في إحدى ضواحي القاهرة الكُبرى بحي السيدة زينب، وقد تراصت البيوت متجاورة، منهم بيت كله ألفة وطمأنينة، به جيران يقتدون بحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره..."
في الطابق الثالث امرأة وقورة هادئة الطباع ذات بشرة بيضاء وعينين خضراوين، في الخمسين من عمرها على رأسها إيشارب صغير يُظهر بعض خصلات شعرها البيضاء، تبدو على ملامحها الطيبة وترتسم على وجهها بعض التجاعيد، كل من رآها شعر بالبهجة..
إنها زينب أم لثلاثة أبناء: علي وزياد وحسناء..
كانت قلقة جدًا على حسناء التي خرجت إلى الكلية من الثامنة صباحًا ولم تَعُد حتى الخامسة مساءً..!
أمسكت زينب بالهاتف في محاولة للاتصال بها؛ لكن ما زال الرقم مغلقًا!!!
تمتمت بقلق محدثة نفسها: "يا رب أعمل إيه دلوقتي؟! رقمها مقفول واتأخرت، يا رب سلم"..
بعد مرور عدة دقائق وصلت حسناء، نظرت إليها معاتبة واكتفت بالصمت، فنظرت إليها حسناء من وراء الباب بابتسامة قائلة: "إيه بتبصيلي كده ليه؟!! الموبايل فصل شحن والمحاضرات خلصتْ متأخر كنت هعمل إيه يعني؟!!
والدتها بتكشيرة: "كنت اتصلي من تليفون مها صحبتك طمنيني عليك بدل ما أنا قاعدة قلقانة وخايفة عليك!!"
هزت رأسها قائلة: "خايفة من إيه بس يا ماما؛ هتخطف يعني؟! وبعدين أنا مبحبش كده يا ماما لازم تكوني واثقة فيا شوية!!"
والدتها بجدية: "يا حبيبتي؛ إيه جاب الثقة للقلق والخوف عليك؟!! أنتِ ما بتسمعيش يعني عن حالات الخطف؟!!"
ابتسمت ثم قالت بدلال: "أنا مش حلوة أوي كده يا ماما عشان اتخطف!!"
والدتها بابتسامة: "ليه؟! ده أنتِ ست البنات؛ كفاية إنك طالعة شبهي عينك خضرا وزي القمر"..
أغمضت عينيها ثم قالت بدلال: "يشرفني طبعًا إني شَبَهِك يا ماما؛ قوليلي بقا هتأكلينا إيه من إيدك الحلوة دي؟! أحسن أنا هموت من الجوع؟!!"
والدتها بابتسامة: "عاملة رز وفراخ وملوخية تاكلي صوابعك وراهم؛ روحي غيري هدومك ونادي على اخواتك على ما أكون حضرت الأكل"..
اقتربت منها وطبعت قبلة على خدها ثم قالت: "حاضر يا حبيبتي يا أحلى ماما في الدنيا..
والدتها بابتسامة: "ماشي يا بكاشة!!!"
************
أمسكت بمقبض الباب المغلق وأدارته بهدوء؛ ثم أدخلت رأسها من وراءه وقالت بابتسامة: "ممكن أدخل؟!!"
علي بابتسامة: "ما أنتِ دخلتِ خلاص؛ راجعة متأخر ليه يا أستاذة؟!!"
حسناء: "كان عندي محاضرات كتيرة أوي، وأختك بأه لازم تحضرهم كلهم!!"
علي بجدية: "طبعًا عايزك تجيبي امتياز السنة دي؛ مفهوم؟!
حسناء بقلق: "يا رب ادعيلي يا علي يا حبيبي؛ يلا قوم بأه عشان ناكل؛ صحيح فين زياد؟!!"
علي: زياد أكيد فاتح الكمبيوتر بيخلص شغل في أوضة المكتب.
حسناء بسخرية: "طيب تعالى نرخم عليه شوية ونشد الفيشة!!"
علي بابتسامة: "هتفضلي دايمًا كده يا حسناء؛ أنتِ وزياد زي القط والفار ..
قالت بسخرية: "ده زياد ده حبيبي..
دلف زياد من الخارج وهو يقول: "سامع اسمي، جايبين في سيرتي ليه؟!
هز علي رأسه نافيًا: "لاء ولا حاجة؛ دي أختك كانت عايزة بس تشد الفيشة بتاعة الكمبيوتر وترخم عليك!!"
حسناء بدلال: "بأه كده يا علي؟! أنتَ تصدق فيا كده بردو يا زياد؟! ده أنا ملاك!!"
زياد بسخرية: "أنتِ ملاك أنتِ؟!
حسناء بتكشيرة: "آه ملاك؛ ويلا بأه ناكل هموت من الجوع, يلا يا ماما تعالي بأه"..
والدتها باستعجال: "حاضر بجيب العيش بس؛ يلا يا ولاد سموا الله وادعوا ربنا يديمها علينا نعمة؛ اللهم احفظها من الزوال يارب"..
علي، زياد، وحسناء مرددين في نفس واحد: "آمين يا رب"..
******************
ظلت تنظر للصورة التي في يدها وقد تساقطت منها الدموع دون أن تشعر، لاحظتها حسناء التي دخلت فجأة إلى غرفة والدتها, نظرت بدهشة قائلة: "ماما مالك يا حبيبتي؟!"
جففت دموعها في سرعة ثم قالت: "مفيش حاجة يا بنتي..
تنهدت بحنق: "أنتِ لسة محتفظة بالصورة دي ليه؟! أنا بكرهه يا ماما مش بحبه، اوعي تبكي عشانه، مفيش راجل يستاهل تبكي عشانه، هو اختار حياته وسابنا ومسألش علينا لحد دلوقتي، بتبكي عليه ليه يا ماما؟!!"
ردت بحزن: "بس يا حبيبتي متقوليش كده، ده مهما كان أبوكِ!!
نظرت وقالت بألم: "هو بس اسمه في البطاقة ورا اسمي، لكن مش أبويا، أنا أبويا مات من وقت ما الرحمة ماتت في قلبه وسابنا، فاهمة يا ماما؟! وأرجوكِ كفاية بأه!!
تنهدت بأسى ثم قالت: "ممكن أطلب منك طلب يا حسناء؟!!
هزت رأسها إيجاباً ثم قالت: "اتفضلي طبعًا يا ماما!!
والدتها: عايزاكي تقرأي سورة الإسراء،ممكن؟
حسناء بدهشة: "حاضر؛ بس ليه السورة دي بالذات؟!"
والدتها بحماس: "لما تقرأيها هتعرفي"..
رفعت حاجبها ثم قالت باستغراب: "حاضر يا ماما, هستأذنك بأه عشان أنام, تصبحي على خير.."
والدتها بابتسامة: "وأنتِ من أهل الجنة يا بنتي"..
******************
(والد حسناء) عبد الرحمن المنياوي معلم لغة عربية.. تركهم بعد أن أحب صديقة زينب، تزوجها وترك البلدة، وترك علي وزياد وحسناء بعد أن اكتشفت زينب خيانته لها هو وصديقتها، ومن حينها لم يعرفوا عنه شيئًا!!!
ما زالتْ تبكي كلما تذكرت زوجها الذي تركها ورحل!!
أما علي كان وقتئذٍ في نهاية المرحلة الثانوية العامة، وفضّلَ أن يترك حلمه، فبعد انتهاء امتحانات الثانوية؛ قرر أن يساعد والدته وإخوته وكافح واجتهد وهو الآن يعمل في شركة كبيرة مُشرف عُمال بفضل مجهوده..
أما زياد فقد كان في عامه الأول من الثانوية العامة، وبفضل الله ثم أخيه علي هو الآن مهندس وحقق حلم علي..
أما حسناء فهي الآن في الفرقة الثالثة في كلية التربية، واستمرتْ الحياة بعد فقدان الأب وحرمانهم من عطفه وحنانه؛ ولكن ولّدت بعض الكراهية في قلب علي وزياد وبـالأخص حسناء تجاه والدهم..
أما زينب فقد كانت الأم والأب بالنسبة لهم، ويبدو أنها لم تكره زوجها الذي خانها وتركها تتحمل مسؤولية أبنائها الثلاثة!!
******************
في صبيحةِ اليوم التالي؛ فتحت باب الغرفة بهدوء، ثم اتجهت ناحية شباكها المغلق، فتحته، فتسللت أشعة الشمس وأضاءت أرجاء الغرفة، مداعبة وغامزة عين تلك النائمة.
خبأت بيدها عينيها ثم قالت بغيظ وهي تفرك فيهما: "يووه يا ماما بأه!! سيبيني أنام شوية!!!"
والدتها بجدية: "قومي يلا يا حبيبتي؛ هتتأخري عن المحاضرة؛ الساعة بقت تمنية!!"
نهضت مسرعة: "ياه؛ أنا اتأخرت أوي يا ماما؛ عندي محاضرة حالاً؛ ليه ماصحتنيش بدري بس؟!"
والدتها بهدوء: "متقلقيش يا حبيبتي؛ يلا بس بسرعة اتوضي والبسي وصلِّي ركعتين ورُوحي على كليتك؛ وقبل ما تدخلي المحاضرة قولي الدعاء ده: "اللهم اكفينهم بما شئت وكيفما شئت."..
هزت رأسها بقلق: "حاضر يا ماما؛ بس يا رب افتكر الدعاء"..
والدتها بابتسامة: "هتفتكريه بإذن الله".
_______________________________________
صل الله وسلم على سيدنا محمد
لا اله الا الله
سبحان الله
الحمدلله
الفصل الثاني
في الحرم الجامعي؛ تمتمت محدثة نفسها بصوت خافت:
-يا رب الدكتور ما يزعقش، أيوة؛ هي ماما قالتلي أقول إيه؟ دعاء إيه؟!! نسيت؟!! لا يا حسناء افتكري، آآآه صح؛ اللهم اكفينهم بما شئت وكيفما شئت..
دخلت السيكشن مسرعة ولكنها لاحظت عدم وجود الدكتور، لأنه لم يحضر بعد!!
نظرت إلى زميلتها وابتسمت قائلة: "لو سمحتِ؛ هو الدكتور اتأخر ليه؟!"
زميلتها بابتسامة: "نادوا في الميكرفون إن الدكتور هيتأخر شوية"..
- بجد؟! طيب الحمد لله..
بصوت خافت: "ربنا يخليكي يا بركة يا أمي؛ ده أنا هحفظ الدعاء ده واقوله على طول"..
قطع حبل أفكارها شاب قد اقترب منها قائلا: "في حد قاعد هنا يا آنسة؟!"
عقدت حاجبيها ثم قالت بحنق: "يعني هو مفيش مكان في
السيكشن غير هنا.؟! ما الأماكن فاضية اهو!!!
تضرج وجه الشاب وقال: "آسف؛ بس أنا بحب أقعد في المكان ده كل محاضرة!!"
حسناء: "أول مرة أعرف إن الأماكن بالحجز؛ على أساس إنه أتوبيس حضرتك؟!!"
التفت الشاب للخلف وهو يقول بضيق: "آسف لحضرتِك!!"
ثم ذهب وجلس في مكان آخر ولكن بحرج شديد..
زفرت بملل: "هو إيه ده؟! ما كان من الأول!!!"
وصلت صديقتها مها فابتسمت وقالت: "صباح الخير يا سمسمتي.".
حسناء بابتسامة: "أنتِ اتأخرتي كده ليه يا بنتي؟! أنا قلت إنك مش جاية!!"
مها بضيق: "معلش يا بنتي المواصلات زحمة؛ ده أنا جاية وخايفة الدكتور يكون وصل!!"
هزت رأسها بالنفي: "لاء قالوا إنه هيتأخر شوية؛ تلاقي عربيته انفجرت ولا حاجة وجاي ماشي على رجله..!"
ضحكت قائلة: "حرام عليكِ, ده أنتِ مشكلة!!!"
بعد قليل من الوقت وصل الدكتور، و بعد انتهاء المحاضرة على خير، ذهبتا إلى كافتيريا الجامعة..
رأت الشاب يجلس بجانبهما، فزفرت بضيق ثم نظرت لمها وقالت: "إيه ده هو الشاب ده ورايا ورايا؟!!"
نظر الشاب لحسناء بحنق ولف وجهه للناحية الأخرى؛ قالت مها معاتبة: "ده شاب كويس ومحترم يا بنتي، ليه بتقولي كده؟!"
قالت بدهشة: "إزاي؟! ده جه وقالي في السيكشن إنه عايز يقعد جنبي!!!"
هزت رأسها نافية: "لاء يا سمسمة؛ الكل عارف إن الشاب ده نظره ضعيف وكل محاضرة بيحب يقعد في الأول عشان يشوف كويس!!"
قالت بتأنيب ضمير: "يا نهار أبيض؛ وأنا كنت قليلة الذوق معاه أوي!!!!"
مها بتكشيرة: "ما ينفعش كده يا حسناء؛ لازم تعاملي الناس بحسن خلق أنا لسة كنت بقرأ حديث امبارح جميل أوي"..
قالت باهتمام: "بيقول إيه الحديث ده؟!"
-قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن."..
عقدت حاجبيها: "صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، اعمليلي فيها مُصلحة اجتماعية بأه, بس بجد أنا يا مها بتعامل كويس مع الناس؛ هو موقف وحصل بأه هعمل إيه يعني؟!!"
مها بجدية: "لا مش مُصلحة ولا حاجة؛ أنا عشان بحبك بنصحك, وعلى العموم خلاص حصل خير واهو أنتِ عِرفتِ اهو عشان المحاضرات الجاية تبقي واخدة بالك!!"
ردت بضحكة شريرة: "انصحي نفسك يا أختي, وبعدين هو أنا لسة هستنى المحاضرات الجاية؟!! أنا هقوم اعتذرله!!"
نهضت متجهة نحو الشاب: "لو سمحت!"
نظر لها الشاب باستغراب قائلًا: "نعم؟ في حاجة يا آنسة.؟!"
حسناء بخجل: "أنا آسفة جدًا؛ ما كنتش أعرف إن نظرك ضعيف و......"
امتقع وجه الشاب؛ استكملت كلامها بارتباك: "مش قصدي والله؛ على العموم أنا متأسفة لحضرتك جدًا!!!"
ذهبت مسرعة وأخذت حقيبتها وقالت لمها: "يلا بينا نمشي!!!"
مها بدهشة: "إيه يا بنتي مالك؟! هو إيه اللي حصل؟!!"
ردت بضيق: "جيت أكحلها عميتها"..
استوقفتها مها؛ ثم قالت بجدية: "استني بس ماشية بسرعة كده ليه.؟! فهميني في إيه.؟!!"
وقفت وزفرت بضيق: "قلتله مكنتش أعرف؛ إن نظرك ضعيف!!!"
انفجرت مها بالضحك: "يا مجنونة!!!"
كتمت غيظها قليلاً، ثم انفجرت ضاحكة هي الأخرى: "بس بأه يا مها؛ بجد اتكسفت جدًا".
قالت بجدية: "أنا لو من الشاب ده؛ كنت مسكت الزهرية اللي قدامه وحدفتك بيها!!!"
حسناء بتكشيرة: "يا سلام يا أختي؛ على العموم حصل خير؛ هعمل إيه يعني.؟! ما أنا ما بعرفش اتعامل مع شباب خالص؛ بحدف طوب لو كلمت حد!!!"
مها بابتسامة: "خلاص معلش حبيبتي؛ أديكي اتعلمتي درس إنك دايمًا نيتك تبقى حسنة وتقدري ظروف الناس!!!"
ضغطت على أسنانها بغيظ: "هنرجع لكلام المصلحة الاجتماعية اهو!!!"
مها بضحكة: "خلاص يا ستي, يلا بأه نروح اتأخرنا!!!"
حسناء: "ماشي؛ أشوفك يوم الأحد بإذن الله؛ هتوحشيني يا ميهو!!"
مها بابتسامة: "وأنتِ كمان يا سمسمتي؛ مع السلامة!!"
******************
بداخل غرفة علي وزياد؛ قال وهو مغمض العينين: "عارف نفسي في إيه يا عليوة؟!"
التفت له باهتمام قائلا: "أكيد بسبوسة؛ عارفك طفس!!!"
ابتسم بغيظ: "لا بجد؛ نفسي أسافر, واشتغل, ويبقى معايا فلوس كتير أوي!!"
اعتدل علي في جلسته ثم قال: "اللهم ارزقنا الحلال رزقًا طيبًا مباركًا فيه؛ يا زيزو قول الحمد لله؛ احنا أحسن من غيرنا كتير!!"
زياد بجدية: "الحمد لله, أنت فهمتني غلط يا عم؛ اسمعني بس للآخر!!"
هز رأسه قائلا: "اتفضل ارغي وصدعني!!"
تنهد بقوة قائلاً: "نفسي أشتري بيت كبير؛ كل واحد فينا يبقى له شقة؛ أنا وأنتَ وماما؛ وحسناء تبقى عايشة معانا؛ نفسي ما نبعدش عن بعض أبدًا؛ حتى لما حسناء تتجوز تبقى معانا في نفس البيت وما تبعدش وتبقى وسطنا!!"
علي بابتسامة: "ربنا ينولك اللي في بالك؛ كفاية إنك ما فكرتش في نفسك؛ افتكرتنا معاك؛ تشكر يا عم!!"
زياد بحنان: "ده أنا أنسى نفسي وافتكرك يا علي؛ كفاية إني بقيت مهندس بسببك؛ جميلك ده فوق راسي!!"
قال بعتاب: "جميل إيه بس يا زياد؟! أنت أخويا ومفيش بينا جمايل بطل هبل بأه وتخاريف"..
زياد بجدية: "استنى يا عم أنت, لسة هكملك أنا نفسي في إيه كمان!!"
أطاح بالوسادة في وجه زياد: "لا كده كتير أوي؛ امشي يلا من هنا!!"
ضحك زياد وأمسك بالوسادة: "أقوم فين يا عم؟! ده سريري؛ امشي أنت على سريرك!!"
ضرب رأسه بيده؛ وهو يقول: "آآآه صحيح!!!"
ثم نهض وجلس على سريره وهو يقول: "بتطردني من سريرك؟! دي آخرتها؟!!"
قهقه بصوت عالٍ: "أيوة؛ إذا كان عاجبك واطفي النور يلا, عشان أنام!!!"
أومأ برأسه إيجابًا: "عاجبني يا سيدي!!"
ثم ضغط على زر الكهرباء وأطفأ النور وذهب إلى سريره..
******************
ويأتي الصباح بنور يبعث بالتفاؤل؛ وبعد الظهيرة نهضت حسناء من نومها؛ وقتئذٍ طلبت والدتها التحدث معها في أمرِ هامٍ!
الفصل الثالث
ذهبت حسناء إلى غرفة والدتها وهي تتمتم محدثة نفسها: يا ترى ماما عايزاني في إيه؟!!!
حسناء بتوتر: "نعم يا ماما؛ خير يا حبيبتي؟!!!"
والدتها بابتسامة: "خير يا بنتي إن شاء الله؛ عايزة أتكلم معاكي شوية!!"
أخفت قلقها بابتسامة: "اتفضلي ياماما؛ كلي آذانٌ صاغية"..
تبسمت قائلة: "بصي يا بنتي أنتِ دلوقتي كبرتِ ومينفعش تفضلي تلبسي بناطيل كده حتى لو كنتِ بتلبسي طويل عليهم مينفعش بردو؛ وأخوكِ علي كلمني أكتر من مرة إني أتكلم معاكي ومحبش يتكلم هو معاكي عشان مَتزعليش منه".
استكملت كلامها بتنهيدة: "وكمان يا حبيبتي ربنا ـ عزَّ وجلّ َـ نهى أمهات المؤمنين عن ذلك بقوله: "وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى". "
نظرت لها وابتسمت قائلة: "هفهمك أكتر؛ كان في أيام الجاهلية الأولى قبل مبعث النبي ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ كانت المرأة بتخرج أمام الرجال مبدية لنحرها ويخرج شيء من شعرها، فنهى الله عز وجل أمهات المؤمنين عن هذا التكشف, عشان كده عايزاكي يا بنتي تلتزمي باللباس الشرعي لباس التقوى والحياء والأخلاق".
ردت باندفاع: "يا ماما أنا اتعودت عليهم وأنتِ عارفة المواصلات والجامعة مش برتاح إلا فيهم ولو لبست جيبة أو فستان مش هعرف أمشي فيهم وممكن أتكعبل وأقعْ!!"
ربتت على كتفها: "يا حبيبتي أنتِ كل حاجة صعبة عليكِ بتعمليها عشان ترضي ربنا هتحتسبيها لله وربنا ساعتها هيعينك ويحببك كمان في اللبس الواسع"..
تنهدت بقوة: "يا ماما كلامك جميل ومضبوط بس الكلام سهل لكن الفعل صعب؛ ادعيلي يا أمي بالهداية وإني أغيَّر من نفسي وأقدر آخد الخطوة دي!!"
هزت رأسها بحزن: "مش هضغط عليكِ؛ بس عايزاكي تعرفي عشان ترضي ربنا لازم يكون من جواكي أنتِ الأول إنك تتغيري وربنا يهديكِ يا بنتي".
ظهر على ملامح وجهها الحزن، ثم وقفت وقالت: "يا رب يا ماما هستأذنك بأه هدخل أذاكر شوية على ما زياد يخلص شغله على الكمبيوتر عشان أفتح نت شوية!!"
زينب بابتسامة: "اتفضلي يا بنتي بس ما تطوليش عشان تنامي بدري!!"
عقدت حاجبيها: "أنتِ نسيتِ ولا إيه يا ماما.؟! بكرة السبت ما عنديش محاضرات يعني أسهر براحتي!!"
زينب بابتسامة عريضة: "ماشي يا لمضة".
******************
لاحظ علي خروج حسناء من غرفة والدته فذهب مسرعًا إليها، ثم قال بقلق: "ها يا أمي كلمتِ حسناء؟!"
تبسمت بحزن: "أيوة يا ابني؛ اتكلمت معاها ولازم نصبر عليها ما ينفعش تلبس حاجة مش مقتنعة بيها لازم تقتنع عشان تآخد الثواب كامل؛ وأنا بكلمها ومرة على مرة هي هتتغير ادعيلها انت بس بالهداية!!"
علي بتكشيرة ظهرت على وجهه: "ماشي يا أمي ربنا يهديها، أنا عارف حسناء مؤدبة وبتراعي ربنا ومش بتحاول تزعلك أبدًا وعشان كده يا ريت كل فترة تكلميها وبإذن الله تسمع كلامك".
أومأت برأسها إيجابًا: "إن شاء الله يا ابني, ربنا يهدينا جميعا".
انحنى وطبع قبلة على يدها ثم قال: "آمين يا رب؛ ويبارك فيكِ ويحفظك لينا يا أمي"..
والدته بابتسامة: "ربنا يسترك دنيا وآخرة يا حبيبي"..
تنهد بفرح: "أجمل دعوة والله يا أمي؛ ربنا ما يحرمنيش منك أبداً."
والدته: "يا رب ويخليكم ليا ويسعدكم يا رب!!!"
******************
خطت بهدوء ثم قالت بصوت خافت: "زياد محتاجة الكمبيوتر شوية، ممكن؟!"
التفت إليها مبتسمًا ثم عقد حاجبيه قائلاً: "إيه الأدب ده كله.؟! عشان بس عايزة حاجة، إنما لو أنا اللي بطلب منك حاجة تذليني..
زفرت بضيق: "يلا بأه قوم بطل رخامة".
ابتسم بسخرية: لا مش ممكن".
ضغطت على أسنانها بغيظ: "بقالي كتير ما فتحتش فيس بوك عايزة أبص بصة سريعة قبل ما أدخل أنام!!"
قهقه بسخرية: "بصة سريعة بردو؟! أنتِ فاكراني نسيت الإسبوع اللي فات لما فضلتِ قاعدة لحد الفجر.؟!!"
هزت رأسها يمينًا ويسارًا: "النهاردة الجمعة يا ناس، ده اليوم الوحيد اللي بفتح فيه نت وأنت مستولي على الكمبيوتر على طول يلا قوم بأه".
نهض وهو يبتسم قائلاً: "ماشي افتكري بس الجمايل دي!!"
تبسمت قائلة: "ماشي هافتكرها!"
نظر إليها بجدية قائلا: "ها قوليلي عاملة إيه في الكلية؟!! في حاجة واقفة قدامك أفهمهالك؟!!"
ضحكت بسخرية: "أنتَ اللي هتفهمني؟!! ده عشان أشيل المادة.؟!! لاء متشكرة أوي!!!"
زياد بغيظ: "ماشي ابقي تعالي بأه اتحايلي عليا زي كل سنة وقت الامتحانات عشان أفهِّمك حاجة!!!"
حسناء: "لا يا أخويا شكرًا؛ عندي مها حبيبتي بتفهمني أي حاجة أقف فيها!!!"
زياد بسخرية: "يا ريتك تبقي زي مها وفي ذكائها إنما هقول إيه بأه؟!!"
ضحكت حسناء بِشدة وغمزت له قائلة: "مين يشهد للعروسة.؟! وبعدين أنتَ عرفتْ منين بأه إنها ذكية؟!!!"
زياد بارتباك: "أنتِ مش بتقولي بتفهِّمك؟! تبقى ذكية وبتفهم!!"
حسناء بمكر: طآه طيب, يلا بأه امشي عطلتني كتير كده".
زياد بضحكة: "ماشي يا سوسة!!!"
خرج زياد، والتفتت حسناء لشاشة الكمبيوتر وبدأتْ تفتح صفحتها على الفيس بوك التي تسمى باسم حسناء المنياوي تسرد فيها الشعر وبعض من خواطر تكتبها..
بدأت تكتب:
< حقك عليا..
لو كنت في يوم مرة ضايقتك
أو جيت عليكِ ووجعت قلبك
أو في مرة نزلت دموعك
باعتذرلك..
آه باعتذر لأني ضَايقتك
حَقك عليا يا أغلى مني
أنتِ حبيبتي وجوا قلبي
بَرَاضِيكي أُمي لأنَكَ حَبيبتي
في زَعلي وَفرحي وَوقت ضيقتي
بَس بَرَدُو أعذريني!!
لَوْ قَصرت في يَوْمَ معاكي
أَوَعَي تَبكي هتبكي عيِني
أوعديني ضَحكتك تسمعيني
لأني بحبك بتمنى رضَاكِ
حقك عليا يا حتة مَنِي
يا اللي ما ليش في الدُنيا غيرك >
بعد انتهائها دخلت بريد الرسائل ترد على رسائل أصدقائها وفجأة انطلق صوت إشعار معلنا قدوم رسالة!!
الاسم (توبة رجل) أما صورة البروفايل رجل يبكي!!
تمتمت محدثة نفسها: إيه الرسالة دي؟! أما أفتح أشوف مكتوب فيها إيه!!!
(قرأت الرسالة وعقدت حاجبيها باستغراب شديد)
توبة رجل: كنت حابب أعبر لك عن إعجابي الشَديد بكلماتك الرائعة عن والدتك وأكيد هي تستاهل كل كلمة كتبتيها لها، أتمنالك مزيدًا من التفوق وشكرًا...!
(زي كل مرة هتتجاهل حسناء الرسالة لأنه الظاهر ما أخدش بَاله إنها كاتبة في الأستيتيوس: لا للدردشة!!!)
أغلقت حسناء الكمبيوتر ولحظات وأذن المؤذن لصلاة الفجر..
حسناء بارتياح: "يا الله صوت المؤذن ده جميل أوي ما شاء الله, هقوم أصحي ماما وعلي وزياد واتوضى وأصلي الفجر وأبقى أقول الأذكار وأنام على طول".
استيقظ علي وزياد وتوضآ وذهبا إلى المسجد أما زينب وحسناء فقد استعدتا للصلاة..
كان المسجد قريبًا من المنزل وصوت إمام المسجد تسمعه زينب وحسناء جيدًا..
و نظراً لصوته الجميل في تلاوة القرآن الكريم لفتَ انتباه حسناء..
بدأ بفاتحة الكتاب ثم قرأ ما تيسر من القرآن من سورة النور..
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
بعد انتهاء الإمام من قراءته دخلت حسناء في الصلاة.. وكل ما كانت تدعو به في سجودها دعوتين لأنها دائمًا تشعر بالتقصير..
(اللهم اغفر تقصيري؛ اللهم ردني إليك ردًا جميلًا.)
كانت ترددهما دائمًا؛ وبعد أن انتهتْ من صلاة الفجر؛ قالت: "تقبل الله يا ماما, بعد إذنك بأه هروح أنام تصبحي على خير!!"
والدتها بابتسامة: "مِنَّا ومِنكم يا بنتي, وأنتِ من أهل الجنة".
تمتمت زينب محدثه نفسها: "سبحان الله كأن الإمام بيوجه الآية لحسناء بطريقة غير مباشرة".
دخلت حسناء غرفتها وأمسكت المصحف وقرأت ما تيسر من القرآن وعندما انتهت رددتْ أذكار الصباح إلى أن غفت عيناها ثم غطت في النوم.
******************
______________________________________________
استغفر الله
الله اكبر
الحمدلله
الفصل الرابع
رأته في منامها يبكي جالساً على كرسي متحرك يمد يده إليها وينادي عليها: (ساعديني أرجوكِ.)
نظرت له والشرر يتطاير من عينيها ثم التفتت وقالت: "لو آخر واحد في الدنيا مش هاساعدك.!!"
ثم تركته وذهبت..
استيقظت من نومها تبكي بشدة ولأن الساعة كانت التاسعة صباحا وكان يسكن المكان هدوء سمعت بكائها والدتها..
دخلت بلهفة ثم قالت بقلق: "خير يا رب مالك يا بنتي بتبكي ليه؟!"
تنهدت بقوة وهي تبكي: "بقالي كتير مش حلمت بيه يا ماما.!"
والدتها بدهشة: "هو مين ده يا بنتي؟!!"
حسناء: "الراجل اللي سابنا ومشى"..
والدتها بعتاب: "اسمه بابا يا حسناء."
ردت بحنق: "مش باقدر أنطقها يا ماما لما سابني وأنا صغيرة حسيت إني بقيت يتيمة، لما كنت باروح المدرسة وأشوف كل بنت ماسكة في إيد أبوها أحزن وكنت باعيط بحرقة حسيت بوحدة جوايا، إحساس الأبوة ده معرفوش لأني ما حستوش".
تساقطت دموع والدتها واحتضنت ابنتها بشدة.
التقطت حسناء أنفاسها واستكملت كلامها: "عارفة يا ماما شوفته قاعد على كرسي متحرك وبيمد إيده ليا وبيقولي ساعديني وأنا سبته ومشيت يا ماما"..
قُبض قلب زينب على زوجها الذي لم تنسَ حبه قط ثم قالت بقلق: "خير يا رب أبوكِ في محنة ربنا يستر" ..
نظرت لها بغيظ: "ياااااه؛ يا ماما بعد كل اللي عمله فيكِ ده ولسة بتحبيه وتدعيله.؟!!"
تنهدت بأسى وقالت: "اللي بيحب حد حب حقيقي مهما يعمل فيه مبيقدرش يكرهه ولا ينساه بيفضل يفتكر له كل حاجة حلوة"..
حسناء بابتسامة: "يا ريتني يا ماما عندي قلبك وطيبتك"..
ربتت على كتفها وقالت: "أنتِ طيبة يا حسناء بس عيبك إنك مش بتقدري تسامحي اللي ظلمك؛ لو قدرتِ تسامحي هيبقى قلبك أبيض بلون اللبن".
ابتسمت بحزن وقالت: "فاكرة يا ماما العصافير اللي كانت عندنا لما جبهالي في عيد ميلادي.؟! فاكرة لما كنت مش بطول أحط لهم الأكل وأنتِ كنتِ بتاخدي مني الأكل تحطيه لهم وأقولك اقفلي عليهم أوي يا ماما أحسن يطيروا.؟!"
تنهدت واستكملت حسناء كلماتها ودموعها تنهمر: "وفاكرة لما كنت في يوم صاحية بدري ولقيت العصفورة واقفة على الأرض وجريت عليه أصحيه وقام مفزوع وفضل يجري لحد ما مسكها وحطها في القفص.؟! كان هو اللي بيدفيني وفجأة سحب مني الغطا وسابني بترعش.!"
احتضنتها والدتها وربتت على أكتافها: "سامحيني يا بنتي مقدرتش أدفيكي"..
حسناء بفزع: "لا يا أمي أنتِ لما اترعشت غطيتيني بحضنك الدافي وحنانك ملا حياتي ومكفيني ربنا ميحرمنيش منك يا طيبة"..
نزلت عبرة على خديها فمسحتها وقالت: "ربنا رحيم بعباده يا بنتي, قوليلي أنتِ قرأتِ سورة الإسراء زي ما طلبت منك ولا لسة؟"
حسناء بخجل: "بصراحة لسة والله يا ماما نسيت سامحيني هقوم أتوضى وأصلي الضحى وأقرأها"..
والدتها بابتسامة: "ربنا يتقبل يا بنتي، على ما تخلصي أكون حضرت الفطار وتعالي نفطر سوا"..
قبلتها حسناء من يدها وقالت: "ربنا يخليكِ يا أطيب أم في الدُنيا"..
******************
تمتمت محدثة نفسها: نفسي أشوفه تاني؛ طب ما أنا أروح عند حسناء أتحجج بأي حاجة ويارب يكون هناك وأشوفه؛ هو أنا حبيته ولا إيه.؟! أنا باين اتجننت وبكلم نفسي كمان؛ واتجننت ليه هو أنا هكلمه.؟! أنا الحمد لله براعي ربنا ومنتظرة الحب الحلال؛ يا رب تكون حلالي يا زياد وأكون زوجتك؛ ياااااه دا حلم بعيد أوي؛ طب وبعيد ليه.؟! ربنا قال ادعوني أستجب لكم؛ هفضل أدعيلك ليل ونهار يا رب تجمعني بزياد في الحلال..
أنا هقوم ألبس وأروح لحسناء بأه.!
***********
فرك عينيه وهو يتثاءب: "صباح الخير يا أجمل وأحن أم في الدنيا"..
والدته بابتسامة: "صباح الهنا؛ أنت مش نازل شغلك ولا إيه؟
زياد: "لا أجازة؛ أصلي باخلص شوية حاجات كده؛ ادعيلي يا أمي ربنا يسهل أموري"..
والدته: "ربنا يصلح حالك ويسهلك أمورك؛ بس أوراق إيه دي اللي بتخلصها؟!"
زياد بجدية: "أوعدك يا أمي أول لما تخلص ويجيلي الرد هقولك على طوووول"..
والدته باستغراب: "كده يا زياد بتخبي عليا.؟! ده أنت عمرك ما عملتها"..
انحنى وقبل يدها: "أبداً والله يا ماما ده أنا عايز أعملها مفاجئة ليكِ"..
ارتسمت ضحكة على شفَتيها: "لا خلاص طالما ده قصدك يبقى سماح"..
قال بحب: "ربنا يخليكِ يا رب؛ هروح آخد دش سريع كده على ما الفطار يجهز"..
والدته: "ما تتأخرش عشان قربت أخلص والفطار ما يبردش"..
زياد: "ماشي يا حبيبتي"..
******************
انتهت حسناء من صلاة الضُحى وأمسكت بالمصحف وبحثت في الفهرس عن سورة الإسراء..
بدأت في القراءة إلى أن وصلت لقراءة هذه الآيات التي تحثنا على بر الوالدين..
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)".
توقفت حسناء عن القراءة تكلم نفسها: "يا رب اهديني إلى ما تحبه وترضاه، رسالتك وصلت يا أمي بس للأسف مش قادرة أنسى، أصل ببساطة كده أسامحه بعد اللي عمله ده كله إزاي يعني؟!"
انطلق جرس الباب معلنا قدوم أحدهم..
والدتها بصوت عالٍ: "شوفي مين يا حسناء؟"
حسناء: "حاضر يا ماما"..
نهضت كي تفتح الباب وقبل أن تصل أوقفها زياد وقال: "خليكي أنتِ يا سمسمة أحسن يكون حد غريب يلا ادخلي جوا على ما أشوف مين".
ذهب زياد كي يفتح الباب وهذا لحسن حظه؛ كان حقاً يتمنى أن يراها؛ مد يده وفتح الباب فقد ظهرت من وراءه.
