رواية ورطة قلبي الفصل الاول والثانى بقلم سارة فتحي

رواية ورطة قلبي الفصل الاول والثانى بقلم سارة فتحي
 

 


 بعد محاولات  الأقناع التى قام بها "" النعمانى ""حصل على 


موافقة والدها حتى أعمامها أيدوا الفكرة  بدلاً من الذهاب بها 



إلى الصعيد لنجاة من عارها ،جاء المأذون وبدء فى مراسم 


الزواج فى حضرة أعمامها وتحت نظرات والدها المكسوره مد 


يده فى يد المدعو "يعقوب" فهو مجبر حتى أن لم تفعل شئ 



خطأ فهو أعطاها حريتها وكانت مدللته لكنها خانت الثقة ، كيف 


يثق بها ثانية فالناس تثق بأذنها أكثر من أعينها ، أما هو فسمع 


ورأى أبنته فى بيت شاب غريب احنت رأسه ، تحت مسمى 


الأنفتاح والقرن الواحد والعشرون 

 وماالفرق بين البنت و الولد ؟!!

لكن الإفراط فى الثقة مؤشر خطر 

رفعت نظرها وعيناها الدامعتين تتعلق بعين والده ، فلم ترى بهم سوى الخزى والإنكسار ، أنفجرت باكية بشدة تشعر أنها بكابوس حتى أنتهت مراسم الزواج أنتفض والدها يهرول لخارج ، تبعته ببكاء حار وجسدها يرتعد 

يابابا انا بنتك اللى مربيها كده ترمينى وتسبنى والله انت عارف أخلاقى ، ما تسمعش كلام حد ، انت هتسبنى لمين هنا طب خدنى البيت ومتكلمنيش 


رق قلبه لها ورمقها والدموع متحجرة بعينيه: روحى يابنتى الله يسامحك ذى ما كسرتينى

 

وقعت على الأرض تنحب ببكاء : خدنى أنا معملتش حاجه انا دالين يابابا حبيبتك


أقترب منها لؤى يساعدها فى النهوض أوقفه صوت عالياً دوى صدها فى المكان : سيبها يالؤى وعلى أوضتك وحسابنا بعدين على المهزلة ديه ،، أنتى قومى من عندك خلى أى حد يوديكى أوضة فاضية تنامى فيها وكفاية نووااااح 

**************************


وقف يعقوب بهيئته الطاغيه وتقسيم عضلاته البارزه يدس يده بجيب بنطاله ينظر من شرفة مكتبه بشرود بعينياه الزيتونيه التى تناقد سمار بشرته فعينيه حاده كصقر تجعل من يره يخشاه الرجال قبل النساء  ضحك ساخراً على ما حدث يشبه المسلسلات والروايات

Flash back                                                      


ترجل من سيارته ثم دلف للداخل طالعها تقف فى البهو  وقف من خلفها كانت  تتمتم بكلمات أغنية وتتحرك بأريحة فى المكان وشعرها منسدل على ظهرها كشلال دهب عقد ما بين حاجبيه متسائلاً : احمممم أنتى مين ؟؟ وبتعملى أيه عندك ؟ 


أستدرات له بفزع ثم  طالعت هيئته تاهت فى ملامحه وأغمضت عينيها لبرهة ثم همست بخفوت : لا مش معقوله انت شغال هنا ده أنت تقعد ويجلك طقم جوارى حوليك ويبقى حريم السلطان


أستراق السمع إليها وصلته بعض من كلماتها البلهاء رفع طرف حاجبيه : أنتى بتقولى أيه ؟؟


أردفت  بأبتسامة دافئة : برتقال فريش لو سمحت 


ضحك مستهزأ وبنرة رجولية أرعبتها قليلاً : 

أفندم عيدى تانى كده أنتى بتطلبى منى أنا ؟!


خرجت الكلمات من فمها متقلقلة وهى تطالع هيئته خاطفة الأنفاس : أيه مالك صوتك بيعلى ليه ؟

 أنت مش لابس ببيون تبقى شغال هنا جرسون مالك بقى ؟؟


رمقها بنظرة ساخرة تحمل فى طياتها الوعيد ولم تكن نظرة فقط بل أنذار بتفوه بكلمة أخرى : أنت كل معلوماتك عن البيبون..يبقى جرسون

 أنت مين ؟؟ أنتى دخلتى هنا أزاى ؟؟


عند هذه النقطة دلف لؤى مسرعاً  ببعض الخوف والقلق : يعقوب أنت جيت بدرى ليه ، أااقصد حمد على السلامة 


لم يطل الصمت وهو يتفحص تعابير وجهه : 

حضرتك النهارده يابيييه فى حوار صحفى هنا أنت نسيت ثم أكمل رافعاً حاجبيه مشيراً إليها متسائلاً بصمت


تنهد لؤى بعمق وأجابه فى رسمية تامة : 

أه أسف نسيت يا أبيه 

""دالين " زميلتى كانت جايه معايا تاخد الملازم عشان عندنا أمتحان أخر الأسبوع 


كان يستمع لحديثه وقسمات وجهه تنم عن صدمة حقيقة مما يسمعه ثم هتف بتساؤل : وهى زميلتك تيجى معاك البيت لوحدكم ومن أمته الكلام ده يااستاذ لؤى 


تأففت " دالين " بقوة تستغفر ربها : معلش سورى حضرتك بتكلم كده ليه ، وأيه فى البيت لوحدكم ديه حاسب على كلامك ، بعدين طالما أنا مش بعمل حاجه غلط خلاص ميهمنيش


تمكنت الدهشه منه عند سماع كلماتها توسعت عيناه بذهول ثم تجاهلها وأكمل حديثه مع أخيه : خلص يا لؤى عايزك فى مكتب قبل ما بابا يرجع

 

هما بالأنصراف لكن أستوقفه صوت ضجيج عالياً يأتى من الخارج ، أصبحت نظرته أكثر قاتمة وحدة فصاح بأعلى صوته : فى أيه بره ؟! 

الدوشة اللى برة ديه ليه ؟!


هتف حارس الأمن بإرتباك : فى ناس بره ومصممين على الدخول


رفع يعقوب جانب حاجبه  متشدقاً بغلظة :

 هى سايبه أى اللى عايزين يدخلوا ديه ؟؟ من الناس ديه؟! 


نظره للأرض وهتف على بأستيحاء : يعقوب باشا بيقولوا أنهم تبع الهانم اللى مع البيه الصغير  


قطبت ما بين حابيها بأستغراب فبدأت الواسوس تنهش عقلها : ناس مين ؟عايزينى أنا؟ ومين يعرف أنى هنا ؟


هز الحارس رأسه بالإيجاب لها : اه يافندم بيقول والد حضرتك ومعاه كام واحد بجلبيات وشكلهم مش جايين فى خير


سرت الرعشه بجسدها ،أبتلعت لعابعها بصعوبة و أنعقد لسانها ثم على وجيف قلبها رمشت بعينيها ثم أنتفضت بذعر : بابا !!! 

بابا هو يعرف أنا هنا ازاى ؟!


نظر إليها يعقوب بنظرات تحمل الشك وبصوت رجولى  خشن : دخلهم يابنى خلينا نشوف الحوار أيه ؟؟


ولج والدها للداخل ووزع نظراته فى المكان كله حتى وقع نظره عليها حدجها بنظرات نارية ، فى لحظة اقترب منها  يجذبها من شعرها سحباً لها فوقعت أرضاً تحت قدميه ، القى عليها بعض السباب بوعيد بأشد العقاب ، فنادى على من معه من رجال ليأخذوها عنوة ، هتفت بخوف جلى ودموع تنهمر على وجنتيها :

يابابا فى أيه ؟! والله يابابا ماعملت حاجه أنا بس جايه كنت أخد ملازم 


أجابه صوت من الخلف بخشونه : هنطلع بيها على البلد على طول ياعمى ولا أيه ؟!

صوت أخر أشد قسوة : مش لما نخلص منها ومن اللى مرمغ شرفنا ، ياما قولتلك يااخويا كفايه بتك علام ونجوزها ولدى تجول لا لحد ما يجلنا الناس لأماكن أكل عشنا ويقول ألحقوا بتكم فى البيوت جابتلنا العار

بس 

صرخ بيهم يعقوب بصوت جعل أعضائهم ترتجف : 

أيه انتوا وهو اللى بتعملوا ؟؟!

سيب يا جدع انت شعرها ده.. وأيه الحوار هابط اللى بتعملوا ده ؟! عشان فلوس وكده ولا أيه ؟؟


صاحت دالين بكاء وهى تحاول التملص من يد عمها  : أخرس يابنى أدم انت ، والله يابابا اللى فى دماغك ده مش صح ....وبلد أيه هتسافرنى ليه صدقنى والله ما عملت حاجه ، ما تسمعش كلام عمى 


ملامحه جامده بلا تعبير فقط يحملق يستشفى صدق حديثها  غرق فى تفكيره لتحليل الموقف ونظراته تحذرها من صحة ما يدور بعقله ،، جذب " لؤى " معصمه  همساً له : يا أبيه الحقها دول هيموتها بجد


كما هو على وضعيته يدس يده بجيبه ولم يرف له جفن تحت صراخها ونحيبها وترجى والدها بأن يسمعها أو يصفح عنها ضحك داخله بأستهزاء كانت من دقائق قليلة ترفع رأسها عالياً تتفاخر بتفكيرها ، دقائق من الصمت الممتزج بالخوف والارتعاد ، لكن بدء الأمر  يستفزه ويثير أعصابه صاح بصوت جهورى : أنتوا أيه ؟! اتجننتوا ما بنتكم قدامكم أيه كنتوا جبتوها من على السرير تار وعار أيه 


بينما والدها لم يسع صدره أكثر لسماع تحليلات فى شرف أبنته فسحب يديها بقوة خلفه وهو يتجه للخارج 

متجاهلاً اعتراضها وتعثرها ثم وقف يهتف : بنتى أنا هعرف أربيها أما ابنكم خافوا عليه 


 لكن قاطعه دخول والد بعقوب    " النعمانى " 

وقف يطالع وجههم بملامح مجعدة : ممكن أفهم أيه اللى بيحصل هنا ؟! الصوت جايب لبره خير

صاح رزق ( والد دالين ) يلا بينا من هنا بتى وأخدتها وانا أعرف أربيها بأيدى 

صاح أحد عمومتها بحدة بصوت جمهورى وهو يحدجهم بنظرات ناريه صارمة ويهتف بسباب لاذعاً : أحنا ميغسلش اللى حصل ده غير الدم مهما حصل مش هنعديها بساهل لو هنموت ميهمناش

أشار لها ( النعمانى ) بيده يستوقفه ثم رفع نظره ليعقوب

عقد حاجبيه متسائلاً 

بينما يعقوب بدوره يسرد عليها ما حدث هز رأسه بتفهم رافعاً نظره للؤى بتوعد ، هز النعمانى رأسه بكل ثبات وقوة ، تفهم الموقف وجاهد فى حل الأمور رغم انفعالتهم وغضبهم إلا انه رجل ذو هيبه وله تأثير من نوع خاص على من حوله فطلب منهم البقاء لتوضيح الأمور أكثر   ذهب صوب مكتبه وأشار لأبنه يعقوب بأن يتابعه 


****************************

(( يعقوب مفيش حل غير أنك تتجوز البنت ديه ))

كانت تلك الجملة التى أردف بها النعمانى 


ضيق يعقوب عينيه ثم أكمل بنبرة تحمل السخرية :

أزاى يعنى ؟!هو فى أيه؟!

 ده أنا ممكن بأتصال صغير مخرجهمش من هنا


جحظت عيناه بشدة وأرتسم الأنزعاج على ملامحه ثم أقتراب منه بخطوات ثابته وتوقف  ليستطرد بصوت عميق وهو يشير إلى نفسه : يعنى تفتكر أنا مقدرش 

أعمل كده بس  البنت ديه لو خرجت على الصعيد بالفضيحه ديه مش هتعيش وإذا عاشت مش هتبقى بنى أدمه سويا ..ده غير الأهم اهلها هيخروج من هنا ومش هينسوا تارهم من اخوك دول صعايدة ، ده شرف يعنى أصعب من التار عندهم ولو خلصت من دول فى غيرهم كتير أنا اخاف عليك وعلى أخوك ، ده غير الصحافة اللى زمانها جايه والمشروع الكبير اللى هيتضر وأعدائنا ما هيصدقوا 


أستحوذت الصدمة علي يعقوب للحظات وجلى غضبه على ملامحه : أيه يا بابا واحنا مالنا ومال الكلام ده تارا ليه  هما حريين فيها نشيل بلاوى ليه جت هنا برضاها تستاهل وأخويا أنا اعرف احميه 


هز رأسه متفاهماً ثم اجابه بغضب: خلاص براحتك يا يعقوب ابعتلى لؤى هو اللى هيوافق انا مش هضحى بيه يكتب كتاب وبعدين نشوف الحل فى الورطه ديه

زفر بحنق وهو يحك مرخرة رأسه : لا لا لؤى لسه فى التعليم ومستقبله هيضيع أبعت هات المأذون 

 

back                                                                   

أغمض عينيه بألم يشعر بالصداع يفتك خلايا دماغه

****************************

فى منطقة شعبية تتأجج بسكان المنازل متراصة بجوار بعضها فكل ما يقال بها حتى وأن كان همساً تستطيع معرفته المنطقة لايبقى بها أسرار فمذ أن جاء رزق والد دالين و يقطن هذه المنطقة هو أخواته وأصبح مصدر رزقهم بها فهم تجار وسمعتهم الطيبه ساعدتهم

ولج رزق إلى شقته بأكتاف متهدلة فأبنته كانت تملأ

البيت بضحكاتها وطفولتها تزوجت بأصعب طريقه 

يمكن أن يتخيلها عقله ، وضع رأسه بين كفيه فهو 

السبب بالغ فى تدليلها والثقة الزائدة فأصبحت متمردة

تتصرف بدون حساب تحت مبدأ " أنا لم أخطئ فأين المشكلة ..طالما لم أتجاوز الحدود "

صوتها يمزق نياط قلبه فهو حرم من فرحة تسليمها لزوجها بيده تنهد بحرق 


****************************

بينما فى الجهة الأخرى تقف سيارة بعيداً تراقب قصر النعمانى زوج من العيون تشتعل بنيران ، عديم المرؤءة 

بعد ما فشل فى القرب منها خاض فى عرضها ، يغرس أنيابه فى شفتيه بغيظ كاد أن يدميهم فكل ما خطط له 

سار عكس ، ضرب المقود بيده بغضب ، حقد مضاعف غلف نظراته 


هتف ياسر صديقه بتبرم : خلاص يا أنس اللى خططت عشانه باظ هى دلوقتى تبع بيت النعمانى أبعد عنها 

أنا اصلا مش عارف أزاى وافقت أننا نعمل كده فيها


تحولت نظرته أكثر قسوة وتغلفت نبرته  بمزيد من الغل :

هى بتاعتى أنا حاولت معاها بكل طرق ومش هتنازل عنها


الفصل الثانى 

جحظت عيناه بصدمه عندما طالع شاشة الهاتف بالكاد يتنفس بصعوبة غضب ونيران تشعل صدره

أخذ يحطم كل ما تطوله يده بداخله نيران تحرق العالم 

من حوله 

بينما النعمانى وقف امامه يتنفس بغضب قائلاً بخشونه :

-خلصت خلاص ممكن تهدى بقى  عرفت ليه قولتلك تتجوزها انت مش لؤى ، بس أنا ليا بردو نظرة وبقولك الموضوع مش ذى ماأنت فاهم أو الرسالة جتلك الموضوع فى سر وياريت تتصرف طبيعى الفترة ديه لحد مانعرف كل حاجه ومتعرفش أخوك حاجه 


أخذ نفساً عميقاً بشدة ثم زفر على مهل وبدء يحدثه

بهدوء وثبات لكن بنبرة قوية :

-نظرة أيه ؟! الرسالة واضحه

 (( مبروك عليك الليلة أنت شربتها يا عريس )) 

أنا قولت تبع حد من المنافسين وقولتلك سابنى اتصرف 

ساعتها ، بس كويس أنى عملت حساب كده وانا اللى اتجوزتها ، لؤى مش هيفهم دماغها


هز رأسه النعمانى ثم تأمله بضيق وهو يغادر مكتبه هامساً  :  

-متعملش حاجه نندم عليها كلنا.. الموضوع مش مقتنع بيه 


دار يعقوب حول نفسه باحثاً عن هاتفه وقعت عيناه عليه أسرع يلتقطه ويضغط على أزراه ثم وضعه على 

أذنه ينتظر أجابة الطرف الأخر :

-أيوه يابنى أسمعنى هبعتلك عنوان وأسم واحده عايزه 

اعرف كل تفاصيل حياتها من يوم ما أتولدت خصوصاً

الفترة الأخيرة قدامك بكتير أسبوع 


أغلق الهاتف ثم تنفس الصعداء وأستدار يجلس على مكتبه يطرق بأنامله على سطح الزجاجى ينظر أمامه بشرود 


****************************


بينما على الجانب الأخر  قضت ليلتها دون أن يغمض لها جفن غارقة فى بحر شجونها ، عبراتها تنساب على وجنتها فى صمت ، قلبها ينزف الماً لم يصل لتفكيرها يوماً أن يصل تحررها إلى كسر ثقة أبيها ، فماذا ظن بها ، خسرت حياتها أصبحت وحيدة فى بيت لم تعرفه ، كيف ستقضى حياتها ، كيف والدها تخلى عنها ،

 لحظة لحظة من أين عرف بوجودها 

طرقات على الباب قطعت تفكيرها رفعت عينيها صوب 

الباب بأنكسار طالعها وجه لؤى ، ولج وأغلق الباب خلفه 

أقترب وجلس أمامها على الفراش :


- أنت كويسه؟!

 

هزت رأسها وهى تضع كفها على شفتيها تكتم شهقاتها : 

-لؤى قولى اللى بيحصل ده كابوس وهصحى منه 


حالتها ألجمت لسانه فلم يسعفه ذهنه برد عليها وتهدئتها 

صمته ونظراته جعلتها تبتسم فى ذهول وتقول بعدم تصديق وأستيعاب : 

-مش كابوس صح أنا ضعت يالؤى

 

اخذ شهيقاً طويلا وهو يجيبها بتأسف  : 

-أنا اللى غلطان يا دالين  يارتنى ما كنت سمعت كلامك كان لازم أقولك لا بس اللى مستغربوا والدك وأهلك عرفوا منين 


قبل أن تجيب عليه سمعوا صوت طرقات على الباب ثم أنفتح الباب ولجا مباشرة بدون أنتظار أجابة أنصدم عندما طالع أخيه فى غرفتها توسعت عينيع وتطاير الشرار منهم وصاح بغضب : 

- لؤى بتعمل أيه هنا؟؟ فى أوضتها ليه ؟؟


أنصدم لؤى من عصبية أخيه المبالغ فيها أبتلع لعابه : 

-أبيه كنت بس بطمن عليها 


صاح بنبرة على حافة الأنفجار : 

-تطمن عليها لوحدكم فى الأوضة  مقفول عليكم باب الهانم نستك الأصول ولا أيه يا أستاذ لؤى 


طأطأ رأسه وأستئذنه و ولج للخارج وأغلق الباب خلفه

بينما هى بقت شاردة تحدق بنقطة ما فى الفارغ 

بينما هو يستند على حافة المكتب المقابل لها تمكن الغيظ من كافة ملامحه الخشنه ليتشكل فى ثوانى جمود رهيب هو يخبرها :

- البيت ده ليه أصول وأنتى هنا مجبره تمشى عليها 

ومش مسموح لأي حد أي كان أنه يهدوا فاهمة ،يعنى تروحى لشاب بيته ، تقعدى معه لوحدكم قافلين الباب

مش هنا


رفعت " دالين " نظرها إليه  بأعين لامعة بدموع الخزلان ، تبتلع غصة مريرة فى حلقها ، قلبها ينزف دماً 

ردت بنبرة باكية :

- لو سمحت كفاية كلامك ده وتجريح أنا مستهلش كل ده ، أنت متعرفنيش وحكمت عليا 

تلاقت عدسته بخضرواتيها وجنتها الملتهبة أثر البكاء رق قلبه لوهلة بداخله شئ يصدق صدق حديثها تبدو طفلة بريئة أجابها بسخريه :

-شاطرة أنت جاوبتى على نفسك أهو محدش يعرف جواكى أيه لكن طريقة لابسك ، تعاملك مع الشباب ، ده هتخلى الكل يفكرك أنك سهلة المجتمع بتاعنا كده

 عنده ثوابت فكرية وبالأخص البيئة اللى اتربيتى فيها ، ده بكلمك بثوابت مش بالدين عشان ده موضوع تانى خالص 


غامت عينيها بدموع حارقة وأجابته بصوت مرتعش من البكاء : 

-ليه حد قالك على معرفش فى دين على فكرة بس ربنا اللى يعرف نيتى 

باغتها بقبضة يده الضخمة التى قبضت على ذراعها وجذبها بعنف :

- أنت لسه بتجدلى بكلام أنا لو من أبوكى كنت كسرت رأسك من زمان ،،، نيتك الناس هتشوف بت رايحه مع شاب فى بيته وتقوليلى نيتك أنت أيه مفيش مخ ولا فكرة التحرر مبعملش حاجه غلط خلاص 


تراجعت للخلف خوفاً منه فى محاولة لتحرير معصمها وانهارت باكية كل حديثه صحيح 

ماذا ستقول ؟!

هى المخطئة أما مجنى عليها ؟!  :

- أااااه أيدى أنت بتوجعنى اأاااه


تنهد بعمق ينظر حالتها وبكائها الذى  يدمى القلب ، أبتعد عنها يحدق بها كانت كطفلة تائهة من والدتها لا يعلم لماذا أنتفض قلبه بين ضلوعه تمرداً عليها لانت ملامحه وترك يديها وولج خارج الغرفة

 

******************************************

دلف لؤى إلى مكتب أبيه ليجد النعمان شاردا فى نقطة ما تقدم لؤى ثم نظر إليه بتوتر هتفاً : صباح الخير يابابا


نظر النعمانى لهيئته ثم قال بجمود هو يتفحصه : 

أمممممم صباح الخير ، أنا كنت لسه هبعتلك بسبب عملتك بتاعت امبارح ، انت مقدر حجم المصيبة 


طأطأ لؤى رأسه بخزلان : يابابا صدقنى لو أعرف ان كل ده هيحصل ماكنتش جبتها هنا ، بس والله يابابا ما فى حاجه ذى باباها ما تخيل ، هى بنت محترمه جدا بس هى ليها طريقة تفكير مختلفة شوية وو


أوقفه عن الحديث بنظره من عينيه ثم قال بصوت رجولى رخيم : أبوك بيفهم اللى قدامه من نظرة ، وانا عرفت من أول ماشوفتها ، بس الخوف عليها من يعقوب 

اسمع يا لؤى اهم حاجه انك تخرجها من حالتها عشان الامتحانات عشان السنه وبعد كده هنشوف أيه اللى هيحصل


حك مؤخرة رأسه ثم أجابه : 

-بصراحة ده اللى كنت بعملوا على اول ما صحيت ، بس أبيه يعقوب اتنرفز عشان طلعت عندها الأوضة وشبه طردنى 


هز رأسه بيأس من تصرفات أبنه ثم أرتسم الجمود :

- أنت بردو محرمتش فى حد ممكن يطلعلها يناديها متحاولش تتعدى حدودك هى مراتك أخوك مش زميلتك لحد ما نشوف حل  وده اللى لازم تتعامل معاه دلوقتى 


زفر لؤى أنفاسه بإرتباك هامساً بتوتر:

- والله يابابا أنا حبييت فكرة جواز يعقوب بس هو يخف عصبية شوية هى غلبانه كفايه موقف أن أبوها يرميها كده 

 طب ده حتى يعقوب يبقى ماما الله يرحمها دعيلوا 


لاحت أبتسامة جانيبه على شفتاه ثم ظل صامتاً

ابتسم ونهض من مكانه ثم أنحنى يقبل جبينه وقال بمرح مداعباً : 

-عقبالك بقى أنت كمان يا بوص وأفرح بيك هو حد كان يصدق أبوالهول يتجوز

لم يستجيب لمزاحه ونطق بصرامة :

- أوعى تهزر بكلام ده قدام البنت ديه ويسمعك يعقوب أتفضل يلا أطلع بره 

-عدل وضع قميصه ثم قال بمزاح : كمان طرده واحده وهمشى من البيت محدش يعرفلى طريق 


******************************************

بعد مرور عدت أيام ( يوم الامتحان)


فى الصباح جلس " يعقوب " و" لؤى " على طاولة الطعام يتناول الفطار معاً ، فاليوم أمتحانها ينتظر نزولها من الأعلى فهى ظلت حبيسة غرفتها   ، يتذكر كلما مر من أمام غرفتها يسمع صوت بكاؤها الذى مازال يدور و يرن بعقله كعقارب الساعة ، تنهد يعقوب  بضيق على كثرة تفكيره بها فى الأيام الماضية بداخله شئ يريد تصديقها، رفع عينه من طبقه ، ليطالعها أمامه  ، لكنها فتنه تمشى على الأرض  فكانت ترتدى قميص من اللون الكشمير   وبنطلون من خامة الجينز فكان كطبقة ثانية على جلدها ورفعت سلسال الدهب خاصتها بدبوس شعر ووضعت بعض من مساحيق التجميل البسيطة ، توسعت عيناه بذهول من تغير حالها لحال أخر أهى من كانت تبكى فى الأيام الماضية ؟؟! أستقام عن الطعام مدعياً الشبع 


بينما هى تجاهلته ووجهت أنظاره صوب لؤى وهى ترى نظراته المصدومه  : 

-صباح الخير يا لؤى  يلا بينا أنا جهزت 


أيقظت بركانه الخامد بتعمد تجاهله ، فقد أثارت عواصفه وهيجت أمواج غضبه ، فلم تجد منه إلا أن قبض على ذراعها صائحاً بها بأعين نارية :

 والهانم رايحة فين بلبس ده على الصبح ؟؟


دفعت يده بعيداً عنها صارخة بسخط شديد :

- أبعد أيدك عنى يا بنى أدم أنت ، هو انت استحليت الموضوع على العموم أنا أصلا ماشيه ومش راجعة تانى

 

صرخ بنبرة كادت تسقطها أرضا : 

-عيدى تانى قولتى أيه ؟


أبتلعت لعابها وتملصت من يده ورجعت للخلف لا أرادياً فى خوف ظاهر فمنظره دب الرعب فى أوصالها : 

-بقول همشى كلمت واحده صاحبتى  وهقعد معاها فى شقة مع بنتين تانى لحد مااخلص امتحانات وبعد كده أسافر لخالتى أسكندرية أى أسئلة تانى ؟؟


قبض على شعره بعنف يكاد يخلعه من منبته لاعناً حظه الذى ألقى بها فى طريقه ، هم لؤى بالحديث  لتلطيف الأجواء أشار له " يعقوب بألتزام الصمت  ورفع سبابته فى وجهها :

-دخول الحمام مش ذى خروجه أنت نسيتى انك على ذمة رجل والتسيب بتاعك ده تنسيه ، ولا التمثلية خلصت بقى

 ثانياً هتطلعى تغير هدومك ديه بفستان من الهدوم اللى جت ، ثالثاً مفيش مرواح الجامعة مع لؤى .فى عربية بسواق هتوديكى وتجيبك والمواعيد كلها معايا أتفضلي وخلى بالك انا عينى عليكى 


-زفرت أنفاسها بغضب ثم صرخت بسخط شديد : 

-أيه التحكمات ديه كلها ، ااااه انت مفكر عشان اللى حصل ده يبقى خلاص ، لا شكرا كتر خيرك على موقفك الرجولى بس أنا هعرف احل مشاكلى لوحدى ، بعدين طالما هى تمثليه شاغل نفسك ليه بقى ؟!


ها هو الطوفان قد هل هكذا كان تفكير لؤى لكن احتلت الصدمة ملامحة من رد فعل يعقوب الذى دس يده فى جيبه وأقترب منها هامساً ببرود: أه اللى حصل ده اسمه جواز  ،  بس انت مجبره تحترميه وبلاش تخلى يعقوب النعمانى يوركى الوش التانى ، ومتنسيش أحنا اللى مستحملينك هنا وصوتك ميعلاش تانى

 

أنفجرت دالين  ببكاء كالقنبلة دون سابق أنذار :

- انا استحالة اعيش هنا هو انت بتتحكم كده ليه فكرنى أيه ؟! 


رفع جانب حاجبيه وأبتسم بسخرية :

 -مراتى انتى مرات يعقوب النعمانى لحين أشعار أخر

 حتى لو لسبب معين بصى أى حاجه تخصنى تمشى على مزاجى 

لا حظ نظراتهم الشبه مصدومه من كلامه : 

-قولت اتقضل يالؤى على الامتحان ، وانت انجزى تغير عشان تلحقى 


******************************************

أسبوعان مر أسبوعان فى ساعة متأخرة من الليل جلست فى الحديقة تضم كتابها إلى صدرها وتنظر للسماء بقلب مفطور مشاعر مبعثرة لأبعد حد ، قلب متألم بشدة مر مايقرب على شهر على هجر والده لها ستجن وتعرف كيف عرف والدها ، من الذى  قلب حياتها وأدى بها لوقوع فى براثن ذلك الوحش الثائر اغمضت عيناها عند سيرته فمر ما يقارب اكثر من أسبوعين تذهب للأمتحاناتها وتظل حبيسة غرفتها تتلاشى الصدام معه  فهو يثير جنونها ، أنتفضت حينا أتاه صوت من الخلف : 

-أنتى قاعدة فى الوقت ده هنا ليه ؟؟


اغمضت عيناها بألم ثم نهضت من مكانها متوجه للداخل 

بدون رد على أسئلته تجاوزته ومرت من أمامه فجذبها من معصمها ساد الصمت لحظات بينهم وهو يطالعها 

بينما هى نظرت له بعينين متسعه مدميا من أثر البكاء قائلة بشهقات طفوليه بحته :

- لو سمحت ايدى ..اتخنقت من فوق شويه نزلت هنا وادينى طالعه تانى سيب أيدى بقى 


خفف من ضغط على معصمها :

- انتى بتعيطى ليه ؟؟

فى أيه حصل تانى ؟؟


رفعت نظرها إليه تتطلع إليه  أول مره بتمعن ؛ بدون أن يعنفها فملامحه رجوليه خشنه لكنه وسيم مسحت دموعها بظهر كفيها وأجابته بصدق : 

-مفيش تانى لأن الاول لسه مخلصش ولسه وجعنى ، غير عندى مادة لسه مش عارفه اذكرها والامتحان بكرة لؤى حاول بس أنا مفهمتش ممكن أيدى بقى 


ترك يدها برفق وسحب منها الكتاب ينظر له بتمعن  :

 مادة (استركتشر) تعرفي أنى كنت بجيب أمتياز فيها على طول  ، هذكرلك أنا مش مستاهله كل ده عياط 


توسعت عينياها بصدمة من تحوله المفاجئ ثم ردت عليه بنبرة حزينة وهى تلتقط الكتاب من بين يده : 

-مفيش داعى خلاص اللى فهمته هكتبه انا كده كده هشلها سمر كورس 


أبتسم بغرور يدس يده فى جيب سرواله :

- بقولك هذكرلك انا يعنى مفيش سمر كورس اتفضلى على جوه عشر دقايق اغير وتكونى فى المكتب


فصدح صوت هاتفه معلناً عن وصول رسائل جديده


                 الفصل الثالث من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>