رواية عشق الادم الفصل الثامن عشر18والتاسع عشر19بقلم ماري حلمي


 رواية عشق الادم 

الفصل الثامن عشر والتاسع عشر

بقلم ماري حلمي


مرت الأيام سريعا حيث تم عمل عملية القلب لوالدة نور وانتهت بنجاحها وبدأت صحتيها بالتحسن شيئا فشيئا ، كذلك التزمت نور بعملها الجديد


 بداخل شركة الزهرواي تحت إشراف أحمد عليها ، وكذلك لم يخلو الأمر من مرحه تجاهها ،


 الأمر الذي بدأ يولد مشاعر جديدة في قلب تلك الجميلة وبدأت الحياة تبتسم لها شيئا فشيئا .. 

كذلك تم تحديد موعد كتب كتاب آدم وعشق بعد أسبوع بطلب من آدم وهدف في نفسه .. بالنسبة لعشق فهي تعيش أجمل أيام حياتها حاليا وهي    تشعر بأن الله عوضها عن حياتها البائسة بهذا الرجل الذي أضاء حياتها من جديد بعد أن كان الظلام يسكن بداخلها .. وما زالت حتى اللحظة تجهل علاقتها بالسيد جلال وأيهم الذي كلما يراها يقوم بممازحتها الأمر الذي جعلها تشك بحب آدم لها قليلا !! فهو لا يعترض نهائيا على ذلك على عكس ما رأته منه منذ قدومها .. 

بالنسبة لجابر السيوفي فقد انخفضت أسهمه بالسوق التجاري بشكل كبير بعد إفتضاح أمره من آدم أمام الصحافة الأمر الذي جعل إفلاسه على   المحك .. ليتوعد لأدم وشقيقه جلال بالرد القاسي !! 

أيضا ذلك الذي يجلس يحترق في إحدى الفنادق القريبة من المنطقة التي تسكن فيها   عشق ، يقوم بوضع خطه محكمه للإيقاع بها عن قريب !! 

خرجت فرح من كلية الطب بعد أن أنهت إحدى إمتحاناتها وهي تتنفس الصعداء بعد أن تخلصت من ضغط ذلك الامتحان ، سارت خارج بوابة الكلية تنتظر إحدى سيارات الأجرة ليلفت إنتباهها ذلك الذي يقف على مقربه منها أمام سيارته يرتدي نظارته السوداء التي زادته جاذبيه ويسلط نظره ناحيتها بقوة ..

إبتلعت ريقها وهي تطالعه بنظرات غير مفهومه عن سبب قدومه هنا ، رأته يلوح لها بيده لتتجه ناحيته بسرعة قبل أن تلفت أنظار زملائها .. 

هتفت له بجديه : 

" خير يا أيهم باشا حضرتك منورنا الكليه ليه ؟ " 

نزع نظارته عن عينيه قائلا بخبث : 

" في وحده هنا جيت أشوفها علشان وحشتني " 

طالعته بنظرات صادمه وهي تلتفت خلفها بحثا عن تلك الفتاة التي يتحدث عنها لتهتف بحزن واضح : 

" ربنا يهنيك معاها ، عن إذنك انا لازم أمشي " 

وقف بطريقها بجسده العريض قائلا بخبث : 

" طيب مش حابه تعرفي هي مين " 

طالعته بنظرات حاقده وهي تهتف بصوت مرتفع بعض الشيء : 

" لا مش عاوزه اعرفها ولا أعرفك ووسع من سكتي لو سمحت .. " 

صدحت ضحكاته الرجوليه الجذابه ليتوقف فجاءة قائلا لها بقوة : 

" انتي يا مجنونه ، انتي إلي سحرتني من أول يوم شفتها فيه ، انتي إلي عايز أكمل حياتي معاها .. " 

رمشت بعينيها عدة مرات تحاول أن تستوعب كلماته تلك لتقول ببلاهه : 

" أنا ازاااي " 

طالعها بنظرات تحمل من الحب الكثير قائلا : 

" أيوه انتي ، حبيتك كده " 

تصنمت مكانها من الصدمه وهي تتنفس بسرعة بعد أن سقطت على مسامعها تلك الكلمة التي جعلت قلبها يحلق عاليا بالسماء ، في حين تابع هو قائلا : 

" كتب كتابنا هيكون مع آدم وده آخر كلام ويلا تفضلي أوصلك البيت علشان أشوف عشق

وحشتني " 

عقدت حاجبيها بغضب وهي تهتف بغيره واضحه : 

" هو انت مفيش عندك دم ولا ايه ؟ عشق بتحب أدم وهو بحبها وبعدين دي هتكون   مرات صاحبك ، ايه وحشتني دي ، وبتقول عايز تتجوزني ؟ ده في أحلامك .. " 


استغرق ثانيتين حتى يفهم قصدها من تلك الكلمات لتصبح ضحكاته من جديد حتى دمعت عينيه ليهتف لها بجدية : 

" يا مجنونه عشق بتكون اختي ... " 

نظرت له ببلاهه قائلة : 

" اختك ازااي ؟ " 

سار ناحية سيارته قائلا من بين ضحكاته : 

" اطلعي وانا اقولك القصة كلها ... " 

******************************* 

مرت أيام الاسبوع سريعا ما بين عمليات التسوق والتجهيزات التي كانت تتم بقصر الزهرواي على قدم وساق لحفل الزفاف الأسطوري المقرر غدا  .. كذلك كانت قد وصلت فساتين الزفاف الخاصة بالعروستين من بعد ما قام آدم بمراسلة إحدى دور الأزياء العالمية وإعطائها مقاسات كل من عشق وفرح ، فرح التي تكاد سعادتها تجعلها تسقط من فرط السعادة التي تشعر بها وخاصة بعد ما تم كتب   كتابها على حبيبها أيهم منذ يومين فقط ، بعد ان قام بخطبتها من السيدة صفيه وأدم بإعتبارهم عائلتها الان .. 

الأيام مرت بسرعة البرق وقلب تلك الجميلة يخفق على أوتار موسيقيه رنانه وهي تنتظر اليوم التي ستجتمع فيه مع زوجها أدم ، ذلك الشخص الذي   تحول لشخص أخر منذ أن عرض حبه عليها ، اختفى الجنون والشقاوة منه ليحل محلها الحب والعشق .. فقط .. 

كان أدم يجلس بحديقة القصر وهو يناقش بعض التجهيزات برفقة شقيقه أحمد وصديقه أيهم ، تنهد أحمد بملل قائلا : 

" حرام يعني لو كنت تجوزت معاكم ؟ " 

طالعه أدم بنظرات سخريه قائلا له : 

" مش تلاقي إلي ترضى فيك .." 

وضع قدم على الأخرى وهو يستمع لكلمات شقيقه تلك ليهتف بمرح : 

" لقيتها من زمان .. " 

تأفف أيهم قائلا بضجر من كلام أحمد الذي يشتت تركيزهم الآن قائلا : 

" ما تتلم وتسكت بقى وبعدين مين دي إلي لقيتها يخويا " 

هتف أحمد وهو يغلق عينيه يتلذذ بهمس اسمها : 

" نور .. !! " 

طالعه أدم بقوة قائلا : 

" ده من امتا ان شاء الله ؟ " 

ضحك أحمد قائلا بهيام : 

" من أول يوم شفتها فيه " 

في تلك الأثناء دخل السيد جلال وقد بدأ عليه بعض الغضب الشديد عندما ألقى السلام عليهم وجلس على ذلك المقعد الخشبي بجانب حوض السباحة .. هتف له أيهم وهو يجلس بجانبه بجديه : 

" خير يا بابا حضرتك تعبان ؟ " 

طالع ابنه بنظرات جامدة ومن ثم حول نظره ناحية آدم وهو يهتف : 

" أنا مش قادر اتحمل إلي بيحصل ده ، يعني بنتي فرحها بكرا وانا مش قادر أخذها بحضني أو اقولها الحقيقة .. " 


تنهد أدم بغضب وهو ينهض من مكانه ويسير عدة خطوات واضعا يديه في جيبه ليهتف : 

" بلاش دلوقتي يا عمي ، عشق لسه تعبانه ومينفعش نقولها وحالتها تسوء بزيادة " 

أغمض السيد جلال عينيه بألم وهو يهتف : 

" بس ده حقي ، انا نحرمت منها كتير ونفسي اعوضها عن كل سنين الحرمان إلي شافتها .. " 

أدار آدم جذعه ناحيته قائلا بصرامه " 

" وانت قولت لسه مش جه الوقت المناسب .. " 

عند تلك النقطة نهض   السيد جلال من مقعده بغضب لتتأزم الأمور أكثر بينه وبين آدم ليهتف بصراخ وهو يلوح بيديه : 

" بس عشق من حقها تعرف الحقيقة .. !! " 

هدوء حل بالمكان إلا من صوت أنفاسهم المرتفعة وهم يجدون عشق تتقدم بخطوات هادئه بعض الشيء وهي تسلط عينيها على آدم بقوة لتهتف ببعض الغموض : 

" حقيقة إيه دي إلي لازم أعرفها يا عمو " 

زفر آدم بقلة حيله فيبدو أنه حان الوقت المناسب لمعرفتها بوجود والدها على قيد   الحياة ، في حين تقدم منها والدها بخطوات بطيئة بعض الشيء ليقف أمامها مباشرة قائلا بعاطفة أبوية صادقة : 

" عشق تعالي اقعدي عايز أقولك حاجة كان لازم تعرفيها من وقت أنا عرفتها .. " 

أخذت تطالعه بنظرات غير مفهومة وهي تتجه معه ناحية إحدى المقاعد ، في حين تنهد أدم وهو يطالعها بقوة استعدادا للتدخل في اي وقت ، بالنسبة لأيهم وأحمد فقد التزما الصمت أيضا حتى يكون هناك مساحة بين ذلك الأب الملكوم وصغيرته التي تجهل علاقتها به .. 

جلس السيد جلال بجانبها ليمسك يدها بين راحتي يديه ، لتتوتر هي بشدة من فعلته   تلك وتوجه نظرها بسرعة ناحية آدم الذي بادلها نظرات مطمئنة وقلب يخفق من القادم ... 

تنهد السيد جلال ليبدأ حديثه قائلا : 

" أنا حبيت وحدة بحياتي من زمان وعشقتها فوق الوصف وتحديت الكل لحتى تجوزتها ، كانت حياتنا ماشيه زي الفل ، في يوم الحياة دي نقلبت مليون درجة وطلبت الطلاق من دون سبب ، انا رفضت بس هي أصرت وقالتلي انا ههرب مع عشيقي لو مطلقتنيس واجبلك العار !! ساعتها رجولتي مسمحتليش أفضل سايبها على ذمتي قمت طلقتها واكتشفت أنها حامل بس بعد مدة عرفت أنها نزلت البيبي ، انا بعدت عنها وشفت حياتي وسبت قلبي معاها ، بعد 22 سنة اكتشفت انها منزلتش البيبي واني عندي   بنت زي القمر ، انا وقتها كنت هطير من السعادة علشان ربنا كرمني بالبنت دي ، بس البنت دي متعرفش بوجودي يا عشق ، امها فهمتها اني متت !! والبنت القمر دي فرحها بكرا وانا مش قادر أعترفلها بالحقيقة علشان خايف ترفضني .. !! " 

أخذت دموعها تنزل بقوة شديد على خدها وهي تستمع بكلماته تلك ، لتبدأ تربط كلماته مع حياتها لتشهق بصدمه وهي تهتف بهدوء مخيف : 

" البنت دي أنا ؟ !! " 

أومأ لها بشدة وهو يبتسم بسعادة ليهتف لها بحب : 

" أيوه انتي يا روح قلب بابا " 

بقيت مكانها جامدة الملامح فقط تبكي بهدوء ، ليتقدم أيهم ناحيتها قائلا بحب : 

" من وأنا صغير بحلم يكون ليا اخت صغيرة تعتبرني بباها ومثالها الأعلى بالحياة دي ، وسبحانه ربنا رزقنا فيكي بعد فراق سنين .. " 

لم تشعر بكلماتهم تلك وكأن أصوات الدنيا توقفت فجاءة ، لتنهض من مكانه وهي تتجه ناحية آدم الذي كان يقف يطالعها بهدوء يستشف ردة فعلها وقلب يؤلمه على حالها ذلك ، لتهتف له بتعب وهي تقف أمامه مباشرة ببكاء : 

" أدم هو الكلام إلي سمعته ده صح ؟ هو أنا ليه حياتي كده لازم انصدم بأكتر الناس قرب لييا لييييه ؟ متكنش زيهم يا أدم وتصدمني ، وقتها بجد هنهاااار " 

أغمض عينيه بقلب يتقطع على حالها ذلك ، قبض قلبه بشدة فهو أيضا أخفى عليها قصة زوجته السابقة .... عبير !! هتف لها بحب : 

" اهدي وإطمني يا قلب أدم ، انا معاكي ومش هسيبك ، ده انتي حياتي إلي نورت بعد ظلام" 

إبتسامة رضا شقت ثنايا وجهها الأبيض وسرعان ما عبست بقوة وهي تتذكر كلام   ذلك الرجل ... والدها ...!! وصدمتها الكبرى من والدتها !! ليقطع ذلك السكون إرتطام أحدهم بالأرض بقوة جعلت أنظار الجميع تتوجه ناحيته بصدمه ...... !!

🌹🌹🌹🌹🌹

19

 

أخذت تنظر أمامها بجمود وهي تشعر بضياع شديد يهدد حصون قلبها بشدة ، ودموعها بدأت تهبط بشدة على وجهها لتمتزج مع الكحل الأسود بعينيها لتصبح على هيئة شلال أسود بين ثنايا بشرتها الرقيقة   وهي تجلس تطالع ذلك الباب الذي يضم خلفه والدها برفقة الطبيب الذي يقوم بمعاينته ... والدها التي لم تعرفه إلا من ساعة ، سيتركها ويرحل هكذا كان عقلها الصغير يجبرها على التفكير .. 

والدها التي خلع قلبها من مكانه مجرد ما رأته يركد على أرضية الحديقة لا حول له ولا قوة .. والسبب كلماتها القاسية التي نزلت على مسامعه بألم ، لينهار بعدها مستسلما ، وهي فقد صرخت بأسمه ، صرخت بتلك الكلمة التي تمنى أن يسمعها منها حتى لو كانت بأخر دقيقة من حياته .. 

أخذت شهقاتها تعلو وتعلو وهي تتخيل بأنه سيذهب عن هذه الحياة قبل أن يضمها لصدره الأبوي الحنون التي لطالما حلمت بهذا الصدر الذي بلا شك   من أعظم المشاعر التي تشعرها الفتاة ناحية والدتها ، كيف لا وهو الحبيب الأول بحياة أميرته وابنته .. ! 

وجدت أحدهم يقربها منه بقوة لترتطم بصدره العريض ، رفعت رأسها بضعف ليظهر لها عيني شقيقها التي تشع حنانا وحبا ، وبتلقائية منها وكأن حصونها المتمردة على الأعتراف بهم قد إنهارت بهذه اللحظة ،   لفت يديها حول عنقه بقوة تستشف الدفىء الأخوي التي تشعره للمرة الأولى بحياتها ..

ضمها إليه بقوة يجاهد على عدم البكاء الآن وبهذه اللحظة حتى لا تنهار أكثر ..

في حين طالعتهم فرح التي كانت تجلس بجانب أحمد والسيدة صفيه بنظرات باكيه على هذا الموقف الذي أصاب قلبها بمقتل على حال صديقتها التي يبدو بأنها تحتاج لحنان شديد ينسيها لحظات الألم التي عاشتها .. !! 

سمعها تهمس وهي تشدد من إحتضانه بقوة بصوت ضعيف قائله : 

" بابا هيخف يا أيهم صح ؟ بابا هيعيش ويشوفني عروسه بكرا وهيسلمني بيده لأدم ؟ صح يا أيهم ؟ " 

كلماتها تلك غرزت كسهام قاتل بين ضلوعه ليجيبها بصوت متحشرج : 

" صح يا قلب أيهم ، بابا قوي وهيخف ان شاء الله " 

في تلك اللحظات فتح باب تلك الغرفة ليخرج منها الطبيب برفقة آدم الذي كان أولى نظراته تجاهه حبيبته التي كانت تنحب بداخل أحضان شقيقها ..

هتفت السيدة صفيه وهي تنهض من مكانها بلهفه : 

" طمنا يا دكتور ربنا يطمنك " 

تنهد الطبيب بخفه قائلا : 

" مخبيش على حضراتكم ، جلال باشا متعرض لصدمه كبيرة وده أدى لأنخفاض الضغط   عنده بشكل كبير ، كمان ربنا ستره من ذبحه صدريه ، حاليا الحمدلله هو بخير بس لازم راحه نفسيه " 

أنهى الطبيب كلماته وهو يتوجه ناحية الباب مغادرا تاركا خلفه تلك المسكينة تبكي بعنف محمله نفسها المسؤلية على وضع والدها ذلك ..

اقترب آدم منها بنظرات مطمئنة قائلا : 

" كفاية يا قلبي عياط وتعالى ادخليه شوفيه .. " 

سكتت قليلا ليمسك يدها قائلا بحب : 

" بباكي بحاجة ليكي يا عشق ، وانتي عارفة هو ملوش علاقة ببعدك عنه .. " 

اومأت برأسها بتفهم وهي تمسح دموعها بيدها قائلة له ببراءة : 

" هو انت بتحبني بجد ؟ " 

ابتسم بحب قائلا وهو يهمس لها بصوت منخفض : 

" عندك شك ؟ " 

ابتعدت عنه ببعض الغضب وهي تهتف : 

" طيب وسع من سكتي دلوقتي ، وحسابنا بعدين علشان خبيت عليا .. " 

اقترب منها غير مكترث بعيون الجميع التي كانت تراقبهم بصمت قائلا : 

" كمان شوية هتوصلك مفاجأة وأتمنى تعجبك " 


********************************** 

فتحت باب الغرفة بيدين ترتعشان وقلب يقفز من السعادة ، فأخيرا سترمي نفسها وهمومها وكل حياتها بين أحضان والدها ، رفعت أنظارها إليه بقوة   وهي تسير مقتربة من سريره بخطوات بطيئه حتى لا تقوم بإيقاضه ، جلست على طرف السرير وهي تنظر له بسعادة ، أحنت رأسها لتضعه على كتفه الأيسر وهي تهمس : 

" من زمان كان نفسي يكون عندي "أب" أسند نفسي عليه في كل وقت ، جبل قوي أرمي كل مشاكلي عليه ، أحضنه الصبح والظهر والمغرب ، يمسكني من ايدي وياخدني نلعب سوا ، بس كل ده كان حلم بحلمه وانا بشوف الأطفال مع أهلهم وانا لا .. " 

وجدت يده تتحرك على خصلات شعرها الحمراء بعد أن قامت بخلع حجابها ووضعه على ذلك المقعد القريب ، ليهمس بصوت ضعيف بعض الشيء : 

" وانا من زمان بحلم يكون ليا بنت جميلة 

زيك كده " 

رفعت رأسها تطالعه بنظرات باكيه وهي تهتف : 

" أنا بحبك كتير يا بابا ، وعمري بحياتي هكرهك ده انت سندي وقوتي إلي ربنا عوضني بيها بعد غياب ربنا يبارك بعمرك يا حبيبي " 

ابتسم برضا ليهتف لها بمرح : 

" طيب مفيش حضن كبير لبابا ؟ " 

وبمجرد ما أنهى كلماته حتى وجدها تتعلق برقبته بقوة وهي تدفن رأسها بين ضلوعه  بقوة وتشهق بصوت مرتفع ، لتبدأ دموعه بالنزول شيئا فشيئا ..

******************************* 

كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساءا ، فلم يبقى سوا بضع ساعات تفصلهم عن حفل الزفاف المرتقب !! 

كان أدم يجلس مع والدته وشقيقه أحمد وهو يطالع ساعة يده كل دقيقه بترقب ، هتفت والدته بتعجب من حاله : 

" خير يا ابني ؟ مستني حد ؟ " 

اومأ برأسه بسعادة قائلا : 

" أيوه يا امي مستني حد وهيوصل بعد شوية " 

هتف أحمد بمرح : 

" يااا رب تكون إلي ببالي "

طالعه أدم بنظرات سخريه قائلا : 

" اطمن يخويا مش إلي ببالك خاااالص " 

لوى أحمد ثغره بتهكم قائلا : 

" وانت ايش عرفك فيها " 

ابتسم أدم وهو ينهض من مكانه ويجلس بجانب شقيقه قائلا : 

" ده انا إلي مربيك يا أحمد واعرف كل تحركاتك ، واطمن بس يخلص الفرح هجوزهالك " 

أنهى كلماته وهو يغمز لشقيقه بخبث ، في حين هتف احمد بمرح أكبر : 

" روح اللهي تنستر يا ابن امي وابويا " 

أطلقت السيدة صفيه ضحكه رنانه في أنحاء القصر على كلمات والدها تلك ، في حين نهض أدم بعنف قائلا : 

" كائن قليل الذوق " 

في تلك اللحظات صدح جرس باب القصر معلنا عن زائر لحوح !! ليتوجه آدم بسرعة ناحية الباب يفتحه بلهفه شديدة !! 


******************************** 

في نفس الوقت في الغرفة التي يركد فيها السيد جلال بالأعلى ، كانت عشق تنام بأحضان   والدها بحب واشتياق كبير ، ويجلس أمامهما أيهم يطالع شقيقته بنظرات حنونه ويحمد الله الذي جمعهما بها بعد طول غياب وفراق ..

همست عشق لوالدها قائلة بتردد : 

" بابا هو انت ممكن في يوم تسامح ماما ؟ " 

أظلمت عيني السيد جلال بغضب ليهتف : 

" أنا حبيتها اكتر من نفسي يا عشق ، بس هي عملت ايه ، خانتني وراحت مع واحد واطي ، وفوق كل ده خبت عني وجودك " 

رفعت رأسها تطالعه بنظرات مشفقه لتهتف : 

" بس ماما مش خاينه يا بابا ، ماما إنسانه كويسه صح هي غلطت بس يمكن في سبب بكل ده " 

كان على وشك الرد عليها حينما وجد باب الغرفة يطرق وتظهر منه إحدى الخادمات قائلة برسميه : 

" أدم باشا بيطلبو من حضراتكم تنزلو لتحت علشان بيقولكم المفاجأة وصلت " 

أخذت عشق تنظر لأيهم بدون فهم وهو بدوره رفع حاجبيه دليلا على عدم معرفته كما أظهر !! 

********************************* 

هبط السيد جلال درجات السلالم برفقة ابنه أيهم الذي كان يمسكه بقوة ، في حين   كانت عشق تهبط خلفهما وهي تفكر بتلك المفاجأة التي تنتظرها بالأسفل ..

وصل الجميع ناحية آدم الذي وقف يضع يديه في جيوب بنطاله يطالعهم بسعادة باديه في حين كانت تجلس السيدة صفية برفقة فرح التي كانت   تنتظر رد فعل عشق .. !! وبالمقابل تجلس إحدى السيدات بجانب أحمد الذي نهض بسرعة أيضا يساعد السيد جلال على الجلوس .. 

تصنمت عشق مكانها من الصدمه وهي تطالع والدتها ! التي نهضت بدورها تنظر لأبنتها بمشاعر مشتاقه حد الهلاك ..

عند تلك النقطة نسيت عشق كلام والدها بأسرع بخطوات سريعة ترمي نفسها بين أحضان والدتها بقوة تتشبث بردائها حتى كادت تمزقه وهي تهتف ببكاء : 

" وحششششتيني كتير يا ماما ، ووحشني حضنك الدافي " 

شددت والدتها من احتضانها بقوة وهي تبكي بهستيريه وتقبل كل إنش بوجهها بجنون ، الأمر الذي جعل فرح والسيدة صفيه يبكون أيضا بتأثر ، في   حين جلس السيد جلال يطالعها بنظرات قوية اختلطت بالألم والغضب والحقد .. والاشتياق !!! 

ما زالت جميلة وجذابه كما كانت ، وما زال قلبه الأحمق يخفق بجنون كما لو رأها للمرة الأولى ..

جلست بجانب ابنتها تتبادل معها أطراف الحديث 

ليتقدم آدم من عشق يمسك بيدها قائلا أمام الجميع : 

" مكنش لازم زواجنا يحصل وأنا عارف يا حبيبتي إنك هتكوني زعلانه باليوم ده علشان مامتك مش جمبك ، اتفقت معاها أنها تيجي هنا قبل الفرح بليلة علشان أشوف الفرحة إلي شايفها دلوقتي لعيونك الحلوة دي .. " 

أخذت تنظر بداخل عينيه الجذابة بهيام وهي تهتف مغمضة العينين بدون وعي : 

" بحبك يا آدم ... !! " 

أخذ قلبه يتراقص بقوة معلنا عن هيجانه وهو يستمع لتلك الكلمة منها للمرة الأولى بحياته !! 

في حين وجهت صفاء نظرها ناحية ذلك الذي كان يطالعها بنظرات قوية لتهتف بجديه : 

" إزيك يا جلال ؟ " 

طالعها بنظرات سخريه قائلا : 

" أهلا بالهانم الكدابه " 

وجه الجميع أنظارهم عليهما ، في حين أخفضت هي رأسها بخجل من نفسها قائلة : 

" دلوقتي جه الوقت المناسب إنك تعرف الحقيقة يا جلال ................................!!! "


              الفصل العشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>