رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع والخمسون57 والثامن ن58 بقلم مريم غريب الخمسون

رواية عزلاء امام سطوة ماله

الفصل السابع والثامن والخمسون

بلقم مريم غريب


( 57 )


_هروب ! _


بعد برهة من الزمن ...


جاءت المسؤولة عن المكان و تحدثت بصوت رسمي رقيق :


-إتفضلوا معايا الأماكن جهزت خلاص !


صفية بحماسة :


-أوك جايين .. و لكن "سمر" لم تقوم و ظلت علي شرودها ، فلكزتها "صفية" بخفة في كتفها و قالت :


-سمر . إيه سرحانة في إيه ؟!


أفاقت "سمر" من شرودها و نظرت لها قائلة :


-هه ! لأ و لا حاجة

مش سرحانة في حاجة.


صفية بإبتسامة :


-طيب يلا عشان أماكنا جهزت.


سمر بإستغراب :


-أماكن إيه ؟


-أماكنا يا سمر . أومال هنعمل Hairstyle و Make_Up فين غير جوا ؟ إحنا في Beauty Center يا حبيبتي !


-لأ لأ آسفة مش عايزة .. قالتها "سمر" برفض قاطع


صفية بدهشة :


-مش عايزة إيه بس يا سمر ؟ قومي معانا لازم تعملي إللي إحنا هنعمله و لا إنتي جاية معانا ضيف شرف ؟


أجابتها "سمر" مبتسمة :


-بالظبط كده . أنا ماحبتش أزعلكوا عشان ألحيتوا عليا و كمان حبيت أمشي ملك شوية لكن أكتر من كده مش هقدر أعمل حاجة.


صفية بقنوط :


-ليه كده بس ؟؟؟


سمر بلطف :


-معلش . خليني علي راحتي من فضلك.


تنهدت "صفية" بإستسلام و قالت :


-أوك . إللي إنتي عايزاه . بس هتقعدي تستنينا فين ؟


سمر و هي تمسح علي شعر "ملك" بحنان :


-هاخد لوكا أشربها حاجة تحت في الكاڤيتيريا.


-أوك يا حبيبتي . طيب حيث كده بقي إتفضلي دي .. و فتحت حقيبتها و أعطتها نفس البطاقة التي أخذتها من "عثمان"


سمر بإستفهام :


-إيه دي ؟!


-دي ياستي الـATM بتاعة جوزك . إدهالي عشان لو إحتاجتي حاجة تاخديها و تسحبي منها المبلغ إللي إنتي عايزاه.


سمر بإباء :


-لأ شكرا مش عايزاها رجعيها في شنطتك لو سمحتي.


صفية بتبرم :


-الله بقي ! كل حاجة مش عايزة ؟ طيب أقول إيه أنا لعثمان ؟؟


سمر بهدوء :


-ماتقوليش حاجة خالص و بعدين أنا مش بعرف أستخدم البتاعة دي

و إن كان علي الفلوس أنا معايا فلوس ماتقلقيش.


صفية بعدم رضا :


-عثمان مش هيعجبه الكلام ده أبدا يا سمر . بس إللي يريحك .. هتاخدي تانيا معاكي ؟


و كأنها لم تحسب حساب في خطتها لتلك الشقراء الجالسة بجانبها ..


نظرت لها شزرا و قالت :


-طبعا هتيجي معايا.


أومأت "صفية" :


-تمام . عموما بردو إحنا مش هنتأخر هنا

مسافة ما أخلص أنا و هالة هتلاقينا قصادك.


سمر متقنة نبرتها و ملامحها التمثيلية :


-براحتكوا . خدوا وقتكوا و أنا مستنياكوا !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في مؤسسة ( البحيري الكبري ) التابعة للعائلة ... يجلس "عثمان" مسترخيا في كرسي مكتبه حاليا و مكتب والده سابقا


كان ممسكا بهاتفهه ، يقلب بالصور التي بعثتها له أخته ..


ظل يتأملها طويلا .. وجهها الساكن ، نظراتها الشاردة ، هناك لغزا ما مسطورا علي ملامحها ، لكنها تظل جميلة دائما


كما عرفها ، من الخارج و الداخل .. بريئة و ساذجة و ضعيفة ، لا تملك شيئا من نفسها ، و لا تريد شيئا لا منه و لا من الحياة


جل ما تريده هو الصلاح و لأشخاص غيرها ، إنها تركيبة عجيبة و فريدة من نوعها .. و هنا يكمن سر جمالها و حبه لها ..


يدخل "رفعت البحيري" عليه فجأة و هو يهتف بحنق :


-يابني إنت فين ؟ من الصبح بطلبك و بسأل عليك . ماجتليش ليـــه ؟؟؟


عثمان بشرود :


-هو أنا إزاي حبيتها أووي كده ؟؟؟!!!


رفعت بإستغراب :


-نعم ياحبيبي !


و هنا إنتفض "عثمان" منتبها لحضور عمه ..


-عمي ! .. قالها "عثمان" بإرتباك ، و تابع :


-خير في حاجة ؟


رفعت و هو يقترب ليجلس قبالته :


-يابني أنا مستنيك من الصبح في مكتبي عشان نرتب و ننسق مع بعض لإجتماع مجلس الإدارة بتاع إنهاردة . ماجتش ليه ؟؟


عثمان بآسف :


-معلش يا عمي Sorry كنت مشغول في حاجة كده .. ثم قال بجدية :


-عموما ماتقلقش أنا محضر للآجتماع كويس و خطتي للسنة الجديدة جاهزة هنقعد بس أنا و إنت قبل الإجتماع بربع ساعة نتناقش في الخطوط العريضة قبل ما ندخل نشرح التفاصيل للأعضاء.


-طيب خلاص . طالما عامل حسابك مافيش مشكلة .. ثم صاح مستذكرا :


-صحيح عرفت إللي حصل لرشاد الحداد !


عثمان بإهتمام :


-لأ . إيه إللي حصله ؟؟؟


ضحك "رفعت" و أجابه :


-مش خسر في الإنتخابات و طلع من دايرته قفاه يقمر عيش.


شارك "عثمان" عمه الضحك و قال بعدم تصديق :


-لأ مش ممكن . إللي أعرفه إنه صرف كتـيييير أووي و نزل بحملات تقيلة عشان يفوز . معقول يخسر ؟ حصلت إزاي دي ؟!


-ماتنساش إن كان قدامه منافسين عتاولة بردو

و كلهم عملوا زيه و أكتر منه و في الأخر العطا رسي علي إللي كلف أكتر.


عثمان بتشفي :


-يعني كده خسر المبالغ الخوزعبلاية إللي دفعها الدور ده و كمان خسر كرسيه في مجلس الشعب . آااه يا رشاد يا حداد . ضربة أخيرة و كانت قاضية .. قلبي عنده و الله

مش واجب بردو نبعتله ورد يا عمي و معاه كارت صغير كده نكتب عليه يجعلها أخر الأحزان !


إنفجرا الإثنان في الضحك ، ليقول "رفعت" :


-مافيش فايدة لسا تفكيرك شيطاني يابن أخويا . بس إوعي تعملها بجد إحنا مش ناقصين و ماصدقنا حكايتنا مع العيلة دي خلصت.


إبتسم "عثمان" بإزدراء و قال :


-حقيقي شخصية من أو×× الشخصيات إللي قابلتها في حياتي . كنت أتمني آذيه أكتر من كده و حلال فيه كل حاجة . بس زي ما قلت .. حكايتنا معاه خلصت و أنا قرفان من سيرته أصلا !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في كاڤيتيريا المول الضخمة ..


تجلس "سمر" هي و شقيقتها و هذه المربية اللعينة إلي طاولة في الوسط


كانت "سمر" تنتظر فرصتها بصبر نافذ .. لم تستطع منع قدمها عن النقر علي الأرض بلا توقف ، بينما كانت "تانيا" تلاطف "ملك" و تضع لها أنبوبة شفط العصير بفمها الصغير لكي تشربه بسهولة


مرت الدقائق و العصبية لدي "سمر" تتزايد أكثر في كل لحظة ، فكرت في حيلة ما لتهرب من تلك الرقيبة دون أن يساورها الشك تجاهها


فكرت ، و فكرت ، و فكرت ... إلي أن وقعت عيناها علي أحد الأبواب هناك في الزاوية البعيدة


إنه حمام السيدات ، و حيث أن "تانيا" موجهة له ظهرها و هي جالسة ، فمؤكد لن تلاحظ تحركاتها ..


-إنتي لو سمحتي . إديني أختي ! .. قالتها "سمر" بصلابة و هي تمد ذراعيها صوب "تانيا" لتأخذ "ملك"


تساءلت "تانيا" بحيرة :


-في هاجة مدام سمر ؟


سمر بوجوم :


-معايا غيارات لملك في الشنطة هاخدها في الحمام و أغيرلها.


تانيا بإستغراب :


-بس I Think هي نضيفة . مش فيها هاجة !


سمر بصرامة ممزوجة بالحدة :


-أحب أتأكد بنفسي بردو . و بعدين إنتي ماتجادلنيش أنا حرة أصلا أعمل في أختي إللي أنا عايزاه مايخصكيش.


تانيا بإرتباك :


-I'm Sorry مدام سمر . أنا مش يقصد هاجة . أوك as you like . إتفضلي هضرتك.


و ناولتها الصغيرة ... أخذت "سمر" أختها و مضت إلي الحمام مباشرةً


قبل أن تدخل حانت منها إلتفاتة نحو "تانيا" .. وجدتها علي وضعها لم تحاول حتي رؤية أين ذهبت هي و الصغيرة


في هذه اللحظة بدأت "سمر" في الركض ، هرولت بخطوات متعرجة فالكسر في كاحلها لم يشفي تماما بعد ..


تجاهلت الألم الذي شعرت به في أطرافها و واصلت الركض ، كانت هذه فرصتها الوحيدة للفرار منه و هو دون أن يدري قدمها لها علي طبق من فضة


حتما أنه عندما يكتشف الأمر سيود أن يصفع نفسه لفعله هذا ..


كان الناس ينظرون إلي "سمر" بإستغراب و هي تركض بهذا الشكل و بعضهم من شك في أمرها و لولا التشابه الكبير بينها و بين "ملك" لأجزموا أنها قامت بإختطافها


تجاهلت "سمر" الناس أيضا و إندفعت نحو هذا المصعد ما أن رأته ، كان يهم بالنزول ، لكنها لحقته و حشرت نفسها بين الركاب و هي تسمع همهماتهم المنزعجة و لكنها لم تآبه ..


هبط المصعد للطابق الأرضي ، فعادت تعدو بسرعة مرة أخري .. خرچت من المول أخيـــــــــــرا و هي تلهث من شدة المجهود الذي بذلته


أوقفت سيارة أجرة و إستقلت بها للحال و هي تقول للسائق :


-إمشي علطول ياسطي لو سمحت ! .. ثم أخرجت هاتفهها و قلبها يخفق وجلا


ضربت رقم أخيها الذي تحفظه عن ظهر قلب و وضعت السماعة علي أذنها ... ليأتي صوته بعد لحظات :


-ألو !


سمر بتلهف :


-فـآاادي أنا سمر

أرجوك ماتقفلش إستتي !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


عند "صفية" و "هالة" ... بعد أكثر من ساعتان ، تنتهي أخيرا وصلة التجميل التي قامتا بها


دفعت "صفية" الحساب ، ثم ذهبت هي و هالة إلي الكاڤيتيريا لينضما إلي "سمر" و يقمن بطلب الغداء ..


-يآااااه أخيرا هناكل ! .. قالتها "هالة" بحبور شديد ، لتضحك "صفية" و ترد :


-يا طفسة . حاسبي علي نفسك بعد الجواز لو مشيتي علي كده هتبقي شبه البلونة و جوزك هيطفش منك.


هالة بغرور مصطنع :


-مين ده إللي يطفش مني يابنتي ؟ دودي حبيبي بيموت فيا أصلا و أنا عجباه في كل حالاتي.


صفية بضحك :


-طيب ياختي . إمشي قدامي بقي

زمان سمر زهقت من القاعدة مع تانيا.


و صلتا إلي حيث تجلس "تانيا" وحدها ، لتتساءل "صفية" بإستغراب :


-الله ! أومال فين سمر و ملك يا تانيا ؟!


تلتفت "تانيا" إليها و تجيب ببراءة :


-مش آرفة مس صافي . مدام سمر قالتلي رايهة الهمام مع ملك و لسا مش جت . بقالها نص ساعة . أنا إفتكرت هي راهتلك !


صفية بفزعة :


-لأ ماجتش . و بتقولي بقالها نص ساعة ؟ يانهار إسووود . ده عثمان منبه عليا عنيا ماتغفلش عنها.


هالة بتوتر حاولت إخفائه سدي :


-إهدي شوية يا صافي هندور عليها هتكون راحت فين يعني ؟ تعالي نشوفها في الحمام كده !


و فتشتا عليها في جميع الحمامات الموجودة بالمول و لكنها لم تكن موجودة ..


قلبت "صفية" و "هالة" المول كله بحثا عنها ، و أيضا لا أثر لها ... و في الأخير أبلغت "صفية" أمن المول فقاموا بمساعدتها و البحث معها


إستغرق الأمر ثلاث ساعات كاملة دون أي نتيجة ...


هالة و هي تتلفت حولها بتوجس :


-و بعدين يا صافي ؟ . بقالها 3 ساعات و قلبنا عليها المول كله !!


صفية بعصبية :


-إسكتي شوية بقي يا هالة . أنا مش ناقصاكي دلوقتي .. ثم قالت بتردد ممزوج بالخوف :


-كده . كده مافيش غير عثمان . ربنا يستر بقي !


و سحبت هاتفهها من الحقيبة بأصابع مترددة ، ثم طلبت رقم شقيقها .... !!!!!!!




( 58 )


_ خيبة أمل ! _


في إحدي المقاهي المطلة علي البحر ... تجلس "سمر" هي و "ملك" إلي طاولة صغيرة في إنتظار قدوم أخيها


لقد حرصت علي ملاقاته في مكان عام حتي تجبره علي إلتزام الهدوء ، رغم أنها تعلم أن ذلك لا يهمه في جميع الأحوال


لكنها تعلم أيضا أنه شقيقها أولا و أخيرا ، تعلم أنه سيأتي و هو لا يضمر لها أي شر ، تعلم أنه لن يؤذها أبدا .. لأنها أخته من لحمه و دمه و هو يعرفها جيدا و دائما يثق بها


فقط ما حدث خلال الفترة الأخيرة كان من شأنه هدم علاقتهما الأخوية الطيبة ، و لهذا السبب هي هنا الآن ، تچلس و تنتظره لتشرح له كل شئ


لتقول له أن ما من أحد علي وجه هذه الأرض يغنيها عنه ، هو الأهم بالنسبة لها ، هو إختصار كل شئ تحيا به و من أجله ...


كانت الشمس تتوهج مشعة و قرصها يتوسط السماء ، عندما ظهر "فادي" من بعيد


تعلقت أنظار "سمر" به فورا ، بينما تسمر "فادي" بمكانه كالتمثال عندما رأها ..


كانت عيناه غائرتان و تحيط بهما هالات بنفسجية اللون ، و كما قالت لها "زينب" لحيته نمت بشكل ملحوظ جدا ، و شعره مبعثر في كل الإتجهات


بإختصار حالته يرثي لها ..


لاح علي ثغره طيف إبتسامة ساخرة و هو يمشي صوبها بثبات ، ألمتها نظرته إليها و لم تحاول إخفاء العذاب في عينيها ... جلس "فادي" قبالتها دون أن يفه بحرف


شعر أن نظراته تزعجها فأكثر منها ، و مد يديه نحو "ملك" منتظرا أن تعطيه إياها


تنهدت "سمر" بحرارة و ناولته الصغيرة عبر الطاولة ... قبلها "فادي" و ضمها بشوق لدقيقة كاملة ، ثم أجلسها علي قدمه و راح يمسح علي شعرها بحنان ..


طال الأمر و لم تعد تطيق "سمر" صبرا ، ليخرج صوتها مبحوحا متقطعا :


-فادي !


لم يرد عليها و لم يرفع وجهه حتي ، تجاهلها كليا و واصل الإهتمام بأخته الصغيرة ..


سمر بصوت كالأنين :


-فادي .أرجوك . ماتعملش فيا كده

رد عليا أرجووك !


و هنا نظر لها .. ثم قال بعد صمت :


-عايزاني أرد أقولك إيه ؟! .. كان صوته قاس


سمر بنبرة معذبة :


-رد . قولي أي حاجة .. إللي علي بالك قوله بس ماتسكتش كده.


فادي بسخرية مريرة :


-خليني ساكت كده أحسن . لو إتكلمت مش هيبقي في مصلحتك و الجرح هيتفتح من تاني و هينزف أكتر و مش هقدر أمسك نفسي

أنا عامل حساب لبابا و ماما بس . لولا هما كنت قتلتك بإيديا و إرتحت و مشيت و أنا رافع راسي و و لا ميت عثمان البحيري بتاعك ده كان حاشني عنك . إوعي تكوني فاكرة إنه حاميكي مني . لو كنت عايز أقسم بالله كنت قتلتك و في يومها يا سمر.


تقلص وجهها بألم شديد أمام هذا التأكيد ، بينما أكمل هو بعدم إهتمام :


-أنا وافقت أجي دلوقتي عشان ملك بس . كانت وحشاني و نفسي أشوفها.


-و أنا ! .. همست "سمر" بمرارة


-أنا ماوحشتكش يا فادي ؟


فادي بقسوة :


-لأ . و مش عايز أشوفك تاني أبدا.


سمر بدموع :


-حرام عليك . أنا أختك و ماليش غيرك.


قطب "فادي" حاجباه و رد بإستنكار :


-أختي ؟ هي فين أختي دي ؟ أختي غابت عني . أختي ماتت . ماتت لحظة ما وافقت تبيع نفسها و شرفها

أنا نفسي أفهم . قلبك طاوعك إزاي ؟ قدرتي تعملي كده إزآاااي ؟ أنا كل يوم بسأل نفسي السؤال ده و مش قادر أوصل لإجابة !!!


سمر بصوت ممزق من البكاء :


-قلبي طاوعني و قدرت أعمل كده عشانكوا . إنت و ملك أغلي عندي من نفسي ماليش غيركوا في الدنيا . و علي إيدك ماكناش  نملك أي حاجة و ملك كانت هتموت مننا

ضحيت بنفسي عشان هي تعيش . ماكنتش عايزة حاجة أصلا و لا كنت حطة جواز و لا إرتباط في دماغي . بس لما ظهر البني آدم ده في حياتي و قدملي الحل لكل الأزمات بشرط أسلمه نفسي .. قولتله لأ في الأول . سيبته و مشيت

بس لما شوفت حالتنا و لما كل الأبواب إتقفلت في وشي . ضعفت و رجعتله .. و إختتق صوتها في العبارة الأخيرة


فادي بغضب :


-و كانت فين كرامتك ؟ كان فين حيائك ؟ منظرك كان عامل إزاي قدام نفسك و إنتي رايحله و عارفة إنك هتعملي كل إللي هيطلبه منك ؟ هان عليكي شرفك ترخصيه كده ؟ تفرفي إيه إنتي دلوقتي عن أي واحدة بتقف في الشوارع بالليل عشان تستلقط الزبون إللي هيدفعلها أكتر ؟!


-بــــس بـــــــس ! .. غمغمت "سمر" بحرقة و هي تسد أذنيها بيداها لكي لا تسمع ما يقوله


رمقها بخيبة أمل شديدة ، لتقول و هي تنشج و تغص بصوتها :


-أنا أقدر أستحمل الكلام ده من كل الناس . لكن إنت لأ

إنت ماينفعش تقولي كده.


فادي بسخرية :


-ما أنا بردو من الناس . زيي زيهم لو كنت شوفت واحدة زيك عملت إللي إنتي عملتيه كنت هضم صوتي لصوتهم . الحقيقة مش بتداري.


سمر بإنكسار :


-بس إنت أخويا . لازم تحميني و تخاف عليا مش حد تاني . دلوقتي كرامتك بقت محفوظة أنا متجوزة !


فادي بغضب شديد :


-جواز إيه إللي بتتكلمي عنه ؟ إنتي مصدقة نفسك ؟ ده أنا لحد إنهاردة بمشي موطي راسي في الأرض . أنا إللي كنت بحط صباعي في عين التخين عيني بقت مكسورة دلوقتي . أي حد لو جه شتمني أو سمعني كلام و×× و لا هقدر أرد و لا أعمل حاجة . ماليش عين . راسي بقت في الطين خلاص و كله بسببك . و أنا بعدي في كل حتة بسمع كلام الناس بودني ببقي بتمني الأرض تتشق و تبلعني .. يا ريتني كنت مت يا سمر قبل الفضيحة دي . علي الأقل الناس كانوا هيقولوا أخوها مات و ليها حق تعمل أكتر من كده.


كرهت "سمر" نفسها أكثر بكثير الآن و ردت ببكاء :


-بعد الشر عليك يا حبيبي . يا ريتني أنا إللي كنت مت قبل ما أشوفك أو أسمع منك كل الكلام ده.


فادي بصوت مجروح :


-يا ريت . يا ريتك كنتي موتي و ريحتيني !


إعتصر اللظي قلبها ، لتخفض رأسها و تجهش بالبكاء أكثر ..


-عموما أنا مابقاش ليا قعاد هنا .. قالها "فادي" بجمود ، لتعاود "سمر" النظر إليه فورا و تسأله :


-قصدك إيه ؟ هتروح فين ؟؟؟


-شغلي في البحر الأحمر . هستقر هناك قريب لما ألاقي مكان مناسب .. ثم قال بصرامة :


-هاخد ملك معايا . إعملي حسابك علي كده في أي وقت.


إنتفضت "سمر" بذعر و قالت :


-تاخد ملك إزاي ؟ لأ .. مش هديهالك . ده أنا عملت كل ده عشانها . ملك دي بنتي مش أختي محدش يقدر ياخدها مني.


فادي بصرامة أشد :


-و أنا إستحالة أسيبهالك يا سمر . إستحالة أسيبك تربيها و تطلعيها زيك . مش هسمحلك تبوظيها زي ما عملتي مع نفسك . أنا إللي هربيها أنا إللي هعلمها إزاي تحافظ علي نفسها و تتمسك بأخلاقها و ماتقبلش بالغلط حتي لو سيف إتحط علي رقبتها.


قامت "سمر" من مكانها و مشت ناحيته و أخذت منه "ملك" ثم قالت و قد غدت نبرتها عدائية الآن :


-ملك بتاعتي أنا يا فادي . مش هتاخدها و تبعدها عني . لازم أموت بجد عشان تعمل كده.


إبتسم "فادي" بإستهزاء ، و نهض هو الأخر و قال ببرود :


-أنا ضيعت معاكي وقت كتير في كلام مالوش لازمة . بس أخر كلمتين هما إللي جيت مخصوص عشان أسمعهملك . ملك هتيجي معايا البحر الأحمر حتي لو دخلتي أبو الرجال بتاعك في الموضوع .. بردو هاخدها و محدش هيقدر يمنعني.


ثم إنحني قليلا ليقبل رأس "ملك" و بعدها ذهب ، بينما وقفت "سمر" تحدق في إثره الفارغ مصعوقة


هل يمكن أن يأخذ منها "ملك" ؟ .. "ملك" التي فضلتها عنها و ألقت بنفسها في الجحيم لأجل ففط أن تعيش ؟


لا ... أي شئ ، كل شئ إلا "ملك" .. إحتضتنت "سمر" الطفلة بقوة و تمتمت بتصميم :


-لأ .. محدش هياخدها مني . أبدا !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في مؤسسة ( البحيري الكبري ) ... أخيرا ينتهي الإجتماع الذي إستمر قرابة ساعتان و نصف


يخرج "عثمان" مع عمه من غرفة الإجتماعات مبتسما بإعتداد ، بينما يمشي "رفعت" منتفخ الصدر فخورا بمهارات إبن أخيه التي لاقت إستحسان جميع أعضاء مجلس الإدارة ..


-براڤو يا عثمان Good job بجد .. قالها "رفعت" بإعجاب و هو يربت علي كتفه بلطف


عثمان بتفاخر :


-شكرا يا عمي . أنا ماعملتش حاجة.


ضحك "رفعت" و قال :


-ياسيدي علي التواضع . ربنا يزيدك يابني.


عثمان بإبتسامة خبيثة :


-أول مرة حد يقولي إني متواضع !


-ما أنا بقولهالك برو عتب كده يعني ماتاخدهاش بجد.


إنفجر "عثمان" ضاحكا و قال :


-برو عتب يا عمي ؟ مآااشي . بس بردو أنا ماعملتش حاجة كبيرة أنا وعدت بابا الله يرحمه إني هحافظ علي شقاه و أديني بوفي بوعدي مش أكتر.


رفعت بحرن :


-الله يرحمه . بس ده بردو مايمنعش إنك شاطر و أد المسؤولية.


عثمان بإبتسامة :


-شكرا يا عمي .. ثم شعر في هذه اللحظة بإهتزاز الهاتف في جيب سرواله


مد يده و أخرجه ، ثم رد علي أخته :


-ألو . إيه يا صافي ؟!


جاء صوت "صفية" مرتعشا عصبيا :


-إيه إنت يا أخي ؟ فينك من بدري بتصل بيك من الصبح !!


عثمان بأسف :


-معلش كنت في Meeting مهم . في حاجة و لا إيه ؟


صفية بتوتر :


-بصراحة أه في !


عثمان بقلق :


-في إيه يا صفية ؟ إيه إللي حصل ؟ .. ثم قطب فجأة و صاح برعب :


-سمر جرالها حاجة ؟؟؟


صفية بتردد :


-آا آ . مـ مش . مش بالظبط كـ كده.


عثمان بإنفعال :


-إتكلمي يا صفية إيه إللي حصل ؟؟؟؟؟


صفية بخوف شديد :


-عثمان سمر إختفت . مش لاقينها ... !!!!!!

               الفصل التاسع والخمسون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


 

تعليقات



<>