••§جحيم حبك2§••
••§بين عشقه وإنتقامه§••
••§الفصـــــل الرابــــــع عشـــــر§••
••§"بيـــــن القلـــــــب والعقـــــــل"§••
بقلم علا فائق
_______________
فتح الخط ووضع الهاتف على أذنه وهناك برودة اعترت جوفه خوفًا من تأكد ظنونه ،،اخترق صوته الكريه مسامعه صوت لم يسمعه سوى مرتين او ثلاث لكن حفظه عن ظهر حقد وكره ،،أظلمت عيناه وهو يُقسم بـ فنائه وهناك جمرة ألقيت بقلبه كانت كافية بإضرام نيران هوجاء بصدره فتكت به....
على الجانب الأخر ..
أغلق هيثم الخط وشق ثغره إبتسامة واسعة شامته وداخله يشعر بنشوة الإنتصار ،،كان مُستلقي على ظهره على سريره وذراعه خلف رأسه ويحرك الهاتف حركات عشوائيه وشرد في ذكريات قديمة ..
___________
دلفت سيدرا غرفتها فوجدته جالسًا في الظلام على الفراش بظهر محني ناظرًا إلى الأسفل ..
أضاءت النور وأغلقت الغرفة وكان بيدها شفشق زجاجي يحتوى على مياه ،، تقدمت منه فوجدته ممسك بهاتفها ولم يتحرك أنشًا واحدًا ..
نظرت إليه بقلق واضح وقالت بنبرة مُضطربة :
_مالك يا زين قاعد كدا ليه ..
_رقم هيثم عندك ليه يا سيدرا ..
صوت أجش ونبرة باردة قاسية تمتم هو بتلك الكلمات ومازال ينظر للأرض ..،، وفي خلال ثانية واحدة دوىٰ صوت تحطم زجاج الشفشق الزجاجي الذي اصطدم للتو بالأرض بعدما إرتخت أعصابها بسبب كلماته التي كانت بمثابة رصاصة إخترقت داخلها ..
نظر بهدوء منافي لداخله المبعثر لشقفات الزجاج المتناثرة على الأرضية المبتلة ورفع نظره إليها ببطء ناظرًا إليها وعينيه تلومها على خذلانها له وهتف بنبرة باردة وكأن الكلمات خرجت ميته لا حياة فيها :
_اتكلمي يا سيدرا ،،رچعتي تكلمي هيثم ليه ..
نظرت إليه بدهشة شديدة ومازالت الصدمة تُلجم لسانها وحركت رأسها يمينًا ويسارًا عدة مرات بإستنكار وغمغمت بنبرة مُستنكرة وهي تقترب منه متناسية الزجاج المكسور على الارض قائلة :
_زين انتَ بتهزر صح ،، اكيد انتَ بتهزر معايا ،،مش بعد كل اللي حصل تقولي رجعتي تكلميه تاني ،،زين انا شربت المُر قبل كدا ومش مستعدة أعيد اللي فات ..
كان يُتابعها عن كسب ورأى انتفاضتها عندما دعست على الزجاج فتحرك نحوها وحملها عن ذلك الزجاج وعاد للفراش ووضعها فوقه وسط تبرمها وضيقها منه ..
نظر لها بإمعان حقًا الصدق مرسومًا على وجهها أيصدق حديثها أم ما سمعه ورأه وتلك الخيوط المتشابكه التي تثبت تورطها بشئ ما ..
أمسك قدمها عنوة وهي تحاول جذبها من يديه وقد ثارت دمائها في عروقها وتذكرت ما مضى عليها من شكوكه ولكن قوتها الواهية لم تصمد أمام قوته ..،،
نزع الزجاج المغروز بقدمها وسط تألمها وفتح الكومود بجانبها وأخذ منه عُلبة الإسعافات الأولية وقام بتطهير قدميها ولفها بعناية شديدة كان كالرجل الألي بارد يفعل ما فرضه عليه قلبه وحُبه ! ..
رفع ناظريه إليها والتقط الهاتف من جانبه وفتحه وسلطه أمام عينيها وسأل بهدوء :
_رقم مين دا اللي على تليفونك يا سيدرا لما هو مش هيثم ومبتتكلموش ،،رقمك وصل لهيثم ازاي بعدما كسرت الخط القديم ..
_معرفش حاجه عن الرقم دا يا زين ولله بيرن عليا ومش عارفه هو رقم مين وكنت هقولك ..
قالت تلك الكلمات آخذة من الهاتف ناظرة للرقم الذي يشغل بالها منذ أيام ناسية كيف أصبح بهاتفها وقد تيقنت أنه لا يتحدث عبثًا ..
_انتِ رديتي عليه 5 مرات يا سيدرا لو كنتي فعلا هتقوليلي كنتي عرفتيني من أول مرة .
قالها بخيبة أمل وخذلان وهو ينظر للزجاج الملوث بالدماء فأعتدلت في جلستها وأمسكت بكفه وقالت وهي تنظر لعينيه بحُزن :
_يعني انتَ مش مصدقاني يا زين ..
_جلبي بس هو اللي مصدجك يا سيدرا عجلي لا ،،چوايا نار جايدة وحرب معارفش مين فيها هيفوز لو في حاچه جوليها يا سيدرا الوجتي احسن ما اعرفها بعد اكده ..
نظر لعينيها بعمق كـ طفل ضاع وسط الدورب ويحاول أن يهتدي إلى طريقه تمتم بنبرة صادقة يشاركها ما يشعر به ..
________________
مرت تلك الليلة وكُلًا منهم يحمل بقلبه ما يكفي ليُذهب النوم عن عيونهم فيبقوا جميعًا يقظين حتى لو أغمضوا عيونهم يواجهون حربًا ضارية لا يُعرف من سيفوز فيها ومن سيُهزم ويفنىٰ ..!
في الصباح الباكر وشمس أسدلت اشعتها مُعلنة عن يوم جديد ..
في القاهـرة ...
كان رامي مُنكب على أعماله الكثيرة بشكل مُبالغ فيه تلك الأيام ،،كان هو وزميل أخر له يعمل أيضًا لكن بعيدًا عنه ..
دلفت نادين بخطواتها الواثقه وبيديها بعض الأوراق واتجهت صوب مكتب رامي ..
وضعت الأوراق أمامه وفوقهم قلم حبر ، نظر رامي إلى الاوراق بفتور ورفع نظره إليها وحرك رأسه بإستفهام ..
_مستر أدهم بيقولك وقع على الورق دا لزوم تثبيتك في الشغل وكدا ..
أجابته وهي تنظر لعينيه بنظرة لم يفهمها أبدًا أثارت ارتيابه فالتقف الاوراق وقرأها سريعًا ليتأكد من صحة حديثها وأمسك بالقلم الذي أحضرته وبدأ بالتوقيع ولكن وجد القلم حبره يخرج بصعوبه فضغط عليه بعصبيه من ثرثتها الفارغة وهو يقول بنبرة متبرمة من بين أسنانه بصوت خافت :
_حتى القلم حبره واقف زي دمها اووف
وقام بتوقيع الورقة الثانية بنفس العنف حتى يُنهي ذلك الأمر وتغرب عن وجهه بـ طلتها السوداء ورائحتها المنفرة ..
أخذت الاوراق وعلى وجهه نصف إبتسامة لم ما مغزاها لكنها حقًا جعلته يشعر أن هناك شئ قادم خلف تلك الابتسامة الثعبانيه ...
______________
في الصعيـــد (محافظة قنا)
خرج زين صباحًا ليقوم بـ مباشرة أعماله اليومية وتركها تغط في نوم عميق ..
كانت سُمية جالسة في غرفته مُمسكة بـ صورة بين يديها (صورة قديمة لـ سيدرا وهيثم) أعطاها إياها الاخير ليلة البارحة وأملىٰ عليها ما تفعله ..
شردت في الصورة بين يديها وحديثه يتردد بعقلها وإنتشلها من شرودها صوت الباب يُغلق وصوت موتور السيارة التي غادرت للتو ..
خرجت من غرفتها وهي تتلفت حولها لتتأكد أن لا يوجد أحد غيرها مستقيظ وثنت الصورة بين يديها وأمسكت مقبض الغرفة وفتحته بهدوء شديد ونظرت للغارقة في نومها وتوجهت إلى حقيبتها وفتحتها ثم ثنت الصورة نصفين ووضعتها بداخل الثياب وأخذت قميص قطني خاص بها ..
(هاتتني الصورة دي كويسه وتحطيها وسط الهدوم بحيث متاخدش بالها منها ،، تاني حاجه هتجيبلي اي قميص ليها بس من الهدوم اللي في الشنطة ..السفرية دي لو مطلعتش منها بمصلحة مش هننفذ حاجه زين لو مشافش الصورة هتدخل انا بقى ولو نبيه وشرب الاتنين يبقى هنترحم عليها قريب)
أنهت ما تفعله وأغلقت الحقيبة جيدًا وسارت بخفة على أطراف أصابعها خارج الغرفة ..
__________________
في القاهرة ...
خرجت من عند صديقها للتو بعدما خرجت من الشركة باكرًا وسارت بخطوات مُتعالية بحذائها ذو الكعب العالي وعلى وجهها إبتسامة خبيثة مُنتصرة واستقلت سيارتها متوجهه إلى وجهتها ....
وهي تتذكر ما حدث منذ ساعـــــــة
أخذت الأوراق من يده وأخرجت ورقة بيضاء كانت مع الاوراق التي وقع عليها نعم لم يوقع عليها لكن ضغطه على القلم أثناء التوقيع صنع توقيع أخر له على الورقة الفارغة ،،مسكت الورقة ونظرت إليه جيدًا في الضوء لتلاحظ بروز توقيعه على الورقة دون حبر ..
إبتسامة شقت ثغرها وهي تمدح ذكائها وقامت بثني الورقة والذهاب إلى صديقها محامٍ خبيث قام بتحبير التوقيع و ...
صُنع عقد زواج عرفي لا يشك أحد في صحته !!!..
___________________
في الصعيد(محافظة قنا)
مرت ساعات عديدة خلالها استيقظت سيدرا من نومها وبدأت يومها بعقل شارد وقلب حزين ..
اعترفت لنفسها أنه حقًا مُحق بظنونه لكن كيف وصل رقمها لـ هيثم وكيف أجابته خمس مرات وهي لم تتصل به بأي شكل منذ أشهر عندما حضر عرس اخويها ..
ضربت رأسها بحنق على عدم تذكرها وغفلتها التي أثارت شكوك زوجها ..
شعرت بإختناق شديد وعلت حرارة جسدها بفعل شمس الصيف فنهضت لتأخذ حمامًا باردًا
فتحت خزانة ملابسها لتبحث عن قميصها البيتي من القطن لم تجده في الخزانة فأغلقت الخزانة وتوجهت نحو الحقيبة وفتحتها لتبحث عنه ووجدته إنتشلته من الحقيبه بإهمال ولم ترى الذي وقع أمام قدمها على الأرض ،، تركت الحقيبة مفتوحة ودلفت إلى المرحاض بذهن شارد في كل ما يحدث معها ....
________________
في القاهــرة ..
أولج رامي المفتاح في شقته ودخل يجر قدميه بإنهاك شديد وعينيه تبحث عن زوجته فهي عادة ما تقابله على الباب تعانقه وتحمل عنه حقيبته الدبلوماسية وتغدقه بعبارات الأشتياق ..
وصل إلى غرفته فوجدها تجلس على السرير من الجانب الآخر موليه ظهرها له وتبدو انها تنظر للنافذة ولكن عقد حاجبيه عندما رأى حقيبتها الكبيرة التي أتت بها من بيت والدها في الغرفة على الأرض وهي مرتدية حجابها وملابس الخروج ...
ترك حقيبته بإهمال جانبًا وتوجه صوبها وهو يقول بنبرة مُستغربة :
_ايه انتِ مسافرة ولا انا بتهيألي ..
لم تنظر له أبدًا بل رفعت رأسها بشموخ أكثر وقالت بنبرة جامدة :
_طلجني يا رامي ...
أطلق قهقه عالية أجبرتها على النظر إليه بغرابة اما هو فـ ضحك حتى أدمعت عينيه وقال من وسط ضحكاته :
_لا حلوة حلوة ،،بس ينفع يعني تعملي مقالب وانا الأيام عامله مني بسطرما كدا ..
_مجالب ايه وحديت ماسخ ايه انا بتكلم چد طلجني يا رامي ..
نظر لها بجانب عينه وقال مُقلدًا إحدى الأقوال الكوميديه وعلى ثغره إبتسامة شقية أثناء نهوضه من جانبها وحلّ أزرار قميصه :
_شوق شوق ولله راجع من الشغل تعبان ماقادرلك
نهضت بثورة من مكانها وقد فار دمها في عروقها من بروده وكأنه لم يرتكب بحقها غلطة لا دواء لها وضربت الورقة التي بيدها بعنف في صدره وقالت بإنفعال حاد :
_طلجني يا رامي ومطلعش عفاريتي عليك ،،انا مش طايجك ولا طايجه اشوف خلجتك طلجني وروح لحبيبة القلب بتاعت الجصير اللي لحمها ارخص من لحم الحمير ..
_ايه دا في ايه دا الموضوع بجد بقى وايه الورقة دي ..
انحنى ليلتقط الورقة من على الارض وقال تلك الكلمات بنبرة مُستفهمه ..
التقط الورقه وفتحها ليتفاجأ بعنوان الصفحة "عقد زواج عرفي"
نظر لها بإرتباك شديد وازدرد لعوبه بصعوبة وقرأ الورقة التي تُفيد زواجه من نادين منذ أسبوعين مضوا ..
أنهىٰ قراءة الورقة وطواها مرة أخرى وقال بوجه واجم ونبرة باردة وكأن تلك التي بيده ليست مصيبة تهدد زواجه :
_محصلش خلي اللي جابتهلك تبلها وتشرب مايتها
أعطاها تلك الورقة وهو ينظر لها بثبات ،ضربته شوق بصدره عدة مرات بغل وهي تحاول أسر دموعها وقالت بنبرة ثائرة مُنفعله :
_إنتَ هاتچنني يا راچل إنتَ ،،إنتَ مش حاسس عملت فيا ايه ولا عملت فينا ايه ..
_انا مجننتش حد ومعملتش حاجه والمفروض لما اقولك كلمة تصدقيها لأن في بينا حب وثقة مش تمشي ورا كلام واحدة خرابة بيوت ..
قال تلك الكلمات بثقة وهو يكمل فك ازرار قميصه ..
_ماهي ياما جالت وأنا معبرتهاش بعتتلي صور ليكوا وجولت يمكن كانت بتكلمه وهو مخدش باله بتحُصل ومرضتش اجولك واسود الدنيا في وشك وايه كانت النهاية چت لحد بيتي وخرمت عيني بورجة چوزاكوا جلبي ممصدجش إنك ممكن تعمل فيا اكده بس اعمي عيني ولا الغي عجلي عشان بحبك ،،أنا كرامتي فوج اي حاچة ومجبلش الاهانة دي واصل ،،طلجني يا رامي ..
_حبيبة قلبي زي مانا متجوزتش فـ مش هطلق ،،إهدي بقى كدا عشان مروحش اكفنها ونقرأ عليها الفاتحة النهاردة واخلص من قرفها دا ،،مش هستحمل تعكر مزاجي في الشركة وتعكنن عليا وتخرب بيتي كمان لا أنا ممكن اطلع عين اللي جابوها واريح دماغي بس الواحد مراعي أنها وليه وأنا مبحبش أجي على ولايا لكن انتِ وليه ممكن تيجي علي ولايا عادي .
نزع قميصه عن جسده بعصبية خفيفه حاول اخفائها وارتدى فنلة قطنيه زرقاء متمتمًا بلا مبالاة ..
_يا مري منك يا مري اطلع من خلجاتي ،،إنتَ عايز تچلطني وانا واجفه ،،اجولك أنا هروح عند ماما وهبعتلك بابا سليم يطلع عينك بحج مانتَ حارج دمي ومطلع عيني اكده وهات الورجة دي ،،ماشي ي رامي ولله لابعتلك ابوك وهتصل بزين يچيلك وهاتبجى سنة طين على دماغك استنى عليا بس ..
أمسكت شوق برأسها وهي تشعر أن هناك بركان داخل عقلها تنبعث منه حرارة شديدة وقالت بعصبية وصوت إرتفع على صوته وأخذت الورقه من على السرير حيث ألقاها بإهمال وسارت للخارج متمتمه بكلمات بعضها غير مفهموم والاخر تهديدات له ..
_انا مستني عليكي فعلا وسايبك تقلي ادبك عشان مفعول الورقه لكن ولله لما الجنونه دي تروح لـ معلقك هنا لما اخليكي تقولي حقي برقبتي وابعتيلي الحج وزين ولا يهزني الواحد متهزقش من زمان بردو ..
قالها بصوت عالٍ لتسمعه وهي تصفق الباب بقوة جعلته يهتز وأثار ضجيجا في الشقة والشقة المقابلة ..
تأفف بضيق شديد وضرب يده بالخزانه بقوة حتى جرح كفه ومسح بكفه الاخر شعره بعنف وزفر أنفاسه بإستياء وهو يفكر كيف يتخلص من تلك التي تُدمر حياته ...
_________________
في الصعيد (محافظة قنا)
دلف زين غرفته بإنهاك بعدما أنهى عمله باكرًا بعد شعوره بالذنب تجاه كُل ما حدث ليلة البارحة وقلبه يُحتم عليه بضرورة صدقها وتصديقها فهي لا تستطيع طعنه في ظهره ابدًا ..
خلع ثيابة وغيرها بأخرى مريحة خاصة بالمنزل وصفف شعره ولوعة اشتياقه لها تحرقه ،،ضيق عينيه فجأة عندما لمح ورقة بيضاء على الأرض فـ سار صوبها بهدوء وانحنى قليلًا ليلتقفها وفتحها في نفس اللحظة التي خرجت بها سيدرا من المرحاض ،،إنطفئت إبتسامته وشعر بمرارة في حلقة وكأنها ابتلع العلقم حتى امتلأ واظلمت عيناه بسواد الخذلان وأُضرم جوفه بنيران الغيرة والانتقام ...
