الفصل الاول والثاني والثالث
بقلم ياسر عوده
هنا فى القاهره بنت المعز لدين الله الفاطمى ، عاصمة مصر ام
الدنيا ، هنا بلدي سوف تكون مكان روايتنا الجديده ، ارجوا ان تنال اعجابكم .
المهدى رجل اعمال كبير فى القاهره صاحب اكبر مجموعه
شركات صناعيه خاصه ، لا يقوم باى اعمال مخالفه للقانون
ابدا ، يعمل الخير كثيرا ، عندما تقدم ن بالعمر ترك ادارة
شركاته لابنته الوحيده اسمها ( عيون المهدى ) فتاه جميله
متعلمه ، بعد ان حصلت على بكالريوس ادارة الاعمال قامت
بالالتحاق بشركات والدها وعندما شعر والدها انها مستعده
للادارة ترك لها كل شيء ، اما هو فاكتفا باعطائها النصائح اذا
طلبتها ابنته منه ، وكانت عيون تتمتع بمزايا كبيره جدا مثل
الذكاء والحكمه والصدق ، ولكن عيوبها كانت الثقه الزائده
التى تصل الى الغرور ولا تقبل النقض من احد ، كانت تكره
الكذب لدرجه انها لا تسامح الكاذب حتى تموت ولا يوجد
عندها فرق بين كذبه كبيره او صغيره فكله عندها كذب فقط .
كان المهدى وابنته يعيشون بمنزل مثل القصر تقريبا وبالطبع
لديهم حراس وامن على قصرهم ومجموعه شركاتهم ، كانت عيون لا تحب الوسطه ابدا ، فهى تحب ان يأخذ كل فرد ما
يستحقه حسب مجهوده وعمله ولا تقبل ابدا ان تعين احد بشركتها قد جاء عن طريق مسئول او اى احد قريب منها .
فى احدى الايام كان المهدى بقصره كالعاده ثم جائه اتصال من صديق كان يعتبره مثل اخ ليه او اكثر ، وطلب هذا الصديق من المهدى ان يعين شاب عنده بشركاته محاسب فهو حاصل على بكاليوس محاسبه بتقدير عام ممتاز ، وكان يفترض ان يعمل استاذ بالجامعه ولكن الجامعه فضلت عليه ابن استاذ يعمل بها ، فطلب منه المهدى ان يجعله يقدم على طلب بشركاته بشكل طبيعى لانه يعرف ابنته جيدا سوف ترفض هذا الامر نهائى لو توسط احد له حتى لو كان متميز ومتفوق ، ولكن صاحبه اخبره انه لم يقدم فى وظيفه الا وتم رفضه لانه مصاب بمرض ( التوحد ) وان الناس بتعامل اصحاب المرض هذا كانهم مجانين او متخلفين عقليا ، فطلب منه المهدى ان يأتى هذا الشاب الى قصره اولاً لان الامر لن يكون بالهين مع ابنته عيون .
لكن سوف اوضح ما هو مرض التوحد : هو مرض مثل جميع الامراض ويختلف نسبته من شخص لاخر ، فهناك اشخاص من اصحاب هذا المرض لا يستطيعون الاعتناء بانفسهم نهائى ولا يستطيعون الانخراط بالمجتمع وهؤلاء الاشخاص يجب ان نكون اكثر رأفه بهم ، وهناك نوع من مرض التوحد وهم قليلون يتمتعون بذكاء خارق وقوة ملاحظة تكاد لا تصدق فيمكنه اجراء عمليات حسابيه بسرعه الكمبيوتر تقريبا وايضا اذا دخل مكان يلاحظ جميع تفاصيله مهما كانت صغيره وقياس المسافات به بمجرد النظر ، ولكن اصحاب هذا المرض حساسون جدا باتجاه الصوت المرتفع ، فيشعرون بالتوتر ولا يستطيعون التصرف حينها ومنهم من يقع على الارض ويقوم بسد اذنيه حتى لا يسمع شيء ، وايضا اصحاب هؤلاء المرض قليلون الانخراط بالناس يعنى صعب ان يقوموا بالثقه باحدهم ولكن ان حدثت الثقه فلا تفقدها بسهوله ، ولكن اهم ما يميزهم الصدق وعدم النفاق مهما كان السبب .
كان بطل روايتنا من النوع الثانى من مصابين التوحد ، ولكننا لا نملك ثقافه التعامل مع اصحاب هؤلاء المرض فمنا من ينظر اليهم كالمجانين او المتخلفين عقليا ، رغم انهم اذكياء جدا واذا حاولت مقارنه ذكاءك بهم سوف تشعر بانك غبى جدا .
كان المهدى يبحث عن طريقه لجعل ابنته تقبل بتعين الشاب المصاب بالتوحد دون اللجوء الى اجبارها على ذلك ولكنه اراد الانتظار للقاء ذلك الشاب وحينها سوف يحدد ماذا يفعل .
فى صباح اليوم الثانى جاء شاب الى باب قصر وطلب مقابله المهدى بيه ، فسئله الحارس وانت مين فقال له : قول للمهدى ان نوح عاوز يشوفه ؟
فقال الحارس : المهدى كدا من غير القاب .
نوح : اللى يعرفه نوح ان الالقاب اتلغت من ايام انهاء الملكيه بمصر .
الحارس لم يستطيع الرد عليه ثم قال : انتظر هنا حتى نشوف هيقبل ولا لاء ؟
تم اخطار المهدى بيه بان هناك شاب على بوابه القصر يوريد مقابلته ، فتوقع ان يكون الشخص اللى اتكلم عنه صديقه فأمر بدخوله على الفور وحسن معاملته بشكل جيد .
دخل نوح القصر وجاء الى المهدى بيه الذى مد ايده للسلام على نوح الذى لم يسلم عليه بالطبع فاصحاب مرض التوحد كما ذكرنا من قبل لا ينخرطوا مع الغرباء بسهوله ، وتقبل المهدى هذا الامر بحسن نيه ولم يشعر بالاحراج بالعكس تبسم وقال له اسمك ايه ؟
نوح : انا اسمى نوح وانت اسمك المهدى .
تبسم المهدى وقال : بيقولوا ان انت ذكى جدا ومحاسب شاطر ؟
نوح : اكيد طبعا نوح ذكى جدا .
المهدى : قولى انت تعرفنى كويس ولا اعرفك بنفسى .
نوح : الاسم المهدى ، السن خمسه وخمسون عام ، عندك مرض السكر ، والضغط ، رجل اعمال محترم ولم تخالف القانون قبل كدا ، عندك ما يقارب المائه مليار جنيه ، عندك مجموعه شركات ومصانع ضخمه جدا ، وعندك بنت وحده مثقفه وبتدير مجموعه شركاتك كويس وكمان مغروره جدا .
ضحك المهدى بصوت مرتفع وقال : دا انت تحفه ، انت جبت المعلومات دى منين ؟
نوح : كله على الانترنت ، نوح مبيشتغلش مع حد غير لما بيعرف عنه كل حاجه وخصوصا لازم يكون مبيخالفش القانون .
المهدى : انت صح بس انت كدا هتترفد قريب لو اتعينت اصلا ، لما هتقول لبنتى عيون انتى مغروره اكيد هترفدك ، وتعالت ضحكات المهدى وهو بيقول
: بس عارف بصراحه انت عجبتنى اوى ، اول مره حد يكون صريح ذيك كدا ويقول لبنتى مغروره .
نوح : عيون بنتك مش هتطرد نوح من الشركه لو اتعين ، لانها بتقدر الاذكياء والصادقين اللى مثل .
المهدى : مش بقولك عجبتنى ، تمام اتفقنا انا هعينك بالشركه بس انت وجودك بالشركه مرهون بيك لوحدك ، بس لو احتجتنى اكيد مش هسيبك .
بص يا نوح هتخرج من هنا هتروح على الشركه الرئيسيه بتعتى تدخل لمدير
الشئون القانونيه وانا هكون كلمته ويجهز ورق تعينك وهتمضيه ، لو حد قابلك من الموظفين متتكلمش معاه لغايه ما تمضى ورق
التعيين تمام ، هو اكيد هتحصل مشكله مع بنتى بس محدش عرفها قدى عمرها ما هتكسر كلمتى لو عينتك ، هى فعلا مغروره بس بتحبنى اوى وتخاف على زعلى .
الفصل الثانى والثالث
بقلم ياسر عوده
توقفنا فيما سبق حينما وافق المهدى على تعيين نوح بشركاته
وطلب منه الذهاب الى شركته الرائيسيه لمقابله مدير الشئون
القانونيه لاعتماد ورق تعيينه ، بالفعل ذهب نوح كما اخبره
المهدى وطلب مقابله مدير الشئون القانونيه ، وكان المهدى
اتصل به وطلب منه عمل عقد لتعيين نوح دون علم ابنته
عيون لوضعها امام الامر الواقع وبالفعل حدث ذلك وتم تعيين
نوح بقسم المحاسبه والميزانيات بمقر الشركه الرئيسيه ، وتم
اعتماد جميع الاوراق بتوقيع من المهدى شخصيا ، بعد توصيه
المهدى على نوح تم تحضير مكتب له بقسم الحسابات وبالطبع
انتشر موضوع مرض نوح بالقسم بسبب توصيه المهدى وهنا كانت بدايه المشاكل ، فطبيعه
البشر هى عدم ترك اى شخص دون الضغط عليه ، فبداء زملاء نوح بالمكتب التكلم عليه
بشكل غير لائق ويتهامسون فيما بينهم على مرضه وكل شخص منهم يقول اى شيء بدون علم ، فمنهم من قال مجنون واخر قال عبيط وغيرهم
كثيرون ، لم يمضى نوح بالمكتب سوى ساعتين فقط واصبح حديث معظم الموظفين ولكن الاسوء هو حينما علمت عيون بان المهدى والدها قام بتعين
موظف عندها بدون اعلامها ، وان موظفيها لم يخبروها ، استدعت مدير الشئون القانونيه ونوح معا ، فحاول مدير الشئون القانونيه ان يشرح
لعيون موقفه وانه كان ينفذ تعليمات السيد الوالد ولكنها كانت غاضبه بشدى ، وبعد مقابله نوح ومعرفه ظروف مرضه طلبت من نوح العوده لمكتبه اما
مدير الشئون القانونيه فلقد تم توقيع جزاء عليه لانه لم يخبرها بما طلبه والدها منه قبل تنفيذه ، فغرورها وتكبرها لا يقبل بذلك ، ولولا انها تحب
والدها لدرجه كبيره كانت قد الغت تعيين نوح ولكنها لا تستطيع الغاء ما امر به والدها لانها تقدره كثيرا .
لم يقم احد من العاملين بقسم الحسابات بتكليف نوح اى عمل يقوم به ، وكان هذا الامر يوتره كثيرا ، فقام بنفسه والبحس فى الحسابات والمراكز الماليه
الشهريه لمعرفه ما هى قوائم المصروفات والايرادات لتكون لديه الخلفيه الكامله عن العمل بالشركه ، عندما بلغ احد المحاسبين رئيس القسم بما يفعله نوح فقال له : اتركه انه عبيط ولا خوف منه فاعتبره مثل الكرسى فوجوده مثل عدمه .
لم يستمر نوح كثير بتفقد الحسابات والمراكز الماليه ، لم يدم الامر اكثر من نصف ساعه تقريبا ثم قام وذهب من المكتب وتوجه الى مكتب عيون وطلب من السكرتاريه ان تسمح له بمقابله عيون وتم اخطار عيون بان الموظف الجديد نوح يريد مقابلتها ، طبعا توقعت عيون ان نوح قادم للشكوى من امر ما فهى تكره تعيين الاشخاص بوسطه لانهم دائما كثيرون الشكوه وغير اكفاء بالمره ، ولكنها وافقت على مقابلته اكراما لتوصيه ولدها المهدى عليه ، دخل نوح مكتب عيون وكان معها المستشار المالى لمجموعه شركتها وقال لها نوح : لقد وجد نوح ان فى سرقه تحدث فى ملفات الحسابات والميزانيه الخاصه بالفرع الرئيسى بالشركه بمبلغ مائتان وخمسون فى الشهر ، تبسم المستشار المالى وقال له : يعنى انت جاى تبلغ عن اختلاس فى الشركه بمبلغ مائتان وخمسون جنيها يا سيد نوح دا عرفتها لوحدك ولا حد سعدك ، كان المستشار بالطبع يسخر من نوح وطريقه كلامه ، اغضب هذا الامر عيون كثيرا فرغم ان نوح تم تعينه بدون موافقتها الا انها تكره ان يسخر احد من مرض شخص ما امامها وهنا قالت للمستشار : ممكن تستنى لغايه ما نعرف نوح عاوز يقول ايه ؟
شعر المستشار بالاحراج وسكت ، وقالت عيون لنوح : اتفضل يا نوح انا سمعاك عاوز تقول ايه ؟
نوح : لما نوح راجع السجلات الخاصه بالحسابات الشهريه للفرع الرئيسى للشركه لقا ان فى قسم المصروفات مائتان بند منهم خمس بنود تكررو مرتين بمبلغ مائتان وخمسون الف جنيه بالشهر الواحد ، وكل شهر بيتكرر خمس بنود مختلفين عن الشهر السابق ليهم بس مجموعه بردو بنفس المبلغ مائتان وخمسون الف جنيه .
عيون : يعنى ايه انا بيتسرق منى كل شهر المبلغ دا يعنى فى السنه الواحده بيتسرق منى ثلاثه مليون جنيه ، طيب يا نوح تفتكر الموضوع دا من امتى ؟
فقاطعها المستشار وقال لها : احنا بيراجع على شغلنا يا استاذه عيون مكتب محاسبه كبير فى البلد فاكيد الاستاذ نوح دا غلطان ، يعنى مبقلهوش سعتين فى الشركه ويكتشف اختلاس ثلاثه مليون جنيه ؟
فقال نوح : نوح اكتشف الاختلاس من نصف ساعه بس وكمان هما مش ثلاثه مليون جنيه هما اثنى عشر مليون جنيه لان الموضوع دا بيتعمل من اربعه سنوات .
لم يستطيع المستشار التحدث نهائيا ، اما عيون فقالت لنوح تقدر تثبت كلامك دا يا نوح وتجبلى كل السجلات وتوضحلى البنود المتكرره فى قائمه المصروفات ؟
نوح : نوح يقدر يعمل كل حاجه بس اديهم التعليمات يخلونى ابقا حر فى تفقد كل القوائم والمستندات اللى محتاجها ؟
عيون : روح يا نوح ومحدش هيقدر يتكلم معاك انا هبلغهم حالا بان ليك الصلحيات اللى ليا كلها بقسم الحسابات .
ذهب نوح لاحضار جميع المستندات المطلوبه لاثبات صحه كلامه ، اما عيون فبلغت قسم الحسابات ان نوح يأخذ كل اللى محتاجه ومحدش يعترض طريقه مهما حدث .
لم يتاخر نوح اكثر من ربع ساعه وكان قد كتب تقرير كامل ومفصل عن كل البنود المتكرره كل شهر على حدى ولمدة اربعه سنوات بمجموع مبلغ اثنى عشر مليون جنيه .
كانت رد فعل عيون قوى جدا بعدما تأكدت من صحه كلام نوح ، وقامت بوقف قسم الحسابات الخاصه لديها جميعا عن العمل واحالتهم للشئون القانونيه للتحقيق ، والغت العقد المتفق مع مكتب المحاسبه الذى يراجع على حسابات شركتها لعجزهم عن اكتشاف ذلك الاختلاس .
حاول المستشار المالى اخبار عيون بانها لا يمكن ان توقف جميع المحاسبين لديها عن العمل دفعه وحده ، وان العمل بالشركه هيتعطل ولكنها لم تستمع اليه وقالت : فى خلال اسبوع هعين محاسبين جدد اكفاء بدل شويه الفاشلين والنصابين بتعنا دوول .
المستشار : تمام مع حضرتك ، بس خلال الاسبوع دا مين هيدير المكان ، دا قسم مهم وحيوى وقلب مجموعه الشركات ؟
نظرت عيون الى نوح وقالت : نوح هو اللى هيدير المكان دا ؟
المستشار : دا اسمه تهريج ، اذاى واحد زى نوح وبظروفه هيقدر يدير مكان كبير زى الحسابات ولوحده ؟
عيون : تفتكر واحد فى نصف ساعه اكتشف اختلاسات اربع سنوات فاتو ، هيبقى صعب عليه ادارة المكان دا لمده اسبوع فقط لغايه ما نعين معاه ناس .
المستشار حاول ان يتحدث ولكن قطعته عيون وقالت : صحيح حضرتك اعتبر نفسك فى اجازه مفتوحه انت كمان ، مهو انت مسئول معاهم عن الاهمال اللى حصل ، وتقدر تعدى على الخازنه وتاخد باقى حسابك .
لم يكن يتوقع المستشار ان تطرده عيون هو الاخر من الشركه فكانت صدمه مزهله له .