رواية بين عشقه وانتقامه الفصل السادس والسابع والثامن بقلم علا محمد فائق


 #جحيم_حبك2

#بين_عشقه_وإنتقامه

الفصل الســــادس والسابع والثامن

بقلم علا محمد فائق

"فقـــــــد"

____________


إنتفض "زين" من مكانه مذعورًا من صراخها وعويلها بذاك الشكل وأضاء مُفتاح النور بجانبه ونظر لها ليرى ما يخلع قلبه من مكانه ،،كانت "سيدرا" واضعه كفها على بطنها وتصرخ صرخات مقهورة ورسمت دماء طفله لوحة على ملاءة فراشهما لن ينسوها أبدًا .....


في الأسفل كانت جالسة في المطبخ شاردة ،،تنظر للحديقة عبر ذاك الزجاج الشفاف ،،إرتشفت من كوب الشاي بيدها وشردت في الفراغ مرة أخرى حتى إخترقت أذنها تلك الصرخة التي شقت سكون الليل ،،إرتجف قلبها ولم تستطع حمل ذاك الكوب ،،نهضت من مكانها بسرعة وتوجهت إلى غُرفتها ووقفت خلف الباب تسترق السمع ...

________________


في القاهــــرة (في منزل سليم العيــاد)


-بنتـــي ،،سيـــدرا ،،سيـــدرا يا سليم ،،بنتي فيها حاجه ،،خدني لبنتي يا سليم.


فتح "سليم" عينيه بثقل ونظر إليها بإستغراب واستقام في جلسته ووضع يده على كتفها وسألها بقلق:

-في ايه يا سلوى سيدرا مالها


وضعت يدها على قلبها وأجهشت في البكاء قائلة بنبرة متألمه من مرارة ذاك الوجع الذي تشعر به في قلبها:

-بنتي يا سليم ،،بنتي مش بخير ،،بنتي حصلها حاجه ..خدني عند بنتي يا سليم .


ضمها إلى صدره بحنو وقبّل جبينها قائلًا بهدوء منافيًا لداخله المُتبعثر:

-اهدي يا سلوى ،،اول ما النهار يشقشق هننزل على الصعيد على طول بس إنتِ اهدي الوقتي


-لا يا سليم أنا عايزه اروح لبنتي الوقتي ،،بنتي مش بخير يا سليم ...


بتر حديثهم طرقات عنيفه على باب الشقة ،،إنتفضا على أثر هذه الطرقات العنيفه واتجه "سليم" مُسرعًا نحو الباب ليرى من الطارق في هذه الساعة المتأخره من الليل ،،فتح الباب ليرى "رامي" يأخذ أنفاسه بصعوبه ويستند بيده على الحائط ويبدو وكأنه عداء وخرج للتو من مُسابقة للجري،،نظر "رامي" داخل عيني "سليم" فقرء سليم جميع ما يجول في خاطره قبل ان ينطقه لسانه شعر وكأن قلبه سقط بقدميه وذلك الشعور بالخطر أصاب إبنته حقًا ..


-قول لماما تجهز لازم نروح الصعيد الوقتي حالًا ،،أنا هروح أعرف هاني وهنستناكوا تحت ،،بسرعة يا بابا ،،سيدرا محتاجنا ....


كانت "سلوى" واقفه خلفهم واضعه يدها على قلبها وقالت بصوت مبحوح ودموعها تسيل كالشلالات :-

-بنتي ،،سيدرا .

_________________


كان واقفًا في شرفته ينظر لنقطة فارغة وكأنه ينتظر شئ ما ،،نظر في هاتفه إلى تاريخ اليوم وقال لنفسـه :-

-المفروض اللي مخططله كان يحصل امبارح او اوله ،،هي إتأخرت كدا ليه ،،معقوله يا سميه ضميرك صحى ورجعتي عن اللي في دماغك لو دا حصل فالمرة الجايه هتجيلي ومش هترجعي خالص همحي اسمك من على وش الدنيا...


أعاد نظره مرة أخرى للشارع عندما شعر بحركة غريبه في البلدة ومن ثم رأى سيارة الاسعاف تشق سكون الليل بصفارتها وتتوقف عند سرايا "الصياد" ،،أحكم غلق الستارة جيدًا ونظر من خلفها ليرى "زين" بهيئة مختلفة عن التي يراها ،،فكان يرتدي تيشرت أسود وبنطال رياضي باللون الرصاصي وهيئته مبعثره ،،كان يراقبه من مسافة بعيده لكنه كان يراه بوضوح يرى كسرته يرى خوفه من الفقدان ..


كان "زين" يضع يده حول رأسه ويشعر بالعجز والدموع تسير كالبحور في حدقتيه ،،كانوا يحركونها أمامه كالجثة التي لا روح فيها ،،شاحبه ،،بارده ،،مُستسلمة ،،صعد معها إلى السيارة بعد رفض شديد من الممرضات ولكن هو لا يُبالي بهم ،،أمسك كفها البارد بكفيه وقبله ودموعه الساخنه هبطت على كفها ..

______________


مرّ أسبوع على تلك الحادثة وهي مازالت على حالها ،،دموعها تسيل بصمت وجالسه كالصنم لا تتحرك ،،وجهها باهت كالموتى لا حياة فيه ،،دلفت "سمية" إليهـا وبيديها صنية الطعام ووضعتها بجانبها وتظاهرت بترتيب الغُرفة وقامت بدفع الصندوق الخشبي الذي به جميع أغراض طفلها ليتبعثر ما في داخل الصندوق على الأرض ،،رأت "سيدرا" التي وجهت أنظارها إلى الصندوق وظلت تنظر إليها ولكن دلف "زين" في تلك اللحظه على أثر ذلك الضجيج وعندما رأى الثياب والألعاب مُبعثرة جُن جنونه وصاح في "سُمية" وجذبها من ذراعها خارج الغُرفة وإلتفت إليها ليجدها تركت الفراش وجالسة على رُكبتيها وتحتضن تلك الثياب الصغيرة جداً ولأول مرة منذ تلك الحادثة يسمع صوتها ،،كانت تبكي بصوت عالٍ مُرتجف ممزوج بالقهر ومرارة الفقد وتردد إسم إبنها ،،نزل على رُكبتيه هو الأخر وإحتضنها وأسند رأسه على رأسها ،،سالت دموعه بصمت فمازال قلبه ينزف دمًا على فراق إبنه ...

___________________  


في القاهرة خصوصًا في إحدى الشركات الكُبرى ...


دلف كُلًا من "هاني"و"رامي"كتفًا إلى كتف بحُلتهم الرسمية السوداء وساروا بخطى ثابته شامخه وأفترقوا بنصف المبنى ليذهب كُلًا منهم إلى مكان عمله ،،

كان يسير "رامي" بطوله المهيب وملامح جادة وشعره المصفف لأعلى بعناية شديدة وخطوات واثقه ثابته إلى المكان الذي سيكون به إجتماع الموظفين الجُدد بالمدير ..


طرق طرقات خفيفه وبعدها دلف إلى الداخل وجلس بجانب زملائه بالعمل مُنتظرين مُدير الشركة ،،لاحظ تلك صاحبة الشعر الأحمر الناري التي تنظر إليه ولا ترفع عينيها عنه ،،زفر أنفاسه بضيق فهو يشعر وكأن ملامحها مألوفه لديه ولكنه لا يريد أبدًا أن يلتقى بإحدى الفتيات الذي كان يعرفهن سابقًا وخصوصًا إن كانت على شاكلتها ..


تنحنحت برقة ورفعت أنظارها عنه قائلة بنبرة واثقه حد الغرور وهي تنظر لهم جميعاً بأنف مرفوع :-

-أنا نادين سكرتيرة مستر أدهم مُدير الشركة ،،هو للأسف حصل عنده مُشكلة في فرع تاني فأضطر أنه يروح يحلها وعشان كدا أنا اللي هابدأ الإجتماع بس قبل أي حاجه حابة أتعرف عليكم ..


قالت تلك الكلمات وعلى وجهها إبتسامة متكلفة وعادت بنظرها إليه ونظرت له نظرة ذات معنى ...

________________


في الصعيـــــــد


كان جالسًا على فراشه ويتصفح هاتفه بيد وسيجارته باليد الأخرى ،،سمع طرقات خفيفه على الباب فأستقام في جلسته ورمى تلك السيجارة على أرضية الغرفة ودعسها بحذائه وتوجه نحو الباب وقبل أن يفتح نظر في المرآه على هيئته وإبتسم بغرور وقام بفتح الباب ....


أشرف عليها من خلف ذلك الباب الخشبي الُمتهالك بإبتسامة واسعة ،،تعرف تلك الإبتسامة جيدًا تلك لذة الانتصار ،،رجع بجسده بعض الخطوات للخلف ليفسح لها الطريق فدلفت هي بخطوات ثابته وجلست على إحدى المقاعد فجذب هو مقعد ووضعه مقابل لها وجلس ...


نظرت له مطولًا وبذرة الخوف تلك التي زُرعت بقلبها بمرور الوقت تنمو كثيرًا في حضوره وضعت كف فوق كف وتنهدت بعدم راحة وقالت بنيرة غليظة عكس الخوف بداخلها الذي بات ظاهرًا جدًا بالنسبة إليه :

_ايه هانفضل ساكتين اكده كتير ،،ورايا مصالح والسرايا فيها جلج ولو اتمسكت هجولهم عليك من جبل اول جلم وفي دجايج تلاجي زين الصيا.......


بترت كلماتها عندما أشار أمام ثغرها بالصمت ورسم على وجهه إبتسامة متكلفة وقال بنبرة لينه تنطوي على خبث دفين:

_مش كل شوية تعكري مزاجنا بالسيرة دي النهارده حققنا اول انتصاراتنا وحطينا رجلينا على اول طريقنا ونجحنا سوا وعشان كدا قررت اجيبلك الهدية البسيطة دي ..


أنهى حديثه واضعًا يده في جيب بنطاله وأخرج من عُلبة قطيفة باللون الأحمر وفتحها أمامها لتظهر قلادة صغيرة بها شكل عشوائي تبدو من الذهب الخالص ...


نظرت لها مطولًا نظرة مبهمة ثم أعادت نظرها إليه مرة أخرى وقالت بنبرة جافه :

_ايه دي 


_هدية بمناسبة نجاحنا اقصد نجاحك ...


إستقامت من جلستها وسارت للأمام قليلًا وولته ظهرها وقالت بنبرة مُستنكرة :

_وانا معايزاش هدايا انا مبعملش اكده عشان الفلوس انا بعمل دا عشان ابرد نار جلبي واشفي غليلي منيهم مش عشان ارضيك ولا تچازيني ...


حاول التبرير لها قدر المُستطاع مُتصنعًا الود وهو يقترب منها وقال بصوت هادئ ونبرة حب زائفه :

_يا حبيبتي انا فرحان بس مش اكتر وحبيت افرحك معايا وانتِ متعرفيش يا سمية انت غالية عليا قد ايه عشان كدا هدايتك بالدهب مع ان دهب الدنيا كله ميكفكيش ...


إستدرات لتكون بمواجهته ونظرت داخل عينيه تريد الوصول لتلك البؤرة السوداء بداخل عينيه ،،تأثرت حقًا بتلك الكلمات اللطيفه التي لم تسمع مثلها من قبل بل كانت دائمًا ما تستمع إلى التعليقات اللاذعه والنفور منها بسبب لسانها السليط خاصةٍ الرجال ،،شعرت بحرارة جسدها ترتفع وخصوصا وجنتيها وقالت بصوت مبحوح هادئ:

_بس انا مش عايزه حد يشوفها في السرايا ويشك فيا ...


هتف وهو يخرج القلادة من عُلبتها وعلى وجهه إبتسامة صفراء وقال لها بنبرة طمئنتها:

_لا متقلقيش هما مش فاضينلك ولا هايركزوا معاكي اصلًا ،،يلا بقى عشان عايز البسهالك ..


إستدرات له وشعرت بالخجل الشديد من من تلك اللحظات الرومانسية والمُعاملة الرقيقه ورفعت طرحتها قليلًا ليظهر عنقها ..وضع هو القلادة وتحرك نحوها ليكن قبالتها وأمسك كتفيها برفق وهتف بنبرة راجية:

_عشان خاطري متقلعيهاش خالص مهما حصل ...


نظرت لعينيه بخجل وإرتباك شديد وتركته مُغادرة المكان سريعًا وأطلق هو ضحكة عالية ساخرة عقب خروجها وقال بنبرة متهكمه :

_اما انتوا يا ستات عليكوا حاجات ،،كنت متوقع اني مش هقابل واحدة اخف من سيدرا طلعت سمية جردل شوية هوا يوقوعها في اجدعها حفرة ....

_________________


في القاهــــــرة .....!!


_يا رامـــي ...رامـــي ،،إنتَ مش سامعاني ..

قالت تلك الكلمات وهي تركض خلفه مُتعثرة بسبب كعبها المُرتفع وتنورتها القصيرة الضيقــة التي تُحدد حركتها ،،أمسكت بكفه ونظرت إليه بعشق مرضي اما هو فـ زفر أنفاسه بضيق ونفض يده عن يدها ونظر لها شرزًا وقال لها بنبرة جدية وجافة للغاية:

_في حاجه يا آنسة نادين ..


_رامي انا عارفة انك منستنيش ،،بس مش قادرة افهم ليه بتتجاهلني كدا وانتَ عارف اني ......


بترت كلماتها عندما صاح بها بنبرة منفعله وصوت أجش قائلًا :

_ناديـــن ،،لو سمحتي أنا دلوقتي راجل متجوز حلي عن سمايا ... الجامعه حاجه والشغل حاجه ورامي بتاع زمان مش هو بتاع الوقتي ....


_أنا مش عارفة غير حاجة واحدة بس اني زمان كنت بحبك والوقتي بقيت بعشقك ،،بتنفسك يا رامي


قالت كلماتها الأخيرة بصوت أنثوي رقيق وقد اقتربت منه عدة إنشات ناظرة داخل عينيه ،،

أما هو فظل متسمرًا لثوانٍ يطالعها بنظرات مُستنكرة ومن ثم تركها خلفه وذهب بخطوات واسعة غاضبــه .....


أما هي فإبتسمت بخبث عقب ذهابه وتنهدت بأريحيه شديدة وقالت بنبرة خبيثه :

_وكدا أقدر أقول بدأت أول خطوة ،،كدا انا قربت منك خطوة وهي بعدت نفس الخطوة ...جود لك يا شوق هانم مُقدمًا ...

___________________


حلّ المساء وخلد الجميع إلى مضاجعهم منهم من ذهب في ثبات عميق ومنهم من يعيشون في عالم وردي بنوه على أوهام كبيرة وفي يوم لا يحسبون حسابه حتمًا سيسقطون إلى هاوية تلك الاوهام ويبقون هناك إلى الأبد


في الصعيـــــد .......!!


كان كُلًا من "زين"و"سيدرا"يشاهدون فيلمًا على التلفاز ،،كانت سيدرا جالسة على الاريكة تنظر إلى التلفاز بعينين ناعستين بينما "زين" هبط للأسفل ليحضر بعض التسالي فهو يحاول بقدر الإمكان أن يخرجها من حالة الاكتئاب تلك ...


سمعت "سيدرا" صوت رنين الإشعارات يصدر من هاتفها فاستقامت من مكانها وتوجهت إلى هاتفها والتقفته لترى مِن مَن تلك الرسائل ..

وجدت "رامي" يُرسل لها الكثير من الصور المضحكه واختتمها بصورة تعود له ولشوق وكتب أسفلها عبارة جعلتها تضحك كثيرًا دلف "زين" وابتهج وجهه عندما رأى ضحكتها قد عادت لوجهها من جديد فوضع الصنية جانبا واقترب منها بفضول قائلًا :

_الحلوة بتضحك على ايه ..


_خد إتفرج وانت تعرف ،،انا داخله الحمام ..

قالت تلك الكلمات وعلى وجهها إبتسامة هادئه وأعطته هاتفها ودلفت إلى المرحاض ...


أخذ "زين" الهاتف من يدها وبدأ بمشاهدة الصور واحدة تلو الاخرى وإبتسامته تتسع شئ فشئ حتى وصل إلى صورة لـ "رامي وشوق" بأحضانه وقام رامي بأخراج جزء من لسانه وكتب أسفلها 

"وريها لأبو النسب وقوليله قفا روميو بيسلم عليك"


أطلق سُبابه لاذعه فقد إستطاع فعلا إثارة غيرته على شقيقته بتلك الصورة وفجأه ...

تقوست إبتسامته تدريجيًا عندما وصل إشعار برسالة من رقم مجهول وعُقد حاجبيه عندما ظهر أول سطر من محتوى الرسالة وارتفعت نبضات قلبه لتصبح كالطبول وعلت صوت أنفاسه كثيرًا ....

قام بالضغط على تلك الدردشه وكانت محتوى الرسالة كالصاعقه ...

"البقاء لله يا بيبي ربنا يعوض عليكي بقى في ابنك اللي راح والبركة في اللي جاي وعقبال كل مرة قلبك يتحرق فيها على ايديا وحابب اقولك اني انا اللي خدت روح ابنك وسرقته منك قبل ما يجي على وش الدنيا ،،انا حرمته من حياته زي ما هاحرمك منها قريب وزي ما اخدت روح ابنك هاخد روحك انتِ كمان ومتفتكريش الخرونج اللي انتِ متجوزاه هيطولني ولا هيعرف يعمل فيا حاجه انا خدت روح ابنه وهو نايم جمبك ودخلت سرايته بردو وهو موجود بس انا لسه رحيم بيكي وباقي على العشرة لو حابه ان كل دا يوقف ارجعيلي يا سيدرا ،،تعالي معايا ونبعد عنه وعنهم كلهم ،،فكري انا عارف اني اكيد لسه في قلبك مهما عملتي عشان تثبتيلي انك بتحبي جوزك"


إنتصب من جلسته وأحمر وجهه من شدة الغضب وبرزت عروق رقبته حتى كادت تنفجر وزئر بقوة كالأسد الجريح والقى الهاتف بكل قوته في الحائط ليسقط الهاتف على الأرض قطعتين وصاح بهياج وكأنه ثور لا يرى أمامه :

_يا ابن الكـلـــ***


شاهدت هي كُل ما حدث بعينين متسعتين بصدمة ألجمت لسانها ،،نظر لها أخيرًا عندما سمع أنفاسها العالية وإتسعت حدقتيه بصدمة ممُاثلة لصدمتها فهو لا يُريدها أن تنتكس مرة أخرى أقترب منها فإبتعدت هي ..

وهي تومئ برأسها بالرفض والإستنكار وهطلت عبرة من إحدى عينيها تخبره انه حدث ما كان يخشاه .....



#جحيم_حبك2

#بين_عشقه_وإنتقامه

الفصل السابــــــع 

"بــذرة شــــك"

_______________


شاهدت هي كُل ما حدث بعينين متسعتين بصدمة ألجمت لسانها ،،نظر لها أخيرًا عندما سمع أنفاسها العالية وإتسعت حدقتيه بصدمة ممُاثلة لصدمتها فهو لا يُريدها أن تنتكس مرة أخرى أقترب منها فإبتعدت ..

وهي تومئ إليه بالرفض والإستنكار وهطلت عبرة من إحدى عينيها تخبره أنه حدث ما كان يخشاه .....


سار إليها بخطوات واسعه وأمسك كتفيها ناظرًا إليها وهو يحاول التبرير لها وعيناه متسعتان خوفًا من أن يُكشف أمر "هيثم" أو لا تصدق كذبته الذي لم يؤلفها بعد :

_سيدرا حبيبتي أنا مقصدش رامي ولله ،،صدقيني مكنتش اقصده هو دا ...دا 


صرخت به وهي تنزع ذراعيها من يديه وقالت بنبرة مُنفعله وقد بدأت تفقد أعصابها :

_اومال ايه يا زين اتكلم ،،ايه اللي وصلك للحالة اللي شوفتك عليها دي ..


نظر لها بإرتباك شديد وارتجفت يداه وهو يلوح وقد بدأ بسرد ماحدث بإضطراب شديد جعلت كلماته تخرج متقطعه :

_أنا ...أنا كنت ماسك التليفون و...و ....وفجأه رقم غريب رن .فـ ...فتـحت لـ..لقيت واحد رد وقال كلام كتير مش كويس عنك وشتم وقفل ...أنا اتنرفزت ومـ..معرفتش بعمل ايه .


نظرت داخل عينيه بهدوء رأت ارتجافته تلك وتقطع كلماته ،،قالت له بنبرة هادئه واثقه للغاية :

_انتَ مبتعرفش تكدب يا زين ،،لسانك مش مطاوعك على كدبك وحتى لو لسانك طاوعك فعينك مش مطاوعك ..تصبح على خير يا زين ....


أغمض عينيه بقلة حيلة بعدما مرت هي من جانبه ،،تنهد بثقل شديد وإستدار بثقل واستقلى على طرف الفراش موُليًا ظهره إليها ناظرًا للسماء عبر تلك النافذة بعينين أطفائهما مرارة الحزن والهم ....

___________________


في القاهــــرة.......!!

في منزل "رامي" ..

استلقى على ظهره بعد نوبة طويلة من المرح والتقاط الصورة البلهاء والضحك واستلقت هي على صدره تنام بهدوء وسلام وملامح وجهها كالأطفال اثناء نومهم ،،نظر لها بحب شديد وقبّل جبينها وأعاد نظره لسقف الغُرفة وتحولت تلك الملامح المشاغبه الشقيه إلى أخرى تحمل عبوس شديد وأيضًا حزن ممتزج بخوف من القادم وخاصة بعد ظهورها ،،شرد بعيدًا وكأنه سقط ببؤرة زمنية أخرى ،،سقط بماضٍ يُريد أن يمحيه نهائياً حتى لا ينغص حياته السعيدة تلك ولكن يبدو أن خلف عودتها المفاجأه مُصيبة ينتظرها هو منذ هذة اللحظه ،،زفر أنفاسه بضيق ولمعت عينيه بعبرة حزينه وقال بنبرة نادمة:

_ياريتك كنتي ظهرتي في حياتي من زمان يا شوق ،،ياريتك كنتي اول بنت في حياتي وعنيا مشافتش غيرك ولا غلطت الغلطات اللي غلطها زمان وبإستهتار قولت وفيها ايه يعني هايحصل ايه مكنتش عارف اني هقع في حبك ،،أنا خايف الدفاتر القديمة تتفتح وخصوصا دفاتر نادين ،،خايف أخسرك .....

__________________


وفي مكان أخر خارج مصــر تحديدًا بالولايات المُتحدة الامريكيه ....


كانت تجلس تلك الشقراء بتنورتها القصيرة من الجلد الأسود وسترة جلدية ليس لها أكمام من نفس لون التنورة واضعة قدمًا على الأخرى وتحركهم ببرود ..تنفث دخان سجائرها ناظرة بشرود إلى نقطة ما في الفراغ وقالت بنصف إبتسامة مُتهكمه مؤكدة على حديث ذلك الرجل الجالس أمامها:

_يعني هاني اتجوز بنت صعيدية مُطلقة ،،زي حالاته يعني ،،معقول بعد العسل يروح للبصل ،،بعد بنت الاكابر اللي متعلمه برا الجميلة يروح يتجوز بنت فلاحة متسواش ربع جنيه ...


تنحنح"عُمر"وهو يحاول أن يُخفي إبتسامته المتهكمه وقال بنبرة ساخرة :

_ماهو بردو مقفشكيش وانتِ على سجادة الصلاة يا سوسو ،،انتِ كنتي بتخونيه مش واخده بالك من الموضوع دا وبعدين اللي عرفته يعني انها بنت البلد كلها بتحكي وتتحاكي بجمالها واخلاقها ونسبها ..


نهضت بحركة عنيفة وتركت سجائرها على المنضدة الزجاجيه بجانبها وتوجهت له وصاحت بإنفعال شديد ممتزج بغيرة تُخفيها :

_اولا هو كشفني بسبب غباءك وبسبب الواطي اللي قاله وانتَ معرفتش تغطي على الموضوع ،،ثانيا انا مفيش حد زيي لا في المال ولا في الجمال والرجاله بتترمي تحت رجليا عشان نظرة مني ... 


قطع حديثهما صوت بكاء طفلتيها التي استيقظتا على صوتها العالي فنظرت لغرفتهم بضجر شديد واستياء ثم أعادت نظرها إليه وكأنهما غيرتا موجدتين وأكملت حديثها قائلة بنبرة آمرة تحت أنظاره المصدومة من رد فعلها البارد تجاه طفلتيها :

_هتراقبه وتتابعلي أخباره أول بأول فاهم وتروح لبابا عرفه يزودلي الفلوس اللي في البنك قربوا يخ......


_سمر انتِ بناتك بيعيطوا ولا اتطرشتي ...


_لا على فكرة انا عارفة انهم بيعيطوا بس انا مش جايبه بيبي سيتر وبدفعلها راتب كُل شهر عشان اروح انا اسهر واربي واسكت مليش خُلق انا للكلام دا ....

ردت عليه ببرود شديد وبقلب نُزعت منه عاطفة الامومة وتجردت هي من كُل مشاعر الانسانيه أما عنه فنظر لها من أدناها لأعلاها بنظرة إحتقار وتركها مُغادرًا المكان برمته ......

__________________


عودة مرة أخرى إلى القاهـــرة لكن هذة المرة بــ منزل "هاني" ...


كانت تنظر إليه بنظرة حالمية عاشقة وهو نائم كالأطفال عكس ملامحه الحادة وهو مُستيقط ،،رفعت كفها ولمست ذقنه التي نمت بها بعض الشُعيرات مؤخرًا برقة شديدة حتى عينيه وجبهته وأنفه الطويل وفمه وكأنها عمياء وتريد رسم لوحة لمعشوقها بداخل قلبها ،،لا تعلم كيف أحبته ومتى دخل الحُب قلبها ،،أصبحت تدمن النظر إليه ،،أن تغرز أنفها في ثيابه لتشُم عبق عطره وهو خارج المنزل هي العادة المُفضلة بالنسبة لها وهو يعلم جيدًا كيف يُزيد مقدار العشق في قلبها يومًا عن يوم بذلك الحنان والحُب الذي يعطيه لها بغير حساب ،،أحبته حُب الابنه لابيها وحب الاخت لاخيها وسندها في الحياة ،،يحنو عليها كوالدتها ويُحبها كعاشق لم ترى عينه امرأة غيرها قط ...

تنهدت بحب وهي تنظر له واقتربت بعدها بهدوء ووضعت رأسها على صدره ونامت بأريحية شديدة .....

______________


في مكان أخر بالقاهرة ...........!!

في منزل "نادين"كانت نصف جالسة وتشاهد تلك الصور التي أرسلها أحدهم للتو بإبتسامة خبيثه وأخذت تقلب واحدة بعد الاخرى وكانت تلك الصور لرامي ولها أيضًا .....!!


نظرت للفراغ بإبتسامة شيطانية وتذكرت كيف تعمدت التقرب منه هكذا عند الحديث مُستغله صدمته من أفعالها وكلامها وقد اتفقت مع أحدهم على أن يلتقط لها تلك الصور ،،قطع شرودها وافكارها الخبيثه رنين ذلك الهاتف وقد ظهر على شاشة الهاتف اسم "أدهم"...

زفرت أنفاسها بضيق وإستقامت وقد تعكر صفو وجهها وأخذت شهيق عميق وأخرجته وأجابت على الهاتف بإبتسامة صفراء وقالت :

_ازيك يا حبيبي ...

جاءه‍ا رده فقالت بنبرة مُتكلفة ردًا عليه:

_وانتَ كمان وحشتني جدًا ...

وقال لها شيئًا أخر فعبست بوجهها قليلًا ومن ثم انفرجت اسارير وجهها مرة أخرى قائله بحماس :

_نتقابل بكرة ماشي ،،بس قولي على المفاجأة الوقتي بقى ......

_____________


ونترك هؤلاء منهم من ينام وباله لا يصفو من الهموم والمشاكل التي تلاحقه بإستمرار وآخرون نائمون بسعادة وراحة بال بعدما عرفوا أخيرًا للعشق معنى وهناك من أكلت النيران قلوبهم وعم السواد داخلهم فينامون ويصحون على أمل إفساد حياة اولالئك السعداء ولا يعلمون أنهم بالفعل استطاعوا أن يفقدوهم لذة السعادة وراحة البال مع من يحبون ونذهب الأن إلى منبع الشر الحقيقي إلى شيطانًا تلبس هيئة بشر ..

قاتل ..سارق ...مزور وما خفي كان أعظم ولكن لكل أنٍ أون .....

_______________


في مُحافظــــة قنــــا


كان واقفًا ينظر من النافذة إلى نقطة فارغة وينفث دخان سجائره بهدوء شديد ويسترجع تلك الذكريات الخاصة بعائلته المفككه يتذكر كيف كان يتفنن في جعل والده تعيسًا بكل الأشكال وبالفعل نجح عندما توفي والده على اثر نوبة قلبية بسببه ،،يتذكر وقتها كيف كان يسير في جنازته شامتًا في وفاته ولديه شعور بالفخر أنه أخذ حق والدته ،،نفخ دخان سجائره بعنف هذه المرة ورمى السجائر تحت قدمه ودعسها بغل شديد وهو ينفض من رأسه تلك الذكريات وأخرج هاتفه من جيب بنطاله وبحث في سجل الأسماء حتى وصل لهدفه المنشود وأجرى اتصالًا هاتفيًا بإحداهن :

_ايوه يا هدى ،،عامله ايه ..


أجابته تلك الفتاة التي دخلت بيتها للتو بتلك الملابس التي تُظهر اكثر مما تخفي وجلست تخلع ذلك الكعب وهي تجيبه بنبرة أنثوية ناعمة :

_كويسة يا حبيبي ،،عاش من سمع صوتك ..


اصتكت أسنانه ببعضها بعنف وقال لها بنبرة مُحذرة:

_قولتلك مية مرة بلاش النغمة دي معايا عشان انتِ اخر واحدة ممكن أفكر فيها ،،قصري كدا عشان مش هاتجيب معايا ،،أخبار شغلك ايه ..


زفرت أنفاسها بضيق وقالت وهي تسير بجسد مُنهك حتى وصلت إلى فراشها وارتمت عليها قائلة بملل :

كويس ،،زي العادي بقضي طول اليوم هناك وبرجع الوقتي كدا ....


_حلو شوفيلي خمسه ولا سبعه كدا واديهم لمصطفى يديهملي ...


إتسعت حدقتيها بصدمة وقالت بصوت عالٍ قليلًا بإستنكار :

_نعم خمس ولا سبعة ايه يا هيثم ،،إنتَ اتجننت ..


_لا يا دودو متجننتش ولا حاجه بس شكل الفلوس نستك الملجأ ونومة الشوراع ونستك مين مدلك ايده وشغلك شغلانه بتاكلي من وراها الشهد ....


_يعني شغلتني شغلانه نضيفة اوي عشان تمن عليا كل شوية ولا حتى بتتعب فيها نص تعبي ما كله عرقي وشقايا ،،شاطر انتَ تغطس كل شوية وتقب تقشطني وتغطس تاني ...


_هدى ،،رقم مُدير النايت كلب معايا متنسيش يا حبيبتي أحسن تلاقي نفسك بكرة في الشارع لقدر الله ولا حد مشوهك بعد الشر عليكي ،،من غير كلام كتير يا هدى عقلك في راسك ياحبيبتي وانا هاكلم مصطفى بعد بكره ....


أنهي ذلك التهديد الواضح وأغلق الهاتف في وجهها مُبتسمًا بشر وتنفس شهيق عميق براحة ......


نظر إلى هاتفه مرة أخرى وهو يتذكر ماحدث اليوم وخاصة منذ عدة ساعات بإبتسامة عريضة وتذكر كيف تعمد كتابة الجملة الاخيرة بخصوص العودة إليه في الرسالة الموجهه لـ"سيدرا" وكيف إختار التوقيت المناسب وذلك طبعا بفضل "سُمية" وإخبارها له بالميعاد المناسب ورد فعل "زين" وكأن الرسالة لم تكن لـ"سيدرا" بل كانت موجهه لـ"زين" كان بمثابة إلقاء لبذرة الشك في قلبه ويعلم "هيثم" جيدًا كيف سيرويها لتقتلها ثم تقتله ... 


إستدار متوجهًا إلى حائط مكتوب عليه عنوان وتم الشطب عليه بمعنى أنه تم ...


نظر لأول عنوان تم الشطب عليه تحت عنوان "الإجهــــاض" بإبتسامة منتصرة وأمسك القلم وهو يكتب العنوان الثاني والذي يعني الخطوة القادمة وكانت تحت عنوان 

"إزرع شكًــــا تليهــــا خيانـــــة فتسيـــل الدمـــــاء .......!!"


#جحيم_حبك2

#بين_عشقه_وإنتقامه

الفصل الثامـــــن

"كُشـــف أمــــــري"

_____________

في مُحافظــة قنـــا .....

في صبـــاح أحد الأيام ..

_____________


هبطت "سيدرا"أدراج ذلك السُلم المؤدي للأسفل حيث البهو ...


دلفت إلى المطبخ ونظرت إلى "سمية"و إلى اطباق الطعام وتقدمت منها وحملت طبقين ...وألقت عليها تحية الصباح ...


نظرت لها "سُمية" بإستغراب من فعلتها تلك وقالت وهي تنظر لها بريبة :

_صباح النور .. بتعملي ايه ..


نظرت لها "سيدرا"بنظرة هادئة وقالت ببساطة :

_بساعدك ،،مهما كان البيت كبير عليكي والاول كان في شوق وشمس ...


اومأت برأسها وهي مازالت تشعر بالغرابة من تصرفها وحملت طبقين وسارت خلفها وكرروا الفعله حتى أنهوا تحضير مائدة الفطور ...


نظرت لها "سيدرا" بإبتسامة هادئه وربتت على كتفها قائلة بنبرة لينه ودوده :

_يلا روحي انتِ كمان افطري وانا هابقى أحول الأكل لما نخلص ..


_بس ..


بترت "سيدرا" كلماتها قائلة بنفس الابتسامة :

_خلاص بقى يا سمية منا كنت في بيت بايا بعمل كدا ،،يلا روحي افطري ...


سارت "سُمية" حتى المطبخ بهدوء وقالت بنبرة قلقه متوجسة :

_معرفاش ليه مش مطمنالك يا بت العياد ،،تكون عرفتي اللي عملته وناوية تجتليني ،،انا لازم أحرص منها جوي الأيام دي ولازم اشد حيلي واخلص منها ،،مش عايزه اعيش في الرعب دا كَتير ...


على الجانب الأخر ...


تنهدت "سيدرا" مطولًا وقالت لـ"زين" بنبرة حزينه :

_زين بالله عليك سيبها تروح لحالها ،،احنا لسه عايزين منها ايه ،،عفى الله عما سلف ..


نظر لها بثبات وقال بنبرة مُتصلبة : 

_سمية حية ،،ميه من تحت تبن ولو سيبتها مش هاتروح لحالها زي ما بتجولي دا هتروح تتفج مع اي حد عشان تأذينا زي ما اتفجت مع اخوها جبل اكده ومش بعيد تعتر في هيثم ونبجى وجتها فتحنا على حالنا باب چهنم ...خليها اهنه تحت عنينا وبين ايدينا .


اومأت برفض وقالت بنبرة مُستنكرة : 

_إنتَ واخد فكرة وحشه اوي عن سمية يا زين ،،هي اها غلطت زمان بس حسيتها الوقتي اتهدت وبعدين يستحيل تقدر توصل لهيثم او تتفق معاه او تفكر تعمل حاجة وحشه ...


_ليه يا سيدرا ،،هي سمية ملاك ولا انا چيبتها چبروت مني ولا هي اللي حاولت تجتلك وأنا متأكد انها صاحبة الفكرة لأن اخوها عبيط وبيحفر الحفرة ويجع فيها بمزاچه ،،اللي فكرت تجتل مرة هاتفكر تاني وتالت وهتنفذ ومش هاتجع زي ما وجعت اول مرة ... انا خارچ ..

ونهض مُهندمًا عبائته وخرج من السرايا مُتجاهلًا ما كانت ستقوله ...

______________


كان جالس يتأفف بضجر من ذلك الذباب الذي يصدر طنين مزعجًا بجانب أذنه وأطلق سبابة لاذعه قائلًا بنبرة مُستاءه :

بلد هم وناسها هم وحاجه قرف ،،اخلص عليكي بس وهولع في المكان دا ببنزين وسخ ..


سمع رنين هاتفه يعلو مُعلنًا عن مكالمة ،،أمسك هاتفه بحنق وأجاب بنبرة جافه :

_خير ..


كان ينظر بملل للفراغ وهو يحادثها لكن فجأه بدأت تروي هي ما أثار انتباهه وبدأ يتحرك في الغرفة ذهابًا وإيابًا وقال بنبرة مُهتمه:

_إنتِ متأكده من اللي بتقوليه دا يا سمية مش عايزين نعك ...


إستأنف حديثه وهو يقطع كلماتها بضجر شديد:

_خلاص بلاش لسان زفر ،،أنا بتأكد بس من اللي بتقوليه لأن دا هايجي في صالحنا وهايسهل علينا كتير اوي ،، بقولك ايه اقفلي الوقتي وانا شوية واكلمك ....


أنهى ذلك الأتصال ونظر للنافذة وأشعة الشمس التي تتسلل منها وقال بإبتسامة تهكمية مُستخفه :

_ولله وغبائك هيوقعك بين ايديا تاني ،،هتفضلي طول عمرك غبيه مهما اتأذيتي هتفضلي غبية ....


____________


كان واقفًا وسط تلك الأراضي الزراعية يرى العُمال والفلاحين يؤدون أعمالهم بإنتظام على أكمل وجهه وهو ينظر إليهم بشرود وهو يسترجع محتوى تلك الرسالة التي وصلت إلى هاتفها في هذه الساعة ..كيف وصل هو إلى رقم هاتفها وكيف أتته الجرأه ليطلب العودة رُغم كُل ما فعل ،،كيف دلف إلى السرايا في ذلك اليوم ،،لماذا يشعر انه قريب كظله ولكن لا يعثر عليه في اي مكان بحث فيه ،،زفر أنفاسه بضيق شديد وتشتت عقله وتبعثر داخله ليدخل في نوبة من الحيرة والتساؤلات لن تنتهي على خير ........!!


________________ 


في القاهـــــرة ........!!


كانت صوت قهقهاتهم تملئ غُرقة عملهم وقال أحدهم وعينيه قد سالت منهم الدموع من كثرة الضحك :

الله يجازي شيطانك يا رامي إحنا هانتفصل بسببك ...


هز بكتفيه بلا مبالاة وهو يقول بجدية مُصطنعه :

_معرفكوش ،،أنا ضحكت أنا اتكلمت بس ،،وبعدين إحنا في استراحة محدش له عندنا حاجه ...


قال أحدهم بنبرة حانقة لاويًا شفتيه بإستياء:

_لا يا اخويا الست نادين سكرتيرة أدهم بيه مش بتبطل تحشر مناخيرها في كل حاجه ومحسسانا أنها هي صاحبة الشركه مش أدهم بيه ...


أجابه الأخر بنبرة ضائقه :

_ياعم ما انتَ عارف اللي فيها وعارف انها بينا وبين بعض كدا هي صاحبة الشركة وأدهم بيه إسم ،،ماهي رفدت واحد قبل كدا رغم انه معملش حاجه ...


نظر لهم رامي ببلاهه وهتف وهو يضرب المكتب بقبضته كنوع من إثارة إنتباههم :

_لا بقولكوا ايه متاخدونيش في دوامة ،،يعني هي صاحبة الشركة انا مش فاهم حاجه ...


أجابه ثالثهم بنبرة ذات معنى تصحبها غمزة خبيثه :

_هي وأدهم بيه زي ما انتَ فاهم بقى يا روميو ....


إخترق أذنهم صوت أنثوي يحفظوه جيدًا هاتفًا بنبرة صارمة :

_لا إتفضل فهمني معاك ،،أنا وأدهم بيه ايه ...!!


نظر أربعتهم إلى بعضهم البعض ثلاثة فقط كانوا خائفين من رد فعلها وتأثيرها على حياتهم العملية إلا هو ،،هو فقط أدرك أنها حقًا لا يُستهان بها وأنه حقًا أمام عقبة حقيقيه ....


_______________


في مساء ذلك اليوم ...


عاد "زين" إلى السرايا مُتأخرًا بعض الشئ ،،دلف من الباب ليجدها منطوية على نفسها في أحد أركان الأريكة الموجوده بالصالون وقد غلبها النعاس ،،إبتسم إبتسامة عاشقة على فعلتها وإنتظارها لها في ذلك الوقت المتأخر رغم حالة التوتر الذي يعيشونه ...


إتجه نحوها وانحنى ليحملها ففتحت هي عينيها بكسل شديد وإبتسمت بهدوء واضعة رأسها على صدره بحُب إلى أن وصلا إلى غُرفتهم ووضعها على الفراش ...


اعتدلت هي لتجلس بجانبه ووضعت رأسها على كتفه وقالت بنبرة حزينة يخالطها الإشتياق :

وحشتيني يا زين ..ليه سيبتني النهارده ومشيت من غير حتى ما تسلم عليا ،،مهما حصل مش عايزاك تعمل كدا ولا تاخد موقف لمجرد اني اتكلمت عن سمية او غيرها ...


ضمها إليه بحُب يشعر وكأنها طفلته التي حزنت لغضب والدها منها ،،قبّل جبينها وأسند رأسه على رأسها قائلًا بحُب :

حجك عليا يا سيدرا ،،أنا فعلًا غلطت ،،بس إنتِ مينفعش تكوني اكده طيبة وهبلة ماتعرفيش السما من العما ،،لازم تعرفي اللي جدامك دا ايه وعايز منك ايه ..


_حاضر يا زين هاعمل كدا بس بردو مهما عملت متدنيش ضهرك وتمشي تاني ،،المرة الجاية هزعل بجد ومش هصالحك ...


قهقه بخفة على جملتها الأخيرة وقال وهو ممسك بذقنها بمشاكسه :

_متجدريش تزعلي مني ،،مهما عملت عارف ان جلبك ميجدرش يزعل مني ولا يجسى عليا ..


نظرت له مطولًا وعلى وجهها إبتسامة خلفها حزن كبير ولا تستطيع نسيان ذلك الحلم المزعج الذي رأته في تلك الليلة شردت هي في تفاصيل ذلك الحلم ولكن هو إنتزاعها بصوته العالي الهاتف بإسمها ،،نظرت له بإنتباه شديد ومن ثم تحول ذلك الانتباه لعقدة حاجبين واستغراب شديد وقالت :

_دا ايه ..


_تليفون بدل اللي كسرته ...


تنهدت بضيق وقالت بنبرة حانقة :

_بتفكرني بيه تاني ليه ...


_خلاص بجى اللي حصل حصل ..


نهضت هي فجذبها من ذراعها نحوه لتسقط جالسة مرة أخرى على الفراش وقال لها بتساؤل :

_راحة فين 


أجابته ببساطة شديدة وهي تهز كتفيها :

_هاجيب الشريحة من الفون ..


هتف هو بإستنكار وخلف رفضه معنى أخر :

_لا أنا چبتلك شريحة تانيه ،،سيبى اللي في التليفون زي ما هي ...


اومأت برأسها بالإيجاب والتقفت منه الهاتف لتشغله وهو نهض لتغير ثيابه ....


بعد مرور ساعتيــــن .......!!


كانا يجلسان يشاهدان فيلمًا على التلفاز ...

تثائبت "سيدرا" وقالت بعينين ناعستين :

_انا معتش قادرة ،،يلا ننام ..


إلتقف "زين" جهاز التحكم الخاص بالتلفاز من جانبه وأغلقه قائلًا بصوت مُتعب :

_كنت لسه هجولك إكده ،،أنا كمان مش شايف جدامي ...


نهض من مكانه بخطوات متثاقله وقال لها :

_هروح أشرب وچاي على طول ..


اومأت برأسها بالإيجاب ونهضت هي الأخرى من مكانها ....


هبط "زين" إلى الأسفل بجسد مُنهك للغاية بالكاد يستطيع ان يسير تلك الخطوات ويعود إلى فراشه ليغط في نومًا عميق ،،دلف إلى المطبخ حيث الأضواء مازالت مـنارة ..هز رأسه بقلة حيلة وقام بفتح باب الثلاجة لينظر إلى محتواها قليلًا ثم يخرج زجاجة المياه وأغلق الثلاجة ورفع زجاجة المياة على فمه وأثار إنتباهه هاتفها الموضوع على تلك الطاولة أمامه ....


على الجانب الأخر ....


كان "هيثم" مُستلقى على فراشه ينظر إلى سقف الغرفة بملل شديد وقد رسم خطته القادمة بحرفية شديدة حتمًا ستودي بحياة سيدرا إلى الهلاك ،،إعتلى ثغرة إبتسامة شامته عندما تخيل ما سيحدث عندها وهذا أثار الحماس الشديد داخله فنهض وأمسك هاتفه وأجرى إتصالًا هاتفيًا بـ "سُميـــــة" ،،إنتهى الإتصال في المرة الأولى ولم تجب فنظر للهاتف بحنق قائلًا :

_هو دا وقته نوم يا قلب ماما ،،أنا وراكي اهو لحد ما تصحي ....


في السرايـــا....


نظر للهاتف مطولًا عندما أنار وإهتز مُعلنا عن مكالمة من أحدهم نظر إلى الخارج ليرى هل أتت أم لا ،،إنتهى الإتصال وهو مازال ناظرًا للهاتف بفضول شديد وإلى الخارج ،،حسم فضوله عندما أنار الهاتف مرة أخرى وتوجه إلى الطاولة بخطوات بطيئة للغاية حتى وصل للهاتف وأمسكه ناظرًا لذلك الرقم المجهول الذي يرنّ في تلك الساعة ،،يشعر وكأنه رأه من قبل ..ضغط على زر الإيجاب بصمت رهيب ورفع الهاتف ووضعه على أذنه أمام أنظار تلك الواقفه بذعر على عتبة المطبخ تشعر بجسدها وكأنه قطعة من الجليد وداخلها يرتجف وقلبها يكاد ينفجر من كثرة دقاته وعقلها يُردد 


"الليلـــة ستكــون نهايتــك حتمًــا ...قُضــي عليــك ...!!"

                    الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>