____ (جحيــــم حُبــــــك 2) ____
___(بين عشقـــه وإنتقامــــــه)___
___ (الفصـــــل السابـــــع عشــــــر) ___
والثامن عشر
____("ضحـــــــية أم مُذنبـــــــة")____
_______________________________
"يعني ايه مش موجوده ..!!!"
قالها هيثم وهو يشعر أن قلبه يكاد يتوقف بعدما ألقت عليه"هدى"الممرضة المزيفة هذا الخبر ..
"زي ما قولتلك ،،السرير فاضي وهي زي ما يكون فص ملح وداب دورت في المستشفى كلها زي ما تكون اتبخرت ملهاش اي اثر"
"اهلها فين اكيد هي معاهم"
غمغم هيثم مُبررًا اختفائها مُتعلقا بأمل أن يجدها في بيتها والمحيط الذي يعرفه ..
"يستحيل اهلها نايمين مش حاسين بحد ،،زمانهم صحوا الوقتي وهيبدأو يدوروا في المستشفى احسنلك اخلع من هنا قبل ما تتمسك وتلبس فيها"
قالتها هُدى بلا مبالاة وهي تستعد للذهاب بعدما أبدلت ملابسها منذ قليل قبل الالتقاء به ،،أما هو فـ صمت وسار بعيدًا عن المشفى وعقله ذهب كالمجنون "اين ذهبت؟"..
______________
"في سرايا الصياد"
"هجتلك واشرب من دمك يا سمية"
قالها وهو يعصر عنقها بين قبضتيه والشر يتطاير من عينيه ..
سعلت سمية بشدة وتشعر أنه سيخلع رأسها من قوة قبضته على عنقها
ازاح قبضته عن عنقه ولوح بسبابته في وجهها قائلًا بوعيد :
_انا هدفعك تمن بياعتك ليا يا سمية ،،هيثم باعك للي مبيرحمش ،،وعهد الله لو سيدرا چرالها حاچه لموتك واموته ..
أنهى كلماته وهو يلقيها في غرفتها بقوة جعلتها تفترش الأرض وأغلق عليها من الخارج بالمفتاح ..
_____________
فـي المستشفـــــــى ..
كان باب الغرفة مفتوحًا على آخره ..
سليم يقف بـ عتبة الباب ينظر يمينًا ويسارًا ينتظر خبرًا من العاملين والممرضين الذين يبحثون عنها وسلوى كانت تقف بداخل الغرفة تنظر من النافذة علها تلمح أثرًا لحبة قلبها التي تبخرت كالمياه في لحظة ..
أما عنه ..
كان يسير بهدوء شديد في الممر المؤدي لغرفة سيدرا وتفاجأ بوالده على الباب ..
_أختك فين يا رامي ..
قالها سليم متمتمًا بجمود وهو ينظر له نظرة بها قلة حيلة ..
_أختي فين ازاي ،،سيدرا مش جوا ..!
ترك الأكياس التي كانت بيده على الأرض ودلف إلى الداخل مسرعًا وهو ينظر بصدمة لسريرها الفارغ ..
_سيدرا فين يا رامي ،،هي طلبتك إنتَ بالأسم قبل ما تمشي ،،وديتها فين ..
غمغم سليم بتلك الكلمات وهو واضع يده على كتف رامي مُلقيًا عليه ذنب إختفائها ..
نظر رامي لـ سليم نظرات مبهمه وقال مُدافعًا عن نفسه مُبررًا موقفه :
_معرفش هي طلبت مني شوية حاجات من السرايا ومطلبتش هاني عشان خافت يمسك في زين وتحصل مشكلة كبيرة ..
_روحتي فين يا سيدرا ،،روحتي فين يا بنتي ..
قالها تاركًا كتفه وجلس بجانبه على السرير بظهر محني وقلب أجهدته كثرة المصائب والأحزان ..
______________
في القاهـــــــرة
كان هاني جالسًا في بلكونة غرفته يُحاول أن يُجري اتصالًا بـ سمر ليتفاوض معها كي يأخذ طفلتيه ولكن هي تقابله بالتجاهل ..
فُتح الخط فـ رد هو بلهفــة مُشتاقًا إلى رؤية إبنته بأي ثمن تطلبه هي ولكن إنطفئت تلك اللهفه عندما أجابه رجل غريب :
_حضرتك تعرف صاحبة التليفون دا ؟؟
_ايوه انا طليقها ،،في حاجه ..
_صاحبة التليفون دا اتوفت في حادثة وحاليا هي في مستشفى (......)
وكأن تلك الكلمات أصابته بالشلل سقط جالسًا على الكرسي ورائه وصوته أنفاسه تعلو وتعلو واغرورقت عينيه بالدموع وقال بنبرة متهدجه :
وبناتي ،،بناتي فين ..
جاءته صوت صفارة تعلن عن انقطاع الخط فـ سقط الهاتف من يديه المرتعشه في اللحظه التي جاءت بها شمس ..
إتسعت حدقتي شمس من حالة هاني وجلست على ركبتيها لتكون بمستواه وقالت بنبرة متسائلة :
_مالك يا هاني ،،سيدرا چرالها حاچه ..
_بناتي ،، سمر عملت حادثه وبناتي معاها .
قالها وهو واضعًا يده حول رأسه محني الظهر بنبرة مكسورة ..
_ايه مين اللي جالك ،،العيال عاملين ايه ..
غمغمت شمس بتلك الكلمات بنبرة مصدومة بها خوف حقيقي على طفلتيه ..
_واحد اللي رد عليا قالي ماتت واداني عنوان المستشفى والخط فصل
_لا حول ولا قوة الا الله بالله ،،طيب ما تروح المستشفى يمكن مكانوش معاها ،،يمكن سابتهم زي ما جولتلي في اي مكان وخرچت ،،جعدتك ملهاش فايدة
قالت تلك الكلمات بنبرة هادئه وهي تربت على كتفه تناشده لينهض ويذهب لـ طفلتيه ..
رفع رأسه ونظر لعينيه وكأنه يستمد الأمل منها وقال بنبرة خفيضه يأسه :
_تفتكري يا شمس ..
_إن شاء الله خير ،،خلي عشمك في ربنا كبير يا هاني .
______________
بعد مرور ساعتين وربما أكثر ..
صف سيارته أمام المستشفى ونزل منها يركض للداخل ولكن سقط قلبه بقدميه وبردت أطرافه رغم حرارته المرتفعه عندما قابلهم قادمين نحو سلوي تسير بإنهاك شديد وعينين متورمتين من كثرة البكاء ويمسك بها سليم من جانب ورامي من الجانب الاخر بوجوه واجمه وهي ليست معهم ..
سار بضع خطوات نحوهم وقال بفزع :
_سيدرا فين .
وكأنهم لم يروه ولم يسمعوه لم حتى يرفعوا رؤوسهم إليه ..
دفع رامي في كتفه وصاح بصوت عالي :
_سيدرا فين يا رامي رد عليا ..
رفع نظره إليه لينظر له بقدحين يغليان من الغضب وأجابه بلكمة أطاحت به عدة أمتار جعلت فك الأخر ينزف من قوته :
_بتسأل عنها ليه ،،إنتَ مش طردتها من بيتك ،،مش طلعتها من حياتك ،،جاي ليه ،، مين اداك الحق تسأل عليها ..
_أنا لسه جوزها ،،وليا حق فيها أكتر من اي حد هنا ،،مراتي فين ..
غمغم بنبرة مُحتدمة وهو يلوح بسبابته في وجهه رامي
تمتم ببرود ولا مبالاة :
_تمام ،،أنا اقتنعت كدا فعلا ..عموما مراتك مش موجوده ،،اختفت ..
تقدم منهم مرة أخرى وهو يتوسل إجابة تخمد نار قلبه المشتعل قائلًا :
_يعني ايه ،،مراتي فين يا رامي ،،سيدرا فين يا عمي .
خرج سليم عن صمته أخيرًا ونظر له نظرة معاتبه وقال بقلب يحترق على فلذة كبده :
_يعني مراتك هربت يا زين ،،هربت مننا كلنا بسببك ،، ذنب بنتي في رقبتك يا زين
ربنا يسامحك يا اخي .
مروا من جانبه وهو متسمرًا كالصنم مكانه وكلمات سليم أصابت قلبه حقًا وكأنها مؤامرة لحرق قلبه وتمت الأن بكلماته ،،بردت الأجواء فجاءة وأسودت دُنياه وصُمتّ أُذناه وعُقد لسانه وهامت روُحه خلفها تبحث عنها وهو مازال واقفًا في مكانه ..
________________
في السرايـــــــا .
كان معها نسخة أخرى من مفتاح غرفتها بحثت عنها كثيرًا حتى وجدتها وتسللت خارجًا بعدما أخذت سكينًا من المطبخ وتركت السرايا تعرف وجهتها جيدًا عاقدة العزم على تنفيذ خطتها .
ذهبت إلى المكان الذي يختبئ به فوجدته فارغ فأجرت اتصالًا هاتفيًا به ..
كان في طريقه إلى القريه ليأخذ بعض المتعلقات الخاصة به ووجد هاتفه يرنّ ..
نظر للهاتف ثوانٍ بإستغراب وأجاب ..
_إنتَ فين يا هيثم ،،أنا بدور عليك من الصبح .
_بتدوري عليا من الصبح ازاي ،،في ايه ..
إزدرد لعوبه بإرتباك وهو يستشعر صدقها خوفًا من اكتشافها لفعلته ..
_منا سيبت السرايا النهارده الصبح ،،لجيت ملهاش لازمه افضل هناك فكرت لو تاخدني معاك مصر وبعدها كل حي يروح لحاله ..
_اها ،،عندك حق بردو ..عموما انا جاي عندك اصلا عشان في شوية حاجات عايزها ..
قالها ومعدته متعكرة من ناحيتها فهي مثله لا يعلم ماذا حدث وماذا تنوي ..
_وماله جولي عايزني أچيبلك ايه ونتجابل ..
_______________
في القاهـــــــرة ..
وصل هاني إلى المشرحة الخاصة بالمستشفى بعدما أخبرته موظفة الاستعلامات عن وصولها فقط إلى المشفى في ذلك الحادث
قابل الطبيب أمام الباب وكان الباب مواربًا أظهر وجهها الشاحب ،،لم يُطل النظر حيث نحى ببصره سريعًا عنها ونظر للطبيب الذي قال له :
وصلت المستشفى ميته والاصابه كانت شديدة ،،للأسف كانت سايقه وهي سكرانه ..
نظر لها بأسف على الحالة التي وصلت إليها وقال :
_الله يرحمها ويسامحها ..
غمغم الطبيب بنبرة عملية وهو يعطيه حقيبتها :
_دي المتعلقات بتاعتها وياريت حضرتك تمضيلنا على شوية عشان اجراءات الدفن .
فتح الحقيبه وأمسك بالهاتف محاولًا فتحه لكنه فشل ،،زفر أنفاسه بضيق لاعنًا نفسه على عدم محاولته الحصول على عنوانها من قبل وسار مع الطبيب لينهي إجراءات دفنها ..
أثناء توقيعه أهتز الهاتف بيده ففتح الخط سريعًا ..
أتاه صوت لسيدة يبدو وكأنها تجازوت الخمسين وربما قاربت الستين من عمرها تقول لها بحنق :
يابنتي كل دا في الطريق ولادك ماتوا من العياط وانا مش عارفه اعملهم حاجه .
_ايوه يا حجه انا ابوهم ،، هما فين ..
قالت السيدة المسنه بفضول :
_ابوهم وسمر فين ؟
أردف هاني بنبرة مُتعجله وهو يسمع صوت بكاء طفلتيه :
_سمر تعيشي انتِ يا حجه ،،اديني العنوان وانا مسافة السكه هكون عندك ..
_لا حول ولا قوة الا بالله ،،ايه اللي حصلها دا كانت لسه بتكلمني ..
زفر أنفاسه بضيق وأغمض عينيه بنفاذ صبر وقال متصنعًا الهدوء:
_لما اجي هقول كل حاجه ،،اديني العنوان بس .
________________
مرت حوالي ساعة أخرى ..
سمعت شمس رنين الجرس فتوجهت ركضًا صوب الباب تفتحه بلهفة ..
أشرف عليها من خلف الباب وعلى وجهها إبتسامة تُنير وجهه كما لم تراه من قبل وأمامه عربة وبها طفلتيه نائمتين كالملائكه ..
حمل العربة ليدلفوا من الباب وادخلهم إلى غرفته وشمس خلفه تنظر إليهما بلهفة وحب ..
وقف ونظر لها ومازالت الابتسامة على وجهه ومال عليها مقبّلًا جبينها وقال :
_شوفتي ربك كريم ازاي يا شمس ،،بيقطع من هنا ويوصل من هنا ..رزقك بيهم عشان رضيتي بقضائه ورضيتي بإختباره ومسعتيش انك تخربي بينا على حسابهم ،،بالعكس كنت مستعدة تضحي بيا عشانهم ..
بقوا في حضني وانتي بقيتي امهم ..
قوست فمها وسالت دموع الفرحة رغمًا عنها وتشعر أن قلبها يرفرف بين ضلوعها ونظرت لهم بسعادة ولهفه وأعادت نظرها إليه مرة أخرى وارتمت في احضانه باكية تحمد الله على تدبيره وعلى رزقه ..
_كنت فاكرة اني عمري ما هسمع كلمة ماما ،،كنت فاكرة اني هفضل طول عمري لوحدي يا هاني ،، اوعدك هشيلهم في عنيا واحاول اعوضهم عن غياب امهم على ما جد ما اجدر ،،طول ما فيا نفس عمري ما احسسهم ان امهم ماتت ،،اوعدك يبجوا كل حاچه في حياتي ..
_متأكد من كدا يا حبيبتي ،،انا الوقتي اتطمنت عليهم وقلبي ارتاح ،،طول ما هما في حضنك انا متطمن عليهم وواثق انك هتكوني احسن من امهم نفسها ومش هتقصري في حقهم أبدًا ..
_ربنا يخليك ليا يا سندي وكُل حاچه في حياتي .
__________________
في الصعـــــــيد
كانت تحمل بيدها حقيبة بلاستكية سوداء بها الاغراض التي طلبها واتجهت نحو ارضًا زراعيه على قارعة الطريق حتى لا يراهم أحد ..
كان ينتظرها بداخل الارض الزراعيه وتحديدًا تم زرعها "ذره"حيث كان الزرع يصل إلى كتفه تقريبًا لم يتبين لها سوى رأسه فقط
اتجهت صوبه ونظرت له بجمود وقد خبأت السكين في شالها جيدًا ومدت يدها إليه بالحقيبه فأخذها منها وهو ينظر إليها بإهتمام شديد ..
سألها بفضول متابعًا على حركاتها ينتظر غدرًا منها في اي لحظه :
_انتِ سيبتي السرايا ليه ..
_هجعد فيها ليه وسيدرا سابتها خلاص ،،مهمتي هناك انتهت ..
_وزين معتيش بتحبيه !!
_مين جالك اني كنت بحبه من الاول ،،كان حلو طول ماهو معاها ودلوك معتش له عازه ..
ولا حياتك كُمان عاد ليها عازه ،،كفاية عليك لحد اكده ..
أنهت تلك الكلمات وهي تشهر السكين في وجهه وهمت بطعنه فأمسك بذراعها بعنف حتى أفلتت السكين ووقع على الأرض ،،جحظت عينيها وجرت عدة أمتار هاربة من الموت المحتم بعد أن رأت إبليس يتراقص بحدقتيه عندما أفلتت السكين ولكن ..
لف ذراع حول كتفيها والأخر سحب السكين على عنقها الذي انفجرت منه الدماء في نفس اللحظه وسقطت مدرجة في دمائها تنتنفض بقوة وروحها تفارقها ولكن عينها لم تفارقه ...
____ (جحيــــم حُبــــــك 2) ____
____ (بين عشقـــه وإنتقامــــــه) ____
____ (الفصـــــل الثامـــــن عشــــــر) ____
____("أيـــــــن أنـــــــــتِ")____
______________
أنهت تلك الكلمات وهي تشهر السكين في وجهه وهمت بطعنه فأمسك بذراعها بعنف حتى أفلتت السكين ووقع على الأرض ،،جحظت عينيها وجرت عدة أمتار هاربة من الموت المحتم بعد أن رأت إبليس يتراقص بحدقتيها عندما أفلتت السكين ولكن ..
لف ذراع حول كتفيها والأخر سحب السكين على عنقها الذي انفجرت منها الدماء في نفس اللحظه وسقطت مدرجة في دمائها تنتنفض بقوة وروحها تفارقها ولكن عينها لم تفارقه ...
_غبيه وزين اغبى منك مش عارف لحد امتا هفضل انضف وراه لا قدر عليكي ولا قدر على الهانم التانيه ،،يلا يا سمية تستاهلي أنا أساسًا كنت بتمنى إني اخلص عليكي واديكي قدمتيلي رقبتك على طبق من دهب الدور والباقي على المحروسة التانيه ..
نظر لجثتها الغارقة في الدماء بـ شماته وإستحقار وغمغم بنبرة مستاءة وهو ينحني بجذعه لمستواها ويمسح بصماته من على السكين جيدًا وتركه بجانبها واستقام وهو ينظر حوله بترقب شديد وسار عدة خطوات حتى وصل للشنطة البلاستكيه التي بها متعلقاته وعاد أدراجه مرة أخرى والقى جثتها نظرة مُتهكمه مُنتشية وكأنه لم يُذهق روُحًا قبل دقائق بدمٍ بارد ..
_________________
"في شقة هاني"
كانت شمس جالسة على الفراش بعدما وضعت الطفلتين عليه وجلس هاني قبالتها ينظر للطفلتين بحُب ..
وكانت شمس توزع نفس النظرات له ولأبنتيها ولكن انكمشت ملامح وجهها فجأه ونظرت لـ هاني مطوُلًا وقالت بنبرة مترددة وتتذكر مكالمة سليم لها التي ذهبت عن ذهنها تمامًا بعدما حدث ..
غمغمت بتردد واضطراب :
_هاني ،،جبل ما أچيلك بابا سليم كان بيكلمني وجالي اجولك ....
سيدرا اختفت من المستشفى وميعرفوش راحت فين ..
إنتفض هاني من مكانه بخضه وقال :
_يعني ايه راحت فين مقولتليش ليه يا شمس ..
أجابته بصوت خفيض مُقدرة لحالته وهي تنظر للطفلتين بسبب صوته العالي :
_منا چيت اجولك لجيتك بتجولي على حادثة سمر وبناتك راح الموضوع عن بالي وخوفت على البنات ليكون چرالهم حاچه لا سمح الله ..
خلل أصابعه في شعره بعنف وهو يُخرح الهاتف من جيبه وقام بالإتصال بوالده ولكن لم يجد رد فـ قام بالإتصال بـ رامي الذي لم يرد لـ مرتين متتاليتين وأجابه في الثالثه ،، هتف هاني بنبرة قلقه :
_اختك فين ،،ايه اللي حصل !...
_إحنا جايين في الطريق يا هاني ..
قالها رامي بنبرة جامدة لم تطفئ نار قلقه على شقيقته وأغلق الهاتف بعدها تاركًا هاني يدور حول نفسه والقلق يأكله ..
_________________
"في محافظة قنـــا"
بعد مرور ساعات ...
أسدلت الشمس خيوطها تُعلن صباح يومٍ جديد ،،كانت الجو حار جدًا والشمس كجمرة نار انعكست على قلب ذلك الذي جلس على إحدى مصاطب الشارع بإنهاك ...
يأخذ أنفاسه بصعوبة شديدة وجسده يتصبب عرقًا والعرق يسيل على جبينه قطرات ..
كان جالسًا بظهر محني مُتعب ينظر هنا وهناك وشئ داخله مُلتف حول عنقه وكلما مرّ الوقت زادت قوة ذلك الشئ ..
يبحث منذ ساعات بحثًا في أرجاء المحافظة كلها شرقها وغربها ولكن لا أثر وكأنها قطرة ماء سقطت على أرض ظمأنه فلا أثر لها ولن يكون ..
لاحت في ذهنه سُمية وحول ماهية معرفتها مكان سيدرا أو هيثم ..
يجب عليه الذهاب لمواجهتها وحصارها قبل اذهاق روحها ورح الآخر ليصل إلى حبة قلبه وكيانه ..
أجرى إتصالًا هاتفيًا بـ سعد و بنبرة آمرة قال وهو ينهض ويضبط ملابسه:
_سعد ادخل السرايا دلوك ،،سمية محبوسه في غرفتها عايزك تجف تحرسها لحد ما أچي ..
هتف سعد بنبرة مُستغربة :
_بس سمية خرچت امبارح بعدما چنابك خرچت يا زين بيه
اتسعت حدقتيه بصدمة وخوف أيضًا من وقوع سيدرا بين أيديهم قبل وصوله إليها وقال بنبرة آمرة وقلبه يخفق بقوة من الذعر :
_بتجول ايه !! ،،
سعد سمية لازم تكون تحت ايديا النهارده اجلب البلد عليها يا سعد فتش في بيت بيت واي خرابه واسأل ان كان حد شافها ،،سامع ..!!
أغلق الهاتف ووضعه في جيبه وأمسك رأسه بيديه وهو ينظر في جميع الاتجاهات بضياع شديد والألم يفتك بكل شبر في جسده ..
__________________
"في القاهــــــرة "
وصل رامي ووالديه إلى منزلهم وتبعهم هاني الذي كان ينتظر أمام باب شقة والديه ..
دلف خلفهم وأمطرهم بوابل من الأسئلة فـ صاح رامي في وجهه ملوحًا أمامه بغضب عارم :
_كفايه يا هاني ،،سيدرا مش موجودة اختفت الأرض انشقت وبلعتها خلاص ارتحت ،،
قلبنا المستشفى قلب وملهاش أثر خرجت لوحدها من المستشفى وبعد كدا محدش عارف راحت فين ..
غمغم هاني مُبررًا يحاول طمئنة قلبه :
_يمكن زين رجعها او هي راحتله ..
_لا زين زيه زينا ميعرفش راحت فين وسيدرا لو انطبقت السما على الأرض مش هترجعله ،،سيدرا وزين اللي بينهم انتهى ..
_يعني هنفضل قاعدين حاطين ايدينا على خدنا ..
_اكيد لا ،،ربنا هايحلها بإذن الله وهترجع أو هنعرف عنها اي حاجه ..
_كفاية بقى أنا تعبت سيبوني لوحدي ومعتش عايزة اسمع صوت حد فيكم ،،انتوا اللي ضيعتوا بنتي
صرخات سلوى فيهما بتلك الكلمات قطعت أصواتهم ولحظات من الهدوء القاتل شقت المكان وكلاهما ينظر إلى والديه وخصوصا والدتهما ،،استطردت سلوى حديثها بنبرة واهنه :
_سيبوني لوحدي ،،أنا داخله اوضة بنتي ومحدش يجي ورايا ..
نظرات الجميع تتابعها بما فيها نظرات شوق الواقفة على أعتاب غرفة رامي بشقة والديه ونظرات شمس الواقفه على عتبة باب الشقة
__________________
في مكان أخر ..
(مطـــــار القاهــــــــرة)
مكان يحتوي على كثير من مكسوري القلب منهم من يودع أحبتهم والآخر من يريد ترك ماضيه خلفه والبدء من جديد بـ شطر واحد من قلب يحتاج إلى كثير من الوقت كي تستطيع ترميمه من جديد أما الشطر الأخر فـ هو هناك يكمن حيث ماضيها ..
صعدت سيدرا على سُلم تلك الطائرة التي ستُقلع وتغادر وطنها بعد دقائق إلى بلد أخر حيث تبقى وحيدة بطفلها لتبدأ حياة أخرى تعيش فيها على ذكريات كثيرة قادرة على احياء قلبها لدقائق قبل أن تدرك واقعها المرير
ذاهبة إلى "فرنســا" حيث قضت أجمل أيامها بجانبه هناك وأحيّت تلك الأيام السنة الماضية وكانوا ليحيوها كل عام لو كانوا جانبًا إلى جنب مع طفلهم ولكن تلك هي الأقدار وهي تسير على طريقها المرسوم ولولا تلك الروح بأحشائها لأنهت حياتها هناك بذلك السرير ..
ولكن تحمل روحًا ليس لها ذنب في أن تُحرم من الحياة أيضًا ،،ربما بولادة تلك الروح تستعيد حياتها وترمم قلبها الذي تحول إلى شقفات تجمعها مرة أخرى ليحيا بشكل أجمل مما سبق وتعيد لها أمومتها حياتها التي فقدتها هناك ..
جلست بمقعد الطائرة وربطت حزامها جيدًا ..
لا تُنكر مازالت واهنه جدًا وحالتها الصحية غير جيدة ولكن تلك فرصتها الوحيدة ..
انقلعت الطائرة ومع انقلاعها بقت مجردة من كل شئ ...
تتعلق بقشة ضعيفة كغريق
تتعلق بروح داخلها تدعم روحها المُتعبه ..
إبتسامة صغير متهكمه على ثغرها عندما تذكرت خوفها في المرتين السابقتين من ركوبها الطائرة وتشبثها بذراعه كطفلة خائفه تحتمى بأبيها ولكن ..
يبدو أن تلك الطفلة نضجت الأن ولم تهاب اي شئ دونه ..
تشعر بروحها الفارغة تحلق في السماء كتلك الطائرة وتغادر جسدها أيضًا كتلك الطائرة ..
مزيج من الألم والقهر يفتك بصدرها فتكًا وبدأ بسلب أنفاسها مرة أخرى فأغمضت عينيها واسترخت واضعه يدها على بطنها تربت برفق عليها وكأنها تتحدث مع صغيرها وتشكي له ما فعلته بها الأيام ...
_________________
"في القاهـــــــرة"
كان الجميع جالس في الصالون (سليم ،،هاني ،،شمس ،،رامي ،،شوق)
كان جميعهم متوترين يحركون اقدامهم بتوتر أو يتبادلون النظرات فيما بينهم ولا سيما شوق ورامي ،،
بين نظراتها الزائغه وعينيها اللامعه بالدموع ونظراته المتلهفه تسأل حالها الغريب هذا ..
_عن اذنكم تعالي ورايا يا شوق ..
فاض به الكيل واستقام من جلسته وألقى على مسماعهم تلك الكلمات ودلف مارًا بجانبها غرفته السابقة فـ نهضت هي خلفه .
دلفت وأغلق الباب خلفها وقبل أن يقول كلمة واحدة قالت بنبرة ظاهرها جمود ولكن باطنها قهر وألم :
_هتطلجني امتا يا رامي ..
قال بنبرة استنكارية حاسمه :
_طلاق ايه شوق انتِ بتستهبلي ،،لا طبعًا مش مطلق ..
_كيف ما زين وسيدرا انتهوا احنا كُمان انتهينا بس انا اللي اتأخرت شوية ..
صاح فيها بإنفعال طفيف وهو يلوح أمام وجهها ويقول بنبرة آمرة :
_اتأخرتي ايه هو سباق ،،زين وسيدرا مش زينا وملناش دعوة بيهم .. أنا ليا دعوة بنفسي وبس ومن النهاردة هترجعي بيتنا أنا كنت سايبك تهديلك يومين وخلصوا وهنطلع سوا والليلة يا شوق
_إنتَ نسيت اللي إنتَ عملته ،،نسيت إنك اتجوزت عليا وهونت عليك ..
_لا بقولك ايه انا مش قادر اقسم بالله مش ناقصة عبط الليلة وفكري كدا مع نفسك هتطلعي على رجليكي ولا على رجليا ..
ألقى عليها تلك الكلمات بلا مبالاة لغضبها وعنادها وفتح الباب دالفًا للخارج ببرود ..
باللحظه التي فتح بها الباب فتحت والدته أيضًا الباب وبيدها ورقه بيضاء مطوية ودموعها التي أغرقت وجهها وتهدج أنفاسها وإنتفاضة جسدها المُصاحبة لبكائها لا تُبشر بالخير ..
نظروا جميعًا لبعضهم البعض بإضطراب وجذبت إنتباههم مرة أخرى بكلماتها الضعيفه التي خرجت متقطعه وسط بكائها :
_بنتي راحت ...سيدرا راحت مني خلاص !....
