روايةلعنة العشق
الفصل الخامس عشر والسادس عشر
الفصل الخامس عشر
أسرع كل من راجى ووجد وأدهم داخل طرقات المستشفى حتى وصلوا الى غرفة
العمليات حيث وجدوا عادل هناك يقف فى توتر ليسرعوا اليه ووجد تقول فى لهفة:
طمنى ياعادل..ابنى عامل ايه؟
قال عادل بسرعة:
اطمنى ياطنط..الممرضة لسة خارجة من شوية وطمنتنى..وقالتلى مفيش نزيف داخلى..رجله اليمين بس انكسرت..ودلوقتى بيجبسوهاله جوة..كويس اوى انها جت على أد كدة..انتى لو كنتى شفتى الحادثة او منظر العربية.........
ليصمت وهو يرى شحوب وجه وجد واشارة أدهم له بالصمت..ليستطرد قائلا:
عموما الحمد لله انه بخير
رددت وجد قائلة:
الحمد لله..الحمد لله
احست وجد بالدوار وكادت أن تقع لولا ان أسرع راجى باسنادها لتستند اليه بضعف ليحمد الله فى سره على نجاة ولده من موت محقق..ليقول أدهم بحيرة:
وايه اللى يخلى أيهم يسوق بالسرعة دى..ده عمره ما عملها؟
قال عادل بتردد:
احنا ..كنا.. عند الآنسة جورى فى الجامعة..والظاهر زعلوا مع بعض..وهو سابها وجرى زى المجنون ..انا ..انا خايف يكون كان قاصد يعمل كدة فى نفسه
شهقت وجد وهى تضع يدها عل فمها ليرفع أدهم عينيه الى السماء فى يأس من غباء عادل ليتجنب عادل النظر اليه فى خجل من تسرعه فى الكلام ..ونظرت وجد الى راجى بعينين لائمتين مغروقتين بالدموع ليخفض هو عينيه لا يتحمل تلك النظرات وهو يلعن نفسه لما سببه لهم من حزن وألم من أجل لا شئ..انها فقط بعض الاعتبارات البالية..أفاق من أفكاره على صوت خروج الطبيب من حجرة العمليات ليسرعوا جميعا اليه..ليبتسم قائلا:
حمد الله على سلامة المريض..ربنا نجاه من موت أكيد
قالت وجد فى الم:
أخباره ايه يادكتور؟
قال الطبيب:
الحمد لله..كل شئ تمام..بس مين هى جورى؟
نظروا الى بعضهم البعض ليقول أدهم:
بتسأل ليه يادكتور؟
قال الطبيب:
المريض قبل ما يفوق من الحادثة مبطلش ينادى باسمها
قال أدهم فى تردد:
دى ..دى تبقى خطيبته..هى أكيد فى الطريق
ابتسم الطبيب قائلا:
كويس أوى لأنه أكيد هيحب يشوفها فى حالته دى.. وده برضه مفيد لحالته النفسية اللى ملاحظ انها سيئة شوية
قال أدهم بامتنان:
شكرا يادكتور..تعبناك معانا
قال الطبيب:
العفو..ده واجبى
ليغادر الطبيب وتقول وجد فى حزن:
ياحبيبى ياابنى أد كدة بتحبها
ثم نظرت الى راجى بعتاب قائلة:
وانت..انت كسرت قلبه ياراجى..أيهم كان هيضيع مننا ياراجى..اتبسط كدة؟ارتحت وحافظت على مركز العيلة
ربت راجى على يدها قائلا:
اهدى ياوجد..مش وقته الكﻻم ده
هزت رأسها نفيا:
لأ وقته..
ثم التفتت لأدهم قائلة:
قوم ياابنى خدنى عند نوال أستسمحها وأبوس ايدها كمان وأجيب لابنى البنت اللى حبها وكان هيموت عشان بعدت عنه..قوم ياابنى ودينى ليها
قال أدهم:
اهدى بس ياماما وانا اعملك اللى انتى عايزاه
ليقول راجى بحزم:
مستحيل أسيبك تروحى
لتنظر اليه وجد بغضب وكادت ان تتكلم ليضع اصبعه على شفتيها قائلا:
أنا اللى هروح أجيبها بنفسى..وانا اللى هعتذر لنوال لأنى انا اللى غلط فى حقها مش انتى
نظرت اليه وجد لاتصدق أذنيها..لتبتسم فى سعادة قائلة:
بجد ياراجى؟
ربت راجى على وجنتها قائلا بحنان:
انا مليش فى الدنيا غيركم..ولو اتصرفت أى تصرف غلط فأكيد مبيبقاش قصدى أجرحكم..بيبقى كل همى مصلحتكم..والغلط لازم يتصلح ياوجد
ربتت وجد على يده الموضوعة على خدها بحنان قائلة:
انا كنت متأكدة انك هتعمل الصح ياراجى..ربنا يخليك لينا يارب
قال أدهم بمرح غريب عليه ولكنه هكذا منذ أن عرف الحب:
راعوا مشاعرنا ياجدعان..احنا سناجل على فكرة وكدة مش حلو علشانا
ابتسم كل من عادل و راجى و وجد ليقول راجى :
طب ادامى ياسنجل..وصلنى لبيت نوال..أجيب عروسة أخوك..عقبال ما اشوف لك انت كمان عروسة واخلص منكم بقى
قال ادهم:
لا انا خلاص لقيت عروستى..محدش ليه دعوة بية
قال راجى فى دهشة:
طب أدامى ياأخويا اما نشوف موضوعك انت كمان
ثم نظر الى وجد قائلا وهو يهز رأسه بيأس:
ولو انى تقريبا عارفه..مفيش فايدة ..ولادى وحبوا هعمل ايه أنا؟
لتبتسم وجد ويغادر كل من راجى وأدهم ليقول عادل بسعادة:
أيهم هيطير من الفرحة لما يشوفها ويعرف ان باباه وافق على جوازهم
ابتسمت وجد قائلة:
الحمد لله..عقبالك ياابنى
ابتسم عادل قائلا:
قريب ياطنط..قريب اوى
**************
استيقظت مايا على صوت والدتها تنادى عليها من مكان بعيد..فتحت عينيها ببطئ لتواجهها عينا والدتها القلقتين لتعقد حاجبيها وهى تقول بتعب:
أنا فين؟
قالت علية بلهفة:
انتى فى بيتك وفى اوضتك ياحبيبتى..كدة يابنتى تخضينى عليكى..الدكتور قال ضغطك واطى اوى
أغمضت مايا عينيها وهى تتذكر الأحداث الماضية..لتنزل دموعها فى صمت..قالت امها فى خوف:
مالك بس ياحبيبتى..طمنينى عليكى
قالت مايا فى الم:
ديالا حامل ياماما
قالت علية فى صدمة:
هو انتى لسة بتحبى مهيب يامايا وباقية عليه؟
قالت مايا فى مرارة:
وانا امتى بطلت أحبه ياماما؟مهيب هيفضل حبى الاول والاخير
قالت علية فى حدة:
انسيه بقى يامايا..مهيب خلاص هيبقى أب..يعنى خلاص مفيش امل منه..وبعدين راجى طلبك لأيهم وانا تقريبا وافقت
نظرت اليها مايا فى صدمة قائلة:
انتى بتقولى ايه ياماما؟مستحيل طبعا..أيهم زى اخويا..وانا بحب أخوه..أخوه اللى انا عارفة ومتأكدة انك مبتحبيهوش..عشان كدة مش طايقة سيرته
قالت علية فى غضب:
آه مبحبوش..ولا هو كمان بيطيقنى..من يوم ما فضل عليكى حتة بت متسواش وكسرك وخلاكى تنهارى..وهو خلاص مبقاش ابن اخويا ولا عايزة أعرفه وهو كمان طول عمره وانا كلمتى واقفاله فى الزور..لكن أيهم ده بقى آخر العنقود أبو لسان بينقط عسل..واللى الكل بيتمنوله الرضا..ولا وراه عيال زى أدهم ولا هيجيب عيال زى مهيب..يعنى هيكون ليكى انتى وبس
قالت مايا فى عصبية :
قلتلك مستحيل أتجوزه..مستحيل..آاااه
شحب وجه مايا بشدة وهى تشعر بالدوار لتقول علية بقلق:
خلاص اهدى بس ونبقى نتكلم بعدين
أخذت مايا نفسا عميقا ..ثم قالت بهدوء:
أنا هسافر
قالت علية بدهشة:
هتسافرى فين؟
قالت مايا بتصميم:
المنصورة..عند اعمامى..هقعد يومين أريح فيهم أعصابى
ارتاحت علية لذلك القرار التى اتخذته ابنتها..فمن جهة تبتعد مايا قليلا عن مهيب وربما تنساه..ومن جهة أخرى تستطيع هى ان تقضى وقتا أطول مع صديق بل وتبيت معه أيضا لتقول بهدوء:
ماشى يامايا..سافرى ياحبيبتى..بس هما يومين تلاتة مش اكتر وترجعى علطول
نظرت اليها مايا قائلة بحزن:
ربنا يسهل ياماما..ربنا يسهل
*************
قالت نوال بصدمة:
راجى بيه..معقولة؟
تنحنح راجى قائلا:
احم ..اذيك ياست نوال..ممكن أدخل؟
قالت نوال بارتباك:
آه طبعا اتفضل..بس متآخذنيش..هسيب الباب مفتوح ..انت عارف احنا وحدانيين وكلام الناس مبيرحمش
دخل راجى قائلا:
متقلقيش ياست نوال ..انا مش هطول
خرجت جورى فى تلك اللحظة قائلة:
مين ياماما اللى....
لتصمت بدهشة وهى ترى راجى امامها ليبتسم راجى قائلا:
اذيك ياجورى
قالت جورى بارتباك:
أنا..أنا بخير ياراجى بيه
تنحنح راجى قائلا وهو ينقل بصره بين جورى ووالدتها:
أنا جاى انهاردة عشان أعتذر منكم
تبادل كل من نوال وجورى نظرات الدهشة..ليستطرد راجى بنبرات نادمة:
أنا غلط فى حقك غلط كبير ياست نوال..جرحتك وأذيتك بكلامى فياريت تقبلى أسفى..وتشوفى ايه اللى يرضيكى وأنا مستعد أعمله عشان تسامحينى
قالت نوال بسرعة:
العفو ياراجى بيه..مجيتك لحد بيتى كبيرة عندى..وخلاص المسامح كريم
ابتسم قائلا:
كتر خيرك ياست نوال
قالت جورى بتردد:
راجى بيه..
قاطعها قائلا:
قوليلى ياعمى
ابتلعت ريقها وهى تقول بدهشة:
عمى..هو..أيهم بخير؟
أخفض راجى عينيه يخفى نظرة الألم داخله ليرفعهما اليها قائلا :
أيهم عمل حادثة
لم تستطع جورى أن تسمع كلمة أخرى لتسقط مغشيا عليها على الفور..لتصرخ نوال باسمها ويسرع راجى بحملها وتمديدها على الأريكة قائلا لنوال:
ازازة برفان بسرعة
لتسرع نوال باحضار العطر وتمنحه لراجى الذى وضع بعضا منه على يده ومرره على أنف جورى لتفيق جورى على الفور وترى راجى..تتذكر كلماته الأخيرة لتترقرق عيناها بالدموع وهى تقول ممسكة يده بتوسل:
أبوس ايدك طمنى..قولى انه بخير..قولى ان محصلوش حاجة
ابتسم راجى بحنان قائلا:
بخير يابنتى والله..رجله بس اليمين انكسرت
شهقت ليقول بسرعة:
الحمد لله يابنتى..دى كانت حادثة موت
اغمضت جورى عينيها بارتياح قائلة:
الحمد لله
ثم فتحت عينيها ناظرة الى أمها بتردد لتقول :
هو أنا ممكن...
أومأت أمها برأسها بحنان وهى تفهم نظرتها المتسائلة لتلتفت الى راجى مستطردة وهى تتلعثم:
يعنى لو ينفع......
صمتت وهى تخفض عينيها لا تستطيع اكمال جملتها ليبتسم راجى قائلا:
هو ممكن..بس ده بعد اذن والدتك طبعا
شعت الفرحة فى عينيها لتتسع ابتسامة راجى ويتآكل قلبه من الندم وهو يدرك كيف كان سيهدم حب كبير مثل هذا ليقول موجها الحديث لنوال:
الحقيقة انا كنت لسة هطلب منك ياست نوال ان جورى تيجى معايا تشوف أيهم..أيهم مبطلش يقول اسمها لغاية ما فوقوه
أومات نوال برأسها بطيبة ليقول راجى:
انتى لازم تعرفى انى باخد خطيبة ابنى تشوف خطيبها..يعنى بطلبها دلوقتى منك رسمى..أنا بعترف انى غلطت غلطة كبيرة لما عارضت ارتباطهم..كان لازم انا بالذات أشوف الحب فى عيونهم وأعرف انهم بجد بيحبوا بعض ومتمسكين ببعض..زى ما حبيت وجد واتمسكت بيها بس الغلط يصلح وعشان كدة بتمنى من كل قلبى توافقى على أيهم عريس لبنتك وتأكدى ان احنا كلنا هنشيلها فوق راسنا
ترقرقت الدموع بعينى نوال لتومئ برأسها فى سعادة وقد أعجزتها الفرحة عن أن تنطق بكلمة ..لتقترب من ابنتها وتقول بصوت مخنوق من عبرات الفرحة:
ألف مبروك يابنتى
ضمتها جورى بسعادة وهى تشاركها دموعها قائلة:
الله يبارك فيكى ياماما
ابتعدت عنها نوال قائلة:
يلا ادخلى اغسلى وشك وامسحى دموعك وروحى مع حماكى شوفى خطيبك ياضنايا
ابتسمت جورى وأسرعت لتنفيذ ما طلبته منها والدتها وهى لا تصدق انها سترى حبيبها سليما معافى..و ان ارتباطها بأيهم قد تم.....و قصة حبهما ستكتمل بالزواج وبتلك البساطة
***********
فتح أيهم عينيه ليجد حوله أدهم وعادل ووالدته وجد ..ليقول أدهم مبتسما:
حمد الله ع السلامة ياأيهم..الحمد لله انها جت على أد كسر بسيط فى رجلك
ازدرد أيهم ريقه قائلا بتعب:
الله يسلمك ياأدهم..الحمد لله على كل حال
جلست وجد بجواره وربتت على يده بحنان قائلة:
خضتنا عليك ياحبيبى
ربت على يدها قائلا:
انا بخير ياماما متقلقيش
قال عادل فى مرح:
حمد الله على سلامتك ياأيهوم
نظر اليه أيهم شذرا قائلا:
أيهوم فى عينك ..اتلم يااض
ضحك الجميع..نظر أيهم باتجاه الباب..لتقول وجد بحنان:
مستنى حد ياأيهم؟
قال أيهم بحزن:
مجاش معاكم..لسة زعلان منى صح؟
ابتسموا فى حين قالت وجد:
لا ياحبيبى جه بس راح يجيبلك مفاجأة
عقد أيهم حاجبيه بحيرة قائلا:
مفاجأة ؟؟
سمعوا طرقات على الباب ودخول راجى مبتسما وهو يقف على الباب قائلا :
ممكن أدخل؟
نظر أيهم اليه باشتياق ليبادله والده النظرات ويقطع تشابك نظراتهم صوت وجد تقول بحنان:
أكيد ممكن..اتفضل ياراجى
دخل راجى ووقف أمام سرير أيهم تماما ليقول بحنان:
حمد الله على سلامتك ياابنى
ترقرقت الدموع بعينى أيهم وهو يقول :
الله يسلمك يابابا
قال راجى:
معايا برة خطيبتك.. عايزة تشوفك وتطمن عليك
عقد أيهم حاجبيه ظنا منه أن أباه يقصد مايا وقبل أن يتفوه بكلمة معارضة.. رأى جورى تدلف الى الحجرة لتظهر على ملامحه الدهشة..تأمل ملامحها بشوق وجرت عيناها عليه تتفحصه سريعا بلهفة..تريد الاطمئنان عليه..همس باسمها لا يزال غير مصدقا أنها هنا ..يراها وتراه..اقتربت منه ..عينيهما متشابكتان فى عشق..ليشير راجى للجميع بالخروج ليخرجوا مبتسمين..جلست جورى بجوار أيهم وأمسكت يده قائلة بحب:
حمد الله على سلامتك
نظر الى يده التى تسكن فى حضن يدها ثم نظر الى عينيها مجددا وهو يقول:
قوليلى انى مبحلمش وان انتى هنا وايدى لامسة ايدك
رفعت يده الى شفتيها تقبلها برقة وتضعها على وجنتها قائلة بعشق أذابه:
أنا هنا جنبك وهفضل جنبك لآخر يوم فى عمرى
ظهر فى عينيه العشق وهو يقول:
بحبك أوى ياجورى..والله بعشقك
ابتسمت جورى قائلة:
نفس احساسى ياقلب جورى..بعشقك
ابتسم بحنان ثم ما لبث أن تذكر شيئا ليقول فى حيرة:
استنى كدة..بابا قالى خطيبتك عايزة تشوفك
لتتسع عينيه قائلا فى فرحة:
بابا خطبك لية..صح؟عشان خاطرى قولى ان ده اللى حصل
ابتسمت وهى تومئ برأسها قائلة:
جه واعتذر لماما وطلب ايدى كمان ..يعنى حضرتك بتكلم خطيبتك يأيهم باشا
قفز من السعادة متناسيا قدمه المكسورة ليأن فى ألم فتسرع اليه جورى فى قلق تمدده مرة أخرى وهى تقول فى لهفة:
انت كويس؟
اغمض عينيه للحظة ليفتحهما مجددا وهو يقول :
انا بخير ياحبيبتى..الفرحة بس نستنى نفسى
ابتسمت فى حنان ليقول أيهم ببراءة مصطنعة:
يعنى بما انك خطيبتى دلوقتى ما تقربى شوية
نظرت اليه شذرا قائلة:
أيهم ..اتلم
رفع حاجبه الأيسر قائلا:
وانا قلت ايه يعنى..انتى اللى دماغك شمال على فكرة..آل وانا فاكرك مؤدبة
قالت جورى بحزم:
أيهم !
قال ايهم بغيظ:
خلاص خلاص ..على فكرة انتى الخسرانة ..ده انا كنت هقولك كلمتين سر بس ايه😉مقولكيش
قال جورى فى يأس:
لا..أنا هناديلك أهلك ..انت حالتك ميئوس منها
قال لها بسرعة:
استنى بس..خلاص هقعد مؤدب..ياجووورى
اعطته ظهرها تفتح الباب لتبتسم قائلة فى همس:
مجنون بس بعشقكالفصل السادس عشر
قال راجى بحيرة:
والله ما انا عارف هواجه اختى ازاى ولا أقولها ايه ياوجد؟
اقتربت منه وجد تضع يدها على يده بحنان قائلة:
قولها كل شئ قسمة ونصيب ياراجى.. وابنك خلاص اختار نصيبه
تنهد راجى قائلا:
فعلا كل شئ قسمة ونصيب ومفيش حاجة بايدينا ..ده قدر..بس انتى عارفة اختى علية..هتقوم الدنيا
ثم تنهد مستطردا:
انا كان نفسى فى مايا لحد من ولادى ياوجد..لكن أهو النصيب بقى..هنعمل ايه؟..أدهم واختار يتجوز كارمن..وايهم اختار يتجوز جورى..وخلاص مايا مبقالهاش نصيب مع ولادى
تنهدت وجد قائلة:
انا كمان كان نفسى فيها ..بس مش لأدهم ولا لأيهم
عقد راجى حاجبيه قائلا:
أومال لمين؟
ترددت قائلة :
ل..لمهيب
قال راجى باستنكار:
مهيب متجوز ياوجد
قالت وجد بحزن:
بس مايا محبتش غيره..و الكلام ده من زمان اوى ياراجى..للأسف مختارتش من ولادك غيره..وهو كمان محبش غيرها بس مكنش حاسس بحبه ..ولو انى ملاحظة فى الفترة الأخيرة انه بدأ يفهم مشاعره..بس بعد ايه بقى
فكر راجى بكلماتها..ربما وجد على حق..فقد تغيب عنه اشياء كثيرة..أما حبيبته وجد فلا يغيب عنها شيئا..خاصة مشاعر الحب..تلتقطها فى العيون..وتدركها على الفور..ليقول بأسى:
لو مكنش فيها خراب بيوت..كنت طلقت ديالا منه وجوزتله مايا..بس أنا مقدرش اخرب بيت حد بايدى..ما بالك ببيت حد من ولادى.. ولو كانت اختى او مايا يقبلوا..والله كنت جوزتهالوا وتعيش معاه كزوجة تانية..بس مستحيل حد فيهم هيقبل بالوضع ده
تنهدت وجد قائلة :
سيب كل حاجة للأيام..كل واحد هياخد قسمته ونصيبه..ادعيلهم انت بس وربنا هيقدرلهم اللى فيه الخير
قال راجى فى امل:
يارب يا وجد..يااارب يسعدهم مع حبايبهم زى ما ربنا فرحنى معاكى
*************
كان راجى يجلس مع وجد ومعه أولاده أدهم ومهيب و اخته علية ليلقى اليها خبر خطبة أيهم وزواج أدهم ..قالت علية بصدمة:
خطبت لأيهم جورى ياراجى..سبت بنتى مايا بنت الحسب والنسب وخطبت لابنك بنت نوال ياأخويا؟
انتبه مهيب على ذكر مايا لتعتصر قلبه قبضة قوية ..يتساءل فى مرارة ..هل كان من المفترض أن يرتبط أيهم بمايا؟ياالله..أخاه الذى يحبه يتزوج حبيبته..انه العذاب فى حد ذاته..حمد الله فى سره لارتباط أخيه بأخرى والا كان الموت أهون له..ليفيق من شروده على صوت والده يقول:
اهدى ياعلية وافهمينى..كل شئ قسمة ونصيب..وابنى نصيبه جه كدة..وربنا يكتب الخير لمايا ونصيبها يبقى احسن باذن الله
احس مهيب بالاختناق..كاد ان يتحدث..ان يرفض كلام أبيه..ان يرفض كل ما يشير الى ان مايا ستصبح فى يوم من الأيام ملكا لرجل آخر..ولكن بأى حق سيرفض..بأى حق؟ربت ادهم على يد مهيب وهو يشعر بصراعه والمه البادى على وجهه..لينظر اليه مهيب ليرى تعاطفه ويدرك ان مشاعره باتت واضحة ليخفض بصره فى مرارة..قالت علية بجمود:
انت شايف كدة ياراجى؟عموما انا بنتى جوهرة واكيد هتلاقى اللى هيقدرها ..بنتى الف من يتمناها وطالبها بس انا قلت ابن خالها اولى بيها
نظر مهيب الى عمته يود ان يصرخ بها قائلا :كفى ..كفى ترديدا لكلمات تذبحنى..ولكن نظرة ادهم الحازمة أخبرته ان يصمت ليشيح بوجهه فى ضيق..قال راجى بارتباك ليغير الموضوع :
صحيح ياعلية ..مايا فين ..مجتش معاكى ليه؟
نظر مهيب بلهفة مرة أخرى الى عمته ينتظر اجابتها..فقد كان يود لو سالها هذا السؤال بنفسه فمايا لم تأتى للشركة منذ ذلك اليوم المشئوم ولا ترد على اتصالاته أيضا..لتنظر اليه علية شذرا..ثم تنظر لأخيها قائلة:
البنت تعبت اوى من يومين..ولما جبتلها الدكتور قالى لازم تغير جو
وصمتت للحظة تتأمل شحوب وجه مهيب عندما علم بمرض مايا.. لتستطرد قائلة بتشفى:
سفرتها عند اعمامها فى المنصورة تقضى هناك يومين تريح فيهم أعصابها وتبعد شوية عن الشغل
هنا لم يستطيع مهيب أن يلتزم الصمت ليقول بغيرة واندفاع:
ازاى تسيبيها تروح عند اعمامها لوحدها..هو سعيد ابن عمها مش كان طالبها للجواز
نظر اليه الجميع ليدرك تسرعه باظهار مشاعره ليقول بارتباك:
بتهيألى الوضع كدة غلط..ولا ايه يابابا؟
نظر اليه راجى يشعر بوجعه ليقول بهدوء حزين:
كدة ياابنى..مايا لازم ترجع ياعلية
رفعت علية حاجبها بتحدى قائلة:
سعيد اتجوز ياراجى..وبنتى فى أمان عند اعمامها..ومقدرش أرجعها قبل ما تريح أعصابها ولا عايزنى اخسرها ياأخويا
قالت وجد بسرعة:
لأ طبعا ياعلية..انتى عارفة أخوكى بيحبها اد ايه
نظرت علية اليها بسخرية قائلة:
بيحبها أوى الصراحة
لتلتفت الى أخيها الذى قال:
اكيد بحبها زى ولادى بالظبط ..ربنا يطمنا عليها وألف سلامة على مايا ياعلية
نهضت وهى تأخذ حقيبتها قائلة ببرود:
الله يسلمك..أنا ماشية بقى عشان عندى مشوار
ثم استطردت بسخرية قائلة:
مبروك عليك جواز ولادك ياأخويا
تجاهل راجى نبراتها الساخرة قائلا:
الله يبارك فيكى ياعلية
غادرت بخطوات سريعة ليقول راجى بحزن:
ربنا يستر..مش مطمن لكلامها ولا نظراتها..حاسس انها ناوية على حاجة
قال ادهم بثبات:
هتعمل ايه يعنى يابابا؟
هز راجى كتفيه قائلا:
مش عارف..ربنا يلطف
قال مهيب بالم:
تفتكر هتجوز مايا حد من اللى متقدمينلها يابابا؟
اقترب راجى من مهيب ليربت على كتفه قائلا بحزن:
انساها ياابنى..ومتخربش على نفسك..انت جايلك طفل فى السكة ولازم يتربى بين أمه وابوه
نظر مهيب الى والده بصدمة..هل ادرك والده مشاعره هو الآخر..بالطبع نعم..فالعشق يظهر مهما حاولنا اخفاؤه..ليخفض عينيه بانكسار قائلا:
معاك حق يابابا..عن اذنكم
غادر مهيب تتبعه الأعين..حزينة عليه..ليقول ادهم:
مهيب صعبان علية..كانت مايا علطول ادامه بتعشقه وهو مش حاسس بيها ولا حاسس بحبه ليها هو كمان ويوم ما حس وقف القدر ما بينهم
تنهد راجى قائلا:
العشق نعمة بتسعد صاحبها بس فى حالة اخوك لعنة لانه مش هيقدر يتخطاها ولا يواجهها..ولا هيقدر يفرح بعشقه
ثم نظر الى أدهم قائلا:
ياترى العشق فى حياتك انت كمان ياادهم هيبقى نعمة ولا لعنة؟
قال أدهم بارتباك:
عشق ايه يابابا..انا..انا بتجوز كارمن بس عشان خاطر الاولاد..وانت عارف الكلام ده كويس
رفع راجى حاجبيه فنظر أدهم الى ساعته ليقول متهربا من نظرات والده:
بالمناسبة انا اتأخرت علي أولادى اوى ولازم أروحلهم عشان احكيلهم حدوتة قبل النوم..عن اذنكم
غادرهم ادهم لينظر راجى الى وجد مبتسما وهو يقول:
من اول مرة شوفته فيها مع كارمن وانا متأكد انه بيحبها..بس اللى شفته فى عينيه من يومين وهو واقف من بعيد يراقبها وهى بتلعب مع ولاده..كان عشق ياوجد..عشق
اقتربت منه وجد لتمسك وجهه بين يديها قائلة:
مهما حاولوا يخبوا عشقهم هيبان عليهم زى مابان علينا ياراجى
اقترب من وجهها ليضمه بين يديه وهو يقول امام شفتيها بهمس:
بحبك ياوجد..بحبك ياعشقى
ليقبلها قبلة رقيقة..عبرت عن مشاعر عشق ولد منذ سنوات وزادت نبضاته مع كل لحظة مرت عليهم وسيظل قويا رائعا مهما تمر عليهم من سنوات
*************
مايا..قاعدة لوحدك ليه ياقمراية؟
نظرت مايا إلى هدى ابنة عمها والتى رغم سنها الصغير إلا أن مايا تعتبرها رفيقتها الروحية..نفس العقل..نفس القلب..ونفس النظارة الطبية ذات الاطار الأسود والتى تمنحهم تميزا ملحوظا..تنهدت مايا قائلة:
بفكر شوية ياهدهد..تعالى ياحبيبتى اقعدى جنبى
جلست هدى بجوارها تتفحص ملامحها الحزينة لتقول بهدوء:
لسة بتفكرى فيه؟
قالت مايا بحزن:
مش عارفة أنساه..غصب عنى مش قادرة..ده حب الطفولة..حب العمر كله..مستحيل هقدر أنساه ..مهما حاولت
أومات هدى برأسها قائلة:
للأسف حاسة بيكى..لأنى بردو بحب هانى ابن خالتى من صغرى ومستحيل أتخيل فى يوم انى أقدر أنساه أو أبعد عنه
ابتسمت مايا فى حزن قائلة:
فيه فرق كبير بينى وبينك ياحبيبتى..فى حالتى.. انا حبيت وهو محسش بية وضاع منى خلاص..لكن انتى حبيتى وهانى كمان حبك وخلاص هانت ويخلص جامعته ويخطبك من عمى..وبإذن الله متفرقش بينكم اى حاجة و أحضر فرحكم قريب ياارب
ابتسمت هدى قائلة:
طب عشان الدعوة الحلوة دى ..انا هخدك مشوار نغير جو..ايه رأيك؟
نظرت اليها مايا بتردد..لتنهض هدى قائلة فى حماس:
متتردديش..قومى بينا..يلا
ابتسمت مايا وهى تمد يدها إليها تحاول ان تتفاعل معها ومع مرحها وحماسها لتنسى ألمها ولو لساعات قليلة
************
قالت علية فى حقد:
هموت ياصديق..كل ثروة أخويا دى هتروح لشوية خدامين..وبنتى..بنتى هتطلع من المولد بلا حمص
قال صديق وهو يقترب منها ليأخذها فى أحضانه:
طب اهدى بس ياعلية ..اهدى وخلينا نفكر
ابتعدت عنه وهى تقول فى مرارة:
أهدى ايه بس..بقولك اخويا هيجوز ولاده لشوية خدامين..أخويا ساب بنتى ..بنت الأصول وراح يجوز ولاده لشوية بنات لا ليهم أصل ولا فصل..لتانى مرة أخويا بيكسرنى..ده انا لسة مسامحتوش عشان فرق ما بينا زمان..ييجى دلوقتى ويذلنى ويفضل على بنتى..بنت نوال الدادة..وبنت الملاجئ..كسر ضهرى بقولك
قال صديق:
قلتلك اهدى واحنا هنتصرف..الأمور متتاخدش بالعصبية دى..كدة مش هنعرف نفكر صح
زفرت علية قائلة:
مش قادرة ياصديق..هتجنن
قال صديق:
اسمعينى كويس..سيبيهم يفرحوا..سيبيهم يفتكروا انهم فازو وعاشوا بسعادة..وخلينا احنا نخططلهم ونضربهم ضربة تقضى عليهم..وبكدة نتتقم من راجى على كل حاجة عملها فينا زمان ودلوقتى
اقتربت منه قائلة بلهفة:
بجد ياصديق..هتبرد نارى منه ومن اولاده
ابتسم وهو يشدها من خصرها قائلا:
وحياة علية هتشوفيهم بيقعوا واحد ورا التانى ..وهبرد نارك وآخد بتارى من راجى ..بس بقولك ايه ما تيجى تبردى نارى أنا الأول وأهو بالمرة أظبطلك ضغطك اللى على ده
لم تستطع علية كتمان ضحكتها لتطلقها مجلجلة ليقول صديق بخبث:
إلعب
ازدادت ضحكاتها ليضمها اليه وفى عينيه ظهرت نظرة ساخرة لو رأتها علية لأدركت أنها أخطأت فى حق نفسها خطأ فادحا..وأنها ستدفع ثمن ذلك الخطأ غاليا..غاليا جدا
