رواية المنتقبة الحسناء الفصل الخامس والعشرون والسادس والعشرون بقلم شيماء عفيفي


 الله اكبر
رواية المنتقبة الحسناء 

الخامس والعشرون والسادس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

(أنصحك تكتبي عن حسن الخلق وتقتدي به؛ وتعرفي تتعاملي مع الناس باحترام؛ ما ينفعش تكتبي كلام جميل زي ده وأنتِ بتتعاملي مع غيرك بكبرياء وغرور.)

قرأت في ذهول ثم حدثت نفسها: "إيه التعليق ده؟!! ومين حسام نور الدين ده؟!! ده بيتكلم كأنه يعرفني؛ أما أكبر صورة بروفيله دي, تقريبا حاطط صورته".

استكملت كلماتها بدهشة واتسعت عيناها: افتكري يا حسناء شفتِ الشكل ده فين, مش غريب عليا خالص! يا ترى شفته فين؟!! آآآه؛ ده زميلي في الكلية اللي حصل معاه الموقف إياه لما قلتله ما كنتش أعرف إن نظرك ضعيف؛ يا نهار أبيض حقه والله ياخد عني الفكرة دي؛ طب أرد عليه ولا أعمل إيه؟!! مش متعودة أرد على شباب كتير؛ أنا جاتلي فكرة أكتب مقولة صغيرة كده عن حسن الخلق وفيها اعتذار غير مباشر وهو يفهمه لوحده؛ طب أكتب إيه؟!! أنا الكلمات كلها اتمسحت من عقلي بسبب تعليقة ده؛ يا الله؛ اللهم ألهمني رشدي وأعوذ بك من شر نفسي.

بدأت تكتب حسناء على صفحتها بكل ثقة:

<البنت المسلمة هي اللي بتصنع من نفسها عزة نفس وكرامة؛ هي اللي بتفضل غالية بحجابها اللي بيتوج راسها؛ هي اللي بتواضعها بتخلي الكل يحبها لأنها بتحافظ على قلبها ما يدخلش فيه الغل والكره؛ بتحفظ قلبها وتدخل فيه الحب وتبعد عنه أي كبر وغرور؛ دايما بإسلامها وحبها لله ربنا بيزرع الحب والحنان والطيبة في قلبها الأبيض لأنها حبت غيرها عشان كده ربنا عوضها بحب الناس ليها..

عشان كده لو أي بنت فينا حاسة إن ما فيهاش الصفات والمميزات دي لازم تراجع نفسها؛ مش عيب إننا نغلط العيب إننا نستمر في الغلط؛ خليكي مثل أعلى وقدوة حسنة لأخواتِك وأصدقائك في الله وبنات المسلمين..

أوقات فعلا بنغلط بس أكيد بدون قصد؛ باعتذر لأي إنسان أخطأت في حقه بقصد أو بدون قصد؛ يا رب قدرني أن أكون كما تحب أن أكون.>

بعد أن انتهت حسناء حدثت نفسها: "أعتقد بأه كده رسالتي وصلت لزميلي بطريقة غير مباشرة".

وصل لها إشعار آخر على هذه المقولة...

حسام نور الدين: "مش عيب إننا نعترف بغلطنا؛ الرسالة وصلت، جزاكِ الله خيرا".

تمتمت بابتسامة: "المقولة جابت نتيجة؛ الحمد لله،أما أقفل بأه وأقعد أذاكر شوية على ما مها تيجي"..

******************

محدثا نفسه: "البنت دي فعلا محترمة؛ يعني لو كانت قليلة الذوق زي ما أنا كنت فاكر؛ كانت ردت على تعليقي وحش؛ لكن أسلوبها ده بيقول إنها ما كانتش تقصد إهانتي؛ خلاص بأه يا حسام البنت عملت اللي عليها واعتذرت"..

قالت من وراء ظهره: "يا ترى مين واخد عقلك كده يا سي حسام؟!"

انتبه حسام والتفت إلى أخته وهو يقول بابتسامة: "حسناء"..

ظهرت على ملامحها الدهشة وقالت: "حسناء مين؟!! أنت وقعت ولا إيه؟"

ضحك بصوت عالٍ: "يخرب عقلك؛ وقعت مين يا بنت أنتِ؛ يلا روحي ذاكري؛ ما بقاش فاضل على امتحاناتك إلا أسبوعين وعايزك تجيبي مجموع كبير يدخلك طب إن شاء الله"..

قالت بابتسامة: "قول يا رب وما تضيعش الموضوع؛ مين حسناء دي؟ وعرفتها إزاي بأه؟! وأدي قاعدة مش هاقوم إلا لما تحكي كل حاجة بالتفصيل الممل كمان"..

حسام بحيرة: "فاكرة البنت اللي أهانت كرامتي من فترة لما طلبت إني أقعد مكانها, وكلمتني وحش ساعتها, وبعدين جاتلي الكافيتريا تعتذر؛ أتاريها كانت جاية تتريق عليا؟"

رفعت حاجبها وقالت: "أيوة فاكرة, مالها بأه؟!"

قال بتنهيدة ارتياح: "سألت عليها بنت زميلتنا وقالتلي دي حسناء المنياوي وبصراحة شكرت فيها جدا, وقالتلي إنها عاملة صفحة على الفيس بتكتب فيها خواطر باسمها".

قالت بتعجب: "كمل؛ وبعدين.؟!"

نظرات حيرة ترتسم على وجهه: "بحثت على اسمها وبقيت متابعها على طول؛ هي ما كانتش بتفتح كتير؛ ومن شوية لقتها فتحت وكتبت خاطرة علقت عليها؛ بصي كده علقت قلت إيه"..

تمتمت بصوت خافت ثم نظرت له بجدية: "يا نهار أبيض, أنت أهنتها خالص, ده تلاقيها لما تشوف تعليقك ده هتهزقك وتبهدلك؛ الحق امسح التعليق ده بسرعة"..

قهقه بصوت عالٍ وقال: "بالعكس؛ هي فعلا شافت التعليق ومن احترامها ما ردتش خالص؛ بس نزلت مقولة بعد دقايق من تعليقي وفيها اعتذار لو كانت أساءت لأي إنسان؛ وطبعا أكيد تقصدني!!"

عقدت حاجبيها وقالت بامتنان: "بجد.؟! هو فين كلامها ده.؟! وريهولي كده"..

أشار بالماوس على كلمات حسناء: "أهو يا ستي"..

هزت رأسها وقالت في ثقة: "البنت دي بجد محترمة جدا ما شاء الله عليها؛ ما حبتش ترد على تعليقك وكتبت مقولة وفيها اعتذار غير مباشر؛ برافو عليها"..

حسام بندم: "وأنا اللي كنت ظالمها.!!"

ربتت على كتفه: "ولا ظلم ولا حاجة, ده مجرد سوء تفاهم وراح لحاله بعد اعتذارها؛ كبر دماغك بأه وما تحاولش تضايقها تاني بتعليقاتك"..

حسام بابتسامة: "أكيد هاعمل كده؛ لأنها ما تستاهلش إني أضايقها؛ بصراحة ربنا يجازيها خير ويهديها ويهدينا جميعا"..

******************

-السلام عليكم؛ وحشتيني أوي يا ميهو؛ كده متسأليش بقالك أسبوع.؟!

رق قلبها عندما سمعت صوت زياد؛ ثم قالت بحنين: "وعليكم السلام؛ سيبتك تاخد فرصة تفكر"..

زياد بحزن: "حتى لو كده بردو؛ حتى اطمني عليا.!!"

مها بهدوء: "أنا آسفة جدا؛ والله قلبي كان واجعني عليك جدا؛ بس قلت أنت لما تهدى هتتصل بيا"..

تنهد بقوة وقال: "خلاص حصل خير؛ المهم أنتِ عاملة إيه؟! احكيلي"..

مها بجدية:"الحمدلله؛ قولي فكرت وأخدت قرار ولا لسة؟

همس بصوت خافت: "مش هاقولك إلا لما تفكي التكشيرة دي"..

مها بابتسامة: "يلا قول بأه؛ ده أنا عندي ليك كام مفاجئة جميلة جدا؛ بس مش هاقول إلا لما تقول أنت الأول"..

زياد بابتسامة وجدية: "بصي يا مها؛ بصراحة آخر مرة كلامك فوقني من معصية كبيرة وهي عقوق الوالدين؛ والحمد لله فضلت أدعي ربنا يغفرلي ويهديني؛ وخلاص أنا قررت بعد أما أقفل معاكي هاتصل بوالدي وأتكلم معاه".

هللت بفرح؛: "الله أكبر؛ الحمد لله يا رب"..

زياد بضحكة عفوية: "أد كده فرحانة؟!!"

ظهرت على نبرات صوتها السعادة: "فرحانة جدا؛ ده أنا هاصلي ركعتين شكر لله"..

اغرورقت عيناه بالدموع؛ ثم قال بصوت خافت: "عارفة يا مها؟ أنا سعيد جدا بيكي؛ وباحمد ربنا كل يوم إنه رزقني بزوجة زيك"..

مها بخجل: "وأنا باحمد ربنا إنه رزقني بزوج صالح زيك"..

زياد بابتسامة: "قوليلي بأه؛ إيه هي المفاجئات الجميلة دي؟!

(بدأت تحكي له ما حدث لوالده وماذا فعلت حسناء ومدى تحسن العلاقة بأبيها؛ ثم حدثته عن مريم أخت صفية وأن علي سيطلب يدها للزواج.)

قال في ذهول: "لا إله إلا الله؛ سبحانك ربي ما أعظمك؛ شفتِ يا مها تدبير ربنا وحكمته؟ والدي يقع ويتعور وحسناء تحاول تسعفه ويرجع الحب في قلبها تاني له؛ يا الله"..

قالت بفرح: "سبحان الله؛ أنا لما حسناء حكت لي ما كنتش مصدقة؛ الحمد لله"..

قال بدهشة: "وموضوع مريم إنها تطلع أخت صفية وبتشتغل في نفس شركة علي ده بردو رزق وتدبير من ربنا؛ أنا فرحان جدا عشان علي؛ ربنا يوفقه ويسعده؛ هو تعب معانا أوي طول السنين اللي فاتت؛ ربنا يجبر بخاطره ومريم توافق على الزواج"..

قالت بدلع: "أنا وحسناء هنروح بكرة لمريم ونتكلم معاها بإذن الل"ه..

ضحك بعفوية: "هتعملوا فيها بأه حماوات.؟!"

مها بابتسامة: "آآه؛ ونديها بندق تكسره بأسنانها وكده يعني"..

ضحك بصوت عالٍ وقال: "دمك زي العسل؛ يلا ربنا يقدم اللي فيه الخير"..

قالت باستعجال: "يلا بأه اقفل عشان هاروح عندكم كمان شوية؛ عشان عمو عبد الرحمن هيديني أنا وحسناء درس؛ أئأ أئأ.!!"

زياد بدهشة: "كمان؟ إيه الهنا ده كله؟ يعني ملكيش حجة أنتِ وحسناء امتياز وما ينفعش أقل من كده؛ مفهوم؟!!"

مها بثقة: "طبعا؛ يلا هاقفل بأه عشان أحضر نفسي"..

زياد بابتسامة: "اتفضلي, وخدي بالك من نفسك، وأول لما توصلي عندنا رني عليا عشان أطمن عليكِ، مفهوم؟!"

مها بحب: "حاضر؛ السلام عليكم"..

-وعليكم السلام..

******************

مها بابتسامة: "ألف سلامة عليك يا عمو؛ لا بأس طهور إن شاء الله"..

والد زياد بامتنان: "الحمد لله يا بنتي؛ أنتِ عاملة إيه؟ ووالدك كيف أحواله؟ وحشني أوي والله"..

-الحمد لله يا عمو بخير؛ وبابا كويس الحمد لله؛ ما يعرفش اللي حصل؛ بس هاقوله وهخليه يجي لحضرتك"..

هز رأسه نافيا: "لا يا بنتي؛ ما تتعبهوش وتقلقيه عليا؛ أنا هابقى اتصل بيه"..

حسناء بجدية: "يلا بأه ناخد الدرس يا بابا"..

والدها بابتسامة: "ماشي اتفضلوا اقعدوا يا بنات وصحصحوا معايا كده؛ عايز تركيز"..

مها وحسناء بابتسامة وفي نفس واحد: "حاضر كُلنا أذان صاغية؛ اتفضل اشرح واحنا هنفهم على طول"..

(بعد مرور ساعة انتهى الدرس وفجأة رن هاتف مها.)

مها بدهشة: "إيه يا زياد نسيت تقولي حاجة ولا إيه؟! رصيدك كده هيخلص!!"

زياد بجدية: "أنتِ جمب بابا يا مها؟!!"

قالت بسعادة: "أيوة؛ لسة مخلصين الدرس حالا, خير في حاجة؟!"

زياد بثقة: "كل خير إن شاء الله؛ ممكن تعطي التليفون لبابا؟!!"

أعطت مها الهاتف لوالده: "يا عمو؛ زياد عايز يكلم حضرتك"..

قلق كثيرا، اعتقد أن زياد سوف يصرخ في وجهه؛ أخذ الهاتف: "السلام عليكم؛ إزيك يا ابني.؟"

اغرورقت عيناه بالدموع وقال: "وعليكم السلام؛ عايز أقول لحضرتك تلات حاجات؛ ممكن تسمعني؟"

والده بقلق ودهشة معا: "اتفضل يا ابني!"

زياد بحب: "أولا: أنا آسف على رد فعلي الخاطئ المكالمة اللي فاتت..

ثانيا: ألف سلامة على حضرتك؛ وربنا يتم شفاءك على خير..

ثالثا بأه وده الأهم: أنا باحبك أوي وكنت مشتاق لحضرتك من زمان أوي؛ ويا ريتني كنت عندك دلوقتي كنت أخدتك بالحضن"..

بكى والده بصوت عالٍ وتساقطت الدموع من عينيه؛ وقال بفرح: "وأنا باحبك أوي؛ وكنت مشتاق لك ونفسي أشوفك أوي؛ ربنا يجبر بخاطرك يا ابني زي ما فرحتني بكلامك الجميل ده"..

قال ببكاء وحنين: "أنا هنا حاسس إني لوحدي كان نفسي أبقى معاكم أوي؛ الغربة وحشة أوي يا بابا"..

والده بحنين: "معلش يا ابني اصبر وربنا معاك يخفف عنك ويصبرك على غربتك"..

زياد بابتسامة: "يا رب يا بابا؛ أسيبك بأه عشان أكمل شغل وهاحاول اتصل بحضرتك على طول بإذن الله أطمن عليك".

والده بفرح: "كتر خيرك يا ابني؛ خد بالك من نفسك؛ في رعاية الله".

- الله المستعان؛ السلام عليكم.

-وعليكم السلام.

(أغلق الهاتف وأعطاه لمها؛ ثم اتفقت حسناء مع مها على موعدهم غدا في الخامسة مساءً لتذهبا إلى مريم؛ قبل انصراف مها إلى بيتها.)

******************

(في مساء اليوم التالي ذهبت حسناء ومها إلى بيت مريم؛ وبعد أن وصلتا دقت حسناء جرس الباب.)

والد صفية ومريم من وراء الباب: "مين؟!!"

حسناء بخجل: "السلام عليكم؛ أنا حسناء"..

فتح الباب وهو ينظر إلى الأرض: "وعليكم السلام؛  ثواني أنادي على مريم".

-يا مريم تعالي؛ جايلك ضيوف.

ظهرت مريم وهي تقول بفرح: "أكيد حسناااااااء!"

والدها بابتسامة: "أيوه فعلا".

قالت بابتسامة: "حسناء؛ حبيبة قلبي؛ وحشتيني جداً".

احتضنتها حسناء وقالت بابتسامة: "وأنتِ كمان وحشتيني أوي".

نظرت إلى مها وسألت بابتسامة: "أكيد دي مها؛ صح؟!"

مها بابتسامة: "صح؛ إزيك يا حبيبتي.؟!"

مريم بامتنان: "الحمد لله؛ تعالوا اتفضلوا ندخل أوضتي عشان نبقى براحتنا"..

بعد أن دخلوا الغرفة؛ قالت حسناء: "هي والدتك فين.؟! دي وحشتني أوي!"

مريم بابتسامة: "زمانها هتيجي حالا أول لما بابا يبلغها إنك هنا"..

حسناء بحنين: "يا ريت تيجي بسرعة بأه؛ وحشتني".

ضحكت مها ثم قالت برجاء: "نفسي أشوفها أنا كمان؛ دي حسناء مش بتبطل تحكي عنها".

مريم بكسوف: "ربنا يخليكِ ويحفظلك والدتك يا مها".

أحنت مها رأسها بحزن؛ فقالت لها حسناء بألم: "والدة مها توفيت من كام شهر؛ الله يرحمها كانت من أطيب الناس اللي أعرفهم؛ ربنا يدخلها فسيح جناته"..

ربتت على كتف مها ثم قالت بحزن: "الله يرحمها ويدخلها فسيح جناته؛ ما تزعليش يا مها ربنا يعوضك خير ويصبرك يا رب"..

اغرورقت عينا مها بالدموع ثم رفعت رأسها قائلة: "آمين يا رب العالمين؛ الحمد لله ربنا عوضني خير بماما زينب؛ زي أمي بالضبط".

مريم بابتسامة: "الحمد لله؛ شكلها حنينة وطيبة أوي.؟!"

مها بابتسامة: "حنينة أوي؛ وطيبة ومتسامحة جدا؛ وقلبها أبيض زي اللبن؛ ربنا يحفظها".

دخلت والدة صفية وقالت بسعادة: "السلام عليكم؛ وحشتيني أوي يا سمسمة؛ عاملة إيه يا حبيبتي.؟!"

احتضنتها بشدة ثم قالت بفرح: "وحضرتك والله يا خالة وحشتيني أوي؛ الحمد الله أنا بخير"..

ألقت السلام على مها؛ ثم قالت بابتسامة: "نورتِ يا بنتي".

أشارت حسناء إلى مها وقالت بابتسامة: "أعرفك يا خالة؛ دي مها صديقة عمري؛ وزي أختي بالضبط؛ وكمان خطيبة زياد أخويا وكاتبين الكتاب".

تبسمت والدة مريم وقالت: "بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك؛ ويديمكم على بعض نعمة يا رب".

مها بابتسامة: "آمين يا رب".

قالت حسناء بجدية: "أنا عايزة اتكلم مع حضرتك يا خالة في موضوعين؛ أول موضوع يخصني شخصيا؛ وتاني موضوع وده الأهم يخص علي أخويا".

التفتت لها ثم قالت باهتمام: "اتفضلي حبيبتي؛ خير.؟"

حسناء بابتسامة: "خير بإذن الله؛ هبدأ بالأهم واتكلم في موضوع علي".

والدة مريم بحيرة: "اتفضلي".

حسناء بابتسامة نظرت لمريم؛: "علي عايز يتقدم يطلب إيد مريم؛ طبعاً يا مريم أنتِ عارفة أخلاق علي؛ وبتسمعي عنه كل خير من الشركة".

دق قلب مريم فرحا وحاولت أن تخبئ مشاعرها؛ ثم قالت بثقة: "أيوه عارفة بسم الله ما شاء الله؛ أخلاقه واحترامه يشهد بيهم الجميع".

استكملت حسناء كلامها: "طيب الحمد لله؛ طبعا هو مش عنده شقة؛ هيأجر شقة للزواج؛ وكل طلباتكم مجابة بإذن الله؛ أهم شيء تاخدوا فرصة تفكروا وتاخدوا رأي عمو؛ وبإذن الله لو في قبول نحدد معاد؛ وبابا وماما وعلي يجوا يتقدموا رسمي وتتكلموا وتتفقوا على كل حاجة".

والدة صفية: "والله يا بنتي؛ ده شيء يشرفنا إننا نناسبكم؛ شكلكم من بيت طيب وملتزم وكمان والد مريم بيشكر في علي أوي؛ وحبه جدا".

تذكرت حسناء شيئًا مهمًا؛ فقالت: "آه نسيت أقولكم؛ علي ما كملش تعليمه؛ أخد ثانوية عامة وكنا بنمر بظروف مادية قاسية؛ بصراحة هو ضحى بإنه يكمل تعليمه وفضل يشتغل يساعدني أنا وزياد نكمل تعليمنا؛ بس هو بإذن الله السنة الجاية دي هيقدم في جامعة مفتوحة يكمل تعليمه وهو بيشتغل في الشركة بردو؛ أنا عارفة إنكم ممكن ترفضوا بسبب فارق الشهادة".

والدة مريم بالنفي: "لا طبعا؛ احنا أهم شيء عندنا الالتزام وإنه يراعي ربنا في مريم؛ بس طبعاً شيء كويس لما يكمل تعليمه له هو ولمستقبله".

نظرت لمريم فوجدت وجهها يزداد خجلاً واحمرارا؛ فضحكت قائلة: "أنا عرفت الرد من منظر مريم".

مريم بإحراج تداري ما تشعر به: "اللي يقوله بابا وماما أنا موافقة عليه".

والدة مريم بضحكة عفوية: "بصي يا مريم صلي النهاردة استخارة قبل ما تنامي وردي علينا؛ وأنا هاتكلم مع والدك ونتشاور سوا وبعدين هنرد عليكِ يا حسناء؛ وربنا يقدم اللي فيه الخير".

ظهر على وجه حسناء الفرح؛ ثم قالت: "على خيرة الله يا خالة؛ نيجي بأه للموضوع اللي يخصني".

والدة مريم قالت باهتمام: "تمام؛ اتفضلي".

اعتدلت حسناء في جلستها؛ وقالت بثقة: "أنا عايزة ألبس النقاب".

التفت إليها الجميع في ذهول؛ واتسعت عينا مها؛ ثم قالت بدهشة: "نقااااب يا حسناء؟! بتتكلمي جد؟!!"

أومأت حسناء برأسها إيجابا: "أيوه؛ الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله".

والدة مريم تقوم من مكانها وتحتضنها؛ ثم تقول في فرح: "الله أكبر؛ كنت متأكدة إن خواطر صفية الله يرحمها هتأثر عليكِ؛ عشان كده وافقت تاخدي الكشكول!"

حسناء بابتسامة: "فعلا يا خالة؛ كلماتها أثرت عليا بالإيجاب الحمد لله".

مريم بفرح: "ربنا يثبتك يا حسناء؛ لازم تاخدي الخطوة دي في أسرع وقت".

ما زالت مها في دهشة؛ قالت: "مفاجئة جميلة جدا؛ ربنا يثبتك ويرزقنا ارتدائه يا رب".

نظرت حسناء لمها وقالت: "وليه لا؟ تعالي أنا وأنتِ نلبسه في يوم واحد وتكون مفاجئة جميلة للكل؛ وكمان ناخد بإيد بعض للجنة ونساعد بعض على الثبات".

أومأت مها برأسها بالإيجاب: "موافقة؛ أنا كان نفسي آخد الخطوة دي من فترة؛ حتى اتكلمت مع زياد فيها قبل كده وقالي يا ريت؛ يعني هو موافق".

احتضنتها بسعادة: "هو ده الكلام الصح".

ابتسمت والدة صفية ومريم وقالت: "ألف مبروك يا بنات؛ ربنا يرزقكم الثبات؛ عارفين لما تعملوا كده في زمن الفتنة ده؛ تبقوا قابضات على الجمر!"

تبادلت حسناء ومها نظرات الحيرة والتعجب؛ ثم التفتتا إلى والدة مريم قائلتين: "يعني إيه يا خالة قابضات على الجمر؟!!"

ابتسمت قائلة: "يعني لما تبقوا في زمن كله فتن؛ وبنات لابسة ضيق ومبينة شعرها؛ ولابسة على الموضة وراسمة وشها بأشكال وألوان؛ والتلفزيون كله أفلام ومسلسلات؛ والبنات والشباب ماشيين على الموضة وفاكرين إنهم عايشين حياتهم؛ وفي وسط الفتن دي كلها؛ تلتزموا بالزي الشرعي وتحصنوا أنفسكم من الفتن؛ تبقوا قابضات على الجمر؛ ها.؟ فهمتوا يا بنات.؟!"

حسناء ومها بسعادة: "أيوة فهمنا".

قالت حسناء باهتمام: "هاطلب من حضرتك طلب يا خالة؛ وأتمنى إن حضرتك ما تكسفنيش؛ ممكن.؟!

قالت بابتسامة: "إن شاء الله مش هرفض؛ قولي يا بنتي؛ خير.؟!"

******************

_________________________________________

سبحان الله العظيم

الفصل السادس والعشرون

(أجمل حياة في طاعة الله؛ هذا اليوم تغيرت فيه حياة حسناء بأكملها للأحسن.)

قالت بابتسامة يصحبها قليل من الإحراج: "أنا عايزة حضرتك تنزلي تشتري معايا النقاب والطرح والعبايات؛ لأني بصراحة مش هاعرف لوحدي؛ ده بعد إذنك طبعا!"

صمتت قليلا؛ ثم نهضت من مكانها على الفور واتجهت نحو الدولاب وفتحته وأخرجت منه بعض الطرح والنقابات؛ ثم نظرت إليها بابتسامة وقالت: "وليه تشتري يا بنتي؟! بصي يا حبيبتي؛ أنا كان نفسي أعمل صدقة جارية لصفية؛ اتفضلي يا بنتي اختاري طرحة ونقاب".

ثم نظرت لمها وقالت: "وأنتِ كمان يا مها؛ اختاري طرحة ونقاب؛ وتبقى صدقة جارية لصفية".

نظرت حسناء لها بحيرة ثم قالت: "مش عارفة أقول لحضرتك إيه؟!"

قالت مها بسعادة: "أنا عن نفسي موافقة, وهاعدد النوايا في ارتدائي للنقاب؛ ومنهم إن صفية تكسب ثواب بإذن الله".

نظرت إلى مها بفرح قائلة: "جزاكِ الله خيراً يا بنتي".

ثم نظرت إلى حسناء وقالت برجاء: "وافقي بأه يا حسناء!

أومأت حسناء برأسها إيجابا: "ماشي؛ ربنا يجعله في ميزان حسنات صفية وميزان حسناتك يا خالة؛ ممكن بأه تعلميني ألبسهم إزاي؟!"

تبسمت قائلة: "ماشي؛ وكويس إنك لابسة عباية عشان تعرفي تشوفي نفسك بالنقاب كويس؛ ده هيبقى جميل عليكِ أوي". 

(بدأت تعلمها كيف ترتدي النقاب،انشغلت مريم هي الأخرى بتعليم مها كيف ترتدي النقاب؛ ظلت حسناء تنظر لنفسها في المرآة وهي مرتدية النقاب وتدور حول نفسها بفرح شديد؛ أمسكت قلبها فجأة؛ دقاته تتعالى دقة تلو الأخرى؛ ثم رفعت يدها تدعو ربها قائلة: اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.)

لمعت عينها وزاد بريقها؛ ثم تنهدت بقوة وقالت: "أنا حاسة إحساس غريب أوي؛ حاسة إني بقيت بشوف لأول مرة؛ حاسة بفرحة في قلبي غريبة أوي؛ حاسة إن قلبي عايز ينطق من فرحته".

تؤيدها مها بابتسامة قائلة: "أنا بأه حاسة إني بقيت ملكة.

نظرت لهم وقالت بحنين وعيناها اغرورقت بالدموع: "عارفة يا خالة؛ ماما الله يرحمها كانت دايما تقولي أنتِ (الدرة البيضاء)؛ كنت استغرب أوي واسألها يعني إيه؟ قالتلي لايق عليكِ؛ أول مرة فعلا أحس إني بقيت الدرة البيضاء".  

والدة صفية بابتسامة: "خلاص من النهاردة أنتِ (الدرة البيضاء)".

تمتمت حسناء بصوت خافت: "الدرة البيضاء؟ تصدقي فعلا يا مها لايق على شخصيتك!!"

قالت بفرح: "أنا حاسة بكده فعلا".

صمتت والدة صفية قليلا وهي تنظر إلى حسناء؛ ثم قالت بابتسامة: "المنتقبة الحسناء؛ وأنتِ فعلا حسناء بأخلاقك والتزامك وجمال روحك".

تمتمت حسناء قائلة بابتسامة: "ممممممم (المنتقبة الحسناء) لقب جميل أوي, تعرفي بأه إني هاكتبه على صفحتي في الفيس؟!"

مريم بابتسامة: "لقب جميل أوي".

التفتت إليهم والدة صفية؛ ثم قالت بصوت عالٍ: "البس جديداً وعش حميداً ومت شهيداً".

ثم قالت لهم: "رددوا الدعاء ده يا بنات؛ دعاء لبس الثوب الجديد؛  "الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة.".

مها: "أنا عارفة الدعاء ده يا خالة؛ وباقوله على طول الحمد لله".

حسناء بإحراج: "بصراحة ما كنتش أعرفه؛ جزاكِ الله خيرا".

قالت بامتنان: "وجزاكِ مثله حبيبتي".

صمتت حسناء قليلاً وقد ظهر على ملامحها بأنها تفكر فى شيء ما, ثم نظرت لمها بكل ثقة وقالت: "إيه رأيك يا مها نروح كده بالنقاب ونعملهم مفاجئة؟!"

هزت رأسها بالإيجاب وقالت: "يا ريت؛ موافقة طبعا".

والدة صفية بدهشة: "طب حتى استأذنوا الأسرة الأول يا بنات!!"

أومأت حسناء برأسها بالنفي قائلة: "دول هيفرحوا أوي؛ مش هيصدقوا أصلا؛ وبعدين أنا قلت لماما امبارح إني بافكر ألبس النقاب".

قالت مها بابتسامة: "وأنا بابا هيفرح أوي؛ وزياد موافق؛ ما تقلقيش يا خالة؛ احنا بس عايزين نعملهم مفاجئة حلوة ونفرحهم بينا".

قالت والدة صفية بفرح: "خلاص على خيرة الله".

مدت حسناء يدها في حقيبتها وأخرجت كشكول صفية وأعطته لوالدة صفية؛: "اتفضلي يا خالة الكشكول؛ وجزاها الله خيرا صفية؛ وربنا يجعله في ميزان حسناتها على كلماتها الرائعة اللي أثرت فيا جدا وبسببها اتغيرت حياتي".

(أخذت الكشكول وظلت تتحسسه وتشتم رائحة المسك التى تظهر منه دائما؛ واغرورقت عيناها بالدموع.)

حسناء بتنهيدة حزينة ربتت على كتفها؛ ثم قالت: "بالله عليكِ ما تبكيش يا خالة؛ حضرتك بأه عندك تلات بنات مريم وأنا ومها".

استكملت كلماتها بضحكة: "بنات إيه زي الورد؛ ولا إيه رأيك؟!"

ضحكت بعفوية وقالت: "أجمل بنات؛ ربنا يحفظكم حبيباتي ويخليكم ليا يا رب".

غمزت حسناء لمريم؛ وقالت: "وقريب بإذن الله هنبقى نسايب كمان؛ ولا إيه رأيك يا ست مريم.؟"

احمر وجه مريم؛ ثم قالت بكسوف: "ربنا يقدم اللي فيه الخير".

الجميع في نفس واحد قائلين: "آمين يا رب العالمين عاجلا غير آجل".

قامت حسناء مسرعة تشير لمها: "يلا بأه عايزة أخرج بالنقاب وأمشي بيه في الشارع؛ نفسي أشوف رد فعل بابا وماما وعلي"..

نهضت مها وأمسكت بيد حسناء قائلة بسعادة: "يلا بسرعة منتظرة إيه؟!!"

والدة صفية بابتسامة:"اقعدوا يا بنات؛ مستعجلين ليه بس؟!

حسناء بابتسامة: "هنتأخر بأه يا خالة؛ يلا السلام عليكم.

والدة صفية ومريم في نفس واحد: "وعليكم السلام".   

******************

(تشابكت أيديهما؛ كل واحدة منهما يتوج رأسها حجابها الشرعي؛ تشعران بفرحة عارمة، كأنهما طائريِن لهما أجنحة يحلقان بالسماء؛ تريدان أن تدخلا الجنة معا؛ كل همهما الآخرة؛ أحستا أنهما تمشيان بطريق كله نور في نور؛ تمشيان لا تتكلمان اكتفتا بتشابك أيديهما ببعضها.)

حسناء: "هتيجي البيت معايا يا مها ولا هتروحي؟!"

مها بالنفي: "لا يا حبيبتي؛ أنا اتأخرت أوي؛ وكمان ملهوفة عايزة أشوف رد فعل بابا هيعمل إيه لما يشوفني بالنقاب!!"

ضحكت بعفوية: "ده أنا هتجنن وأوصل البيت عشان أشوف رد فعلهم؛ هانت أهو ما بقاش إلا قليل؛ يلا روحي أنتِ اركبي المترو بتاعك وأنا هاروح أركب المترو؛ ولما توصلي البيت طمنيني عليكِ؛ واحكيلي إيه رد فعل عمو وزياد!"

مها بفرح: "ماشي؛ خدي بالك من نفسك".

حسناء بابتسامة: "وأنتِ كمان خدي بالك من نفسك؛ في رعاية الله".

-حاضر؛ مع السلامة.

-الله يسلمك.

******************

حزينة جداً؛ ظلت تبكي بشدة؛ دخلت عليها والدتها ربتت على كتفها؛ ثم قالت: "مالك يا بنتي بتبكي ليه؟!"

مريم ببكاء: "كان نفسي أقدر آخد الخطوة دي يا ماما والبس النقاب؛ حسناء ومها طلعوا أحسن وأجدع مني".

تنهدت بعمق: "قلتلك يا بنتي قبل كده؛ "من ترك شيئاً لله؛ عوضه الله خيرا منه." إيه يعني لما كنتِ تسيبي الشركة وتلبسي النقاب؟ ربنا كان هيعوضك بشغل أحسن بكتير".

مسحت مريم دموعها ثم قالت بجدية: "خلاص يا ماما؛ أنا هالبس النقاب ومش هاروح الشركة تاني؛ واللي يحصل يحصل؛ وربنا يعوضني خير".

احتضنتها وقالت: "هو ده الكلام؛ ربنا يثبتك يا بنتي ويفرح قلبك".

مريم بابتسامة: "إيه رأيك يا ماما في علي؟!"

والدتها بابتسامة: "شاب ملتزم ومحترم؛ المهم رأيك أنتِ؟!"

مريم بخجل: "بصراحة يا ماما؛ أنا أتمناه؛ ونعم الزوج الصالح؛ بس بردو قبل ما أنام هابقى أصلي استخارة وربنا يقدم اللي فيه الخير".

أومأت برأسها بالإيجاب قائلة: "تمام على ما أكلم والدك ونشوف هيقول إيه".

مريم بقلق: "بإذن الله يوافق".

- ربنا يسهل يا بنتي.

******************

(عندما وصلت حسناء دقت جرس الباب ونظرت في الأرض لكي لا يكشفها أحد؛ فذهب علي ليفتح الباب؛ عندما رأى فتاة نظر إلى الأرض تراجع قليلا.)

حاولت تغيير صوتها: "السلام عليكم؛ حسناء موجودة لو سمحت؟"

علي بخجل: "وعليكم السلام؛ لا هي خرجت من شوية راحت مشوار".

ما زالت تحاول تغيير صوتها: "طب مامتها موجودة؟"

علي بقلق: "أيوه موجودة؛ ثواني أنادي عليها".

كتمت ضحكتها وقالت: "اتفضل".

تمتمت محدثة نفسها وضحكت بصوت خافت: "علي ما عرفنيش".

نادى على والدته؛ ثم قال لها بدهشة: "يا أمي في بنت منتقبة بتسأل على حسناء؛ ولما قلت لها إنها مش موجودة قالتلي أنادي لوالدتها؛ أنا قلقان".

والدته بقلق: "أما أروح أشوف مين!"

خرجت والدتها وظلت تتأملها قليلاً؛ ثم قالت باستغراب: "أهلاً يا بنتي؛ حضرتك عايزة حاجة من حسناء؟!"

قالت وعيناها في الأرض محاولة تغيير صوتها: "أيوه؛ كنت عايزة آخد منها مذكرة ضروري".

والدتها بعفوية: "طيب اتفضلي يا بنتي ادخلي اقعدي؛ هي زمانها جاية دلوقتي".

(دخلت حسناء وراء والدتها؛ وجدت والدها جالسًا في الصالة جرت عليه واحتضنته؛ نظر إليها الجميع في ذهول لما يحدث؛ أما والدها لم يتفوه بكلمة؛ ظل في ذهول وتلجم لسانه وظل ينظر لعلي وزينب في استغراب.)

تمتمت والدتها محدثة نفسها: "إيه ده؟ مش دي عباية حسناء؟"

وقبل أن تنطق وتكشف أمرها؛ وقفت حسناء ورفعت النقاب عن وجهها؛ فنظر إليها الجميع في ذهول وابتسامات صامتة؛ ثم قال علي وقد انهمرت الدموع من عينيه: "مش مصدق نفسي؛ ياااااه يا حسناء! دي أجمل فرحة وأجمل مفاجئة؛ ربنا يفرح قلبك ويثبتك يا رب".

والدها بدهشة: "ربنا يكرمك يا بنتي؛ دي خطوة جميلة جدا؛ ربنا يرضى عنك".

أخذتها والدتها في أحضانها؛ وظلت تدور بها وتبكي بشدة؛ وبصوت عالٍ تكبر: "الله أكبر؛ الله أكبر؛ بسم الله ما شاء الله؛ اللهم زد وبارك ولا تضر؛ ربنا ينور طريقك يا بنتي؛ أجمل قرار أخدتيه في حياتك".

مسحت دموعها وقالت: "أول لما لبست النقاب يا ماما؛ افتكرت على طول رؤيا (النعش) وفهمت ساعتها إن كان لازم أفوق؛ الحمد لله".

علي ودموعه تتساقط من شدة فرحته قائلاً: "المنتقبة الحسناء.!!"

نظرت إليه حسناء باستغراب شديد قائلة: "دي لسة الخالة والدة صفية قايلالي نفس اللقب ده (المنتقبة الحسناء)".

والدتها بابتسامة: "وأنتِ أجمل حسناء في الدنيا".

التفتت إليهم قائلة بفرح: "وما تعرفوش المفاجئة كمان هتفرحكم خالص؛ مها هي كمان لبست النقاب الحمد لله".

قال الجميع بفرح: "بسم الله ما شاء الله؛ اللهم بارك ويثبتكم يا رب".

صمتت حسناء قليلا تُتمتم محدثة نفسها: "يا ترى إيه رد فعل عمو سعيد؟!"

******************

(فتحت مها الباب بالمفتاح بهدوء حتى لا يشعر والدها؛ كان النور خافتًا؛ ظلت تمشي على أطراف أصابعها؛ وفجأة أوقفها صوت والدها بفزع من وراء ظهرها.)

ممسكًا بالمكنسة؛ وظل يجري وراءها قائلا بفزع وصوت عالٍ: "حرااااامي؛ الحقووووووووووني".

جرت مها ووقفت على الكرسي ومنه إلى تربيزة السفرة والنقاب يداري وجهها؛ ثم قالت بصوت عالٍ: "لا يا بابا؛ أنا مهاااااااااا مش حرامي؛ اوعى تضرب.!!"

ظهرت الدهشة على وجهه وظل ينظر إليها في ذهول؛ ثم قال: "مها مين؟!!"

ظلت تضحك بهستريا؛ ورفعت النقاب لتظهر وجهها؛ ثم قالت: "مها بنتك يا عم الحاج".

صمت قليلاً؛ ثم قال باستغراب شديد: "أنتِ لبستِ نقاب؟!"

نزلت مها على الأرض ومسحت دموعها من كثرة الضحك؛ ثم قالت: "الحمد لله يا بابا ربنا أكرمني بارتدائه؛ إيه رأيك في المفاجئة دي؟!"

تنهد بقوة ثم قال: "عشرة على عشرة؛ برافو عليكِ؛ والله يا بنتي خطوة حلوة أوي؛ ربنا يكرمك ويثبتك".

احتضنته، ثم ضحكت وقالت: "رعبتني يا بابا وحضرتك بتجري ورايا؛ أنا قلت خلاص هيديني خبطة يعورني.!"

قهقه بصوت عالٍ: "أنتِ اللي خضتيني؛ داخلة على أطراف صوابعك ومن غير صوت والدنيا ضلمة؛ قلت مها أول لما بتدخل بتقول السلام عليكم حتى لو أنا مش هنا؛ على طول جريت ومسكت المأشة وقلت ده حرامي".

مها بدلع: "في حرامي حلو كده يا بابا؟!"

ضحك والدها ثم قال بجدية: "أخدتي رأي زياد يا بنتي؟!"

أومأت برأسها بالإيجاب قائلة: "أنا كنت اتكلمت معاه قبل كده؛ وهو موافق".

والدها بتنهيدة ارتياح: "طيب الحمد لله؛ طيب يلا اتصلي بيه بلغيه".

ضغطت مها على أزرار الهاتف وهي تقول: "أيوة هاتصل أهو وأبلغه".

زياد بابتسامة: "السلام عليكم؛ إزيك يا ميهو عاملة إيه؟!"

مها بفرح: "وعليكم السلام؛ الحمد لله بقيت في أحسن حال والله".

زياد بتكشيرة: "ليه كنتِ مريضة ولا إيه؟ خير؟ طمنيني!"

قالت بضحكة عفوية: "لا الحمد لله بخير وصحة وعافية؛ بص من غير مقدمات؛ أنا من ساعتين بس ربنا أكرمني بارتداء النقاب أنا وحسناء".

قال بذهول: "بتتكلمي جد؟!!"

مها بجدية: "أيوة طبعاً".

هلل قائلا: "الله أكبر, بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله,أجمل مفاجئة سمعتها في حياتي".

مها بحب: "ربنا يخليك ليا يا زياد؛ ويجمعنا على خير وناخد بإيد بعض للجنة".

زياد بفرح عارم: "آمين يا رب عاجلًا غير آجل، مش مصدق إن حسناء لبست النقاب.!!"

مها بفرح قائلة: "تعرف بأه إن حسناء كانت السبب في إني لبست النقاب؟!!"

قال بفرح وفخر بأخته: "الحمد لله, ربنا يهديها ويهدينا جميعا؛ بكرة هابقى اتصل بيها أبارك لها بإذن الله".

مها بابتسامة: "آمين يا رب؛ ماشي بإذن الله؛ يلا اقفل وكمل نوم بأه ونبقى نتكلم الصبح".

تثاءب وقال: "ماشي يلا تصبحي على خير".

مها بحب: "وأنت من أهل الجنة".

زياد بامتنان: "يا رب أنا وأنتِ وجميع المسلمين؛ السلام عليكم".

مها بابتسامة: "وعليكم السلام".

******************

أمسك الهاتف وضغط على زر الاتصال محاولا الاتصال بعلي..

رد علي معاتباً: "إيه يا عم أنت بقالك يومين مختفي ليه ومبتسألش؟!

أسعد بابتسامة: "معلش يا عليوة؛ في موضوع كنت بافكر فيه وواخد كل تفكيري".

علي بحيرة: "خير يا أسعد؟ موضوع إيه ده اللي واخد عقلك؟!"

أسعد بهدوء: "ما أنا متصل بيك عشان كده؛ كنت عايز اتكلم معاك فيه".

علي بدهشة: "طيب احكي؛ في إيه؟!!"

أسعد: "لا؛ مش هينفع كلام التليفون ده؛ بص أنا هاجيلك بكرة ونتكلم؛ حتى بالمرة أشوف عمي ونتكلم معاه في الموضوع ده ونستشيره".

تنهد علي؛ قائلا:"خلاص اتفقنا؛ هنتظرك بكرة بإذن الله"

أسعد بابتسامة: "تمام؛ السلام عليكم".

- في رعاية الله؛ وعليكم السلام.

******************


                الفصل السابع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>