في قبضة الإمبراطور
الفصل الثامن عشر
.......
الثأر
الانتقام
هي مجرد شعلة ، شعلة ستأكلك حيًا لأنك لم تقدم خطوه لإطفاء لهيب نارك ... اطفيء تلك الشعلة وخذ حقك .. وانسي كل متملق يخبرك بكل سخافة ان هذا سيجعل الفوضى تعم وستندثر الإنسانية ..
صدقًا ذلك المتملق إن دعس شخص علي حذائه لـ سبه وسيطلب منه شراء حذاء جديد بدلا من الذي أتلفه .
قبل عملية الاختطاف بيوم ..
رنين هاتف جعل فريال تقوم من مجلسها لتقترب من الكومود ترد على مكالمة جيهان التي قالت بجمود
- فريال جتلي مكالمة بين عزيز وواحد اسمه احمد بيخططوا لخطفك
لاحت ابتسامة ساخرة علي شفتي فريال ، متي يصدق عزيز انها محاصرة له و تراقبه عن كثب وكل ذلك بفضل جيهان العبقرية ،التي اقتحمت الحاسوب الخاص به بل وانتقلت بكل جراءة إلى اختراق هاتفه ، لا تعلم كيف جيهان تعلمت كل ذلك في السنين التي سافرت بها
لكنها لم تهتم كثيرًا بأعمالها ولا كيف استطاعت ان تقوم بإقتحام حاسوبه وهاتفه ما اهتمت به هي معلوماته واخر اخباره ، نيرانها المستعرة لم تنطفيء ابدًا
هي تريد الانتقام منه ... من كل ليلة قام بعذابها نفسيًا وجسديًا
هي تتوعده بأشد انتقام .. ولنرى من هو الجانب الأضعف في تلك المرحلة
اجابت بجمود
- احمد مين ؟
غمغمت جيهان وهي تنتقل بالمعلومات الجديدة التي تقرأها على حاسوب عزيز ، عزيز الذي لا يعلم أنها اقتحمت حاسوبه ولا كاميرا حاسوبه ... المغفل الأحمق الذي لا يواكب عصر التكنولوجيا يحتفظ بجميع الملفات في الحاسوب .. غمغمت
- المهندس اللي بيدير المشروع اللي اتلغي ... بتاع القصر بتاعك
صمت فريال اقلقها بل افزعها ، اغلقت حاسوبها وهي تشد في خصلات شعرها الفضية قائلة
- هتعملي ايه ؟
تمتمت فريال ببساطة
- خليه يخطفني
ستسهل من عملية الأختطاف ، تعلم ان قرية كـ تلك ستجعل ذلك المدعو احمد يخشي من الاقتراب منها كونها حرم وقاص الغانم ، لتذهب الى العاصمة وليختطفها
- فريال انا مش مطمنة
صاحت بها جيهان بقلق لتصيح فريال بقوة
- كل حاجه بخير ...لازم ابقي برا القرية علشان اخد حقي منه ، زمن الخضوع انتهي يا جيجي
تمتمت جيهان بلهفة
- هبقي قريبة منك
هزت فريال شعرها بجنون وهمست بقسوة
- هكون لوحدي مع القذر ده .. لازم يعرف اني اتغيرت
تلعثمت جيهان ... نبرة فريال والقسوة النابعة من داخلها جعلها تندم على ما قالته ، تخشى أن يعمي الانتقام بصيرتها دون الانتباه للأشخاص الذين يهتمون بها ، صاحت بلهجة حادة
- ووقاص ؟
صمتت فريال وهي تتنهد بعمق ، وقاص يجب أن لا يعلم .. سيحبسها في البيت ... بل سيجعلها لن تري نور الشمس ابدًا ، همست بصوت هاديء
- وقاص لا .. مش هقدر اقوله حاجه .. هيحبسني في القرية لو عرف ، متنسيش انه شافني لما اقتحم بيتي
اختنق صوتها وهي تتذكر كيف الحالة التي أصبحت عليها ما ان عاد عزيز من جديد ، هي ستكون مستعدة لظهوره .. بل ستتسلح بجميع ما تملك لتقف في وجهه ، استمعت الى صوت جيهان الحازم
- هكون معاكي خطوة بخطوة
*******
كانت تنتظره وهو يتململ في وقفته ... احكمت وثاقه بحبال متينة كانت قد تركها جانبًا لأنه ظن انها ضعيفة كما السابق ، جالت بعينيها نحو ارجاء الغرفة لتعود تنظر نحو الحقنة المخدر التي حقنتها في أوردته .. كانت قد خبأتها داخل الحزام العريض الذي ترتديه ، خلعت حزامها ولفته مرتين حول يدها لتنظر اليه بإبتسامة ماكرة ما إن رأته يستيقظ عاري مكبل بقوة
اتسعت عيناه جحوظًا ما إن نظر لنفسه ولم يجد ما يستره سوى الشورت القصير ليرفع عينيه بقسوة وهو يحاول أن يتخلص من قيوده ، صاح بخشونة
- انتي عملتي ايه
هزت رأسها وهي تضع يديها حول نحرها لتغمز بمكر وهي لأول مرة تشعر بالنشوة
لكونها المسيطرة وهو الخاضع
ستمارس ما كان يمارسه علي جسدها بكل فجور
ستجعله يذيق مرارة ما استطعمته
مطت شفتيها وهي تنظر الي جسده والي يديه وقدميه المقيدتين بأحكام وفشله الذريع للتحرر ، لكن هو من أتى لعرينها
صاحت بخبث شديد وهي تضع علكة في فمها
- ايه رأيك .. غيرت الوضعية
زمجر بخشونة شديدة وهو يلهث بقوة ، اللعينة تريد أن تلعب دور السادية عليه ، فلتتجرأ تلك العاهرة
صاخ بلهجة قاسية
- انتي اتجننتي
لمعت عيناها ببريق شرس لتضرب الحزام الخاص بها على الهواء قائلة بوقاحة
- ايه يا *** اجمد اومال ... دي النهاردة ليلتك
اقتربت منه بمكر شديد تخفي داخله حقد دفين ورغبه شديدة في ازهاق روحه ، امسكت ذقنه بخشونة وهي تقترب منه هامسة أمام شفتيه بإغواء
- اول حاجه هي الخضوع للشخص السادي يا بيبي
كانت تشعر بتأثيرها عليه ، ابتعدت وهي تضرب الحزام بقوتها علي صدره العاري ، صاح متأوها بشدة
- ااااه
صوت عذابه وألمه جعلها تشعر باندفاع الأدرينالين في جسدها، مالت نحو أذنه تهمس
- ثاني شيء ... راسك تكون تحت رجليا ، مش كدا ولا ايه
ثم عادت تكرر ضربها بالحزام علي جسده ، داخلها يزأر بشدة أن هذه هي غلطته منذ البداية .. فليتحمل نتيجة غلطته
وردة فعلها ما هي إلا ناتج من فعلته .
فرقعت البلونة لتعيد تلوك العلكة في فمها المغري ، عضت على شفتها السفلى وهي تغمز بقوة
- ثالث شيء .. استسلام جسدي كامل منك لسيدك
أسدل أهدابه وهو يزفر بقوة ... صدره يعلو ويهبط وما زالت اثر الضربتين كالسكاكين في صدره ، صاح بصوت متهدج
- انتي ... انتي اكيد مجنونه
زادت عيناها شراسة وهي تتمتم بهمس ناعم .. همس يشابه جلد الأفعي التي تقترب بكل خبث من فريستها
تغريها بكل استماتة من جلدها الناعم الذي تتميز به
لتنقض عليه فجأة .. تزهق انفاس فريستها و تستمتع بأكلها بعد إصطيادها
- تؤ تؤ كده هنبدا في عقاب مكنش نفسي ابدأه
والعقاب الأول ركلة قاسية لرجولته التي كان يتفاخر بها بكل قوة عليها
رجولته التي كان يمارسها بكل سادية وعنف عليها
رجولته التي اكتشفت انه مجرد رجل داعر ليجعلها تبقي بين ذراعي رجل آخر وهي كانت على ذمته ..
إياك واللعب على قلب المرأة
عقلها
جرح انوثتها
التقلل منها
ولا يستخفنك يا عزيزي انها صامدة معك
فهي ستنفجر بك .. ستلقي بهبوب حارقة ترديك قتيلاً.
*******
كان وقاص أن يجن ما إن علم أن سيارة المدعو أحمد ما زالت اسفل عقار مسكنه .. لكن صبرًا له ولنضال ، ما إن ينتهي من القذر عزيز سيحاسب ذلك الأحمق نتيجة اللعب أسفل الطاولة والتجرأ على اختطاف زوجة وقاص الغانم ...
ما إن وصل لغرفة رهف حتى اقتحم غرفتها وهو يتوقف للنظر اليها لبضع لحظات .. دائما يكون متأخر ... عض على شفتيه وهو يرى الجبس الذي يغطي كل ذراعها ... اقترب منها وهو يحتضنها بقوة
- رهف انتي كويسة
بكت رهف بكل قوة وهي ترفع ذراعها السليمة تحيط بها عنقه ... زفرت براحة وهي تهمس
- كويسة
ابتعدت عنه وهي تهمس بجدية
- روح شوف فريال يا وقاص
هو بين نارين ... نيران المخطوفة التي يحاول الوصول لطرف خيطها ، ونار رهف صغيرته ... احتضن وجهها وهو يلمس شعرها الاسود الناعم ليسمع صوت أنثوي يقول من خلفه
- انا معاها
نظر إلى المرأة بعبوس وهو يحاول أن يتذكر متى رآها ، ليست غريبة عنه لكن عقله يكاد ينفجر ما إن هاتفته رهف وهي تخبره علي اسم المشفى ، همست رهف
- شادية هي اللي رنت عليا بعد ما الخط قفل فجأة من موبايل فريال
ابتسمت شادية وهي تقترب من رهف قائلة بنعومة
-هي معايا متقلقش
شدد وقاص من عزيمته وهو يطبع قبلة علي جبين رهف قبل أن يستدير مغادرًا المشفي ... ينهب الأرض نهبًا وهو يرفع هاتفه قائلا بصوت جهوري
- هو فيييينه
صاح الرجل وهو يخبره عن آخر ما توصل إليه من أخبار نضال
- كان في طريق ****** وعربيته اتحركت من شوية ، حد من الرجالة بيتابعه
اختلج عضلة في فكه وهو يصيح بحدة
- والكلب التاني فين
أجاب الرجل وهو يشير لرجل آخر قائلاً
- مراقبين بيته
زم وقاص شفتيه بقسوة وقال
- تجيبلي الحيوان ده لحد عندي
أومأ الرجل موافقًا
- تمام يا باشا
أغلق وقاص هاتفه وهو يتنفس بحدة ... انفجر يركل بكل قوة في سيارته ... وهو يخرج شحناته السلبية ،لهث بقوة وهو يركل بقدمه علي إطار سيارته ، فريال ستكون في بيتها آخر الليل وسيتعامل بطريقته مع ذلك الجرذان ... ونضال يا ويله .. لعبته تلك سينهيها هو وافكاره اللامنطقية التي تنهي حياة اشخاص الى الجحيم ... ذلك المجنون سيرجعه إلى صوابه ولن يكون وقاص الغانم إن لم يفعلها .
*******
كان يعلم أن مقابلته مع أمه ستحدث عاجلا ام اجلا
زوجته تريد الاطمئنان على نفسها .. يعلم شكوكها وعدم تصديقها لأنها كما قالت سابقا " حامي العيلة" نعم العائلة مكانها الأول قبل عمله .. وقصده بعائلته انها معهم في تلك البؤرة ، يضع دائمًا عذرها وينتظر اليوم الذي ستبادله فيه شغفًا آخر
شغف الذي يندمج بهما روحين
شغف يجعله ثملاً من ارتواء عشقها له
شغف يعلم أنه لن يجده من إمرأة غيرها
لكنها بالنهاية كانت توضح انها " زوجة اخيه السابق"
كأنه لا يعلم لقبها السابق
هو كلما حاول أن يتناسي أنها كانت امرأة لرجل غيره مهما كان علاقته به ، إلا أنه يشعر بالسخط وغضب لا يفهمه
غضب يستحوذ عليه كليًا وهو يرى جفاء إمرأته بعد علاقتهما الزوجية ، وكأنها تخبره ان تلك اللحظات ما هي سوى جرعة سعادة مؤقتة .
استمع الى نبرة والدته الساخرة ما إن تقدم الى الصالون
- اهلا بالباشا اللي شرف
ابتسم سراج وهو يطبع قبلة على يدها ليقول
- صباح الخير يا امي
ابتسمت شيراز ببرود وقالت
- عملت ايه يا عريس في الكارثة
تجهمت ملامحه وهو يتذكر ما فعلته بـ أسرار ، رباااه كيف حولت إمرأته لكائن هائم عملي بارد ، صاح بصراحة دون مواربة
- اللي عملتيه مع اسرار ده ليه
عقدت شيراز جبينها ثم صاحت بسخرية يقطر منها غلاً
- ولحقت تقومك عليا ... بنت مش سهلة .. الله يرحمك يا ضياء كان عارف يربيها
كز سراج علي اسنانه بقوة ، حتي والدته تذكره أنها كانت لغيره سابقًا
- اسرار مراتي دلوقتي يا امي
توحشت معالم شيراز وهي تصيح بحقد
- كام يوم وعرفت تقومك عليا يا سراج
اقترب منها وهو ينظر الى عيناها اللامعة بثورة ... بمقت ، كظم غيظه بشدة .. هي والدته بالنهاية ، صاح بخشونة
- شيفاها نسب مش مشرف بعد اللي عملته ،ساعدت العيلة وحطت فلوسها علشان تنقذ المؤسسة وده رد الجميل
صاحت شيراز وهي تهب من مقعدها صارخة في وجهه
- متقولش فلوسها .. دي فلوسي انا وابوك وانت
غمغم سراج بلا مبالاة
- اسرار واخدة الشركة وهي على الحديد
دبت بعصاها على الأرضية المصقولة لتصيح بهدر
- سراج ... بطل تلف وتدور
قام من مقعده وهو ينظر الي عينا والدته ، يتفرس عيناها بقوة ليقول
- سؤال واحد .. ليه طلبتي انها تسقط ابنها
لاحظ ارتعاشة جسدها .. لكن بصلابة عادت تقول بصراحة
- لانها مش من مستوانا ... بنت من غير لا ام ولا اب كبرت وسط عيلة عمها ، ورث ابوها لا شيء مقابل ورث عمها ،كان يستحيل يكون ليا حفيد من بنت زيها
ضم يديه في جيب بنطاله وهو يشيح بوجهه عنها .. وتلك النيران التي يشعر بها لا يعلم كيف السبيل لإطفاءها
- حطت فلوس ورثها اللي هي ولا شيء علشان تخليكي لحد الان شيراز هانم
لم تتأثر شيراز بما قاله ، ليجعله ينتقل إلى الخطة الثانية .. صاح بجمود
- تمام .. واضح انك لسه زي ما انتي يا امي .. اعرفي شي واحد
كادت ان تصرخ في وجهه إلا أنه منعها وهو يقول بصلابة شديدة
- انا غير ضياء ... استحالة أقبل اهانة اسمعها من اي حد لمراتي حتى لو كان مقرب ليا
ثم استدار مغادرًا لتنظر شيراز إلى أثره ... تلك الحية فعلتها للمرة الثانية .. اغوت ابنها الآخر لتجعله يسقط صريعا في هواها .. لقد عرفت أن تنزع الشك في علاقتها الاولي مع ابنها ضياء لكن سراج ... زمت شفتيها بقوة ستفعل بكل ما أوتيت من قوة لاستعادة ابنها ومالها ثم رمي تلك لقيطة المجتمع التي تربت في كنف عمها الي خارج حياتهما للأبد .
*********
كانت هناك سيارة على بعد مسافة ليست ببعيدة عن ذلك البيت ، كان نضال يستمع إلى أصوات تأوه العزيز بعدما تأكد أن أحمد زرع ميكروفونات في جميع الغرف ، انعقد حاجباه وهو يستمع إلى صوت تلك المرأة الشرسة وهي تأخذ بحقها بكل قوة ، غير خائفة ومذعورة من أن الذي يقف امامها يكون هو السبب في تعاستها ..
تنهد زافرا بحرارة وهو يهمس .. متى ستصبح رهف بكل ذلك العنفوان والطاقة الجبارة لتقف أمام من سبب في آذيتك ، هو فعل ونجح في ذلك بل تخطي محنته ، رغم ان فلسفته غريبة
لكن لا يوجد أفضل من مواجهة أكبر مخاوفك بل أن تتوارى من خلف حجاب .
كان نضال مذهول من ما تقوله فريال عن ذلك الرجل ، استمع الى صوت الرجل الذي بجانبه
- ندخل يا باشا
هز نضال رأسه نافيًا وهو يرى تلك اللعبة ازدادت اثارة ..من كان يعلم أن خلف ما تخبئه تلك المرأة من كوارث ، همس بتسلية شديدة
- لا واضح ان اللعبة احلوت اووي
غمغم الرجل بقلق شديد وهو يستمع إلى عويل من الرجل الذي أصبح تحت رحمتها
- ممكن يحصلها شيء
كان نضال سيتدخل برجاله لإنهاء تلك الكارثة قبل ان تقع ، لكن ما إن سمع صوت تأوه الرجل وكأن هناك من ضربه علي رأسه حتي آمر رجاله بالتوقف والانتظار لفترة حتى يتأكدوا انها بخير ، وحتما تلك المرأة لم تخيب ظنه ابدًا
يعلم أن وقاص سيصل إلى هنا خلال فترة قصيرة ، يعلم جيدًا ان من اختارهم خبراء في تخصصاتهم للتجسس بأنواعها ، همس بمكر
- مش هيحصل ... عرف يختار مراته صح
صدق حدسه ما إن استمع إلى صوت زمجرات شرسة من سيارة تقترب من البيت ليترجل صاحبه وقد اسودت ملامحه قتامة وفي يديه يحمل سلاح ، ابتسم نضال وهو يأمر السائق بالتحرك ...
رغم مراوغة رجالة حينما قاموا بتتبع سيارته وهو قادم إلى ذلك المكان المقفر ، إلا انه وصل الى هنا في النهاية ، رنين هاتف من رجله جعله ينظر إلى بغموض دارسًا ملامحه
رأي تبدل سحنة رجله وهو يغلق المكالمة ليهمس
- باشا
نظر اليه باهتمام ليتابع الرجل بجمود
- فيه معلومات جديدة بخصوص المدام فرح
ابتسم نضال بسخرية
- ايه رجعت تنزل
هز الرجل رأسه وهتف بصلابة
- نزلت مرة واحدة الصبح لمكان حضرتك مش هتصدق هي تكون فيه
خيالاته واسعة تكاد تذهب به إلى عالم مختلف عن هنا ، غمغم وهو يهتف بسخرية ملازمة له
- راحت فين ؟
رد الرجل بثبات
- بيت دعارة
سكنت ملامح نضال لحظة أو لحظتين ... لتتوهج حدقتيه وهو يبتسم بإتساع شديد ، يبدو أن القطة تنبش في بيت من آواها .. أشار لسائقه بالتحرك إلى مكان منزله وهو يستعد الى ملحمة أخيه القادمة .
******
ترجل وقاص من سيارته وهو يأمر السيارة التي تبعته خلفه بأن يظلوا في اماكنهم ، داخله مراجل تغلي من الغضب ، توحشت عيناه وغادر بهما معالم الانسانية وهو يتوعد لنضال الذي يظن أنه في لعبة محاكاة وليس واقعًا وهو يهرب بسيارته الرياضية من رجاله الذين يتبعونه ، شكر الرجل الذي أعطاه قبس من الأمل حينما توصل الي اشارة هاتف عزيز ولم يشعر بنفسه سوي انه هنا ... دك الأرض دكًا وهو يقتحم باب جار عليه الزمن وقد رفع صمام الأمان عن سلاحه
استمع الي زمجرات انثى مجروحة وصوت يشبه السوط يلقي علي جسد شخص يصرخ بألم ، اقترب نحو مصدر الصوت وهو يستمع إلى زمجرة فريال الشرسة
- يا كلب ... يا نجس
تخشب جسده عند مقدمة الغرفة وهو يراها تقف امامه بكل تحفز ، تلطم وجهه بكل عنف وهي تخربش بأظافرها في وجهه
- عديت كل لطمة على وشي .. كل ضرب علمته علي جسمي .. كل علامة شوهت جسمي
ادخل سلاحه وهو يستمع إلى هذرها الشديد
- بعتني بالرخيص يا عزيز .. رغم كل شيء انا عملته ليك ، استحملتك كتير لحد ما فاض بيا
اقترب منها من الخلف وهو يضم جسدها الذي ثار بشدة ، كانت تتلوى من بشدة ، امسك الحزام من يديها ونزعه بقوة وهو يهمس في اذنها
- فريااال
حاولت الهرب بساقيها الحرة ، لكنه شدها بقوة إليه لتنظر اليه ، انفجر في وجهها صائحًا
- فريااال فوقي
عيناها كانت كـ بركتين من الدم ،شعرها القصير ثائر بوحشية ، صدرها يعلو ويهبط بسرعة وهي تخرج انفاسًا ملتهبة في وجهه ، سكن جسدها ما إن حطت عيناها على عينيه القاتمتين
أصبحت ساقيها كالهلام واهتزت حدقتها ما إن رأت نبع دافيء ، ملجأ دافيء التمسته في احضانه
خرت ساقطة بين ذراعيه وهي تهمس بضياع
- وو.. وقااااص
ألقي نظرة مزدرية على الجسد المكبل قبل أن يحمل جسد فريال المغشي عليه خارجًا من ذلك المكان الموبوء
تقدم احدي رجاله ما إن اشار اليه ، صاح بصرامة
- شيل الحيوان ده وارميه مع الكلاب اللي هناك
ثم تنهد زافرًا بضيق وهو يضع فريال في المقعد الخلفي ، تلك المجنونة كانت مستعدة للاختطاف .. ما رآه منذ قليل أبهره بل ألجم لسانه ، طبع قبلة حانية علي جبينها وهو يسارع الرحيل قاصدًا الي المشفي .
*****
تنهد سراج زافرًا بحرارة وهو يبعثر بانامله بخصلات شعره ، صمت والدته لا يحبذه بل برود أسرار هذا أكثر ما يستفزه بعد أن قررت الاعتياد علي ذاتها .. تنأي بنفسها بعيدة عنه وكأنها تخشى منه ... يعلم ان قناعها اللعين علي وشك أن ينهار لكنها تعيد ترميم ما تصدع ، فتح باب الشقة وأغلقها وهو متوجهًا نحو غرفته لكن تخشبت قدميه وهو يعيد النظر إلي تلك الفاتنة المغوية
كانت تنتظره وهي تجلس علي الاريكة المقابلة لباب الشقة ، ساقيها المغريتين كانت تتحداه أن يقترب ويلمسهما
نيران اشعلت فؤاده وهو يراقب هيئتها الانثوية الصارخة ، لم تكن تظهر فتنتها بإستخدام مساحيق التجميل وثوبها من الشيفون الأحمر المحتشم بخلاعة كان يستفزه ، تمتم بصوت أجش
- غريبة
خصلاتها المتمردة كانت تتحرك وهي تتقدم إليه تتلمسه باغراء شديد وهو يكاد يحرق تلك الشعلة في بركانه الثائر ، يداها كانت تعبث في ازرار قميصه وهي تلتصق به بشدة هامسة أمام شفتيه
- ايه هي اللي غريبة
تلك ليست أسرار .. ضيق عيناه وهو يرى بريق غريب يلمع في سماء عيناها ، أنامله خانته .. جسده طالبه بذلك الدفء ،يعلم تلك المرأة ستفكر به أنه مجرد رجل يبحث عن انثي لكي يفرج بها كبته .. لكن متى ستعلم انه يرغب ذاتها هي التي تمنعه بكل قوة عنه ؟
تلكأت أصابعه عند عنقها وهو يلمسها بحسية حتى أتت رجفتها الأولى .. صاح بجمود
- انك مستنياني
ابتسمت وهي تسدل اهدابها لتغطي ثورة عيناها من لمساته الجريئة .. تجرأت وهي تفك ازرار قميصه لتهمس بصوت ناعم
- كنت بستناك
قبض بخشونة علي يديها ليرفع ذقنها الي مستواه وهو يقول بحنق
- أسرار
نظرت الى عيناه بشدة ... تغوص في عيناه السرمدية بنوع من التيه .. همست وهي تتعلق بعنقه
- وحشني قربك ليا
زفر سراج بحنق وهو يغمغم بحنق منها ويداه ضمت خصرها اليه بقوة
- انتي سخنة ؟
هزت رأسها نافية وهي تقترب منه تدس بوجهها في عنقه
- مجهزالك الحمام
رحماااك يا ربي ، همس بها سراج وهو يتوجه إلى فراشهما ... تلك الباردة .. بل المشتعلة .. الأجدر أن يقول البركانية ، لا يستطيع أن يجاريها ابدا .. لم تكن ابدا المبادرة لكن مبادرتها تلك بمثابة شعلة أمل
وضعها على الفراش وهو يقول
- لا ده احنا اتطورنا
لمست شفتيه بجرأة وهي تري اهتزاز حدقتيه ... وضعت أناملها على عرقه النابض الذي يختص بقوة لترسل رعشة كهربائية تسير في أطراف جسدها ، همست وهي تري شفتيه علي وشك النطق بشيء
- شايفها في عنيك ... قولها
شهقت ما ان سطحها على الفراش ليعتليها بجسده الضخم ، شهقت بذهول اكبر لاعترافه
- أسرار .. أنا بحبك
كانت تتوقع ان يخبرها انها جميلة ، يتغني في جمالها ، يهمس بافتتان لسحرها في اذنها بكلمات لم تسمعها سوي منه ، شبح ابتسامة ساخرة ظهر على شفتيها وهي تغمغم
- قلتها لكام واحدة غيري
صاح بخشونة وهو يمسك عنقها بأنامله
- انتي
- مش مصدقاك
لم تصدقه بالطبع ، انسلت بصعوبة من ذراعيه ليعيدها اليه بقوة اكبر واصبحت مزروعة بين جنبات صدرها ، يخنق أنفاسها وهو يخرج لهيبا من شفتيه
عينيه الداكنتين مشتعلة برغبة مجنونة ، تعلم هي مجرد لمسة واحدة
وسيخرج جميع جنونه
كان ينظر الى عيناها يصرخ بجنون الي عيناها لتعطيه الاشارة الخضراء ..
لاحظ ملامح الألم البادية على وجهها ليهمس بقلق
- وجعتك ؟
هزت رأسها نافيه وهي تري عيناه لا تزيح عن شفتيها لتهمس
- لا
زفر سراج بحنق وهو يخلع قميصه ليلقيه ارضًا وقبل أن يغادر ذلك السحر وتهب في وجهه واصفة إياه بالهمجية وعديم النظافة .. كبلها جيدًا وهو يلمس وجهها بشغف شديد
- انتي حقيقة؟
وجاءت إنبثاقة أمل
تلك المرة هي تدعوه لقربها
تسمح له بالتوغل الى خفايا لم يصلها بعد
همست بصوت مغوي
- جرب
...............
نائمًا علي الفراش و ابتسامة راضية تعتلي ثغرة ، الباردة أذهلته بليلة لم يحلم بها يومًا ، ما زال دائخًا بمذاقها .. تملل وهو يشعر ببرودة الطرف للذي بجانبه .. تلمس مكانها ليجد الفراش بارد ،عقد حاجبيه وهو ما زال غامضًا جفنيه ... صوت رنين هاتفه جعله يفيق شاتمًا من يتصل به في ذلك الوقت .. سحب الهاتف من الكمود الذي بجواره ليرد بصوت ناعس أجش
- الوو
استمع الي زمجرة من والدته
- بقي هي دي اللي كنت بتتحامي ليها قدامي
طار النوم من عينيه وهو يفرك جبهته باحثًا عن اثر لزوجته ، تثائب وهو يقول
- فيه ايه يا امي
صاحت شيراز بعصبية
- فيه مصيبة وحلت فوق دماغنا يا سراج .. الشركة بتغرق ، مراتك سحبت كل أسهمها من المؤسسة والعملاء اول ما عرفوا سحبوا ايديهم هما كمان
اتسعت عيناه وهو يهب واقفًا علي قدميه يتلمس الارضية الباردة ، لا وجود لرائحة القهوة .. ولا وجود لأثر عبقها ... عاد بجنون الى غرفة النوم وهو يفتح الخزانة ليجد الجزء الخاص بملابسها خالي ...خبط بكف يده على الخزانة مزمجرًا بقسوة
- اسراااار
نظر الي الهاتف الذي القاه ارضًا وانقطع الاتصال بوالدته لتقع عيناه على ورقة بيضاء موضوعة علي طاولة الزينة ، خطف الورقة وهو ينهب الحروف نهبًا
" لن أقول انا اسفه بحق ما فعلته بوالدتك هي تستحق ذلك ، اراك تتخبط بشدة كما فعل ضياء لذلك أخترت انا حلا بديلا عنك .. لن اقول انا اسفه بحق ليلة أمس ... ابعث ورقة حريتي ولا تبحث عني .. لن تجدني يا سراج ، انتهت اللعبة .. ولست نادمة ابدًا علي ليلة أمس .. أشكرك علي تلك الليلة .. وداعا "
ألقى الورقة بعد أن تطلع الي نفسه في المرآة .. جسده يعلو ويهبط بجنون وعيناه محتقنه بالغضب ، امسك قنينة عطر خاص بها ليلقيه بقوة على المرآة صائحًا بصوت جهوري
- اسراار
يتبع ...
في قبضة الإمبراطور
الفصل التاسع عشر
...........
دقة أولي ودقة ثانية
ما الفرق بين الدقتين
اختلاف العمر .. نضوج ربما ؟!
ربما كان الأول ساذجًا والثاني أشد سذاجة ؟!
تنشقت عبير الصباح وهي تنظر الي النيل بشرود شديد ، خروجها من حياة سراج ... مجرد حل لم تجد بديلا عنه ، سراج متحفز بشدة لكل فعل وحركة تقوم بها ... لم تجد سوى ما فعلته ليلة أمس .. أن تنتزع نفسها بين ذراعيه و تسحب حقيبتها التي أعدتها أمس وتغادر الي مكان لا يعلمه أحد .
فترة تحتاجها للتفكير مليًا .. سراج اصبح شخص خطرا على حياتها وقد شعرت برضوخها له ، زفرت بحرارة وهي تلمس بأناملها صندوق خشبي متوسط الحجم به جميع أوراقها.. بل مشاكلها النفسية ولم تجد سوى ورقة ترحبها بسعة صدر لتبث شكواها .
أجفلت ما إن شعرت بيد تضع علي كتفها ،التفت اليه لترى نضال ينظر إليها بتبرم شديد ... زم شفتيه وقال
- هربتي ليه ؟
شعرت به يجلس بجوارها ، مستندًا بذراعيه علي المقعد الخشبي و ممدا بساقيه الطويلة ، همست اسرار باختناق
- نضال .. حياتنا مينفعش تستمر بالطريقة دي
رفع نضال عيناه نحوها ليري دمعة فرت من عينها ، شدها بقوة اليه واحتضن وجهها بكفيه قائلا بحنق
- بصيلي يا اسرار .. خوفتي
عضت اسرار على شفتها السفلى بحرج ، لا تعلم كيف ستكون حياتها بدون نضال .. نضال المدافع الأول والحامي لحياتها لولا الفارق العمر الذي بينهما لربما كنت له مشاعر خاصة ؟! ... يكفي انه الرجل الوحيد الذي يؤازر محنتها ... نضال بالنهاية أخ انجبته الحياة لها ، ابتسمت بمرارة شديدة
- خوف ؟ .. نضال اعتقد دي اخر كلمة ممكن تقولها ليا
زفر نضال بحنق ... تلك الغبية أخبرها بعدم موافقته للزواج من سراج ، بل كاد ان يزهق روحها حينما أخبرته قبل عقد القران بأسبوع ،مرر أنامله على خصلات شعره وهو يكاد أن ينتزع خصلات شعره من جذورها .. صاح بنبرة قاسية
- هتروحي فين
هزت اسرار كتفيها بلا مبالاة ، هبطت بعيناها الي الساعة المزينة برسغها .. هذا موعد استيقاظ سراج ، أجلت حلقها واجابت
- اي حتة مبقتش فارقة كل الامكان زي بعضها
ابتسامة خبيثة شقت شفتيه وهو يري ذلك الخوف المتجلي في عيناها وهي تنظر الي ساعة يدها مرتين كل دقيقة ، يكفي ان تلك الحمقاء ايقظته من نومه قبل أن يكتشف كالابله مثل زوجها باختفائها بلمح البصر ، غمغم بمشاكسة
- سراج طلع مش سهل
حدجته بنظرة مميتة من عيناها الباردتين لتهمس بنبرة ذات مغزى
- وفرح كذلك ... ارجعلها يا نضال .. انت محتاج ست تحنن قسوة قلبك ومفيش غيرها
لاحظت التجهم الذي تجلي في وجهه ،اقتربت تلمس كتفه لتشعر بتصلب جسده تحت اناملها ، همست بنبرة ناعمة
- هي الوحيدة المناسبة ليك .. تعرف تطلع شحناتك السلبية وتستحملك وتراعي شمس الغانم .. عايز ست تريحك مش ست تقعد تناكف معاها اظن ان حيلك اتهد بعد جنونك
رغم عنه ابتسم بدفء وهو ينظر الي عيناها ، هز رأسه يائسًا وهو يعلم اعتراضها على اتخاذ نهج والده ... هو لم يختار ذلك الطريق ابدًا ... بل ذلك الطريق اغراه بقوة وظن ان ما يفعله سيجعل الجميع يلتفت إليه ... يستمع إلى نصيحة من احدهم الذين امتنعوا عن تعليمه خبرات الحياة بل تركوه يتخبط بكل قسوة بمفرده ، لكن يد حانية تساعده .. تشجعه علي الوقوف دائمًا وعدم الانكسار
يد اخبرته ان وقع فليقع على ظهره
وقتها ينظر الى السماء ... ينظر إلى أعلى نقطة بإمكان عيناه المجردة الوصول إليها .. ليستطيع الوقوف مرة أخرى بصلابة وعزم شديد .
أجاب نضال بسخرية
- الشيء الوحيد اللي عملته صح انها سميتها شمس
زفرت اسرار بيأس .. ذلك المجنون إن عثر علي طريقها قبل اختفائها لا تضمن ردة فعله ، تخشي أم تخاف ؟ ام الأجدر بها انها تشعر بالشعورين معًا ... سراج رجل مجنون ولا تستطيع أن تأمن لردة فعله .. صاحت اسرار
- انا محتاجه امشي دلوقتي .. طولت
غامت عيناه وهو يكتم ضيقه ليقول
- متبعديش يا اسرار
- مش بايدي
صاح بلهجة حادة وهو ينهض هو الآخر ، يسير بجوارها وهو يراها ممسكة بصندوق خشبي محتضنة إياه بقوة الى صدرها
- سراج غير ضياء يا اسرار واكيد استحالة يقبل اللي حصل
قاطعت طريقه وهي تقف بكامل جسدها امامه لترد بحدة
- سراج هيكون بين نارين يا نضال .. مكنش بأيدي اللي عملته بس لازم يعرف هي عملت ايه فيا .. مكنتش عايزة اهز صورتها هي ف الاخر امه
اشتعلت النيران في عينا نضال وهو يتذكر ما فعلته تلك الشمطاء الحقيرة ، اللعنة كيف تفكر تلك الحقيرة بل كيف تجرأت وفعلتها وهي تستبيح بلحم عرضها ، غمغم نضال بقسوة
- انتي لو تسيبيني يا اسرار
ياليت ... ضياء خيب املي كثيرًا ، وأخشي رد فعل سراج ، بالنهاية هي امهما .. تمتمت بنبرة ساخرة
- اخدت حقي خلاص .. واعتقد عمره ما هيقبل أبقى على ذمته بعد اللي هيشوفوه
مدت بالصندوق إليه وهو يعلم أن الصندوق مرسل إلى سراج وما هو سوى رسول ، حمل الصندوق بيديه وقال بنبرة غامضة
- تستحقي الحب يا اسرار
غمزت بمشاكسة وهي تشير إلى قلبه
- أنت أحق بيه مني
شيعها نضال بعينه حتى صعدت الي سيارتها وانطلقت الى طريق غير بارز معالمه ، عاد يقع عينه على الصندوق وهو يفكر في عدد اللكمات التي سيتلقاها من ذلك البوهيمي !!
*******
قضت رهف يومها بصحبة جيهان ، لا تصدق ابدا شادية وجيهان شقيقتان ؟ ... إنهما مختلفتان في الملامح والتصرفات رغم هيئة ملابسهما المتشابهة ، لكنها تستأنس وجود الفتاتين جدًا بصحبة فريال التي اطمأنت انها عادت الى البيت مرة أخرى ، كانت جيهان تساعدها في تلميم اشيائها من الغرفة لتستعد لوصول وقاص الي المشفي في أي لحظة كما اخبرها وعودتهما إلى القرية، صوت نقرات على الباب جعل رهف ترفع بعيناها نحو الطارق الذي هتف بصوت رخيم
-مساء الخير
صفرت جيهان ما إن أبصرت باقة الزهور وغمزت لرهف بمكر انثوي لتقول
-اهووووو نزار مشرفنا بالورود
تفاجأت رهف من وجود نزار في العاصمة بل في المشفي تحديدًا ، نظرت الي جيهان التي تتلاعب بحاجبيها بمكر .. تعلنها صراحة أنها من جعلته يقدم الي هنا ... توعدت لها رهف بشدة وهى تسمع الي تعليق نزار الحانق
-بلا غلاظة جيهان
وضعت جيهان يدها علي قلبها بتأثر لصوته الشامي لتصيح بنبرة سخيفة
-انت مدوب نص البنات بلهجتك دي ...اهدى كده ووريها وش الخشب بتاع المطعم عشان تفوق
عقد نزار جبينه وهو يغمغم بصلابة
-جيهان لبرا اذا سمحتي
رفعت جيهان حاجبها ، ابتسمت بمكر ... الشيف العظيم واقع في حب تلك الغبية ، لم تراه جدي بتلك الدرجة .. كان يستطيع أن يرسم أعلى درجات ضبط النفس أمام سماجتها لكن الأن
السيد متشوق للانفراد بأميرته ، مصمصت شفتيها وصاحت بتبرم
-ايه لزمة لو سمحتي بعد تهزيئك
أجلت رهف حلقها و همست بنبرة جادة الي جيهان
-جيهان
زفرت جيهان وهي ترسم الغضب لكن داخلها يكاد يرقص سعادة ، امسكت بهاتفها الذي وضعته جانبًا لتقول بنبرة متهكمة وهي ترمق نزار بضيق
-افضي المكان للحبايب لما نشوف حد هيتحرك فيكم ولا نقعد سنتين عقبال مااشوف ابو الهول ينطق
أبتسم نزار ما إن وصلته رسالتها ، رأي تلك الشعلة المتمردة في عيني جيهان ما ان علمت انها لم تستفزه بقدر المستطاع كما حدث منذ قليل ، تنفس الصعداء ما إن غادرت واغلقت الباب خلفها لينظر نزار إلى رهف وعيناه بهما اسفًا ليقول وهو يقدم باقة الزهور إليها
- حمدلله علي السلامة
تلعثمت وقد تخضب وجهها من الخجل لتهمس
-الله يسلمك
لا يعلم نزار كيف قدم إلى هنا ؟ .. بل اتصاله بشادية متسائلا عن حالة رهف وقد غابت اليوم عن عملها ، لتأتيه الصاعقة حينما أخبرته بايجاز ان حادث قد وقع لها ... لم تفسر له وهي تخبره أنها في طريقها للمطار ، لذا لم يجد سوي الاتصال بجيهان التي تصنعت البكاء الهستيري وهو تخبره عن وجودها في العناية المركزة ... ذلك الخبر جعل قلبه يختض بعنف وضيق شديد أعتري صدره ... شيء عنيف يكتم انفاسه ، لا يعلم كيف جاء إلى هنا ؟ لا يتذكر أي شيء ... كل ما فعله أنه قدم على وجه السرعة ملبي نداء قلب يصرخ بقوة نحو المشفى سائلا عن اسمها في مكتب الاستقبال ليخبره عن رقم غرفتها ، ما إن استعلم حالتها بتفحص وهو يكتشف أن ذراعها قد خلع عن موضعه ، خر ساقطًا على أقرب مقعد وهو يلتقط انفاسه بصعوبة و صوت لهاثه يتردد في أذنيه.
وقتًا طويلا مر عليه وهو يحاول تجميع ما تشتت منه قبل أن يغادر المشفى لاقرب محل زهور ويعود بباقة مناسبة ، تنهد وهو يكتم ما يجيش في صدره وهو يراها تفرك بقوة في يديها ، صاح بنبرة ماكرة
-طبعا مرتاحة لا عندك طبخ ولا نفخ "اي مشغلة"
يعلم كيف يضغط على زر الاشتعال عندها ، توقفت يداها عن الفرك لترفع عيناها تنظر اليه بجنون
-بتقر يعني
ابتسم بخفة وقال بنبرة هادئة
-لا سمح الله مو هيك القصد ...بس بظن انك مرتاحة بغيابك من المطعم
تهكمت ملامح رهف وهي تضع ساعديها على صدرها قائلة
-انت معترف يعني أنك انسان متسلط وعايز ...
رأت ذلك الجنون في عيناه الراكدتين ، جنونًا مريبًا ارسل قشعريرة لسائر اطراف جسدها وهي تستمع إلى صوته الرخيم
- شو ؟
ترددت هي تسدل اهدابها ،تخفي تأثيرها جيدًا منه .. تعلم ان عيناها تفضحها اولا لتهمس
-بلاش لان فيها قطع رقاب
انفجر نزار ضاحكًا وهو لا يصدق تلك .. تخشي منه ، يشعر بها كلما يتقرب خطوة تعود للخلف ، خفت ضحكاته ما ان استمع الي تعليقها الجريء
-ضحكتك حلوة بدل ما تكشر وتـ....
عيناه الراكدة تلمعان بقوة ، عضت على شفتها السفلى بتوتر وهي تصيح بصراحة
- مش بعاكس ولا بجامل بقول الحقيقة
انفجر نزار مقهقهًا ... تلك المرأة تنتقم منه ، تذكر أنه مدح جمالها في حفل زفاف شقيقها ، اسدل اهدابه وهو يخفي تأثيره عليها ليغمغم
- ليش حاسس اني سمعت هالكلام قبل هيك
في الخارج ،،،
كانت بيسان متلصصة لما يحدث بالداخل ، لا تصدق انه جاء للعاصمة من أجل تلك الفتاة وهي تظن ان امر جلل جعله يأتي إلى هنا لتتبعه هي بسيارتها دون أن تشعر به ... يجب أن تخبر والدتها وخالتها بتعجيل مراسم تلك الخطبة المزعومة ، توعدت لرهف بالكثير وهي لن تجعلها تأخذ نزار منها
نزار لها هي فقط ، اجفلت على شخص وضع يده علي كتفها ، استدارت لتقع عيناها علي جيهان .. الفتاة اللامعة ، تآكلها الحنق و جيهان تحاول تذكر ملامح تلك المرأة
- يا آنسه في حاجه
تمتمت بيسان بغيظ شديد
- مفيش
رفعت جيهان حاجبها وقالت وهي تعقد ذراعيها علي صدرها
- بتدوري علي حد
هربت الفتاة من امامها وهي تركض فارة منها ، جعدت جيهان جبينها ... ذلك الوجه لا تعلم لما لا تتذكره جيدًا ، القت نظرة عابرة عبر الزجاج وهي تري الانسجام السحري بينهما .. تنهدت زافرة بحرارة وهي تبعثر خصلات شعرها الفضية ، ترى من هو الرجل سيكون مدله بحبها وعيناه لا تحيد عنها ، تعرف هويته و تقسم أنها لن تدعه ... فجاة شهقت بقوة ما إن تذكرت هوية تلك الفتاة
- البت دي مش غريبة عليا ... البت الملزقة للواد الملزق
عينا الفتاة كان بهما شررًا ناريًا ، انقبض قلبها وهي تهمس بتوتر
- مش مطمنة
******
الأمر الذي اتخذته لاعادة بناء حياتها كان بمساعدة اسيا، اسيا التي ضمتها تحت جناحها وهي تخبرها عن النظام العمل المكتبي المختلف نهائيًا عن مضيفة الطيران ، رغم أن الأمر مملا بعض الشيء ... لكن هذا العمل اتخذته تحدي لها وله.
يجب أن تثبت له ان غيابها لاعادة تكوين نفسها ... يجب أن تعود محاربة لساحة المعركة مرة أخرى .
لكن اليوم الذي جعل سعادتها تنقلب منذ أن علمت بمجيء شقيقته إلى عنوان مكتبها ، لا تعلم كيف حصلت على العنوان ... لكنها ما يهم أنها هنا الآن، رغمًا عنها تفحصت مارية ملامح شادية السمراء المشابه لسمار بشرة ماهر ويعود ذلك فضلا لطبيعة الطقس في موطن والدها .. عيناها البندقية تشبههان عيناه كثيرًا وإن كانت عيناه بهما غلظة وقسوة مغلفة ... ضيفتها بكوب من القهوة وانتظرت سماع ما جاءت إليه ....
ما إن القت شادية قنبلتها حتى هبت مارية واقفة ، زمت شفتيها منفجرة بجنون
- هو اتجنن
ارتشفت شادية القهوة وهي تستمتع بمذاقها ، لتقول بجدية
- كان لازم تعرفي بأي شكل ... بلاش غباء منك وروحي رجعيه
تعثرت و وتقهقرت جيوشها النارية ، ارتمت على المقعد خائرة القوى لتهمس بتردد
- لكن
وضعت شادية قدح القهوة على الطاولة المستديرة التي أمامها لتقوم من مجلسها وهي تقترب من مارية تشدد من أزرها ، صاحت بصلابة
- ماهر لو مرجعش ليكي ... مش هيبص في وشك
تجمعت الدموع في مقلتيها حتى تشوشت الرؤية ، ضيق تنفس اعتراها وهي تحاول ان تلتقط أنفاسها بصعوبة ، انحدرت الدموع دون أدنى تحفظ وهي تهمس بحشرجة
- شادية انا
تنهدت شادية وهي تزفر بيأس ، تلك المرأة تحتاج من ينتشلها من تخبطاتها وليست هي من تشد ماهر ، سحبت حقيبتها وهي تفتحها تخرج بطاقة دعوة الخطبة
- واضح اني افتكرت انك بتحبيه .. وخسارة اني جيت لهنا بدون فايدة
وضعت البطاقة بين يديها لتقول بجدية
- ده كارت دعوة للخطوبة ... فكري معندكيش غير ايام محدودة
غادرت شادية وبقت مارية تحدق في بطاقة الذهبية بشرود ... تأملت البطاقة وهي تود أن تمزق البطاقة وهو إربًا ، همست بإنهيار
- يعني انا اصلح من نفسي علشان استحقه يختار أول ست تجيله
صدر صوت شقيقتها آسيا الساخر
- مارية متبقيش غبية .. اخته لو محستش ان اخوها بيحبك مكنتش جت
رفعت مارية عيناها تتطلع إلى شموخ شقيقتها وعنفوانها ، ملامح اسيا كانت تشبهها إلى حد كبير قبل أن تتعرف علي نضال ، بل قبل أن يكسرها ... تلعثمت وهي تجفف دموعها بكف يديها قائلة
- لكن
سحبت آسيا البطاقة وهي تنظر الي ميعاد الخطبة المزعومة ، تبرمت شفتي آسيا وقالت بتهكم
- الخطوبة فاضلها ايام .. العريس مستعجل انه يتخلص منك باسرع وقت
شعلة نار اشتعلت في فؤادها ، ماجت عيناها الشبيهة بعيني القطط وهي تنظر الي آسيا لتهب من مجلسها قائلة
- مش هسيبه ليها .. ماهر ليا انا
ستعود إلى أرض العاصمة ، ذلك النذل الجبان ستريه كيف يختار إمرأة غيرها وقلبه يستسلم بإرادته لها .
*****
استمع الى صوت جلبة في الخارج وصوت إعتراض سكرتيرته الحازمة من الدخول إلى مكتبه سابق ميعاد ، جعل نضال يترك أوراق العمل .. قام من مقعده وهو يعد سرًا ... ثلاثة .. إثنان ... واحد
بدأ العرض ..
اقتحم سراج باب مكتبه وهو يلهث من فرط النيران المندلعة في صدره ، وضع نضال كفيه في جيب بنطاله وهو يشير بحزم بالخروج الى السكرتيرة التي قدمت خلفه وملامح الأسف يعتري وجهها، خرجت وأغلقت الباب خلفها لتعود الي مكتبها .
عينان متوعدة وأخرى ساخرة ، الاولي تخرج لهيبًا والثانية مستمتعة بالعرض السيرك المقدم له ، اقترب سراج وهو يمسكه من تلابيب سترته بحزم شديد لينفجر في وجهه هادرًا
- هي فييييييييين
ابتسامة ساخرة زينت ثغره وهو يرفع يداه ليزيح قبضة سراج قائلاً
- اهدي يا وحش علي اعصابك ، لولا اني مقدر ظروفك كنت عملت تصرف تاني
رفع سراج قبضة يديه وهو علي وشك لكم ذلك الأحمق ، ابيضت شفتاه وهو ينفجر في وجهه
- نضااال بلاش تستفزني انت مش قدي
قابله برود يذكره ببرود إمرأته ، سبها بداخله وسب ذلك الأحمق الذي أمامه ، تلك المرأة جعلته يبحث عنها كالمجنون في منزل عائلة عمها التي استقبلت الخبر بصدمة ، يعلم أن نضال هو الوحيد المقرب لها من عائلتها ، ولكم يمقت مجيئه إلى ذلك الماجن .
ذلك الرجل يذكره دائمًا بأيام شبابه الطائشة ، يتذكر ايام عربدته ، زفر قائلا بنفاذ صبر
- فين اسرااار
أجاب نضال ببرود
- معرفش
عاد سراج يتمسك بكمي قميصه الباهظ الثمن لينفجر في وجهه صائحًا
- بقولك راحت فين
غمغم نضال بجمود
- انت جاي تفش غلك عليا ... روح شوف مراتك راحت فين
كز سراج علي اسنانه وهو ينفجر بغضب
- انت الوحيد المقرب ليها .. يا اخي نفسي افهم علاقتكم ببعض
رأي لمعة التسلية في عينا نضال ليهمس نضال بمكر
- عايز تعرف مسمي علاقتنا يعني ؟
لكمه سراج بقوة علي جانب وجهه ، اندفع نضال خطوات اثر قبضة سراج ، لمس موضع القبضة وهو ينظر إليه بشراسة شديدة ... يستطيع أن يحول ذلك المكتب لحلبة مصارعة ، لكن يوجد ما هو أهم .. اقترب نحو مكتبه وهو يأخذ صندوق أسرار ليقول بنبرة غامضة
- بعتتلي هدية مخصوص ليك
نظر سراج بحاجبين معقودين الي الصندوق الخشبي الذي رآه قبلاً ، تناول منه الصندوق وهو يقول
- ايه ده
غمغم نضال بلا مبالاة
- شوفها
ازدرد لعاب سراج ، يخشى أن داخل الصندوق به مصيبة ... بل كارثة ستحل علي سماء الجميع !!!
******
تمللت فريال في نومها بعد تلك الليلة العصيبة ، تتذكر استيقاظها من الكوابيس المفزعة لكن ذراع حانية كانت تطمئنها وتبث لروحها إطمئنانًا لم تستأنه قبلاً ، فتحت جفنيها بنعاس شديد ليقابلها عينان شديدة الحلكة ، اتسعت عيناها البنية بجحوظ وهي تعتدل في رقدتها لتهمس بصوت ابح
- وقاص
وكأن وجد متنفس لغضبه ، كان يراقب استسلامها للنوم لمدة ثلاث ليالي في فراشهما ، وكأنها تهرب من واقعها ، تلك الغبية المغفلة تشجعت امام ذلك الجرذ لساعة او ساعتين ، وتلك الساذجة الأخري جيهان التي أقرت بكل شيء ، عندما لم تستطيع اقتفاء أثرها ، ابتسم بشراسة وقال
- اخدتي حقك بايدك .. استريحتي كدا .. نارك بردت
ازدردت ريقها بتوتر وهي ترى أنامله تنغرس في لحم جسدها ، تأوهت بوهن هامسة
- وقاص
حدجها بنظرة مميتة جعل لسانها ينخرس لتطبق شفتيها وهي تراه ينتفض قائمًا من الفراش وكأنه يشعر بالقرف منها !!
- ريحي انتي تعبانة ، رايح اشوف رهف
انتفضت من مضجعها وهي تتمسك به ، رباااه تخشى أن يهجرها ، لن تتحمل هجره ابدًا ... يكفي تلك الكلمات المطمئنة التي كان يبثها في داخلها كلما استيقظت من كابوس يؤرق مضجعها ، سدت عنه الطريق وهي تهمس بتوسل
- وقاص اسمعني
لن يسامحها على ما فعلته ، لن يسامحها ابدًا ، قبض على ذراعها بخشونة وهو يقربها منه حتي اصطدمت بنيتها الضعيفة ببنيته الضخمة ، ارتعبت وارتجف جسدها بشوق وهي تسمعه يصيح بلهجة مميتة
- قولتلك حقك وهجيبهولك ... ممكن تقوليلي ايه كان هيجرى لو بنت خالك مبلغتش باللي حصل... ممكن تفهميني ايه هيحصل، للدرجة دي مش واثقة فيا
أهانت رجولته وجرحت كبريائه بفعلتها ، عضت شفتها السفلى وهي تحارب الدموع التي تجمعت في عيناها ، لمست وجهه بكفيها وقالت
- وقاص ابدا .. انا واثقة بيك جدا والله ، بس انا عارفة لو اخدت الخطوة قبلي ووصلتله عمري ما هحس اني اخدت حقي
لفحت انفاسًا ساخنة وهي تري شحوب وجهه وشفتيه التي ابيضتا وقبضة يداه اللذان يحاربهما بقوة كي لا يدك عنقها ، همست باستجداء
- انتي علمتني يعني ايه الدفا من جديد ... علمتني الحب يا قاص والحنية .. مشاعر كتير ادفنت جوايا انت أحيتها من جديد
هز راسه ساخرًا ، هو المصلح النفسي إذا لها ، شعر بالاختناق الي ما توصل اليه ... انتزع يديها وقال بجمود
- لطاما كل واحد بيعرف ياخد حقه بايده ، ظهرتي ليه قدامي
سارعت تقاطعه
- لان انا عايزاك ومحتجالك جدا
لم تعترف بحبها ، ما تشعره نحوه لم يصل للحب اطلاقا ، هز وقاص رأسه وهو يفكر بسخرية ... هل تتوقع تلك الساحرة أن تحل من جديد ؟ .. سخر وهو يقول
- وايه كمان
تلعثمت وهي تري توحش عيناه ، لا تعلم لما شعرت ان ما ستقوله لن يعجبه
- قلبك ده يقدر يدفي قلوب اللي حواليك
شخر وهو يمسك عضدها يسحبها اليه بقوة ليهمس بخطورة
- وانا ؟
اتسعت عيناها و ارتجفت اوصالها وهو يقول
- انا مين يقدر يصلح غلطاتي ... يقبل عيوبي
بهت وجهها وهي تفكر في إبعاد ما قاله ، اي عيوب وغلطات يتحدث عنها ؟! تمتمت بارتجاف
- وقاص انا معاك يا حبيبي .. فكرت كتير وخوفت اقولك تيجى تحبسني هنا ، كان لازم اطلع خوفي وقهرتي
صدر ضحكة خشنة وهو يهمس بخطورة
- تعرفيني كويس يا فريال
امتنعت عن الرد وهي تنظر اليه بتفحص ، تحاول استكشاف كلماته الغامضة ، تحاول ان تراه بصورة مختلفة .. كيف تضعه في صورة أخرى ؟! .. نظرت الى عيناه بشرود لتجده يقول
- انا مش بصورة ملاك زي ما انتي متخيله
ثم تركها .. بل نبذها بالمعني الحرفي لتنظر الي الباب الذي خرج منه بشرود .. ماذا يقصد ؟!
*******
تنفس سراج بحدة وهو ينظر الى الصندوق الخشبي الصغير ، لا يعلم لما هو غير مطمئن اطلاقا .. حك ذقنه وقد حسم امره وهو يفتح الصندوق .. أخرج الاوراق وهو يراهم مرتبين ومتدرجة في الالوان من الأقدم إلى الأحدث .. أمسك ورقة تحولت صفراء بفعل الزمن وهو يقرأ بصوت مسموع لما كتبته ، يبدو الخط طفولي بعض الشيء
" رأيته صدفة في النادي بملامحه الخشنة وغرته التي تسقط علي جبهته مما اضاف العبثية لملامحه.. فتاة بطبعي لا تستطيع أن تلفت انتباه شابًا جريئًا مثله ، حتى أنا لم أقدر على لفت انتباه لقلة خبرتي لكن حينما رأيته ينتقل من إمرأة لأخري في النادي لأعلم أنه ليس أميري المناسب "
عبس وعقد جبينه وهو يترك الورقة وسحب التي تليها ، ليتلهم سطور كلماتها
" أتذكر رؤيته حينما كنت في حفلة النادي .. كنت ارتدي عوينات ويداه ملتفة حول خصر امرأة شقراء ، كنت أنا بالنسبة للمرأة لا شيء .. لا اعلم كيف مراهقتي الغبية التفتت إلي رجل عابث مثله !!! "
ازدرد ريق سراج وهو لا يدع عقله التفكير للحظة ، سحب الورقة التي تليها
" نضجت وكبرت .. إكتشفت ان الحياة ليست بالوردية التي توقعتها ، بل يوجد ما هو أهم الدراسة ، اجتهدت كثيرًا وانا ادفن انثوتي التي تتصارع كثيرًا للخروج .. دفنتها حية وانا اتطلع الى المستقبل .. مرحي لقد نجحت "
دلك سراج عنقه وهو يزفر بحنق ، كظم غيظه وهو يسحب الورقة التي تليها
" لم اتوقع أن القدر يسخر مني لتلك الدرجة ، نعم قررت ان اترك جانبي العاطفي جانبًا لكن ان اراه مجددًا في حفلة خطبتي .. لقاء عابر من عيناه الساخرة رمقني بها ، رايت نظرة الإعجاب تلمع في عيناه ليتفشي بداخلي غرور انثوي لكنني وأدت ما شعرت به ما إن هبطت عيناي على خاتم خطبتي فخطيبي لا يستحق الخيانة ابدًا وقولت الحياة ستعوضني خيرًا !! "
زمجر سراج بوحشية ... تلك ... كيف .. كيف لم يشعر .. كيف لم يشعر بوجودها ، رباااه كيف ... سحب ورقة أخرى وهو يلمس اثار دموع من صاحبة الرسالة .. دمعات استقبلتها الورق واحتضنتها عندما علمت أنها الملجأ الوحيد للتنفس عن وحدتها ومشاركة مشاعرها المرهفة الحس
" تزوجت خطيبي .. دفنت مشاعر المراهقة ، نعم استطعت ونجحت نجاحًا ساحقًا ، زواجي كان مجرد سلعة .. عمي اعتبرني سبعة وتجارة يتاجر بها امام الجميع ، لم اعترض .. لكن نظرات حماتي هي أكثر ما ارعبتني .. توقعت انني سأحصل علي الراحة لكنه كان مجرد باب من أبواب الجحيم "
تهدجت انفاس سراج وهو يغمض جفنيه للحظات ... مصرًا علي المتابعة ، أعطته تلك الاوراق لانها تعلم انها لن تستطيع أن تواجهه تلك الماكرة، سحب ورقة أخرى وهو ينهش حروفها وكلماتها
" إهانة تلقيت … حاولت المعاملة بالحسنى لكنها رفضت ، تعاملني وكأنني لا ارقي لطبقتها الراقية ، اتهامات باطلة ألقتها في وجهي .. وزوجي كان يصدقها ، الذي من المفترض أن يكون الحامي الخاص بي تركني !!! "
احلي حلقه وهو يسحب ورقة أخرى
" صدمة اودت بحياة زوجي بسببها هي ، بسبب اصرارها على تركي للمنزل .. كانت تريد مني الخروج لكن إلى أين سأرحل وانا لن اجد من يتلقفني بذراعيه يخبرني انه معي دائمًا وابدا ؟!! "
تحشرج صوت سراج وهو يمسح دمعة فارة من عينيه
- يالله
تابع قراءة ورقة أخرى ... حروف كلماتها كانت سريعة وكأنها تفش حنقها ومقتها في الورقة التي تحملت قسوتها
" صبرت كثيرًا حتى بلغ صبري متنهاه ، ما قالته في حقي .. انني مجرد امراة فاسقة تتنقل من فراش لآخر من شركاء زوجي .. بل تلصصت علي وانا في حمام السيدات لتجعل شخصًا يلتقط صورًا فاضحة وترسلها الي زوجي الذي من صدمته لم يتحمل وقضى أيامه الاخيرة في العناية المركزة .. لذا بدأت انتقامي الخاص "
اتسعت عيناه بذهول ... صدمة جعلته يعيد ما كتبته ، والدته بعثت شخصًا من خلفها لحمام السيدات ليأخذ صورًا لها وتبعث الصور لأخيه ... لا يتصور حقد والدته يصل بها إلى تلك الطريقة .. سحب ورقة أخرى وهو يقرأ ما بها
" عذرًا ورقتي اهملتك كثيرًا لكن لم يكن شيء جديد في حياتي أخبرك به إلا أن أخبرك انني تزوجته ، القدر عاد يسخر مني من جديد وهو يعيدني اليه ... رغمًا عني تأثرت به ، منذ اعوام وانا صغيرة بلهاء انتظره ان يلقي بنظرة ولو خاصة بي ، لكن هو كما هو ... رغم الشيب الذي بدأ يغزو شعره الا هو كما رأيته سابقًا بوهيمي .. شهواني يرغب امرأة تدفء فراشه لا أكثر "
شهواني !!! حدق سراج في تلك الكلمة ، أهذا ما استطاعت أن تصفه به منذ أن اقترب منها ؟! ... زم سراج شفتيه ورغم عنه دقة خائنة دقت وهو يري كلمات عشقها المتوارية وكأنها تخجل الاعتراف بها ، رباااه صاح بها سراج ، ملكة الجليد تحبه منذ مراهقتها التعيسة ..
عقد جبينه بضيق وهو يرى أنه سحب آخر ورقة ، قرأ رسالتها
" سراج .. لم اجد سوى تلك الاوراق لتعرف عني كما رغبت ، لا تسألني لما بعثتها الآن .. اوراقي الأخرى كانت خاصة لشيراز هانم اعتقد ان مشاعري لها الاجدر بي ان احتفظ بها لنفسي ، إهمالي لحرف الراء لانني كنت اعاني منذ فترة طفولتي حتى مراهقتي لنطق حرف الراء بوضوح ، لكن عزمت علي النطق بالحروف ونجحت مثل سلسلة نجاحات عملي ، اخترت تلك النهاية لأنها الأفضل لي ولك ... ارجو ان ترسل ورقة طلاقي لنضال .. أعرف كيف ساتواصل معه ، أشكرك علي الايام السابقة سراج وحظًا موقفًا لعملك الذي تحبه بشغف .. سأشق طريقًا آخر بعيدًا عن الجميع ولا أعلم ماذا يخبئه القدر لي من أشخاص اخريين"
استقام سراج من جلسته ، نضال ... تريده ان يطلقها ويرسل الورقة لنضال لتصل إليها ، ذرع الارض جيئة وذهابا وهو يفكر في الأشخاص الآخرين ، رجلا تقصد ؟؟ رجالا صحيح .. تلك المرأة تستطيع أن تجعل الرجال أن يلفوا أعناقهم لرؤية فتنتها التي تظهرها بكل وقاحة ... صاح بتوعد
- اجيبك يا اسرار واقسملك ما هخليكي تشوفي نور الشمس إلا بإذني
*****
لا تصدق فرح اتصال تلك صاحبة عمل المشبوهة بها ، تخبرها بوجود زبون خاص ... لقد هددتها واخبرتها ان ستفضحها في منطقتها وجيرانها إن لم تأتي .
وها هي الآن تقف أمامها مذلولة ... تعلم أن طريق العهر يناسبها ويناسب شخصيتها ، هذا ما تستحقه للحصول على المال الوفير ونسيانه
تمتمت فرح الي صاحبة العمل ، السيدة الأربعينية عابسة الوجه وهي تحاول أن تعدل قرارها
- انا قولتلك انها كام اسبوع واجي
نعم مجرد ايام لتنهي أيام عدتها وتلتفت الى عملها الجديد ، نظرت اليها صاحبة الشقة وهي تتفحصها بضيق
- والله يا عنيا انتي اللي جيتي هنا وطلبتي الشغلانة ، ومحدش ضربك علي ايدك وقالك تيجي
عضت فرح على شفتها السفلى وهي تنظر الى الرجل الذي خرج من الغرفة مغلقًا سحاب بنطاله والمرأة خارجة وشرشف يغطي عريها ، كانت علي وشك التقيؤ وهي تجد أن تلك المرأة تقترب من سيدة الشقة تعطيها المال لتغمز المرأة بشقاوة في حديث أعين لا تعلمه ، تمتمت فرح بقلق
- لكن
اعترضت السيدة قائلة وهي تصيح بلهجة حادة
- بدون لكن يا عنيا الزبون مستنيكي على نار من اول ما شاف صورتك ، شرفيني وارفعي راسنا وانتي وشطارتك بقي في السعر ، الزبون لازم يتكيف
همت بالرفض لكن وجدت رجلاً غليظ سحب ذراعها متوجهًا بها الى احدى الغرف ، تسمع الي ضحكات خليعة ورقص بذيء من النساء للرجال لتبتلع ريقها وهي تنساق كالشاة إلى الذبح حينما دفعها الرجل إلى غرفة وأوصد الباب ليمنع عنها الفرار .
اختنقت أنفاسها وهي تنظر الى الغرفة تتفحص اضائتها الخافتة التي منعتها من رؤية الرجل ليأتي ظله وهو يقف مواجها لها ، ارتعدت أوصالها واصوات الضحكات الخليعة من الخارج تصلها ، أصوات السباب اللاذع يصلها بكل وضوح ... جحظت عيناها وكتمت شهقتها حينما استمعت إلى أصوات رجل وإمرأة في الغرفة التي بجوارها يصل هو الآخر بوضوح ، لا تعلم لما حاسة اذنها تعمل بقوة لكنها لم تنتبه سوي لنبرة الرجل
- اقلعي
اطلقت صرخة ثم كتمتها بكف يدها وهي تعود للخلف عدة خطوات، صوت الضحكات الخليعة تطن اذنيها .. شل عقلها وجسدها عن العمل وهي تهمس بإضطراب
- نعم ؟
- احنا لسه هنتكلم بقولك اقلعي .. خليني أشوف سعرك يستاهل ولا لأ
صوت الرجل لم تستطيع أن تميزه وصوت الطنين في اذنها بدأ يزعجها ، علمت انها في كارثة .. كارثة سقطت فيه بغبائها ، انتفضت ما إن استمعت الي تعليق الرجل
- واضح انك بتيجي بالطريقة التانية وماله ، خلينا في العنف
ودت الصراخ .. لكن لسانها ألجم بطريقة فظيعة وهي تشعر بإقتراب ظله الضخم نحوها ، سيأكلها ... سيفترسها حية .. غمغمت اسمه بضياع
- نضال
انفاس حارقة لسعت بشرتها وهي تشعر بانامله تتجرأ للمس مفاتنها ، عضت علي شفتيها وهي تنكس وجهها ارضًا .. نزع بلوزتها والقاها ارضًا وانامله اتجهت نحو البنطال ليفتح سروالها ، دس بوجهه في عنقها وهو يتنفس عطر جسدها بنشوة ..
لا تشعر .. لا تتحرك ..كل أجهزتها ومراكز الحس والشعور توقفت عن العمل ، هي غير قادرة على الاستيعاب أن رجلا يلمسها ، قبلاته تتناثر علي طول جيدها لتسمع صوته الساخر وهو يهمس في اذنها بإغواء
- تؤتؤ الصراحة ازعل جدًا انك قدرتي تنسيني بالشكل ده
