رواية المتحول الوسيم الفصل السابع7والثامن8 بقلم ساره منصور


 
رواية المتحول الوسيم 


الفصل السابع والسامن 


بقلم سارة منصور 



الفصل السابع 

زاد خفقان قلبه بجنون ، وعادت أطراف الحزن الى اوصاله ، وهو يستمع الى ماكان يخشاه .

الشئ الذي يقتله أكثر هو هذا الشعور القاتم الذي يخدش قلبه بأنيابه . أهو بسبب ان صديقه الوحيد سيبتعد عنه هو الاخر . أم لأنه سيذهب لإمرأة ..؟

وقف من فوره ومشي بخطوات مسرعة ، يهرب من الجميع ،  الذين يتابعونه بغرابة ، تمنى لو يهرب من نفسه ، التى لا تعرف ماذا تريد ..، بل لاتعرف من هى، وما هى حقيقتها  ..!

وصل الى مبني المشفي الضخم ، نظر اليه طويلا حتى مرت الدقائق ، والدموع أصبحت تعرف طريقها الى عيناه بسهولة .

حدث نفسه .. 

_ أنت زعلان ليه يااسلام ؟؟ 

.... ماكله هيعيش حياته وهيتجوز ادم ،لبني ، رامى ، وكمان زمايلك كلهم ، أنت اللى هتفضل كدا ... وحيد .. وأمك ..!!!

عندما جاء بخاطره والدته دخل مسرعا الى المبنى ، يقف أمام غرفة والدته الخاصة بالعناية المركزة . يراقبها من الحائط الزجاجى .. 

_ ماما ..، لو خسرت كل حاجه فى الدنيا دى ، مش هيهمنى ، انا محتاجلك أنت . خليك معايا . 

.. انا لوحدى .. من غيرك ...نفسي تخديني فى حضنك .. ماما ..

فى تلك اللحظة ظهر صوت صفير من جهاز ضربات القلب . فجاء صوت رنين بكامل المشفي ، فأجتمع الاطباء والممرضين بسرعة . امام عيناه ... فانتفض يدخل ورائهم الى الغرفة ، وينظر الى والدته ، الكل يتحرك ، الكل يصيح ، لم يسمع هتفاتهم، فقط  ينظر الى تلك العينان التى تتابعه وتبتسم ...وتمتم .. بحروف ..وصلت الى عروق قلبه قبل أذناه ..  

_ زهرة الياسمين ...............

توقف كل شئ و صاد الصمت وأنعدمت رؤياه عن الجميع ، فقط يرى والدته تبتسم بوجها المضئ كالبدر  وتنظر اليه ... وهذا الهواء البارد الذي يعصف و يحيط جسده وقلبه ..

الجميع يربط علي كتفيه ، وهو واقفا كالرمح لايتحرك ،عيناه تذرف الدموع ولا تتوقف وتنقله الى ذكريات الماضي . وصوتها يردد فى أذناه.

( أنت عارفة ياياسمين ، انت أحلا حاجه فى حياتي ، أنت عاملة زى النجمة اللى جتلى من السما ، برغم أن باباكى وحش فى حقي  ، بس بستحمله عشان جابك ليا .. )

( أنت طالعه حلوة لجدتك الكبيرة ، كانت تمشي فى الشارع الناس كلها تقف عشان تبصلها ، ويااه لما تتكلم .. حنان الدنيا كله بيبقي على لسانها .. )

( هفضل طول عمرى معاكى ، ومش هسيبك أبدا ، حتى لو أتجوزتى ، هاجى عشان أنيمك فى حضني، هتفضلى طول عمرك مهما تكبرى بنتى الصغيرة  )

صرخة صامته ، صدرت من قلبه ،وهو يراها  لاتتحرك ... 

وما أن أقترب منها الطبيب يغلق عيناها التى جف منها بريق الحياة  ، صرخ به ودفعه بعيدا  .. واقترب منها واحتضنها بقوة ويقول 

_ ماما ..، ردى عليا ...، يلا عشان نمشي ، أنا بردان ... دفيني ياماما ..

...ردى عليا ...أنت قولتى انك مش هتسبيني ... 

لم يتوقف عن الصراخ ، وهو يهز جسدها بقوة ..

طلب الطبيب رجال الامن لكى يأخذوه بعيدا .

... لكنه قاومهم بقوة وأقبل بتحطيم  كل شئ امامه ...وهو لايتوقف عن الصياح ...حتى سقط على الارض وفقد وعيه ...

                      ****

استيقظ من نومه وهو يتذكر والدته ليري انه فى شقتهم  ، فقام من فوره يبحث عنها فى البيت ، حتى وجدها تقف وهى توليه ظهرها ، فانتفض مسرعا اليها يعانقها بقوة .. ويقول ..

_ ماما ، كنت خايف أوي عليك الحمد لله أنه حلم ... أوعى تسبيني ..ابدا ...

انزلت والدته يداه برقه والتفتت تنظر اليه بعيناها الطيبة التى تملك حنانا رطبا بهما .. وتقول وهى تبسط يدها الى وجنتيه تمسح دموعه  ..

_ياسمين ...، سمحيني يابنتي .. أنا وقتى خلص فى الدنيا دي  .

...أنا وجعنى قلبي عليك أوووى يابنتي ، وروحى هتفضل تعبانه ... عليك ، كان نفسي أموت بعد مااطمن عليك  ... سمحيني ...

_ لا ... لا .... ماما ... 

تلاشت الام بعد أن عانقها اسلام ... وهو يصيح بألم بالأ تتركه ...

فجاه استيقظ وهو على فراش المشفي ، وعمه ناجى .. ينظر اليه بحزن ... 

بدأت الشهقات والبكاء ... وسكن الحزن داخل عيناه  المنكسرة ..التى تفيض بالدموع المؤلمة ...

ربط عمه عليه .. وقد سقطت الدموع من عيناه الاخر... 

_  شد حيلك يابني .. الاعمار بيد الله .... وانا معاك يااسلام أنت مش لوحدك.

                    *****

وتمضي الايام ،و لا تأخذ من الحزن قدرا لكى تجعل العينان تجف ، بل تمر وتترك من الالم ما يزيد من وجع القلوب ...

شهرا كاملا ،لا يأكل ولايشرب ، وان لم يأتى عمه لكى يطعمه بصعوبة لا يتناول الطعام أبدا ...

يدعو الله دائما أن يسحب روحه حتى يذهب الى والدته ، فهو لا يرغب فى العيش ، فالحياة تمزق قلبه وجسده بمرور الايام .. 

دخل اليه عمه ناجى فى ذلك اليوم الذي ترك بصمة داخله ، يخبره أن والدته تركت وصية  مع جيرانها .. واخبرتهم أن تعطيها له أن حدث لها أى شئ ...

اخذ اسلام  الرساله بسرعه وقام بفتحها  ودموعه تبللها ، خرج عمه ناجي من الغرفة ...لكى يترك له مساحة كافية ..

وبدأ يقرأ كل حرف ...بعيناه واذناه تتذكر همسها وصوتها الحنون 

( أبنتي الغالية ياسمين 

.....زهرة الياسمين ....

طول عمرى كنت حاسة ، أنى هموت قبل ماأشوفك ياضي عيني وأنت مغيرة أسمك فى البطاقة ...

لو سبتك ومشيت ، أوعى تفتكرى أنك لوحدك ، لا يابنتي أنت معاك واحد مفيش أحن منه ، عمك ناجى ،من صغرك وهو يقول اسلام دا ابني ، ومرداش اننا ندخلك مدرسة عادية ، وقال انك تدخلى مدرسة نضيفة اللى ممول فيها  وكان هو اللى بيدفع كل قرش مع ان مصاريفها كتير بس كان على قلبه زي العسل .  ابوك يابنتى الله يسامحه كان مش عاوز يدخلك المدرسة ، بس هو صمم ، ولما موفقش أنك تدخى الكلية عمك ناجى وقف قصاده .. وقاطعه فترة ميكلموش ، يارتني قولته زمان ، كان هو اللى ساعدك . ووقف فى وش ابوكي 

الماضي فات ومات ... والحاضر أنت اللى هترسميه .. وتخططي ..وأنا واثقه فيكِ 

ياسمين ... انا عارفة انك  تايهه عن نفسك ولسة معرفتهاش ، وانا أمك وأعرفك أكتر من نفسك عشان كدا بقولك انك وأنت صغيرة وبتكبرى قدامى ، كنت بتأكد يوم عن يوم  أنك ياسمين مش اسلام . انسي كلام ابوكي اللى كان بيسمم عقلنا بيه ،كلامه كله كان كذب ...وسامحيه عشان ربنا يغفر له .

اوعى تزعلي مني يابنتي فى يوم من الايام ،انى سرقت منك حياتك ، انا كنت بعافر عشان ابنيلك حياة خاصة تليق بيك زي باقي البنات  بس ابوكي كان بيكسرها ... 

و لو كنت بتحبيني يابنتى وعاوزة  ان روحى ترتاح  ، خل عمك ناجى يساعدك  وقوليله عن كل حاجه ، صدقيني هيساعدك وعمره ماهيتغير نظرته فيكي أبدا ، عشان أنا عرفاكى خايفة من نظرات الناس ليك ، بس اعرفى أنك ملكيش ذنب فى كل اللى حصلك دا قدر ومكتوب .

وأن كان ربنا خلقك كدا فمحدش كامل يابنتي ، كل واحد فينا فيه عيب ، وكل واحد بايده يصلحه ، أبوك  كان عيبه أنه بيخاف من  كلام الناس وتأذينا بسببه ، وضيع طفولتك فى كيان مش ليكِ ، كان ممكن يصلح عيبه ويسمع لينا ، بس كان أنانى ... 

والعيب الجسدي سهل تصليحه  يابنتي ، أنما العيب اللى فى وحاشة وسواد القلب ، عمره مابيتغير ...

وأعرفى أن الانسان هو اللى بيختار مصار حياته  وهو اللى بيجبر اللى قدامه يعمل ليه شأن ..

عيشي طول عمرك رافعه رأسك لأنك مغلطيش  ، ودوسي على اللى يحاول يقلل منك ، صدقيني هيتكسر ولا عمره تانى هيقف قدامك ... 

انا عارفة أنك بنت قوية ، وذكية .

أنت فيكي كل حاجه حلوة ياسمين ، انا طول عمرى فخورة بيكي قبل أى حاجه أنك بنتى . 

..أنت الحاجه الحلوة اللى طلعت بيها من الدنيا دى .

وانا وصيتي ليك أنك تعيشي زي باقى البنات 

تتجوزى ويبقي ليك زوج ، ويبقي عندك ولاد.. واعرفى أن دا حقك .. وانك مبتخديش حاجه من حد . 

وفى الاخر هقولك

خليك فكرانى ، وفاكرة كلامى ... وفاكرة انى كنت بقولك دايما يا 

زهرة الياسمين ... )

تلك الكلمات لمست وترا حساس للغاية ، مما زداته ألما ، وبكاءا على حاله ..أكثر ... فكيف لها ان تقول الا ينساها 

وهو يقتله الاشتياق بسيفه القاطع ،وصوتها وضمتها الحانية ومايزال يتردد كالصدي داخله .

                   ****

أفترشت دائرة سوداء حول عيناه الزرقاء ، لم تؤثر فى جمالها الناعم بل زادت من سحر عيناه أكثر ..وان أمتلكت الكثير من الدموع والكلمات الحزينة .. 

وبعض مضي أكثر من شهر أخر، لا يفارق غرفته ، عزم على الذهاب الى طبيب بعد تفكير طويل ، وقراءة رساله والدته أكثر من مرة ..

بحث على الانترنت على السيرة الذاتية لأشهر الاطباء ..يقلب هنا وهناك ... حتى أرتاح الى هذا الطبيب الذي يظهر على وجهه الوقار ..

ازدرد ريقه بصعوبة ، وقلبه يخفق بجنون ، وهو ينظر الى المبنى الخاص بالطبيب.. 

كل يوم يذهب ... ينظر اليه طويلا ومن ثم يعود الى غرفته ... 

وبعد الحاح نفسه عليه بأن يذهب ، أنتظر فى دوره .. ساعتين كاملين من تعذيب النفس ... بأن يهرب ... وهو يرى تلك العائلات .. وينظر الى أطفالهم ..وبعض الشباب والبنات ... لا يعرف ماهى جنسيتهم .. 

وما أن حان دوره فى الكشف... ذهب هاربا  الى البيت ... 

وتكرر الامر مرتان ، حتى جائت اليه قوة ...

ودخل .. وجسده يرتعش... ولا يستطيع أن ينظر الى الطبيب . 

_ أهلا ياأستاذ أسلام ...

_ أهلا ... 

_ مالك خايف كدا ... متقلقش يابني ... أنا شايف أن مفيش حد من أهلك موجود معاك ...

رفع أسلام يده لكى يمسح تلك الدمعه التى هربت على وجنتيه ..

_ أنا عندى ولد فى نفس سنك مغلبني ..اقوله يمين يقولى شمال .. مبسمعش الكلام خالص .. حتى أقوله شمال على اساس يتظبط يقولى يمين ...

ابتسم اسلام وقد ارتاح الى الطبيب بعض الشي .. فهو يحاول جاهدا ان يزرع داخله الطمئنينة 

فقال الطبيب بهدوء 

_ بص ياحبيبي أنا هعتبرك ابني  ،  اتكلم برحتك خالص  ...

صاد الصمت بينهم للحظات ، وانتظر الطبيب اسلام يتحدث ... 

رفع اسلام عيناه الى الطبيب ليراه هادئ وقورا جدا ... فاقبل يتحدث ... مع ارتعاشه شفتاه بتوتر ...

_ أنا عملت التحاليل دى عشان لوتشوف ..

_ ماأنت شاطر أهو يااسلام ...واضح أنك عملت بحث عن الموضوع قبل ماتيجي ..

مال اسلام رأسه بايجاب ... ونظر الطبيب الى التحاليل ... وهو يميل رأسه ... وطلب منه ان يجلس على فراش  الكشف .. تحت بعض الاجهزة ...

وبعد قضاء الوقت .... قال الطبيب ...

_ حالتك كانت ممكن أتعالجت من زمان أوى يااسلام ... بس مش هسألك ليه أتاخرت ... اكيد كان فية ظروف .

أبتلع اسلام ريقه بصعوبة ... وانتظر الطبيب أن يكمل كلامه ..

_ بصى ياأنسة أنت محتاجة عملية صغيرة ، تصحيح ... جسدي ..

دهش اسلام من تصريح الطبيب ، وتحدثه معه على انه أنثي .

لا يعلم لما هذا الشعور المريح وصل الى عروقه ينبض داخله بالحماس ...  فأردف الطبيب 

_ أنتِ أزاى مكنتيش عارفه أنك أنسة ، مع أن فيه دلائل كتير ...المهم ....هتيجي أمتى تعملى العملية .... 

                       ****

وقف أمام المرآة ينظر الى نفسه طويلا وطرح شعره الى الوراء

وهو يحدث نفسه 

_ كنت صح ياماما ...كنت حاسة بيا ياحبيبتي ... ربنا يرحمك يارب .... 

قالها اسلام  وهو يبكي  ثم زفر بقوة  واخذت شهيقا واردف بثقه 

_ انا ميهمنيش نفسي ،انا هعمل كل دا عشانك ياماما ، عشان ترتاحي فى قبرك .

وبعد مرور اسبوعا كاملا ، حاول أسلام أن يخبر عمه ، لكن فى كل مرة يفشل ،وكلما يراه يحاول أن يجلس معه يأتى أدم ولا يجعله بمفرده أبدا .

حتى ذهب اليه أدم فى غرفته ... واغلقها باحكام

و اقبل يصيح به ..

_لو اللى فى دماخى دا حقيقي ،انسي انك تاخد من ابويا ولا مليم مش مكفيك الاكل اللى بتاكله ، والفلوس اللى كان بيرميها لابوك وامك .

اقترب منه ادم يريد ان يقتله ،ولكن لم هذا الشعور يعود اليه ثانياً...

شعر اسلام بالخوف منه ،ومن تصرف ادم، حاول ان يدفعه بقوة لكنه اقترب منه اكثر يطوق رقبته حتى سعل اسلام بشدة  ،ومرت ثوانى  ثم ابتعد  عنه فجأة .... بعد ان ألقاه على الارض ...

                  ****

عيناه تمر على كامل جسده ، وملابسه .. 

وقد عزم على الذهاب الى .. من جاء بخاطره ...

فى تلك اللحظة ، طرق الباب ، يعلن العامل فى المنزل   أن أحد يريد أن يقابله  ... 

فذهب الى غرفة الجلوس ليري من كان يفكر فيه ..

_ بقالى كتير بدور عليك لولا أدم قال....

أنتبه رامي الى اسلام الذي كان يطرح شعره الى الخلف ، فدهش من مظهره ... فأردف ..

_ ايه دا حلقت شنب المراهقين بتاعك ...هاهاها ....

لم يبدي اسلام اى ردة فعل ، فشعر رامي بالاحراج فأردف  

... البقاء لله ياصحبي .. زعلت جدا والله وكان نفسي أبقي معاك ... روحت الشقه بتاعتك قالولى أنك بعتها ...

_ رامى ...خلاص أسكت .

...أنا .. أنا محتاج ...محتاج 

_ هاااه فلوس ...؟

دهش اسلام من رامي ..  فرد عليه باحراج 

_ أاه 

_ كم ..؟؟

_ 500 الف ..

_ اييييه ...500 الف ... ليييه ...أنا قولت أخرك 10 الاف ...

_ مش بتقول فى عقد تبع الفريق .. أكيد فيه فلوس .. 

_ أيوة بس مش لدرجة دى ...

_ خلاص  هاتلى الفلوس والزياده ..، هرجعهم ليك .. بعدين ..

لمح اسلام تردد رامي فاردف 

_ أنت غنى ومعاكم فلوس كتير ..، وأنا قولتلك هرجعهم ..

_ يابني انا هتجوز ، اهو ... ومش هعرف اعطيك ..حاجه وبعدين ماعمك ناجي معاه فلوس كتير .

عض اسلام على شفتيه بضيق ..وقال 

_ خلاص مش عاوز منك حاجه ...

حاتلى فلوس النادي ..هما كام  اصلا..

_ 30 الف ..

_ على كم سنه 

_ سنتين ..

صاد الصمت بيهم ... لحظات فأردف رامي 

على فكرة أنا فرحي بعد اسبوع ، خد الدعوة ...  ومتنساش تيجي .

خرج اسلام من شروده وبسط يده اليه  وأخذها منه وعلى وجهه الضيق ..

فاردف رامي  بعد ان ذهب الى الباب ليمشي 

_ بس هفكر برضه ..وارد عليك ..

_ لا ياعم مش عاوز خلاص ..

_ هنتعازم على بعض ..ولا ايه 

_ ماشي تمتم بها اسلام  وقد تضايق أكثر  فكان يعتقد ان رامي سيعطي له المال بسهولة ... وشعر بتغير فى شكله وملابسه .. علم ان تلك الفتاة زوجته المستقبلية قامت بتغيره بالفعل . فزفر بقوة وقام بإغلاق الباب فى وجهه رامي .

وبعد اسبوعين كاملين من التفكير وكيف له ان يحصل على المال. جاء اتصال من رامي مباغتةً ، أخبره أنه يوافق ، لكن عليه أولا  أن يمضي على وصل أمانه بينهم ..

تحمس اسلام وبالفعل أخذ منه المبلغ ... وقام بامضاء العقد .

_الفرح بكرة هتيجي .. قالها رامي وهو يعطي اسلام حقيبة ظهر المليئة بالمال ..الذي اتفقا عليه 

_طبعا ...

                             ****

(العيادة النفسية لتأهيل المرضي النفسيين )

_ بحس باحساس غريب لما اشوفه قدامى  ، بيخليني افكر بتفكير مش من طبيعتي ، ودا بيتعبني اكتر .

انا بحب مراتى وبحب انى اكون جنبها ، لكن الولد دا .... انا كنت بكره. ... دلوقتى...  بقيت معرفش مالى ...

ياريت تساعدني يادكتور .

كان الطبيب ينظر الى صورة هذا الشاب ... فى الهاتف  ويستمع الى كلام الرجل  فتنهد وهو يقول 

_هو فيه شبه من البنات فعلا  ودا يأكدلى ان حضرتك سليم ،  ممكن تكون انتبهت ليه عشان فيه من الجمال والبراءة اللى فى الاناث ، بس دا مايمنعش انه ولد ،ودا خطر عليك تكون معاه فى نفس المكان ... 

                         ***

_ جاهزة... قالها الطبيب وهو يربط على كتفيها وهى نائمة على فراش الجراحة ، ومن حولها ثلاث ممرضات يعطينها حقنة بنج  ...

.....يتبع .....


الفصل الثامن 

اغمضت العينان الزرقاء الناعمة ، تحت تأثير البنج الطبي ، لياخذها الى بحيرة الذكريات الخاصة بعالمها الصغير الذي تأسس بخيوط الوجع منذ الصغر حتى سنوات الشباب . 

يعيد ترميم هيكله الهش الضعيف ، بهيكل اعطتها لها الايام البائسة ، بعروق الدموع ، تسدل لها درعا حديدي لعيناها التى لن تنظر للأسفل بعد الان .

مر أسبوعا كاملا  بعد نجاح عملية التصحيح الجسدي وإزالة الاعضاء الذائدة .

نائمة على ظهرها تتألم قليلا ، لكن عقلها يفكر ولايتوقف أبدا . 

قلبها ينبض بالحماس ، لكن ، كيف ستواجهه عمها ناجى والجميع   . 

ماذا سيحدث ؟ هل سيفرحون لأجلها ، أم يطعنونها بنظرات تخشاها الى  حد الموت .

الشئ الوحيد الذي يجعلها تتنفس الصعداء براحة ، هو كلام والدتها . التى تزورها كثيرا فى الاحلام . 

دخل الطبيب عليها بابتسامة ، وهو يقول .

_ ها أخبار الأنسة ياسمين ايه ..

_ قولت لحضرتك يادكتور (زهرة الياسمين ) 

_ ماشي ياستي ، ها ،جيبلك معايا مفاجاة ،

  التصريح من الازهر أهو ، زى ماوعدتك بالضبط .

_ شكرا يادكتور ..

_ العفو ، يابنتي ، بصي ياسمين أنا عجبني الثقة دى أتمنى ألقيها مرسومة على وشك على طول .

..... وأضاف الطبيب كلمته وهو يقوم بالاطمئنان على جسدها بعد أن دخلت الى عمليات التجميل.

_ لو فى يوم حسيتي بالضغط و حبيتي تفضفضي مع حد  ، فأنا أرشحلك الدكتور لبيب ..

وانا بشجعك أنك تروحى فى البداية تجنبا لاى ضغط  .

قالها وهو يعطيها الكرت الخاص بعنوان هذا الطبيب النفسي  .

ترددت ياسمين قليلا وأقبلت تنظر اليه طويلا ، ثم بسطت يدها اليه تأخذ العنوان . وتقول 

_ حاضر.

قام الطبيب يربط على كتفيها ، مشجعا إياها، فهو يشعر بالشفقة بعد أن وجد شهادة الوفاة الخاصة بوالدها ووالدتها معها .

فأسرع بأن يحصل على تصريح خاص من الازهر الشريف لها بتقديم حالتها لهم والحصول على الختم المثبت  .

_ ها ... ساكته ليه ، أحنا بقينا تمام أوى أهو ، بس ناقص حاجه واحدة .

شعرت ياسمين بالخوف ، ورفعت رأسها تنظر الي الطبيب بعد أن كانت شاردة فى تصريح الازهر . 

فأردف الطبيب ..

_ أنك تضحكي ... 

فابتسمت ياسمين بألم ، وقالت وقد تجمعت الدموع فى عيناها .

_ حاضر .

يعلم الطبيب كمية الحزن الخاص بها ، وان كانت صامته الى ان عيناها بها الكثير والكثير من الكلمات .. التى تنذف وجعا .

_ قدامى قد أيه وأخرج ، يادكتور .

_ مستعجلة أوى على الخروج ، لسة قدامك بالضبط عشرين يوم وتخرجي بقي ومعدناش نشوفك تانى .

                     ****

وتمضي الايام ولا تفارق المرآة ، تنظر الى غرتها التى نمت حتى غطت عيناها ،تبلل شعرها وتطرحه الى الوراء ، و  تخرج من الغرفة الخاصة بالعناية الصحية ، وتجلس فى الحديقة الصغيرة الخاصة بالمشفي  ، ينظر اليها الجميع .

لا تعلم كيف يروها ، تريد أن تسأل أحدهم ،وتخبره بما يرى فيها . 

فما تزال لا تعرف من هى .

وجاء اليوم الموعود ، الذي أنتظرته كثيرا ، وبنفس الوقت ترجوا أن يتأخر قليلا ، فهى ليست مستعدة بعد . 

أرتدت ملابسها التى أتت بها الى هنا ، لم تتغير كثيرا وان كانت معالم الانوثة ظهرت ، الا أن ملابسها الواسعة تدارى القليل . 

طوال الطريق تنظر الى المارة ، والمارة ينظرون اليها . 

شعور غريب احتل كيانها ، جعلها تضم يدها الى صدرها ، حتى تخفى نفسها عنهم . 

نطق قلبها بكلمة (خائفة ) جعل جسدها بالكامل يرتعش لتنتفض مسرعة من أمام الناس  ، وأوقفت سيارة اجرة. وعيناها لا تتوقف عن سكب الدموع . 

عقلها يحدثها بالهرب حتى تنجو ، فصاحت ببكاء ووضعت يدها على عيناها ، حتى لا ينظر اليها احد أو ترى احد منهم . 

صدم السائق من فعلها وأوقف السيارة وقال .

_ مالك يا أنسة فيه حاجه ..أنت كويسة

تلك الكلمة مرت على أذناها ، فرفعت رأسها اليه تنظر بغرابة والدموع تغرق وجهها . 

فصمتت قليلا، شفتاها فقط ترتعش ، لكن عيناها لم تتوقف عن التحدث .

(انت شيفني بنت ) ( أرجوك رد عليا  )

تحركت السيارة مرة أخرى ، وجفت دموعها عن وجهها وعندما لمحت محل تجاريا خاص بالملابس ، أخبرت السائق أن يقف .

ونزلت مسرعة اليه ، وقفت أمام الجزء الخاص بالرجال ، والجزء الخاص بالنساء .

تنظر اليهم بألم طويلا ، لاتزال .. لا تزال لا تعرف ، هذا الشعور يقتلها ..

دخلت الى المحل الخاص بالرجال بعد أستسلامها الذى ذبح فوئدها .

قامت بسحب الجواكت الجينز الواسعه ... 

_ حضرتك بتدور على على حاجة معينه ، قالها هذا الشاب  البائع لتلتفت اليه بطولها ، وتقول 

_ اااه دا ..

صدم الشاب عند رؤيتها ... فقال ..بتوتر 

_ أحم احم .. اسف ، لو بتدورى مثلا على حاجه  .

ثم صمت قليلا وعيناه تبحث فى يدها على خاتم  فلم يرى .

فاردف ..

_ لحبيبك ... ممكن تشوفى الجزء دا ، فيه  استيلات تجنن .. 

اتسعت حدقة عيناها وهى تراه يتحدث معها كفتاة  . 

فلمح الشاب فى عيناها دموع .. فقال ..

_ حد يبقي معاه القمر دا ويزعله . 

.... وأردف متمتم 

... عيل مابيقدرش النعمة .... 

أحم أحم .. 

 كانت ياسمين تنظر اليه بغرابة ، وفجأة  أبتسمت ، واطلقت ضحكة ... عفوية ، لا تعرف كيف خرجت منها ... فقال الشاب بعد أن رأى ضحكتها .. 

_ هيييح أنت أزاى حلوة كدا .. ، لا بجد كدا كتير . 

_ أنت .....فعلا ، شايفني ...بنت .

دهش الشاب من طريقه كلامها ، لكن لم يلتفت الى ذلك وحاول ان يغازلها قليلا ..

_ وست البنات كمان ..

كان الشاب ينظر اليها باعجاب ، وعندما قالت هذه الكلمة ، لم يعرف أن من أمامه أنتظرت تلك الكلمة شهرا كاملا ، بل عمرا ، وعندما مرت الكلمة على أذناها ، تسبب فى بركان فى مشاعرها المعقودة ، التى تنفجر بعدة احاسيس (( خوف ، رهبة ، سعادة ) 

ابتسمت له أكثر ، حتى تساقطت الدموع من عيناها بغزارة ، ودخلت فى دوامة بكاء .. متواصل .

 قال الشاب .. 

_ أنت زعلتى بجد أنا أسف ، طب خدى الوردة دى ومتعيطيش .. 

كيف لأنسان أن يبكي ويضحك فى نفس الوقت 

وكيف لعين تبكي بدموع الفرحة ، والالم فى نفس الوقت ..  اهذا مايحدث معها الان ...!!!

_ انا كويسة .. قالتها وهى تمسح دموعها . وقد تحول وجهها الى الاحمر .

_ فراولة .. والله فراولة .. 

قالها هذا الشاب وهو يعطي لها باقى المال بعد أن حاسبت على الملابس التى أخذتها . 

وبعد أن صعدت الى السيارة ، كانت تنظر الى الوردة التى قدمها لها هذا الشاب البائع ، ولا تتوقف عن الضحك بصوت مرتفع ... طوال الطريق ،وعينها لم تتوقف عن سكب الدموع .

 علم السائق أنها أمرأة مجنونة ، وقد عرفت من نظرته الخائفة منها .

وعقلها يحدثها، وما المانع من الجنون ، أن كان يقدم لها الضحك ، الذي لم يأتى اليها يوما .

                         ****

وبعد عدة ساعات وصلت الى وجهتها فى بيت عمها .

 أحان وقت المواجهة ?.؟

كلها تسأولات داخلها كالبرق والرعد فى قلبها.

أرتدت جاكت جينز واسعا ، ودخلت الى بيت عمها ناجى الضخم ، اخبرت البواب  وقام بفتح البوابة الخاص بها ، لاتعرف هذا البرود الذي أحتل كيانها ، ألم تكن تأكل فى شفتيها طوال شهر كامل عندما تفكر فى أخبار عمها ، أم أن كلام هذا الشاب أعطاها قوة .

وعندما دخلت وجدت عمها يقف أمامها ، ويشير اليها بأن تذهب وراءه .

_ أنت ازاى تعمل كدا يااسلام تمشي من البيت شهر كامل من غير ماتقولى ، ولا أنت عشان أمك وابوك ماتوا يبقي معندكش حد ، وتعمل اللى عوزه .طول ما أنت هنا تحترم راجل البيت . أنت هنا طفل ، وأنا ابوك ...

أنت فاهم .

لم يعرف العم أن بكلامه هذا قد جعلها تطمئن ، بأن هناك من كان ينتظرها . 

لمح العم الدموع فى عينها فاقترب وربط على كتفها ، وقال 

_ يااسلام ياحبيبي أنا خايف عليك ، وأنا بصراحه ، بضعف ، معرفش أنا فى جو العصبية وكدا ، فقولى ياحبيبي أنت كنت فين . 

ابتسم اسلام وهو يرى لهجه عمه الشرسة تتحول الى حنان .

_  يا عمى .كنت بدور على نفسي الضايعة  من سنين . 

_ ولقيتها ...؟

_ الحمد الله ، المشكله مش فى كدا ، المشكلة فى أن حضرتك هتتقبلها ، ولا لاء .. 

_ بس يااسلام ياحبيبي أنا معاك فى مصلحتك أنت وبس . 

فى تلك اللحظة ، دخل ادم ، لينظر اليه بغضب ، وهو يصيح فيه  بعد أن اقترب منه وأمسكه من لياقة معطفه الجينز .

_فين الفلوس اللى سرقتها ... 

صاح العم ناجى فى ابنه وقال وهو يبعده عنها . 

_ أنت لسة برضه ، قولتك اسلام مايسرقش ابدا ، اجرى شوف أنت ضيعتهم فين . 

_ أنت دايما معاه وفى صفه ..هو حرامي ، وسرقهم .. لازم يمشي من البيت .

 كانت تنظر اليه ، ولا تعلم بما يقول . ولما يهاجمها .. ولما فى ذلك الوقت بالتحديد ..

هل تهاجمها الحياة مرة أخرى ..

_ مسرقتش حاجه  بجد ياعمي ،أنا معرفش هو بيتكلم عن ايه . 

فهتف أدم به 

_ لا سرقتهم أومال هربت ليه .

_ مهربتش ... مهربتش .

صاح العم فى ولده

_ لو مطلعتش فى شقتك دلوقتى ، لا انت أبني ولا أعرفك .. يلا ... امشي . 

وبعد أن تأكد العم من ذهاب أدم ، التفت اليها  وقال 

....أهدى يااسلام ياحبيبي. .. أطلع ارتاح .. فى أوضتك ...

_ أنا محتاج أتكلم معاك .

_ وأنا ياحبيبي كمان .. بليل نتكلم ... ارتاح بس دلوقتى .

تنهدت وهى تقصد غرفتها ، وتفكر فى كلام أدم وتمتم 

_ دى خطتك الجديدة يالبني ، أنت وامك. 

.... هو أنا فيا حيل ليكم كمان .... صبرني يارب .

ومن ثم تسألت كيف لهذا الشاب والسائق أن يروا أنها فتاة ، ولم ينتبه عمها الى أى شئ . 

فتنهدت أكثر .. ودخلت غرفتها ، وقامت بألقاء محتوياتها فوق الفراش . 

                    ****

مر أسبوع كامل ، كلما تذهب الى عمها لتتحدث معه ، تجد نفسها تتحدث فى موضوع أخر ، وتبكي على جُبنها . 

الشئ الذي تخشاه هو خسارة عمها .

تخشي ان يكون أعتقاده مثل والدها ، ويقف ضدها بأنها اختارت أن تكون أنثي . 

هى لا تريد خسارته ، فقد أعتادت على حنانه ، والتحدث معها فى الليل ، لن تتحمل أبدا أن تخسره . 

_ يارب أنا مش عارفه أعمل أيه ، ساعدني . 

قالتها وهى تشعر بالالم ، وترتدي ملابسها لكى تغادر فلا تستطيع أن تبقي محبوسة فى البيت أكثر من ذلك .

أختارت أن تذهب لرامي  ، فلا تعرف غيره . 

فتذكرت أنه قد تزوج ، فزفرت بشدة ، وقالت بضيق 

_ يعني كان لازم يارامي تتجوز دلوقتى ؟؟ أفف . 

ياترى مين  اللى وقعت فيه  أكيد حظها وحش ، مع بتاع البنات دا .

تلاشي ضوء الشمس من السماء ، ليأخذ القمر مهمته  بضوءه الهادي .. 

خطت على الطريق تحت ضوء القمر ، وتنظر الى القصور فى الحى الخاص بالاثرياء . 

_ ايه الرصيف النضيف دا ، مفيش ولا طوبة أحط غيلى فيها ... 

تمتمت بها ياسمين  لترى حجر صغير ، فأسرعت اليه وقامت بركله عاليا بقوة ... ليطير الى وجهه هذا الشاب . الذي يتابعها على بعد خطوتان .

أطلق صيحة مؤلمة ، حتى جرى الرعب داخلها ، واستعدت للهروب ، لكن ...

_ سيف ...؟ 

_ ياتيييييييت  ، أنت قاصدها ... والله ماهسيبك ... 

_ مكنتش أقصد .. والله ... قالتها وهى تهرب بسرعه . 

فتذكرت أيام الثانوي ، عندما قام بضربها أمام زملاءه وجعلها تبكي .. فتوقفت فجأة .. 

وهى تنظر اليه بغضب . حتى أستمر طولا .. وهو فقط ينظر اليه والى شجاعته التى لايرى بها الخوف مثل كل مرة يقابله ، شعر أن به شئ مختلف .. هذه المرة ..

_ ايه الشجاعة دى يلا .. واقف قدامى ومش خايف.... 

قالها سيف وهو يضع يده على عيناه التى تورمت من الحجر ...

وفجأة ... أرتفعت قدمها لتركل مؤخرته بقوة ، ليصرخ .. ويهتف بالوعيد ... له ... وهو يسقط على ركبته يأن من الالم ، حتى  افترش على الارض  .

 _أول خطوة فى حياتي أعملها صح وراضية عنها . 

قالتها ياسمين وهى تهرول الى داخل القصر .. 

وبعد أن أنتظرت رامي الذي أتى لها مسرعا .. وهو يقول 

_ أنت عيل ... تييتتت .. مجيتش الفرح .. يا ....تيييت

_ هبقي احكيلك ، بس تعالى دلوقتى عشان سيف ... 

فقال رامي مقاطعا .. 

_ لا تعال ما اعرفك على مراتي .. 

_ هممم ، خليها مرة تانية .. 

قام رامي بسحبه بقوة الى داخل غرفة الجلوس ، وذهب الى زوجته .. 

وبعد مرور دقائق .. كانت ياسمين تنتظر وقدماها تنتفض من التوتر ... خوفا من عودة سيف ...

_ اسلام .. هتف بها رامي وهو ينزل من السلم الكبير ويمسك بيد زوجته ..

التفت اسلام وهو جالسا فى غرفه الجلوس ينظر اليهم ، فبقي ينظر طويلا صامتا ، شئ ما غاص داخل قلبه بمرارة ، ألمته أكثر وهو يراهما ثنائى جميل . مثل أبطال المسلسلات . 

ابتلعت ريقها بصعوبة وهى تنظر اليها عن قرب ، فهى تمتلك من الجمال ماعلا وزاد . 

تشبه الاميرات ... فابتسمت لها ياسمين ، وقلبها ينذف وجعا .. ولا تعرف لما . 

لكن ،لم تحب زوجته .. أبدا .

وبعد أن سلم كل منهما على الاخر . 

وصعدت الزوجة الى غرفتها الزوجية ...

وبقت ياسمين مع رامي ... فى غرفه الجلوس ، وتتذكر أنها كانت تدخل غرفته وتلعب معه العاب الفديو ، والان مكانها فى غرفه الجلوس . 

_ قاعد ساكت ليه . 

_ عادي 

_ شوفت مراتى حلوة أزاى ..تعرف أنت تجيب واحده زيها . 

انتبهت اليه رافعه رأسها بعد ان كانت تنظر الى الجانب الاخر وهو يقول هذه الكلمه ، فتسرب الالم داخل عروقها حتى نزلت دمعة من عيناها ، فحاولت مسحها بسرعه قبل أن يراها .

أخبرها قلبها عن بعض الاشياء ، التى أرادت أن تكذبها. 

بل لم تسطع البوح بها . 

لكن الان لما باح بمكنونه ، فلن يكون امامها سوي طريق يفتح جرحا جديد .

 وهل بقي مكان لم يجرح به .. 

تنهدت وهى تستمع الى كلامه عن طيبه زوجته ، وسماحتها . وأنه لم يجد أبدا مثلها .

ابتلعت ريقها بصعوبة ، وهى تحاول كتم دموعها الحزينة.

وبعد عدة دقائق 

طلب رامي أن يذهبو الى الخارج ، لكى يخرجوا ، فقد أخبره أنه لم يخرج من المنزل منذ شهر كامل من غرفته حتى يبقي مع زوجته الحبيبة . 

كزت على أسنانها وهى تراه يتحدث بتلك الطريقه ، وفى النهايه وافقت .

وذهبو الى مكان يعم بالشباب والبنات الخاص بالاثرياء . 

شعر رامي أن الجميع ينظر اليه بغرابه ،حتى ظهر له انهم  ينظرون الى اسلام ، فقد كان اسلام يضم يده الى صدره ، ويظهر عليه التوتر ... 

_ ايه يابني انت عامل كدا ليه ماتفك ايدك .. 

وأعد كويس ...

_ رامي أنت مش شايف فيا حاجه اتغيرت .

_ طولت شوية  ياعني .... خلاص ياعم أنت هتزلنى ، عشان أطول منى بثلاثه سنتي . 

_ أنت تافه أوووى ، لا أقصد حاجه تانيه ..

_ ممممم ، طلعلك بنچات شوية... بتشيل كام .

أنا بشيل ... 50 .. قالها رامي وهو يقوم بعرض بعضلات صدره يحركها يمينا ويسارا ..

شعرت ياسمين بالحرج فضمت يدها الى صدرها بسرعه .. وتنحنحت وهى تقول بتوتر ...

_ اللى يشوف الثقه وانت بتتكلم يقول ٥٠٠ 

شعر رامي بشعور غريب وهو يتابع اسلام  يضحك بتلك الطريقه ...

فلمحت ياسمين  انه ينظر اليها  .. فبقت تنظر اليه الاخرى ... حتى رأت عيناه تجرى على شئ أخر ...  

فالتفت تنظر الى الذي ينظر اليه بشرود

لتجد فتيات ...!!!

صدمت وهى تراه يهتف لهم ...

_ اقسم بالله عسل ، اية الحلاوة دي ....  قالها رامي بعد ان مرت الفتيات بجانبه ، وهن ينظر اليه باعجاب .

 فأردف لاسلام 

_ هاااح ، ايه يابني الحريم دا ... 

جحظت عيناها بصدمة وهى تراه ينظر الي الفتيات ، ويقوم بالصفير لهم ... فتناقض تصرفاته فى عقلها ..فانقلب وجهها الى العبوس  أيخبرها أنه يحب زوجته ثم يقوم بمعاكسه الفتيات ... لم تشعر بيدها وهى تقوم بصفعه على رقبته بقوة ...

حتى صدم رامي من فعلتها .. فصاح 

_ اسلام ياتييييت ... 

                        ****

كان الضيق ينهش داخله بالغضب ، يعلم أنه سرق أمواله ، التى كان يخفيها فى غرفته ، ولايعلم أحد عنها سوي زوجته ..

ولا يوجد أحد فى البيت سواه ، هل سرقها لانه قام بتعنيفه لكى لا يأخد مال من والده ...

كل تلك الاسئله تحوط عقله  ، ولا تجعله يهدأ حتى ينتقم منه ، وايضا لكى يختفى هذا الشعور ايضا الذي يعذبه .. 

فدخل الى غرفه اسلام ، يبحث فيها عن المال ، فلا بد من وجوده ، وبعد أن قام بتفتيش كل شئ . 

نظر  تحت الفراش ... فانحنى جالسا على ركبتيه ،  ليري حقيبة سوداء كبيرة ،فقام  بفتحها ، ليجد الكثير من المال داخلها ... وأوراق تحمل رأئحة المشفي ... ففتح ورقة منهم .. وقرأها. بغرابة 

( ينص الازهر الشريف 

بعد أن رأى التقرير الطبي والنفسي الخاص بالمدعو  إسلام أكرم ....

أنه خنثي ، تميل الى الاناث ،وقد تم تصحح جسدها ، حتى تكون أنثي كاملة .. بأسم زهرة الياسمين .. تطبق عليها كافة حقوق الانثي . من أمور حياتها الدينية ، والحياتية .)

قرأ الورقه أكثر من عشرن مرة ، ولم يستوعب بعد ... عيناه جاحظة من الصدمة  .

وشريط حياته يعيده الى الطفولة ،  أن اسلام طوال فترة حياته مبتعدا عنهم ، الا عند سن الخامسة عشر أراد عمه ناجى أن يقربه منهم .. 

يتذكر وجهه عن قرب 

جسده الضعيف ، 

عيناه ، شفتاه ، بشرته ...

كل شئ ... يميل الى الاناث .. كيف له الا يعرف ... 

حاول أن يقف على قدميه التى ترتعش ، لكنها مالت  على الارض .

فى تلك اللحظة ، دخلت ياسمين الى غرفتها ، ولم تراه ، ولم ترى غرفتها بشكل جيد ، أنها ليست مرتبة . 

فقط تقف أمام المرآة ، وتنزع ثيابها ...  وتهتف بضيق ...

_  ... طول عمره .. بتاع بنات ، صدعنى ساعة كاملة عن مراته  ، وفى الاخر .. يعاكس بنات ... هو الخيانه بالسهولة كدا ... 

يارب  مراتك تعرف يارامي ...انك تيييت  

نظرت الى المرآة والى ذلك الرباط الذي  تحيطه حول صدرها حتى تخفيه . تنهدت 

 وعندما  بدأت فى خلع الرباط  ،لتلتقط عيناها  وهجا منعكسا فى المرآه 

فالتفتت بزعر  وقلبها يخفق بجنون ، لترى  تلك العينان البرية تراقبها بصدمة  من وراء اريكتها.. 


                الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>