- وسيم مجنون وهيئتهم تقول انهم .....


صاحتا فجأة بصوت مرتفع


- لا


- ايوة


ضيقت عينيها نحو فريال التي وافقت على ما يدور في ذهنها ، بادرت شادية بالنفي


- جيهان مش هتعمل كدا


تنهدت فريال وهزت كتفيها بلا مبالاة


- ضعفت


شهقت شادية بعنف وهي تضع يدها علي ثغرها لتهمس


- يخربيتها لو عملت كدا .. بابا لو عرف مش هيسبها ، كفاية السكة اللي دخلتها وبابا مش راضى عنها


رنين هاتف من فريال ... اعلمها بأنتظار زوجها خارج الحفل ، اعتذرت وهي تقبل كلا وجنتي ابنة خالها قائلة


- عقبالك يا بيبي ... حبيبي بيرن عليا ، مضطرة امشي


ابدت شادية تعبير مندهش وهي تكرر ما قالته فريال


- حبيبك !!


غمزت فريال بعيناها وهي تودعها قائلة


- موضوع طويل هشرحهولك بعدين


تنهدت شادية وهي تنظر الي عصافير الكناري بحب ... تعلم رفض مجيء والدها كونه الجي شراكة مهمة مع عائلة المالكي ، تعلم ان والدها سيهدأ في اليوم التالي حينما يكتشف أن سعادة ابنه مع تلك الشقراء .. نظرت إلى الورقة المطوية في يدها لتعيد فتحها من جديد واسم صاحبها هزها بقوة


يرغب في موعد بمفردهما ... اختنقت انفاسها نحو توقيع صاحبها .. تمتمت اسمه


- لؤي


أيامها القادمة تبدو مليئة بالاحتفالات !!!


يتبع ...


في قبضة الإمبراطور

الفصل السابع والعشرون

............


رجل 


ثلاثة أحرف .. مخارج الحروف ليست صعبة .. وليست ثقيلة على اللسان ، كما يصف الرجل بكون المرأة كائن مليء بالعواطف التي تثير توتره .. قلقه .. غثيانه ربما !!


يقلل من مشاعر المرأة ..يكبح من عزيمتها .. يخمد ثورتها .. ولان سر مفتاح المرأة هو العاطفة


يتسلل الرجل بكل خبث الي ذلك العضو الضعيف ، يمزقه إربا بعد استحواذه ، يحطمه .. بل يصل به الأمر إلى حرقه .


والرجل الذي يدعي أنه خبير النساء .. يتفهم تعقيداتهم .. لحظات جنونهم .. كيف يسقطن صرعًا من أجل الحب .. لا هو لا يعلم كل شيء


المرأة يصعب وضع لها قانون تستطيع أن تسير عليه لتصل الى نتيجة . 


الاعتراف بشيء أفضل من الإنكار


إعترف بوجود أشياء تخنقه .. تجعله علي وشك أن يشق صدره ليكتشف العلل في صدره .


صعب للغاية أن تنحرف عن مسار آخر غير الذي وضعت فيه ، بل الأصعب أن تكتسب عادة جديدة وتجبر الجميع على إعتيادها .


سيعطيكم وصف أدق 


فرح 


كائن 


هائم 


حالم 


متعطش للمشاعر 


يستسلم من أقل همسة لكن الآن ..


يراها إمرأة تنفض أتربة الماضي .. تزداد شكيمة يومًا عن اليوم الآخر .. بها إصرار طفل لكائن جلمود ساخر مثله .


أغلق باب الشقة بعنف شديد أدي الي ارتعاد جسدها وهي تستدير على عقبيها رافعة إحدى حاجبيها عاقدة ساعديها على صدرها 


مرر نضال أنامله على خصلات شعره الذي شعث من كثره عبثه بها..  عيناه بهما غضبًا يدمر الأخضر واليابس


دمار يبعثر ويعري أشداء ، واجهها قائلا بسخرية


- بتتعمدي تعملي كدا 


مررت خصلة شاردة لتجمعها مع صديقاتها ، هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة


- انا مش بتعمد اعمل حاجه يا نضال 


هز رأسه يائسًا .. هل يشاجر زوجته .. مشاجرة طبيعية بها يعرب الزوج عن تصرفات زوجته الرافضة ، وضع كفيه علي خاصرته قائلاً


- متلعبيش بالنار يا فرح .. احذري مني


زفرت فرح حانقة .. يتحدث بـ مواربة .. ويتطلب منها أن تفهم ما الذي يؤرقه ، صاحت بحنق 


-اشوف ايه تاني يا نضال قولي ... ثم انت ليه قاعد هنا .. قاعد ليه .. شوفلك اي ست متخنقكش زي ما بعمل


لم يرد عليها وهو ينظر الي الارضية اللامعة .. اقتربت منه وهي تدفع صدره قائلة 


- اتكلم ساكت ليه


ارتد خطوة واحدة إثر دفاعتها الواهنة ، عيناه الداكنة تعري طبقات جامدة أصبحت عازلة عنه كي يعلم فرح ، غامت عيناه أكثر حينما لاح علي ذهنه ابتسامات متملقة .. أقرب للاصطناع و عيون رجل يعري زوجته بفستانها المقرف


غمغم بجمود


- نصفي الحسابات


كادت أن تسأله عما يقصده لكن من إمساكه لعضديها جعلها تجفل من رسائل عيناه ، اجفلت بشدة ما إن شق فستانها لنصفين ... جحظت عينا فرح حينما سقط الفستان ارضًا لتقف أمامه شبه عارية لا يسترها سوى قطعتين من ملابس داخلية كادت ان تهرب منه إلا أنه ثبتها أكثر ، لف خصلة من شعرها حول إصبعه ليصيح بنبرة خافتة .. مرعبة


- قرف زي ده ميتلبسش تاني


ثم أصبح صوته أكثر صرامة .. بل أكثرها تحكما 


- والقرف اللي عملتيه هناك ميتكررش .. اتقي شري


دموع من عيناها تهبط رغمًا عنها ، مسحتها سريعًا براحة يديها .. همست بحشرجة


- ان كان وشك التاني هو السبيل ان احنا نوصل لنهاية العلاقة دي .. معنديش مشكلة


لوهلة رأت نظرة التيه في عيناه قبل أن تبرق عيناه بتصميم شديد ، ابتسمت بسخرية قائلة 


- مش هو ده يا نضال .. مستني واحدة اجمل من اللي قبل كده .. تقدر تقدمها للمجتمع بتاعك دون الشعور بالذنب انك اتجوزت مجرد واحدة 


وآخر كلمة .. كانت تلفظها من فمها حرفيًا ، المعني يصل إليه بوضوح دون اي مواربة او وضع إشارات كما يفعل ، ولتواجه أكثر قالت 


- لكن اللي مش فهماه غضبك مجرد غضب لان غيرك بص علي اللي ملكته .. غضب وانانية يا نضال من شيء ملكك ؟!


لف ذراعيه حول خصرها العاري .. يستشعر تصلب جسدها والقشعريرة التي دبت بجميع أطرافها من أثر أنامله ، اختنقت انفاس فرح وهي تهمس بعذاب


- هل انا مجرد شيء اشتريته .. رد وقولي 


عض نضال علي شفتيه وهو يمرر أنامله على طول ظهرها العاري .. يشغلها بطريقة اخرى .. بل يصمتها ويخدرها ، تمتم من بين أنفاسه


- بتضغطي يا فرح


امسكت أنامله الوقحة وهي تحذره بعينها حينما وصل طريقه للجزء العلوي ، وجهها متورد بشدة .. انفاسها اللاهثة وساقيها تحولت لعيدان معكرونة 


ثواني تحاول أن تحافظ علي المتبقي من داخلها ، اقتربت منه هامسة


- بتصرخ في وشي انك معندكش عيلة .. فرحان اوي بدا .. فرحان انك بتتخلي علي مبادئ مزروعة انسانيا فيك


يعتقدها تدفعه .. بل تصر على جعله متابعًا الطريق للوصول الى الحافة .. متراقصًا علي حبال بالية ، يزعق ويغضب ويريد الجميع تتفهمه ، غامت عيناها بحزن شديد 


- انا كنت وسط عيلتي وحسيت اني مش منهم ، مجرد طفلة ملهاش اي اهمية ، محدش اهتم بيا يا نضال .. كنت يتيمة بمعنى الحرفي .. في مرة كنت راجعة بشهادة الثانوية .. كنت فرحانة اني هدخل كلية وكان مجموعي كويس ولما جيت افرحهم امي قالتلي فرحانة بحتة ورقة .. شوفيلك شغلانه تأكلنا عيش


ترقرقت الدموع من عينيها وهي تتابع هامسة بحرقة


- تخليت عن حلمي زي ما اتخليت عن حلم الطفولة السعيدة .. بابا بعد ما تعب طلع معاش من المصنع ، ملحقش يجيبلي هدية بمناسبة نجاحي .... حتى الهدية اليتيمة ماخدتهاش ، بس قولت مش مهم هدية المهم ابقي موجودة .. كنت عايزة احس اني موجوده معاهم بس ، مش مجرد شيء أو سلعة يتاجروا بيها


جز نضال علي اسنانه .. هو شخص لا يستطيع أن يعانق شخصًا و يؤازره .. هو بطبيعته لم يتذوقها سوى من شخص واحد .. ولينهي ذلك الحوار العقيم حملها على ذراعيه ... صاحت بدهشة


- نضال


هز نضال رأسه وساقه تغلق باب غرفته التي أصبح ينام بها بمفرده ، ارقدها على الفراش وهو يفتح ازرار قميصه قائلاً


- سمعت ان ده افضل حل اننا ننسى المشاكل ، كنت بقول انه مجرد مزاج بس نجرب


احتقن وجهها وهي ترى عضلات جسده المفتولة ، لا تعلم لما تخجل أصبح يرافقها وهي كانت في الماضي صاحبة مزاج ، لكن الوضع أصبح مختلف .. لمساته تحولت لشيء يبحث عنه منها .. تلجلجت وهي تنتفض من الفراش ما إن رأته يفك زر بنطاله 


- انت .. انت


شهقت بقوة حينما امسكها  بقوة وادارها اليه ، تتسع عيناها بجحوظ مريب لتسمعه يقول 


- مش هيفيد بشيء ان احنا نتكلم في الماضي كتير يا فرح


اجفلت من لمسات انامله علي جسدها ، كادت أن تبكي أمامه وهي تري الإصرار في عيناه ..


تمتمت بجفاء


- هعرف امتي انك مش عايزني .. لما الاقيك ماسك في ايدك ست تشرفك


صرخت مفزعة حينما القاها على الفراش ويعتليها بكل ضراوة قائلا 


- محدش هيوافق ويختارني كذاتي انا .. حتى لو حامل لقب عيلة مهمة


دفن وجهه في عنقها وهي تشعر بوخزات من اثر انفاسه الحارقة ، عضت علي باطن خدها قبل ان تهمس بجفاء


- هنندم


رفع وجهه لينظر الى عيناها قائلا بجمود


- انا لا


كادت أن تعترض .. لكن كلمتين فقط أصدرها قبل أن يصمتها بطريقة فعالة للغاية بالنسبة لها


-بقيتي رغاية 


لا يقول عنه الآن علاقة حسية  .. بل مكان سلوى


راحة لكلاهما .. حيث لا يتجمل هو ، وهي ترمي بكل اعتراضاتها ملقية اياه في الحائط .


*****


كانت تجلس متربعة على الأريكة ، تشاهد مسلسل تركي يعتبر من أفضل المسلسلات للسيدة أم سعيد ، يداها تنضف الجرجير والخس وأم سعاد تقطف أوراق الملوخية...


ابتسمت اسرار وهي تتذكر تلك الايام التي قضتها في المنزل ، حسنا سراج لا يتركها بالمعني الحرفي .. يرسل ام سعيد تقضي النهار معها وهو يبذل كل طاقته كي يعود بعد السابعة مساءًا .. يتناولا الطعام ثم يمر الليل بالحديث الطويل أو مشاكسات سراج التي لا يوقفها رغم التعب الذي يصل لعظامه .


فترة الراحة في المنزل لا تشعر ان بها طعام دافئ كما الآن .. توقعتها مملة .. كئيبة ، لكن جلوسها براحة الآن بفستانها الربيعي الأصفر الذي يصل لكاحلها وعقدة شعرها المهملة تتابع مثل باقي النساء .. بل أصبحت تقلد النساء المتزوجات ، ثرثرة ام سعيد تحبها للغاية .. يكفي انها تتحدث عن سراج طيلة اليوم ومواقفه النبيلة معها ، حسنًا تتغاضى عن إعادة أم سعيد لبعض الأحداث التي حفظتها من كثرة تكرارها.


انتبهت الى صوت ام سعيد قائلة بمحبة


- وبس يا بنتي  .. ابني سعيد بدل ما كان مطلع عيني مع الشلة الفاسدة دي .. سراج  اعتبرته ابني الكبير بعد المرحوم ما اتوفي .. سعيد اشتغل في الورشة مع سراج وكان يشد عليه لو أهمل .. حتي الراتب كان بيدهوني قال خايف ان العيال الاوباش تتلم حوليه لما يعرفوا انه بيشتغل


هزت اسرار رأسها وهي تسمع نبرة ام سعيد الممتنة في حروف كلماتها ، تنهدت بينما قالت ام سعيد بحرج 


- وعلشان مخبيش عليكي ... جوزك ربنا يحرسه كان تحت بؤرة العوانس واللي اسمهم ايه ... مينجل مازرز .. بالانجليزي هي 


اتسعت عيناها وكادت أن تنفجر ضاحكة ، الا ان مراعاة لمشاعرها قالت 


-  ? single mother 


هزت ام سعيد موافقة وقالت متابعة


- ايوا هي يا بنتي .. والصراحة لما سمعت انه هيتجوز حد من طبقة عالية ... فاخرة بقي .. خفت الصراحة


عبست ملامح اسرار قائلة


- عليه ؟


اومأت ام سعيد موافقة وهي تفتح حزمة ملوخية أخرى وتعطي حزمة بقدونس لأسرار التي تقطفها وتضعها في وعاء آخر


- طبعا ... سراج ده ياريت يكون فيه منه كتير .. نفسي ابني يحمل صفة من صفاته


ثم تابعت بعشم 


- علشان انتي بنتي .. لازم ترقي جوزك من العيون الحاسدة .. هو ماشاء الله عليه 


هزت أسرار رأسها موافقة 


- حاضر يا ام سعيد


صمت أم سعيد لثواني قبل أن تهتف 


- لا وانتي كمان عايزة تترقى ... العمارة دي اول ما دخلتها قلبي اتقبض وقلبي صدق .. عارفة مدام عفاف المطلقة اللي ساكنة تحتكم


انفجرت اسرار ضاحكة وهي تعلم محاولات تلك السيدة اليائسة لجذب انتباهه ، ولكنه قتل شعلة الغيرة حينما صدها بطريقة فظة تليق سوى به ، عضت على باطن خدها من نظرة ام سعيد الزاجرة لتخشي أسرار من تحول ام سعيد لأم شرسة كما اخبرتها ابنتها في مرة ، هزت رأسها نافية ببلاهة


- لا


اقتربت منها تنصحها بحسن نية 


- اي ست تقرب من جوزك ... من شعرها وجريها تمسحي بيها بلاط العمارة ، الستات هنا بجحة بشكل ما يتصدقش 


رمشت بـ أهدابها عدة مرات .. تتخيل انها تمسك شعر امرأة وتجرجرها علي سلالم البناية ، حسنًا يبدو الأمر ممتعًا ستجربه يومًا ما


هزت رأسها هامسة بابتسامة عريضة


- حاضر من عنيا يا ام سعيد


ابتسمت ام سعيد وهي ترى زوجة سراج ، حسنًا يبدو أن من الطبقة الثرية نساء محبة للبساطة ، ابتسامة حنونة زينت ثغرها لتقترب منها قائلة


- يلا شدي حيلك عايزة اشوف عيل لسراج 


تجمدت اسرار وهي تترك ما بيدها لتنظر اليها ببهوت ، عضت ام سعيد علي تعجلها وما قالته ، تمتمت باعتذار


- اعذري وقاحتي .. بس والله حبيتك من اول ما قابلتك


لمست اسرار بطنها الفارغة ، تتمني ان ذلك الشهر ان يكون في داخلها نطفة ، اغرورقت عيناها بالدموع هامسة


- ادعيلي يا ام سعيد .. متتخيليش انا نفسي في طفل ازاي


هزت رأسها ام سعيد وقد رق قلبها لتلك المرأة ، اقتربت منها وهي تربت علي ذراعها بحنو هامسة


- ادعيله في كل صلاة .. متصدقيش ان انا كان في مخيلتي مراته الغنية ازاي .. بس انا ارتحتلك جدا يا بنتي


انفجرت في البكاء وهي ترفع عيناها هامسة 


- ممكن احضنك 


اتسعت عينا ام سعيد بعدم إدراك لما قالته ، الا ان اسرار لم تنتظر لموافقتها اذ انها سارعت بإلقاء نفسها بين احضان ام سعيد الحنونة ، تعوذت ام سعيد وهي تعلم ان يجب ان ترقيهما جيدًا ، تمتمت بأسي 


-يالهوي .. مالك يا حبيبتي


ابتسامة حفرت طريقها وهي تزيل دموعها قائلة


- مش عارفة بقيت عاطفية بشكل مثير للشفقة


ابتعدت وهي تحاول ان تعود لطبيعتها الصلبة لكن أمام تلك المرأة لا تستطيع ، لا تعلم أعطفها الذي يمتد إليها بصلة خفية يزعزعها وتجعل نفسها مثيرة للشفقة ، هزت ام سعيد رأسها قائلة


- معلش ديه غريزة فينا .. اياكي تخفي عاطفتك لزوجك في يوم من الايام ، متعتمدش انه عارف قد ايه بتحبيه ... الرجالة اطفال في الاخر ، زي ما انتي حابة تسمعيها منه ويقول قد ايه بيحبك وميقدرش يستغنى عنك .. هو كمان مشتاق يسمعها منك ومفيش مشكلة لو بادرتي .. هيقوم من كرسيه ويجيلك لهنا 


نصيحتها ستضعها في اوائل اهتمامها ، ستعمل عليها وتري نتائجها ... لمعت عيناها فجأة بمكر لتغمز قائلة بمشاكسة


- تفتكري


مالت ام سعيد برأسها قائلة


- جربي .. انا كده كده خلصت الاكل .. واكل بكرا جهز فاضل الحشو


استقامت من مجلسها وهي تتجه سريعًا تمسك هاتفها ، اتجهت نحو الغرفة وهي تهاتفه ... عضت علي شفتها السفلى بتوتر وهي تهز ساقها وما إن استمعت الي صوته ... تحشرجت انفاسها لتهمس بوهن


- سراج


انتفض سراج من مجلسه ، ليس معتادًا أن تتصل به أسرار الا لو حدث امر جلل ، صاح بقلق


- حبيبتي انتي كويسة ؟ ... ام سعيد مشيت ؟ .. تعبانة 


ستكون مبادرة تلك المرة ، لن يحدث شيء كارثة ان عبرت بكلمتين او ثلاث عن مجيئه للمنزل ، أغمضت جفنيها وهي تحرك بكفها الآخر لتجلب هواء بقدر ما تستطيع .. بكل ثقل ونبرة إغراء تعلمها همست بلوع


- وحشتني ممكن تيجي


والنتيجة مفاجأة ... رمشت أهدابها عدة مرات ، هل قال انه آتي الآن ؟!! ، ضيـ... بل زوجها الراحل كان لا يستطيع الخروج من عمله بل يغلق هاتفه حتى  ينهي اعماله ، سارت بشرود نحو الصالة لتجد ام سعيد وهي تلف حجابها علي رأسها سألتها بابتسامة ناعمة 


- ها ؟


غمزت اسرار بعينها قائلة


- تسلم دماغك يا ام سعيد 


هزت ام سعيد راسها وهي  تخبرها عن موعد حضورها في الغد ، أغلقت باب الشقة بعد توديعها وهي تفكر في ماذا سترتديه اليوم ؟ .


******


- بابا بقى ارجوك


صاحت بها شادية بتوسل شديد ، لا تعلم متى اصبح والدها ذو رأس يابسة هكذا ، عبس معتصم ملامحه وقال بنبرة حانقة من الحاحها 


- شادية


اقتربت شادية منه قائلة


- انت عارف ان كده كده ماهر مش هيسبها


زفر معتصم بحرارة وهو ينظر نحو الاطار الكبير الذي احتل الحائط الجانبي صورة زوجته الراحلة ... رحلت وتركت له ثلاثة أشقياء .. كل شخص له طابع منفرد على الآخر ، حنين ألم به وهو يقول باشتياق


- والله من وقت ما غابت من حياتنا وكل واحد فينا في دوامة لوحده


ثم مسح تلك النظرة ليستعيد صورته الصلبة أمام ابنته قائلاً بتبرم  


-اختك .. وانتي ذات نفسك .. والباشا الكبير اللي قرر يتجوز واخيرا منت عليه بالموافقة


هزت شادية رأسها وهي تضرب بيديها علي فخذيها ، تنظر الى الباب في كل لحظة .. تخشى اقتحام ماهر مع خطيبته ، تعلم أن ما حدث من مخطط ماهر ووجد جعل كل عائلتهما تتوقف عن شراكتهما الجديدة ، الا اذا اصبحت هي قربان جديد 


عضت على شفتها وقالت بجدية


- مننكرش ان وجد عمرها ما كانت مناسبة لماهر ، مش عايزين نكرر نفس اللي حصل


صاح بحدة اجفلتها


- علشان كدا بقولك ابعدي .. مش عايز اخسرك تاني


اقتربت من والدها وقالت بصلابة 


- انا شادية السويسري يا بابا .. مفيش حد يقدر يكسرني ولو كان راجل


لا يصدقها ، شادية اضعف من ان تواجه رجلا ، غمغم بجمود


- عاصي بلغني انه هيتسلم مكان اللي بداله ده 


جحظت شادية عيناها ، والدها يغير مجري حديثهما ببرود بل يجعلها تستفز من ذكري حارسها لتخرج عن سيطرتها ، عضت على نواجذها وقالت بحدة طفيفة


- بابا اعتقد ان انا كبرت .. جيهان مش بتخلي يكون فيه ضخم يحرسها


هز رأسه وقال بلا مبالاة


- خايف عليكي


طرقات علي باب غرفة المكتب ليظهر رأس ماهر من خلفها وهو يقول بمرح 


- اخدت عفو الباشا


اشاح معتصم بوجهه للجهة الاخرى ، بالطبع سيكون موجودًا .. تبقى فقط ذو الخصلات الملونة ويحصارونه ليستسلم في النهاية ... استمع الى نبرة ابنه الجادة يقول 


- بابا احب اعرفك بمارية


صاح معتصم بجفاء 


- مضيفة طيران سابقًا .. مش شي جديد


اجفلت مارية وشعرت بالحرج مما قاله والد ماهر ، كادت ان تفلت يدها من قبضة ماهر إلا أنه نظر إليها نظرة ذات مغزى ، شهقت من نبرة حماها الحانقة


- بقي انتي اللي تعبتي قلب الجحش ده


ترددت مارية وهي تجلي حلقها ، تنظر الي عيون شادية اللامعة وهي تحثها على الرد ، لوهلة لا تدري ماذا تقول له 


ما خطر علي بالها قالته فورًا دون ان تنتبه لعواقب ما قالته


- انا .. صدقني .. غبية ماهر هو الحياة بالنسبالي


هز معتصم رأسه وهو ينظر الي ملامح المرأة الشقراء ، لا يصدق أن تلك من أطاحت بصواب ابنه البكر ، تمتم برضى


- كويس انك اعترفتي


احتقن وجنتي مارية من الحرج ، لتقترب شادية هامسة اسمه 


- بابا


زجرها بشدة ثم قال بلا مبالاة


- الله هو انا اتكلمت وقولت حاجه .. هي اللي اعترفت 


مسدت مارية عنقها بتوتر ... اللعنة لم تتوقع أن يصدمها حماها بتلك العبارات المحرجة ، عضت على شفتها السفلى قائلة


- يا استاذ معتصم


جحظ عينا معتصم وضاح بنبرة ساخرة لابنه


- ما تشوف خطيبتك بتقولي استاذ


نظرت إلي ماهر الذي ينظر بشقاوة إليهما ، هل يلعب معها ؟ أم إختبار مجنون ؟ .. عضت على باطن خدها وهمست 


- تحب انادي حضرتك بـ ايه


تدخلت شادية منهية النقاش الشيق الذي يستمتع به والدها لتقول بابتسامة باردة


- حلوة اونكل .... حلوة اونكل مش كدا


ابدي معتصم موافقته وهو ينظر بجمود نحو مارية التي شحب وجهها ..حسنًا يكفيها هكذا ، سيتابع على هذا النهج كي يأخذ بثأر ابنه الغارق في حبها ، ازدردت ريق مارية وهي تعبث بخصلات شعرها بتوتر


- اونكل معتصم ، علي قد ما عذبت ماهر الا اني هبذل قصاري جهدي انه ميندمش


حسنًا الكلام يسهل قوله .. هكذا هتف معتصم سرًا ، وضع معتصم كفيه في جيب بنطاله وقال 


- وانت يا كابتن ناوي تشتغل فين .. هنا ولا ترجع امريكا ؟


هز ماهر رأسه قائلا


- هرجع امريكا للاسف لان ده افضل للكل .. كل اجازة هننزل نيجي هنا


ابتسامة باردة عملية وزعها عليهما ليقول 


- مجهزين كل حاجه .. كويس


احتدت عينا معتصم وهو ينظر الي كنته ليقول بحدة


- اوعي تخلي ابني يعتاد على الغربة .. صدقيني مش هسيبك


زاغت عينا مارية بضياع وهي تنظر إلي ماهر الذي ابتسم بلطف نحوها ، اللعنة ماهر لا يوجد به اي صفة مشتركة من والده .. أجلت شادية حلقها وهي تبتسم بلطف


- اعتقد ان الغدا جهز


..........


الاجواء هنا أقل حدة في غرفة المكتب ، مالت مارية نحو اذن ماهر هامسة 


- اونكل معتصم للاسف مفيهوش نفس تصرفاتك


هز ماهر رأسه وهو يبتسم بلطف للجميع ، وخصوصا نحو النظرات الحارقة التي يبعثها لمارية ، هز ماهر  رأسه نحو شادية التي قلبت عيناها بملل شديد وامتنعت عن الكلام بل اشاحت بوجهها عنه كليًا... 


شتمها بين شفتيه وهو يجيب علي مارية قائلاً


- جيجي البركة فيها جمعت كل صفاته


ضيق عيناه وهو ينظر نحو مارية باهتمام .. سألها بصراحة شديدة .. سؤال من كلمة واحدة 


- شمس ؟


بللت طرف شفتها السفلى و اجابت بهدوء


- هنبدل انا ونضال .. لذلك هكون حريصة على حياة شمس ومن اللي جاي .. سواء علاقتنا مع بعض او بيها


أومأ متفهمًا .. حياتهما القادمة لن تكون سهلة للغاية ، هو يعلم وهي تعلم ذلك ايضًا .. لذا يجب عليه الاستعداد لجميع المشاكل التي سيواجهها في المستقبل ، سألها بهدوء


- كلمتي آسيا


تنهدت مارية وهي تترك المعلقة بجوار الطبق ، لا تعلم ما الذي تخطط له شقيقتها .. صمتها يحيرها ويجعلها تخشى ان كانت تخطط لعمل كارثة بجميع المقاييس ، قالت بجمود


- قالت إنها مشغولة .. بس هتقابلنا في المطار لما نسافر


حتى الان لم يخبرها ماهر عن مخططه العظيم الذي فعله في ليلة خطبته ، كادت ان تسأله إلا ان صياح جيهان جذب انتباهها


- الأمريكية هنا .. يا مرحبا


ابتسمت مارية بلطف شديد قائلة بخجل


- اهلا جيجي ... مبسوطة انى اتعرفت عليكى .. وياريت اي مواقف سابقة مخجلة ننساها


جلست جيهان على المقعد المجاور لشادية ، لتقول بمشاكسة 


- ده انا بموووت في الفضيحة


انفجر ماهر ضاحكًا وهو يهز رأسه بيأس علي عقل شقيقته ، لا يعلم ان وجه ملاك مثلها يخبيء مفاجأت اسفله … مالت شادية نحو جيهان هامسة


- ملونتيش شعرك يعني


هزت جيهان رأسها لتهمس بتبرم


- أصل واحد حيوان قالي خليه كده .. الصراحة كنت ناوية اغيره بس قولت واهتم برأي حيوان ليه ، كل ده علشان ميمي حبيبي


نطقت باخر جملتها بصوت عالي جاذبة انتباه ماهر ليتغضن ملامح ماهر للضيق ما ان سمع اسم تدليله … صاح محذرًا بنبرة اجشه


- جيهاااان


تلاعبت بحاجبيها وهي تغمز بخبث 


- كل سيديهاتك يابا عندي


نظر ماهر إلى والده الذي يكاد يتحكم في ابتسامته ليصيح بحنق


- الهيئة الجميلة دي مخبية ماسورة مجاري


ابتسامة واسعة زينت ثغرها وهي ترفع كلا كفيها صائحة 


- الله يعزك


صاح معتصم موبخًا وهو يعلم ان استمرت جيهان في استفزاز ماهر سيتحول الغرفة الى ساحة معركة


- جيهان


عبست ملامح جيهان لتهمس بتبرم


- سكت خلاص


وجهت نظراتها نحو شادية التي تأكل بصمت لتهمس 


- فيه فيديو ليكي نشرته على حسابي .. اه عملتلك حساب وقرب يوصل لنص مليون ، مبروك للنجاح مقدما


عقدت شادية جبينها لتقول بتساؤل


- فيديو ايه ؟


حركت جيهان كلا كتفيها قائلة بخبث


- فيديو بتاع الشالية


تركت شادية المعلقة على طبق حساءها ، استقامت من مجلسها وهي تصيح بجنون


- يا بنت الـ 


جرت جيهان من مقعدها وهي تتسابق الريح لتلتهم الدرج التهاما وصوت شادية الحانق يصيح خلفها قائلا


- والله ما هسيبك 


ابتسمت مارية وهي تستمع الي اصوات شجار الشقيقتان ، حسنًا يبدو أنها ستحظى على بعض المتعة مع شقيقتي خطيبها .


*****


ايام لا تنسي تعيشها بين ذراعي القرصان


رغم كل شيء هو قرصانها 


تقلباته المزاجية .. بعصبيته ... ورزانته ، يبقى قرصانها


حياتها معه يسير علي ما يرام ، بدأ كلا منهما يكشف مكنونات الآخر .. بل يخبر اهتماماته للاخر


يداه تعبث بخصلات شعرها التي اصبحت تستطيل يومًا عن الاخر .. قررت دفن جميع ذكريات الماضي وأول شيء ستعيد تطويل خصلات شعرها لطوله الطبيعي ، تنهدت وهي تلتقط انفاسًا بعد حديث طويل لتهمس 


- بس قررت ادخل مدرسة لتعليم الرقص البالية بعدين غيرتها لرقص كلاسيكي .. ودايما كان خالي مساعدني .. خالي كان هو عيلتي الوحيدة رغم كل شيء وبنات خالي اخواتي بالضبط


ابتسم وقاص بحزن .. لا يعلم كيف تحملت تلك المرأة بعد موت والديها ، كانت تنفجر بالبكاء الحرفي حينما كانت تتحدث عنهما بحب .. لولا اصابة والدتها بالمرض الخبيث ورحيلها ثم حزن والدها ليلحقها هو الآخر بعد موتها بأسبوع ، وبسبب عدم وجود قريب لها سوي خالها الذي ضمها لكنفه ، مرر بأنامله على خصلات شعرها بتوق ..


يشعر بالكمال بجوارها


شيء ناعم يدغدغ أوصاله


واشياء لا يعلم كيف يصفها بل كيف يعطي حقها


لكن يكفي أن السفينة تسير بهدوء 


قابل عيناها اللامعة .. بها التخمة من المشاعر ، همست بعذوبة


- مش عايزة اقولك ان المدرسة اخدت سمعة حلوة في نيويورك وقررت أكبر الصالة واوسعها ليشمل اجهزة رياضية لكن في الاخر سبت كل ده وجيت عندك


قرص وجنتها بخفة لتتاوه بخفة وهو يقول


- اخترتي هنا دونا عن البقية


عضت على شفتها السفلى  قائلة


- متسألنيش اخترتك ليه .. معرفش ، مكنتش ناوية انزل مصر .. لكن يبدو انه القدر هو اللي جمعنا .. خلاني اقابل اروع راجل في حياتي


استقامت وهي تلف ذراعيها حول عنقه لتتابع هامسة


- اوعي تشك في نفسك يا قرصاني .. انت عندك سحر تخلي اقوى ست متقدرش تقاوم سحرك


مال مقبلا جبينها بعمق لتغمض فريال جفنيها زافرة بحرارة ، أقل فعل منها يجعلها تذوب به حبًا .. ابتسم وقاص بمحبة


- زي الساحرة الشريرة اللي قررت تدى لعنة لقرصان السفينة


اتسعت عيناها وصاحت باعتراض


- انا اصبتك بلعنة ؟


هز رأسه موافقًا


- لعنة الحب


حسنًا حان الوقت لتخبره ، بللت طرف شفتها السفلى قائلة


- قررت اطول شعري واشيل العلامات اللي  في جسمي


بدا علي وقاص علامة التفاجئ ، استرسلت فريال وهي تمرر أناملها على راحة يده بحنان


- الماضي لازم يترمى علشان نقدر نركز على مستقبلنا مش كدا ؟


هز وقاص رأسه موافقًا


- كدا


ابتسمت فريال بتألق وهي تدفن وجهها في عنقه قائلة


-قررت احرق اي ماضي مؤلم .. مش هسألك عن اي حاجه ، انا هغمض عيني وهمشي وراك


صاح وقاص نافيًا


- لا


جحظت عينا فريال وهي تري عيناه المتأججة بغضب ، جز وقاص على أسنانه قائلاً 


- عينك تبقى مفتوحة وانتي ماشية جنبي .. محتاجلك اووي يا فريال


أومأت برأسها قائلة


- معاك يا حبيبي .. عارفة المسؤولية الكبيرة اللي شايلها .. هحاول بكل طاقتي انك تجتمع بأسرتك


احتضنها وقاص بقوة وهو يقتبس منها بضعًا من القوة .. يحتاج قوة فريال كي يلم شمل تلك العائلة ، رغمًا عن انف الجميع سيأتي ذلك الجاحد ... غمغم بصوت أجش


- رهف لسه بردو مستخبية ؟


تمتمت بنبرة ناعمة 


- نديها فرصتها يا وقاص .. نستحمل شوية


حتى الان لم يسامح نفسه على ما حدث لها ، صاح بلهجة خشنة


- انا خايف ليحصلها حاجه


حزنت فريال وهي تعلم ذلك الذنب الذي سيظل حاملا اياه حول عنقه ، تمتمت بنبرة ناعمة


- مش انت واثق فيها 


هز رأسه قائلا


- ايوا لكن


قاطعته وهي تضع اصبعها على شفتيه قائلة


- بس . .. متقلقش ، مسألة وقت وهتفوق نهائيا


هذا ما يتمناه حقًا .. زفر بحرارة قائلا


- اتمنى 


قبلة دافئة وضعت علي جبينه لينظر نحو فريال التي تبتسم في وجهه بتألق ، جذبها من يديها لتضحك بمرح حينما قبل وجنتها بعمق وهو يضمها الي عناق حار خطف أنفاس ساحرته .


******


اغلق سراج باب الشقة بعنف شديد ، لا يصدق حتى الآن أنها هاتفته .. تلك النبرة المغناجة ليس معتاد عليها اطلاقا 


صاح مناديًا اسمها وهو يبحث عنها في غرفة النوم 


- أسرار


صوت شهقات مكتومة هو كل ما تلقاه .. خفق قلبه بعنف وهو يراها تبكي بحرقة ... هرول نحوها وهو يسحبها الي ذراعيه ليهمس بصوت معذب 


- يا ربي .. حبيبتي مالك بس 


لفت اسرار ذراعيها حول خصر سراج ، كم تود اصمات ذلك الصراخ من عقلها ، انه مثل البقية .. سيجرحك ، تريد اصماته بشتي الطرق وكلمات نضال تجلدها بلا أدنى رحمة


شعرت بقبلاته التي توزع علي سائر انحاء وجهها وما ان هم ان يلتقط شفتيها همست بتعب


- سراج .. انا مهمة قد ايه عندك


احتضن وجهها بكفيه وهو يزيل دموعها المؤلمة لقلبه ... اقترب هامسًا بصوت أجش


- انتي روح سراج 


انين قلبها يزداد قوة ووجع ، لا تريد أن تشعر ما اختبرته سابقًا .. ستموت ، همست بعذاب


- مش عايزة اندم


هز رأسه وهو يغمغم بنبرة صادقة استشفتها منه


- مش هتندمي اطلاقا


يعلم أن ما يفعل لاسرار الكثير .. بل الكثير والكثير وهو يضغط عليها ، لكن هذا أفضل له ولها 


لا يعلم كيف يطمئن قلبها العاصي .. بكل طريقة عاطفية يخبرها كم هي مهمة في حياته ، يبذل مجهودًا معها وهي تفعل ، يكفي محاولاتها أن تواكب الحياة البسيطة التي ينشدها 


همس بحرارة وهو يقبل ارنبة انفها 


- أسرار .. ايا كان اللي اتعودتي عليه زمان .. حاولي تتأقلمي معايا .. لما جربت الجواز وفشلت حسيت اني مش هلاقي ست تقدر تتحمل حياتي ، ساعات بتمني اني كنت اشوفك قبل كدا بكتير .. بس اكيد لكل شيء سبب


لم ترد عليه .. همس بنبرة قلقة


- مضايقة اني بسيبك لوحدك ؟ 


هزت رأسها نافية وهي تمسح دموعها التي تهبط بغزارة دون ادني تحكم منها ، صاح بنبرة اجشة


- انا مش عايزك غير تاخدي راحتك خالص يا اسرار .. من حقك تاخدي راحة بسيطة لحياتك .. انتي تعبتي يا اسرار


تنهدت اسرار بحرارة وهي تتأمل عينا زوجها الشغوفة ، تابع هامسًا بنبرة ناعمة 


- ومن ناحية غيرتي .. مش عايزك توصليها ان انا بحطمك يا اسرار .. لا انا عايزك بقوتك .. بجمودك معايا واحنا بنواجه الحياة .. بس الا في حبك ده عمري ما هشوفك فيه جمودك


ابتسم بلطف وهو يقبل عنقها هامسًا


- تعالي نتعشي انا جعت


كادت أن تسير معه الا انه حملها على ذراعيه ، دفنت وجهها في ذراعه العضلي لتتشبث به بقوة وهي لا تتوقع أن يأتي بتلك السرعة .. كانت في إحدى نوبات بكائها اليومية لكن يبدو أن قاد برعونة كي يصل الي هنا في وقت قياسي ، اجلسها علي المقعد وعيناه تتجه نحو البراد ، صاحت معترضة


- بردو فول


غمز بمشاكسة 


- بطنك وجعتك تاني ولا ايه ؟


هزت رأسها بنفي ثم قالت بهدوء


- لا بس اعملي الشكشوكة حلوة من ايدك


اقترب سراج منها رغمًا عنه قبل  شفتيها بعمق لتلف يديها حول عنقه وهي تبادله بشغف أكبر ، ابتعد لاهثا بحرارة


- انتي تطلبي عينيا


كادت ان تستقيم وهي تعرض المساعدة


- اجي اساعدك


عض شحمة اذنها وهو يثبتها على المقعد قائلاً


- لا أخاف على نفسي وانتي زي القمر


ابتسمت اسرار ثم صاحت بنبرة شقية


- كلامنجي 


عقد سراج حاجبيه ليقترب قائلا بنبرة ذات مغزى


- تحبي اثبتلك


صاحت معترضة


- جعانة


كان تراه يعمل برشاقة وهدوء .. تقطعيه للخضار يثير اعجابها وهي تطلب تلك الوجبة تحديدًا لأنها تحب فقط ان تراه يطبخ طعامًا لها ، نوع من التدليل لم تحصل عليه قط .. وهو يغرقها في الدلال حتى الفساد 


لم تنبه لحديثه أكثر ما هي منتبه إلى بنية ذراعيه التي تضم جسدها برقة .. لم يقسو يوما عليها .. ماذا تريد أكثر هي ؟!!


انتبهت على وضع الطبق أمامها ، سحب كرسي بجوارها وهو يطعمها الطعام بيديه ، تتخضب وجنتيها وهي في كل مرة ترى لعق سراج انامله التي تطعمها ، تجلي حلقها حينما صاح فجأة


- اسألك سؤال


نظرت اليه باهتمام لتراه يهمس 


- اتجوزتيني ليه ؟ .. هل لاني كنت مجرد حب .. ام للانتقام من نفسك وانتي بتقولي انك متأثرتش بيا لحد لما تبعدي


جف حلقها وهي تري عيناه التي تراقب كل حركة وكل انش في وجهها ، همست بصلابة


- الثاني .. سراج انت اول امنية اتمنتها في مراهقتي ولما ما اتحققتش .. عملت حزن طفولي بائس مش اكتر ، مخلتش الحزن يتحكم فيا ولا حبك يتملكني .. اهتميت بحاجات كتير.. زواجي كان لازم احافظ عليه لاني عمري ما خسرت في اللي دخلته


جز سراج علي اسنانه ... لا يحب ان يتحدث عن الماضي ، لا يحب ان يتذكر انها كانت يوما ما زوجه اخيه الراحل ، كل ما يتذكر يرغب ان يهدم الدنيا بما حولها ، لأن اسرار له فقط .. ذلك القلب العاصي يملكه هو فقط 


استمع الي ثرثرتها الهادئة 


- افتكرت بمجرد جوازنا اني اقدر اكمل عادي ... اقدر اعدي عليك ... اتقوي وانا كنت لاقيه نفور منك في بداية الامر ، تفاجأت انك بتطالب بحياة طبيعية واحنا بعاد عن المسمي ده .. اصرارك وعزيمتك لشيء .. للوصول اليا بطريقة فضولية كان بيخليني اقفل علي نفسي اكتر .. مش عايزة اكون مجرد لعبة حبها طفل ووقت ما يلاقي لعبة جذبت انتباهه يسيبها ... بس معرفش حصل ازاي .. معرفش ضعفت ازاي واختارت الهروب


لن يكذب هذا كان دافعه قبل زواجه منها ، صاح وهو يضم قبضة يده بقوة


- ممكن اكون اخطأت التعبير ... اسرار انتي كنتي اكبر كمية لغز في حياتي


سخرت ببرود


- وبعد ما حليته .. باقي عليه


ضرب على طاولة الطعام بقوة اجفلتها وهو يقيم من مقعده صائحًا بعنف


- آخر مرة اسمعك تقولي فيها الكلام ده .. مش عايز خوف منك اطمني .. انا لما اخترتك زوجة كان علي اقتناع لاني بردو مستحيل اكرر نفس غلطة المرة اللي فاتت


اقترب منها وهو يقول بنبرة حانقة


- قوليها بصراحة كلامه مأثر فيكي


يعتمد الإشارة نحو نضال بصيغة الغائب دائما ، لم تعقب علي حديثه حينما قال بنبرة غامضة


- عن امي ؟


سؤال وإجابة .. طرحها ثم أجاب عليها ببرود شديد 


- ليكي حق مقدرش اعاتبك .. لكن اسرار اي اللي بتعمليه حاليا معايا توقفيه من فضلك


هي لم تستمع أنه يقصد عنه هو .. بل توقعت انه يعاتبها عما فعلته بها ، هي لم تفعل شيء اطلاقا ،هي فقط إظهار وجهها الحقيقي للجميع .. برقت عيناها بشراسة شديدة وهي تصيح في وجهه بأنفعال هادر


- انت اكيد اتجننت ... انت شايفني للدرجة دي وضيعة زي ما هي كانت شيفاني


اقتربت منه تضربه على صدره تصيح بحدة


- امك هي اللي عملت لنفسها كده .. انا معملتش حاجه .. ولا بتبلا عليها ، هي اختارت السكة دي تيجي تلومني انا ليه


اكفهرت ملامح وجهه وهو ينظر الى عيناها بجمود تام ، تغاضي عن انفجارها وثورتها المتفاقمة ليقترب قائلا بسخرية


- قصدي علي مساعدتك في مشروع ورشتي ..  الاقي زبون قديم من المؤسسة اهتم فجأة بالعربيات وعايز يدخل يشاركني في مشروعي مخصوص ، غريب مش كدا 


رمشت أهدابها عدة مرات تحاول استيعاب ما قاله ، أدركت حماقتها بعد فوات الأوان ، لم يبدي على وجهها أي تأثير لتغمغم بجمود


- معملتش حاجه 


كاد ان يغادر من المطبخ إلا أنها سألته ببرود


- لو لقيتها جات علي باب البيت وقالتلك هعيش هنا لاني بعت البيت


التفت اليها وقال


- للاسف ده المكان الوحيد المحظور انها تجيله ... مش مغفل انا علشان اقرب البنزين من النار


عقدت ساعديها على صدرها وسألت ببرود


- لو أصرت تعيش هنا


هل ما زالت حتى الآن لا تعلم تفكير والدته .. ام ان خوفها جعلها وغلق جميع وسائل الإدراك والتفكير ، اقترب منها وهو يضم وجهها بين راحتي يده


- اسرار متحمليش فوق طاقتك .. شيراز هانم عمرها ما هتعيش في بيت ضيق بالنسبالها لو هتموت هتقرر تموت في قصرها اللي مليان تحف وانتيكات بمبالغ ضخمة


كادت ان تقاطعه إلا أنه صاح بنبرة جامدة 


- للاسف قالت كدا ... حتى لو افلست مش هتتحرك من القصر هتموت فيه ، واضح ان جو البيت مأثر عليكي لو حبيتي تنزلى الشغل معنديش مانع .. انا راجع الشغل خلي بالك من نفسك


لثم جبينها ببعض من البرود وهو يستدير راحلا .. اغمضت اسرار جفنيها وهي تلعن انفلات لسانها ، انه متألم من اجل والدته رغم افعالها إلا انه يحاول العدل بينهما .. ربما الآن ندم مجيئه إلى هنا .. شتمت بعنف وهي تدب بقدميها تفكر بالذهاب الي موطن راحتها الان. 


******


خرجت من شرفتها وهي تنظر الي اضاءات الانارة في الحديقة ، وضعت الهاتف على اذنها وهي لا تصدق انه يهاتفها ، همست بخفوت 


- انت مجنون 


ارتخى نزار علي مقعده وهو يقول بجنون


-مجنون فيكي يارهف 


عضت علي طرف شفتها السفلى بخجل ، احتقن وجنتيها من الخجل وهي لا تعلم ماذا تقول ؟! .. سألته بصوت خافت


-اخدت رقم تليفوني من مين 


دعك نزار مؤخره عنقه وقال 


-للاسف من شادية ...عرفت انه غرضي شريف 


استقام من مقعده وهو يفرد ذراعيه يجدد النشاط في جسده الخامل ليصيح بنبرة حادة


-ليش ماعم تطلعي من البيت 


رفرفت بأهدابها وهي تتمسك بالحاجز .. همست بلا مبالاة


-انا من النوع المحب القعدة في البيت 


بالطبع .. تنال غرفتها الشرف بوجودها وهو ... فليحترق علي اشتياقه لها ، سألها بنبرة رخيمة


-عم تنزلي عالمطبخ 


نفت قائلة


-لا بقالى فترة منزلتش 


لا تود إخباره أنها تزداد سوءا وفعل كوارث في المطبخ حتي طردتها الطباخة بأدب من مطبخها !! ، شهقت بخجل حينما استمعت إلى نبرة متسلية منه


-رح تعشقيه صدقيني يارهف


تساءلت بقلق


-المطبخ ؟


اجابها موافقًا وهو يتخيل مكان وجودها في مطبخ منزلهما 


-اكيد ...ماما مارح تترك لتخليكي تطبخي كل الاصناف 


أدارت بجسدها لتستند على الحاجز ، لا تصدق انه يورطها ، لقد تحدث مع والدته وهي فلتحترق في الجحيم برفضها 


صاحت بتعجب


-هي تقبلت عادي 


انقلبت معالم وجهه الوسيمة للغضب ، جز علي اسنانه وهو يصرخ هادرًا


-الماضي هاد بيني وبينك بس .... استرجي اعرف انك حكيتيه لمخلوء يخلأ "شخص  غيري "


اغتاظت بشدة من غضبه ، هي لم تعطي موافقة وهو مُصر على استكمال خطة زيجتهما ، والان يغضب ويصرخ في وجهها .. تحمد الله ان الهاتف تمسكت به جيدًا كي لاينكسر علي الأرض ، غمغمت بحنق


-بدات تحكمات يا استاذ نزار 


صاح بثقة 


-رح تعشقي كل شي فيني 


ثم تابع بهمس خافت


-وكل بهارات المطبخ 


لا تعلم لما عقلها يقحمها الى دهاليز مريبة ، لكنها اشاحت تفكيرها وقالت بنبرة بريئة


-مهووس اكل يعني 


ومعانيه لا تمت للبراءة بصلة ، أبتسم نزار وهو يوبخ نفسه على ما يفعله ... ربااه انه يتصرف كمراهق غر ساذج واحيانا كرجل وقح ، تمتم بنبرة اجشة


-متل ما انا مهووس فيكي 


نبضة هاربة جعلتها تصمت للحظات قبل أن تصيح فجأة في الهاتف


-ايوا جاية ...فريال بتنادي ،هضطر اعمل بلوك ولو حاولت من كذا خط هبلكه ...محتاجة ابقى وحدي


أكدت على اخر ثلاث كلمات قبل اغلاق المكالمة ، نظر نزار الي هاتفه لثواني ، حسنًا سنرى من سيفوز في لعبة المطاردة في النهاية .


*******


ضحكت فرح وهي تستمع الي تعليقات مارية حول عائلة خطيبها ، لا تملك هي سوي الدعاء كي تأتي سعادة ولو بسيطة الى قلبها ... شعرت بالحنين وهي تري شمس المتألقة اليوم للتنزه مع والدتها ، لا تعلم كيف اصبحت هي ومارية مجنونتان كي تصبحان صديقتين ، تحاول إيجاد بعض الحقد .. أو الغيرة لكن لا تجد سوى الشفقة فقط .. ازدادت ضحكاتها رقة وهي تقبل وجنتي شمس لتقول


- لا شمس كويسة وبتبوسك


صمت للحظات وهي تستمع الى ثرثرة مارية لتعيد الانفجار في الضحك علي موقف حماها ، تمتمت بنعومة


- متتأخريش يا عروسة ... هي علي نار مستنياكي


ودعتها بترحاب لتقول قبل اغلاق المكالمة


- رني عليا .. هنزلك 


دارت على عقبيها وكادت ان تسقط مفزوعة الا ان يدي نضال امسكتها بخشونة جاذبة إياها نحوه ، سقطت بالمعني الحرفي بين ذراعيه ، رفعت عينيها نحو عينيه الغاضبتين وهي تتعجب مزاجه العكر .. زفرت بحرارة هامسة


- خضتني


ابتسم نضال ببرود شديد ، صاح بحزم


- من امتي انتي وهي اصحاب


مطت شفتيها صامته لثواني قبل ان ترد بجفاء 


- بقالي فترة مش بعد المدة


خطوة واحدة ابتعدت عنه ... ليقربها منه بخطوتين ، لهثت وهي تشعر بأنفاسه الحارقة التي تسلع بشرتها ، لوي ذراعها للخلف وهو يشدد قبضته عليها بقوة


تمتم بنبرة مرعبة 


- فرح


ارتجفت حرفيًا من مكانها ، يبدو أن الثور رأي رقعة حمراء ، أو البركان الخامل بدأ في ثورانه ، صاح بحدة


- بلاش الملاوعة 


تمتمت بنفاذ صبر وهي بمحاولات فاشلة تهرب من حصاره الذي شيده


- رايحة انزل معاها نجيب شوية حاجات للفرح


صاح بنبرة ساخرة


- هي اتخطبت .. بجد ابهرتني


ابتسمت بهدوء قائلة


- كل واحد بيتابع حياته ويقابل اللي احسن من اللي قبله


ازدادت ملامحه شراسة وهو يكاد يحطم عظامها ليقترب منها هامسًا بحدة 


- ده فيه اشارة للتفكير في المستقبل مش كدا


آهة مؤلمة انفلتت من شفتيها ، كسي وجهها معالم الألم لما يفعله من اذي نفسي وجسدي ، تمتمت بضعف 


- الحياة مش بتقف عند اشخاص يا نضال


هز رأسه نافيًا


- بتقف يا فرح بتقف


هطلت دمعة فارة وهي تنظر الى عيناه الغاضبة ، همست بألم


- ولو كان الشخص ده بيأذينا اكتر ما يداوينا


تمتم بحدة 


- مفيش حب من غير انك تتحرقي منه .. قولتلك مشاعر زي دي مش معترف بيها


يهرب


الأحمق يهرب منها


صححت جملته العريضة تلك وقالت


- بتضعفك مش كدا


كلا لا تضعف 


ان الحب الذي يتغنى به جميع العاشقين ، مرض .. سم قاتل


صحح كلمتها وقال 


- بتعريكِ يا فرح 


هزت رأسها نافية لتقترب منه قائلة 


- الحب بيقوي مش بيضعف يا نضال ، شوف كذا نموذج قدامك .. شوف قد ايه هما مبسوطين انهم جنب بعض رغم مشاكلهم .. اللي بيواجه لواحده بيخسر


فك حصار قبضته لتزفر براحة وقد تبدلت ملامحها المتشنجة لأخرى ساكنة .. هادئة ، ولكي تزيد الوضع عنده سوءا


هتفت بها 


- انا بحبك .. انا اقوي منك وبعترفلك اهو 


اجفل نضال للحظة وهو ينظر نحوها بتمعن


صادقة .. يائسة .. بل عيناها تلمعان بوهج مريب 


سمع همستها الضعيفة


- وانت مش ناوي تقولها


هز رأسه بدون معني ، اقتربت منه وهي تحيط وجه بكفيها .. نظرت اليه بجمود قبل أن تهمس بنبرة يائسة


- غرت عليا .. حسيت بحرقة في صدرك 


انتظرت طويلا و الإجابة لم تحصل عليها ... لا في شفتيه ولا في عيناه .. رن هاتفها في تلك اللحظة ليقاطع الصمت الخانق .. رفضت المكالمة ثم وضعت هاتفها في الحقيبة ، وضعت شمس في عربتها وسارت بها متوجهه خارج الشقة ، تمتمت فرح بجمود


- انا نازلة


فتحت باب الشقة وهي عازمة على عدم إجراء حوار معه ، ستتوقف حقًا عن الحديث معه لفترة من الزمن كي تعيد أفكارها ، تعيد حساباتها جيدًا ثم ستفكر في حياتها معه .. أتستمر أم ترحل كما فعلت الباقيات بل ووجدن حياة وحب من رجل آخر .. ربما ليست سعادتها هنا مع ذلك الرجل ، قبل أن تغلق باب الشقة استمعت إلى نبرته الجامدة 


- ايوا غرت يا فرح 

             الفصل الثامن والعشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>