في قبضة الإمبراطور
الفصل العاشر والحادى عشر
بقلم ميار عبدالله
توقف امام منزلها متمعنا في هدوءه وتلك الاضاءة الخافتة
الصادرة من الغرفة العلوية ، من هي فريال الشواف ؟
امرأة تثير به شيئان
الأول اسقاطها من برجعها العاجي والثاني ابقاؤها فيه
هي ببساطة تربكه وتثير به نوازع الحماية الذكورية ... رغما عن انفها هي امرأة تستنجد به وهو دائما ملبي لنداء الحماية والعون ... عيناها البنية تصرخ دائما للنجاة لكنه مكبل بالالاف الخيوط ..
والسؤال يطرح نفسه ....
- يا تري ايه العلاقة بين عزيز وعيلة الجوهري ؟
......................
اما عنها ...
فهي مقيدة بأغلال لعنته ... لا تستطيع الفكاك منه .. افرض حصاره عليها حتي ما عادت تستطيع الخلاص منه ... شعرت بمن يخنق عليها مجري التنفس في نومها ، فتحت عيناها بنعاس لتقابل ظل اسود ضخم ودوي قلبها هلعا حينما استمعت الي نبرته المتوحشة
- افتكرتي اني مش هعرف اجيبك
اتسعت عيناها البنية هلعا وتراقصت دقات قلبها جزعا وهي تشعر بشلل في اطرافها الاربعة وأزداد من اختناقها حتي استحال وجهها للحمرة المتقدة ، همست بثقل وهي تحاول حث يديها للحركة لتنفلت منه
- عزيز ؟
اقترب ذلك الظل الضخم يقتحم عيناها المذعورة لينتشي الاحساس بالسادية في داخله .. انتفخت اوداجه غرورا قائلا وهي يقبل شفتيها الشاحبتين بقبلة دامية كادت ان تخنقها
- ايوا عزيز يا فريال ... فين اللي خبتيه؟
خف قبضته وهو يلامس جسدها بحسية مقززة هابطا برأسه دامغا عنقها بملكيته .. ليتهز بدنها خوفا عزيز هنا ... تلك المرة لا تحلم .. وما ان شعرت بتمزق منامتها بشق طولي حتي اتسعت عيناها ونيران مستعرة تخرج من مقلتيها وهي تزيح يديه صائحة
- مش معايا حاجه
رأت ذلك الجنون في عيناه ... ذلك الجنون قبل ان يمارس ساديته عليها بكل اجحاف وتقزز ... تلك السادية اللعينة المخبأة خلف اطار انيق وثياب باهظة الثمن ... امسك خصلات شعرها القصيرة وشدها بعنف المها وهي تجر خلفه كذبيحة ... ألقاها بكل قسوة علي الحائط وصاح بجنون وهو يري مفاتنها المخبئة خلف صدريتها
- فين يا فريال السي دي
اغمضت جفنيها بأرهاق ... كلا لن تعود لتلك الأيام مرة سابقة .. تحاملت علي ساقيها منفضة عنها رداء الذل قائلة بجمود
- مش معايا حاجه
قلص المسافات التي بينهما وهي ينظر اليها بجنون والي صدريتها اللعينة قبل ان تمد يده يتنزع منها الصدرية لتغلق عيناها والحيوان يستبيح النظر الي شيء لم يكن له ...
الخضوع والاهانة وذكريات قديمة مرت عليها من العذاب الجسدي والنفسي معه جعلها ضعيفه مستسلمة امامه فقط .. .وضعت يديها علي صدرها وهي تستمع الي صوته الغاضب
- هعرف اجيبه كويس ... واللي بتتحامي فيه مش هيقدر يعملي حاجه
تلك المرة نظرت الي الارضية وصوته ورائحته الخانقة اختفت من محيطها ... نظرت الي المراة وهي تنظر الي مجرد علامات مقززة وشمت جسدها ... تراخت ذراعيها وهي تنظر الي ما خلفه ... صرخت بأعلي صوتها وهي تمسك بزجاجة العطر ترميها بقوة علي المراة صائحة بوعيل
- ليه يا ربي كدا ؟
............
انتفض وقاص ما ان استمع الي اصوات خافته تصدر من تلك الشرفة اللعينة .. خشي ان يكون مجرد مكالمة تجريها في منتصف الليل .... وما ان استمع الي البكاء المذبوح حتي شد قامته وسارع بأقتحام منزلها .... لكن عينان شديدتان السواد لم تجفل عن دخول الرجل لمنزل زوجته !! .........
صوت الصراخ كاد يصم اذنيه وهو يتذكر الصراخ الشبيه بصراخ شقيقته .... ما ان وصل لباب غرفتها حتي تخشب جسده من هول ما راه ... اغمض جفنيه وهو لا يصدق حالتها تشبه حالة رهف ، اقترب منها وقد غامت عيناه بالشراسة البدائية ... هو هنا ولم يحميها ، انتقلت عيناه الي جيدها المحفور بعلامات رجل وما ان اخفض بصره حتي اشاح رأسه شاتما بعنف وهو يخلع سترته ويغطيها به ...
رفعت عيناها ما ان شعرت بذراعين حانيتين تهدأ قلبها الملكوم ... رغم عيناه التي تصرخ بالثأر لكن التمست به دفئا لم تراه قبلا .. احاطت يدها علي وجنته وهمست بنجدة
- وقاااص
استندت عليه وهي تعود معه للفراش لتضم سترته بقوة عليها ... وهو يكاد يموج ويعصف غضبا ... يقسم انه لن ينفلت منه ومن بطشه ، يحاول قدر الاماكن التحاشي من النظر لشعرها المشعث وشفتيها الداميتين ليهمس بصوت دافئ
- مين اللي عمل كده؟
سالت الدموع من ماقيها وهي تدس بجسدها بين ذراعيه .... انفجرت في البكاء حينما شعرت بذراعيه تحيطها من كل جانب ، لتمهس بنبرة مجهدة
-انا تعبت ... بعده عني
لقد سئمت من كل شئ ... ضعفها وقلة حيلتها امامه ، يخبرها ببرود انها لم تتغير .. استمعت الي صوته الامر
- فريال
رفعت عيناها الي عيناه الملبدة بالغيوم لتهمس اسمه
- عزيز رجع
وتم وضع عزيز الي القائمة السوداء .
*********
- ها ؟
تساءلت بها رهف وهي تكاد تفرك يديها من التوتر ... انه ثالث يوم علي التوالي تفشل ما تصنعه ... كادت تشعر انها ستخنقه من عنقه وتريحه من البشرية ... ذلك الرجل ذو النبرة الشامية التي تجعل رواد المطعم نساءا اكثرهم في المرحلة المراهقة متهافتة عليه ... تستعجب تحوله اللطيف خارج اسوار المطبخ وما ان يدلف حتي يتحول لغضب الليل .
اغمضت جفنيها بيأس حينما استمعت الي صوته الجاف بعد تذوقه القضمه الاول
لتالت مره مو مضبوط-
تم وضع ذلك الرجل في لائحة تحت عداد الموتي ... نظرت الي المدعوة بيسان التي علمت انها سورية الاصل تنظر اليها بتشفي شديد قبل ان تغادر وتنتبه الي عملها ... نظرت الي الجميع المنشغل في عمله لتقع عيناها علي عيناه الخضراء الراكدة لتهمس بأحباط
يعني انا كده فشلت -
اومأ براسه ببرود .. وتلك النقطة انفجرت في بكاء طفلة صغيرة منعتها والدتها من الحلوي ... بكاء مخزي لسنها وامامه وهو يتملل في وقفته قبل ان تسمعه يشتم شتيمة لا تعلمها معناها .. ووجدت صوته الحاني ينساب علي مسامع اذنها المرهفة
ليش عم تبكي ؟-
لما عليه ان يتحدث بتلم النبرة اللعنة ... ليعود الي نبرته الحازمة الباردة تلك بدلا من نبرته الناعمة التي تجعل فتيات المطعم يكادون يقذفون عليه بالقبلات والأحضان الحارة ... زادت بكاءا وهي تلعن تفكيرها المنحرف لتنظر الي عيناه هامسة بصوت مخجل
عشان فشلت ... كل حاجه ادخلها افشل فيها-
هز رأسه يائسا وتقزز ما ان ابصر انها تمسح يديها علي وجهها ودموعها ... ابتعد لعدة مسافات وصاح بصوت امر لايخفي عليه تقززه
-اهدي وماتبكي.. عشر دقايق استراحه وبترجعي مره تانيه
استجابت له وهي تزجر نفسها علي طفولتها ومنظرها المخزي امامه ... تعلم تقززه وقرفه من عدم النظافة سارعت بتبديل قميصها ومريولها لاخر نظيف ودلفت الي الحمام تهدأ من روعها قبل ان تعود اليه لتجده ينظر الي طبقها بتدقيق جعلها تفكر ساخرة من منظورته العجيبة
ما ان ابصرها تتقدم اليه سألها ببرود تمقته
احسن ؟-
حسنا تعترف بروده وجفاءه افضل بكثير من تلك النبرة الناعمة .... ردت بجفاء
احسن -
عقد ساعديه علي صدره وهو يقول بصوت رخيم
-كل شيف هون مر بمراحل اسوأ بكتير منك ...الطبخ مو مجرد اكلة لنسد جوعنا .. الطبخ فن واجب نقدسه .. كل مرحلة فاشلة لطبق مو معنا انو نحنامو قد المستوي لأ مرة عن مره بنتعلم خطوة وبنصلح الغلطة اللي قبلها
هزت رأسها لتسمعه يقول
تعي شايفة الشيف اللي هنيك -
عبست وهي تنظر الي يداه التي تشير الي رجلا يطير بالعجين في السقف ثم يعود بها الي الرخام لتهمس
-ايوا
غمغم بهدوء
-الشيف هاداول اختبار ألو كان الرز ... الرز كان تحضيره سهل ياترى كل مره رح يطلع بنفس الكفاءه
ضيقت عيناها بعبوس شديد وهمست بعدم فهم
مش فاهمه ؟ تقصد انه فشل-
تري عيناه التي ازدادت قتامة لكنه فسر ببرود
-فيه انواع للرز وبيختلف من واحد للثاني حسب كمية المي اللي عايزا ... انت ك شيف واجب انك تعرف من النظرة للرز محتاج قديش مي ليستوي
"نعم ياروح والدتك الغالية" هتفت بها سرا وهي تبتسم ببلاهة .. جعل نزار يستشاط غضبا من غباءها ليصيح بعنف
-ايديك مهزوزة يا انسة رهف محتاجه تظبيط في التقطيع ... لان التساوي في تقطيع البيتنجان والبطاطا رح يخلي عميلة السوا للصنية وحده غير شكلها الجمالي
"يا راجل مش تقول كده " هتفت بها سرا ولا تستجرأ ان تقولها امامه لتهتف بوداعة
تمام فهمت يا شيف -
تنهد زافرا بحرارة وهو يستعجب من كمية صبره علي تلك الفتاة .. رباااه لما وافق علي طلب شادية من الأساس كان يجب ان يتأكد انها خبيرة وليست فتاة لعبة مدللة اعجبها شيء يدعي بالمطبخ .. لكنه سيبذل قصاري جهده ان لم تفلح سيطردها شر طريدة منها ... قال بوجوم
-بقية اليوم إجازه ألك بكرا ان شاء الله بشوف الطبق
انشرحت اساريرها وصاحت بمرح
شكر يا شيف-
حالة ميؤسة منها تأكد من ذلك ... صاح محذرا
-اهم شيء المواعيد متتأخري
ادت التحية العسكرية صائحة بمرح وهي تنزع مريولها
-ابدا شيف
ثم ذهبت الي غرفة تبديل ملابس النساء لتجد هنادي وهي ترفع يديها بمرح
- مش قولتلك انه طيب
عدلت قميصها القطني وخصلات شعرها قبل تلقي قبلة في الهواء
- عندي اجازة هروح الحق اضبط الطبق
تمنت لها هنادي الحظ قائلة
-بالتوفيق يا رهف
*********
نظرت الي حالتها ساخرة ... ها هي تقف في القاعة التي سيزف بها طليقها ... خطيبته اللعينة تلك ستقتلها .. تتدخل في اشياء تخص عملها بحجة انها تطمئن اللعينة تقسم انها ستقلع خصلاتها الزائفة ... الحية القذرة تلقي كلمات سامة علي علاقتها السابقة بطليقها بحجة الاطمئنان .. تحمد اليوم هو يوم الزفاف والا وجدتها تقف علي رأسها طوال ذلك اليوم الذي لا ينتهي ...
ارجعت خصلاتها السوداء للخلف وهي تلمس قماش الكرسي الناعم لتصيح بصوت عملي
- ضبط الكراسي يا محمود في اماكنها من فضلك
انتبه محمود نحوها ثم ترك ما بيديه ليقول بنبرة هادئة
- تمام يا استاذة
القاعة تضج بالعمال لانهاء اللمسات الاخيرة وكم تتمني احتراق الفستان حينما تمر في ذلك الممر الطويل الذي سيشتعل برذاذ ناري ... انتبهت علي وجود زينة متدلية بغير سواها لتسارع بأخذ السلم وتصعد عليه وهي ترفع بقامتها لاعتداله غير منتبه لأنحسار قمصيها القصير ليبرز خصرها وبطنها ... استمعت الي صوت اجش اثار رعبها
- نزلي دراعك
تشبثت بالسلم بقوة كي تحافظ علي اتزانها واغمضت جفنيها وهي تعد للعشرة قبل ان تنفجر به صارخة
- نعم
صاح معنفا بخشونة
- بقولك نزلي دارعك جسمك مكشوف
مالت بجزعها وصاحت بحدة
-وانت مالك انت يا بني ادم
زمجر بوحشية وهو يتذكر حينما دلف للقاعة نظرات الشباب نحوها ونحو خصرها العاري .... الوقحة لا تستحي ابدا
- من واجبي الحفاظ عليكي وواضح انك مش واخدة بالك من ان فيه فوق 20 راجل في القاعة وكلهم بيبصوا علي عرض الاغراء اللي بتقدميه
نظرت الي ارجاء القاعة والي الشباب الذين يشاهدون تلك المسرحة الهزلية ... زفرت بحدة وهي تترفع عن شكره قائلة
- انت ... انت تجاوزت حدودك
رمقها من رأسها لأخمص قدميها حينما هبطت بساقيها الي الارض ليقول بتهكم
- عارف حدودي كويس يا استاذة الدور عليكي انتي
هزت رأسها بلا مبالاة
- اوووف مستفز
غمغم ببرود
- انا في الخدمة دايما
كادت ان تلقي عليه سبابا لاذعا لكن نداء خبيث صدر من خلفها قائلا
- استاذة شادية
وهل يوجد غيره .. عريس الغفلة ام يصح ان نقول طليقها ... دارت علي عقبيها وهي تعقد ساعديها علي صدرها صائحة بنفاذ صبر
- اهلا يا استاذ معاذ اتفضل حضرتك
رمق معاذ الجثة الضخمة التي تحميها ليقول
- ممكن نكون لوحدنا شوية
هزت كتفيها ببرود
- زي ما حضرتك شايف ... ورايا شغل حضرتك والمفروض يخلص علي العصر علشان قاعة حضرتك تكون جاهزة
اطبق شفتيه للحظات قبل ان يقول
- انا مكنتش اعرف انك ماسكة الشركة نجوي انا اللي سيبتها تمسك المواضيع دي
وجاء معتذرا علي تصرفات عروسه الحمقاء .. مررت يديها علي خصلات شعرها صائحة بعصبية
- وشايفني مثلا ميته من العياط او مقهورة او بقطع في شراييني يا معاذ
اتسعت عيناه وقال نافيا
- لا مش القصد
قاطعته وهي ترفع كفها في وجهه بوقاحة
- كويس ... علاقتنا السابقة مش هضر شغلي متقلقش ولا علاقتك بالهانم واضح انها عارفة كويس من قبل ما تيجي انك طليقي .. والصراحة الست معذورة بردو عايزة تعرف ان كان فيه بينا كلام او لأ ... ما انا في الاول وفي الاخر طليقتك اللي بتجهز قاعة فرحك علي الانسة المحترمة
احتقن اذنيه وصاح مبررا
-شادية انا
صاحت منهية تلك المهزلة التي طالت لاسابيع كثيرة
- حركات العيال دي بتاع خطيبتك انا مش فايقالها ... هيكون ده اخر تعامل بيني وبين عيلتك وعيلتها
كاد ان يتحدث لكن تلك الهيئة الضخمة التي تحميها من الخلف جعلته يحتفظ بباقي العبارات في فمه ... اقترب احدي العمال منهم خشية ان يلاقي غضب رئيسته ليقول
- استاذة
زعقت في وجهه بعنف هو الاخر قائلة
-ايه؟ ... قولي ان الفندق بيولع واهو نستريح
ازدرد ريق الشاب وهو يجيب
- فيه واحد منتظر حضرتك برا القاعة
سكنت ملامحها للحظات وهي تستعيد وجهها العملي البارد لتقول
- اسمه ايه ؟
اجاب وهو يتفحص الحارس الشخصي الضخم الذي يجعله يرتعب كلما مر بجوارها
- ماهر
ابتسامة ناعمة زينت ثغرها وهي تسارع بالخروج من القاعة لتراه واقفا بشحمه ولحمه امامها .... اخيها عاد من السفر ... سارعت بارتماء نفسها بين ذراعيه اللذان استقبلانها بكل شوق وترحيب .
*****************
تلك المرة تدخل الي الشقة بأسم زوجته شرعا وقانونا ... تلك المرة اختلفت رؤيتها للاشياء
، رغم علمها ان نضال لا يفعل ذلك دون مصلحة لكن كونه اختارها هي بين جميع النساء من الطبقة المخملية فهذا يعني الكثير انه يعطيها شيء مميز عن باقي النساء ..
وقفت عند منتصف الردهة وهي لا تعلم اتذهب الي الصالون ام الي غرفة النوم متطلبا حقوقه ... وجدته يعلم ارتباكها ليميل بشفتيه طابعا قبلة ناعمة علي عنقها مدغدغا بها مشاعر عديدة وأولها هي الخجل الغير مبرر ... همس بنبرة ناعمة
-مبروك يا زوجتي
رفعت عيناها الضارعتين لتقابل عيناه العميقتين ... عيناها تستنجدانه بصمت ، وهو قبل دعوتها وهو يسحبها بقوة الي ذراعيه وهي تشهق من فعلته التي لم يقدم عليها سابقا ، وقبل ان يتسنح لها فرصة للرد وجدت شفتيه عانقت شفتيها بشغف لم تراه قبلا ولم تتعلمه علي ذراعيه سابقا ... زاد عناقه جموحا وهو يتركها مسلوبة الانفاس لتشهق بعنف هامسة بلهاث حاد
- نضال
انفاسهما ممتزجة بطريقة تبدو اكثر حميمية عن السابق .... تلك المرة جعلت قلبها يشارك ذلك العناق المسلوب الانفاس ليمس شفتيها بابهامه وهو يلمسه بحسية جعل جسدها ينفجر بالعديد من الانفجارات الانثوية ... تكاد الارض تميد بها وساقيها تحولت الي ساقين معكرونة حينما همس
- نعم
تقسم ان هذا كثير عليها ... همست بصوت مثخن بالعاطفة
-عايزنا نوصل لايه بجوازنا
نظر الي عيناها وكان يعلم انها تخبئ ذلك الحب خلف قناعات وهمية .. ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيه وقال
- تؤتؤ يا بيبي اسمها عايز اوصل ايه انا بجوازي منك
اسدلت اهدابها وهي الساذجة علمت اي لعبة دخلتها بقدميها .. رفعت عيناها وغمغمت بأختناق
- توصل لايه؟
نظر لعيناها الجميلتين ليلمس خصلات شعرها الناعمة بأصابعه ليقول بصوت بارد
- شمس
اتسعت عيناها بجزع وقبضة باردة اعتصرت قلبها لتنظر اليه ببهوت قائلة
- شمس مين؟
ابتعد عنها وهو يشعل سيجاره ليأخذ نفسا عميقا قبل ان يطلقه في الهواء قائلا
- ايه يا بيبي مش معقول انك مقريتيش الاخبار عني بقيت علي سيرة كل الناس
ذلك الخبر الذي جعلت اسهم شركته تنخفض حينما كان علي وشك ان يحصل علي صفقة جديدة لكن يبدو من الاخبار انه لم ينالها والشركة رفضت المشاركة معه ..بللت شفتيها بتوتر
-علشان فضحتك ؟
نظر الي الدخان المتطاير في الهواء وهو يغمغم ببرود
-مش فارق معايا ... لكن توصل لشغلي ده خط احمر
قست عيناه بشرر ناري جعلها تكتم شهقتها بقبضة يدها لتهمس بجزع
- وتاخد بنتها من حضنها ؟
هز رأسه بلامبالاة وقال بجمود
- هي اللي اصرت انها تدخل معركة مش ليها
اقتربت منه تنفجر منه بحدة ... اللعنة كيف يكون لها يد لتبعد ام عن طفلتها ... ماذا يخال نفسه فاعلا ؟!
- ازاي انت بالجبروت ده
اطفأ عقب سيجارته في المنفضدة لتشتعل عيناه بالسواد الجحيمي صائحا
-انا ... مجرد واحد بائس عايز يعيش ... الدنيا مدنيش سعادة واحدة من اول ما جيت ، اب رفض يثبت ابوته ليا وكل ده لاني مجرد ابن من عشيقته ... عيلة رفضت تاخدني وتعتبرني من اهلها لحد الان
شحب وجهها وهطلت عيناها بالدموع لتسمعه يعلق ساخرا
-مالك مستغربة ليه ما كل الحاجات ديه هتلاقيها منشورة في اي جرنال او موقع
زاد هطول دموعها .. ربااااه اي حياة تعيسة عاشها هو .. هو مجرد منتقم بائس ، منفسه الوحيد ليحظي بالاهتمام هو عمله ، اقتربت منه تحيط كفيها في وجهه قائلة
- سعادتك هتيجي في يوم يا نضال
تعمق النظر الي عيناها ورد
- مش محتاج سعادة انا تكيفت علي كدا
تلك النظرة تعلمها جيدا
تلك النظرة التي تصمت بها عقلها
وتستجيب الي قلبها
تلك النظرة المتطلب منها ان تمنحه كل شيء
استجابت اليه بصمت وهو يسحبها الي عمق خبيث !!
*************
لم يفق من نومه سوي من رنين ملح جعله يرد بصوت ناعس ليأتيه صوت ينفجر في البكاء المرير
-ماهر ارجوك انا محتجاك
لا يعلم كيف انتفض من الفراش بل وغير ملابسه ولا كيف انطلق بسيارته وفي دقائق قصيرة وصل الي مسكنها .... وهما الان عند المحامي الذي تكلف برفع قضية النسب ويبدو ان الامر لم ينتهي عند ذلك الحد كما توقع و بكاء مارية لا يقدم شيء ولا يؤخر سوي انه يزيد من قلبه حزنا وغما بسبب دموعها المرير وملامح المحامي الغامضة جعلته يعلم ان هناك اشياء عظيمة لن تعجب قاسيته ابدا ...
ضيق عيناه و يعلم ان شمس هي الضحية في ذلك الحرب ليقول
- خير يا متر
خلع المحامي نظارته وشبك اصابعه قائلا بصوت مهني
- الاستاذ نضال رفع قضية حضانة
جزت مارية علي اسنانها لتنفجر صارخة في وجه المحامي
- مش هو كان رفض ابوته ليها .... رافع القضية ليه ؟
ضيق عيناه بيأس وهو يسحب يدي مارية يضمهم في كفيه ليستفسر الي المحامي قائلا
-طب مش القانون هنا يدي الحضانة للام
اومأ المحامي وقال بنبرة عملية
- مضبوط مع وجود سكن وعمل ثابت
صاحت مارية بلهفة وهي تمسح دموعها قائلة
- انا عندي سكن وعمل هيكون موجود
ضيق ماهر عيناه للمحامي ثم استفسر بوضوح
- هل فيه احتمالية انه يكسب
نفي المحامي قائلا
- حاليا لا مع الاوضاع اللي قالتها المدام مارية ... الحضانة حتي لو سقطت منها تقدر تتنقل لحد من عيلة الام لو كانت ام ام موجودة .... او
عند تلك النقطة كادت مارية ان تفقد اعصابها من تلك الكلمة ... ليحثه ماهر ببرودة اعصاب
- او ايه يا متر ؟
نظر الي الاوراق وقال بجمود
- هو مقدم للمحكمة انه عنده زوجة ومرتب ثابت ومسكن للطفلة
شحب وجه مارية ونظرت الي ماهر تخبره ان ينفي ذلك الهاجس ... اللعنة هو لم يري الطفلة لم الان متأكد ان تلك الطفلة منه بل يريد ان يأخذها منها ... صاحت بصوت خاوي
- يعني هياخدها مني
ضمها ماهر وربت علي ظهرها قائلا
- اهدي يا مارية
تنحنح المحامي قائلا
- احنا هنمشي في الاجراءات وان شاء الله خير
.............................
دخلت الي شقتها بخواء شديد وهي تضم حضن طفلتها الي صدرها ... لن تترك طفلتها له ... علي جثتها سيكون ... علي جثتها ان لمس شعرة منها ... هي الوحيدة التي تصبرها عما يحدث لها
وضعتها علي مهدها ثم التفت لتجده واقفا عند مدخل الباب ..اقتربت منه وهي تندس بين ذراعيه قائلة بنحيب
- هياخدها مني يا ماهر
يلعن قلبه الذي يستميل اليها رغم كل شيء ... رغم حبها لذلك النذل ... رغم عملها السابق .. رغم انانيتها ... الا انه يراها طفلة تجهل مفاتيح الحياة التي تعبث بها برعونة ..
شعر بجسدها يختض بين ذراعيه ودموعها تبلل قميصه ليضم جسدها بقوة معتصرا اياها بين ذراعيه ليسمعها تقول بصوت واهن
- ليه مكتوب عليا كده يا ماهر ... في الاول نفس غلط ماما بيتكرر عليا ... بابا اعجب بالامريكية ومشي علي الجو الجديد اللي عجبه ولما قرر يتجوزها اهله رفضوا ومنعوا منه الفلوس وقتها كانت ماما حامل في اسيا
يسب اسيا لعدة مرات التي استأمنته عليها ... معللة انها لا تستطيع في الوقت الراهن ان تكون بجوارها .. كان قادرا ان يطعن قلبه والذهاب لكنه اصبح مكبل بمسؤولية اختيه و تلك الخائنة الجميلة .. تمتم اسمها بهدوء
- مارية
رفعت عيناها المنتفختين من اثر البكاء لتهمس بألم
- وجيت انا بعد كدا وحالتنا كانت وحشة .. بابا حاول ان يستنجد حد من عيلته لكنهك رفضوا دم عيلتهم يختلط بدم نجس زينا وكبير العيلة قرر انه يطلقها علشان نعيش حياة كريمة
سحبها معه الي الاريكة لتنساق خلفه ولم تشعر سوي ان تسقط بين ذراعيه لتتابع سرد حكايتها بألم
- بابا وافق ... بعد كل تشبثه بماما طلقها واتجوز بنت عمه ... واحنا سابنا بدون حماية ، مشوفتهوش بعد كدا وكان فاكر ان الجد هيبعت فلوس لينا لكن مشوفناش قرش منه .. ماما اشتغلت في حانة زي ما حصلي الفلوس كانت كتير في سبيل للحياة لينا
صمتت للحظات وهي تتذكر اغبي قرار اتخذته في حياتها بأكمله ... عضت علي شفتها بندم قائلة بمرارة
- وبقيت مضيفة وليا مركز واسيا ليها شركة صغيرة ... لكن واضح ان الجد عنده حق ان دمنا بيجري في نجاسة
صاح بصوت حاد معنفا
- مارية
تمتمت بتوسل شديد
- متسبنيش يا ماهر ارجوك انت الوحيد اللي فضلت ليا
رباااه اي عذاب اكبر تضعه هي ... انها تزيد الوقود في النار ... تمتم بعذاب
- مارية
وجاءت القشة لتقسم ظهر البعير وهي تتابع بأستنجاء
- اوعدني انك مش هتسبني هموت والله
وجاء الوعد من شفتيه
- مش هسيبك
ولتزيد عذابه اندست في ذراعيه اكثر بحميمة وهي تضم ذراعيها حول عنقه هامسه بنعومة
- انت اماني يا ماهر
ولسانه يتمتم الرحمة يا الهي ... سترديه قتيلا قريبا تلك الطفلة المغوية !!!
******************
حينما يدق جرس الخطر في اذنيك
دعه يأتي ولا تغلق ابوابك خوفا
فالفارس من يستعد للحرب والجبان من يغلق ابوابه حتي يقاتلوه في عقر داره .
وهي استعدت للحرب التي جاءت بأنذار لكنها تغافلت ان الخصم يجابهها قوة ومكرا ..
كانت تقطع حمام السباحة في منزلها عدة مرات حتي شعرت بتعب في عضلات ذراعيها لتنسحب متوجهه الي احدي الارائك ... جففت بالمنشفة جسدها المبلل لتشعر بالخادمة التي اصر علي وجودها وقاص منذ تلك الليلة التي افصحت عن مشاعرها اليه ... شكرتها بلطف وهي تتناول شرب عصير البرتقال المنعش ...
وحينما دارت علي عقبيها اصطدمت بهيئة تفوقها طولا وظله يبتلع جسدها ، رفعت عيناها اليه لتقع عيناها علي عينان احتارت في معرفتهما ، ابتسمت بنعومة قائلة
- صباح الخير
ضم يديه في جيب بنطاله ونظر مدققا الي ثوب حمامها الاحمر الفاضح ليقول بدون مواربة
- قوليلي ايه علاقة طليقك ب عيلة الجوهري
تنهدت وهي تضع كأس العصير في المنضدة الصغيرة القابعة بجوار الاريكة لتقول
- تفتكر ايه السبب للطلاق؟
غمغم بسخرية
- خلافات مثلا
اجابت بصراحة وهي تجلس علي الاريكة ليشرف عليها بطوله العظيم
- ومتقولش ليه انه بيتاجر في المخدارت
لاحظت عدم رده لتنفجر ضاحكة وهي تعلم ما الذي يفكر به .... ابن الطبقة المخملية لا يصدر عنه تلك التصرفات ...غمغمت ببساطة
- مش قولتلك انت عايز الراس الصغيرة وانا الكبيرة
مال بجذعه لينظر الي عيناها البنية ... بهما جمود وقسوة وعلم ان كل ذلك ما هو الا زجاج شفاف خادع .. سألها بجمود وهو يكاد ينبش اظافره في باطن يده
- وسبب الليلة ؟
تحولت عيناها القاسية تدريجيا الي سكون ثم تبلد لتهمس بصوت خاوي
- تار قديم بيني وبينه ... وهينتهي بموت حد فينا
ذلك الحقير بسبب معارفه استطاع ان يدخل الي القرية ... وكل ذلك بسبب والده العظيم الشريك في المشروع الضخم الذي لم يقدر علي تمويله بمفرده .. صاح بخشونة
- عايز منك ايه؟
هزت كتفيها وقالت بصراحة
- سي دي عليه فضايح
لا يصدق ما تقوله ... تلك المرأة كانت تبدو عاشقة ومتيمة في ثوبها الابيض الملائكي وشعرها الطويل كان يحاكي به شعرا ... صور زفافها القديمة كانت امرأة تضج حيوية وبراءة .. ما الذي فعله الرجل بها لكي يمتص منها حياتها ؟!!! اهي مجرد خيانة وتجارة ام ســــــادية يمارسها بجنون مثلما رأي تلك الليلة المشؤومة؟!! ... لا يصدق كيف اصبحت هي من ضمن اولوياته منذ ذلك اليوم .. الخادمة التي جلبها تخبره بتفاصيل حياتها اول بأول ... ولا يعلم كيف يحافظ علي ضبط النفس امامها تحديدا ... عبس متهكما
- لتجارته ؟
اجابت بجمود وقطرات الماء تهبط من خصلاتها القصيرة الي جيدها ثم تختفي بخبث بين طيات الثوب الأحمر بشيء من الجاذبية تستفز رجولته الحارة
- كل اللي نفسك فيه واللي ميخطرش علي بالك
صفق وهو يتمتم اعجابا
- احييكي علي صراحتك
رفعت رأسها لتنظر الي عيناه ... بهما وعدا خالصا وحماية قادر علي تقديمها ... وهي سأمت من الهروب منه في كل مرة ، قالت
- انت مصر تشوفني اني غامضة ... لكن انا اهو قدامك
- سبب قربك لرهف؟
تنهدت بحرارة وهي تجيب اسئلته بصبر
- مريت بنفس مرحلتها ومقدرتش اشوفها بالطريقة دي من غير ما اساعدها
هز رأسه وهو يجيب بسخرية لاذعة
- وكله بمساعدة الهاكر
لم يظهر عليها اي بوادر الصدمة بل ابتسمت و اتسعت ابتسامتها من الاذن للاذن وهي تقول
- واو اشهد بجواسيسك يا وقاص مكنتش اعرف ان الجواسيس بتوعك للدرجة دي وصلوا لطرف خيط
لا أحد يستطيع العبث معه .. تري ذلك تشهد لذكائه وتحليلاته حينما اجابها بعرجفة
- مجرد تفكير
لمعت عيناها بتقدير وقالت
- مش محتاج تتأكد مني يا وقاص
لا يعلم اتفعلها عمدا ام دون عمد وهو يجدها تمط الحرف الواو وتكسرها دونا عن باقي حروف اسمه .. وكأنها ... وكأنها تتذوق حروف اسمه ، جلس في مقابلها وقال بصراحة عاهدته منه
- وتفتكري اني هديكي نفس امان اللي طلباه
ضيقت عيناها بمكر قبل ان تستفز رجولته التي يفتخر ويعتز بها
- انت عندك شك في كدا ؟ .. انا واثقة فيك
اعطته المسكن ... او المثبط لثورانه في ثلاث كلمات فقط ، ليقول
- تحالف او جواز؟
ولصراحته الشديدة اجابته بصراحة اشد
- جواز
عندها انفجر ضاحكا وتمازج اللون الاخضر مع اللون الازرق الثلجي لتنبهر من المزيج بينهما بأنبهار ... اعيناه بهما لون اخضر ؟؟ وهي التي ظنت انهما باردتين !!
تمتم وهو يخفف من ضحكته
- صريحة لدرجة الوقاحة
اجابته بعملية شديدة
- وقاحة مني اني اعرض عليك الجواز ... عموما الاطراف كلها متساوية انت محتاج السي دي علشان تنهي مشكلة رهف وانا اخلص من عزيز واحنا نقدر نستفاد
اخر كلمتين غمزت بهما بوقاحة ... لينظر نحوها بجمود لثواني متأملا هطول الماء من خصلاتها القصيرة الي عنقها بل تجلس امامه بوقاحة شديدة بثوب السباحة دون ادني حياء ... سيحرص علي تغير كل ذلك وأولهم ذلك الثوب المستفز لأعصاب اي رجل حار الدماء مثله ، هتف بلهجة غريبة
- اي حاجه بتقع تحت ايديا عمري ما بسيبها الا لما تنتهي
تعلم تلك النبرة ... نبرة رجل لا يقبل بأي شيء ... اما ان تسلمه نفسها كلها قلبا وروحا وتفكيرا وجسدا اما لا شيء ... لطاما يصعب ارضاء رجال مثلهم وانتقائهم يجب ان يكون فريدا ... وهي تعلم انها فريدة من نوعها لتقترب منه هامسة
- يا كفني يا كفنك
اومأ قائلا
- بالضبط
تنفست الصعداء اخيرا واخيرا ظفرت ما قدمت من اجله ... ان كان حريتها ان تصبح ملكا لامبراطور مثله ... فيا مرحبا بالأسر وستقع في قبضته مرحبة به
التمعت عيناها لتعض علي شفتها السفلي قائلة
- وانا موافقة
*******************
هو انت فاكر انك لما تجبرني عليها هقولك سمعًا وطاعة-
صاح بها صارخًا بقوة .. يشتم الجميع ... لا يصدق ما تتفوه به والداه ووالدته وكل ذلك امام ارملة اخيه .. ارملة اخيه التي لا يظهر علي ملامحها شيئا سوي البرود .. لوهلة ظن انه يتخيل وربما تخفي حزنها كما رآها في عزاء اخيه لكن لا هي جامدة .. ذا وجه قاسي
صاحت والدته بتوبخه رغم الشيب الذي يغزو شعره وسنوات عمره التي ستتخطي الأربعون
اتأدب يا ولد واعرف انت بتتكلم مين-
التفت الي والدته وصاح بسخرية مبطنة
- ايه يا غالية للدرجة دي شايفاني معنديش قيمة .. تقوليلي روح اتجوز دي اتجوز .. روح طلقها اطلقها .. ايه للدرجة دي مش شيفاني راجل
صاح الوالد منهيا ذلك النقاش العقيم
-دي من مصلحة العيلة .. انت مش هتتجوز حد مش غريب .. انت هتتجوز فرد من العيلة ارملة اخوك
رمقها بشيء من الإزدراء وشيء من السخرية ... اللعنة انها باردة ... كيف احبها اخيه .. لقد كانت تستفزه فيما مضي .. لقد كانت تجعله كالوتر المشدود ، صاح معترضًا
وديه بالذات لأ-
قام الوالد من مقعده وهو ينظر الي زوجته نظرة ذات مغزي قبل ان يقول لولده
انا هسيبكم مع بعض ومش عايزة اشوف غير الموافقة-
والده جن حتمًا
اللعنة ماذا حدث لهم ذلك الصباح ليتفوهوا بتلك الحماقة .. استمع الي صوت اغلاق الباب وبقي عيناه محدقة الي المرأة الباردة بشيء من السخرية
للدرجة دي مسلمة نفسك عادي .. نسيتي جوزك ووافقتي علي طلبهم-
نظرت الي طلاء اظافرها بشيء من الإهتمام قبل ان ترد بلا مبالاة وهي ترفع عيناها اليه بشيء من التحدي
-لأ يا استاذ .. انا بعمل اللي بمزاجي محدش يجبرني .. والاستاذة اللي بتشخط فيك زي العيل في ست سنين متقدرش تعمل كده معايا انا
انفجر في ضحك ساخر .. وهو يهز رأسه قائلاً
يعني موافقة ؟-
عقدت ذراعيها علي صدرها وهي ما زالت تتحديه .. تثير في داخله شيء من الغضب والثوران وكم يود ان ينزع ذلك القناع البارد من وجهها .. زحف الغضب الي ملامح وجهه حينما قالت بنفس النبرة الجليدية
والله كده كده مش هيفرق وجودك كتير في حياتي-
جلس علي المقعد قبالتها واللعنة حتي هي مسها جني ، قال بغموض
هتتجوزي اخو جوزك الميت عادي ؟-
زفرت مجيبه
-عادي جدا
القي قنبلته في وجهها بجمود
-هتتجوزيني حتي لو قولتلك اني متجوز وتقبلي انك تكوني ضرة ؟!
للحظات خيل اليه انه رأي اهتزاز حدقتيها
خيل اليه انها نزعت قناع جمودها
خيل اليه .. وبات عقله يسبح في مدار يقوده للجنون والخرافات
اجابته .. والجواب صدمه
حتي لو كنت انا الرابعة يا زوج المستقبل-
اسند ذقنه علي قبضة يده ليرفع حاجبه بمكر وصاح بوقاحة
-جوازي مكتمل الشروط
عيناها الزرقاء الشاحبة جعلته يكاد يشد خصلات شعره جنونا ... اللعنة ايتزوج امرأة باردة عملية ، كيف تحملها اخيه ؟!
مطت شفتيها وتمتمت بالا مبالاة
- حقك
صدح سؤاله بأهتمام وهو يعلم انه لا جدوي من حديثه العقيم
- ايه سبب العداوة اللي بينكم ؟
قابلت عيناه الغامقة التي بها مكرا ودهاءا وملامحه البوهيمية المخالفة لملامح زوجها الراحل الاستقراطية
لطاما ضياء وسراج مخالفان دائما في ملامحهم وطباعهم
هما بمثابة
الثلج والنار
السكر والملح
صاحت بجمود
- لو قولتلك هتصدقني ولا هتصدقها
غمغم بالا مبالاة
- علي حسب اللي هتقوليه
تشدقت ابتسامة ساخرة وهي تقوم من مقعدها قائلة بعملية اثارت جنونه
- يبقي بلاش ... اختار امتي كتب الكتاب علشان اجهز
واستدارت مغادرة تاركه اياه في الغرفة بمفرده وقبل ان تخرج سخرت من زوجته المزعومة قائلة
- واه لو عايز تخلي مراتك تعيش هنا خليها تيجي ... متقلقش مش هقرب منها
اقسم في داخله ...ان اسرار الغانم حتما سيعلم ما تخبيء من اسرار
ليس اهتماما بعائلته لكن فضولا بمعرفة كيفية انجذاب شقيقه بأمراة مثلها
تلك الباردة يقسم ان سيحولها الي جمر متقد بين ذراعيه
حينما تصبح زوجته سيتأكد من انصهار جليدها وتشكيلها بين يديه
وهو لم يقسم في اي شيء والا أصر علي تأديتها علي اكمل وجه.
في قبضة الامبراطور
الفصل الحادي عشر
عندما تصبح حواء في لعبة ادم
فستستسلم يوما ما !!!
شهر فقط وبضعة ايام هي المدة التي سيتحول اسمها من أرملة الي متزوجة ومن من ؟!
من شقيق زوجها المرحوم ، تلألألت الابتسامة الساخرة المريرة وهي تتسائل
لما ؟ ..... ان شخصية سراج الجامحة والمتمردة بطبعها ما الذي جعله يوافق علي تلك الزيجة الفاشلة ....تعلمه انه كان ماجنا واثار العديد من الفضائح حينما كان شابا في بداية عمره ... وعزوفه عن الزواج حتي ذلك الوقت مثير للريبة ... احقا هو متزوج دون علم احد ؟!!
" يا سطور تشهد ما اخطه من تاريخ وحياة لا اعلم كيف ستعطيني من صفعات .. احقا الحياة تسخر مني بعد كل تلك السنوات وبدأ اليأس ينهش في جسدي ... اكل تلك السنوات العجاف وبداية قطرة غيث هي الطوفان لحياتي ؟! "
لقد تركته يخط الحروف الاولي من تلك الحياة المحكمة عليها بالفشل وانتهي الامر بها في قاعة تم تجهزتها من اشهر منظمي الافراح في المدينة ... الاضواء المتدلية من الثرايا عكست ثوبها الاسود البراق الذي يكاد يصل الي كاحلها مبرزا عظام ترقوتها وفتحة مثلثية يظهر نصاعة بشرتها ومن الخلف فتحة مثلثية تشابه الامامية ولكنها اكثر اتساعا من الامام كاشفا عن معظم الظهر واول الكتفين ... ابتسامتها ساخرة اكثر من كونها مجاملة ، تتقابل عيناها مع صاحب العينين العميقتين تراه واقفا بتحفز وهو الاخر البوهيمي تخلي عن البذلات السوداء الانيقة التي يحبها زوجها السابق واكتفي فقط بقميص انيق اسود وبنطال اسود وكأنه يتماشي مع مزاجها العكر ...
اللعنة لو كانت في جنازة لكان افضل من ذلك الحفل الانيق المبهرج ... التقطت كأس عصير يرطب حلقها لتشعر بيد حانية تحتضن خصرها وتلفها اليه لتسمع نبرة ساخرة تقول بمشاكسة
- اهلا ببنت العم
اتسعت ابتسامتها للامتنان كونه لم يتركها في ذلك اليوم لتسارع بألقاء نفسها بين ذراعيه غير عابئة بالتي بجواره ، لم تشعر بمكر الاخر وهو يراقص حاجبيه للبوهيمي الذي انقبضت ملامحه وضم قبضته لملاكمته .. ابتعدت وهي تلكزه في ذراعه قائلة
- نضال ... الصحافة مش سيباك يا سارق قلوب العذاري
انفجر ضاحكا بعباثية وعيناه لا تخطيء ذلك اللهيب الناري المتألق في عيني سراج ... تلكأ بذراعه علي خصرها وهو يقترب من جسد تلك التي انكمشت وهي تري تلك الفلاشات الضوئية اللعينة تلتقط لهم صورا لتشعر بنضال يحتضن خصرها قائلا بصوت ناعم
- لكن انا اخترت منهم فرح
لكزته مرة اخري علي صدره ليتأوه بخفة من قبضتها لتقول بصوت ماكر الي التي تزداد انكماشا من تلك الالوان المبهرجة التي لم تعتاد عليها
- نضال اناني يا فرح في كل حاجه ... علشان كده هو كدا والبنات بتموت عليه
يري اقتراب ذلك البوهيمي منهما لكن رجلا ما قطع طريقه في حديث ... لم يمنع نفسه من مشاكسة غريمه وقال
- بقي دمك خفيف يا اسرار ... عدوة سراج انتقلت ليكي
اكثر شيء سخيف في ذلك الحفل ليس الثوب الذي اختارته ولا القاعة لكن اللعنة انها لا تشعر ابدا بتلك الرهبة ... الرهبة منه اهي غبية لتلك الدرجة ام واثقة الي احد الغرور ؟!
تأففت ساخرة وهي ترد بصراحة
- بلا بلا بلا ... انا مش عارفة الحفلة دي هتخلص امتي
لم يغفل عن تملل سراج من ثرثرة الرجل لكنه تمسك بكف اسرار ..يرسل لها دعما خفيا وقال بصوت يغلفه السخرية المعتادة منه
- العروسة مستعجلة علي كفنها
نظرت الي كعب حذائها الاسود ثم الي رأسه لتصيح بحنق
- نضال شوية وهتلاقيني باللي في رجلي وانت عارف مش بيهمني حد
تلك المرة انفجر مقهقا جعل جميع من في القاعة يديرون رؤسهم نحو صاحب الضحكة المجلجلة المخالفة لقواعد الطبقة الاستقراطية ... اقترب يشاكسها متعمدا وهو يدنو نحو اذنها هامسا بصوت خشن
- اووه الباشا مش هيعجبه
كانت فرح تنظر الي ما يحدث بشيء من العجب والدهشة ... نضال يبدو اكثر تفتحا وانطلاقا وهذا عكس طبيعته الساخرة المتأصلة به ، رباااه متي رأته يضحك بتلك الطريقة ؟ بل متي ضحك او ابتسم ابتسامة هادئة في وجهها ؟
الاجابة هي ابدا .. .ابدا لم يفعلها ، لكن ابنة عمه قريبه منه بطريقه اثارت غيرتها ، ابتلعت غصة مريرة وهي تختبر ذلك الشعور المقيت
حرارة مشتعلة تدب في اطرافها وتود ان تنفجر به صارخة وبتلك تكيل بها الصفعات ، ذلك الاقتراب اقتراب حميمي وان كان من طرف واحد فقط والاخر غافل عنه ... سحقت شفتها السفلي بحنق محاربة سقوط دموعها .... غافلة عن اعين مندلعة كالنيران ما ان راي ذلك الاقتراب وتلك القبلة التي طبعها ذلك السافل علي خد من ستصبح ملكه خلال دقائق ... رغم كون تلك الاشياء الحقيرة منتشرة في طبقتهم وكونهما اقارب مما لا يدع شك لعقل احدهم لكنه كان متيقظا بجميع حواسه ما ان خطي داخل القاعة وبجواره امرأة ...
كيف لا يعلم نضال الغانم ولا شراسته مع النساء ذو العيون الملونة ، يقسم ما ان تصبح ملكه وان اقترب ذلك السافل منها سيحطم فك اسنانه البيضاء المستفزة ..
بهت وهو يفكر ... منذ متي وهو يفكر في تلك المرأة ؟!
منذ مدة كافية جدا وهو يستمع الي شكوي والدته لشهور عديدة عنها .. .رغما عنه شعر بالفضول نحوها ونحو غموضها وتلك الهالة التي تجذب الرجال من جميع اجناسهم ... هو دوما لم يكن من محب تلك الطبقة الغبية عكس اخيه ....
اخيه المحب الظهور الدائم للصحافة والحديث .... لطاما كانا علي النقيضين تماما ، تحكم في اعصابه وهو يشيح بوجهه عنها باحثا عن ذلك المأذون المتأخر .
.......................
تمتمت اسرار ببرود مجيبه
- استاذ مهيب مش هيقدر يجبرني علي شيء بعد كدا
انتبها من وصول السيدة الفت التي قالت بلهفة لم تستطيع اخفاءوها
- هي رهف لسه موصلتش
عاد يتمسك ب فرح وعلم ما هي الصراعات التي تحدث بداخلها ليجيب ببرود
- واضح ان حامي العيلة خايف عليها حبتين
زمجرت الفت بعصبية
- نضال
رمقها ببرود وصاح بلهجة جامدة ذات مغزي
- الوقت ده مش وقت عتاب او غضب يا مدام الفت ... النهاردة فرح بنتك الاولي ... افرحي بحلمها اللي اتحقق
تلك الزمجرة القادمة من اسرار جعله يكاد يتحكم في ضحكته وهو يري ابتعاد ذلك البوهيمي عن محيطهما
- نضااااال
شعر بسرقة الاضواء من حوله الي من تقدم بقدمه الي داخل القاعة وبجواره العصفورة وامرأة تتأبط ذراعه تسير بغنج وفستانها الاسود الخالي من اي بهرجة جعله يتمعن نحوها ... قدوم وقاص مع امرأة تتأبط ذراعه ستكون حرمه المصون .. تقدم بعدها المأذون ليصيح وقتها بنبرة لعوب
- المأذون جيه وعصفورة العيلة وصلت
" يا سطور اخطها بيدي اخبريني اقرار ما افعله صحيح ام خاطئ ... اتلك مأساة اخري اسلكها ويجب علي تجنبها ؟! ... يا سطور اخطها بيدي اصدقيني واريحي عقلي الذي جن ... ايعقل ان يكون السراج هذا زوجي ؟! اهو القدر ام ان القدر يسخر مني ؟ "
اغمضت جفنيها ما ان استمعت الي نبرة المأذون يقول
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمعا بينكما في الخير
فتحت عيناها لتواجه فلاشات اعمت وجهها ... تجمد جسدها وهي تنظر الي تلك الفلاشلات بخواء شديد لتشعر بيد غريبة لم تستأنسها قط تلمس ذراعها رافعا اياها من مقعدها ، ورائحة غريبة تتسلل انفها مزيج من رائحة صابون ورائحة رجولية .. رفعت عيناها الزجاجتين لتستقبل تلك الهوة في عيناه .
فغرت شفتاها وهي تحاول ان تبث في بدنها الاطمئنان ان من يلمسها اضحي زوجها ... زوجها الذي هو شقيق زوجها الراحل ...
اما عنه ما ان وقعت عقد الزواج حتي امتلكها .... لقد سقطت في قبضته وهو لن يرحمها ابدا حتي ينتزع كل وجوهها المزيفة الباردة ... اللعنة هي افسدت مخططاته كان زواجه من اهم شروطه امرأة دافئة بل تشتعل بالجمرات المتقدة من قربه ، لكن تلك ...!! ان جسدها رغم نعومته التي تلمسها به شيء بارد وكأن جسدها معزول عنه ا
اقترب لاثما جبهتها وهو يغمغم بنبرة متهكمة
- مبروك يا زوجتي الباردة
النظرة الزجاجية لم تتضطرب مما جعله يزيد من وعيده نحوها وما سوف يحيل الي حياتها الي نيران ... نيران يصهر ذلك الجبل الجليدي ... شفتيها المرسومتين بدقة همست بها حروف اسمه بنبرة ممطوطة فعلت به الاعاجيب
- سراج
اللعنة عليه وعليها وعلي دماءه الحارة .... منذ متي لم يلمس امرأة في حياته .... اعوام اعتزل النساء وحينما قرر الزواج ... صمت وهو يتذكر مثل شعبي "يصوم يصوم ويفطر علي بصلة" ... راقبها وهي تتابع همسها الابح المغناج في كلامها الجاد
- برودي ده احسن ليا وليك ... متنساش اني اسرار الغانم
اقترب يطل عليها بسواد عينيه ... كهوة سحقية تنجرف اليها دون شعور وهو يميل الي اذنها مجيبا بنبرة اجشه متوعدة
- وانا سراج الحسيني واقسملك يا اسرار برودك ده هحوله لكتلة جمر
ان خيل له ارتعادة جسدها فهو كاذب
ان خيل له اضطراب تلك العينان الزجاجيتين فهو كاذب
لكن تلك الابتسامة الواسعة الناعمة التي كانت تلقي نصيبا وافرا من قريبها السافل تمنح له فهو صادق .. ربتت علي صدره قائلة
- احذر مما تتمناه
************
انسلت من جميع الحشد وتلك الرهبة من رؤية الجميع يستحقرونها ما زالت تطغي عليها ... ربما وجود فريال هو ما ساعدها !!
وعن الحديث عن فريال فيجب ان تقر ان تقدم شقيقها لخطبتها لم تثر تعجبها ... الكيمياء الغريبة التي تشعر بها وهما مقربان لا تنكرها وهما ايضا لا يستطيعا انكارها... وجودها اليوم سيعجل من ميعاد زفافهما الذي وللعجب سيسري في اسرع وقت تتخيله .
فريال اصبحت تتعامل مع وقاص معاملة خاصة .. جزء الغنج والدلال الفطري المتأصل بأسمها ملتصق بأفعالها معه ... تعلم ان شقيقها ما ان تعجبه امرأة فانه لن يماطل ويطالب بالتعجل في الزواج لكن تلك المدة القصيرة التي تعارفا بها اليست تستدعي الشك ؟ وان كان الا يجب ان يدرسا بعضهما بعضا .. هزت راسها يائسة من افكارها التي تصل الي حائط سد ، شهقت منتفضة ما ان شعرت بصحفي لزج مقترب منها قائلا بعملية
- رهف الغانم ممكن نعرف فترة اختفائك لمدة سنتين دي فين ؟
ازدردت ريقها بتوتر وهي تلعن لحظة ابتعادها عن حضن شقيقها ... وقفت تنظر الي الصحفي بنظرة زائغة جعلت عيناه تزداد اصرارا .... اصرار ذئب للحصار علي غزالة شاردة ليشحب وجهها وهي تمتم بنبرة خافتة قبل ان تهرب منه
- معنديش تعليق
استدركها وهو يقف امامها لتتعثر بالخلف عدة خطوات وهي تراه يزيد من حصاره الخانق ويعيد فتح ذكريات ماضية ... وجروح ظنت انها التئمت !!
- طيب يا تري علاقة الحب بين صديقتك المرحومة نادية وماجد الجوهري حقيقة فعلا ؟
زمت شفتيها بقوة وشحوب وجهها جعل الصحفي يعلم ان اسئلته تجاب فقط من خلال عيناها المذعورتين وجسدها المرتجف بقوة ... زمت شفتيها واجابت بصوت مبحوح
- قولت معنديش حاجه
وكادت ان تهرب منه ليجمدها وهو يطلق نارا نحو ضلوعها
- بعد موت نادية هل ده كان سبب لتحويلك لمصحة نفسية برا مصر كما ذكر في احدي الصحف ام لا؟
اشاحت بوجهها بعيدا عنه وهي تعلم ان الصحفي يأخذ جوابه من عيناها ... تشجعي رهف ما هو الا مجرد شخص باحث عن معلومات قديمة ... رفعت عيناها اليه وهي تنظر اليه بجمود صارخة في وجهه
- قولت معنديش حاجه اقولها ... ابعد بقي
استمعت الي نبرة امرأة صقيعية جمدت اطرافها وهي تتحدث الي حارس شخصي قائلة
- شيلي البني ادم ده وروقه ... وانتي تعالي
رفعت عيناها لتقع عيناها علي اسرار التي تنظر اليها بجمود ... سارت خلفها حتي خرجا من القاعة وتوجهتا الي الشرفة لتعقد اسرار ساعديها علي صدرها وهي تقول بجفاف
- فوقي يا رهف .. احمدي ربنا انك اتنجدتي من اللي حصل
ضيقت رهف عيناها وهي تنظر اليها بذهول ... اتستهين بما رأته وما مرت به ... والدها قد ضاق به الارض ذرعا من العلاج الذي لم يؤثر بها ووالدتها التي كانت لا تكف عن البكاء والنواح طيلة الايام السابقة ... نضال الذي لم ينبس ببنت شفه ومضي في طريقه دون ان يهتم بها حتي هي ايضا !!!
الجميع في عملها الجديد يراها مدللة لا نفع بها حتي نزار ... الوحيد الذي لم يراها هكذا وقاص ، انفجرت صارخة في البكاء قائلة
- افوق ... بقي انتي يا اسرار تقوليلي كدا
اقتربت اسرار تهزها بقوة ... تفيق تلك التي تضيع ايام عمرها هباءا من معاناة لا تقارن بشيء من معانتها ، قبضت علي ذراعيها وهي تنفجر صارخة
- ايوا اقولك كدا لان مجرد اللي حصلك خدش ... عارفة يعني ايه خدش
رمقت تلك العينان الزجاجية تموج بالاعاصير والدوامات لتهمس
- كل اللي حصلي وتقولي خدش
كفي لقد ضاق بها ذرعا تلك الغبية ... شهور صامته عن ردة فعلها للصدمة الكبري في حياتها ...شهور تعذرها لكن ما يبنيه وقاص لها وتأتي ريح تهدم بناءه لن تصمت ، صاحت بلهجة قاسية
- فوقي بقي وشوفي بلاوي اللي حواليكي ... شوفيني انا من غير اب ولا ام من اول ما وعيت ع الدنيا ... كنت قاعدة وسطكم وانا حاسة اني مكاني مش هنا ... لا ولما كبرت وعمي مهيب اختار لي زوج ... مكنش عندي فرصة اني ارفض لاني عارفة اني عاجلا ام اجلا همشي
ابتسمت رهف بشحوب
- لكن جوازك ده عوضك
توسعت عينا اسرار وازحت يديها عن ذراعيها وهي لا تصدق ذلك الهراء الذي تفوهت به ، ضحكت ساخرة
- انتي ليه مصرة تبقي غبية ... انا مكنش عندي خلق اتعرف علي راجل تاني
بهت معالم وجه رهف وهمست
- انتي لسه بتفكري تتنقمي منها
اضطربت معالم وجه اسرار قبل ان تقول بسخرية
- وهي اللي عملته سهل بردو
اي دائرة هم يلهثون خلفها ؟! .... لما الجميع اصبحوا اغبياء لتلك الدرجة ؟ّ! ... همست بنحيب
- نضال بينتقم من بابا ووقاص بينتقم منيهم كلهم وانتي منهم .. وتقولي اني غبية .. لا يا اسرار الغبي اللي مفكر نفسه مش هيتحرق في انتقام اهوج
ملامح وجهها اصبحت حادة وهي تصيح بقوة هادرة
- كلكم بنتقموا من اسباب تافهه ... حتي انا وبتستغربي وانا بدفن نفسي بنفسي
هزت اسرار رأسها بلامبالاة واستعاد وجهها الصقيعي لتقول
- كلنا بسبب لعنة راجل
واستدارت مغادرة غافلين عن امرأة استمعت لهما عن الطريق الخطأ .. امرأة منبوذة في ذلك المجتمع اللامع بطريقة مبهرجة ... الا وهي فرح التي تمتمت بألم
- لعنة رجال ....كلنا في دايرة واحدة
**********
كانت تشع بالحيوية والاناقة المفرطة ... دلال يليق بأسمها الذي جعلها تصبح في محط انظار الجميع ... يعلم ملابسها السخيفة الوقحة التي تتشبث بها لكن صبرا ... هي اضحت اسيرته وهو الامبراطور وسيسري احكامه عليها ... ولا يحق لها سوي القبول والطاعة الكاملة.
ابتسم ما ان حطت يدها علي ذراعه متأبطة ذراعه في سبيل صور تنشر للصحافة للغد وخاتم الخطبة الذي يزين بنصرها قد ادي المهمة .
ما ان شعر بوجود الجميع في حلقه واحدة ورهف التي عادت صامته واجمه وقد قرر ان يعلم ما بها حين عودتهما للمنزل ، قال بصوت جامد
- بما ان الكل هنا هستغل وجودكم لاعلن رغبتي في جوازي من فريال الشواف
صمت الجميع ليتخلله صوت نضال الساخر وهو يصفق يديه بمرح
- اوووه والله وعملتها يا بكر العيلة
نظر الي مهيب نظرة ذات مغزي وقال بنبرة صارمة
- هنتم الجواز في اقرب فرصة
وتابع مفسرا عائلتها الي والدته التي تنظر اليها بتفحص
- فريال حفيدة عيلة الشواف ... ملهاش قرايب غير خالها اللي من عيلة السويسري
بدي الاستيعاب يظهر جليا علي وجه الفت لتقول باستنكار
- مش انتي كنتي متجوزة عزيز الريحاني
اومأت فريال التي اتخذت الصمت وهي في ارضهم ... يجب عليها ان تدرس كل شخصية في عائلته قبل ان تجازف ... تمتمت ببساطة
- واتطلقنا من فترة طويلة
اتسعت عينا الفت ونظرت الي ابنها البكر بأستنكار شديد ... ابنها البكري يتزوج من مطلقة ؟ ، صاح بصوت جامد الي والده
- عموما ... يا استاذ مهيب مساهمتك في مشروع القرية هبعتلك فلوسه علي حساب البنك ووقتها شيل ايدك من قريتي
حك مهيب طرف ذقنه بسبباته وقال
- وهل ده القرار جيه بسبب المدام
رد وقاص بهدوء وعملية
- فلوسك هترجع وفوقيها زيادة .. اظن انا كدا عادل
اقترب نضال وهو يسارع بالقاء جسده في احضان اخيه المتصلب ... ليقترب من اذنه هامسا بمكر
- مبروك يا بكر عيلة الغانم ... بس يا تري القطة عارفة موضوع صابرين ؟
اندلعت نيران في عيني وقاص لتظهر شبح ابتسامه علي شفتي نضال ، غمغم وقاص بنبرة خفيضة
- قربت اوصل للي مخبية
ربت علي كتفه وهمس بصوت غير مكترث
- انا مخبية لاني خايف عليه منك ... لكن لو عاوزة هبتعته مع حد من رجالتك ... هو شوية وهتلاقيه مات منك
تعلقت عينا وقاص الي فرح المنكمشة في ذلك التجمع العائلي ... وجودها هنا اربك والدته كثيرا بل تعاملها بترفع وانفه ... مط شفتيه وقال
- رحيم اووي يا نضال ... جوازك منها هل ده بسبب انك تحط الباشا في اقرب وقت للمستشفي
- كنت عملتها من بدري الصراحة .... حربي مش معاك .. حربي مع كل اللي قرب مني واللي يمسني
ارتسمت ابتسامة عملية وهو يهتف بنبرة ذات مغزي
- شوفت بنتك اللي مبهدل امها في المحاكم .. اكاد اجزم انها قرصة ودن ليها
هز نضال رأسه وقال
- كل واحد فينا بيلعب علي طريقته ... لكن مع ذلك مصلحة العيلة اننا نكون مع بعض ونبارك لاسرار
تمتم ببرود
- طول عمرها من اول ما جيت مدافعة ليك
نعم ... مدافعته الاولي والوحيدة ... اسرار الغانم
القي نظرة نحوها ليجدها تستقبل التهاني بابتسامة باردة وزوجها اصبح محيطا حولها في كل حركة وسكنه منها ... الايام القادمة تبدو مشتعلة للغاية عندها ، ما ان تقابلت عيناه مع عينا سراج حتي شاكسه وهو يغمز بمكر ليقول
- لان انا وهي شبه بعض
***********
فتحت جفنيها وهي تنظر للمرة الثانية الي غرفة نومها مع زوجها الحالي ، زوجها الذي اصر علي عدم ترك اي ذكري لها مع زوجها السابق في فيلا العائلة واصر ان يزيل اي ذكري مع زوجها الراحل لتبقي في منزل عزوبيته الضيقة .. برغم ان الشقة لها لمسة عصرية ومجهزة من كل وسائل الادمية كما اخبرها في ذلك الشهر.. وهي ما عليها سوي ان تبتسم ببرود اليه حتي فاجئها في يوم بحقيبة مليئة بملابس نوم جريئة وعلل قائلا انه لأول مرة يتزوج ...
حررت خصلاتها السوداء من تلك التسريحة السخيفة وخلعت زينتها لتتفاجيء به يقتحم غرفة النوم بهيئته البوهيمية وهو يصيح بخشونة
- بتعملي ايه ؟
ادعت التفكير للحظات ثم ابتسمت ببرود قائلة بجفاء
- اممم رايحة اخد شاور وبعدين البس قميص نوم لسواد عيونك ونخلص الليلة
تخلص من حذائه وجواربيه وهو يستمع الي نبرتها الباردة كعيناها ليقول بوقاحة
- ومين قال اني عايزك باردة معايا وعملية
التمع المكر في عيناها وهي تهمس بصوت يحاكي فحيح الافعي
- لتاني مرة بقولك احذر من اللي بتتمناه يا سراج
اقترب منها حتي حاصرها بطوله وضخامة جسده ... عيناه تتقتحم عيناها الثلجيتين بأصرار وعزيمة ليرد بتهكم
- ايه هتجمد مثلا
رفعت احدي حاجبيها لتقترب منه تبسط راحة يدها علي موضع قلبه الرتيب قائلة ببساطة
- هتتحرق
لن يكذب تلك المرة
عيناها الزجاجتين بهما اعصارا علي وشك تدمير الاخضر واليابس
وكم يعشق المرأة المليئة بالمفاجات ... كم اشتاق للايام الخوالي
دنا نحو اذنها وهو يقضم شحمة اذنها بحسية شديدة هامسا بصوت اجش
- الستات مفيش اشطر منهم في الكلام بس
ان ظن انها سترتجف او ترتعش اثارة فهو ليس بغبي .... هو علي وعده ان يزيل ذلك الجليد من روحها ليعلم اي امرأة مشتعلة هي ، سمعها تهتف بصوت حاد غير متأثر بلمساته الحسية التي تنعش انوثتها باصرار وعزيمة من صاحبه
- انا غيرهم اعرف كده كويس
فك سحاب فستانها الاسود ليسقط علي قدميها وها هي تقف امامه شبه عارية ... نصف عارية غير عابئة بمدي تأثرها علي الرجل الذي امامها !! ... او تعلم وغير عابئة ليقول بصوت عازم
- وانا متشوق للوجه الاخر ليكي
بملابسها الداخلية التي اختارها بعناية من المحل النسائي يبدو مدمرا عليها ... انها كتلة متفجرة الانوثة وهي تعلم مقدار الجمال الذي تملكه ... لكنها لم تعلمه بعد ، استفزها ببرود
- لسانك اكلته القطة يعني
تألقت عيناها بشرر ناري وهي تضغط علي وتر حساس يحاول تجاهله ما ان خطت بقدميها الي غرفة نومه
- انا مش عارفة انت ازاي بكل بجاحه وافقت تتجوزني وانا كنت زوجة لاخوك
تمتم بجفاء وانامله تقبض علي راحة يده ... جسده اشتعل بحمم لاهبة وهو يراها عازمة علي ما تفعله
- الله يرحمه
ابتسامة ساخرة تزينت علي شفتيها وهي تتابع
- لأ واستعجلت في جوازنا ولا كأنك ملهوف عاليا ... رغم انا عارفة انك مش
طايق تبص في وشي زي ما انا طايقة ابص في خلقتك
اغمض جفنيه وهو يحاول ان يتمسك في اعصابه كي لا يقتلها ... يقسم انه سيزهق روحها تلك الجافئة ذات اللسان السليط ... اقترب قابضا علي ذقنها بخشونة جعلها تتألم من قبضته
- واضح ان اخويا العزيز ربي ليكي ظوافر تخربش كل اللي بيقربلها وانا اكثر من سعيد اني هعرف اغير دا
انعشه شعورها بالالم تحت قبضته ... اذا الباردة تشعر وتتألم وليست جمادا ... قست نظراته بطريقة مخيفة وهو يلمس شفتيها بانامله قائلا
- اولا شفايفك دي مش عايز اسمعها تتكلم عن حد غيري ... حتي اخويا علاقتنا بقت زوج وزوجه من الليلة دي واكيد انا مش *** عشان اسمع وانا ساكت علاقتك الزوجية مع المرحوم ازاي ؟
وقاحته لا حد لها وهي تراه يحل ازرار قميصه ببطء مثير للاعصاب لترفع عيناها ببرود ليتابع بصفاقة
- ثانيا علشان انا رجل دمي حر ... كل ليلة يا اسرار كل ليلة ارجع الاقيكي مستنياني هنا علي السرير ... حقي يا مراتي
ان ظن انه انتصر في تلك المعركة الباردة فهو مخطيء ... اطل عليها بعضلات جسده النافرة لتطيل النظر اليها بعبوس قبل ان ترفع عيناها الي عينه قائلة
- وحقوقي؟
رد بأستهزاء
- اتفضلي
كتفت ساعديها علي صدرها وقالت
- بعد شهر العسل اللي اصريت عليه نرجع الفيلا
انفجر ضاحكا بسخرية ... مجنونة هي ليجعلها تعود الي منزل عشها الزوجي السابق ... مجنون هو وبارد المشاعر ليجعلها تظل في منزل به رائحة زوجها عابقة في المنزل ... رد بجمود
- شهر العسل ده ليا يا مراتي .. انا بردو محظيتش بجواز قبل كده ... ثانيا شقتي وهتفضلي فيها لحد لما اموت ووقتها ...
صمت وهو يرفع لعيناها التي اهتزت ما ان نزع بنطاله ليهمس بصوت قاسي
- هكون حريص ان مراتي متفكرش في حد غيري لا انا عايش ولا انا ميت
عاد مقتربا وعيناه بها وعيدا خالصا
لمس كتفها العارية ببعض الخشونة ليلتصق جسدها بحرارة جسده ... جسدها البارد انتفض من حرارة جسده المنبعثة منه ورائحة الصابون الخاصة به طغت علي اي رائحة اخري .. تحركت يداها بجرأة علي ذراعيه المفتولة لتشعر بتصلب جسده تحت وطء لمساتها لتهمس بصوت مغوي قائلة
- ده ثالثا فيه رابعا؟
واصدر الامبراطور فرمانه الاخير قائلا بخشونة ويداه تقبض علي اصابعها الجرئية بخشونة شديدة جعلتها تتأوه بصوت خافت
- جمودك داخل اوضتنا تشيليه ... ولو معرفتيش انا مبسوط اني هشيله بنفسي
ثم اندفع يلفها بتملك وشفتيه تصارع شفتيها الباردتين ... وعقله مليئة بالوعيد لتلك الباردة
سيزيل كل ليلة حائط الثلج بقذائفه الملتهبة وستنصهر يوما !!
*************
صاحت شادية باستنكار شديد وهي تري فضيحة ما حدث ليلة زفاف طليقها التي لم تشرف عليها بل كلفت احد الرجال بالقيام بدورها ... ما فعلته جيهان سيقضي علي مستواها المهني
- يخربيتك يا جيجي
صاحت جيهان بمشاكسة
- اقل حاجه اعملها
عبست وقالت ببرود
- مكنش ليه داعي
صفعتها جيهان علي رأسها وقالت بحدة
- بس انتي يا عبيطة هتبقي انتي وماهر
انفجرت فريال ضاحكة بتألق وعيناها البنية رائقة كمزاج صاحبتها ... استفسرت بأهتمام
- هو لسه مع الاميركية ؟
صاحت جيهان بتأفف ولم تخفي غيرتها الدفينة من تلك الشقراء التي سلبت عقل اخيها
- ديه مبلطة هنا وشكلها مش سهلة
تمتمت شادية بعتاب
- جيجي اهدي وبطلي
تأففت جيهان بحدة لتغير مجري الحديث وهي تهتف بأهتمام
- بمناسبة اخر الاخبار ... وسيم عايزك في شغل
زفرت شادية يائسة وقالت
- تاني
غمغمت فريال ببساطة
- جربي روحي الاستوديو مش هتخسري ... وسيم يقدر يطلعك مشهورة خلال يومين
استرسلت جيهان بتحفيز
- نوع جديد يا شادية جربيه
التفت نحو فريال قائلة
- سمعت ان فيه ممول اجنبي لبرنامجه
انفجرت شادية ضاحكة وهي تمتم بيأس
- هو حد بيسمع حاجه للاشقر ده
ردت جيهان بغيظ شديد
- الاشقر ده بيجيله تمويل من برا لبرنامج تافه
هزت شادية رأسها ... لن تتغير جيهان ستظل هكذا عقل طفلة صغيرة مهما كبرت ونضجت ... قالت بابتسامة هادئة
- عموما احنا هنا علشان نبارك لفيرو
صفقت جيهان يداها وصاحت
- بصي سيبيلي نفسك للايام الجاية هي كلها كام اسبوع ويدووب نلحق نشتري
تمتمت ببساطة
- اوكي
اقتربت جيهان تهمس بمكر واختفي المرح من وجهها لتقول
- الساحرة الشريرة عرفت توقع القرصان
صاحت شادية فجأة وهي تقول بتعجب من عدم وجود الفرد الرابع
- صح هي فين رهف؟
تمتمت فريال ببساطة
- تلاقيها في المطعم مع نزار
تألق الخبث في عينا جيهان وهي تصيح بنبرة حماسية تدبها في عروقهما
- طب ما نيجي نطب عليه ونشوف ايه الدنيا هناك
*************
تري كم مر من الوقت علي حديثها مع اسرار ؟
اسبوع ... اسبوع وهي تراجع افعالها والعامان الذي اعتكفت في حجرتها
فريال ساعدتها بطريقة غير مباشرة من خلال حديثها الغامض انها هي الوحيدة التي تقدر علي مساعدة نفسها ... لكن لما لا يعلمون انه ليس بيدها كلما مر في كوابيسها احداث ماضيها ... كيف تنسي انها شاهدت بأم عيناها اغتصاب صديقتها امام عيناها
كم تنسي لمساته القذرة علي جسدها وفعلته الشنعاء في هتك براءتها ... كيف تستطيع ان تؤمن لاحد وتثق في رجل ؟!
تستطيع المعاملة مع الرجال وهذا شيء ورثته في جين عائلتها ان من كسرها تستطيع ان تقف امامه صلبة دون ان ترمش بعيناها ، تنهدت بتعب وهي تري تلك المسقعة لا تسترضي اعجاب الشيف العظيم نزار الشامي
صاحت بحدة طفيفة
مطلعتش يا شيف-
تذوق صوص الطماطم بأمتعاض شديد ثم قال ببرود
الصلصة حده زيادة-
ثم تابع واكتسي وجهه علامة الرفض لما استطعمه في حلقه
والملح كمان بدو تظبيط-
المسقعة فشلت بها بجدارة وجميع من في المطعم اصبحوا ينظرون اليها بأستهجان ... زمت شفتيها وهي تنظر بطرف عيناها الي بيسان ونظراتها الشامتة لتقول
-ايه فشلت ؟
كتف ساعديه وقال بجفاء
كون انك طبختي شي مومعناه عينك بسهولة ... رح جربك بالحلو-
تلألأ بريق لامع في عيناها الزرقاوين وقالت
اول ما بسمع حلو بييجي في بالي الماكرون-
استمع اليها وقال بنبرة جافه وعيناه الراكدة تتفحص تلك النظرة الزائغة والمرتعبة كلما اقترب منها بدون قصد
ولو ما اتوفر اللوز ؟-
اصبحت الان يا نزار في ملعبي ... رفعت عيناها اللامعتين لعيناه وكأنها تلقي حجر في بركته الضاحلة
بفكر في كب كيك-
نظر الي الساعة المزينة في رسغه وقال بلا مبالاة
-ممتاز معك وقت كافي لتجهيزي الكنافة
ثم دون كلمة اخري تركها .... جحظت عيناها حتي كادت ان تخرج من محجريهما ... ماذا ؟ ماذا قال ؟ ... كنافة ؟! .... ذلك النرجسي البارد ستقتلع عيناه الراكدتين ... تقسم انها ستفعل وتحطم عرجفته معها ....
ظلت ترغي وتزبد وهي تكاد تقلع خصلات شعرها من فرط الغضب والوعيد لتسمع تعليق سخيف
- مكانك مش هنا يا حبيبتي
الجمتها بنظرات عيناها الشرسة ... نظرة بها الجنون والغضب المتفاقم لتصيح رهف بلهجة حادة
- مطلبتش رأيك
قفز في قلب بيسان الرعب لكنها اخفته جيدا وهي تهمس بشماتة
- كل اللي في المطبخ عارف فشلك الذريع وانك مجرد مدللة حبت تجرب المطبخ ... هو طبعا يا حرام ما قدر يرفض طلب شريكته ... كلها ايام وهتودعي المطبخ
اغمضت جفنيها وهي تعد للعشرة ... عشرة وتقسم بعدها ستجرها من شعرها وستنسي ما لاقته من دروس الاتكيت من والدتها ... فتحت جفنيها والجنون يسيطر عليها لتسمع تعليق ذكوري ساخر
- بيسان اللي يسمعك دلوقتي ميشوفكيش اول ما جيتي ومكنتيش تعرفي الفرق بين الكزرة الخضرا والبقدونس
نظرت بيسان الي المدعو محمد بشيء من القرف لتزم شفتيها مغادرة ... التف محمد الي رهف وقال بنبرة هادئة
- محسوبك محمد
واسترسل في الحديث قائلا بمرح
- اهم شيء سيبك منها ... كل بداية شيف عظيم كان بيحرق بيض وهو في مراحل التعليم
ألقي المدعو محمد ماء مثلج علي نارها ... ابتسامة غزت شفتيها وهي تهمس بعدم تصديق
- حرقت بيض ؟
حمحم محمد بحرج وهو يعدل من ياقة قميصه الابيض والمطبوع عليه شعار المطعم
- ده وقت لما كنت في عيل عندي 17 سنة ... بس دلوقتي لا انا ابهرك
انجذبت معه رغما عنها في الحديث وعيناها بها اهتمام ... ربما لانه اول شيف يبادر الحديث معها عكس البقية ؟!! .. استمعت اليه يقول
- ومن وقتها قررت اتعلم الطبخ ورغم اني سيبت علوم لكن الوضع هنا ما اختلفش
عضت علي شفتها السفلي بتوتر وهي تعلم ان مظهرها مخزي امامه ... يا ويلها ان رأتها السيدة الفت هانم هنا وهي في حالة مزرية ... تمتمت بفضول
- ليه قررت تدخل كلية معظم اللي بيدخلها بنات
اجابها ببساطة وعرجفة اشبهت ذلك السوري ذو اللسان الناعم البارد
- معظم الشيف العالميين والطباخ رجالة
تمتمت بياس شديد ... غرور الرجال لا حد له
- حتي انت لا حرااام
تمتم بغرور ذكروي وكأنه طاووس يفرد ريشه المبهر امام الحيوانات الاخري
- صدقي احنا بنافسكم في الشيء ده بجدارة
انفجرت ضاحكة بقوة وهي تري معالم وجهه المضحكة ، تحكمت في نفسها وزجرت نفسها بعنف وهي تتذكر حديث والدتها " ممنوع بنت الناس تضحك بصوت عالي .. انتي تقدري تجذبي الراجل بأناقتك ومشيتك وصوتك الهادي الناعم " ... نظرت اليه بفضول وهي تلقي سؤال شائك
- ورأي ماما ؟
وقتها رأت ذلك الطاووس يخبئ ريشه وحمحم قائلا
- ست الكل احطها فوق راسي
تلك المرة انفجرت في الضحك حتي كادت ان تذرف دموعها ... تجمدت قدميها ما ان استمعت الي صوت جهوري يصيح بقسوة
-خلينا نقلب المطبخ قهوه أحسن... محمد علي شغلك
رأته يعتذر واستدار عائدا الي عمله ... نظرت اليه وجمدته تلك النظرة المرعبة في عيناه
هل قالت ان عيناه راكدتين ... لما الان تري شعلة جحيمية وقسوة ارجفت اوصالها ؟ّ!
صاح بلهجة قاسية وهو يقترب منها ... وذبذبات جسده المشحونة تنتقل اليها
وانتي .... الضحك والمياعه مو هنا ..وهالمره اكتفيت بالتحذير بس-
اجلت حلقها وهي تراه ينظر اليها بدنيوية ... مشرفا عليها بطوله الفارع وجسده العضلي الذي يكاد يمزق قميصه الاسود ... تمتمت ببرود
مش انا اللي تتكلم معايا باللهجة دي يا شيف ... انا رهف الغانم-
ابتسامه ساخرة زينت شفتيه قبل ان تجده يدنو نحوها واقترابه الخطير اليها لأول مرة ثبتها ... قدميها تسمرت تحت وطء كلماته النارية
-ومين انتي يا رهف من دون اسم الغانم .... مجرد طفلة مدللة صرلا فترة هون وكل مرة بتفشل فشل أكبر من التاني.. مين انتي يا رهف ؟ ... شو هوي كيانك وشغلك ؟
اللعنة هو لا ينفك الا وان يستفزها ... جزت علي اسنانها بغيظ وانفاسه الحارة التي تلفح في وجهها لم يهز بها شعرة تحت غضبها ، شدت بقامتها ورفعت رأسها بكبرياء قائلة
-الكل شايفني مجرد طفلة مدللة ... لكن اقسملك يا نزار اكلي عاجبك وانت بتتلكك علشان تمشيني
نظرة عدم التصديق زينت عيناه التي عادت الي لونهما الراكد ليقول ببرود وهو يبتعد عن تلك المساحة التي تخطاها
-رح نشوف ... الكنافة يا شيف
هزت رأسها وقالت بسخرية
ناوي حضرتك تطلب زنود الست ومدلوقة "حلويات سورية"-
رد ببرودة اعصاب
-ماتستعجلي
استمعا الي جلبة تحدث في الخارج واصوات رجاله يهللون فرحا ... يدعوا الله الا تكون تلك المدعوة جيهان ، عقد جبينه وهمس
-شو هالضجه
سارع بالمغادرة لتحلقه بفضول .... ابصر رجال المطعم ملتفين حول والدته التي ما ان رأته حتي هللت مرحبة
حبيبي قرب عملتك طنجرة يبرق "ورق عنب" رح تاكل صابيعك وراها-
ابتسم بدفء وهو يقترب نحوها ليقبل يديها قائلا بعتاب
-ماما ليش تعبتي حالك وأجيتي
ربتت عايشة علي ظهره وقالت بفخر
صحة وهنا يا شباب ... كويس اني جبت علبتين مشان الوحوش-
واخرجت العلبة الثانية التي اتت بها ... وظلت تبحث عن امرأة قريبة ليقع بصرها علي امرأة ... بل فتاة خارقة الجمال رغم حالتها المزرية الاانها تبدو مبهرة للغاية بهيئتها البسيطة ... الفتاة لا يبدو عليها انها من الطبقة الكادحة ... شيء من ملامحها ومسحة وجهها الاستقراطية تخبرها بذلك ... اقتربت بفضول وقالت بمحبة
-اتفضلي يا بنتي دوقي
دمعت عيناها وهي تري عيناها الشبية بالبارد خلفها ... لكن عيناها بهما عطف شديد ومحبة تغرقها ... تذوقت واحدة وهي تكاد تبكي من حلاوة ما تذوقت ... يحق له ذلك الجلف ان يطلب الأفضل دائما ...
قلقت عايشة من تعابير تلك الفاتنة المشعة لتشعر بهنادي تقتحم دائرتهما وهي تتذوق بتلذذ قائلة
- تسلم ايدك يا حاجه عايشة
- صحة وعافية يا بنتي
صاحت بيسان بصوت مرحب وهي تلقي نفسها بين ذراعي بيسان بالاحضان والقبلات الحارة قائلة
- خالتي هنا ... يا اهلا وسهلا
ربتت عايشة علي ظهرها وقالت بعتاب
- والله انا زعلانة منك يا بيسان
انسلت رهف وهنادي مبتعدتين لتهمس رهف بتعجب وهي تمسح دموعها التي هبطت رغما عنها
- خالتها ؟
ثرثرت هنادي بطبيعتها المعهودة قائلة
- اللي مخلي بيسان هنا بسبب الحاجة عايشة اتفقوا الاخوات ان عيالهم يتجوزوا... عيلة بيسان من اول ما اتولدت عايشين هنا في مصر والعكس لشيف نزار بقاله فتره بسيطة هنا لكن الكل يشهد بشغله وقد ايه في وقت قصير قدر يبني اسم ليه هنا
صاحت بعدم تصديق وهي تري لما تلك العدائية ... الحمقاء تظن انها منافسة لذلك الجلف
- بجد ؟
هزت رأسها متابعة
- ايوا لكن واضح ان الشيف نزار مش مدي اي رد فعل عن الموضوع ده
صدح صوت انثوي مقتحما المطبخ في وقت باكر من العمل
- ايه ده مش حد يقول ان ده وقت استراحة
ذلك الصوت لم يكن سوي من جيهان التي جذبت عيون الرجال التي لهت عن الطعام ... هز نزار رأسه يائسا من ذلك الدخول السينمائي للنجمة اللامعة .... صاحت عايشة وهي تري شادية تلكز جيهان التي قفزت تتناول ورق العنب من بين الرجال
-شادية حبيبتي
ظهر الاندهاش علي ملامح شادية لكنها رحبت بها بالاحضان الحارة قائلة
- حاجة عايشة والله وحشتيني ووحشتني اكلاتك
ربتت علي ظهرها وقالت
- تعالي للبيت مفتوح ليكي طول الوقت
خانتها رهف الدموع مرة اخري وهي تكاد تنفجر في بكاء سخيف ... شعرت بلفحة حارة تضرب مؤخرة عنقها ونبرة باردة لا تتناسب مع تلك الزفرة الحارة يقول
- الكنافة يا شيف
تجلدت وهي تنظر اليه وكم بدت مقتربة منه بطريقة مفزعة لها ... لكنها ثبتت امامه وهي تقول بعملية
- نابلسية ؟
ابتسم وهو يحك ذقنه قائلا
- ورينا شطارتك
نظرت الي هنادي التي تلاهت عنها مقابل ورق العنب لتنظر اليه بعيناها الزرقاء الصافية قائلة
- وورق العنب
همس بلغة مصرية ناعمة وكأنه يكافئ طفلة صغيرة
- هكافئك بحلة ليكي من ايديا
توهجت زرقة عيناها وقالت بنبرة عملية
- خلال ساعات يا شيف ويجهز
هي تعلم انه لن يعجبه من المرة الاولي
وتعلم انها سيتطلب منها تكرار ذلك الطبق لمرات كثيرة
لكنها كافئها بورق عنب سيصنعه من يديه
ايوجد حافز اكبر لتتذوق من يده لثاني مرة ؟!!!
ذلك الاقتراب الحميمي رغم تصلب كلا وجههما اثار الفضول في نفس عايشة ، اقتربت تهمس في اذن شادية المنشغلة بتناول ورق العنب
- شادية مين هاي البنت الجديدة
نظرت شادية بتركيز الي الفتاة لتقول بلا مبالاة
- دي يا ست الكل رهف الغانم اخت صاحب القرية ... بتسألي ليه بقي يا شقية
مطت عايشة شفتيها ثم قالت
-وش جديد وبعدين هالبنت مو بين عليها بتعرف تطبخ ....شكلا بنت هاي هاي وكل شي بتتمناه بجيها ....آخرتا تعمل شغلات البنات
اقتربت تشاكسها قائلة
- عليها حته حلويات يا حاجه ولا اجدعها شيف
راقبت ملامح وجه ابنها الهاديء والذي يخفي بداخله الكثير وهو يشرف علي بعض الاعمال في المطبخ لتقول بنبرة غامضة
- بنشوف
********************
لكي تلعب مع الشيطان
يجب ان تكون اهلا للعب معه
وهي لعبت بسذاجة
وغلطتها انه احرقها
تهاوت علي مقعدها هاوية ليسندها يد ماهر ... رفعت عيناها هامسة
- يعني انا كده خلاص
احتقن وجه المحامي وهو يتذكر ما قدمه محامي الاب من ورقة تثبت عمل الام المشبوه ... غمغم بنبرة عملية
- مدام مارية انا اسف ... حضرتك المفروض كنتي تبلغيني بشيء زي ده قبل ما اكتشفه في قاعة المحكمة
ازدرد ريق ماهر خوفا وهو يراها تغلق عيناها بأسي وتدخل في نوبة بكاء صامتة ، تسائل بأمل
- يعني سقطت حضانتها؟
زفر المحامي بحدة وقال بنفاذ صبر
- حضانة الام سقطت فعلا بسبب اكتشفاف وبالادلة العمل المشبوهة اللي كانت تشتغله مدام مارية
ماهر محق ... عملها في تلك الحانة المشبوهة لن يمر مرور الكرام في حياتها بل سيكون له اثرا دائما ... تغضن وجهها بالاسي وهمست
- لكن ده كان من فترة
زم المحامي شفتيه وقال
- حاجه زي دي يا مدام مارية كفيل جدا ان الاب يكسب الحضانة من الام
رأت تحفز وجه ماهر للانقضاض عليه ... تمسكت بذراعه وهمست اسمه بيأس
- ماهر
شتم سابا كل شيء ثم قال للمحامي
- طب وعيلة الام ؟
غمغم المحامي بنبرة فاترة
- استاذ ماهر ببساطة جدا الاجراءات هتمشي علي الاب وهيحطوا مراقبين من 3 شهور لسنة لزوجة الاب علشان يعرفوا تعاملها مع الطفلة ده غير شهادتها اللي هتقدمها للمحكمة انها هتحافظ عليها
لقد خسرت ابنتها
يا الهي لما سمعت حديث اسيا والتي اخبرتها بضرورة معرفته خشية ان يتكرر احداث ابنتها مثلهما ... لما هي دائما مكتوب عليها السعادة منقوصة !!!
لما حينما أحبت شخصا لم يكن جديرا بحبها
لما حينما تتعلق بشخص يتركها للابد
لما حينما تري من يحبها ويقدم يد العون تعذبه دائما
لما هي مصدر الشقاء للجميع ومصدر شقاء لنفسها ؟ّ!!!!
تمتمت بنبرة يائسة
- وانا ؟
هز المحامي رأسه وقال
- نقدر نطالب بتحديد ليكي مواعيد لزيارة البنت ولما تبلغ لسن الرشد تقدر تنتقل لبيتك
استأذن مغادرا لتغلق عيناها وهي تشعر به يجلس بجوارها ... تشبثت بملابسه والقت نفسها بين ذراعيه ليضمها بحنان وهو عالم انها ما تفعل ذلك الا انهيارا
اذا لما قلبه يرتجف كلما شعر بها تلمس ذراعه او يده ؟!
لما الاحمق ما زال يخفق وهو اكثر من عالم انها لن تبادله حبه يوما
استمع الي صوتها الباكي يهمس بأنهيار
- انا كده خسرتها يا ماهر ... بنتي خسرتها
مال طابعا قبلة علي جبهتها وقال بنبرة حازمة يتحاشي بها قلبه الذي يقفز فرحا من همسها لاسمه
- مارية فوقي
انفجرت في البكاء وصاحت بنبرة يائسة
- نضال في كل مرة بيطعني وواضح ان المرة دي انه سحب روحي
تضرب كل مرة موضع قلبها النابض ... تتمني لو لم تكن هنا ... بل لم يكن في داخلها نفسا يتردد ... تراخت يدها زاغ بصرها ودارت الدنيا من حولها ... تستمع الي نبرة وصياح ماهر يأتي من مكان بعيد وهو يصرخ قائلا وقد سقطت مغشي عليها بين ذراعيه
- ماريااااااااااااا
