رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل التاسع عشر19والعشرون20 بقلم مريم غريب


رواية عزلاء امام سطوة ماله 

الفصل التاسع عشر والعشرون

بقلم مريم غريب



 ( 19 )


_ تسوية ! _


صامتة ، شاردة ، شاحبة ، مكتئبة ... هكذا أصبحت "صفية" منذ واقعة إنفصالها عن "صالح"


فقدت شهيتها تدريجيا و جهلت بعد ذلك معني الحياة ..


إذ إكتشفت أنه كان يمثل لها هذا المعني بالضبط ، هو وحده لا أحد غيره ، و لكنها هي من تغافلت عن تلك الحقيقة و لطالما عاملته ببرود


لم تكن تدر أن حالتها ستسوء بهذا الشكل إذا تفارقا ذات يوم ، بل لم تكن تدر أنها تحمل له كل هذا الحب بداخلها .. لم يخطر ببالها أبدا !!


-يا تري ممكن أدخل ! .. قالها "يحيى" و هو يقف علي عتبة باب غرفتها من الخارج ، بينما عادت "صفية" إلي أرض الواقع و إنتبهت لوالدها


-بابي ! .. تمتمت بشئ من التوتر ، ثم قالت بإبتسامة :


-أه طبعا إتفضل . إدخل يا بابي من فضلك.


إبتسم "يحيى" هو يلج بخطواته الوقورة المتزنة ، ثم قال و هو يجلس علي طرف الفراش بجانبها :


-أنا هسافر إنهاردة . طيارتي بعد 3 ساعات . قلت أجي أشوفك و أطمن عليكي قبل ما أمشي.


-حبيبي ربنا يخليك ليا و ترجعلنا بالسلامة يا رب.


إستشف "يحيى" الكآبة في نبرة صوتها رغم محاولاتها لإخفاء ذلك .. ضيق عينيه و هو ينظر لها بتركيز ، ثم قال بهدوء :


-صافي .. مالك يا حبيبتي ؟ إيه إللي مضايقك ؟!


صفية بإبتسامة مرتبكة :


-مافيش حاجة يا بابي . مافيش حاجة مضايقاني . مش عارفة ليه كلكوا فاكرين إني مضايقة اليومين دول . أنا كويسة و الله !


-شكلك مش بيقول كده يا حبيبتي . قوليلي لو في حاجة . أنا أبوكي و أكتر واحد في الدنيا يهمه أمرك . أصلا ماعنديش في الدنيا أغلي منك.


صفية و هي تميل برأسها علي صدره و تلف ذراعيها حول وسطه :


-يا حبيبي يا بابي .. أنا عارفة ده طبعا . و صدقني مافيش حاجة . لو كان فيه أنا ليا مين غيرك يعني ألجأ له ؟


يحيى بحيرة :


-أومال مالك بس ؟ أحوالك مش عجباني . و أمك شكلها عارفة حاجة و مش عايزة تقولي !


-يا بابي صدقني مافيش حاجة .. إطمن.


يحيى بإلحاح :


-أنا مش عايز أسافر و أنا حاسس إن في مشاكل بتحصل من ورا ضهري . ماينفعش تخبوا عني يا صافي.


-يا حبيبي محدش يقدر يعمل حاجة من ورا ضهرك و إحنا مانقدرش نخبي عنك أي حاجة.


تنهد "يحيى" مستسلما ، لكنه ألقي بأخر كارت كمحاولة يائسة لإستمالتها :


-طيب . مافيش مشكلة بينك و بين صالح مثلا ؟!


صفية و قد فشلت في إجلاء الحزن عن صوتها :


-ليه بتقول كده ؟


هز "يحيى" كتفيه و قال :


-يعني . مجرد تخمين .. و بعدين إنتي بقالك فترة مش بتروحيله المستشفي ! حصل حاجة بينكوا ؟


صفية بشئ من التردد :


-في مشكلة صغيرة . بس حضرتك عارف إحنا مش بنقدر نبعد عن بعض كتير .. و دايما هو إللي بيبدأ و بيصالحني.


-عملك إيه طيب ؟؟؟ .. تساءل "يحيى" بحدة ، لتجيبه "صفية" بسرعة و لطف :


-لأ يا بابي صالح ماعملش حاجة خالص .. هو بس مضايق من إللي حصله . حالته النفسية مدمرة و أنا مقدرة وضعه و زعلانة عشانه أووي . يمكن هو ده إللي مضايقني بالشكل ده.


تنفس "يحيى" بعمق ، ثم قال بصلابة :


-عموما أنا عايزك تعرفي إنك إنتي بس إلي تهميني وسط كل إللي بيحصل ده . و أنا مش عايزك تيجي علي نفسك و يبقي حالك كده . نفسيته مدمرة علي عينا و راسنا بس مايسوقش فيها و يحسسنا إن إحنا إللي وزينا عليه و فرحانين بإللي حصله .. ثم أكمل بتحذير :


-إسمعي يا صفية . إنتي مش مضطرة خالص تستحملي من صالح إللي بستحمله أنا و أخوكي من عمك . و إذا كان إللي إنتي فيه ده بسببه يبقي نفضها سيرة من دلوقتي أحسن و كل واحد يروح لحاله.


-لأ .. صاحت "صفية" بهلع ، ثم إبتعدت عنه و أردفت :


-أنا ماشتكتش و مش عايزة و لا بفكر أسيب صالح يا بابي . أنا بحبه و بعدين لازم إستحمله . هو بيمر بأزمه مش سهلة.


يحيى بضيق :


-أنا مستحمل من يوم الحادثة عشانك . عشان أحافظ علي علاقتكوا . بس لو هو مش هامه حاجة زي دي يبقي مايستهلش تسألي فيه أصلا .. فوقي يا بنتي . ده إنتي بنت يحيى البحيري . يعني كل رجالة البلد و أنضفهم يتمنوا التراب إللي بتمشي عليه.


صفية بإصرار غاضب :


-بس أنا بحب صالح . و مش عايزة غيره.


يحيى بسأم :


-براحتك . بس يكون في علمك لو رجعت و لاقيتك لسا في الحالة دي أنا بنفسي إللي هفسخ خطوبتكوا و لو إنطبقت السما عالأرض مش هوافق ترجعوا أبدا .. ثم رسم إبتسامة بسيطة علي ثغره و قد تخلص من مزاجه السيئ بمهارة ورثها عنه إبنه


ربت علي وجنتها بخفة ، ثم قال بهدوء :


-يلا يا حبيبتي . أشوف وشك بخير .. مش عايزة حاجة أجبهالك معايا و أنا جاي ؟


صفية و تبادله نفس الإبتسامة :


-عايزاك ترجعلنا بالسلامة يا بابي .. و عانقته بقوة متمتمة :


-هتوحشني أوووي .. بليز ماتتأخرش !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


-سمر ! .. هكذا صاحت السكرتيرة متفاجئة ، ثم قامت و مشت ناحية "سمر" مكملة :


-إيه يا بنتي المفاجأة الحلوة دي ؟ حمدلله علي السلامة.


سمر بإبتسامة خالية من الروح :


-الله يسلمك يا نجلاء . إنتي عاملة إيه ؟


-سيبك مني أنا . إنتي صحتك بقت كويسة و لا لأ ؟؟؟


سمر بمرارة خفية :


-لو ماكنتش كويسة ماكنتش جيت.


نجلاء بإبتسامة :


-طيب الحمدلله . و كويس يا أختي إنك جيتي ربنا عالم بيا أنا و عثمان بيه مش متفاهمين خآااالص.


سمر بضحكة متكلفة :


-ليه كده بس ؟


نجلاء بطيش و هي تلوح بيدها في الهواء :


-يا شيخة ده بني آدم مجنون مختل عقليا أقسم بالله.


-يخرب عقلك وطي صوتك أحسن يسمعك.


-هو في إيه و لا في إيه يا حبيبتي . عنده ناس جوا مشغول.


عبست "سمر" متسائلة :


-هيطول ؟


-مش عارفة بصراحة بس هما بقالهم كتير معاه جوا . إنتي عايزة تدخليله و لا إيه ؟


سمر بوجوم :


-أيوه.


نجلاء و هي تجذبها من ذراعها :


-طيب يا حبيبتي تعالي ده مكتبك أصلا . تعالي كلميه و لو في حاجة مهمة يعني قوليله لو سمحت يافندم عايزاك دقيقتين.


-لـل لأ .. تمتمت "سمر" بإباء ، ثم قالت :


-كلميه إنتي من فضلك يا نجلاء . قوليله إني عايزة أقابله !


نجلاء بدهشة :


-الله ! طيب ما تكلميه إنتي يابنتي . إنتي ناسيه إنك سكيرتيرته أصلا ؟!


سمر بضيق :


-معلش يا نجلاء . إسمعي كلامي من فضلك !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في المكتب عند "عثمان" ... أخيرا ينهي نقاشه مع "هالة" الذي إستغرق وقتا طويلا


عثمان بصرامة ممزوجة باللطف :


-خلاص يا هالة . أنا هاروحله إن شاء الله و هتكلم معاه.


هالة برجاء :


-بليز يا عثمان إبقي إستحمله لو قال كلمة كده و لا كده . إنت عارف هو مش هيكون قاصد أي حاجة.


عثمان بثقة :


-ماتقلقيش . ده صالح يعني . أنا هعرف أتصرف معاه .. ثم نظر نحو "مراد" و قال :


-مراد لو سمحت وصل هالة للبيت دلوقتي و بعدين إرجعلي عشان نروح المستشفي سوا.


مراد برحابة شديدة :


-حاضر . و أساسا منغير ما تقول أنا إللي جيبتها لهنا و إللي هاوصلها للبيت.


-ماشي ياخويا !


و هنا دق هاتف المكتب ، ليقوم "عثمان" و يرد بفتوره المعتاد :


-في إيه يا نجلاء ؟ .. مــــــــــــــــين ؟ .. صاح بدهشة حقيقية ... ثم أردف بجدية :


-طيب . طيب الضيوف إللي عندي خارجين دلوقتي . دخليها بعدهم علطول .. و أقفل الخط و هو يبتسم بشدة و يتمتم لنفسه :


-ماتأخرتيش يا سمر . أخيرا جيتيلي برجليكي ! .. ثم إلتفت إلي صديقه و إبنة عمه قائلا :


-طيب يلا بقي عشان تلحق توصلها يا مراد و ترجعلي زي ما قولتلك !


مراد و هو يقوم من مكانه :


-تمام . يلا يا هالة ؟!


-أوك .. قالت "هالة" و هي تأخذ حقيبتها و تنهض


مشت صوب "عثمان" ... إقتربت منه و قبلته من وجنتيه و هي تقول بهيام شديد :


-باي يا عثمان . أبقي أشوفك في البيت بقي.


تظاهر "عثمان" بعدم فهم إسلوبها ، و تعامل معها بأخوية ..


حيث طبع قبلة سطحية علي جبهتها ، ثم قال بإبتسامة :


-مع السلامة يا حبيبتي . نورتيني إنهاردة و الله !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في الخارج ... أخذت "سمر" تستعد للمواجهة


شحنت نفسها بالجرآة و القوة ..


لا تريد أن تــُذل أمامه أبدا .. كي تكون النتائج في صالحها ، ليس هو وحده من يملك عقل مدبر ، ستراوغه هي أيضا ..


-إيه ده مش ممكن ! .. سمر ؟!! .. قالها "مراد" بصياح ذاهل ، لتنتبه إليه "سمر" و تقطب بإستغراب .. فهي لا تتذكره


توجه "مراد" إليها و هو يقول مبتسما :


-حمدلله علي سلامتك . و ألف سلامة عليكي . أنا لسا عارف إنهارده و الله أول ما جيت و ماشوفتكيش سألت عليكي علطول.


سمر و تطرف بتوتر :


-شـ شكرا !


-إيه يا سمر إنتي مش فاكراني و لا إيه ؟؟


سمر و هي تهز كتفاها ببطء :


-بصراحة لأ !


مراد بإبتسامة :


-ليكي حق تنسيني إنتي ماشوفتنيش غير مرة واحدة بس .. ثم قال و هو يلتفت نحو "هالة" :


-عموما هاشوفك . أنا باجي هنا كتير .. يلا سلام مؤقت.


و ذهب برفقة "هالة" ... لتعبس "سمر" بغرابة ممزوجة بالمقت ، لكنها تخطت الأمر و وجهت ناظريها نحو باب المكتب المفتوح هناك ..


أخذت نفسا عميق و حبسته قليلا برئتيها


ثم أطلقته علي زفرات متتالية و سارت بخطي ثابتة إلي .. إلي المجهول ... الذي سيحدد مصيرها و مصير أختها المسكينة !!!






~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


( 20 )


_ عقد زواج ! _


تدخل "سمر" إلي غرفة مكتبه بوجه صارم متصلب ... صحيح أنها شكلت لنفسها درع حماية من الخارج ، لكنها كانت تعلم جيدا أنها أضعف المخلوقات من الداخل


جدار الثقة الذي شيدته واهيا ، بإمكانه أن ينهار بأي لحظة ، بينما هو القوي الذي يملك كل شيء ، و لا يتأثر بأي شيء


كان واقفا في إستقبالها و قد بدا مسترخيا إلي أبعد حد ، علي عكسها تماما ..


-أهلا أهلا . أهلا بيكي يا سمر ! .. هتف "عثمان" مرحبا ، ثم قال و هو يبتسم بشدة :


-تعالي . تعالي أقعدي معايا هنا.


و أشار إلي مقعد شاغر في الصالون الأنيق


لتمشي "سمر" ناحيته محاولة السير علي نهج إسلوبه البارد ..


مد لها يده بالمصافحة فرفضتها ، ليهز رأسه قائلا ببساطة :


-ماشي .. إتفضلي أقعدي طيب.


جلست "سمر" دون أن تنطق بحرف ، ليجلس "عثمان" هو الأخر قبالتها واضعا ساقا فوق ساق كعادته ..


إنتظر حتي تبدأ هي الحديث ، يريد أن يستمتع بإنتصاره كاملا عندما تتكلم هي أولا و تطلب منه بنفسها ما سبق و عرضه عليها !


و لكن ظل الصمت مخيم لأكثر من خمس دقائق ... و قد بدأ "عثمان" يشعر بالضجر من صمتها و يتآفف بضيق ظاهر ، بينما لم تستعجل نفسها إطلاقا و هي ترفع وجهها إليه .. ثم تقول أخيرا :


-ماكنتش فاكرة إنك شيطان للدرجة دي !


نطقت بغل ممزوج بالندم ، غل لشدة حقدها عليه ... و ندم لأنها تحامقت و صدقت طيبته الزائفة ..


-نعم ! قصدك إيه ؟ قالها "عثمان" بتساؤل رافعا حاجبيه .. ثم أكمل بحدة :


-إنتي جاية تهزأيني يا سمر ؟!


سمر بإبتسامة مريرة :


-العفو يا عثمان بيه . هو أنا أقدر ؟ ده حضرتك خيرك عليا أنا و أخواتي !


رمقها "عثمان" بنظرات مستغربة ، فتابعت "سمر" متجاهلة تعابير الإستفهام علي وجهه :


-مقدرش أزعلك . مقدرش أبدا .. أحسن تغضب عليا و تمنع العلاج عن أختي . دي حياتها في إيدك يبقي أزعلك إزاي بس ؟!


و هنا فهم "عثمان" ما ترمي إليه ..


فتنفس بعمق و هو يشيح بوجهه عنها ، ثم قال ببرود :


-إنتي إللي إضطريني أعمل كده.


سمر بغضب ممزوج بالإنفعال :


-إنت إللي مش بني آدم . إنت .. ماعندكش قلب ماعندكش رحـــــــــــمة . دي طفلة . مجرد طفلة مسكينة صغيرة لا حول ليها و لا قوة . ذنبها إيه ؟ عملتلك إيه عشان تمنع عنها العلاج ؟ عملتلك إيــــــــه ؟؟؟


نظر لها عثمان و قال بنفس البرود :


-بإيدك كل حاجة يا سمر . بإيدك تنقذي نفسك و تنقذي أختك و تضمنلها حياتها الجاية كمان . لو قبلتي عرضي هتكسبي مش هتخسري أبدا .. إنتي بس إللي مغمية عينك و مش عايزة تشوفي مصلحتك فين.


سمر بسخرية :


-و مصلحتي بقي معاك إنت ؟!


عثمان بثقة :


-طبعا . عندك شك في كده و لا إيه ؟ و لا مش مقدرة إمكانياتي كويس ؟


سمر بإبتسامة تهكمية :


-لأ طبعا إزاي .. ده كل الناس عارفين إمكانيات حضرتك كويس أوي . مافيش حاجة ممكن تقف قصادك . ده إنت عثمان بيه البحيري !


إشتدت عضلات فكيه و هو يداري ملامحه الغاضبة قبل أن تظهر علي وجهه ..


-يا ريت تبطلي الإسلوب ده في كلامك معايا .. قالها محذرا ، ثم أردف بإقتضاب و هو يشيح بوجهه ثانيةً :


-و دلوقتي أنا عايز أعرف قرارك النهائي . إتكلمي بسرعة من فضلك عشان أنا مش فاضيلك لسا ورايا حاجات أهم.


نظرت له بغضب و قد أحست بالإهانة ، فقامت فجأة دون أن تفه بكلمة و إستدارت لتغادر


لكنها وجدته يعترض طريقها فجأه ..


عثمان بحدة :


-إنتي رايحة فين ؟


سمر بغضب :


-إوعي من قدامي لو سمحت.


قبض "عثمان" علي رسغها بقوة و قال :


-طيب تعالي . تعالي أقعدي و هنتكلم بهدوء.


سمر و هي تحاول سحب يدها من قبضته الفولاذية :


-مافيش كلام بيني و بينك . إنت مش مستقوي بفلوسك و بتدوس عليا أنا و أختي إللي ملهاش ذنب في حاجة ؟ أنا ندمانة إني صدقتك . و إبقي عبيطة لو كررتها تاني .. سيبــــــني بــــــقي !


عثمان بصبر :


-طيب معلش . تعالي . تعالي نتفاهم . هنوصل لإتفاق ماتقلقيش .. تعالي بقي و لو ماتفقناش هسيبك تمشي . وعد.


رمقته بعدائية شديدة ، ثم قالت بحدة :


-سيب إيدي.


إمتثل "عثمان" لطلبها و ترك يدها و لكنه بقي متأهبا لأي ردة فعل قد تصدر عنها ..


بينما عادت "سمر" و جلست بمكانها علي مضض و هي تتحاشي النظر إليه


-تمام . ممكن بقي أسمع طلباتك ؟ لو كان ليكي طلبات ! .. قالها "عثمان" و هو يجلس قبالتها مرة أخري


-أنا ماليش طلبات .. ردت "سمر" بإقتضاب ، فإنفعل رغما عنه و قال :


-أومال إنتي جاية ليه ؟؟؟


نظرت له بصدمة ، فزم شفتاه بنفاذ صبر و قال :


-سمر . أنا واضح معاكي . من فضلك خليكي واضحة معايا إنتي كمان.


سمر ... بعد صمت :


-طيب . هكون واضحة .. أنا مش هعمل حاجة في الحرام.


عثمان بحدة :


-و أنا قولتلك أنا مش بتاع جواز . أنا جربت الجواز مرة و مش ناوي أعيد التجربة تاني علي الأقل دلوقتي.


سمر بإصرار :


-و أنا مستحيل أسلمك نفسي منغير جواز . لو هموت أنا و أختي .. مش هغضب ربنا و أخسر نفسي عشانك أو عشان فلوسك.


و كادت تقوم من أمامه مرة أخري ، ليمد يده بسرعة و يمسك بيدها يجمدها بمكانها ..


-أقعدي مكانك ! .. هتف بغضب ، ثم قال علي مضض :


-خلاص ... هتجوزك عرفي.


-إنت بتقول إيـ آاا ..


-هو ده إللي عندي .. قاطعها بحزم ، ثم قال بصرامة :


-إنتي عايزة جواز . تمام . بس هو ده الجواز إللي أنا أعرفه حاليا و مش هتكوني بتعملي حاجة في الحرام كمان . أظن كده أنا قدمت تنازلات جامدة .. الدور عليكي.


ضمت حاجبيها بتفكير ، تشعر بالحيرة ..


هل هذا يسمي زواجا ؟ هل ستكون آثمة إذا قبلت الزواج منه بهذه الطريقة ؟؟؟؟


إذا رفضت ستكون الخسائر جسيمة أيضا ، و أكبر الخسائر "ملك" .. لن تتحمل خسارتها أبدا


ربما تتحمل خسارة نفسها ، و لكن "ملك" ... مستحيل !!!


-ها قولتي إيه ؟؟؟ .. إنتبهت علي صوته ، لتتظر إليه بصمت


تململ "عثمان" بعصبية خفيفة و هو ينتظر ردها ، بينما حدقت فيه بتركيز ... ثم قالت :


-موافقة !


برقت في عيناه نظرة إنتصار خبأها بسرعة و قال برصانة :


-حلو .. كده نبقي متفقين . و أخيرا وصلنا لإتفاق .. ثم أكمل بجدية و هو يخرج هاتفهه من جيبه :


-أنا هكلم المحامي بتاعي دلوقتي عشان يجهزلنا العقد.


سمر و هي تزدرد ريقها بتوتر :


-دلوقتي ؟ قصدك الموضوع هيتم دلوقتي ؟!


-أه طبعا . هنتجوز إنهاردة.


-بسرعة أوي كده ؟ .. تمتمت "سمر" بخفوت ، إلا أنه سمعها و قال و هو يقلب بالهاتف :


-و إيه إللي يخلينا نستنا ؟ طالما إتفقنا و كله تمام . مافيش داعي للتأخير . أنا إستنيت بما فيه الكفاية.


و لم يتسني لها الكلام مجددا ..


إذ وضع الهاتف علي أذنه و إنتظر للحظات ، ثم بدأ بمكالمته ..


إستغرق بضعة دقائق ، تحدث خلالهم برسمية مع المحامي الخاص به


إتفقا علي كل شئ ، و أعطاه "عثمان" ميعادا بعد نصف ساعة ..


أقفل الخط ، ثم نظر إلي "سمر" و قال بحماسة :


-نص ساعة و المحامي هيكون هنا . يعني ممكن نقول كمان ساعة بالظبط و هتبقي مراتي.


إبتسمت "سمر" بسخرية من جملته الأخيرة و أشاحت عنه بوجهها ..


-إيه إنتي مش مبسوطة و لا إيه ؟! ..قالها "عثمان" بتساؤل ، لتقابله "سمر" بالصمت


-عموما سيبيها عليا . أنا هعرف أبسطك كويس أوي .. ثم أكمل بإبتسامة خبيثة :


-هنقضي أول ليلة سوا علي اليخت بتاعي . هلففك إسكندرية كلها إنهاردة.


و هنا نظرت "سمر" إليه و صاحت :


-إنهاردة ؟ لأ . لأ مش هاروح معاك لأي مكان إنهاردة !


عثمان بحدة :


-و ده ليه بقي ؟!


-إنت فاكر إني ممكن أقابلك بسهولة ؟ و أضافت بمقت :


-أنا ليا حدود في كل حاجة بعملها . و كمان عندي بيت و أخ مسؤولة عنه و مسؤول عني.


تنهد "عثمان" ثم قال بفتور :


-خلاص .. يبقي بكره . هستناكي بكره يا سمر !!!



                الفصل الحادى والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>