الحلقة الثامنة:والتاسعة
رواية ليلة الدخلة👰
-----------------------
الثامنة
استيقظت فى الصباح ، ولا تعرف كم الساعة _ لم تأبه يوماً لها
ثم بحثت عنه فى حجرته وفى أرجاء الشقة لم تجده
استنتجت من ملابسه الملقاة بإهمال أنه ذهب إلى عمله ..
قامت بترتيب الشقة وتنميقها وإضافة لمساتها الأنثوية عليها ..
حتى أتى ..
وفى يده أكياس كثيرة ..
_ سلام عليكم .
_ وعليكم السلام .. ايه دا كله ؟
_ أكل ، انتى فاكرانى هجوعك يعنى ولا ايه ؟
ابتسمت ، وأخذت منه الأكياس قائلة : ثوانى احضرلك الغدا .
_ خدى راحتك .
ثم ألقى الحقيبة فى إرهاق وارتمى على الأريكة القريبة .. ثم قفز فى نشاط
ودخل للمطبخ ثم تناول سكيناً .
فنظرت له فى دهشة قائلة : ايه ناوى تعمل ايه ؟
ابتسم فى حب قائلاً : _ انا اقدر برضو افكر ؟ اعيش ازاى من غيرك انا ؟ دا انا هاعمل السـَلـَطة .
مبتسمة :_ لا خليك مرتاح انت ، انا هاعمل كل حاجة ..
_ وفيها ايه لما اساعدك ؟
_ انت جاى من الشغل تعبان .. ارتاح انت .
_ يعنى كنت بحفر فى قناة السويس ، سيبينى اساعدك .
_ ههههههههههههه ، طب براحتك .
بدأ فى تناول الخضراوات وتقطيعها .
_ بتحبى ليمون ع السلطة ؟
_ انت بتحبها ؟
_ لو انتى بتحبيها انا هحبها .
_ طب مفيش مانع .
أعد السلطة وأخذها للسفرة وأتت هى بالباقى وحين جلسا ..
_ ايه رأيك فى الأكل ؟
_ على اساس ان انت اللى عامله ؟
_ هههههههه بس انا اللى مختاره ، انا بسألك عن ذوقى .
_ كويس ، جميل .
نظر لها مبتسماً وأطال النظر ، فلاحظت هذا
فرفعت رأسها إليه وقالت له : انت هتفضل باصصلى كدا كتير ومش هتاكل .
ابتسم ولم يجب .
انتهيا من الأكل . وأعدت له الشاى ..
ثم أتت وجلست على الأريكة المجاورة له ..
_ ماتيجى هنا جنبى . متخافيش .
_ وانا هاخاف من ايه ؟
_ مانا شايفك مبترضيش تقربى .. متخافيش يعنى .!
_ بتقول متخافيش ليه ؟ هاخاف من ايه يعنى ؟
_ إنه تحصل حاجة مثلاً .. انا مش هاستغل الموقف ، بس عايز احس انك جنبى ، مش أكتر.
_ وتستغل الموقف ازاى يعنى ؟ انت جوزى اساساً .. !
_ الحمد لله ، عرفتيها لوحدك دى . طيب تعالى .
همت بفعل شئ او بقول شئ . إلا انها سمعت صوت هاتفها يرن ..
قامت لتحضره ، وترى من المتصل
فابتسمت حين نظرت إليه وقالت بفرحة : دى سلمى .!
وردت عليها وهى تدخل .
فتمتم هو فى ضيق حقيقى : مش قلتلك بتيجى فى اوقات مش مناسبة ياسلمى ؟
ثم قام من على الاريكة بعصبية وقال بصوت مسموع متوتر : أوووف ، دا ايه الجوازة اللى مع إيقاف التنفيذ دى؟
استيقظ من نومه بعد العصر ، وتوضأ ليصلى المغرب ..
ثم بعد المغرب اتى وجلس وأخذ يقلب فى التلفزيون بسرعة ويتجول بين قنواته ..
ثم أتت هى من الداخل تسأله : اعملك شاى ؟
_ ليه ؟
_ مش عايز يعنى ؟
_ لأ طبعاً مفيش مانع بس ليه مرة واحدة كدا قلتى .
_ عادى ، اصل بابا كان متعود بعد ماييجى من اى صلاة بيشرب شاى ..!!
_ اوك ، اعملى .
أتته بالشاى وجلست بجواره فى هدوء ، قائلة : ادينى بقعد جنبك أهو .
_ وياريتك على طول .
تجاهلت ماقاله وارتشفت من الشاى رشفة وقالت : هو انا لو عزمت سلمى ومعتز يوم عندنا ع الغدا ؟
دا ينفع ؟
_ ومينفعش ليه ؟ اعزميهم طبعاً .. بس قبل ماتعزميهم ، مين معتز أصلاً ؟
_ معتز ، خطيب سلمى .
ارتشف رشفة هو الآخر وصمت لحظة ثم قال : _ وهو انتى ايه علاقتك بمعتز ؟
_ بتسأل ليه ؟
_ عادى ، مجرد سؤال .
ثم أضاف فى استدراك : مش قصدى حاجة والله العظيم . سؤال عادى .
_ طيب ، هو العلاقة بينا إنه بس خطيب سلمى وقابلته 3 أو 4 مرات كدا بالصدفة . يعنى تقدر تقول مفيش علاقة.
_ وانتى ايه رأيك فيه .؟
_ معتز ؟
_ آه يعنى ايه رأيك هو مناسب لسلمى مثلاً ، ايه رأيك فى شخصيته ؟
_ هو جميل ، لطيف يعنى ومحترم .. زيك كدة .
تهللت أساريره ثم قال : يعنى انتى شايفة انى لطيف ومحترم ؟
_ متهيألى كدا يعنى ، انا اللى شفته منك كدا ، وكمان كنت اعرفه من زمان .
_ وانتى كنتى تعرفينى من زمان ؟
_ مش كنت جارنا ؟
_ بس انا أساساً مكنتش بشوفك غير بالصدفة فى البلكونة ، وكمان كنتى دايماً سرحانة وعينيكى للسما .
_ ماهو انا مكنتش بخرج غير فى البلكونة . . بس انا كنت اعرفك يعنى انك ساكن قدامنا وانك مهندس وكدا ، عادى يعنى . كانو بيجيبوا سيرتك أحياناً ويقولوا عليك انك محترم وابن ناس وعندك اخلاق .
_ كانوا بيقولوا عليا فعلاً .
_ بس متتغرش يعنى كدا .
ابتسم وقال : _ وانتى كان ايه انطباعك لما كانوا بيقولوا .؟
_ انطباعى ؟ مكانش فى اى انطباع . عادى ، اى كلام .
ضحك ضحكة عالية ثم قال : وانتى كمان كانوا بيجيبوا فى سيرتك أحياناً.!
اندهشت ودق قلبها فى عنف وقالت مأخوذة : بيجيبوا سيرتى ازاى يعنى ؟
_ مالك اتخضيتى ليه ؟ اقصد الشباب بتوع منطقتنا لما كنا بنتكلم عن البنات اللى ساكنين فى منطقتنا كانوا بييجوا عندك ويقولوا : بس البنت دى باين عليها محترمة فعلاً .. يعنى محدش قال عنك حاجة غلط .
ابتسمت وقالت : وكانوا بيقولوا ايه كمان ؟
_ كانوا بيقولوا انك محترمة بجد مبتمثليش الاحترام . وكمان كانوا بيقولوا انك جميلة وان جمالك فيه هدوء وارتياح كدا .
دق قلبها بعنف ولكن هذة المرة كان من السعادة التى اجتاحت نفسها .
ثم قالت مبتسمة : مممممم كمل ، وبعدين ؟
_ مفيش بس ، الحكاية دى لفتت نظرى ليكى بصراحة ، خاصة انى اكتشفت ان فعلاً فى جمالك فى هدوء وارتياح .
ويدق قلبها مرة أخرى ولكن بشئ آخر ، لا بالسعادة ولا بالخوف .. شعور جديد لم تشعر به من قبل .
_ انت ايه رأيك ؟
_ فى ايه ؟
_ اعزم سلمى ومعتز امتى ؟
_ آه ، براحتك .. إن شالله حتى بكرة .
_ اوك. هاقوم اكلمها .
_ طب ماتخليكى قاعدة جنبى شوية . وابقى كلميها بعدين .
_ طب ماتقوم انت تصلى العشا ، عشان قرب .
_ ههههههههه ، ماشى
ثم قام واتجه ناحية الباب قائلاً : هتوحشينى على فكرة على ما اصلى وارجع .
دق قلبها بنفس الشعور الجديد السابق ذاته .
وحينما أغلق الباب ، ضبطت نفسها متلبسة تقول له :
" وانت كمان هتوحشنى .!"...
الحلقة التاسعة:من ليلة الدخلة👰
---------------------
استيقظ فى الصباح على صوت صادر من المطبخ ، تثاءب فى كسل ثم ذهب إلى المطبخ فوجدها منهمكة فى تحضير شئ ما .
_ صباح الخير .
_ صباح الفل .
_ بتعملى ايه ؟
_ بجهز الغدا عشان سلمى ومعتز اللى جايين النهاردة .
_ آه تصدقى انا نسيت . طب هو انتى بتعرفى تطبخى ، ولا نجيب أكل جاهز ؟
_ هتشوف .
_ ياسيدى ع الثقة ، طيب لما نشوف .
ثم أشارت إلى الخارج قائلة :
_ فى ورقة على الترابيزة برة فيها شوية طلبات ، ممكن تجيبهم ؟!
_ هههههه أكيد ممكن طبعاً .! انتى تؤمرى .
منحته ابتسامة قائلة :_ ميرسى .
عاد محملاً بالأشياء التى طلبتها و طلب منها ان تتفقدهم إن كان قد نسى شيئاً فأخبرته بأن هذا أكثر مما تريد ، ثم ذهب إلى عمله وعاد مبكراً عن موعده .
دخل إليها فى المطبخ ، و وجدها لازالت منهمكة .
وجهت إليه نظرة سريعة قائلة :
_ جيت بدرى يعنى !
_ عشان الضيوف اللى جايين بس . انتى خلصتى ؟
_ تقريباً .
قال مستطيباً الرائحة : مممممممم ، الأكل فعلاً ريحته تجوّع ، الظاهر ان ثقتك فى محلها .
ابتسمت ولم تعلق .
_ انا هروح اغير هدومى .
_ اتفضل .
وبعد دقائق دق جرس الباب ، ففتحت هى وعانقت سلمى ، وصافحت معتز .
ثم برز أحمد من الداخل ، سلم عليهم مرحباً ثم دعاهم للجلوس .
_ أهلاً وسهلاً نورتوا ..
_ اهلاً بحضرتك .
_ شرفتونا . اتفضلوا .
_ الشرف لينا .
أخذت (مريم) (سلمى) من يديها معها نحو المطبخ ..
فى حين دعا (أحمد) (معتز) للجلوس
وما إن جلسوا ، بدأ كل منهما _ احمد ومعتز _ يتفرس كل منهما فى ملامح الآخر .
_ انت كنت بتاخد درس فيزيا فى الثانوى عند الأستاذ ضاحى ؟
_ أيوا ، الجامد ابو شعر ابيض دا ، اللى كان معاه عربية كحلى .
_أيوة ، انت معتز اللى كنت بتقعد ع اليمين خالص ومبترضاش تقعد غير في المكان ده .
_ ايوة بالظبط ، امال انت مين ؟
_ انا احمد عصمت .
_ العبقرينو المتفذلك ، اللى كنت بتيجى حافظ الدرس كله ؟
_ هههههههههه ، تخيل ..
_ دى الدنيا دى يا أخى اضيق من طبق المهلبية .!
_ هههههههه ، طول عمرك رخم .
فى هذه الأثناء كانت مريم تسأل سلمى ، هاه ايه رأيك فى الشوربة .. محتاجة ملح ؟
_ لا مظبوطة كدا ..
_ تمام . يلا نعمل السلطة .
_ اخبارك معاه ايه ؟
_ مش عارفة ..
_ وانا بسألك عن واحد عمرك ماشفتيه .
_ مفيش ، لطيف بصراحة. انا خايف احكيلك كلام تقولى عليا مفترية .
_ لا أحكى انا عارفاكى طول عمرى إنك مفترية .
همت بالحديث ، إلاّ إنها سمعت صوت أحمد من الخارج يقول مداعباً : على فكرة خمس دقايق وهننزل ناكل برة فى أى مطعم .
_ حالاً .
_ يلا يابنتى نجهز السفرة عشان مايحصلش مشاكل .
_ متخافيش مفيش مشاكل دا بيهزر .
_ مفترية فعلاً .
ضحكت و بدأت بتجهيزالاطباق ثم بدأت فى الذهاب بها للسفرة وتبعتها سلمى .
كانوا يتناولون الطعام بينما أحمد ومعتز يسترجعان الماضى ، وسلمى ومريم ينظران لبعضهما مبتسمتين .
قالت سلمى : بس جميل إنكم طلعتوا تعرفوا بعض .
احمد : معتز دا حبيبى ، رغم إنه كان فاشل .
ضحك معتز ولم يعلق ..
قال أحمد لمريم : مش ملاحظة إنك عمالة تحطى الأكل كله قدام سلمى وسايبة معتز خالص ، هو كدا مضطهد فى كل حتة .
معتز : أيوا والله ، هما كدا الناس الناجحين .
_ ناجحين ايه انت هتمثل .!
_ ايوا ياعم ناجح عشان كدا كان الاستاذ ضاحى بيستقصدنى .
_ بيستقصدك عشان مكنتش بتحل التمارين يافاشل .
_ ماهو محدش كان بيحلها أصلاً باستثنائك يعنى .
_ هو كان بيحبنى عشان انا كنت عبقرى المجموعة .
تدخلت مريم قائلة : طب لاحظوا إنكم مبتاكلوش خالص ، كلوا وبعدين ابقوا شوفوا الذكريات دى بعدين .
أنهيا الطعام ومابعد الطعام .
ثم أخذت سلمى مريم إلى الحجرة قائلة :_ طب نستأذنكم احنا شوية وانتو شوفوا الحاج ضاحى بتاعكم ده .
_ وما أن انفردت سلمى بمريم حتى قالت لها : انا بجد مش مصدقة ، عارفة انى طول عمرى نفسى نتجوز اتنين صحاب عشان منفترقش .
بس حلم كنت شايفاه بعيد المنال ، لحد ماربنا حققه بعد ما يأست منه .
_ طب وده معناه ايه ؟
_ معناه ان احمد ده قدرك يابنتى . كل الأقدار بتدفعك لأحمد دفعاً .
_ مممممم جميلة حكاية دفعاً دى . طب وانا اعمل ايه دلوقتى ؟
_ مفيش ، ترضى بقدرك ، وانا مش شايفة احمد يستحق منك كل ده يعنى .. هو انتى ايه فى دماغك بالظبط .
_ والله انا مش عارفة أبداً اى حاجة ، احمد بيتعامل معايا بكل حب وصبر ونبل ورجولة وأخلاق وكل حاجة حلوة . بس انا مش عارفة افكر بصراحة خالص.
_ طب يعنى ايه النتايج اللى مستنياها على كل الأحوال ؟
_ برضو مش عارفه ، ومش عارفه حتى مشاعرى ناحية أحمد ايه .. انا امبارح لقيت نفسى بقوله فجأة هتوحشنى .
اتسعت عينا سلمى ذهولاً وهتفت : وسمعك ؟
_ لأ كان قفل الباب .
_ طب ماهو طول مابيوحشك ، يبقى بتحبيه .
_ مش عارفة ، اصل انا عمرى ماقتنعت ان فى حب بييجى بعد الجواز أصلا ، بحسه خضوع للأمر الواقع اكتر منه حب .
_ على فكرة انا غلبت معاكى ، ومش قادرة افهمك .
ثم سمعت " معتز " ينادى : سلمى ، سلمى .. يلا عشان اتأخرنا .
خرجت سلمى و وراءها مريم تقول : مالسه بدرى طيب .
_ لا ده كده كويس قوى ، عشان الشغل بس . يلا سلام عليكم ..!
قال أحمد:_ مع السلامة ، خلاص يامعتز هاشوفك كتير الأيام الجاية .!
قال وهو يخرج من ناحية الباب فى نفس الوقت التى كانت تقبل فيه مريم سلمى : آه اكيد ، سلام .
_ مع السلامة.
اوصلهما حتى المصعد ثم دخل و أغلق الباب .
_ شفتى الدنيا ضيقة ازاى . معتز ده على الرغم من إن علاقتى بيه سطحية بس كان دمه خفيف بصراحة .
_ كويس .
قال فى ضيق : ممكن اتكلم معاكى شوية؟
_ اتفضل ..
جلسا فبادرها قائلاً : وآخرتها ؟
_ آخرة ايه ؟
_ آخرتنا احنا مع بعض .
تنهدت ولم تجيب .
_ طب هو ايه مواصفات الشخص اللى انتى بتحلمى بيه ده وانا ابقالك زيه .!
لم تعلق ونظرت بعيداً
_ هو انتى ليه لما اكلمك مبترديش عليا ؟
_ بص ، انا والله مقدرة صبرك عليا جداً ، بس ياريت تسيبنى فترة كدة عشان تفكيرى تقريباً هيتشل .
_ ويتشل ليه ؟ ماتريحى نفسك .
_ خلاص بلاش نتكلم فى حاجة تضايقنى ، قلتلك سيبنى فترة كدة اركز .
_ براحتك ، زى ماقلتلك قبل كدة إنى مش هغصبك على حاجة .
_ انا نازل شوية لأنى مخنوق ، تحبى اجيبلك حاجة معايا ؟
_ لأ متشكرة .
وهو يفتح الباب نظر إليها نظرة من ضاق صدره بشئ ما وبلغ به الملل مبلغه .
لم تحتمل تلك النظرة ، فلم تلبث أن اغلق الباب .
وتركت العنان لدموعها
