CMP: AIE: رواية ولعشقها ضريبة الفصل الواحد والثلاثون31بقلم اسراء علي
أخر الاخبار

رواية ولعشقها ضريبة الفصل الواحد والثلاثون31بقلم اسراء علي


 

رواية ولعشقها ضريبة

الفصل_الواحد_والثلاثون



بالجنة كان عدو آدم واحد..الشيطان...

أما على الأرض..يخلق بنو آدم لأنفسم أعداد لا حصر لها من الأعداء...

وتبقى النفس هى عدو بنو آدم الأول...

رصاصة ودماء..سقوط وأنفاس تُزهق..شاب في بداية عقده الثالث      يحيا تلك  اللحظات..لحظات خلفت قسوة و وحشية..ثأر ودماء مرةً ثانية ولكن أكثر بشاعة..ضاع جاسر وذلك الشاب

 المُفعم بـ الحياة والطموح ذلك اليوم..سبعة عشر عامًا مضت وها هو شخصية جديدة..أكثر قسوة وأكثر غلظة..شخصية حادة لا تهتم    سوى بـ الدماء..وهذا بـ فضل ليلة واحدة ولم يكن يعلم أنها ليست سوى مسرحية..كان هو بها "كومبارس"..مُمثل

 ثانوي..وها هو البطل يعود..البطل الذي خدع الجميع وأوهم الجميع بـ موته..عودة البطل ولكن ليس كأي بطل..بل الشخصية الشريرة..لأول مرة بـ مسرحيته يكون البطل هو الشرير

وجهه إستحال إلى بياضًا تام..وكأن أحدهم يسحب الحياة منه بـ التدريج..تجمد بـ مكانه وهو يرى من مرّ عليه الزمان يهبط بـ هدوء حاد مُريب..وإبتسامة سمجة هتف بها

-إتفاجئت صح!..أنا برضو قولت إنك هتتفاجئ...

توقف على آخر درجة وهو ينظر إلى عيني جاسربـ دقة..تلك الظُلمة والسواد الحالك كلها لوحة فنية من إبداعه..وهو يقف عيناه بـ عيني الأخر    يتمنى لو كانت عرض مسرحي هزلي وسيُنزَل الستار وترحل الجماهير..ولكن لمسة يد جعلته ينتفض كـ من لدغته أفعى..ليضحك الآخر بـ سخرية فـ همس جاسر بـ تيه

-أنا شوفتك بتموت فـ اليوم دا..شوفتك بتموت بين إيديا...

وضع يده على منكبه ثم إقترب خطوة و همس بـ فحيح

-العقل بيصدق اللي العين عاوزة تشوفه يا جاسر..أومال الساحر بيوهمنا إزاي إنه مخبي فيل فـ جيبه!!..عشان الناس عاوزة كدا..عاوزة تصدق إن دا سحر مش خدعة...


نظر إليه جاسر ولم يعمل عقله من الصدمة بعد..ليُكمل حديثه قائلًا

-أنت كنت عاوز تصدق إني مت..فـ صدقت..وأنا مكنش ينفع أكذبك

-أمسكه من تلابيبه وهدر بـ عنف:مراتي وبنتي وعيلتي فين!!

-ضحك وأبعد يده ثم قال:هقولك بس تعالا أفهمك القصة من الأول...

طرقعة أصابع وظهر إثنان من العدم يُكبلوه ويضعوه على أحد المقاعد والآخر يجلس أمامه..أشعل لُفافة تبغ وهمس

-تحب نبدأ منين!..أقولك أنا نبدأ منين...

كان جاسر يتحرك بـ عنف على المقعد يُريد الفكاك منهم وقتل الذي أمامه..سنوات    وهو يظن أن والده قد قُتل وبدأ ثأر لم يجلب سوى الدمار والدماء..وبات وحش لم يُرد له

 الظهور..إعتدل حسين بـ جلسته ثم قال بـ إبتسامة ماكرة

-نبدأ الليلة اللي مُت فيها..كل حاجة كانت مترتبة بـ المللي..لا ثانية قدمت ولا دقيقة أخرت..الوقت كان أهم عامل يا جاسر

-تساءل جاسر بـ نبرة قاتمة:قدرت تعيش إزاي!!

-ضحك مرةً أُخرى وقال:مش قولتلك الوقت أهم عامل..لو ملكته ملكت القوة والجاة..النفوذ والمال..السلطة والطُغيان..عشان كدا مبنقدرش نلعب فـ الوقت...

علت أنفاس جاسر ليُدخن حسين لُفافته بـ لذة ثم هتف

-كنت ضحية زي ما عنيات كانت ضحية بينا..اليوم دا أصلًا إتفقت فيه مع سليم واللي هيحصل..الرصاصة كانت فشنك..المكان     والدقة فـ التصويب نفعوني مع رصاصة تانية جت فـ مكان صعب تاخد بالك منه..الرصاصة دي تقدر تقول


 كان فيها خدعة زي بتاع الساحر بـ الظبط..وقفت قلبي زي الصدمة الكهربائية بـ الظبط..بس خد بالك الخدعة برضو حاكمها الوقت...

وضع ساق على أخرى وهو يرى ملامح جاسر تغدو أقسى وهذا ما يتمناه..إبتسم إبتسامة ذات مغزى و أكمل

-حاجة من ضمن الحاجات الحلوة اللي عملتلهالي..هى الإسعاف اللي كنت أصلًا محضرها..الناس دي وصلت فـ معادها بالثانية..أنت    سبتهم ياخدوني وهما أنعشوني وإختفيت..الجثة اللي كانت مكاني سليم هو اللي إتصرف فيها..راجل إتعمله تجميل وبقى أنا...


قذف لُفافة التبغ ودهسها بـ قدمه بـ قسوة لا تُوزاي ملامح جاسر التي باتت مُرعبة وكأنه تحول إلى مارد شيطان ونار ستبتلع الجميع..وهمسة قاسية صدرت منه

-ليه!

-أشار إليه بـ يده وقال:جيت للسؤال اللب مستنيك تسأله..ليه!!..لأني عاوز كدا..كنت بدور على السلطة والقوة زي ما قولتلك..ودي    حاجة مش هكسبها من ورا شركة سبهالك أبوك وهى أصلًا تحت الصفر

-رفع رأسه بغتةً وردد بـ ذهول:أبوك!!

-ضحك حسين ملئ شدقيه وقال بـ سخرية:هو أنا مقولتلكش!!...

مط شفتيه بـ أسف مُصطنع ثم تشدق بـ خبث

-ما أنا مش أبوك للأسف...

أحس وكأن صاعقة ضربت رأسه من السماء وقدماه كمن وضعه بـ النار..كيف تجتمع البرودة القاسية مع النار الجحيمية!..إبتسم حسين وهو يقول بـ دناءة

-متقلقش أنت لسه من صُلب الصياد..بس الفرق إنك ابن أخويا لا أكتر ولا أقل شوفت بقى.. وسامح إبني متقلقش برضو مش ابن حرام هو..وبعدين يا سيدي أنا عملتلك خدمة وصلتك لـ اللي أنت فيه...


نهض وهو يتجه إلى جاسر الذي كان بـ عالم أخر فـ عالمه الحقيقي هُدم على   رأسه للتو..وضع حسين يديه بـ جيبي بنطاله لتتحول معالمه إلى قسوة وتعابير غليظة


-كل جريمة بتحصل سببها المال..أبوك خد مني كل حاجة..حب الأهل حتى البنت اللي حبيتها هو إتجوزها..ورثي ومالي هو أخده..وكان لازم أخد روحه وجه دور ابنه


-رفع جاسر رأسه وتعابيره تُظلم أكثر ليهدر:دا إنتقام!!

-مط شفتيه وهو يُحرك رأسه ثم قال:ممكن برضو..جايز انتقام وأنت كان ليك دور فيه...

تصلب فك جاسر دون أن يرد..ليتحرك حسين في مُحيط القصر وهدر

-تصدق القصر وحشني!..كنت مفكر نفسك ملك اللعبة..بس طلعت ملك فـ اللعبة بتحكم أنا فيه وبحركه مطرح ما أنا عاوز..كل حركة كانت بتخطيط مني ما عدا حاجتين...

رفع إصبعه السبابة وقال

-الأولى..قتلك لسليم..رغم إني كنت هقتله..أصل القانون بيقول متسبش أثر لجريمتك..متثقش فـ حد..والتانية....

دنى منه ثم مال وهمس بـ خبث

-إنك تحبها!!!...

توحشت عينا جاسر بـ تعبير أسود..زمجر كـ أسد ليُصفق حسين قائلًا

-يااه لدرجادي!!..عمتن يا سيدي نرجع لموضوعنا..كل اللي حصل بعدها كان من توابع أعمالك..بس نيجي بقى لسؤال مهم أنت مسألتوش أول لما شوفتني..أنا ليه بعدتك عنها!...

إبتسم بـ دناءة أكبر وهمس بـ فحيح

-كنت عاوزك ضعيف..أنت ضعيف من غيرها يا صياد..أضعف مما تتخيل..وبنفس الوقت كنت عاوزك تنساها عشان لما أخدها متزعلش عليها

-صرخ جاسر بـ صوتٍ جهوري:مراتي فين!

-فـ الحفظ والصون متخافش..بس نكمل دردشة بقى..عندك سؤال!

-أصبحت عيناه جمراوتين من النار وهو يتشدق:ليه كل دا!..ابنك اللي مكملش عشر سنين مات..أيمن فاكره!..وسامح كان بين الحيا والموت..كل دا ليه!..ها!..عشان تنتقم..أنت بني آدم مُختل

-إبتسم حسين وقال:مفيش مانع من الجنون..الجنون يا جاسر وسيلة للنجاح..هتلر كان مجنون..نابليون كان مجنون والأتنين جنونهم العظمة مهما إختلف الوقت بـ جنون العظمة هو اللي وصلهم لشهرتهم...

وصمت..من أمامه مُختل..لم يكن والده ولن يكن..كان حية تتلون بينهم..مُختل يستمتع بـ إنتقام دام لسنوات..سنوات طالت حتى وصلت إلى سبعة عشر عام..ليسمع صوته وكأنه قرأ أفكاره


-مش مهم الوقت يطول فـ الإنتقام..طالما إنك هتطوله فـ النهاية..وأحلى حاجة فـ الإنتقام إنك بتستمتع بـ إنهيار الفريسة..لذة رائعة لما تشوفه يائس ومش عارف يتصرف..مصطفى ومارتن الأتنين أغبية معرفوش هما بيتعاملوا مع مين والأتنين قدمتهوملك على طبق من دهب..أسمع كلمة شكرًا بقى...

-هدر من بين أسنانه:مراتي وعيلتي فين!

-إتسعت إبتسامته وهو يقول بـ خبث:عارف أنت لازم تشوف حرس يكونوا مفتحين..أو ميأمنوش لبعض..دايمًا بيبقى فيه خاين مستخبي مبتعرفوش من كتر إخلاصه..دخولي القصر مكنش محتاج غير طلقة ضربها خاين وساد هرج ومرج..والباقي أنت عارفه...

ثم صمت يترك لخياله تهكن ما حدث..صوت نيران يصدح بـ الأجواء صرخات نادين وبُكاء طفلة وكـ العادة الغبية تظهر بـ دور البطولة تُحاول تحمي بما تعلمته..ولكن يبوء كل هذا بـ الفشل وتُؤثر..صرخة من والدته صدرت بـ صدمة أنه حيًا يُرزق و صفعة تلقتها ثائرة حتى تخمد ثورتها

عيناه تزداد توحشًا ونبرته أصبحت أكثر وأشد غلطة ليهدر بـ توعيد خرج وكأنه زمجرة

-هقتلك..صدقني هقتلك بـ أبشع الطُرق اللي ممكن تتخيلها

-ولحد الحين دا..سبني أكمل إنتقامي...

تنفس وهو يضع قدمه على المقعد الذي يجلس عليه جاسر مُكبل بـ شخصين ضُخام البنية ثم أكمل حديثه

-والله كنت بفكر أقتلهم كلهم أول أما دخلت..بس قولت لأ يا واد يا حسين خلي اللعب يحلو..وخلي الإنتقام مُمتع أكتر..فـ أقوم أعمل إيه!!.. ..

نظر إلى عين جاسر الشرسة بـ خبث وهمس

-عشان أنا طيب هديلك إختيارات..هو الحقيقة إختيار واحد..تنقذ إتنين من حبايبك..مش واحد عشان تشوف أنا كريم إزاي!..عايز أشوفك بتتعذب وأنت بتنقذ حد وبتشوف الباقي بيموت..هسيب روحك تنزف وإحساسك بـ الذنب هو اللي يقتلك مش أنا..وعشان أنا كريم هديك عنواوينهم بجد والله...

قال الأخيرة بـ تهكم واضح..ثم أكمل وهو يُخبره

-صاحبك ومراته فـ المكان اللي قتل فيه غريمه..بس على أي وضع!..الله أعلم..سامح ونادين فـ أكتر مكان بيحبوه..أما فاطمة والأمورة الصغيرة فهما فـ بيت من بيوتك فـ القاهرة...

فرك كفيه بـ بعضهما وقال بـ نبرة خبيثة

-أما الشرسة اللي دوختني السبع دوخات دي..فـ هى هتكون معايا..معايا بكل حاجة فيها..ومتقلقش هحافظ عليها...

زمجر وسب..توعد وتهديد والأخر يبتسم بل ويضحك بـ هستيرية رجل قد فقد عقله..تجهم فجأة ثم هدر وهو ينظر إلى ساعته

-معاك ساعة إلا رُبع تنقذ فيها حد منهم..وبدأ العد التنازلي...

هتف وهو يمر بـ جانبه

-متنساش تخلي صابر يشكرني دا لو أنقذته يعني..أصلي أنا اللي خفيت الجثث..عشان بصراحة كنت حابب أكمل معاك إنتقامي بـ منتهى التعذيب..

أشار إلى أحد الرجلين ليقوم بـ ضرب جاسر بـ مؤخرة عنقه ليسقط فاقد الوعي

***************************************

رُجلًا شارد بـ شفاه تذوقها خُبثًا..سرقها من الأميرة النائمة..قُبلة أقنع نفسه أنها ستكون على وجنتها..ولكن الشفاه تمردت لتسقط على شفتيها التوتية..رغم شحوبها ولكن مذاقها كان رائع..مُغري كـ فاكهة إستوائية وجسد أراد القُرب ليتمدد بـ جانبها ويضم جسدها إليه..وتلك الصدمة الكهربائية التي صدمته جعلته في نشوة هنا ونقطة وبداية سطر جديد..لن يتركها لن يستطيع وكل الغضل تبخر بعد تلك القُبلة وشئ واحد يلوح بـ الأُفق سيُعيد تجربة السرقة ولكن عندما تكون حلاله

ولكن خيالاته الوردية تدمرت وهو ينتفض على إقتحام غيرُ مرغوب..وشخص غيرُ مرغوب فيه..هدر بـ غلظة

-إطلع بره بدل أما أسجنك

-ولكن جاسر هدر:محتاج مُساعدتك...

كان ينوي الرفض ولكن نظرة الإنكسار والهلع بـ عيناه ألجمته..تلك النظرة ولُهاثه يُخبرانه أن هذا الشخص على وشك فقدان أحدهم..نظر إلى إجهاده وتعبه..هيئته المُشعثة ليزفر قائلًا

-طب إقعد

-مفيش وقت..معايا بسرعة...

تأفف شريف ولكنه تحرك مُبتعدًا عن مكتبه..ليجذب جاسر يده ويتحركا إلى الخارج بسرعة..لعن جاسر إحتياجه ولكن ألقى كرامته كـ رجل أرضًا وهو على وشك خسارة الجميع..إن أرادها فـ ليأخذها ولكن لتبقى على قيد الحياة

بـ عبارات مُقتضبة تفهم شريف ما يحدث..بعض الإتصالات ليأمر زملائه بـ البحث عن والدته و إبنته .. صابر و زوجته..الجميع بـ حالة إستنفار..قاد جاسر سيارته بـ سرعة شديدة وهو يتجه إلى شقيقه

أوقف السيارة عند هذا الطريق الذي إعتادا فيه اللقاء خلسة قبل زواجهم..وليته لم يصل..بـ مجرد وصوله ألقهما أحدهم بماء القناة وبـأرجلهما مُعلق ثقل يمنع طفوهما

رصاصة أطلقها شريف لتستقر بـ رأس ذلك الظل..ركض جاسر مُسرعًا يتبعه شريف ليقفزا إلى الماء..العمق يتراوح بين مترين و مترين وخمسون سنتيمتر..وهناك بـ الظلام رآهما يُجاهدان للنجاة..توجه جاسر إلى نادين لينزع الثقل عنها ثم عاونها على الصعود وكذلك فعل شريف

ضغط جاسر بـ رفق على بطن نادين لتسعل وتُخرج الماء من فاها..شهقت وهى تبكي ثم قالت بـ أنين

-سامح

-جذبها جاسر إلى صدره وقال:هششش..سامح جنبك أهو...

ثم نزع سترته يُحيطها بها..ركض سامح إلى زوجته وعانقها ليهدر جاسر بـ أمر

-روح مع شريف قرية الهواري..هناك..أستخبوا هناك

-أومأ سامح قائلًا:طيب..بس روح لأمك وبنتك ومراتك...

أومأ جاسر ثم نهض على عجالة لينظر إلى شريف الذي نظر إليه بـ نظرة مُطمئِنة..ليركض بعدها إلى سيارته وهو على إتصال مع أصدقاء يثق بهم شريف جيدًا ليبدأو بـ البحث عن مكان تواجد والدته وإبنته وهو ينطلق وكأنه يُسابق الريح

إتجه شريف إلى قرية الهواري وكل حين وآخر ينظر إلى سامح ونادين اللذان يبدوان عليهما التعب والإرهاق..ليسأله بـ إهتمام

-أنتوا كويسين!!

-أومأ سامح قائلًا:الحمد لله

-إيه اللي حصل!...

زفر سامح وهو يُملس على خُصلات نادين ثم همس بـ جمود

-الناس هجمت على البيت وقتلوا كل الحرس وبعدين خطفوا الكل...

أومأ شريف مُتفهمًا ثم أكمل قيادته حتى وصل إلى منزل "كرة الشعر"..تجاهل ضربات قلبه التي تصاعدت ثم إتجه إلى الخلف وفتح الباب..عاونهما على الهبوط ثم إتجه إلى المنزل وطرق الباب بـ خفة

ثوان و وجدها تفتح الباب لتشهق شهقة مكتومة وتتساءل بـ خوف

-خير في حاجة!!

-رد شريف بـ جفاء مُصطنع:مفيش حاجة..أنا بس عاوزك تدخلي الناس دي عندك وتخليهم..بس مش عاوز حد يعرف

-أومأت بـ رأسها ثم قالت:طيب..خليهم يخشوا...

أشار إليهم بـ الدلوف لتعاونهم مروة وتجلب لهما ثياب جافة ثم عادت إلى شريف الذي ظل واقفًا لتتساءل بـ همس


-هو إيه اللي حصلهم؟!

-مسح شريف على وجهه وقال:من غير أسئلة يا مروة..خليهم عندك وإياكي تفتحي لحد غيري وأبوكي وجاسر الصياد..أي حد تاني ممنوع فاهمة!!

-شحب وجهها وتساءلت بـ خوف:هو..هو في إيه!!

-ربت على يدها وقال:متخافيش مفيش حاجة..بس إسمعي كلامي..أنا لازم أمشي...

إلتفت وكاد أن يمشي ولكنها ضغطت على يده وهمست بـ رجاء باكي

-خلي بالك من نفسك

-إبتسم وقال بـ طاعة:حاضر..يلا خشي...

دفعها لتدلف إلى الداخل وتحرك هو إلى سيارته ينطلق بها إلى القاهرة لمُساعدة جاسر..ضحك بـ سخرية من كان ليُصدق أنه سيُساعد جاسر في يومٍ ما..لو أخبره أحد قبل ساعة لأرداه قتيلًا..ولكنه ولشيئٍ ما مُمتن له..لولا خطته لإبعاده عن روجيدا..لما كان يُحب تلك الصغيرة هُناك في ذلك المنزل وحدها مع شخصان غريبان عنها والأدهى أنها تمكث مع رجل غريب

توحشت عيناه وبدأت نيران الغيرة تندلع بـ صدره..ما كان عليه أن يجلبهما لها..ولكن بدى بيتها الأكثر أمنًا حينها..زفر بـ يأس وهو يدعو الله ألا تضع وشاحها بـ إهمال فيظهر كنزه الثمين..هتف بـ غيظ

-الصبر يارب

**************************************

كان يتفادى السيارات بـ حرفية..يصول و يجول وسط السيارات..يُسابق الزمن..إتصل على آخر شخص قد يطلب منه المُساعدة..وضع الهاتف على أُذنه ثوان وآتاه صوت مراد المُتعجب

-أنت رنيت غلط على فكرة

-هدر جاسر بـ عنف:أنت فين!!

-أتاه صوته مُتعجبًا:ليه!

-عاد جاسر يهدر بـ قوة أكبر:رد عليا يا مراد أنت فين؟

-زفر مراد وقال:رايح لبنان أتابع الشغل

-سيبك من الزفت دلوقتي..روح بسرعة على البيت اللي قتل فيه صابر جلال الزفت دا..بسرعة يا مراد..صابر ومراته هناك وخما فـ خطر..حالًا و من غير أسئلة...

ثم أغلق الهاتف وقذفه بـ عنف..نضبات قلبه تزداد عنفًا..ضرب على المقوّد وهو يهدر بـ تضرع

-يارب..يارب مضيعهمش مني..يارب...

وعلى الجانب الآخر أبدل مراد وجهته إلى ذلك المنزل النائي على أطراف المدينة..صوت جاسر وإن كان غاضبًا ولكن ظهر به الخوف والفزع..وللمرة الثانية آخر يجزم أنه سيفقد أحدهم

كان مراد يقود بسرعة شديدة يتبعه رجلان من رجاله..لم يكن ليُصدق أن جاسر سيطلب منه المُساعدة ولكنه بدى يائسًا إلى حد لا يُطاق..زفر بـ ضيق وقد زاد من سرعته..الوقت يمر والعديد سيموت..الحرب تندلع

وصل إلى المنزل ليصف سيارته بعيدًا..أمر رجاله بـ توخي الحذر والسير بـ الظلام..فـ قد فهم أنهما قد تم إحتجازهما من قبِل من قام بـ إخفاء الجثث..وهذا عمل إحترافي وما بـ داخل أسوء وقد تنتهي حياته بـ الداخل..هدر بـ ضيق

-أنا لو مت..يبقى ذنبي فـ رقبتك يا صياد وهخلي عفريتي يبهدلك على البهدلة دي...

صعد الدرج والمكان هادي وُمريب..لن يكون الأمر بـ هذه السهولة..دائمًا لا يكون بـ تلك السهولة..إما مكيدة لتفجير المبنى بـ أكمله..أو لا يوجد أحد بـ الداخل من الأساس..والخيار الثاني بدى أنسب لمراد على ألا يتحول إلى أشلاء

لا أحد بـ الداخل يفتح الأبواب وسكون ولا أحد..تلك الغُرفة التي أخبره صابر بها أنه قتل جلال..جعلت الشك يضرب أواصر ثقته أنه لا يوجد أحدًا هنا..ولكن رفع سلاحه و وقف خلف الباب ليُنادي

-صابر!!!...

ولكن لا رد..أخبره الحارس أن يفتح الباب ولكن مراد همس بـ حدسٍ قوي

-مفيش حاجة بتم بـ السهولة دي

-بس مفيش حد جوه يا بيه

-لأ فيه..أنا سامع صوت نفس عالي جوه...

وضع مراد السلاح بـ جزعه ثم إتجه إلى الغُرفة المجاورة للغُرفة المنشودة..فتح الشرفة ليجد نافذة تطل على الغُرفة..زفر بـ ضيق..يجب عليه السير على الحافة حتى يصل إلى النافذة..زفر وهو يضع قدمه على سور الشُرفة وقال بـ حسرة

-ذنبي فـ رقبتك يا صياد...

صعد..وبخطوات مدروسة وصل إلى النافذة..كان يتحاشى النظر إلى أسفل حتى لا يسقط..أولًا و بـ حذر نظر إلى النافذة وأرجاءها يتأكد من عدم وجود فخ..زفر وهو يجد لا شئ..أخرج سلاحه ثم حطم النافذة..ليجد صابر ينظر إليه بـ إرتياح

نظر هو إلى الباب وتأكد حدسه "لا شئ يتم بسهولة"..مكيدة رخصية تعلمها من التلفاز..ما أن يُدير أحدهم المقبض حتى تنتطلق الرصاصة من مُسدس مُثبت على رأسيهما..توجه مراد إلى صابر و حلّ وثاقه..ثم إلى بسنت الفاقدة للوعي

حملها صابر ليقوم مراد بـ إزالة المكيدة ودلفا إلى الخارج..سمع صوته صابر يهتف

-شكرًا يا مراد

-ربت على منكبه وقال:متقولش كدا..بس إيه اللي حصل!...

شرد صابر وهو يقصُ على مراد..إتصال من مجهول يُفيد بـ وجود بسنت بـ ذلك المنزل..ركض كـ المجنون دون تفكير وما كاد أن يخرج من منزله حتى باغته أحدهم بـ ضربة بـ رأسه أفقدته الوعي..ليستيقظ بعدها وبسنت مُقيدة إلى جانبه فاقدة للوعي

إستمع مراد إلى ما قصه ثم قال بـ إبتسامة

-الحمد لله..ربنا ستر و فكرت صح

-ضحك صابر وقال:لو كنت فكرت غلط..كان زمان دماغنا متفرتكة

-ضحك مراد هو الأخر وقال:أشكر بقى الأفلام الأجنبي..يا أخي بيخلوا الواحد يشك فـ نفسه...

صعدا إلى السيارة ليقول صابر

-طب يلا نطمن جاسر...

**************************************

رسالة نصية مُقتضبة..تُفيد بسلامة صابر وبسنت..زفر جاسر بـ إرتياح ليتوجه إلى وجهته التالية..كان شريف قد إتصل به وأخبره عن مكان تواجدهم..بعد بحث طويل أخبره صديقه..أن أحد جيران جاسر الصياد أخبره أن هُناك سيارةٍ ما غريبة  هبطت منها إبنة جاسر التي تعرفها عن ظهر قلب وإمرأة مُسنة لم تراها من قبل

ومن يكون غير تلك الجارة..ذاتها يوم موقف المصعد..بعدها توطد العلاقة فيما بينهم خاصةً بعد وجود تلك الفتاة "الشيكولاتة" التي لا تنفك السيدة تُخبرها به

توقفت السيارة بـ حذر بعيدًا عن البناية وصعد إلى شقة السيدة بـ الطابق الأسفل..فتحت الباب وأخبرته بما رأته

-هتستخدم البلكونة عشان أطلع

-أكيد يا أستاذ جاسر..ربنا يطمنك عليهم..أنا بصراحة خوفت أكلم البوليس يعملوا فيهم حاجة

-خير ما عملتي...

توجه إلى الشُرفة ومعالمه قاسية..قفزة مُحترفة وتمسك بـ السور السُفلي للشرفة..بفضل ساعديه القويان إستطاع دفع جسده إلى أعلى ثم قفز إلى الداخل بـ حذر

نظر من خلال زُجاج الشُرفة ليجد أن الغُرفة فارغة..فتحها بـ هدوء حتى لا يصدر ضجيج ثم تحرك إلى الداخل

أخرج سلاحه ثم فتح الباب بـ حذر..إتسعت عيناه وهو يجد والدته ساقطة أرضًا والدماء تسيل من جانب رأسها..توجه إليها بسرعة ولكن صرخة الصغيرة أوقفته


-بابي!!!...

إلتفت بسرعة إليها..كانت ترتجف وملامح الفزع كلها قد أخفت شقاوتها وتذمرها الحبيب إليه..تبكي وتصرخ بين يدي أحدهم يحملها ويضع سلاحه إلى رأسها..ليهدر بـ عنف وهو ينظر إلى جاسر

-إرمي المسدس بدل أما أطيرلك دماغها

-هدر جاسر بـ شراسة:لو إيديك لمستها..أقسم بالله هقتلك

-طب إرمي المُسدس...

قذفه جاسر إليه ونهض..رفع يداه إلى خلف رأسه كما أشار إليه الآخر ثم هتف بـ نبرة خبيثة

-الباشا موصيني أقتلها قدام عينك..يلا إتشاهد على روحها بقى...

ما بين ثانية وأخرى..وما بين صرخة باكية وركض إلى أحضان والدها..كانت هُناك سكين تستقر بـ صدر الآخر..نزل إلى مستوى إبنته وإحتضنها بـ قوة..دفن وجهها بـ صدره يُقبل رأسها بـ حنو..وعيناه مُسلطة على جثة الشخص

إستدار إلى والدته وحافظ على وجه الصغيرة داخل صدره..هبط إلى مستواها ليذفر بـ راحة وهو يجدها تتنفس..والدماء ما هى إلا ناتج جرح بسيط بـ رأسها إثر مقاومة الرجل..ربت على وجنتها وهمس

-أمي!!..أمي أنتي بخير!!...

فتحت فاطمة عيناها بـ تثاقل ثم تأوهت وهى تقول بـ ألم

-جاسر!!..جُلنار فين!!...

صرخت بـ سؤالها بـ جزع ليُقبل رأسها بـ حنو قائلًا

-متخافيش يا أمي..جُلنار فـ حضني أهي...

ربتت على ظهرها وهى تبكي ثم قالت بـ نشيج

-كانت خايفة وبتعيط..كنت عاوزةأخليها تجري..بس...

وأجهشت بـ بُكاء لتربت الصغيرة على وجنتة جدتها قائلة بـ نبرة طفولية باكية

-أنا كويسة يا آنا

-وضع جاسر ذراعه أسفل إبطها وقال:قومي معايا يا أمي..إحنا لازم نمشي...

أومأت ونهضت..أسندها جاسر وإتجه بها إلى الخارج..سألته فاطمة بـ توجس وخوف

-أخوك ومراته!!..روجيدا مراتك!!

-زفر جاسر بـ إرتياح:كويسين متقلقيش..أنا بسابق الريح...لازم أوصل لروجيدا قبل فوات الآوان...

ساد الصمت حتى وصلا إلى سيارته ثم إتجه إلى أقرب مشفى لتقول فاطمة بـ نبرة شاردة

-طلع عايش يا جاسر!!..حسيت قلبي وقف لما شوفته..شوفت أبو...

-قاطعها جاسر بـ شراسة:ابو سامح..وعمي أنا

-أنت عرفت!!...

لم تكن مشدوهة كانت تعلم أنه سيُخبره..ضرب جاسر المقوّد وقال

-ليه!!..ليه حياتي كلها طلعت كدبة!!...

لم ترد والدته ولكنه لاحظ إنكماش وجهها بـ حزن مزق نيّاط قلبه..والصغيرة لا تزال تبكي..ليقول بـ غلظة

-عمومًا مش وقته..أنا هوديكي المستشفى وأبعتلك حرس..متطلعيش من المستشفى إلا لما أجي...

أومأت بـ صمت وأغمضت عيناها ألمًا وحزنًا..لماض حاولت إخفاءه عن الجميع..عن ماض تحول إلى كابوس وأتى إلى الحاضر ليُدمر ما كان..لم تنكر أنها كانت تشك بـ حقيقة أعماله ولكن موته!!..هدم كل شئ وقلي الكثير من الموازين..ويبقى ماضٍ تحول إلى حاضر مُرعب وقاسي..ستُعاني منه الويلات

*************************************

تأفف شريف من إهتزاز ساق جاسر اليت تتحرك بـ توتر وغضب مكبوت..ليضع يده على ساقه ثم هتف بـ ضيق

-ممكن تهدى شوية عشان نعرف نفكر!

-وضع جاسر يده بـ خصلاته ثم هدر بـ غضب:هتجنن..الفجر طلع وإحنا لسه منعرفش عنها حاجة

-طب إهدى..إحنا مسبناش جهه إلا وخلينها تساعدنا..فـ إن شاء الله خير..وبعدين صاحبها اللي فـ أمريكا أنت كلمته وأكيد هيتصرف

-رد جاسر بـ سخرية وقال:وأهو طلع خبيتها خالص ولا عرف حاجة...

فرك شريف جبينه بـ تعب ثم قال بعد مدة من التفكير

-طب أنت عارف بيفكر إزاي..يعني ممكن تكوز عارف وجهته إيه..مش هيعرف يطلع برة مصر وهو عارف إننا هنبلغ كل السلطات

-ردد جاسر بـ عصبية:معرفش..معرفـ...

وصمت فجأة تحت أنظار شريف المُتعجبة..لتشرد ذاكرته بـ حديث صغير مُنذ زمنٍ طويل..وعبارة علقت بـ رأس طفل "المكان اللي بتحبه..هو المكان اللي هيقتلك"..يعلم أنه سيقتله ولا يعلم أنه يعلم سره. ذاك الطفل الذي علِم مكانه المُفضل وأبقاه سرًا

نهض بغتةً لينهض معه شريف الذي سأله بـ أمل

-عرفت!!

-ردد بـ أعين لامعة:المكان اللي بتحبه هو المكان اللي هيقتلك...

وبدت عبارة غامضة كصاحبها ولكن يبدو أنه علِم أين هي..لم يتردد وهو يتبع جاسر الذي إنطلق كـ الصاروخ يتبعه شريف وصديقه صابر الذي إطمأن على بسنت وأعادها إلى القصر بـ المنيا مع الجميع وكذلك ضابطين يعملان مع شريف للمساندة

صعد الجميع إلى السيارة وإنطلق بها بسرعته القصوى

-الفيوم!!!...

رددها صابر بـ دهشة..وبداخله يتساءل لما شخصًا كهذا يختطف ويبقى داخل مصر..تنهد وتساءل

-طب ليه مسافرش بيها برة مصر!

-رد عليه شريف:لأنه عارف إن كل حتة هتكون متراقبة وهيتمسك بسرعة..أو إن جاسر هيكون عنده سرعة بديهة ويتحرك أسرع منه...

أومأ صابر وصمت لينظر شريف إلى جاسر ويقول بـ تحذير

-خد بالك يا جاسر الراجل دا مطلوب دوليًا

-وهيموت فـ مصر...

عبارة قاطعة صدرت منه أجبرت الجميع على الصمت..لهجته وعنفه الظاهر بها..أما نظرته فهو يتذكر تلك النظرة التي طالعه بها يوم أن أتى إلى قصره..مُظلمة بـ رغبة مُميتة بـ

القتل

وعلى الناحية الأُخرى نهضت هى بـ تأوه تُمسك رأسها إثر تعرضها لضربة أفقدتها الوعي..تطلعت حولها لتجد نفسها بـ غُرفة غريبة..واسعة يوجد بها فراش واسع مُمدة عليه وحوائط مطلية بـ لونٍ كستنائي

إستقامت جالسة ثم وضعت قدميها أرضًا لتتسع عينها وهى ترى ساقيها ظاهرة من خامة قُماش شفافة..نظرت إلى نفسها لتشهق وهى ترى نفسها ترتدي ثياب جواري!!!

ترتدي من الأعلى صدرية ذهبية ترتكز حول عنقها بـ سلاسل ذهبية وحول ذراعها سوار فرعوني من اللون الذهبي والفضي..يلتف حولها بـ حلقات مُلتوية مُموجة..ومن بعد صدرها إلى خصرها عاري..لا يُحيط سوى خصرها و ردفيها خطوط عرضية سميكة من اللونين الذهبي والفضي..وساقيها تبرز من خامة الشيفون..وإضافة رنانة من خلخال ذهبي تتدلي منه كرستالات ذات أجراس ترن كُلما تحركت

إنتفض قلبها داخل صدرها وظلت تلهث بـ خوف..إرتفعت عيناها لتصطدم بـ أخرى جائعة أرعدت عظامها..نظرات مُتوهجة رغم عدم وضوح الملامح..ولكنها أحست منها بـ شراسة صاحبها وخُبثه..همسة خشنة من صوتٍ غليظ صدرت جعلتها ترتجف رُغمًا عنها

-بونچور مدام...

تراجعت وهى ترى الظل ينهض..جذبت الملاءة إليها وهى تراه يتقدم منها..شهقة مكتومة خرجت منها وهى تنظر إلى ملامحه التي إتضحت..ملامحه تُشبه جاسر لدرجة مُميتة..سمعت نبرته الخبيثة تهتف

-إسمحيلي أعرفلك عن نفسي..أنا حسين الصياد...

إتسعت عيناها بـ صدمة وصرخة صدرت منها..ليضحك وهو يقول بـ مزاح

-لأ ممتش متخافيش..أنا مش شبح متخافيش...

ثم تقدم منها يجثو على رُكبيته أمام صدرها ليبتسم إبتسامة مقيتة ويهتف

-متخافيش كدا..دا أنا من ريحة الغالي..تحبي أحكيلك!!...

نهض فـ تراجعت أكثر..جلس بـ جانبها وكاد ان يُملي على رأسها ولكنها إبتعدت خوفًا..مط شفتيه وقال بـ أسف

-نسيت إنك متعقدة من رجالة من ساعة مصطفى..الخثيث..أنا لو كنت أعرف إنه هيعمل كدا مكنتش خليته يقرب منك

-صرخت بـ حدة:أنت واحد مُختل

-ضحك وقال:تعرفي إن جاسر برضو قالي نفس الجُملة؟

-صرخت بـ شراسة:عارف لو قربتله...

قُطعت باقي عبارتها وهى تصرخ عندما جذبها عنوة إليه ثم ألقاها على الفراش..كبل معصميها وإعتلها ثم همس بـ فحيح

-هتعملي إيه ها!..عرفيني بس...

صرخت وسبت..ظلت تتلوى بـ شراسة ليُقيد ساقيها بـ قدمه..دنى منها فـ أغمضت عيناها بـ إشمئزاز و خوف

-مهرة جامحة بس أنثى..مهما حاولتي تظهري قوة بتفضلي هشة أوي..تعرفي إنك دوختيني وراكي!..رغم إني عارف أنتي فين..بس حبيت لعبة القط والفار دي...

وضع أنفه بـ عنقها لتصرخ بـ خوفٍ باكي ليهمس وشفتاه تتلمس بشرتها فـ تحرقها


-أنا راجل بحب النفوذ وبحب أملك كل حاجة..تعرفي إني وصلت لكدا لمجرد الطمع وإنه يبقى معايا حبة فلوس بس...

إرتفع بـ وجهه وقيد يدها بـ يد واحدة والأخرى وضعها على جبينها لتُغلق عيناها بـ قوة حتى إعتصرت جفنيها ثم همس بـ فحيح

-الموضوع إتطور والحب إتحول لرغبة وطمع..لدرجة إني زيفت موتي عشان أقدر أقوى أكتر..عشان أخلي جاسر عدوي الأول مجرد طابية فـ لعبتي..بس أنتي إضافة مكنش مرغوب فيها..عرفتي تهربي مني وتروحيله..شوفتي القدر!!...

نظر إلى عيناها التي فتحتها ونظرت إليه بـ كره وخوف ليعض على شفتيه قائلًا

-كل حاجة وأنا شاب أخدها أبوه مني..العيلة والبنت اللي حبيتها..حتى الشركة أخدها وأنا كنت مجرد ساعي عنده..ولما شوفتك وعرفتك..قولت البنت دي ليا عجباني أوي..مهمنيش اللي عمله مصطفى المهم إنك تكوني معايا..بس جه جاسر وأخدك مني..ما هو يا أبوه...

ضحك وهو ينظر إلى عينيها الباكية..مسح عبراتها وهمس بـ فحيح أفعى مُرعب

-أنا كنت هبيعك لواحد دفع فيكي كتير أوي..بس ليه أخلي حد يملكك غيري!..أنا هخليكي جاريتي...

صرخت بـ فزع وهى تتلوى..وضحكاته تتعالى..شعر بـ نشوة وهو يراها تستميت بـ الفكاك منه..دنى من أذنها وهمس

-هستمتع وأنا بروض مُهرة زيك

-صرخت بـ إهتياج:إبعد عني...

ولكنه ضحك وضحك..وتتعالى ضحكاته التي تُثير إشمئزازها..صرخت صرخة مزقت أحبالها الصوتية وهى تشعر بـ يده عند خصرها..وضحكة تتصاعد ومعالم الإنتشاء تظهر على وجهه

**********************************

ترجل من السيارة بـ سرعة البرق ولكن إنقباضة مُؤلمة أصابت قلبه بـ فزع..هى الآن تُعاني..وبشكل مُخيف..سمع صراختها من المنزل وهو يقف أمامه..الجميع سمع..ليركض جاسر كـ المجنون دون أن يستمع إلى أحد

لحقه صابر وبدأ بـ تأمين الطريق من أجله هو شريف..دارت معركة طاحنة أُصيب بها شريف بـ رصاصة نارية بـ ساقه..وجاسر يقتل من يعترض طريقه

كسر الباب بـ ساقه وهدر بـ صوتٍ جهوري مُلتاع

-روجيدا!!!!...

وهى بـ الأعلى تُعاني..صرخات صمت أُذنيه ولكنه لم يمنعها..بل صرخاتها تجعله ينتشي أكثر..ولكن صوت الرصاص والصراخ أسفل جعله يبتعد عنها..إنكمشت على نفسها وهى ترتجف بـ بُكاء..ها هو المشهد يُعاد..تُختطف على يد مُختل عقليًا..يُحاول الإعتداء ولكن ظهور خاص لجاسر يُنقذها..وبعدها رصاصة تخترق صدره وهى تصرخ بـ بُكاء

وعند تلك النقطة نهضت سريعًا..تجذب تلك التُحفة الفنية وتضرب بها رأس حسين من الخلف..صرخ بـ ألم لتضربه بـ ساقه فـ سقط..ما كادت أن تركض خطوة حتى أمسك قدمها فـ سقطت على وجهها

رغم الدماء التي تسيل من رأسه إلا أنه لم يُبالي..جذبها من ساقها إليه وهى تُقاوم ولكن هيهات فرق القوى جعلها تبدو كـ عصفور بين يدي تنين..جذبها وهمس بـ شراسة وغضب

-فاكرة نفسك هتهربي!!...


صفعها مرة وإثنتان حتى تخدرت لثوان كانت كفيلة بـ جعلها تنهض..تحرك بها من الغُرفة إلى ممر سري داخل خزانة الثياب

وعلى الجانب الأخرى..بحث جاسر بـ كل مكان حتى وصل إلى أعلى..ومن أول غُرفة وجدها ولكنها فارغة..الفراش مُشعث وهُنام حُطام ودماء..زأر بـ قوة ونادها بـ ألم

-روجيدا!!!

إستمعت إلى صوته ولم تكن قد إبتعد..لتقوم بـ دفع حسين ليجذبهاةمن خُصلاتها بـ قوة فـ صرخت بـ ألم وهذا ما أرادته..عندما سمعته يزأر مرةً أخرى وقد علم مصدر صوتها

إتجه إلى تلك الخزانة ليجد ذلك الممر السري..دون تردد دلف وركض..ينزل درجات حتى وصل إلى بهو وهى تقف أمامه وهو خلفها

عندما أيقن أنه لا مفر توقف و قرر اللعب بـ ورقته الرابحة..إبتسم حسين وهو يقول بـ إعجاب

-مكنتش أعرف إنك هتوصلي بـسهولة كدا...

وجه جاسر سلاحه إليه وقال بـ نبرة قاتلة

-المكان اللي بتحبه..هو المكان اللي هيقتلك

-ضحك وقال:مكنتش أعرف إنك ذكي..لأ وبتركز فـ كلامي

-سبها

-مال بـ رأسه:وبعد أما أسبيها...

قربها أكثر وحول عنقها نصل حاد..تنظر إليه بـ رجاء وهمسة "إهرب"..تخاف مما هو قادم..تكره خسارته..تكره تلك اللحظات التي قاستها قبلًا

نظر إلى عينه اليُسرى التي تظهر خلف رأسها ثم تشدق بـ نبرة مُميتة

-هقتلك

-تنفس بـ عمق وقال:وبعد أما تقتلني!!..كدا خلاص المنظمة هتخلص!..المافيا دي يا جاسر إخطبوط كل ما تفكر إنك قطعت دراع بتلاقي غيره بس بيخنق أقوى من الأول..بيعصر عضمك بـ غيظ ما أنت قطعت دراع...

وضع أنفه بـ خُصلاتها ثم همس وهو ينظر إلى جاسر

-أنا مش الشرير اللي فـ الحكاية لأ..حتى ولو شرير..نهايتي مش الموت..الشر مبينتهيش الشر بيخمد..ومع كل نسمة هو والجمرة اللي فضلت دي بترجع تولع نار الشر تاني...

إبتسم وقال وهو يُقرب النصل من نحرها الذي خدشها أكثر فـ صرخت ألمًا وجاسر يجز على اسنانه و يُزمجر لألمها

-الحرب بين الخير والشر مُستمرة للنهاية..مفيش مدينة فاضلة زي ما أفلاطون عاوز..أنا هنا دور فـ حكاية هيجي غيري يكملها يا جاسر..وكل اللي عملته هيجي غيره ويهده..دا دورنا إحنا البشر فـ الحياة نهدم ونخرب وبعدين نقول دا قانون الغاب..ونسينا إننا اللي صنعناه

-وأخرة المُحاضرة!!

-إبتسم بـ إتساع وقال:مش مُحاضرة على أد ما هى دردشة ما بين أب وأبنه بيعلمه مبادئ الحياه

-بـ جمود نطق:بس أنت مش أبويا...

بـ لحظة إبعاد روجيدا لساقها كانت الرصاصة تستقر بـ ساق حسين..إبتعدت عنه سريعًا..ليتجه إليه جاسر..دهس يده التي تُمسك السكين ليصرخ بـ ألم

جثى جاسر إلى مستواه وجذب نصله وقربه من وجهه ثم همس بـ فحيح

-أنا وعدتك إني هقتلك بـ أبشع الطرق على حياتي اللي هدمتها فوقي..بس هي هنا وأنا مبحبش أشوفها خايفة..وزي ما قولت الشر ملوش نهاية وأنا بداية نهاية شرك...

جرح وجهه ثم إتجه إلى ذراعه يُمزق الكنزة ويهمس

-عارف فيه شُريان اسمه الشُريان العضُدي..دا بيضخ الدم بمعدل تلاتة لتر دم فـ الدقيقة والمفاجأة وإن مفيش فـ جسمك غير خمسة لتر بس..يعني دقيقة ونص ودمك يتصفى...

وجرح دقيق بـ موضع الشُريان والدماء تسيل وتتسع..بقى جاسر يُراقبه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى مات..بـ بساطة مات..قذف جاسر السكين ثم إتجه إلى المُنكمشة على نفسها..نزع قميصه وألبسها إياه..جذب رأسها إلى صدره وحاوطها ثم قال وهو ينظر إلى جثة حسين

-هششش..كل حاجة خلصت..الكابوس إنتهى خلاص..


             الفصل الثانى والثلاثون من هنا





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-