رواية نوح الفصل السادس والسابع بقلم ياسر عوده


 رواية نوح 

الجزء السادس والسابع 

بقلم ياسر عوده 


رواية نوح ( الجزء السادس )

توقفنا فيما سبق حينما طلبت بسمه من نوح ان يعلمها ، 


وبالفعل وافق نوح واصبحت بسمه من الاشخاص الذين يثق بهم .

فى احدى الايام جاءت عيون الى مكتب نوح وكان معاها بدله 


يبدو عليها باهظه الثمن ، وقدمتها وقالت له : جهز نفسك عندى 


اجتماع النهارده بالمساء وهفوت على منزلك لاخذك معى ، 


محتاجاك تبقى معايا بالاجتماع دا ؟

نوح : نوح مش بيخرج من البيت بالليل ، لو عوزه نوح يبقى 


بالنهار ، نوح بيكره الليل والظلام .

تقدمت عيون وقربت من اذن نوح وهمست له قائله : يعنى 


تخاف من الليل ومعاك عيون القمر ، اكيد هتنورلك متقلقش ، 


اجهز هكون عندك الساعه التاسعه مساءا ، ثم تركت عيون المكتب وذهبت .

اما نوح فشعر بالاحراج الشديد والتوتر ، فليس من طبيعه 


اصحاب مرض التوحد السماح لاى احد التقرب منه بهذا الشكل 


، ولكن نوح لم يشعر بالغضب ، ولكن مع وجود بسمه بالمكتب 


كان متوتر بشده واخذت الاشياء التى يمسكها تسقط من ايده ، 


كان هذا الشعور الغريب الذى انتاب نوح جديد لم يشعر به من قبل .

اما بسمه فكانها تم القاء زيت مغلى عليها ، اصبحت بسمه مثل القنبله الموقوته وتنتظر ان تنفجر ، فقالت لنوح وهى غاضبه : هى عيون قلتلك ايه بصوت واطى يا نوح .

نوح احمر وجه خجلا وقال : نوح مش عارف عوزين منه ايه انتى وعيون ، هى بتوتر نوح بتصرفاتها ، وانتى بتوترى نوح باسئلتكم ، نوح مش عاوز يتكلم مع اى ست تانى ، ثم ترك المكتب وخرج منه .

اشتد غضب بسمه اكثر من كلام نوح الذى لم تفهم منه ماذا حدث ، فقالت لنفسها : حتى انت يا نوح اتعلمت اللؤم ، ولا كمان اللى اسمها عيون دى فرحانه بنفسها اوى مش فهمه ليه .

فى المساء جاءت عيون لمنزل نوح لاصطحابه معها كما اخبرته ، وكان اول مره ترى نوح يرتدى بدله فقالت له : ايه يا عم نوح الجمال والشياكه دى ، انت كدا هتهبل البنات يا استاذ .

احمر وجه نوح وقال : نوح مبيحبش الكلام دا ، وبعدين نوح جميل فى اى لبس مش البدله يعنى اللى هتخليه كدا .

عيون : طيب تعالى يا مسهوك انت نلحق الاجتماع ، ديما حبطنى بغرورك دا .

ذهبت عيون مع نوح فى سيارتها للاجتماع وفى اثناء الطريق قد شرحت لنوح طبيعه هذا الاجتماع ، وانه مهم لها جدا لذلك استعانت به ليساعدها .

كان الاجتماع بين عيون وشركه يبانيه تريد انشاء مصانع جديده بمصر وترغب فى شريك مصرى ذو ثقه وكفائه يعلم طبع المستهلك المصرى ، وكانت تلك الشركه اليابنيه قد قامت بعده اجتماعات مع كبار رجال الاعمال بمصر لتختار بينهم من سوف تشاركه بمشروعها الضخم .

بعد وصول نوح وعيون الى الاجتماع ، كان الاجتماع يسير بشكل جيد ، وكانت عيون متألقه بعرض اقتراحتها بشكل كبير ، وقد نالت استحسان الوافدون من الشركه اليابنيه ، وكان نوح معها ولم يتحدث نهائيا ، كان مستمع فقط ، حتى سئل احد الاعضاء باستخفاف عن نوح وانه لم يشارك بالحديث فلماذا حضر الاجتماع ؟

شعرت عيون بالغضب الشديد من كلام ذلك الرجل وكانت تريد الرد عليه بشكل صارم ولكنها تمالكت نفسها ، فهى لا توريد ان تخسر هذا المشروع ، وبداء الجميع بالصمت ولكن نوح قطع هذا الصمت بشكل مفاجأ وقال : نوح شايف ان الشركه اليابنيه دى مجرد وهم وليس لها وجود ؟

صعقت عيون بكلام نوح ، وغضب اعضاء اللجنه لان المترجم بالطبع قد ترجم كلام نوح لهم .

فقالت عيون لنوح : انت بتقول ايه يا نوح ، دى من اكبر الشركات باليابان ، واسمها ليه وزن وثقل كبير هناك ؟

نوح : نوح سمع كلامكم كويس بالاجتماع وفهم ان الشريك المصرى هو من سوف يشترى الارض اللى هيتبنى عليها المشروع ، وبعدين هيمول لباء المشروع بنسبه خمسين بالمئه ، والشركه اليابنيه المزعومه دى هتبقى تستكمل باقى التمويل من حصتها بعد انتهاء الشريك المصرى ، حتى السلع المصنع مبهمه بيقولوا هيتم تصنيع سيارات بماركه جديده لم تنزل من قبل الشرق الاوسط ، طيب من الطبيعى انهم يعرضوا على الشريك المصرى انواع ماركات السيارات وطريقه التصنيع .

تحول مسار الحديث منذ ذلك الوقت ، بداء اعضاء اللجنه اليبانيه يجاوبون على الاسئله الموجه من نوح بدل ما كانت عيون هى التى تجاوب على اسئلتها ، واوضوحوا بعض النقاط والبعض الاخر تركواها مبهمه مثل طريقه التصنيع .

شعرت عيون بالقلق من بعض اجابات اللجنه اليابانيه ، فاقتربت من نوح وهمست له بان يستمر فى اسئلته لهم حتى تستوضح الامر وبالفعل قال نوح : نوح بيفكر ليه الشركه اليابانيه مش وثقه فى عرض اسرار تصنيع السيارات للشريك المصرى ، وبتطلب منه يثق بها وينفق الخمسين فى المائه من الحصه المفروضه عليه اولا وبدون اى ضمانات تذكر ، وكمان نوح بيستغرب ان العقود اللى هتتم بين الشريك المصرى والشركه اليابانيه فيها شرط جزائى ضغم على الشريك المصرى اذا لم يستطيع استكمال بنود الاتفاق وان الشركه اليابانيه معلهاش شرط جزائى مثله وممكن تلغى العقد بالوقت اللى هيا عوزاه ، دا طبعا كلام مش منطقى بالمره وبيدل على ان فى حاجه غلط بهذه الشراكه .

كانت كلمات نوح الاخيره هى من جعلت عيون تتخذ قرارها بالانسحاب فورا من الاجتماع وانهاء هذا المشروع باكمله ، فقامت عيون وقالت لاعضاء اللجنه انها محتاجه وقت اكثر للتفكير بالامر ، ثم ذهبت مع نوح وتركت اعضاء اللجنه .

فى اثناء عودة عيون ونوح من ذلك الاجتماع قالت عيون لنوح : مدام انت خدت بالك من كل دا ليه سيبنى اهاتى واتعب نفسى ومقولتليش من الاول يا نوح ؟

نوح : هو انتى سئلتى نوح على حاجه ومجوبش ، نوح سابك تعملى اللى عوزاه بس مكنش هيخليكى تمضى العقود ، بس نوح كان مستنى عيون تاخد برائيه بس عيون دماغه ناشفه .

عيون : اومال انا وخداك معايا ليه ، مش علشان تساعدنى ؟

نوح : لا عيون وخده نوح معاها علشان متبقاش لوحدها وهى بتعرض شغلها ، عيون اساسا مقرره من الاول على المشروع ، عيون بتحب تمشى بدماغها .

غضبت عيون من كلام نوح الصادم والصريح ، ولكنها كالعاده كتمت غيظها مع نوح وقالت : نوح صح وعيون غلط ، ماشى يا عم عرفه ، بس بردو كنت الحقنى من الاول ، عارف يا نوح بابا بردو رفض المشروع دا وانا كند دخلاه بكل اموالى الخاصه ، انا لو كنت كملته وحصل حاجه وخسرت كان كل فلوسى راحت ، وكل الفلوس اللى تحصلت عليها منذ صغرى وورثى من امى كان ضاع ، انا مش عارفه عيون من غير نوح كانت هتعمل ايه ، ربنا يخليك ليا يا نوح .

تبسم نوح ابتسامه خفيفه وقال : نوح شايف ان عيون بقه بتتكلم زيه ، هى عيون اتعدت من نوح ولا ايه ؟

ضحكت عيون وقالت : اتصدق صحيح بقيت اتكلم زيك ، بقول على نفسى عيون واخذت تضحك عيون ، واستمر كلامهم حتى وصلت عيون نوح الى منزله وشكرته مره اخرى ، ثم تركته وذهبت .

دخل نوح منزله ولم تمر الا دقيقه واحده وتم الخبط على باب شقته ، فذهب نوح ليفتح معتقدا ان عيون رجعت لتخبره شيء قد نسيته وعندما فتح وجدها بسمه .

تفاجأ نوح من قدوم بسمه فى مثل ذلك الوقت ولم يتكلم لانه لم يعرف سبب قدومها ، اما بسمه فظلت واقفه على باب شقته وقالت : بص بقى يا استاذ نوح انت ، من ساعت ما عيون جبتلك البدله ، وانا قاعده ومستخبيه قدام بيتك عاوز اعرف هى عوزه منك ايه ، ولما خرجت معاها ورجعت كنت بفكر انا بعمل كدا ليه وكنت الاول مش فاهمه بس كتر الانتظار خلانى افكر ، بص يا نوح دا مش اعجاب مهو محدش هيعجب بحد ويفضل مستنى بالساعات امام بيته ، الحقيقه انا بحبك ، وبحبك اوى كمان ، وخلاص انا تعبت من الهروب من الحقيقه دى ، انا همشى وانتا فكر برحتك واشوفك بكره بقى ان شاء الله سلام .

ذهبت بسمه وتركت نوح مصدوم ولم يفق من صدمته بعد ، ثم قام بغلق بابه وقال لنفسه : غريبه اوى الناس اللى بيفتكروا ان المصابين بمرض التوحد مجانين ، يجوا يشوفوا عيون وبسمه وهما يعرفوا مين المجانين فعلا ، الله يخربيتهم هيجننوا نوح .



رواية نوح ( الجزء السابع )

توقفنا فيما سبق حينما عاد نوح مع عيون من الاجتماع بالشركه اليابانيه وبعد ذلك وجد بسمه عند بابه تعترف بحبها له ، ان اصحاب مرض التوحد لا يفصحون على مشاعرهم بسهوله لذلك تشعر بانهم باردون المشاعر ولكن ذلك غير صحيح فكل ما فى الامر انهم لا يستطيعون البوح ما بداخلهم بسهوله .

ذهب نوح الى العمل اليوم التالى وكان طبيعى جدا ، وهذا ما اغاظ بسمه كثيرا فهو يتعامل معها بشكل طبيعى وكانها لم تعترف بحبها له ، ومرت عدة ايام على ذلك وكل يوم بسمه تتحول فيه الى قنبله على وشك الانفجار ، ولكنها كانت لا تريد التنازل عن كرمتها اكثر من ذلك وانتظرت حتى يتحدث نوح بالامر ، فى يوم استدعت عيون نوح لتخبره انها استطاعت التحرى على تلك الشركه اليابانيه واكتشفت انها كانت مجرد نصب مش اكتر ، فاحد ملاك تلك الشركه قد انفصل عن باقى المجموعه وحاول استغلال اسم الشركه والاوراق التى كانت تثبت مشاركته بها بان يعقد صفقه مع احد المستثمرين المصرين لبناء مصانع دون ان يتكلف هو بشيء .

طبعا كان كل ذلك جيدا بالنسبه لعيون فهى لم تقع فريسه هذه المؤامره ، ولكن نوح قد سئلها وقال : هى عيون اللى اتصلت باللجنه وعرضت عليهم المشاركه ، ولا اللجنه هى اللى اتصلت بعيون ؟

عيون : لا هما اللى اتصلوا بى وقالوا انهم بيختاروا بين مجموعه كبيره من رجال الاعمال المشهورين بمصر .

نوح : اللجنه قالت لعيون هما اتصلوا بمين من رجال الاعمال دوول ؟

عيون : لا طبعا قالوا دا سر ، انا مش فاهمه انت تقصد ايه يا نوح ؟

نوح : نوح شايف ان عيون هى المقصوده بالنصب دا مش مجرد صدفه او اختيار عشوائى زى ما عيون فهمه .

عيون : انا مفكرتش بالامر دا بس انت عندك حق لازم اعرف انا مقصوده ولا لا ، ولو انا مقصوده يبقى مين عاوز يعمل كدا فيا ، تعرف المسئول عن الامن بشركتنا كان لواء سابق بالشرطه ، واكيد هيجبلى اصل الموضوع دا .

نوح توجه الى باب المكتب لمغادره مكتب عيون وقال : نوح مش عارف عيون من غيره كانت هتعمل ايه ، انتى كنت عيشه ازاى وانا مش بشركتك ، وعمله نفسها سيده اعمال شطره وهى بتغرق بشبر مايه ، ثم غادر نوح وبالطبع سمعته عيون وهو يتحدث وكادت تقع من كثرة الضحك على كلام نوح وردت عليه بصوت عالى ليسمعها وهو يبتعد عن المكتب وقالت : انا سمعاك على فكره ، برطم برطم بالكلام برحتك يا عم نوح ، حقك بس انا مش عرفه الغرور بتاعك دا كله انا مستحملاه ليه .

عندما كان نوح بمكتب عيون وقد غاب عندها فتره ، اصبحت بسمه بركان ثائر من الغيره وظلت منتظره عوده نوح وعندما عاد جريت اليه بشكل تلقائى وسئلته لماذا تاخر عند عيون ؟

نوح : عيون كانت بتستشير نوح فى امر ما ؟

بسمه : انت عارف ان انا بغير عليك صح ، وانت بتعمل كدا قاصد ؟

نوح : نوح مش فاهم بسمه عوزه ايه منه .

وهنا بسمه انفجرت من البكاء بشكل مفاجأ ولاحظ الموظفين هذا الامر ، ونوح لم يفهم ماذا فعل لبسمه ولماذا هى تبكى فقال لها : نوح ميحبش يشوف بسمه بتبكى ، اللى عوزاه هعمله بس بلاش بكاء ؟

هنا ضحكت بسمه وحضنت نوح وارتفع صوتها وقالت بجد نوح طبعا موافقه ، ونادت على جميع الموظفين الموجودين واخبرتهم ان نوح تقدم لخطبتها ، وبالطبع هنئهما كل الموظفين اما نوح فقال لبسمه : نوح مش فاهم خطوبه ايه ؟

لكن بسمه لم تجبه وقامت بالغروشه والالهاء لكلام نوح وظلت تستقبل تهنئات الموظفين ، وبعد انصراف الموظفين همست الى نوح وقالت له : ايه يا نوح مش انت لسه موافق على الخطوبه ، مش انت قولت من شويه ان انت موافق على اللى انا عوزاه .

نوح : نوح مكنش يقصد الخطوبه دى ، انا كنت عاوزك تبطلى بكاء ؟

بسمه : انا اسفه فهمتك غلط بس ارجوك يا نوح هنعلن الخطوبه فتره وبعدين نفسخها انت متقبلش انى اتحرج امام الناس والموظفين ، ارجوك ادينى فرصه يمكن تحب الارتباط بيا بعد ما تعرفنى كويس .

نوح : نوح مبيحبش الكدب ، ومش بيكدب على حد او بسبب حد .

بسمه : لو حد سئلك انت اتخطبت ولا لا ابقى قول الحقيقه ، محدش هيسئلك كدا اساسا .

نوح : نوح هيعمل كدا علشان تبطلى بكاء ، بس مش هيكدب .

انتشر خبر ان نوح تقدم لخطوبه بسمه فى الشركه كلها وبالطبع علمت عيون بالامر ، ولكنها لم تظهر اى رد فعل لذلك ، ولكن منذ ذلك الوقت ولم توافق على مقابله نوح فى مكتبها فكلما يذهب لعرض شغل او امر ما تخبر 

السكرتاريه ان تستلم الشغل منه لانها مشغوله جدا ، وان صادف وجودها بمكان به نوح لا تتوقف وتحدثه ابدا بحجه انشغالها ، كان هذا الامر 


متعب جدا لنوح لانه تعود على التحدث معها يوميا ، ولم يفهم سبب تصرفات عيون .

كان نوح يشعر بتورطه بخطوبه بسمه ، فهى تعرف الناس عليه بكل مكان على انه خطيبها 


وايضان تتسبب باحراجه الشديد حيث انها تورطه بحضور حفالات وعزومات خاصه بها وتجعل منه عاجز عن التصرف او التفكير


 ، وبالطبع نوح من الناس الذين لا يحبون الاختلاط كثيرا بالاخرين ، وكان يشعر ان الشخص الوحيد القادر على اخراجه من تلك الورطه هى عيون ، فهى تستطيع انصاحه بالتصرف السليم ولكن عيون تتهرب من لقاءه دائما .

                الفصل الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>