رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الخامس والخمسون55والسادس والخمسون56 بقلم مريم غريب


رواية عزلاء امام سطوة ماله

الفصل الخامس  والسادس والخمسون


_ صفعة ! _


صباح يوم جديد ... يغادر "عثمان" باكرا و قد حرص علي عدم إحداث أي ضجة لئلا تستيقظ "سمر"


و لكنه لم يكن يعلم بإنها كانت تتظاهر بالنوم حتي لا تواجهه ..


أطلقت "سمر" زفرة إرتياح حالما خرج ، ثم قامت أخيرا من مخدعها .. و بعد أداء الروتين الصباحي أمسكت بالهاتف و أجرت الإتصال بـ"زينب"


لحظات و جاء الصوت المحبب مفعم بالحنان و الشوق :


-سمر ! صباح الخير يا حبيبة قلبي . وحشتيني أووي يا حبيبتي.


سمر بغبطة :


-صباح النور يا ماما زينب . و الله إنتي إللي وحشتيني قوليلي إيه أخبارك ؟


-أنا كويسة يا حبيبتي المهم طمنيني عليكي إنتي و ملك عاملين إيه ؟؟


-أنا و ملك بخير إطمني و ماتقلقيش علينا .. ثم سألتها بشئ من التردد :


-بس عايزاكي تطمنيني علي فادي . أخباره إيه يا ماما زينب ؟!


صمت قصير .. ثم ردت "زينب" بنبرة حزينة :


-أهو يابنتي . أخباره هي هي مافيش جديد.


سمر بقلق :


-يعني إيه ؟ قوليلي يا ماما زينب فادي ماله ؟؟؟


تنهدت "زينب" و قالت :


-سافر لشغله من تلتيام . أجازته بقت قصيرة أوي مش بيجي هنا إلا نص يوم بس يدوب يشقر علي الشقة . دقنه طولت و علطول سآاكت . ماتسمعيلوش حس .. حالته تصعب علي الكافر يا ضنايا.


إنقبض قلب "سمر" و شعرت بإنسداد في حلقها .. لكنها نطقت بصوت مبحوح :


-مابيسألش عني ؟ .. عن ملك ؟!


زينب بإشفاق :


-يابنتي بقولك علطول ساكت . لا بيكلم حد و لا حد بيكلمه.


إعتصرت "سمر" جفناها بألم و همست :


-أنا السبب . أنا. عملت فيه كل ده .. أنا السبب.


زينب بحزن :


-يابنتي إنتي بردو ضحية . ضحيتي بنفسك عشانه و عشان أختك . ماتعمليش في نفسك كده و إذا كان ربنا سامحك يبقي أخوكي أكيد هيسامحك.


سمر و هي تذرف دموع اليأس و المرارة :


-عمره ما هيسامحني . مش هيسامحني أبدا يا ماما زينب !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت جالسة في غرفتها ... تتصفح حاسوبها بفتور لا يخلو من الملل


حتي وصلتها رسالة منه علي الهاتف ..


صالح : " بتعملي إيه ؟ "


كتبت "صفية" :


 مش بعمل حاجة

قاعدة زهقانة بس

بتسأل ليه ؟


صالح :


طيب تعاليلي دلوقتي في أوضتي

عايزك في موضوع مهم.


صفية :


و ماتجيش إنت ليه يا حبيبي ؟

ما إنت خفيت و بقيت زي القرد بتتنطط في كل حتة

و لا علي راسك ريشة ؟!


صالح :


إخلصـــــــي يا صافي

و بعدين بطلي الإسلوب ده بقيتي بيئة زي مرات أخوكي

شكلها بهتت عليكي !


قرأت "صفية" كلامه لترد بغضب :


صآاالح

إلزم حدودك و ماتجبش سيرة مرات أخويا

مالك و مالها ؟؟؟


صالح :


أوك يا حبيبتي خلاص سكت و مش هجيب سيرتها

إنجزي بقي و تعالي يلآااا.


زفرت "صفية" بضيق و ردت :


أووك جاية.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في مكان أخر ...


تحديدا كلية ( الفنون الجميلة ) ... تخرج "هالة" من المدرج شاردة الذهن ، كانت تمشي ببطء و هي تحتضن أغراضها بين ذراعيها


و لم تعي بنفسها إلا و هي تصطدم بأحدهم بقوة ليسقط كل ما كانت تحمله علي الأرض ..


-آا أنا آسفة ماختش بالي ! .. قالتها "هالة" بإرتباك ، ثم إنحنت بسرعة لتلملم دفاترها المبعثرة


-عنك يا هالة ! .. يا للعجب ، هذا الصوت مألوف جدا لها


ترفع "هالة" وجهها فورا ، و تنظر له بعدم تصديق


مراد بإبتسامته الجذابة :


-إزيك يا هالة ؟ عاملة إيه ؟!


ما زالت ترمقه بذهول شديد دون أن تفه بكلمة ..


تلاشت إبتسامة "مراد" و أجفل قائلا بقلق :


-هالة إنتي كويسة ؟ الخبطة كانت جامدة عليكي ؟ دوختي ؟؟؟ .. و تفرس بقلق أكبر في وجهها الشاحب


إبتلعت "هالة" ريقها بصعوبة ، و قالت بتلعثم :


-مـ مراد . آ إنت .. إنت هنا بجـ بجد ؟؟؟؟؟


مراد بدهشة :


-إيه هنا بجد دي ؟ طبعا هنا بجد أومال هيكون شبحي إللي واقف قدامك ؟! .. ثم أمسك بيدها ليوقفها معه


هالة و هي تعلق نظراتها بنظراته :


-جيت إزاي ؟


مراد بتعجب :


-هكون جيت إزاي يعني يا هالة جيت بالطيارة طبعا . إنتي بقيتي تسألي أسئلة مش منطقية خالص !


واصلت "هالة" تساؤلاتها بإلحاح :


-طيب إيه إللي جابك ؟ إنت مش قلت إنك مسافر عشان تشتغل مع باباك و مش هترجع هنا تاني ؟ صح ؟ مش إنت قلت كده ؟؟؟


أومأ "مراد" :


-صح أنا قلت كده . بس مش هينفع نتكلم هنا يا هالة . ممكن أعزمك علي الغدا و نتكلم ؟ و لا لسا وراكي حاجة هنا ؟!


هالة و هي تهز رأسها بتوتر :


-لأ . أنا خلصت محاضراتي خلاص !


مراد بإبتسامة :


-يبقي نتغدا سوا.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "صالح" ...


ما زال يحاول إقناعها و ما زالت تجادله بعدم إقتناع


صالح بضيق شديد :


-يا صافي أنا زهقت . بقالي ساعة بحاول أقنعك . أنا نفسي أفهم إنتي مش موافقة ليه ؟ إنتي مش بتحبيني و عايزة نتجوز زي ما أنا عايز ؟؟؟


صفية بحيرة :


-يا صالح و الله بحبك و عايزة أتجوزك إنهاردة قبل بكره . بس ظروفنا دلوقتي ماتسمحش.


-ليــــــه ماتسمحش ؟؟؟


صفية بحزن :


-أولا بابي . بقاله شهرين بس . و مامي . مامي لسا تعبانة و مش هقدر أفرح أنا و هي زعلانة . صدقني مش هقدر و مش هينفع يا صالح.


صالح بحدة :


-ما أخوكي عملها و إتجوز و فرح محدش قاله حاجة.


-أخويا إتجوز أه بس ماعملش فرح و لسا ماقالش لماما .. ثم ذكرته :


-و بعدين ماتنساش إن ظروف أخويا مختلفة . هو كان لازم يتجوز مراته في أسرع وقت و إنت عارف الأسباب كويس.


صالح و هو يشيح بيده غاضبا :


-طيب خلاص . براحتك إللي إنتي شايفاه.


صفية بضيق :


-يا صالح مش كل مرة تتقمص كده . أنا إللي إبتديت أزهق . نفسي مرة نتكلم بجد منغير ما تقفل الموضوع بزعل و نكد كده.


تنفس "صالح" بعمق و قال بصوت هادئ :


-خلاص يا صفية . مافيش حاجة .. أنا سحبت كلامي كله . وقت ما تحسي إنتي أنه آن الأوان إبقي تعالي و قوليلي.


تنهدت "صفية" بنفاذ صبر .. لكنها تمالكت نفسها و مشت نحوه ، مدت يدها و لمست وجهه و هي تقول برقة :


-صلَّوحي . إنت عارف إن أنا بحبك صح ؟


أومأ "صالح" بإقتضاب ، لتكمل :


-أنا بحبك أووي و مقدرش أعيش منغيرك . صدقني أنا نفسي نتجوز أكتر منك .. و قبل أي حاجة أنا مش عايزاك تفتكر إني بماطل و مش عايزة جوازنا يتم . عشان كده أنا موافقة علي الميعاد إللي حدته !


نظر لها "صالح" و قال بذهول :


-بجد يا صافي ؟ بجد موافقة ؟؟!!


صفية بإبتسامة :


-أيوه يا حبيبي موافقة . موافقة جدا كمان.


بادلها "صالح" الإبتسامة و شدها إلي صدره ليضمها بقوة ..


صفية بتنبيه :


-أه بس خد بالك . عثمان كلمته هتبقي Assertive ( قطعية ) هو إللي هيحدد القرار النهائي.


صالح بغيظ :


-ماشي ياختي . أما نشوف الشملول أخوكي هيقول إيه ! بس و رحمة أمي لو رفض هتجنن عليكي و عليه أنا خلاص جبت أخري منكوا.


ضربته "صفية" علي صدره بخفة و قالت بتبرم :


-إحترم نفسك شوية . ده بردو إبن عمك و أكبر منك.


صالح بشقاوة :


-يا حبيبتي أنا تحت أمرك . عشان خاطر عيونك أنا مستعد أروح في داهية و يجرالي أي حاجة بدل عثمان مش شلل بس.


صفية و هي تحيط عنقه بذراعيها :


-بعد الشر عليك يا روحي.


صالح بتساؤل :


-بتخافي عليا ؟ بتحبيني يا صافي ؟!


صفية بحب :


-بموووت فيك . بعشقك يا صلَّوحي .. و ضمته بقوة بدورها


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


طوال النهار كانت في صراع محتدم مع نفسها


كانت جبانة حتي أخر لحظة ، ترددت كثيرا .. لكن كلما إستعادت كلمات "زينب" في رأسها كلما تلاشي ترددها


إلي أن حسمت أمرها أخـــــــيرا ..


ذهبت و أحضرت "ملك" إلي غرفتها ، إرتدت ملابسها بسرعة و قلبها يخفق من الإثارة و الرعب في آن


لم تأخذ معها شئ ، لا تريد منه شئ لطالما كانت كذلك .. كل ما أرادته أن تشفي شقيقتها و تتعافي بصورة كاملة ، و هاهي معافاة و في أحسن صحة ، يجب أن يعود كل شئ كما كان إذن ..


كانت أمام باب الغرفة و هي تحمل الصغيرة علي ذراعها ، و كادت تضع يدها علي المقبض لتفتحه .. لكنها تفاجئت بمن يسبقها و يفتحه


يا للكارثة !


هذا ليس ميعاد عودته ... لماذا عاد باكرا ؟ و اليوم بالذات !!!


-سمر ! .. قالها "عثمان" و هو ينظر لها بإستغراب


-لابسة كده و رايحة فين ؟


أخذت "سمر" نفسا عميق و قالت بصوت آجش :


-أنا ماشية.


عثمان ببلاهة :


-ماشية ؟ ماشية إزاي يعني ؟!


سمر بنفس الإسلوب :


-ماشية . راجعة بيتي !


تطلب الأمر دقيقة ليستوعب "عثمان" كل هذا :


-طيب ما ده بيتك يا حبيبتي .. تمتم "عثمان" بلطف و هو يقترب منها خطوة


سمر و هي تبتعد خطوة للوراء :


-لأ ده مش بيتي و عمره ما هيكون بيتي . ده بيتك إنت .. ثم جاءت لتمر من جانبه فأمسك بذراعها بحزم و لين بنفس الوقت و قال :


-سمر . إهدي مافيش مشي من هنا . إيه إللي حصلك فجأة ؟؟؟ .. و إقترب أكثر و أخذ "ملك" بالقوة  منها ليضعها فوق الأرض 


صاحت "سمر" بإنفعال :


-حصل إني تعبت من التمثيلية دي . عايزة أخلص و أرتاح بقي أنا تـــعبت . من حقي أستريح من حقي أعيش بسلام العذاب ده كله مايرضيش ربنا و لا يرضي أي حد.


عثمان بهدوء و إهتمام :


-مالك يا سمر ؟ إيه إللي حصل بس ؟ قوليلي ! حد هنا ضايقك ؟ أنا ضايقتك ؟ أنا ماعملتش حاجة و من يوم ما جبتك هنا و أنا باخد بالي من تصرفاتي معاكي . أنا قصرت في إيه ؟؟؟


سمر بضيق شديد :


-ماعملتش حاجة . بس أنا خلاص قررت . أنا لازم أمشي مكاني مش هنا . مكاني مع إخواتي أنا وهبت عمري ليهم مش هقدر أعيش لحد غيرهم .. طلقني و إنساني.


عثمان بإستنكار :


-طلاق إيه ؟ إحنا إتجوزنا خلاص هي لعبة ؟!


سمر بإصرار :


-مافيش حياة بينا إحنا مش شبه بعض . لازم نطلق و هنطلق ده أخر كلام عندي .. و حاولت الفكاك منه ، لكنه أحكم وثاقها و قال بحدة :


-سـمـــر ! . بطلي جنان . أنا لحد دلوقتي مقدر حالتك النفسية و عامل حساب لظروف الحمل . لكن ماتزوديهاش . إحنا ماشيين مع بعض كويس و أنا مش هسمحلك تخرجي من حياتي بعد كل إللي عملته عشانك . ده أنا حتي كلمت ماما عنك إمبارح و قولتلها إننا لسا متجوزين من يومين و هي مستنيا تشوفك إنهاردة.


سمر صارخة بعصبية :


-أنا ماليش دعوة بإللي قولته لمامتك . ماليش دعوة أصلا بمامتك لا عايزة إتعرف عليها و لا تتعرف عليا ماتهمنيش في حـ آاااااااه !


قاطعها بصفعة عنيفة من ظاهر يده ... سالت الدماء من جانب فمها مع تدفق الدموع من عيناها


أطرقت رأسها و هي تجهش بالبكاء و تحاشت النظر إليه ، بينما هدر بصوته الغاضب و هو يهزها بقوة :


-إخرسي يا سمر . إخرسي خآاالص كله إلا أمي . أمي دي أحسن منك إنتي جمبها و لا حاجة بالنسبة لي . لحد هنا و عندك لحد هنا أنا أنساكي و أنسي نفسي و ماعرفش تصرفاتي معاكي شكلها ممكن يبقي عامل إزاي . أمي خط أحمر مش مسموح لأي مخلوق يتعداه فاهمة ؟ ده أخر تحذير ليكي و لو سمعت كلمة طلاق دي علي لسانك تاني أقسم بالله هتشوفي الوش التاني.


و حررها أخيرا و خرج من الغرفة تاركا إياها تسقط بجانب شقيقتها التي كانت تصرخ باكية منذ فترة دون أن يلتفت لها أحد ..


حملتها "سمر" إلي حضنها و ضمتها بشدة هامسة :


-ليه بيحصل فيا كده ؟ ليه يا رب ؟ أنا عملت إيه في عمري ؟؟؟


و راح جسدها يهتز من قوة نشيجها الحار ... !!!!!!




( 56 )


_ خروج ! _


يخرج "عثمان" من الغرفة و هو يغلي من الغضب و يلعن كل شئ أمامه ...


تصطاده "صفية" و هي تصعد الدرج :


-عثمان عثمان ! .. قالتها و هي تهرول صوبه


توقف "عثمان" و هو يتأفف بضيق شديد ، لتأتي أخته بسرعة و تقول بإبتسامة :


-مساء الخير يا عثمان.


إلتفت "عثمان" لها و رد بإقتضاب :


-أهلا يا صافي.


صفية بإستغراب :


-مالك يا عثمان ؟ شكلك مضايق كده ليه ؟!


عثمان بإنفعال :


-إنتي مالك مضايق و لا مش مضايق . إنجزي إنتي و قولي عايزه مني إيه ؟؟؟


أجفلت "صفية" و قالت بشئ من الإرتباك :


-طيب خلاص من غير عصبية . أنا مش قصدي اتدخل فيك !


تنفس "عثمان" بعمق ، ثم قال بعد أن هدأ نفسه :


-و لا يهمك يا حبيبتي . أنا إللي آسف إني إتعصبت عليكي . قوليلي بقي كنتي عايزه إيه ؟


توردت "صفية" خجلا و أخفضت رأسها و هي تقول بتلعثم :


-كنت . كنت عايزه أكلمك في موضوع كده !


عثمان بترقب :


-موضوع إيه إتكلمي ؟؟


صفية بتوتر :


-صالح كان كلمني إنهاردة في موضوع جوازنا.


عثمان بعدم فهم :


-يعني إيه ؟ ماله موضوع جوازكوا ؟!


صفية بتردد :


-صالح عايز الجواز يتم خلال الشهر الجاي بالكتير !


عثمان بإستنكار ممزوج بالحدة :


-نعم ! جواز إيه إللي يتم خلال شهر ده ؟ هو بيستهبل ؟ بابا لسا مافتش علي شهرين و سيادته عايز يتجوز ؟؟؟


صفية ببراءة :


-و الله أنا قولتله كده و قولتله ماينفعش عشان مامي كمان

بس هو قالي إننا مش ضروري نعمل فرح كبير ممكن تبقي حفلة عائلية بس .. ثم تنهدت بحزن و قالت :


-و بعد ده كله قولتله عثمان هو إللي هيقرر حاجة زي دي . يا يوافق يا مايوافقش .. القرار ليك يا عثمان و أنا هرضي بيه أيا كان.


نظر لها "عثمان" مليا ... ثم قال بعد تفكير :


-طيب يا صافي . أنا حاسس إنك ميالة للحل ده .. أنا موافق عشانك إنتي

بس لازم نسأل ماما الأول.


صفية بفرحة :


-يعني إنت موافق بجد يا عثمان ؟؟؟


عثمان بإبتسامة :


-أيوه يا حبيبتي . موافق . مبروك يا صافي.


ضحكت "صفية" بسرور شديد و قفزت عليه لتضمه بقوة و هي تهدل :


-الله يبارك فيك يا حبيبي . الله يبارك فيك . ربنا يخليك ليا يا عثمان يآااا رب.


ضحك عثمان بدوره و قال :


-ماشي يا ستي . و الله لو أعرف إن جوازك من صالح هيخليكي مبسوطة كده كنت جوزتك من زمان ده أنا كنت فاكرك مش مستلطفاه و كنت متوقع تفركشوا في أي لحظة !


إبتعدت "صفية" عنه و قالت بإستياء :


-نفركش إيه يا عثمان ؟ إحنا بنحب بعض.


-أوك . عموما مبروك بردو.


-الله يبارك فيك . بس مش هتقولي إنت بقي إيه إللي مضايقك ؟!


عاد "عثمان" للتجهم من جديد ..


صفية بقلق :


-يا عثمان بليز قولي إنت شكلك مش طبيعي خالص !


زفر "عثمان" بكدر و تمتم بخفوت :


-أنا ضربت سمر !


شهقت "صفية" و قالت بصدمة :


-يانهار إسود . إنت إتجننت يا عثمان ؟ دي حامل إزاي تمد إيدك عليها ؟؟!!


عثمان بضيق :


-أنا ماضربتهاش جامد . هو كان ألم بس

أعمل إيه إستفزتني !


صفية بحنق :


-حرام عليك يا عثمان . البنت رقيقة جدا و شكلها مؤدبة ليه تضربها ؟ ماتعرفش تتفاهم معاها بطريقة تانية ؟؟


عثمان بنفاذ صبر :


-خلاص بقي يا صفية أنا مش ناقصك.


لوت "صفية" ثغرها بعدم رضا ، لكنها قالت بصوت هادئ و حازم في آن :


-طيب خلاص . بس لازم تروح تصالحها دلوقتي.


تململ "عثمان" و هو يقول بتذمر :


-هي الغلطانة مش أنا.


صفية بصرامة :


-هتروح تصالحها دلوقتي يا عثمان . ماتنساش إنها حامل و نفسيتها أكيد وحشة بالذات في الشهور الأولي . ماينفعش تزعلها.


عثمان بإنزعاج :


-أوك خلاص . هروح أصالحها.


صفية بإبتسامة :


-أيوه كده.


في هذه اللحظة ، إنضما كلا من "هالة" و "مراد" لهما ..


عثمان بذهول :


-مرآااد ! مش معقوول !!


أقبل "مراد" علي صديقه و هو يمسك بيد "هالة" بقوة بينما الأخيرة تبتسم بغبطة شديدة ..


-صاحبي يا صاحبي صديق السوء رجعلك تاني .. قالها "مراد" مبتسما ، ثم إحتضن "عثمان" دون أن يترك يد "هالة"


عثمان بدهشة :


-إيه يابني إللي رجعك ؟ مش قلت خلاص هتستقر هناك ؟!


نظر "مراد" إلي "هالة" بحب و قال :


-بصراحة أنا ماكنتش قادر أمشي . و رجعت مخصوص عشان هالة. 


عثمان بإستغراب :


-رجعت مخصوص عشان هالة ؟ أنا مش فاهم حاجة !


نقل "مراد" نظره إليه و أجابه بثقة :


-أنا و هالة بنحب بعض يا عثمان و أنا رجعت عشان أتجوزها و أخدها معايا و أنا مسافر.


نظر "عثمان" له و ضرب كفيه ببعضهما و هو يقول بتعجب :


-لا حول و لا قوة إلا بالله . إيه حكاية الجواز معاكوا إنهاردة أنا عايز أفهم ؟ كلوا دلوقتي بقي عايز يتجوز ؟!


ضحك "مراد" بخفة و قال :


-أعمل إيه حبيتها . لما سافرت إكتشفت إني مش قادر أعيش منغيرها . المهم دلوقتي قولي أنكل رفعت فين عشان أطلبها منه و نخلص الموضوع بسرعة أنا نازل إسبوع بس و ماينفعش أتأخر علي الشغل.


عثمان بإبتسامة :


-أنكل رفعت يا سيدي هتلاقيه دلوقتي في الشركة طير عليه بسرعة قبل ما يختفي في أي حتة و ماتقدرش توصله.


مراد بغمزة :


-لأ ماتقلقش . أنا مش هاسيبه إنهاردة قبل ما يوافق يجوزني هالة بكره بالكتير.


عثمان ضاحكا بمرح :


-ماشي ياسيدي . ربنا معاك .. ثم نظر إلي "هالة" و تابع بصدق :


-مبروك يا هالة.


هالة برقتها المعهودة :


-الله يبارك فيك يا عثمان . ميرسي.


و ذهبا الثنائي المرح ، لتقول "صفية" بتذكير :


-عثمان . مش هتروح تصالح سمر !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت تضع "ملك" النائمة في الفراش ... عندما دخل عليها محمحما بشئ من التوتر


إستدارت "سمر" إليه و رمقته بإزدراء شديد ، ثم مشت صوب الحمام ..


ألمته هذه النظرة ، فأعترض طريقها بسرعة و أمسك بذراعها ..


-علي فكرة أنا ماكنتش ناوي أمد إيدي عليكي ! .. غمغم "عثمان" متحاشيا النظر في عيناها ، و أكمل :


-إنتي أستفزتيني يا سمر . رغم إني قولتلك قبل كده إن أمي أغلي حاجة في حياتي إتجاهلتي ده و إهانتيها قدامي . أمي أغلي عندي من نفسي يا سمر ربنا فوق و هي تحت

أنا عمري ما زعلتها و لا حتي أبويا زعلها لأن أصلا مافيش زيها في الدنيا دي كلها . هي ست كلها رقة و حنان . ملاك و كل الناس بيحبوها و هي كمان عمرها ما كرهت حد .. ماتستاهلش أبدا الكلام إللي قولتيه عليها يا سمر.


شدت "سمر" ذرعها من يده و قالت بجمود :


-أنا ما أهانتش أمك . ماقولتش عليها حاجة وحشة

يمكن قللت منها منغير قصد بس إنت إللي كان عندك إستعداد تتصرف معايا بالهمجية دي

ما ده مش جديد عليك . إنت عملت أكتر من كده و كسرتني . و رغم ده كله أنا ما سألتكش لحد دلوقتي إنت عملت كده ليه.


عثمان مقطبا بخزي :


-أنا بعترف إني غلط فيكي كتير . و آذيتك . بس أنا دلوقتي عايز أعوضك و إنتي مش مدياني فرصة !


سمر بسخرية :


-هتعوضني عن إيه ؟ هو إنت دوست علي رجلي و كلمة آسف هتغفرلك عندي ؟ لازم تعرف إنك إنت السبب في تدمير حياتي . إنت إللي ساومتني و أجبرتني علي الغلط . كنت عارف إني محتاجة فلوسك عشان أختي مش عشاني .  كنت عارف و متأكد إني هركعلك و هوافق علي كل شروطك

و عشان تبعد الذنب عن نفسك كنت كل شوية بتفكرني إنك ماضربتنيش علي إيدي . ماغصبتنيش . صح إنت عندك حق . أنا عملت معاك كل حاجة برضايا . إنت ماغصبتش عليا أي حاجة . عشان كده أتوقع منك دلوقتي إنك ماتغصبنيش علي العيشة معاك . أرجوك طلقني !


و نطقت أخر كلمة بصعوبة شديدة ..


ليمسك كفاه الضخمتان بأعلي ذراعها فتطوقهما تماما .. هزها "عثمان" بيده قائلا بعصبية :


-مش هطلقك يا سمر . مش ممكن . إنتي مراتي و حامل في إبني أو بنتي . مستحيل أتخلي عنكوا.


سمر بنشيج مكتوم :


-أوعدك إني مش همس إبنك أو بنتك . هحافظ علي الحمل و لما أولد أنا مستعدة أتناز آا ..


-إسكتي ! .. قاطعها و هو يهزها من جديد ، و كانت كفاه ترتجفان و تبعثان ذلك الإرتجاف عميقا في عظامها


أكمل بصرامة :


-مش هطلقك يا سمر . إنتي و إللي في بطنك ملكي . ملكي أنا .. عمرك ما هتقدري تنكري ده أو تبعدي عني . أنا حقيقة و أمر واقع في حياتك . خليكي فاهمة كده كويس.


ثم تركها ، بل ترك لها الغرفة مجددا و خرج


أما هي ، فإنفجرت بالبكاء ثانيةً ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


بعد يومان ..


في الصباح .. ينزل "عثمان" من غرفته ليذهب إلي عمله ، فيقابل شقيقته و إبنة عمه في وسط الدرج


عثمان بإبتسامة :


-صباح الخير يا هوانم !


هالة / صفية :


-صبـاح النوور يا عثمان.


-إيه علي فين العزم بدري كده ؟


صفية بحماسة :


-أنا و هالة رايحين Deep Mole نجيب شوية حاجات ليا عشان فرحي و ليها عشان خطوبتها و فرحها إللي هيتعملوا في وقت واحد ماعرفش إزاي دي !


عثمان بتفهم :


-إممم . مفهوم ربنا معاكوا .. و جاءته فكرة ، ليطلب منهما :


-طيب ممكن تاخدوا سمر معاكوا ؟ هي من ساعة ما جت هنا ماخرجتش خالص و أنا مش فاضي اليومين دول و مش هآمن عليها إلا معاكوا !


هالة برحابة :


-Sure يا عثمان . هناخدها معانا طبعا و ماتقلقش هتتبسط و هنخرجها من مود الحمل و الإكتئاب إللي هي فيه.


صفية بإثارة شديدة :


-أحلي حاجة إن العيلة بتزيد و الروتين إللي إحنا عايشين بيتغير . الواحد كان زهق و الله و سمر هي و أختها عملوا جو لطيف أووي في البيت . إطمن يا عثمان مراتك في إيد أمينة.


عثمان بإمتنان :


-شكرا ليكوا . أنا متأكد إنكوا هتحافظوا عليها .. ثم أخرج چزدانه من جيب سترته و سحب إحدي الكروت


-خدي يا صافي . الـATM دي و معاها الباسوورد . خليها معاكي و هاتي لسمر كل إللي هي عايزاه مع إنها مش هتعوز حاجة . بس خليها معاكي يمكن تحتاج حاجة !


أخذت "صفية" بطاقة الائتمان منه و قالت بإعجاب :


-ربنا يخليك ليها يا عثمان . أنا بجد مبسوطة إنها قدرت تخليك تحب و تبقي الشخص الحنين إللي واقف قدامي ده.


و ذهبت الفتاتان عند "سمر" .. دقت "صفية" الباب و دخلت تتبعها "هالة"


وجدتا "سمر" تهتم بشقيقتها كالعادة ..


صفية بإبتسامة :


-صباح الخير يا سمسمة !


سمر بإبتسامة شاحبة :


-صباح النور يا صافي . إزيك يا هالة ؟


هالة بود و رقة :


-الحمدلله يا سمر كويسة . إنتي إيه إخبارك و لوكا القمر عاملة إيه ؟!


-أهو كويسين . إيه جايين بدري كده عايزين حاجة ؟ أخوكي و إبن عمك لسا نازل دلوقتي حالا لو كنتوا جاينله !


صفية مصححة :


-لأ يا سمسمة إحنا جاينلك إنتي.


سمر بإستغراب :


-جاينلي أنا ؟ خير ؟!


و عرضت عليها "صفية" مرافقتها هي و "هالة" إلي السوق التجاري و شرحت لها الأمر ..


-و أنا إستأذنت عثمان و هو وافق .. قالتها "صفية" بإبتسامة عريضة


هالة مكملة :


-بجد وجودك معانا هيبسطنا جدا و هنقدر نتعرف علي بعض أكتر.


صمتت "سمر" لثوان ، ثم قالت بتهذيب :


-أنا طبعا بشكركوا علي الدعوة . بس آسفة مش هقدر أجي معاكوا !


صفية بإحباط :


-ليـــــــــه يا سمر ؟


سمر بلطف :


-و مين ياخد باله من ملك ؟ و أنا مش هقدر أسيبها مع أي حد هنا بردو . لازم تبقي جمبي دايما.


صفية بسهولة :


-خلاص هناخد تانيا معانا تخلي بالها منها و تبقي جمبك زي ما إنتي عايزة.


هالة برجاء :


-يلا بقي يا سمر بليييز . إحنا محتاجينك معانا !


سمر بعد تفكير :


-خلاص . ماشي !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


ذهبن ثلاثتهن إلي أحد أضخم الأسواق التجارية بالمدينة كلها ..


إقترحت "صفية" في البادئ :


-إيه رأيكوا نبتدي بالـBeauty Center ؟ أنا محتاجة أعمل look جديد لشعري عشان الفرح . و بعدين لما نخلص نروح نتغدا و نكمل لف علي المحلات . بس سمر طبعا مش هتلف معانا عشان البيبي هنسيبها في الكاڤيتيريا و لحد ما نخلص و نرجعلها.


هالة بتبرم :


-لأ إحنا ناكل الأول . أنا مافطرتش يا صافي !


وبختها "صفية" :


-يا بت إنتي دايما الأكل علي راس القايمة عندك ! إهدي شوية هناكل ياختي بس إصبري .. يلا بينا.


و بالفعل توجهن إلي مركز التجميل ، فأجلستهن المسؤولة في قاعة الإنتظار ريثما تحضر لهن ثلاثة أماكن ..


بعد قليل دوي جرس الإشعار بهاتف "صفية" ففتحته لتجد رسالة من أخيها ..


عثمان :


إيه يا صافي إنتوا فين كده ؟


صفية :


إحنا وصلنا المول أهو في الكوافير يا عثمان.


عثمان :


سمر عاملة إيه ؟؟؟


صفية :


أهي قاعدة جمبي

كويسة.


و إنتظرت رده ... لكنه صمت علي هذا ، فغادرت المحادثة ..


و إذا بالهاتف يعلن عن وصول رسالة جديدة


تنهدت "صفية" و فتحت رسالة أخري منه :


طيب صوريهالي منغير ما تاخد بالها

عايز أشوفها !


كتبت "صفية" بإستنكار :


و أنا هصورهالك منغير ما تاخد بالها إزاي يا عثمان ؟

دي قاعدة جمبي.


يرد "عثمان" بسرعة :


إخلصي يا صفية

دلوقتي.


تأففت "صفية" بضيق و نظرت من جانب عينها إلي "سمر" وجدتها شاردة بعمق ، هذه فرصتها إذن


رفعت هاتفهها ببطء حتي لا تلاحظها ، و عوجته بطريقة بلها ، و راحت تلتقط عدة صور ..


-بتعملي إيه يا صافي ؟! .. قالتها "هالة" بإستغراب ، لتلفت "صفية" لها و تغمغم بغضب :


-وطي صوتك يا غبية . مابعملش حاجة خليكي في إللي إنتي فيه .. و أشارت إلي مجلة الموضة الكامنة بين يديها


بعثت "صفية" بالصور إلي أخيها و هي تتمتم بتعجب :


-أخويا إتجنن و الله ..

            الفصل السابع والخمسون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>