رواية في قبضة الامبراطور الفصل الثانى والعشرون22والثالث والعشرون23بقلم ميار عبد الله


 في قبضة الإمبراطور

الفصل الثاني والعشرون

............


لم تكن مخيرة في حياتها


كل شخص اقتحم حياتها أخذ يُشكل حياتها كيفما يهوي


وكانها تعطيه الإشارة ليفعل


رغما عنها فعلت ... كل من دخل يعدل حدث .. يغير حدث .. يأخذ قرارا بالنيابة عنها .


لكن تلك هي مشكلتها ، هي من سمحت لهم.. لم تقدر على ردعهم.


حتى النطفة التي تمنتها لم تدافع عنه بقوة ، تهمس كل ليلة وهي تربت علي بطنها المسطحة انه رغما عنها ، رغما عنها قيدوها ونزعوا روح طفلها ..المشكلة ليست في مهيب او ألفت او شيراز أو ضياء .. المشكلة تكمن في نفسها المقهورة .


دمعت عينيها بغزارة وهي تكتب على ورق التي تشارك اسرارها ..


" عاد الحب الاول يطرق باب الفؤاد .. يطرق باب مفتوحا له منذ أن وقعت عيناي عليه ، لكن من أنا ... مجرد امرأة معطوبة لا تصلح للحياة من جديد .. رغم مساوئ حياته إلا أنه قادر على النهوض مجددا .. ألقي الكثير من الكلمات المشجعة لنضال وانا في امس الحاجة لمن يشدد من أزري ، أنا الضعيفة في تلك المعادلة وعالجت جروحي بواجهة باردة امام الجميع واخر الليل ابكي بدون صوت "


مسحت دموعها بكف يدها وهي ترى دموعها الحارة سقطت في بئر اسرارها ، عضت شفتها السفلى وهي تلمس بطنها لتحضر ورقة أخرى وهي تكتب بقهر


" سراج .. كيف أخبرك أنك الوحيد الذي تمنيته في وقت مراهقتي ، كيف فعلتها وأنت لم ترفع عينيك الماكرين الي قبلا ؟ .. ليلة زواجنا كنت ابذل مجهودا خرافيا كي لا اسقط مغشي علي .. انت خطر .. خطر جدا علي "


ابتسمت بسخرية وهي تتذكر حينما تذكرت عن اعلانه للحب .. لتتابع الكتابة


" وحينما اعترفت اردتني ان اصدق ، بالله كيف تتوقع مني ان اصدقك واصدق أذناي التي كانت متعطشة لسماعها حينما كنت صبية ، أتعلم لو حطت عيناي علي عيناك يومها وتجاهلتني كنت سأكرهك .. لكنك طعتني بالتجاهل لذلك ثأرت بطفولية بالعابك المجنونة التي مارستها علي في فترة زواجنا القصيرة "


تنهدت بقلة حيلة وهي تراقب شقتها الصغيرة التي تعتبر سر صغير من ضمن أسرارها ، منذ زواجها بضياء علمت كم هو سطحي و يهتم بالمظاهر البراقة مثل أمه ... كانت تخبره دائما عن رغبتها في امتلاك بيت صغير دافئ يحمل حبا ووقوده يكون الدفء الأسري ، لكن سخر منها بقسوة واخبرها انها تحب الروايات التي تذهب بعقول النساء .


عذرته فشخص مثله يحب العيش في القصور وملابسه من احدث الماركات العالمية ، لذلك أخذت رحلة قصيرة الى الاسكندرية وبحثت عن سمسار يعرض شقق للبيع في أماكن شعبية ، ابتسمت بحنين شديد وهي تتذكر الشقة الصغيرة التي ما ان اشترتها لتتفاجئ بجيران العقار الذين يقدمون تهاني حارة وفضول النساء لمعرفتها خصوصا انها بمفردها ، لم تجد بدا سوى ان تقول زوجها مسافر في بلاد الخليج وتركها تهتم بأمر الشقة لحين عودته من السفر .


بالطبع كان يوجد القيل والقال لكنها لم تهتم وهي تتعرف على سكان الحي وأصحاب المتاجر البسيطة وهي دائمة التواجد عند رجل البقالة والخضار ، استقبالهم الدافيء لأمراة زوجها مسافر الخليج جعلها تضع داخل دائرة الأمان ضد أي متحرش او مختل يتهجم عليها .


عاشت اسبوعا معهم ، جددت به نشاطها ودفع باب الأمل لها لمحاولة مراضاة حماتها ، لكنها تستمر بالرفض لذلك توقفت عن الاهتمام بها وسعت الاهتمام نحو زوجها الذي لاحظت أنه يهتم بها ... لكن كيف تتركها شيراز ؟ّ!


بداية من حملها وطفلها الذي قتلته بيدها ...ثم الصور والتلفيق الكاذب ومسايرة ضياء لأمه ، وقتها تركتهما وعادت إلى الحي الشعبي استقبلها صاحب البقالة وهو مرتعب من مظهرها الشاحب ...نطقتها بكل قوة ... نطقت للجميع ان زوجها مات .


لقد مات ... قطع اخر خيط امل بتصديقه لأمه انها امرأة غانية ..فاسقة ، استقبلت بعدها بيومين حادث ضياء وفعلت ما يتوجب على الزوجة فعله .. دعمته وهي تري الندم مرتسم على ملامحه .. كان يحتفظ بحياته حتى يسامحها ...وفعلت .. ليرحل بسلام .


رنين جرس الباب أخرجها من شرودها ، عبثت بخصلات شعرها السوداء وهي تستقيم من مقعدها متجهة نحو الباب زاعمة أن من بالباب إحدى الجارات الفضوليات ، تنهدت بقلة حيلة يكفي الشهر الذي قضته بالاحتفالات بمناسبة عودة الارملة الغائبة وتساؤلاتهم عن حياتها ، بل وصل الأمر لعروض الزواج .


فتحت الباب وهي علي وشك ان تزين ابتسامة صفراء لتلك المرأة التي لا تنفك عن تقديم عروض الزواج لها ...سكنت معالم وجهها وجحظت عيناها الي الضيف الذي لم تتوقع رؤيته .. لم تتوقع رؤيته أبدا .. همست ببهوت  


- وقاص


ابتسم وقاص بغموض وهو ينظر الي ملامح اسرار الشاحبة ، جسدها نحف كثيرا عن آخر مرة رآها فيها منذ زواجها الثاني بابن الحسيني ، غمغم ساخرا ... انها رابع ضحية .. صاح بلهجة ساخرة


- انتي كمان مكنتيش متخيلة اني هعرف اوصلك


لم تتوقع وجوده .. بل لم تتوقع ابدا ان يأتي خصيصا لأجلها ، أفسحت المجال لدخوله وقالت بترحاب 


- لا ابدا اتفضل


تقدم وقاص للداخل وهو يتأمل أثاثات البيت البسيط ، جلس على احدى المقاعد وهو يراها تدخل إلى المطبخ انتظر لعدة دقائق حتى عادت إليه حاملة بصينية بها كوبين من القهوة والماء ، شكرها بهدوء وهو يرتشف القهوة بتلذذ ... غمغم متسائلا 


- تعرفي المكان ده من فين


صاحت ببساطة وهي تحاول أن تقرأ تفكيره ... وتحاول معرفة سبب مجيئه 


- وقت الاجازة كنت مهووسة اني ادخل حارات .. بشوف الدفا الحقيقي ما بين الناس 


حك طرف ذقنه وقال بتساؤل


- لقيتيه


ابتسمت بنعومة قائلة


- لقيته ومبسوطة اني هنا


هز راسه وهو يضع الكوب علي المنضدة الصغيرة ، اسند ذراعيه علي فخذيه وشبك اصابعه قائلا 


- انتي وسراج واحد


ازدردت ريقها بتوتر وهي تراقب عيناه التي تتصيد كل حركة ورد فعل منها ، اجلت حلقها وصاحت بصوت هاديء


- انت قابلته


يعلم التساؤلات الكثيرة التي في عقلها ، و أولهما لماذا اتي ؟


اتي لأنه رغب في إعادة شمل العائلة 


ولما الان؟


لانني لا استطيع ان اخطو خطوة بدونكم


بهذه البساطة؟


دعي الماضي ..لأنه سيجرحنا


انهي حوار العيون وهو يبتسم بهدوء .. صاح بلهجة صارمة


- مش بندي بنت الغانم لاي حد بدون ما نعرفه .. الغلط مش بنكرره مرتين يا اسرار


الصدمة التي قرأتها في عيناه شوشتها وافقدت تركيزها ، امعقول يأتي مادا يد مساعدة ؟


يجعلها قريبة منه وتستحوذ على اهتمام توسلته من غريب ؟!


ترقرقت عيناها بالدموع وهي تسمعه يقول بهدوء بارد


- متفاجئة بوجودي مش كدا .. فاكراني نضال ؟ ولا حبيب القلب


ضحكت بابتسامة باردة ... وهي تزيح دموعها المنهمرة ، ارتجف جسدها وهي تفكر به 


هل سيقتلها أن رآها ؟! .. تعلم أنه يقرأ الرسائل التي تبعثها له اسبوعيا .. لكن هي خائفة


منه وعليه ، همست بمرارة شديدة ، حتى هو اللاهي عنها لاحظ


- حتي انت عارف


ابتسم بهدوء شديد وقال بنبرة ذات مغزى


- عينكي كانت مفضوحة لابن الحسيني


بكت بمرارة شديدة ، احتقن وجهها وهي تبكي بقهر 


- وهو مشافنيش ليه


اجفل وقاص من بكائها الهستيري .. انتفض واقفا وهو يقترب منها جالسا بالقرب منها ، امسك يديها وضمهما بحزم لينظر الى عيناها الذابلتين قائلا


- سراج مكنش هيقرب من بنت الاصول ويلعب معاها لمدة يومين ويرميها زي اي جهاز انتهي صلاحيته ، مكنش بيقرب الا من اللي بتتصنع العذرية او اللي بتعلن في الجهر انها مش بنت


الطبقة الزائفة ، سبب عذابها ... لم تخجل من البكاء أمامه ؟


وقاص رجل دافيء ، رأت حنانه وقوته مع من يهتم بهم ، هي بالطبع لم تنال هذا الشرف ، كان يكتفي بقبلات علي الجبين ويلقي نفسه بين احضان الصغيرة رهف ... لكن تلك القبلات لم تكن باردة


كانت حنونه مثله ، كانت الوقود لها لاستمرارها في الحياة لكن حينما سافر انقطع انبثاقة املها.


غمغمت بصوت متحشرج وهي تحاول ان تسيطر على مشاعرها التي تلفت بدون فائدة


- بردو مدايق من الطبقة دي يا وقاص


زاد من ضم يديه علي يداها ... يحاول أن يمد بكل طريقة انه هنا .. ان تستطيع ان تلجأ اليه ، هو اخطأ لكن لن يعيد تكرار ما فعله والده ووالدته مرة اخرى .. صاح بصوت جامد


- مين قالك ان كلنا مرتاحين يا اسرار .. الناس بتحسدك علي نعمة انت مش حاسس بيها  وانت نفسك بتحسدهم على دفا عيلتهم .. الإنسان بطبعه مش راضي اللي مكتوبله


مسح دموعها وهو يربت علي خدها بلطف ، تشبه رهف ..صغيرته ، حاول ان يتجاهل احساس الذنب الآن وهو يرى عيونها التي تنظر اليه باهتمام ، نظر إلى كوب القهوة وقال


- تسلم ايدك


غمغمت بصوت غير مفهوم ثم صاحت بهدوء وهي تغير دفة الحديث


- اخبار عصفورة الغانم ايه


كتم تأوه شديد حينما شعر بالذنب يخترق مسامات جسده ، ظن هو انها بوجود نضال الذي كان يحوم حولها أفضل من وجوده .. كان يستشعر بوجوده الغير مرحب بسبب نظرات نضال التي كانت تخبره علانية "اهتم بشقيقتك ودع من يهتم بي لوحدي " ، يا الهي كم هو مخطئ .. كلاهما كان يحتاجنه ، أغمض جفنيه ورد بهدوء


- وقعت مصيدة جديدة


شهقت اسرار بفزع وهي توليه جميع اهتمامها ، سألت بقلق شديد


- مين


ابتسم وقاص وهو يفكر اعتراف رهف عن ذلك الطباخ السوري ، غمغم بصوت هاديء


- مصيدة شوام


نظر اليها بصرامة شديدة جعلتها تتخشب للحظة قبل أن تعود لهدوئها ، صاح بنبرة جامدة


- ارجعي ... بنت الغانم عمرها ما تستخبي من حد 


اجلت حلقها وهي تمسد عنقها بكف يدها قائلة


- وقاص دي فترة مؤقتة


اقترب منها قائلا 


- اسرار الغانم دايما بتقف قدام الدوامة مش كدا ؟


يمدها بالقوة والصلابة التي تمنتها ، لا تعلم اي سحر يمتلكه وقاص عليها ..بل على النساء بأكملها ، ابتسمت بنعومة قائلة


- كدا 


ثم همست بصوت خافت


- بحب علاقتك برهف اووي


غمغم بصلابة شديدة


- قوتنا مع بعض 


اجلي حلقه وهو يقول بجدية


- جمعي لبسك يلا .. ورانا مشوار للعاصمة 


هزت رأسها نافية 


- مش حاليا .. كام يوم وهنزل


قاطعها باعتراض


- لكن


همست بهدوء


- كده افضل ... مقدرش امشي من غير ما أدى خبر لاهل الحتة


يعلم انها عنيدة ولن ترضخ له ، تنهد بحرارة 


- هسيبلك عربية تحت تتكفل بخدماتك


اوصلته حتى باب الشقة وفتحتها وحينما كان علي وشك المغادرة أوقفته بصوت ممتن


- شكرا


التفت اليها وقال


- مفيش شكر بين العيلة


اغرورقت دموعها وهي تغلق باب الشقة لتستند عليه بظهرها ، من يظن ان انه يعود طالبا شمل العائلة المفككة ؟ !


******


لمن قرأ مسرحية شكسبير العالمية ..هاملت العظيمة


سؤال طرحته كثيرا لما كان هامليت دائما شخص متردد .. ليس صاحب قرار حازم


يحاول دائما أن يضع اسبابا كي لا يقتل عمه الحقير الذي خطط بدناءة قتل والده وتزوج والدته ليتولى حكم الدنمارك .


لا تعلم هل قرأتها مرة ام مرتين لكي تعلم مبررات هامليت السخيفة من توقفه للأخذ بالثأر لقاتل والده ، الجاني يتصرف بطبيعه وحرية أمامه وداخله يعطي مبررات وأعذار واهية !!


تتسألون ما دخل هذا بي او بالرواية نفسها ؟!


هذه هنا ... اسرار الغانم التي ترونها صلبة ... باردة المشاعر .. كتلة غامضة تسير بقدمين ، دائما كنت أضع للجميع مبررات ، وترددت كثيرا بالأخذ بثأري ...لكنني فعلتها بالنهاية.


ها انا اقف علي ساحة معركة القتال بعد تدمير جيوش العدو .. اسير بتفاخر نحو المملكة المنهزمة ، ابتسمت اسرار بسخرية وهي تراقب القصر الذي ضمها لسنوات منذ زواجها بضياء


رأت شيراز المقبلة عليها وامارات الشر مرتسمة على وجهها الممتلئ بالتجاعيد .. بالطبع لم تعد تمتلك رفاهية للسفر وحقن وجهها لأكبر خبراء التجميل في العالم ، غمغمت شيراز بحنق  


- هو انتي .. لا فيكي الخير يا مرات ابني


لولا مجيئ وقاص ما كانت ستكون هنا ، عقدت ساعديها على صدرها وهي تغمغم ببرود


- ايه رأيك في لعبتي حلوة مش كده  .. التلميذ قدر يتفوق على استاذه


نظرت اليها شيراز بحقد ... حتى الان لم تعتبرها كنة لعائلتها العريقة ، مجرد لا شيء هنا .. صاحت شيراز بحقد


- لعبتيها صح يا اسرار .. لعبتيها صح وفضلتي كل يوم تخططيلها كويس توقعي ابني وشركتي


ابتسمت اسرار وهي تغمز بمكر


- انتي ليه مش مقتنعة انها كانت هتبقي ليا في لمح البصر .. بس للاسف ضميري صحي شوية وقال كفاية عليها لحد كده


كظمت شيراز .. لا تصدق تلك عديمة الاخلاق اتت الي هنا بعد هروبها من سراج ، ابتسمت بسخرية قائلة


- الشركة هترجع تتبني من تاني


وكأن الشركة ستعود تثبت أقدامها بعد شهر !! ، غمغمت اسرار ببرود


- ظهرتي علي وشك الحقيقي يا شيراز هانم .. قابليني دلوقتي جمعية خيرية ايه دي اللي هتخليكي تبقي عضوة فيها مش منتخبة للرئاسة


كظمت شيراز حنقها ، كيف علمت تلك الحقيرة من طردها لجمعيتها الخيرية ، صاحت بحدة


- اسراااار


عبثت في خصلات شعرها قائلة


- مش جاية اشمت .. مجرد درس صغير يا شيراز هانم أن الأدوار تتبدل والصغير هو اللي يبقي كبير


جالت بعينيها نحو ارجاء القصر ثم عادت تنظر إليها لتقول 


- راجعي نفسك .. اللي خسرتيه مش هين ، بلاش غرور وترفعي مناخيرك للسما وانتي مش بايدك لا سلطة ولا جاه


رأت الشرر المرتسم في عيناها ، لتصعد ابتسامة متهكمة 


- تشاوو يا حماتي العزيزة .. لقائنا ممكن يبقي علي كفنك أو كفني 


*******


قبل مجيئها نحو شقة سراج لم تجد بدا سوى أن تفتح هاتفها وتلقيه في أقرب قمامة لتنطلق نحو الشقة ، تعلم ان سيراج يبحث عنها وينتظر اي اشارة منها .. لذلك ستنتهز فرصة خروجه من المنزل وتتفقد الشقة ، تتأكد أنه يقرأ الرسالة كما يستلمها ثم ستعود بعد فترة لتواجهه .


أجلت حلقها وهي تنظر الى شريط اختبار الحمل الذي اجرته هذا الصباح بعد مقابلتها مع حماتها ، شهقت بألم وهي تبكي بحرقة ... جفت دموعها وهي تستقل المصعد الى الطابق المنشود .


تدمي شفتها السفلى بأسنانها وهي تراقب تصاعد الرقم في الشاشة الرقمية حتي وصل الي طابقها ، خرجت منه وهي تتوجه نحو الشقة وما ان همت باخراج بمفتاح الشقة ...شهقت بفزع ما أن رأته امامها .


كانت تتأمله مليا ..انفرجت فاها وقد جذبتها عيونه الحارقة ما ان صاح اسمها بعدم تصديق ، ضمت اناملها بقوة علي اختبار الحمل ، وهي تحاول أن تتجلد


تتجلد بالصبر .. بالبرود كما نجحت في فعلها معه دائما ، هطلت دموعها وهي تراه يراقبها ببهوت كما فعلت .. منذ متي لم تقترب ماكينة الحلاقة نحو شاربه وشعره .. قطعت الصمت المريب وهي ترفع شريط الحمل هامسة بسخرية


- مش حامل


كان هو في عالم آخر ... يلتهم تفاصيل عيناها التي كسرت برودهما .. عيناه هبطت نحو جسدها الذي نحل بدرجة مرعبة ، هل عزفت عن تناول الطعام طوال تلك الأسابيع المرهقة لذهنه .. راقب ملابسها المهلهلة لترتفع عيناه نحو عيناها التي تنظر اليه بعاطفة اربكته.


لا يصدق انها امامه حية .. كل وعيد طار في مهب الرياح ما أن رآها أمامه ..سليمة .. تنظر الى عيناه بطريقة زعزعت به أرض قاحلة ، احتقنت عيناه بشرر شيطاني ما أن رأى شريط حمل أمام عينيه ... عقد حاجبيه وهو يستوعب تلك الصاعقة التي حلت عليه ، قدمت إلى هنا لأنها لم تشتاق اليه .. قدمت إلى هنا لتخبره ان تلك الليلة لم ينتج منها حمل .. لم ينتج حمل ؟!


تلك المخادعة ، جذبها بقوة من ذراعها لتشهق بألم ما ارتطم ظهرها بالحائط وحينما همت بالخروج من ذلك الاسر ارجعها بذراعه بخشونة المت جسدها ... وضع كلا ذراعيه علي الحائط ، صاح بنبرة مرعبة


- الليلة دي عشان تحملي مني مش كدا


فكرت بأنانية .. فكرت بها ، لكن غريزة الام اسكت اي ضمير حي في جسدها ، همست بنبرة قلقة وهي تري الشرر المتطاير في عيناه ... جسده المتحفز للانقضاض عليها


- سراج انا


قاطعها بنبرة هادرة وهو يضم يديه ليضرب علي الحائط بجوارها افزع جسدها  


- اخرسي .. مش عايز اسمع صوتك 


المخادعة .. اللصة ، تمنعت عن تناول تلك الحبوب دون علمه بل وجعلت تلك الليلة في محاولة بائسة للحمل ثم تهرب بطفلها الى مكان الله يعلم إلى أين ؟ .. قبض على عنقها وهو يتنفس بهدر ليغمغم بخشونة


- انتي عارفة انا كنت هعمل ايه فيكي  بس لما اشوفك


اين قوتها ؟ .. اين جمودها ؟ ... لا شيء من هذا ، لا تستطيع ان تقف امام وحش كاسر وهو يحاول أن يزهق روحها ، ازدردت ريقها وهي تهمس بألم


- كان عندي امل الشهر ده يكون معايا طفل اقدر اربيه 


ما زالت تتحدث عن نفسها تلك الجاحدة ، تحسس بانامله عرقها النابض الذي ينبض بعنف ، عيناها التي تنظر اليه بتوسل شديد غريب عليها ... رباااه اين تلك الجافئة الباردة ، يرغبها حتي يقتلها بدم بارد ..ليست تلك التي تنظر اليه بعاطفة محرقة وجسدها الذي يرتجف بشدة من اقل لمسة منه ، غمغم بحدة


- وتمشي وميكنش عندي خبر مش كدا .. ناوية كنتي تقوليلي امتي ..  لما يكون عنده سنة ولا خمسة ولا وقت ما يبقى شاب


قاطعته هامسة بألم وهي تلمس بيدها على ذراعه


- سراج ... انا


نزع يدها عنه بقوة وأحكمت أنامله لأزهاق روحها ، صاح بنبرة مخيفة


- اتوعدت اني أموتك بايديا


شهقت بقوة وهي تشعر بأنامله تضغط على عرقها النابض .. تحول وجهها للحمرة وهي تشعر بالاختناق ، همست اسمه 


- سراج 


اغمض جفنيه وهو يسبها بقوة قبل ان يتركها ... زفر بحنق وهو يمرر يده علي شاربه الذي لم يقترب منه اي ماكينة حلاقة منذ هروبها ، القي شتيمة نابية قبل ان ينظر اليها بطرف عينه قائلا


- بكل بجاحة تجيلي البيت تقوليلي انك مش حامل .. جاية علشان احاول مرة تانية وتهربي شهر و تقوليلي نتيجة الليلة مش كدا


ارتمت على الأرض وجسدها انهك من تلك المواجهة التي لم تستعد لها ، مثل ضربة غادرة من ممكلة منافسة للاستيلاء على ارضها ، تستمع الي صوته الغاضب وهي تمسد عنقها بهدوء ، ارتعد جسدها بقوة من صوته الجهوري 


- ساكتة ليه .. ما تنطقي


ماذا تقول ؟ ... كلامها نفذ .. لاتعلم ماذا تقول وما يود سماعه ، فكلا الحالتين سيصرخ في وجهها ، استقامت بوهن وهي تضغط علي شفتيها تنظر اليه بقلق .. تخشي نوبة جنون اخري منه ان اقتربت ولمست جسده .. همست بهدوء


- سراج


نظر نحوها بجنون ليقترب منها ممسكا ذراعيها بعنف ، رفعت رأسها لتقابل عيناه المشتعلة بجنون لتنظر الي شفتيه التي صاحت مزمجرة


- بتحبيني وانتي عندك كام سنة


عادت النظر الى عيناه ، هل قرأ رسائلها ؟ .. دمعت عينيها بضعف وهي تشعر باناملها التي تلمس عنقها بتروي .. وذراع حاوطت خصرها بقوة مانعة اياها من الفرار ، عقدت جبينها وهي تهمس باستنكار


- سراج


هذا ما تستطيع ان تقوله ... تنطق اسمه بغنج لم يعتاده منها اطلاقا ...غنج يليق بها .. يليق بملكة الجليد التي اضحت نارية ، مسح دموعها التي تهبط الي وجنتيها الشاحبة ... هي الاخري تعذبت بفرارها السخيف ، اقترب مستنشقا انفاسها ... يسلبها بقوة منها وليس لها حق الاعتراض ، همس بخشونة


- بكل جحود سبتيني ومشيتي .. بكل جحود يا اسرار


تعلم ان اجابتها ستخرج وحشه ، او اضافة الزيت في النار 


- كان افضل حل


امسك شعرها بقسوة وهو تقترب من وجهه ومسافة لا تقدر تفصل بينهما ... راقبت عيناه وهي تتوقع حركة مجنونه منه في اي وقت .. صاح بسخرية


- افضل حل .. افضل حل .. انتي مصدقة نفسك ، خوفتي اتصرف زيه مش كدا


تمتمت بنبرة خاوية


- خوفت من نفسي .. خفت اقع زي ما وقعت قبل كده


نزع يده من شعرها ليقترب منها ، لمس وجنتيها بشغف شديد جعل عيناها تتأثر من لمسته ، اسدلت اهدابها وهي تسمعه يسأل بجمود


- موتي قلبك؟


اجابت بنبرة خاوية


- موته .. كان لازم ادوس علي كل شيء .. مش ذنبه انه ياخد واحدة عانت من مراهقة ساذجة من اخوه .. ونجحت ف كدا ..عرفت اطلعك من جوايا لاني مش عايزة احس بالخيانة 


بكل صبر يمتلكه يحاول ان لا يقتلها ... يحاول ان يتجاهل ماقالته بفشل ، ان تزوجها وعلم ان هناك اخر في قلبها لن يتردد ان ينزع قلبها بيديه العارتين .. هويريد امرأة بكل ما فيها له .. لن تسمح لاحد ان يلمسها بعد مماته ، يتساءل كيف لم يلاحظها ؟


وان لاحظها فستكون مجرد مراهقة منجذبة إليه بمشاعر مراهقة وانجذاب لحظي .. وهذا لم يكن يبحث عنه .. يبحث عن علاقة ابدية لم يجدها في اي امرأة سواها هي .. زفر بنفاذ صبر


- الصبر يا رب


همست بصوت خاوي


- الصور مبعتهاش 


هل كانت تدافع عن نفسها منذ القاء التهمة عليها ، هل توسلت لاخيه الراحل لتصديقها ؟ ..تدافع عن نفسها لدرجة بائسة !!


سيعمل علي نزع كل ما يتعلق بضياء .. يجب عليهما ان يتخطاه حتي يستطيعا العيش بهدوء ، صاح بنبرة لاذعة


- مش محتاج منك انك تبرري


عضت اسرار علي شفتها السفلي وهي تكاد تكتم شهقتها .. كيف يريدها ان تصمت .. هي ظلت لاعوام تحاول ان تنفي تهم حماتها وافترائها ... اعوام تحاول الدفاع عن نفسها ويأتي هو يصمتها من اول دفاع !!.


تمتمت بنبرة باردة 


- جيت علشان ...


بترت عبارتها حينما دارت بها الدنيا رأسا علي عقب ، انه رجل كهف .. تقسم على ذلك .. تلك ليست تصرفات رجل متحضر ليحمل امرأة على كتفه .. صاح بنبرة غاضبة وهو يتوجه بها نحو غرفة النوم


-  جيتلي برجلك يا أسرار الغانم 


اغلق باب الغرفة بساقه وهو يسير بضع خطوات ليلقيها على الفراش بعنف ، تأوهت بألم وهي تمسك ظهرها لتسمع الي نبرتها الحادة


- مش هسيبك انتي عارفة كدا 


دمدمت بنبرة ساخطة


- انت مجرد ...


قاطعها بجفاء


- شهواني .. عارف ومعترف بكده


انتظرت خطوته التي تعلمها ، ان ينزع ملابسه ويجري معها حوار اخر يصمت لسانها ويشل علقها ويذوب جسدها .. إلا أنه ما زال يقف أمامها بجبروت ليصيح بنبرة باردة


- محبوسة لمدة شهر مش هتشوفي نور الشمس غير من الاوضة 


" طبعا عارفة انتوا كان نفسكم في ايه 😂😂 ، بس معلش العقاب اللي بيحطم العظام ده مش دلوقتي 😈" 


اتسعت عيناها بذهول وهي تنتفض من مجلسها قائلة متجاهلة الم ظهرها


- سراج بطل جنان


ابتسم بدون معنى وهو يقول


- لسه معبي للجزء ده الفترة الجاية .. مش هسامحك علي اليوم ده يا بنت الغانم ، حسيتي انك انتصرتي وانا بعترفلك بحبي


زفرت بعمق وهي ترد بهدوء


- اتوجعت .. كنت مجرد تحدي بالنسبة ليك يا سراج


صاح بعنف


- كنتي ... بس كل شيء اتغير .. اسرار اللي اصدرت عليها حكم من سمع حد غير اللي شوفتها وعاشرتها


هزت رأسها نافية .. تمتمت بألم


- هنتعب بعض يا سراج


اكتفي بالقاء نظرة زاجرة ثم توجه نحو الباب خارجا .. صفق الباب خلفه بعنف ، تنهدت اسرار وهي تستمع الي صوت توصيد الباب ، توجهت نحو الفراش وهي تلقي جسدها عليه ، مرغب انفها في وسادته باشتياق شديد .. تحاول ان تخرس تهليل قلبها الذي يكاد يقفز فرحا وهي تشم رائحته الرجولية ، اغمضت جفنيها وهي تغوص في سبات عميق لترتسم ابتسامة ناعمة علي ثغرها وهي تسحب الوسادة لاحضانها ، تستطيع الان ان تعبر عن مشاعرها دون خوف من احد .


****


- مالك


صاح بها نضال وهو يراقب شاشة التلفاز باهتمام ، يحاول اخفاء ابتسامة شقية وهو يراها تحاول جذب انتباهه وهي ترتب الغرفة وتصدر اصوات مرتفعة وضجيج من حولها ، تعجبه تلك القطة التي تخربش علي باب شقة سيدها بعزيمة كي يفتح لها الباب 


كادت فرح ان تزفر راحة ما ان تخلي عن بروده لتصيح بجفاء


- مالي ؟ ... ما انا كويسة شايفني بشد في شعري مثلا


صاح نضال بحدة


- فرح


زمت فرح شفتيها وهي ترى تلك النظرة المخيفة في عيناه ، وددت أن تلكم وجهه .. كم ترغب في لكم وجهه الوسيم ذلك ، غمغم بصوت جامد


- سألتك سؤال وردي عليه


اقتربت منه وهي تصيح بحنق


- مضايقة ومخنوقة .. ايه رايك ؟


تألقت حدقتيه الذهبيتين ليهمس بوقاحة


- عايزة تتخنقي بسببي ولا تتخنقي بحاجة تانية


اتسعت عيناها دهشة ، هل يمازحها الان ... تود ان يقرصها احد الان ..هل يتعامل مع امر زواجهم تلك المرة بطبيعية وسلاسة ام انها تخشي ان يكون هناك هدفا من بساطته في الحديث معها ، غمغمت بسخط


- بتهزر يا نضال


هز رأسه وقال بهدوء


- ومهزرش ليه


نظر الي عيناها الدافئتين ليقترب قائلا  


- حد من عيلتك اتصلوا بيكي


ابتسمت بسخرية وقالت


- ما انا رجعتلك ... يعني مصدر الفلوس موجود هيقلقوا ليه وانا مراتك


لم يعقب علي حديثها ، اقتربت منه وهي تصيح في وجهه 


- مش عارفة هتتحتفظ ببرودك لحد امتي


نظر الى عيناها قبل أن يغمغم ببرود


- لحد لما تبطلي تمردك يا فرح


زادت عيناها شراسة شديدة وهي تهتف بحدة


- تمرد !! .. كل اللي حصل وتقول تمرد


تعجبه فرح الجديدة ، السابقة كانت عملية باردة معه لكن تلك الجديدة تثيره اكثر .. صاح بسخرية 


- مش انتي اللي روحتي للمكان القذر ده برجلك عشان اجيبك


اندفعت قائلة بحدة


- ما ده مكاني يا نضال .. اي نعم انت جبتني من مطعم ... بس كان اصلي انك تجبني من شقة دعارة زي دي


عقد جبينه وقال بنبرة جامدة


- امشي من وشي علشان مرتكبش جريمة


سابقا كانت تخشى من ان ترى وجهه الآخر .. لكن اليوم كلا ، منذ ان عادت الى هنا حاملة اسمه سيتغير كل شيء ، صاحت بشجاعة


- اعملها ودلوقتي


غمغم بحدة


- فرح لآخر مرة بقولك امشي من وشي


لم ترمش بجفنها وهي تعقد ذراعيها على صدرها قائلة


- ولو ممشتش ... ايه هتعمل فيا ؟ هتضربني ؟ ولا تغتصبني


اغلق التلفاز بجهاز التحكم ليستقيم واقفا قائلا بجفاء


- لا سايبلك البيت وماشي


ارتفعت حاجبها بدهشة ، منذ متي هما زوجان طبيعيان ؟!


كأن تلك مشاجرة طبيعية بين زوجين ، رأته يسحب سترته متجها نحو باب الشقة كما قال ، دبت علي الارض بحنق وهي تصيح صارخة


- مش هسيبك يا نضال الا لما اعرفك ... مش هسيبك


ابتسم نضال وهو يغلق باب الشقة خلفه متمتما 


- جميل  


********


عضت على شفتها السفلى بتوتر وهي تحشي ردة فعل وقاص ، تعلم أنها أخفت الكثير عنه من عملها مع ذلك الشامي .. لكن ماذا تخبره وهي نفسها لا تعلم ما الذي يحدث معها


بدايه من مجيئه المفاجيء للمشفي .. بل وحين ذهابها الي المطعم لمقابلة هنادي .. تتفاجيء بوجوده ، زفرت بقلة حيلة وهي تقر أنها تأتي لتراه ، تريد ان تضع اسمًا لما يحدث لها ، مسدت عنقها وهي تسترجع أحداث اخر مرة ذهبت الي مطعمه ...


كانت تنتظر هنادي لإنهائها من العمل .. تفاجئت بمن يطل عليها قائلا بصوت حانق


- تقدري تقوليلي بتستفادي ايه 


عبست رهف وهي تري ملامح بيسان الغاضبة  ، صاحت بعدم فهم


- فيه ايه


ضربت بيسان بيدها علي الطاولة وهي تصيح في وجهها هادرة


- تاخدي حاجه مش بتاعتك 


راقبت بيسان عينا رهف الباردة لتقترب منها هامسة بحدة


- كل اللي في المطبخ عارفين انه هيبقي خطيبي وجوزي وانتي بكل بجاحة مكملة وعايزة تخطفيه مني


انتصبت رهف واقفة وهي تهدر في وجهها بقوة 


- انتي مجنونة .. انتي عارفة انا مين


كل تلك الخصال التي اكتسبتها بداية من القوة ، برودة الاعصاب ، الجمود ، الحدة ، الشراسة .. صفات اكتسبتها من بنات عائلة السويسري وبنت عائلة الشواف .


جزت بيسان على اسنانها لتصيح بسخط


- وهي بقي طبقتكم الراقية عادي بتخطف رجالة غيرها


اتسعت عينا رهف بدهشة لتزمجر بغضب 


- انتي اكيد اتجننتي 


رمقتها بيسان باستهزاء ، لتهز كتفيها بلا مبالاة قائلة


- اتجننت .. واضح انك مش حاسة اللي بتعمليه


صمتت للحظات وهي تري شحوب وجه رهف لتسترسل بجفاء


- وعموما الف سلامة عليكي .. زيارتك كترت هنا واللسان مبيرحمش


سقطت رهف علي المقعد وهي تشيعها حتي اختفت خلف باب المطبخ ، أغمضت جفنيها وهي تفكر في ما تقوله بيسان


يكفي ان الصحافة توقفت عن الحديث عنها ، ضمت قبضة يدها السليمة لتسقطها على الطاولة بعنف وهي تستقيم من مكانها بحدة .. لا تريد اعادة ما حدث من عامين مرة أخرى هنا في ذلك المكان الجديد ، ليس بعد أن تعلمت السير على أرض صلبة.


- رهف .. مالك


صاح بها محمد حينما ابصرها تهرول خارج المطعم ، اوقفها بجسده الذي كان كحاجز عن خروجها من بوابة المطعم ، قلبت رهف عيناها بلا مبالاة قائلة


- مفيش يا محمد .. كويسة


عبس وجهه وهو يقول 


- عايزاني اعملك حاجه قوليلي لحد لما هنادي تخلص الوردية بتاعتها


نفت رأسها وهي تود ابعاد جسده عن باب المطعم


- لا لا كويسة


زفر محمد وهو يدمدم بسخط


- متبقيش عنيدة كدا 


كادت ان تتوسله ليبعد جسده عن الباب ،تخشب جسدها وهي تشعر بمن يلقي سهام نارية خلف ظهرها ، تقسم انها شعرت بذلك .. أغمضت جفنيها ما ان استمعت الى صوته الجامد 


-محمد روح عشغلك وانتِ تعي لهون


زفر محمد وهو يومئ برأسه مجيبًا مبتعدًا عن الباب متوجهًا نحو المطبخ ، دارت على عقبيها لتراه يشير إليها لملاحقته


تغضنت ملامحها للحنق وهي تري ساقيها تسير نحو غرفة مكتبه ، ما إن أغلق الباب حتى قال بهدوء


-هلا انسة رهف بدك شي 


غمغمت بصوت جامد


-لا مستنية هنادي ...انت عارف اني بستناها هنا زي كل مرة 


-فيكي شي ؟


تفحصت عيناه الراكدتين .. تريد أن تعلم سر اهتمامه بها ، سر زيارته للمشفي وقد قطع طريق سفر لرؤيتها ، أجلت حلقها وهي تقول 


-عارفة ان الموضوع مش من حق ادخل فيه لكن بجد عايزة اعرف 


عقد ذراعيه على صدره وقال 


-شو حابة تعرفي 


صاحت بصراحة دون مماطلة


-انت وبيسان يعني مرتبطين 


شبح ابتسامة زينت ثغره ليقترب منها وهو يقول بصوت رخيم


-بتهمك القصة 


ازدردت ريقها بتوتر وهي تراه يتقدم نحوها بخطوات بطيئة ومدروسة ، أسدلت أهدابها بحرج قائلة 


-علشان اعرف حدودي مع كل شخص واسفة لو يعني ادخلت بطريقة مش لطيفة بينكم 


زفرة حارة من شفتيه ارعد بدنها وهي تسمعه يهمس بصوت خافت


-ارفعي عيونك وتطلعي عليي 


تشعر بحرارة بجسده التي احرقتها ، ارتدت للخلف وهي تقابل عيناه لتهمس بتوتر


-نزار....اقصد 


شهقت بفزع حينما مال بوجهه بالقرب من وجهها ، تأملت خطوط وجهه الوسيمة وتحول عيناه الراكدة الي عينان لامعتين بوهج سلب أنفاسها ، غمغم بنبرة فاقدة السيطرة


-اسمي حلو من بين شفافك 


فغرت فاها وهي ترتد خطوة للخلف ليتقدم نحوها ، تعثرت في خطوتها وهي تهمس ببهوت


-نزار 


امسك بكلتا ذراعيها بقوة وهو يحميها من السقوط ليغمغم بنبرة حادة


-شو عملتي فيني يا بنت الغانم 


ارتعش جسدها من اثر لمسته وهي تري فيض سائل من مشاعر اجشه لم تختبرها مطلقًا .. لم تري عينان بهما مشاعر فياضة الي ذلك الحد .. رفرفرت بأهدابها وهي تسمعه يغمغم بخفوت


-والله لما تكوني معي بتخربط كياني ....شو هالسحر يلي عملتيلي ياه


كان مراقبًا لاتساع حدقتيها الزرقاوان .. بهوت وجهها وتصلب جسدها من اثر لمسته ، نظر الي عيناها التي تتاثر من اثر كلماته وكانت علي وشك همس شيء ما الا ان حدقتيها عادت لطبيعتها وصوتها خرج خافتًا


-لا لا ...ميصحش ..انت مرتبط بغيري مقبلش على نفسي كدا 


جز علي اسنانه غاضبًا ، تلك ما زالت تريد الفرار منه بعد ما فعله ، امسكها بقوة وهو يغرس انامله في ذراعيها ، اشتعلت عيناه ليصيح بحدة


-تعي لهون ..وحاج تهربي وواجهيني 


تأوهت بألم وهي تتملص من ذراعيه بضعف لتهمس 


-نزار


ثبت عيناها الهاربة من عيناه ليصيح بلهجة حادة


-انت حاسة تجاهي نفسي احساسي تجاهك .. ماهيك ؟


هزت رأسها نافية وهي تهمس بغباء


-مش فاهمة 


زمجر بخشونة وهو يرفع ذقنها إليه ليصيح بحدة


-بطليلي هالغباوة هي ....حط عينك بعيني وقليلي حاسة بنفس احساسي تجاهك 


تمتمت بصوت خافت


-انت خاطب 


قست أنامله دون وعي على جلدها ليصيح بلهجة حادة


-رهفففف


تأوهت بضعف وهي تهمس 


-براحة يانزار بتوجعني 


خفت قبضته من عليها ، الا انه لن يسمح لها بالفرار ، نظر الى عيناها .. راغبًا بمعرفة تلك النظرة المكسورة ليقول


-عطيني اجابة واضحة يا اي يا لا 


اسدلت بإهدابها وهي تنكس برأسها ارضا ، إلا انه امسك ذقنها بخشونة لتسقط عيناها علي عينيه القاتمة .. ارتفعت وتيرة انفاسها لتلهث بحدة وهي تراه يدمدم بقوة


-خلص عرفت الاجابة


..............


ضربت علي الحاجز بقوة وهي تلعن ضعفها امامه ، ستسمي خاطفة الرجال في ذلك المجتمع .. رائع ما صنعته ، لا تعلم كيف  لا تتجرأ للحديث امامه .. عيناه تخرسها .. ولسانه يجعلها تقف امامه صاغرة ، شهقت بعنف من صوت فريال 


- سرحانة في ايه


وضعت يديها على صدرها وهي تنظر اليها بعتب قبل ان تجيب بهدوء


- في الدنيا


اقتربت منها قائلة


- خايفة من وقاص ؟


غطت وجهها بكفيها وهي تلتقط انفاسها قبل ان تنظر الى فريال قائلة


- بوصيلي كدا .. انا خايفة .. مش خايفة بس انا مرعوبة


شددت من ازرها وهي تلمس كتفها قائلة


- الماضي فات .. ارميه للبحر بقي وركزي علي حياتك ..محتاجه توسعي نطاق المعرفة بالناس


هزت راسها نافية ، وهي تحاول ان تنسي نظرة عيناه الصارمة بعد بهوتها .. علم اجابتها من عيناها ، همست بإختناق


- مرعوبة


صاحت فريال بقوة


- انتي بنت الغانم يا رهف .. محتاجه تكملي دراستك وتواجهي الناس .. اخزقي عين كل من اللي يقرب منك


رغمًا عنها انفجرت في ضحك خافت لتعبس فريال قائلة


- بتضحكي علي ايه ؟


غمغمت رهف قائلة وهي تهز رأسها بإستسلام


- بقيتي زي جيجي


ثم تابعت بتساؤل


- والله مش عارفة جينات قلة الادب دي موجودة من فين 


اجابت فريال ببساطة 


- مكتسبة


ابتسمت رهف بشحوب وعينا نزار لا تغيب عن بالها اطلاقا ، مضي فترة من اخر مقابلة لهما ومنذ اعترافها نحو وقاص بمشاعرها الغريبة والتي لم تحدد اسمًا لها بعد .. تري ما القادم ؟! 


*******


استقام سراج من مكتبه وهو يقابل والده قائلاً 


- عثمان باشا نور المكتب


صاح عثمان بهدوء 


- حمدلله علي سلامتها 


جلس عثمان على المقعد ليقابله سراج الذي قال بجمود


- والله كتر خيرك يا عثمان بيه


نظر سراج الي والده وهو يعقد حاجبيه ، إن كل تلك الكوارث تحدث واسرار صامته لا تخبر عائلتها بشيء ، ماذا عنه ؟


صاح بجمود وهو يسند ذراعيه علي فخذيه 


- اقدر افهم ايه اللي حصلها من ورايا


تمتم عثمان بلا مبالاة 


- بلاش نفتح  دفاتر قديمة 


احتد عينا سراج وصاح بزمجرة خشنة


- هو فيه حاجه تاني بعد الصور وسقوط الجنين


هز عثمان رأسه نافيًا


- لا مفيش 


يعلم انه كان المتفرج الوحيد لما يحدث ، بل لم يشارك في التصدي لزوجته ، كان بداية الامر مشاكل عادية بين الكنة والحماة ، صاح عثمان بجمود


- شيراز كانت مريضة اهتمام .. ضياء غصب عنه اتشد لمراته وتناسي والدته .. ما هي بردو عروسة جديدة


نطق آخر كلمة بنبرة ذات مغزى ، تجهمت ملامح سراج وهو يكبح وحوشه الشيطانية .. الا يكفي انه تركها محبوسة في جدران غرفة نومها .. لم تمس شيئًا من الطعام الذي اعدته أم سعيد في الصباح واختارت النوم بدلا منه ، يأتي والده يتحدث عن ماضيها وعلاقتها الحميمية مع اخيه ، استمع الي نبرة والده الماكرة


- قولتلك بلاش نفتح دفاتر وانت مصمم


صاح بعنف وهو ينهض من مقعده ، ينتظر الي اتصال ام سعيد لتخبره انها تناولت شيئًا منذ عودتها ليلة أمس ، تلك العنيدة ذات الرأس اليابس المتحجر .. ما إن يعود حتي سيجبرها علي الاكل إجبارًا ، زفر بحدة وهو يسمع الي ابيه يقول


- انت عارف انها مكنتش حابة اسرار وخصوصا انها بنت يتيمة الاب والام ، مش هتقدر تعمل مظاهر وتقول والدها عمل كذا ووالداتها عملت كذا .. الصراحة مكنتش عارف سبب الكره الشديد ده بس رجحته انه شعور الحماة


ازدرد سراج ريقه وهو يقترب من والده قائلا


- عملت تصرف وحش معاها ؟


نفى عثمان قائلاً


- مشهدتش بكدا .. كنت حاسس انها مبسوطة ببداية جوازها.. لحد يوم ما عرفنا بالحمل


دمدم بسخط 


- كنت ساكت ليه


غمغم عثمان ببرود


- افتكرت جنون علشان بتاخد اهتمام ابنها وهتهدي .. مكنتش عارف بموضوع انها تسقط الجنين الا يوم ضياء ما عمل حادثة


لا يصدق انها واجعت كب ذلك بمفردها ، بل صمدت للنهاية دون أن تشتكي لأحد ؟ .. غمغم سراج بسخرية وهو يعلم موقف والده مما حدث


- وسكت 


صاح عثمان بلا مبالاة


- علي اساس شيراز يجي معاها الكلام


جز سراج علي اسنانه وهو يصيح بحدة 


- يالله .. نفس الكلمتين دوول ، هي كانت عايشة مع ناس زيكم ازاي .. كتر خيرها انها مطبعتش بيكم


استقام عثمان من مجلسه وهو يقول بجمود 


- كنت شايفاها مناسبة ليك اكتر من ضياء الله يرحمه ، بس ضياء لما شافها اصر عليها


علي شفا جرف الي السقوط ، ابيضت سلميات اصابعه وهو يكظم غيظه ليسمع صوت عثمان العملي


- ارمي دفاتر الماضي .. مش هتقدر تغير من تصرفات شيراز هي خلاص مفيش منها فايدة .. اهتم بعيلتك وبيها .. هي محتجالك


رمقه سراج ببرود وهو يخرج من غرفة المكتب ، ليسحب مفاتيحه حينما تلقى رسالة من أم سعيد تخبره من كثرة محاولتها الفاشلة في إطعامها ، شتم ببذاءة وهو يتوجه الى زوجته .. تحتاج إلي عقاب .. يقسم انها تحتاج لذلك ليعدل اعوجاجها .


*****


- عايزة تقنعيني انك حبيتي ماهر بالسهولة دي 


نطقت بها فرح وهي تنظر الي مارية التي تسير بجوارها في إحدي المراكز التجارية الضخمة حاملة معها شمس الصغيرة ، زفرت مارية بيأس 


- حتي انتي


صاحت فرح بوضوح شديد وهي تنظر الي احدي المعروضات من خلف الزجاج 


- ما هو مش معقولة اول ما غاب حبتيه .. اكيد حسيتي بشعور الحب و انكرتيها


اعترضت مارية طريقها وقالت بحنق شديد


- انكرتها من بدري .. انتي عارفة اول ما شوفته ف المطار وكان بيتريق عليا اني كلامي نصه انجليش .. غصب عني انجذبت ليه 


عقدت فرح ذراعيها علي صدرها ، لا تعلم مجري صداقتها مع مارية .. لكن صحبتها جيدة وومتعة .. لا تعلم منذ ارتباطها بنضال وكل شيء يخرج عن سيطرتها ، تمتمت بحنق 


- ونضال ؟


ابتسمت مارية وهي تري النبرة الغيورة من انثي لرجلها ، اقتربت منها وهي تهمس بوضوح


- اعجاب لحظي ... مطولش ، المفروض كنت اعرف نهاية العلاقة دي .. بس انا كابرت وكملت


عقدت فرح حاجبيها ، يالهي انها تصادق إمراة كانت من ضمن لائحة زوجها ، ما هذا الجنون ؟!!


هزت رأسها وقالت بعند


- نفسي اصدقك الصراحة


صاحت مارية بهدوء شديد وهي تلاعب شمس الصغيرة ، تعلم ان فرح ملازمة للبيت أكثر من الخروج .. بم تجد سوي ان تقابلها في المركز التجاري لتشتري بعضًا من مستلزماتها ومستلزمات صغيرتها ، لكن ما عكر صفو التسوق وجود رجل ضخم الجثة علي مقربة منهما للحماية 


- ومتصدقيش ليه .. انتي حبيتي نضال مش كدا ، عنيكي بتجري عليه اول حد مش كدا


ابتسمت بحنين وهي تتذكر ملامح ماهر الحبيبة لتهمس 


- انا عنيا بتيجي عليه ، عشت طفولة صعبة يا فرح محدش يقدر يتخيلها .. يكون ليكي عيلة هنا وعمرها ما تسأل عنك 


تابعت فرح بنزق شديد


- او وسطهم وميهتموش غير بمصلحتهم


تنهدت مارية وهي تتابع السير لتقول 


- الحياة قاسية اووي .. بس بتدينا امل لبكرا ، حب جديد .. صداقة قوية .. تكوين اسرة جديدة .  علاقة اخوية قوية ، كل ده يهون علشان ينسيكي مرارة الماضي


صمت قليلاً وهي تتطلع الي ملامح فرح لتهمس 


- نضال بيحبك .. واضح عليه ده ، انا عمري ما شوفته كدا


تمتمت فرح ببرود شديد 


- بيحبني .. مبقتش اصدق 


زمت مارية شفتيها وهي تود ان تفيق تلك المجنونة البائسة ، لا تريدها ان تصل لنفس مرحلتها البائسة وتخسر الجميع من حولها ، صاحت مارية بصرامة شديدة


- اجمدي كدا .. هتتعبي معاه شوية ، بس سابلك الباب مفتوح ليكي انتي ، قربي منه .. حاولي تعرفيه 


تغضن وجهها وهي تمتم بألم 


- ماهر يسيبلي الفرصة .. مش عارفة هقنعه بحبي ازاي ليه


تمتمت بنبرة مختنقة 


- اظن كفاية كدا .. شمس تعبت ، هقابلك بكرا 


وضعت جسد الصغيرة علي يديها واستأذنت مغادرة وهي تسابق الرياح ، تأملتها فرح وهي تختفي بين الحشد لتتابع السير بين الحشود بدون وعي ، شعرت بيد غليظة تمسك ذراعها وحينما همت ان تصرخ قربها المثلم اليه بقوة وهو يحضن خصرها واضعا القماش علي انفها ، جحظت عيناها برعب وهي تنظر الي الحارس الذي غاب عنها بين الحشد الضخم لتخر ساقطة وآخر ما وقع عيناها ، عينا الرجل الغاضبة . 


*****


كان قد انتهي من إجتماعه وخرج جميع الموظفين في الفندق ، فك اول زرين من القميص وهو يشعر بإختناق يجثم انفاسه ، امسك هاتفه وهو يتصل بالحارس الذي أمره علي حراستها وحراسة صغيرته الا ان اتصال الحارس جعله يعقد جبينه يتساؤل ، رد علي اتصاله قائلاً بجفاء


- خير 


تمتم الحارس 


- باشا .. المدام والبنت اتخطفوا


جحظ عينا نضال وهو يهب من مجلسه قائلا بعنف 


- انت اتجننت انت بتقول ايه ؟ .. اقسم بالله ساعتين زمت أن ما لقيتها ليا تصرف معاك ، مش بدفع فلوس لشوية بهايم أنا


اغلق المكابمة بحدة دون أن يستمع الي رد منه ، تصاعد نغمة رسالة في هاتفه من رقم خاص ، ليفتح الرسالة وهو يبصر ان الرسالة صورة فرح الغائبة عن الوعي وشمس الصغيرة النائمة في احضانها ، تأجحت النيران في داخله وهو يري رسالة نصية يقول 


" حبيت تلعب معايا يا نضال الغانم ، بس متنساش ان اللي بيلعب بديله معايا بعرف اجيبه راكع  "


اسود وجهه قتامة وهو يسبه بعنف ويتوعد له ، خبط بقوة على سطح طاولة الاجتماع 


ذلك الخبيث عرف كيف يلعب معه وكيف جعله يأتي اليه راكعًا


- بتلعب معايا بالنار .. ورحمة أمى ما انا سايبك


يتبع ...


في قبضة الإمبراطور

الفصل الثالث والعشرون

.............................

اخشى من النساء ومكرهن


اخشي من المتيمة بعشقك


واخشي مرتين من التي تلفظ مرارا بكرهها لك وكل ذرة في كيانها يصرخ عشقا لك .


سراج الحسيني "" 


الاوراق أصبحت مكشوفة وجميع من في اللعبة ظهروا على حقيقتهم ، ما تبقي الآن هي خطوته التي يعلم أنها غير عادلة للطرفين .. من ناحية هو مع اسرار ويشعر بروحها الثائرة لكن من تواجهها هي والدته ، والدته مليئة بالحقد والكراهية لزوجته .. الأفضل أن يظلا مبتعدين لفترة حتي تستعيد نفسها من أوهامها ، يتمنى أن يحدث ذلك في أقرب وقت !!


ابتسم ساخرا وهو يمرر أنامله على لحيته .. من يخدع ؟ .. يخدع نفسه لأنه عالم ان والدته ولو بعد دهر لن تتغير ..والدته طبعت علي اخيه المرحوم .. لا يملك حلا سوي الدعاء ..هذا ما يملكه وابتعاد اسرار عن محيط شيراز .


دلف الي الشقة الساكنة سوي من رائحة الطعام التي اثارت معدته بشدة ، تقدم الى المطبخ ليرى ام سعيد .. المرأة المناضلة التي وقفت في سوق الرجال بكبرياء تبيع الفول والفلافل والحق يشهد لم يري انها مثل باقي البائعين ما أن يشتهروا يقللو من جودة طعامهم ، القي تحية سريعة لابنتها التي ذات السادسة عشر وتساعدها .. ابتسم نحو المرأة والله يشهد كيف اصرت علي رعاية زوجته وهو في عمله .. تنهد زافرا بحرارة وهو يرى الطعام الذي لم تمسه 


- لسه بردو مصممة متاكلش


هزت ام سعيد راسها نافية وهي تصيح بنبرة متألمة


- حاولت وغلبت معاها


كبح ثائرته وهو يبتسم بامتنان نحوها


- تمام يا ام سعيد .. معلش تعبتك وجيبتك من شغلك 


شهقت مستنكرة وقالت


- هو ده بردو يصح يا ابني ، ده انت في غلاوة ابني سعيد بالضبط ..خيرك مغرقنا ومش عارفة اودى جمايلك فين


ابتسامة دافئة وهو يغمغم بمرح


- ربنا يخليكي لينا يا ام سعيد .. الصراحة من غير اكلك مكنتش هعرف اروح فين 


عدلت من طرحتها عليها ما ان انهت تنظيف الاطباق ، الحق يقال انها المرة التي تدلف إلى شقته كان دائما حارس العقار يأخذ طلبياتها من أسفل العقار وهي تذهب مسرعة مرة أخرى نحو السوق ، امثال سراج في تلك الطبقة قليلة للغاية .. هو لم يتأخر في توظيف ابنها في الورشة الخاصة به ، زجرت ابنتها بعيناها وهي تأمرها بالنهوض لتقوم على مضض وهي تضع كتبها في حقيبتها ، غمغمت بابتسامة هادئة


- استأذن انا بقى .. الأكل في الصينية متسخن


اوصلها حتى باب الشقة وحينما أغلق باب الشقة عبست ملامحه وهو يتوجه نحو غرفة النوم بملامح نارية ، فتح باب الغرفة بقوة ادى إلى صدور شهقة مستنكرة من أسرار التي انتفضت من فراشها مفزوعة .. صاح بحدة وهو يزيح الشرشف عنها


- بلاش شغل العيال ده ، اصحيلي


توقفت عيناه إلى ما ترتديه ، اتسعت عيناه جحوظا وهو يراها ترتدي ثوب أسود من الدانتيل ... اتغويه ؟


عقد جبينه وهو يشيح بعينيه الوقحتين من تأمل جسدها الذي نحف لكنها ما زالت مبهرة .. عينيها الناعستين تنظر اليه بعبوس شديد .. شفتيها المنفرجتين وهي تعبث باناملها في خصلات شعرها .. عيناه خانته وهو يراقب تمللها كقطة صغيرة تموء طالبة التدلل من سيدها ، انحسر ثوبها واظهر ساقيها المهلكتين .. تتحداه أن يلمسهما ويلمس نعومتهما ، زفر حانقا بقهر وهو كاد ان ينفجر في وجهها صائحة ان ترتدي ثوب محتشم ، لكن تلك الأثواب هو من اختارها .. هل دعت أم سعيد تراها هكذا شبه عارية ؟!


- شافتك بالمنظر ده 


صاح بها بغضب جهوري وهو يمسك ذراعيها بخشونة لتتسع عيناها الباردتين سابقا والتي يثير الزوبعة الآن في عالمه لتنفي قاطعه


- لا ابدا ... مدخلتهاش الاوضة وبما ان الاوضة مفيهاش لبس غير ده فاضطريت البسه


كادت أن تسترسل في تبرئة نفسها الا انه قاطعها بخشونة 


- مش بتاكلي ليه ..عايزة تموتي من الجوع 


اجفلت من تغيره للحديث ..يثبت سراج انه دائما مختلف عن زوجها الراحل ، رأت عيناه تتفحص بشدة وتقيس ما تغير بعد شهر من غيابها ، تمتمت بنفي


- مليش نفس


تغيرت لمسه يداه لتصبح هادئة وهي تمرر بحنو على ذراعيها لترتعد اسرار من لمساته الناعمة لتزدرد ريقها بتوتر وهي تسمعه يتمتم بخشونة


- ملكيش نفس .. أسرار


أجابت بصوت هاديء


- نعم


الجم سراج وحشه الهائج في صدره وهو يقرص ذراعيها بقوة لتتأوه بضعف وما تفعله تثير به ما لا يتوقعه الآن .. صاح بعنف


- هتاكلي


هزت رأسها نافية وهمست 


- مليش نفس يا سراج ، مش بقدر احط اكل في بقي 


ابتسم ببرود وهو يقول


- وماله نخليه دلوقتي 


وفجأة حملها كتفه كما يفعل رجل الكهف متوجها نحو المطبخ ، صدقت ما ان قالت عنه همجي وشهواني ... وتشتاق الي لمساته بقوة ، عضت على شفتها السفلى وهي تزجر نفسها بعنف علي ما يمر في عقلها ، أغلقت جفنيها وهي تشعر بالدوار يلف رأسها لتهمس بضعف


- سراج .. بطل جنان


اللعنة علي سراج وعلي اسمه الذي تنطقيه مثيرا بس مشاعر لا اود ان اخوضها الان ، تنهد سراج حانقا وهو يجلسها بعنف على مقعد الطاولة لتتثبث بقميصه بقوة وهي ترفع عيونها الي عيناه التي اجفلتها ، أنه يكاد يمنع نفسه عنها وهي ترى أن عيناه تلتهمها حية ، رفرفت بأهدابها وهي تراه يصيح بحنق


- انا مخبي شياطيني .. استهدي بالله كده واتعدلي معايا


كبحت ابتسامة شقية .. لن يصمد البوهيمي الخاص بها لشهر ، تعيد ما فعلته منذ مجيئه وترتدي تلك الثياب الوحيدة في غرفتهما ولن تشعر بالذنب مرة اخرى .. لن تدفن مشاعرها كما فعلت وتخبره كيف كانت تراه حينما كانت تعاني من حب من طرف واحد.


تناولت لقمة من يده وهي تمضغ الطعام بصعوبة لتشعر بالاختناق وهي تبلع اللقمة بصعوبة لتنظر اليه هامسة بألم


- هو انت عمرك ما شوفتني يا سراج.. كنت شفافة


صب جل اهتمامه عليها وهي ويضم وجهها بكفيه ليهمس بحرارة الهب جسدها


- عيني عمرها ما جت على عينك وبصلتك الا لما بقيتي مراتي


اعترضت بنفي


- ويوم الخطوبة بتاعتي


صاح بلهجة صارمة ، يعترف انه اعجب حينما راها أول مرة في خطوبة اخيه .. لكن لم يهتم بعدها إطلاقا .. مجرد جميلة جذبت انتباهه مثل باقي النساء في الحفل 


- عمر ما عيني هتبص على واحدة ملك حد يا اسرار ، مش للدرجة دي بالصورة المقززة اللي انتي شيفاني


بكت بحرقة وهي تنظر اليه بلوم وعتاب شديد ، همست بحرقة 


- غصب عني .. الليلة دي كانت الفيصل اني اموت قلبي بأيدي 


اهتز جسدها بقوة وهي تنهار في البكاء يجعل سراج وهو يشاهد حالتها المزرية امام عيناه ، ضمها بكل قوة الي ذراعيه وهو يمسح على شعرها مرات عديدة هامسا في اذنها ببضع آيات قرانية هدأت من نوبتها الهستيرية .. هدأ بكائها لتلف ذراعيها حول خصره العضلي لتهمس بضعف


- انا ضعيفة يا سراج .. ضعيفة بجد .. محدش حاسس بيا ، كل اللي نفسي فيه مش بقدر احققه 


استكانت بعد فترة من صوته الاجش في قراءة بعض الايات من الذكر الحكيم ، دفنت وجهها بقوة في صدره .. تلك المرة كطفلة صغيرة باحثة عن دفء ووجدته بين ذراعي ذلك الرجل .


لم يخونها ابدا مشاعرها لتقع في حب ذلك الرجل العابث سابقا ، لكن بعد ان يضيع الحلم ويأتي مرة أخرى طالبا منك الحب ؟


ربااااااه ... زفرت دموع وهي تشعر بأنامله تمرر على خصلات شعرها لتسمعه يهمس


- انا حلمك


تجمد جسدها وهي ترفع عيناها اليه ... يتبلع بقوة وبكل جبروت يهدد حصونها الواهية .. لقد فاز تلك المرة في معركته ،غمغمت بسخرية مريرة


- بس جيت متأخر


صاح بصوت جهوري


- حلمك .. وهفضل كده


نزعت نفسها بقوة عنه .. رباااه لن تضعف مرة اخرى .. تمتمت بنبرة واهية


- لأ .. مش عايزة اعيش نفس العذاب تاني ، سراج مقدرش اجبرك علي شيء انت مش قادر تديه حقه


جذبها بقوة اليه لتسقط علي جسده ، تلعن ضعف جسدها .. يفوقها قوة باضعاف سابقة .. يحملها الان وقتما يريد وهي غير قادرة حتى الاعتراض بصوت او نبرة زاجرة ، صاح بلهجة غاضبة


- قصدك ايه


سيقتلها ان تفوهت بتلك الكلمة الغبية كما تخبره في رسائلها الغبية ، الا يكفي انه حتي الان لا يعلم أين اختبأت كل تلك المدة عنه 


أجلت اسرار حلقها وهي تسدل اهدابها بعيدا عن عينيه المتقدة لتهمس


- انا وشيراز هانم ، صدقني بعدنا ارحم ، يمكن انت مش شايف الصورة من جميع النواحي بس انا جربت يا سراج .. ومقدرش اعيد تاني


صاح بقوة وهو يرفع عيناها الى عيناه ليجمدها بقوة بجبروت صوته


- حياتك معايا شيء وامي شيء تاني ، عارف ادي لكل واحدة حقها .. طلعي من دماغك اي شيء سلبي ومتفكريش فيه.. اقتلك يا اسرار لو عرفت انك بتفكري فيه مجرد تفكير


شحب وجهها وهي لا تصدق ايغار منه ... ايغار من شخص ميت ؟ ... تمتمت بذهول


- ده اخوك في النهاية


أغمض جفنيه وهو لا يصدق الى ما الت اليه الامور ... كيف يغار هو من شخص ميت .. بل واخيه وهي ارملة اخيه السابقة ، الامور علي وشك أن تخرج من مدارها إن لم يتحكم هو في مقود القيادة ... صاح بلهجة صارمة


- علشان اخويا اعملي ده ، اقفلي أي دفاتر قديمة خلينا نركز في مستقبل جديد .. هنتعب يا اسرار ومش هنلاقي دوا لجروحنا


هبت واقفة وهي تنظر اليه بشرر ناري .. واقفة بتصلب أمامه وذقنها مرفوع بكبرياء وأنفه


- انا بقالي سنين متعذبة .. الرحمة بقي 


امسك ذراعها بخشونة وهو يدمدم بسخط


- رحمة !!! .. رحمة يا اسرار ، سايبه البيت وهربتي بين احضاني والله اعلم كنتي فين وعايشة 


كادت ان تصرخ في وجهه متحملة كل الالم وذلك الدوار الذي داهمها متهمة اياه بعدم الثقة لكنه خرسها حينما امسك شعرها بقوة


ازاي وحدك .. انتي عارفة انا كان بيجيلي كوابيس انك بتصرخي وبتناديني ومش بعرف اوصل لمكانك .. مين فينا الأناني يا هانم .. انا ولا انتي


كلاهما ، اجابت سرا وهي تنظر الي عيناه القاتمة وعيناها تغوص رغما عنها الى عمق عيناه الداكنة .. همست بسخرية


- انانية لاني لمرة واحدة في حياتي فكرت في نفسي 


دمدم صارخا


- ايوا انانية .. لاني فكرت اني اقدر اعرفك وقتها اكتر


سراج موجوع منها بقوة ، شهقت بقوة وهي تنظر الى عمق عيناه .. تهز رأسها نافية لتقول 


- ورسايلي ؟


صاح بلهجة لاذعة


- عايزة اسمعه منك انتي 


تنهدت اسرار وقالت بتعب


- هنوصل ايه للنهاية ولا حاجه .. يبقي الحال علي ما هو عليه


ثم واصلت بجمود


- ممكن تديني تليفوني اللي واخده


زجرها بقوة وهو يغمغم بسخرية يتفحصها من منابت شعرها حتى أنامل قدميها


- لا .. احمدي ربنا انك صاغ سليم وبتتكلمي معايا غيري كان رقد مراته في المستشفى


اتسعت عيناها وهي تسمعه يتمتم بخشونة


- من بكرا نجيب شنطة هدومك واشوف الهانم كانت مختفية فين 


سرها الأخير يريد معرفته ، وقفت في منتصف المطبخ ولم تشعر بمغادرته سوى من صوت باب الشقة الذي أغلق بعنف .. أغمضت جفنيها وهي تدعو ربها ان لا يراهما أحد من الحي الشعبي .


****


مسح وقاص العرق المتصفد من جبينه ليصيح بصوت متهدج بعدما ألقي غضبه و حنقه من ذلك النجس عزيز ، يالله كم يكره رؤية وجهه كلما قدم إلى هنا و يسمح بأن يلقي عليه جام غضبه وينتهي الأمر به كجثة هامدة .. سحبه الحارس جسد عزيز إلى غرفة في الداخل ليلتفت وقاص وهو يعيد زر اكمامه ليقول بجفاء نحو احمد


- الإقامة عجبتكم ولا مش مريحة .. نريحها لو حابين


لم يجب احمد وهو ينظر اليه برعب .. لا يصدق أسفل تلك الملابس الباهظة هناك وحش كاسر يخرج من سجنه وينقض عليهما ويلتهمها بشراسة ، أخفض وقاص وجهه وهو يتنفس بعمق .. ليرفع وجهه وينظر نحو أحمد الذي قبض عليه حينما علم من احد معارفه أنه قرر الهرب من الطريق الصحراوي لإحدى مناطق البدو ، صفع وجهه بقوة حتى سقط أحمد من اثر قوة الصفعة ، امسكه وقاص من تلابيب قميصه ليعيد صفع وجهه مرة أخرى ليصيح في وجهه 


- يا اخي انت اخر واحد توقعت انك تشترك في عملية دنيئة زي دي


حاول أحمد الابتعاد من بطش الوحش ليمسح احمد المنبثقة في فمه قائلا بوهن


- الفلوس يا باشا 


ركله وقاص بقدمه على بطنه ليصرخ احمد متأوها بضعف .. رفسه وقاص بقدمه بغضب وهو يصيح بحنق


- علي أساس المرتب مش مكفيك .. هو ده نهاية الطمع 


امسك احمد قدميه وهو يركع بصورة مخزية علي قدميه طالبا العفو.. كما العبد يريد الهرب من بطش سيده


- عيلتي يا باشا 


ازاحه وقاص بعنق وهو يركل جسده بعيدا عن ذلك الحقير ليصيح 


- عيلتك عارفين انك في شغل برا مصر هتكون مطول فيه شوية 


تأوه احمد وهو يحاول النهوض علي قدميه ليهمس بندم


- غلطة ومش هتتكرر


رمقه باستخفاف ليبصق في وجهه قائلا


- كان لازم تعمل الف حساب قبل ما تفكر تخطف مراتي


هرب من عقابه حينما اتي حارسه الذي هتف بصوت اجش


- باشا


رفع عينيه نحو حارسه ليقول الحارس بجمود


- وصلت


ركله بقوة وهو ينفض عنه الأتربة ليتوجه خارجا من المستودع ، زر وقاص ازرار قميصه ليسمع إلى حارس المستودع يقول


- اعمل ايه في التانين


تذكر ماجد الذي أدمن على المخدرات نتيجة الجرعات التي يأخذها بانتظام ... زفر بحنق قائلا


- ماجد ده كارت محروق رجعه لاهله .. أما الكلب التاني مش عايز اشوف وشه


صاح الحارس بقلق وحديثه متمركز حول عزيز


- ممكن يكون فيه قلق


ابتسم بسخرية قائلا


- عزيز مجرد كلب إذا اختفي فيه عشرة غيره ياخدوا مكانه


هز الحارس راسه ليقول


- تمام يا باشا


وجه بصره نحو الحارس الآخر ليقول بنبرة جامدة


- شوف ايه التعامل اللي حصل معاهم .. كفاية انهم اتاخدوا بشكل مش لطيف 


هز الحارس رأسه قائلا


- تمام يا باشا


ابتسامة صفراء زينت ثغره وهو يتخيل الآن وجه نضال .. هو من بدأ اللعب بالنيران فليتحمل نيرانها كما يفعل مع الجميع .


***** 


ثائرا ومنفعل بقوة .. أخرج شيطانيه والكل اصبح يخشاه ويتفادى التعامل معه منذ أن اختطف زوجته وابنته ، تهدجت انفاسه بعنف وهو ينظر إلى غرفة مكتبه التي حدث بها زلزال قوي يكاد يبلغ قوته 8 ريختر ... يقسم انه لن يرحم وقاص أن رآه


يقسم لن يرحمه ، يختطف زوجته امام عيناه ذلك الحقير ، تنفس بغضب حينما استمع الي طرقات غرفة مكتبه .. امر بصوت اجش بالدخول وما أن دخل الحارس حتى صاح بوحشية


-قولي يا وش الخير


غمغم الحارس وهو يجلي حلقة .. لأول مرة يرى رئيسه في العمل غاضب بثورة


-للاسف مش عارفين ندخلها


زادت معالم وجهه شراسة وعيناه القاتمة تثير الفزع في القلوب .. ضرب بقوة على سطح مكتبه ليصيح بهدر


- معرفتش ازاي .. اومال البقر اللي هناك بيعملوا ايه


تصبب العرق من جبين الرجل ليجيب 


- ولاءهم ليه


لقد لعبها باحتراف .. ذلك الحقير أخرج جميع جواسيسه من تلك القرية الذكية اللعينة ، هدر بعنف


- ولاء ليه ؟ .. غور من وشي دلوقتي


غادر الرجل من أمام وجهه .. ليضم قبضة يديه وهو يطرق سطح المكتب بعنف قائلا بسخط


- ماشي وقاص .. تعمل معايا انا كده 


*****


- اهلا يا ماهر .. اسفه علي التأخير 


صاحت بها وجد وهي تستند علي عكاز للسير .. تنهدت بتعب وهي تجلس علي المقعد المقابل لتسمعه يغمغم بهدوء


- لا ولا يهمك 


ابتسمت بهدوء وهي ترى جيهان شقيقته التي حيتهما بهدوء وهي تدلف داخل الفيلا سامحة لهما للتحدث بحرية في الحديقة ، استدارت اليه وقالت بهدوء


- انت عارف حركتي وكده والجبس ، ملقتش فرصة احسن من البيت نقدر نتكلم هنا 


صمت مخيف أطبق عليهم ، يتحدث ماهر لنفسه


ما بها وجد كي لا يحبها ؟


يخبره قلبه أن ذات عيون الشبيهة بالقطط امتلكت قلبه منذ اول لقاء


ابتسمت بشحوب وهو يحاول أن يصمت ذلك الانين في قلبه ، نصال حادة تغرس في قلبه النابض .. يدمي قلبه بكل قسوة .. تتوقف تلك الشقراء عن ملاحقته حتى يهدأ من خفقان قلبه الذي يرتعد شوقا لرؤيتها


لن ينكر انه ينتظر كل يوم رؤيتها وهي تعترض طريقه .. ابتسم بشحوب وقد نسي انه يجلس أمام خطيبته ... ارتسم الشحوب علي محيا وجد لتزفر بحرارة


كلاهما عالقان في حبل واحد ، قاطعته من حبل افكاره قائلة


- فيه حد في حياتك مش كدا ؟


عقد ماهر جبينه لتلعب وجد بخصلات شعرها دافعة اياهم للخلف لتقول 


- عايزين نكون صريحين مع بعض ونقدر نبني الاساس علشان نمشي عليه


تنهد ماهر بحرارة وهو يراقب من بعيد شقيقته التي رغبت لزيارة فيلا عائلة المالكي ، زجرها بعيناه وهو يراها تخرج هاتفها وتصورهما ليعيد نظره نحو وجد قائلا


- معاكي يا وجد


زمت وجد شفتيها بحنق ، اخطأت في قرار تلك الخطبة .. اخطأت بشدة ، قالت بهدوء


- احنا الاتنين مخبين عن بعض حاجه ، حاجه وجعانا كمان وتقريبا هو القلب


دقق النظر الى عيناها التي بدت امامه غير مقروءة .. صاح بسخرية 


- غيرتي رايك ولا ايه


هزت رأسها نافية وقالت


- لا مغيرتيش .. بس انا مديالك الفرصة انك لو حاسس انك مجبور اننا نكمل ، انا بقولك اني معنديش اي مشكلة


صمت للحظات وهو ينظر الى عيناها .. غمغم بجمود


- لا مش مجبور علي حاجه


عنيد .. غبي ، تمتمت بها وهي تنظر اليه .. هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة


- عموما انا قولت وفي أي وقت صدقني عادي جدا


صاح فجأة بعد صمت مريب 


- ايه اللي خلاكي توافقي


رفعت أحد حاجبيها وهي تقول بابتسامة دبلوماسية


- بتجر رجلي مش كده ، طب علشان انا اجدع منك هقولك .. انا عشت قصة وهمية بطل وهمي جدا فكرته ان كل شيء بينا متبادل بس كنت عبيطة قررت امشي حياتي انا واحدة لسه صغيرة عندي 22 سنة 


استمع بصبر شديد ويحاول أن يستخرج الغضب من داخله ، كل ما شعره ناحيتها مجرد شفقة لا أكثر ... ضحك ساخرا وهو يهز رأسه يائسا


- اول مرة اجرب الشعور ده


عقدت حاجبيها وسألته باهتمام


- شعور ايه


تنهد مجيبا 


- اني مش مضايق


قالت ببساطة شديد


- لانك محبتنيش .. قلبك لسه معاها ، خسارة انك تسيبها مهما كان 


ازدرد ريقه بتوتر وتبدلت سحنة وجهه ليقول ببرود


- صعب ..مش بالسهولة دي


تمتمت بهدوء وبساطة شديدة


- متهيألك يا ماهر


تصلب جسدها فجأة من ان شعرت بعينان ناريتين تحرقها من مجلسها ... أغمضت جفنيها بيأس وهي تعض شفتيها بتوتر ليعقد ماهر حاجبيه ما أن أبصر رجل يقدم نحوهما بطوله وجسده الضخم وملامح وجهه الحادة جعل ماهر يرفع إحدى حاجبه ببرود ، صاح الرجل ما ان تقدم نحوهما قائلا بجمود


- مساء الخير


لم تنظر اليه حتى .. عرفته لماهر قائلة بابتسامة لطيفة


- اهلا ماهر احب اعرفك لؤي ابن عمي ، لؤي للاسف محضرتش اليوم ده اعرفك خطيبي


تبادل الرجلين السلام وماهر يستشف النظر الى عينا الرجل العدائية ، بدون كلمة قال بصوت اجش


- رايح اشوف كبير العيلة ، عن اذنكم


دار على عقبيه وهو يتلفت إلى الداخل ... اختلج عضله في فكه وهو يسير مهرولا حتي اصطدم بجسد لين امسكها من كتفيها يقع بصره على شعر .... أخضر !!!!!


رفعت صاحبة الشعر الاخضر عيناها النارية وملامحها الناعمة اظهرت مخالب انثى شرسة ، صاحت بحدة امامه


- ايه يا اخ مش تفتح فاتح صدرك ولا كأن في حد في وشك


نظر اليها بجمود وعيناه تفترس عيناها التي تنظر اليه بتحدي .. صاح بصوت أجش 


- افندم


رمقته بازدراء شديد جعل وجهه يزداد شراسة وهي ترفع يدها امامه قائلة بصوت عالي 


- لا بقولك ايه مش هدمتين براندات وجامعة انترناشونال تبصيلي بقرف .. لا اعرف مقامك عدل وكلمني انا جيجي السويسري


ازاحها بعنف من أمامه ليتابع سيره نحو وجهته ، اغتاظت جيهان بقوة وهي تكز على اسنانها متوعدة لتسمع صوت ضحكات ساخرة وصوت لعوب تحفظه عن ظهر قلب


- بيئه اوي ،مكنتش عارف ان اخرة بولاق ومطرية تعمل فيكي كده


التفت الي جارها الوسيم .. لم تتفاجأ من وجوده .. تصننت عليه للأسف ولكن لكي تخرج كبتها في وجهه ، رمقت عيناه الزرقاء الباردة لتصيح بقرف 


- اصل انت عيل خرع للاسف 


أشاحت بوجهها عن عينيه التي غامت بهما الأزرق الرائق لتصيح حدة


- روح كدا هوينا علشان شفطت الاكسجين من وشي


استدارت مغادرة لكن يد فولاذية اطبقت على عضدها وسحبتها اليه ، الصدمة ألجمت لسانها مصعوقة من ما حدث .. هي امامه وجها لوجه .. تتفرس عيناه الغائمتين وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها بجمود ... غمغم بنبرة حادة وهو يميل الى اذنها


- متتحدينيش يا جيهان ... اقسملك انك مجرد شفايف بس بتتكلم مش اكتر


اشتعل روح التحدي وهي ترفع عيناها بمكر .. لتقترب منه بخفه تلفح بانفاسها في وجهه لتهمس بصوت ساخر


- قصدك بوق يعني ، بلاش كلمة شفايف أصلها بتصيبني بقرف


ابتسم وسيم بسخرية .. الصغيرة تتحداه ، ترك ذراعها ليقبض على حزامها العريض ويقربه إلى جسده وشعرة واحدة هي الفاصل بينهما ، رفعت أحد حاجبيها وهي تنظر الي يده التي تقبض علي حزامها العريض لتنظر اليه ببهوت قائلة بسخرية لاذعة


- حد يقرب من البيئة بردو هعديك يا عنيا 


راقب شعرها الأخضر وهو يتذكر اخر مرة رآه بخصلات فضية تشبه الساحرات المشعوذات ، لمس شعرها الأخضر وقال بصوت مقرف


- شعرك ده مش ناوية ترجعيه لطبيعته


هزت رأسها نافية وهي تتنهد بلوع هامسة 


- اصل حبيبي بيحب اللون الاخضر مقدرش اقوله لأ ، وبعد كده علشان شوية ونتلبس في قضية آداب


مال نحو شفتيها بتركيز ليراها تبتلع ريقها بتوتر من قربه ، لمس ذقنها وقال 


- وقحة وقحة ، مش عارف مين اللى يستحمل لسانك


دفعته عنها وهي تلتقط انفاسها بعد دقائق مرعبة خشيت أن ينفذ ما قرأته في عيناه ، رفعت عيناه المشتعلة برغبة نحوها وعيناه تنظر إلى مناطق معينة في جسدها بوقاحة قذرة ، صاحت بحدة


- بتقولولها ازاي يا ولاد المقشفة اه ..Mon amour "حبيبي " بيعشق كل ما فيا 


استدارت متوجهه نحو الحديقة وبقي وسيم في مكانه يتأمل منحنيات جارته الصغيرة .. كم كبرت تلك الفتاة وتريد لعب الكبار معه !


*****


صاحت عايشة بذهول


-لك شو عم تقول يانزار 


اقترب نزار من والدته وقال بهدوء محاولا استمالتها 


-ياامي لك انت شفتيها للبنت ...مو غريبة 


اتسعت عينا عايشة وهي لا تصدق أن ابنها يرغب في الاقدام على تلك الخطوة ... رباااه لا تصدق انه يخبرها رغبته للزواج من تلك الفتاة ، لكنها تخشى من ردة فعل شقيقتها وابنة شقيقتها .. هزت عايشة رأسها نافية


-انا ماقعدت معها غير انو بنا خالتك اولى 


زفر نزار وهو يعلم رأس والدته ، اقترب منها قائلا بجمود


-ياأمي أنت عرفانة من الاول انه انا مابدي اتجوزها وفوقها خليتي بيسان مجبورة 


هزت عايشة رأسها نافية


-مجبورة ؟؟؟مين قلك هالشي..بالعكس هي بدها 


تنهد نزار وهو يمسك كفي والدته ويقبلهما ليغمغم بصوت أجش


-ياماما ...انت بتعرفي انو انا ماكنت بدي اتزوج وماكنت مفكر فيه لحتى لاقي الانسانة يلي بتشدني 


عبست عايشة وهي تنظر الي عينا ابنها الصغير الذي نضج سريعا امام عيناها ، عيناه الراكدتين بهما لمعة خفية وهو يتحدث عن تلك الفتاة .. مال نزار مقبلا جبينها ووجنتيها وقد علم انها بدأت تضعف لتهمس عايشة بعد صمت طويل معذب لنزار


-انت قلتلي انها اخته لصاحب القرية ما 


أومأ قائلا


-اي هي بذاتها 


ابتسمت عايشة وهي تتذكر عينا نزار ابنها الشبيهة بعينا زوجها المرحوم .. عيناه كانت بهما جمود وكان قادرا على اخفاء مشاعره الا امامها ، عبثت بشعره بأناملها ليتهجم وجهها فجأة قائلة


-بتعرف لو خالتك سمعت بهالموضوع شو رح تعمل 


اقترب نزار مشاكسا 


-ياروحي ياعمري انت ..اصلا بيسان متل اختي وبعمري مافكرت انه خليها مرتي


عقدت عايشة جبينها وهي تصيح باستنكار


-طيب شو يلي كان مخليك صابر هالوقت كله ؟؟ماكانت البنات حواليك وانت تطفشن 


علم أنها تتحدث عن بنات السويسري ، وخصوصا انها احبت شادية وحدثته مرارا ان مال لها ان يتقدم اليها .. لكنه كان بانتظار صغيره بأعين زرقاء تذوب ما ان تنظر الى عيناه .. صاح متنهدا بحرارة


-يمكن لاني كنت عم استناها 


لمعت عينا عايشة وهي تصيح بفرح 


-ايييه والله واجا اليوم ياعمري ...من زمات وحابة انت واخوك تكونو مع بعض وببلد وحدة ونكون كلنا سوا


تنهد نزار وهو يعلم انها تتمني ان يأتي شقيقه المسافر الى البلاد .. ابتسم مطمئنا 


-لا تخافي ياماما رح يصير هالشي ...رضيانة عني هلا 


هزت راسه وهي تدعي في سرها ان يحفظ الله ابنيها


-طبعا رضيانة عليك ياحبيبي ...بس مارح اتركها لاتاكد انو بتستاهلك 


ضحك نزار وقال بمشاكسة لطيفة


-بلشنا شغل الحموات شوي شوي عالبنت هي مو قدك 


صاحت عايشة بحدة مصطنعة 


-من هلا عم دافع عنها اه 


نفي قائلا


-انت ست الكل ياروحي 


نظرت إلى ابنها وقالت


-لك شوفو عم يضحك عليي بكلمتين طيب طيب يانزار ...لقوم شوف شادية تجبلي كل اخبارها


****


- وقاص 


صاحت بها فريال وهي تراه يدلف نحو الخزانة باحثا عن ستره .. ساعدته بهدوء في اختيار سترة كحلية وهي تساعده في ارتدائها لتنظر اليه بنظرة ذات مغزى ليزفر وقاص قائلا بحدة 


- فريال انا مش فاضي حاليا 


استوقفته ما أن هم بالمغادرة .. تعلم انه يخشي ان يستسلم وهي لن تتركه ، رمت نفسها بين ذراعيه لتهمس


- حبيبي اسمعني


تخشب جسدها وهو يسمعها تقولها بكل حرارة ، نظر إليها وهي تبتسم أمامه بنعومة شديدة لتقترب منه تقبل عرقه النابض لتهمس بصوت أجش


- انت وحشتني جدا 


ازدرد ريقه وقاص وقد أثارتها حركة تفاحة ادم في عنقه لتسمعه يغمغم


- فيه ضيوف تحت مستنيني وشكلك كده هتأخريني


زادت التصاقا به وهي تعبث في ازرار قميصه ، تقسم أن تلك الليلة لن يبتعد عنها ... الا يكفي انه يحترق شوقا لها مثلها ، عضت على شفتها السفلى بحسية جذبت انتباه قرصانها لتهمس 


- هو انا موحشتكش


نظر الى عيناها الماكرين ليقول بصوت أجش


- فريال 


مالت تقبل طرف شفتيه لتعود النظر إليه قائلة


- نعم يا حبيبي 


ابتسم بجفاء .. يقسم انه ان تركها تمارس تلك الحيل فلن يخرج من الغرفة لليوم التالي ، نزع جسدها بعيدا عنه قائلا 


- مش دلوقتي 


جحظت عينا فريال وسقط فكها ببلاهة وهي تعلم انه ذاهب لزوجة أخيه .


......


ابتسم وقاص وهو يهبط من الدرج متخيلا ردة فعل فريال التي بهتت امامه ، زفر متنهدا بحرارة وهو لا يتخيل أن يسمع اسم التحبب منها .. تلك الكلمة خرجت بكل قوة وكل حرارة من جسدها كما تمنى ، فتح باب المكتب ليبصر فرح التي قدمت اليه بعد يوم من اختطافها المزعوم .. صاح بترحاب


- ازيك يا فرح


ابتسمت فرح بامتنان لذلك الشخص الذي ظهر في حياتها ، لا تعلم لولاه ماذا كان سيحدث ؟! ..همست 


- اهلا بيك يا استاذ وقاص


عبس وقاص وقال 


- بقينا عيلة واحدة يا فرح ، قوليلي بقي فيه ايه


نظرت نحو وقاص بامتنان شديد ، تشكر يوم مجيئه الى منزلها منذ فترة عدتها وهو يخبرها بخطة ذكية لاستعادة نضال الي حياتها ... صاحت بامتنان


- انا بدون حضرتك مش عارفة اقول ايه بجد ، لولا مجيتك عندي وفكرتك عمري ما كنت رجعتله


هز وقاص رأسه وقال 


- المهم انك هتقدري تحافظي وتنتهزي الفرصة دي 


هزت فرح رأسها و غمغمت بهدوء


- بحاول على قدر الامكان اني اعمل كدا ، بس لو ملقتش نتيجة هبعد


أومأ متفهما ليقول 


- يارب مينكش الرجالة ضايقوكي في حاجة 


صاحت نافية وقالت


- لا تمام انا وشمس كويسين


ثم استطردت بتوتر


- مش الطريقة دي ممكن تكون السبب ان الفجوة بينكم تزيد


ابتسم وقاص ساخرا وقال 


- نضال مش بيحب غير الناس اللي تلعب بطريقته ، ونشوف بقي ايه رد فعله


ظهر الارتباك على محياها وقالت 


- هو ... عارف اني هنا وان احنا يعني كنا


نفي قائلا 


- لا ميعرفش اتفاقنا .. لكن يعرف انك هنا 


شهقت بقوة وهي تهمس برعب


- ممكن ....


قاطع حديثها رنين هاتف مكتبه اعتذر وأجاب على الهاتف وهو يستمع حديث الحارس ، ابتسم بخبث قائلا


- جيبنا سيرته


شحب وجه فرح وهي تسمعه يصيح بقوة 


- دخله يا محسن 


اغلق الهاتف ببرود وهو يقول باطمئنان


- استريحي وروقي بالك لحد لما نشوفه


تعلم جيدا ان ذلك الغلاف البارد ما هي إلا قشرة وواجهه .. اغمضت فرح جفنيها لفترة حتى أجفلت بشدة من صوت نضال الجهوري وهو يصيح برعب ادي الي انتفاضتها من على مقعدها في غرفة المكتب


- انت بتتحداني يا وقاااااص الغاااانم


استقام وقاص وهو يخرج من باب الغرفة متجها نحو الصالة ليصيح ببرود نحو الهائج امامه


- وطي صوتك المكان ده بيتي 


عيناه متقدة وملابسه قد تجعدت وأخرجه في شكل مزري .. ابتسم وقاص بسخرية ونضال يقترب منه وعينا نضال تثور بالثأر منه


أمسكه من تلابيبه وهو يكلمه في جانب وجهه وركله أخرى بساقه نحو قصبة ساق وقاص أدى إلى اختلال وزنهما ليقعا أرضا ... كلاهما اخرج وحوشهما واستحضراه ليتعاركا كرجال بدائيون وكلا منهما يثبت للآخر شيئا سري بينهما ، صاح نضال بخشونة وهو يلقي لكمة اخرى في وجهه 


- بتخطف بنتي ومراتي .. انت شكلك اتجننت


تبدلت الادوار ليصبح وقاص هو المهاجم ونضال المدافع ، ابتسم وقاص بشراسة وهو يمسح الدماء من فمه ليقول


- بتوجع مش كدا ، اومال لما خطفت فريال مكنش ردة فعلك كدا ليه


زمجر نضال بوحشية وهو يتلقى لكمة من وقاص 


- انت كده بتقطع كل الخيوط


ابتسم وقاص بجفاء 


- وقاص الغانم مبيتهددش في بيته


ارقده نضال ارضا ليصب كامل جنونه عليه ووقاص يتفادى ضربات بمهارة وأخرى تزين وجهه ، صاح نضال بخشونة


- مراتي وبنتي يطلعولي هنا والا اقسملك اني اهد المعبد باللي فيه


ابتسم وقاص ببرود


- وريني يلا .. مراتك ببساطة مستمتعة بإقامتها هنا هي وحفيدة الغانم


استقام نضال من على جسد وقاص ليصيح بصوت جهوري


- فرااااااااااح 


استقام وقاص وهو يمسك فكه ليستمع إلى صوت فريال الحاد


- انت مجنون انت فـ...


قاطعها وقاص وهو ينظر اليها بتوعد ...ليصرخ في وجهها هادرا


- اطلعي اوضتك فوق .. يلااااا


زمت شفتيها وارتجف جسدها من صراخه لتعاود الصعود مرة أخرى ونضال كما الليث يصرخ بكل قوته مناديا اياها


- فرااااااح


خرجت فرح من غرفة المكتب وهي تقدم رجل وتؤخر الأخرى ، وفي يدها حاملة الصغيرة ليقترب نضال نحوهما قائلا باهتمام بالغ


- انتي كويسة ؟


صاحت بتوتر شديد


- انا .. انا كويسة 


حدج وقاص بنظرة مميتة ليصيح


- افتكر انت اللي


قاطعه وقاص بصرامة شديدة


- لا يا نضال .. انت اللي بدأت ، شوفت بقي احساس رهف وهي محبوسة في الاوضة دي .. شوفت احساسها ازاي 


ثم تابع بصوت جهوري


- طريقتك دي بتهدم مش بتبني .. بطل انانية وغباء 


تهدجت انفاس نضال وهو ينظر الي عينا اخيه ، ابتسم بجفاء


- طريقتي غبية يا وقاص .. بعد اللي حصلي وشوفته في عيلتك للدرجة دي مش حاسس 


عقد وقاص ساعديه على صدره قائلا بجفاء


- وان جيت ومديت ايدي ليك هتعمل ايه .. هترفض مش كدا .. وتقنع نفسك انهم ميستاهلوش انك تمد ايدك ليهم وتفكر بطريقة اكثر ايجابية


صاح نضال بسخرية


- خطاب منمق ملهوش اي تلاتين لازمة


رمقه وقاص وتنهد أسفا .. تمتم باحتقار


- زي ما توقعت هتشبع نفسك بالحقد والغيرة لحد لما تبقي مجرد مسخ 


نظرت فرح إليهما برعب شديد ، وحبست انفاسها ما ان نظرت الي عينا نضال المليئة بالغضب ووقاص يتمتم 


- يا رب يكون درس خفيف علشان قبل ما تدوس على حد تفكر كويس 


لم ينطق بشيء سوى أن وجه كلامه نحو فرح


- يلا بينا يا فرح 


نظرت فرح نحو وقاص باستعطاف ... تخبره أن لا يتركه بمفرده ليطمئنها بنظرة هادئة لتغادر معه نضال وقلبها اطمأن .. الشروق سيأتي وإن طالت العتمة .


*******


صعد وقاص الدرج وتوجه بخطوات نارية نحو غرفة نومه ليجدها جالسة على الاريكة تهز ساقيها بتوتر ، انفجر في وجهها صارخا بعنف وهو يمسك ذراعها بقسوة


- انتي مجنونة تنزلي تحت ليه


حاولت الدفاع عن النفس وهي تهمس 


- وقاص انا


قاطعها صارخا بعنف


- اخرسي .. طالما انا موجود ضلك ملمحهوش في حته انتي فاهمة 


تعلم إنها مخطئة لذلك لم تعاند وهي تهمس باعتذار صادق


- انا اسفه يا حبيبي


ثم تابعت بخوف


- ملامحه كانت شريرة وخفت عليك 


ابعد يده عن ذراعها لتقترب منه وهي تعيد درس الاغواء عليه مرة أخرى


ضيق عيناه وهو يغمغم بنبرة تفضحها 


- فريال


ألقت نفسها بين ذراعيه وهي تلف ذراعيها حول عنقه ، لمست وجهه المكدوم بألم وهي تسمح الدماء الجاف من أنفه لتهمس بصدق


- والله خفت .. كان حد فيكم هيقتل التاني ، متتهورش ارجوك


كاد ان يمنعها لكنها عانقت شفتيه برقة شديدة كما لين جسدها بين يديه ، لفها بعناق خشن خاطفا للأنفاس ولم يتركها سوي وهي في الفراش وهو يعتليها من فوق .. تخضب وجهها وهي تنظر اليه بشوق شديد لتجذبه إليه لكن رنين هاتفه جعله يبتعد بضجر لينظر الي اسم المتصل وأجاب بنفاذ صبر


- خييير يا منصور


اتسعت عيناه وهو لا يتوقع وجود الضيف الان ، غمغم بصوت أجش


- خليه يدخل


زر ازرار قميصه وفريال تنظر اليه بحنق ليهز رأسه يائسا وهو ينزل إلى غرفة المكتب مستقبلا ذلك الضيف .....


ابتسم وقاص بهدوء وهو يرحب به قائلا


- اهلا اتفضل


أبتسم نزار بتحفظ وقال معرفا نفسه


- نزار الشامي صاحب سلسلة مطاعم الشامي 


أومأ وقاص متفهما وقال 


- سمعتك سبقاك يا شيف اتفضل


تفحصه وقاص بهدوء وهو ينظر الي ملامحه الجادة وصوته المباشر


- متل المصري بيقول مش جاي الف وادور انا هدخل في صلب الموضوع


- اتفضل لولا انك سبقتي المرة دي ، واتمني يكون نفس الموضوع اللي حابب اكلمك فيه


غمغم نزار قائلا


- خير


ضيق وقاص عيناه وقال


- الموضوع عن رهف مش كدا ؟


اتساع طفيف في حدقتا عينا نزار هذا كل ما تلقاه .. هز نزار رأسه قائلا


- مضبوط 


ابتسم وقاص بغموض قائلا


- رهف من اليوم مش هتشتغل في مطعمك يا شيف ، رهف ليها اهتمامات تانية 


ليفاجأه نزار قائلا بجدية 


- وانا جاي عشان اطلب يدها



              الصل الرابع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>