رواية عشق الادم
الفصل الرابع عشر والخامس عشر
بقلم ماري حلمي
وضعت يدها على قلبها بتعب واضح وهي تحاول كتم تلك الخفقات اللعينية التي لا تدري كيف ومتى خفقت لذلك القاسي البارد ، الذي
تفنن في نشر سمه الكلامي بداخل عقلها الصغير بالإضافة لنظرات الشك الذي يطالعها بعا دائما ليشعرها بأنها مجرد فتاة تربت
على عادات وأخلاق أوروبية ، متناسيا بأنها تحمل قلب ومشاعر تتأثر بأي كلمة مهما كانت صغيرة ..
زفرت بهدوء عدة مرات حتى تهدء من ضربات قلبها التي جنت بالتأكيد بعد سماعها كلماته تلك ..
أغمضت عينيها من جديد محاولة الحصول على بعض الراحة النفسية بعد حرب المشاعر التي أخذت تتضارب برأسها من جديد ..
طرقات خفيفه على باب غرفتها جعلتها تسلط نظرها ناحية الباب بهدوء وهي تسمح للطارق بالدخول
لحظات وشاهدت خالتها "السيدة صفيه" تدلف للداخل برفقة السيد جلال وخلفه أبنه أيهم وابن خالتها أحمد ..
تنهدت بارتياح عندما لم تراه بينهم فهي غير قادرة على مقابلته حاليا بعد كلماته تلك ..
هتفت السيدة صفيه وهي تجلس بجانبها بهدوء وتدخلها داخل أحضانها قائلة :
" أحلى يوم ده ولا ايه ، ست البنات خفت وبقت
كويسه "
طالعتها عشق بنظرات متسائلة قائلة :
" فرح أخبارها ايه يا خالتو ؟ "
هتف أحمد بنظرات ذات مغزى لأيهم قائلا :
" اطمني يا عشق ، فرح كويسه ودلوقتي نايمه "
زفرت بإرتياح ، في حين وقف السيد جلال يطالعها بعيون ترقرت فيها الدموع وقلب يتلهف شوقا لأحتضانها بقوة ، رفع يده يمسح عبراته بسرعة قبل أن يلفت نظرها ناحيته ، ليكتفي بمشاهدتها سعيدة تتبادل بعض الكلمات مع خالتها ليهتف لنفسه بألم :
" انتي السبب يا صفاء إني مش قادر أحضن بنتي وأقولها انا أبوكي ومعاكي وممتتش زي ما انتي مفكرة ، انتي السبب .. "
تقدم أيهم بخطوات بطيئه بعض الشيء وهو يحاول إمساك نفسه من احتضانها بقوة في هذه اللحظة ليهتف لها بجدية وصوت مرتعش بعض الشيء :
" حمدلله على السلامة يا عشق ، إلي عملتيه مع فرح بيثبت قد ايه إنك إنسانة طيبة وشفافه جدا .. "
رفعت نظرها ناحيته بخجل من كلماته تلك لتهتف له بصوت رقيق :
" الله يسلمك يا استاذ أيهم ، وبعدين فرح دي اختي وأكتر حد قريب مني هنا واكيد مش كنت هسيبها تموت لو كنت أنا هموت مكانها "
أغمض عينيه بألم من كلماتها تلك ، فهي تخاطبه برسميه شديدة ولا تعرف بأنه أقرب من حبل الورد لروحها ..
وجد والده يشدد على يده بحنيه وهو يطالعه بنظرات مطمئنة ، في حين هتف أحمد كي يخفف ذلك الموقف قائلا ليلفت انتباه عشق من كلماته تلك:
" هو آدم فين يا ماما ؟ "
إجابته والدته بهدوء :
" راح يسأل الدكتور على كم من حاجه كده .. "
****************************
في غرفة الطبيب
كان يسلط عينيه بقوة وتركيز على كلام الطبيب وهي يجلس مقابلا له على ذلك المقعد الخشبي ليتابع الطبيب بجديه :
" زي ما قولتلك يا أدم باشا ، الآنسة عشق دلوقتي تقدر تمشي على رجلها من تاني ، الموقف إلي حصلها خلاها تتغلب على خوفها شويه وقدرت تقاوم وبفضل ربنا وقفت من تاني .. "
اومأ آدم بتركيز قائلا :
" طيب والحروق إلي في وشها دي "
ابتسم الطبيب قائلا بعمليه :
" دي حروق بسيطة الحمدلله ، وهتخف وتختفي مع العلاج إلي كتبتهولها "
نهض أدم من مكانه برزانه وهو يمد يده مصافحة للطبيب قائلا بصوته العميق :
" متشكر يا دكتور ، تعبينك معانا "
بادله الطبيب قائلا بعمليه :
" ده واجبي يا آدم باشا ، تقدرو تخرجوها هي والأنسة فرح .. "
اومأ آدم بهدوء وهو يغادر الغرفة بخطوات هادئه ليكتسي قناع البرود من جديد ظنا منه بأنها لم تستمع لكلماته تلك .. !!
دخل الغرفة بخطوات هادئه ليهتف بصوته جاذبا انتباه الجميع ناحيته وأولهم عشق التي أخذت تطالعه بنظرات مسترقه :
" الدكتور قال نقدر نخرجهم دلوقتي "
اومأ الجميع له بسعادة في حين سلط هو أنظاره القوية عليها ..
****************************
جلست أمام السيدة صفيه على سريرها الأبيض لتقوم بمساعدتها على لف حجابها بسبب عدم قدرتها على رفع يدها نتيجة بعض الحروق التي طالتها من ذلك الحريق ..
نزلت دموعها بقوة على وجهها في تلك اللحظة وهي ترى نفسها عاجزة حتى عن خدمة نفسها ..
أنهت السيدة صفيه لف الحجاب لها بأحكام لتنظر لها بصدمه قائلة :
" بتعيطي ليه يا فرح يا بنتي ؟ "
مسحت دموعها بخفه قائلة :
" مفيش يا صفيه هانم بس بس تذكرت ماما ربنا يرحمها .."
نظرت لها السيدة صفيه بنظرات معاتبه قائلة :
" إيه صفيه هانم دي يا فرح ؟ قولتلك مليون مرة قوليلي يا ماما ، ده انتي بغلاوة عشق عندي يا حبيبتي .. "
في تلك اللحظة لم تجد نفسها إلا وهي تتوسط أحضانها بقوة تتشبث بهي وتبكي بصوت مرتفع ، لتبدأ السيدة صفيه تمسح على ظهرها بحنان مكتفيه بالصمت تاركه لها المجال لتنفس عن حزنها ذلك
في تلك الأثناء دخل أيهم عندما وجد الباب مفتوح ليهتف بجديه :
" يلا يا جماعة لازم نمشي "
رفعت رأسها من أحضان السيدة صفيه تطالعه بنظرات رقيقه ، في حين ابتلع ريقه من نظراتها تلك التي زلزلت ثنايا قلبه ولم يجد نفسه إلا وهو يغادر الغرفة بسرعة تاركا خلفه قلبها الذي يتألم بشدة ..
*****************************
مرت أيام وهي تتجنب فيها النظر بوجه ذلك البارد او حتى الاحتكاك به ، فالفكرة نفسها تجعل قلبها على وشك التوقف من الخفقان ، كانت تتعلل ببعض التعب حينما يتصادفون على طاولة الطعام لتنسحب بهدوء إلى غرفتها تاركه خلفها نيران تكاد تفتك بها من هروبها ذلك ..
لقد اكتشفت بأنها تكن له بعض المشاعر بقلبها ولكن مشاعر الخوف التي تغلغلت بداخلها ناحيته فاقت شعور الحب لذلك كانت تتجنب النظر بوجهه حتى لا يفتضح أمرها ..
في حين كان السيد جلال يتحجج كل يوم من أجل رؤيتها وإشباع عينيه منها ، وحتى الآن ألتزم هو والجميع الصمت بشأن الحقيقة متجاهلين بذلك مشاعر تلك المسكينة حينما تعلم ماذا ستكون ردة فعلها ... !!
كانت تنزل درجات السلالم حينما علمت بأنه قد غادر إلى الشركة برفقة أحمد منذ قليل لتتصتم مكانها وهي تراه يدخل من باب القصر متوجها ناحيتها !!
إبتلعت ريقها بتوتر وبتلقائية أدارت جذعها لتعود أدراجها ..
زفر بقوة وهو يراها تحاول الهروب منه ، فهي عادتها تلك من أن خرجت من المشفى ، تقدم بخطوات أشبه بالركض ليصدح صوته مجلجلا قائلا بقوة وهو يقف خلفها :
" استني يا عشق "
أغمضت عينيها بخوف وهي ما زالت تعطيه ظهرها ليتابع بقوة :
" ممكن تبصيلي "
أدرات وجهها ناحيته ليظهر له عينيها التي تكاد تجعله مجنون من شدة جمالهما ، هتف بتوتر بعض الشيء :
" انتي بتهربي مني ليه ؟ "
أخفضت رأسها حتى لا يفتضح أمرها من عينيها لتتحدث بصوت رقيق منخفض :
" وانا ههرب ليه ، هو انت هتاكلني ؟ "
ابتسامة شقت ثنايا وجهه على كلماتها تلك ليهتف :
" هاكلك ! طيب يا ستي ممكن أعرف ليه مش بتبصيلي ؟ "
وبتلقائية رفعت وجهها ناحيته لتتقابل عينيها الرقيقتين بعينيه القاسيتين للحظات بدأت كأنها طويله لتخفض رأسها سريعا بخجل وهي تحاول السير والأبتعاد في هذه اللحظات من أمامه حتى لا تنهار أكثر من ذلكك ..
هتف لها من جديد محاولا تجميع رابطة جأشه التي ضاعت الآن قائلا :
" احم ، أنا نسيت شوية أوراق ورجعت أخدهم ممكن تروحي تجيبيهم من اوضتي على ما أتكلم فون مهم .. "
اومأت برأسها بقوة وهي تشعر كأنها تطير من قوة خطواتها التي قطعت في درجات السلالم لتهرب بسرعة وهي تحمد ربها بأنها لم تنهار .. !!
في حين زفر هو بقوة وهو ينزل الدرجات متوجها الى أقرب مقعد يجلس عليه يحاول تهدئه خفقات قلبه تلك .. !!
**************************
في شركة الزهرواي
وقف أحمد يطالع المصعد بملل وهو يدق بأطراف أصابعه على الحائط الذي امامه وهو يزفر بشدة ، لفت سمعه طرقات من الكعب العالي تتقدم بخطوات ايقاعيه مخترقة طبلة أذنه بنعومة شديدة ..
رفع رأسه يطالع صاحبة تلك الإيقاعات الجميلة ليظهر له فتاة قصيرة نوعا ما ، ترتدي فستان أزرق سماوي وحجاب أبيض وحذائها الأبيض الذي توقف عن ايقاعاته مجرد ما وقفت بجانبه ..
دقق النظر بوجهها ليظهر له عينين بلون فستانها وبشرة حنطيه ناعمه ، أخفضت الفتاة نظرها بغضب وهي تجد ذلك الشخص الوقح يطالعها هكذا ..
تحدث أحمد ببلاهه قائلا :
" يارب يطول .. "
نظرت له بدون فهم قائلة بصوت رقيق دغدغ خلايا عقله :
" إيه هو ؟ "
ابتسم ببلاهه أكبر قائلا :
" المصعد يا مزه "
أحمر وجهها غضبا وكانت على وشك الرد عليه حينما وجدت المصعد يفتح امامهما لتدلف للداخل بهدوء ، ليلاحقها أحمد قبل أن يغلق المصعد عليهما !!
التصقت الفتاة بالحائط بخوف وهي تجد بأن المصعد لم يعد يعمل ويبدو بأنه قد تعطل !!
نظر لها أحمد بجديه قائلا :
" متخافيش هيصلحو دلوقتي "
إلتصقت أكثر وأكثر وبدأت دموعها تنزل بغزارة الأمر الذي جعل أحمد يطالعها بدهشه شديدة ، ليهتف له وهو يلوح يديه أمامها :
" يا انسه انتي كويسه ؟ "
أغمضت عينيها بألم حقيقي لتهتف بدون وعي :
" أبوس ايدك متقربش مني ، انا مليش دعوة والله هم قالولي أعمل كده وانا غصب عني سمعت كلامهم ، ابوس ايدك متلمسنيش "
جحظت عيني أحمد بصدمه من كلماتها تلك ليهتف لها بقوة وتركيز :
" انتي بتقولي ايه ؟ ممكن تفهميني بالراحة ؟ أنا مش فاهم حاجة خااالص .. "
كانت على وشك الرد ولكن الدنيا قد اسودت فجاءة أمام عينيها لتسقط مغشيا عليها الأمر الذي جعل أحمد يلتقطها قبل أن تسقط وهو لم يفهم شيئا
لحظات وكان يفتح باب المصعد على مصرعيها ويظهر منه رجال صحافه يلتقطون الصورة لأحمد وهو يحمل الفتاة بين يديه ..
لتسطر بالخط العريض فضيحة "أحمد الزهراوي بداخل المصعد مع إحدى الفتيات .
🌹🌹🌹🌹🌹🌹
15
وقف أدم بجسده الذي أخذ يرتعش بقوة من الغضب التي تغلغل بداخل أعماقه ، وعينيه اللتان توشكان على إحراق أي أحد أمامه الأن أمام شاشة التلفاز التي تصدرت كل قنوات المشاهير والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تلك الصورة التي ارفقت بتقرير صدر بسرعة البرق بالخط العريض ( فضيحة أحمد الزهراوي شقيق رجل الأعمال أدم الزهرواي مع إحدى الفتيات الرخيصات بداخل المصعد بالشركة الخاصة بهم ) ..
قذف جهاز التحكم من يده بقوة ليرتطم بالأرض متهشما إلى أجزاء صغيرة أمام قدم أيهم وأحمد الذي كان يستمع للأخبار ويبدو عليه الصدمه التي شلت أطراف حتى عن الكلام ..
تقدم أدم بحالته تلك فقد كان مشعث الشعر ، يرتدي قميص أبيض بعد أن خلع المعطف الخاص به وألقاه على مقعده بإهمال لتبرز عروق رقبته بوضوح وقد بدأ كانه يخوض إحدى بطولات الملاكمه التي كان يتابعها بالسابق ..
وبلحظة رفع يده لتهوي بقوة شديد على وجه أحمد الذي ارتد للوراء من قسوة الضربة ليضع يده على وجه ينظر لأخيه بألم .. !!
انتفض أيهم من مكانه ليقف أمام أدم الذي بدأ وكأنه يصارع حتى يصل لرأس أحمد محاولا الفتك به في تلك اللحظات ..
هدر أيهم بغضب وهو يدفعه بعيدا عن أحمد قائلا :
" إيه إلي عملته ده ؟ انت مجنون ؟ ازااي تمد ايدك على أخوك كده قبل ما تتأكد إنه في حد عايز يوقع بينكم يا آدم .. "
بدأ أدم يضحك بجنون على كلمات صديقه تلك ليهتف بغضب عكس تلك الضحكات :
" انت متعرفش حركات أحمد يا أيهم زي ما أعرفه انا ، ده كل حياته صارت بنات ونييله على عينيه ، وانا إلي قولت إنه عقل وصار راجل وهينسى كل الحركات دي .. "
زفر أيهم بغضب أكبر قائلا :
" بالنهاية ده أخوك وانت مجبور تدافع عنه قدام الصحافه وتكدب الخبر ، وأنا متأكد مليون بالميه ان أحمد معملش كده وإن ده ملعوب "
توجه أدم بخطوات جنونيه ناحية طاولة مكتبه الكبيرة ليقذف كل شيء يقابله بطريقه عليها وهو يهتف بهستيرية :
" اكدب الخبر ازاااااااااي وانا شايفه حاضن البنت بالصورة يا أيهم ، الولد ده دمر كل حاجة عملتها بالعمله دي ، دمر سمعة الشركة وسمعة العيله "
للحظات أشفق أيهم على حال صديقه تلك فهذه المره الأولى التي يراه فيها منهارا بهذا الشكل !!
في حين بقي أحمد ساكنا مكانه يلتقط كلمات أخيه تلك بهدوء وبدون تعليق ، سامحا له المجال لينفس عن ضيقه به حتى لو كان الثمن هو !! ليذهب بخياله لتلك الفتاة وكلماتها الغامضة تلك ..
هتف أدم بقسوة لشقيقه قائلا :
" اطلع برا الشركة دي يا احمد .. "
****************************
دخلت منزلها المتهالك بتعب كبير بعد أن تمكنت من الخروج من المشفى ذلك قبل أن تلاحقها عدسات الصحافه من جديد بعد أن أصبحت تعرف بعشيقة
"أحمد الزهرواي " ، جلست على أقرب مقعد قابلها في طريقها او ربما المقعد الوحيد الذي يتواجد بداخل هذا المنزل ، أغمضت عينيها بألم وهي تتذكر فعلتها الشنعاء تلك بالايقاع بذلك الشاب المسكين الذي لا تعرف عنه شيئا سوا اسمه "أحمد " ، ماذا لو علمت والدتها المريضة فعلتها تلك بالتأكيد ستفارق الحياة في لحظتها ..
تنهدت من جديد وهي تطالع تلك الملابس الراقيه التي ترتديها والتي كانت تمويها لضبط الخطه جيدا ، نزلت دموعها بقوة وهي تطالع غرفة والدتها بألم ، كل ذلك الذي اقترفته بغبائها كان لأجل والدتها المريضة ..
نهضت من مكانها بتثاقل لتسير بخطوات بطيئه بعد أن خلعت ذلك الحذاء اللعين وألقته بعيدا ، لتفتخ الباب بهدوء فتظهر والدتها ، سيدة في العقد الرابع من عمرها تجلس على سريرها ترتدي أسدال الصلاة وتحمل بين يديها كتاب الله الحكيم ترتل أياته بهدوء ..
أغلق الباب بهدوء وهي تتجه ناحية ذلك التلفاز المتواضع لتقوم بفتحه ومعرفة ما خطت يداها
ليظهر على إحدى قنوات المشاهير خبر فحواه
( أدم الزهراوي قد تبرأ من شقيقه الأصغر أحمد الزهرواي بعد فضيحته تلك )
شهقت بفزع وهي تضع يديها على وجهها بقوة وتحرك رأسها يمينا ويسارا بهستيريه لتتحدث بألم :
" مش ممكن انا السبب انا السبب !! "
مسحت دموعها بعنف وهي تلتقط حقيبتها بقوة وترتدي حذائها ذلك بسرعة وتتوجه ناحية الخارج قاصده قصر " الزهراوي " ... !!!
***************************
عاد إلى القصر في حاله يرثى لها يجر معطفه خلفه بشرود وهو يسير بخطوات متمايله بعد أن قام بطرد شقيقه من الشركة ، كيف تجرأت كلماته وخرجت تطعن قلب أحمد بألم ، شقيقه الوحيد الذي يعتبر ابنه أكثر من شقيقه قد طرده ، لتتسارع الشائعات الكثيرة حول تبرء آدم من شقيقه أحمد !!
جلس على أقرب مقعد يرتمي عليه بألم وهو يغلق عينيه بإستسلام ، في حين نزلت تلك الحمراء تتقافز على درجات السلالم بقوة بعد ان قررت قرارا حاسما في نفسها لتغير من ذاتها قليلا .. لأجله !!
وصلت أمام وهي تقف معتدله بطولها ذلك وشعرها الذي انساب على وجهها بغزاره لتهتف بسعادة متجاهله حالته تلك :
" أدم ممكن أطلب منك طلب صغير كده ؟ "
فتح عينيه بتعب وهو يراها تقف أمامه بحالتها تلك
زفر بضيق فهذا ليس الوقت المناسب لإفتعال مشاجرة معها الان ..
بينما تابعت هي بهدوء :
" شوف الطلب مش صعب ، احم انا عايزة اشتغل "
نهض من مكانه بعنف فقد استطاعت ان تصل به لدرجة الجنون القصوى في حالته تلك ، ضغط على يدها بعنف قائلا بقسوة :
" أقسم بالله لو ما رحتي أوضتك دلوقتي ما تلومي إلا نفسك .. "
نزلت دموعها على خدها بألم من قبضته تلك لتهتف بصوت متقطع :
" حاضر بس بس سيب ايدي هتتكسر "
أرخى قبضته عليها ليعود ويجلس مكانه كما كان في حين أطلقت ساقيها للريح ناحيتة غرفتها لتجعل من السرير ملاذا مناسبا لبكائها ..
خرجت السيدة صفيه من المطبخ بخطوات حذره بعد ان استمعت لكلام أدم قبل قليل لتشاهده في حالته تلك لتهتف بدون فهم وهي تجلس امامه :
" خير يبني ؟ مال شكلك عامل كده يا حبيبي وأحمد فين مش روح معااك ؟ "
فتح عينيه بألم قائلا :
" أنا طردت أحمد من الشركة يا امي ! و دلوقتي معرفش هو فين "
شهقت وهي تضع يدها على قلبها بعاطفه امويه صادقه لتنهض من مكانها بعنف وهي تهتف :
" روح شوف أخوك فين يا آدم وبعدين هنتحاسب يا ابن بطني ، دي أمانه ابوك الله يرحمه ، تتخلى عن أخوك ، مهما كان السبب مش لازم تتخلى عن أخوك يا آدم ، ده الطير وقع من السماء وقال ( اخ ) ، تعرف يعني ايه الكلمة دي ولا متعرفش ؟ "
أنها كلامها وهي تنحب بقوة ، في حين نهض هو من مكانه يضمها بشدة ناحيته قائلا بألم :
" عارف إني غلطان يا امي بس ابوس ايدك متعيطيش .. "
في تلك الأثناء كان أحمد يدخل من الباب برفقة أيهم الذي لم يتركه لحظة واحدة وحيدا بل أرغمه على العودة إلى القصر ..
توجهت السيدة صفيه تحتضن ابنها بلهفه حقيقية وكأنها لم تراه منذ زمن في حين وقف أدم جامد الملامح يطالع شقيقه بنظرات قوية ..
في تلك الأثناء كانت قد هبطت عشق من الأعلى بعد أن جففت دموعها وهي تطالعهم بنظرات غير مفهومه لتهتف بصوت منخفض :
" خير يا أحمد مالك ؟ شكلك تعبان ؟ "
منحها أحمد ابتسامة صافيه قائلا :
" متخافيش انا كويس "
في حين وقف أدم يطالعها بنظرات حارقه ، تلك الغبيه لم تسأله عن حاله منذ قليل وقد كان واضحا بأنه متعب بل بقيت تثرثر بكلام غير مفهموم والآن تسأل شقيقه عن حاله ، وجد نفسه يتقدم ناحيتها هاتفا بغضب وهو يصب كامل غضبه عليه :
" وانتي مالك وماله ، بتسألي عنه ليه ؟ "
أخذت تطالعه بنظرات حارقه ، الغبي دائما يحاول جرح مشاعرها أمام الجميع ، زفر أيهم بشدة وهو يرى آدم يعامل شقيقته التي لم تعرف به حتى الأن ليهتف بغضب بادي :
" وبعدين يا آدم يعني ؟ خف على البنت شوية "
اخترقت كلماته تلك أذان تلك المسكينة التي كانت قد عادت للتو من كليه الطب بعد أن عادت الدراسة منذ أسبوعين لتهتف لهم برقة :
" السلام عليكم "
هتفت عشق وهي تحتضنها :
" وعليكم السلام يا روحي ، وحشتيني "
ابتسمت لها فرح برقه ثم وجهت انظارها ناحيته لتجده غارق بعينيها بهيام لتخجل وتبعد بصرها عنه
سادت حاله من التوتر بين آدم الذي جلس يضع رأسه بين يديه يفكر في حل لتلك المشكلة التي سقطت على رأسه ، وبين احمد الذي جلس قبالته يطالعه بنظرات قوية ..
لحظات وكانت تدخل الخادمة برفقة إحدى الفتيات التي هتفت بصوت متقطع خائف :
" ا ا السلام ع عليكم "
نهض أحمد من مكانه بعنف وهو يصرخ بقوة :
" انتي !! إيه إلي جابك هنا ................................... "
