رواية اختلاس مشروع الفصل الحادى عشر11بقلم نعمه حسن


 

💥إختلاس مشروع💥

الفصل  الحادي عشر 

بقلم  نعمه حسن،، 


إستقبلها بين أحضانه بشوق لم يكن يعلم مقداره سوي عندما إستقرت بين ذراعيه.. لفت ذراعيها حوله و تشبثت به كالذي وجد ضالته أخيراً. 


أمّا عنه.. فهو الآن في قمة سعادته.. لقد إشتاقها كثيراً و إشتاق إلي زمرد عيناها.. لم يكلف نفسه عبء تفسير ذلك الشعور.. فقط إستكان بين زراعيها حتي حمحم والده منبهاً إياهم ففك وثاق يديه من حولها و فعلت هي المثل في حرج بالغ. 


نظر تيم لوالده بإبتسامه فبادله والده الإبتسام و فتح زراعيه بدوره فأسرع تيم بإحتضانه بشوقٍ جارف.


ربت والده علي ظهره بحنو بالغ و قبّـل رأسه بعاطفه أبويـه تلقائيـه ثم قال: عامل إيه يا تيم؟! 


تيم بإبتسامه مشرقـه: الحمدلله يا بابا أنا زي الفل.. أمي عامله إيـه؟! 


_بخير و الحمد لله. 


_يا عـم واحشنـي يا عـم.. برز صوت "ماهر" بتلك الكلمات بشوق حقيقي.. فصافحه تيم بحراره و إحتضنه بشعور أخوة صادق فهمس ماهر في أذنيه ممازحاً: شبعت أحضان إنت ها؟! 


نظـر له تيم بتعجب و همّ أن يتحدث فقاطعه شقيقه تامر قائلاً: و أنا عاطف معاكوا هنا. 





ضحك تيم لمزاح شقيقه ثم جذبه محتضناً إياه بسعاده فقال تامر ممازحاً: إيه يا تيتو مشبعتش أحضان؟! 


هز تيم رأسه بيأس ثم قال متسائـلاً: البنات عاملين إيـه؟! 


أجاب تامر: كويسين الحمد لله.. تالا بعتالك الكتب دي و تالين بعتالك الشيكولاتة دي و أمي بعتالك السلام ههههههه. 




إنفجروا جميعهم ضاحكين فقال تيم: إنت ياض مفيش فايده فيك! دمك بارد. 


نظـر بجانبـه ناحيـة تلك التي تنظر أرضاً ثم قال بصوت منخفض: وحشتيني. 




رفعت زمرديتيها بقلبٍ مشتعل و أوصال مرتجفه و أدمعت عيناها فقال: خلاص يا ماريا ولا كأني قولت حاجه.. إنتي كويسه؟! 


أومأت بموافقه ثم سألته: إنت عامل إيه هنا؟! 


همّ بالرد فقاطعه سؤال والده: عامل إيه هنا يا تيم؟! 


تنهد بهدوء ثم قال: الحمد لله يا بابا. 


أردف والده بإستفهام: بتاكل كويس.. بتنام كويس؟! نفسيتك مرتاحه؟! 


أومأ تيم  في موافقه و قال: الحمد لله.. باكل كويس و بنام كويس و الدنيا ماشيه.. كويس إنكوا جبتولي كتب أضيع وقتي فيها. 


تحدث تامر قائلا: الباشمهندسه تالا كانت بتستغفلني و تخليني أديها مصروفي و تشتريلك بيه كتب. 




قال والده: ربنا يباركلها.. أهي بتصرفهم في حاجه مفيده.. بدل ما تسيبهوملك تشتري بيهم كلاب. 


قال ماهر: إنت لسه غاوي كلاب ياض يا تامر؟! 


أومأ تامر مؤكداً ثم قال: آااه.. و إسمها غاوي تربية كلاب مش غاوي كلاب.. المعني بيفرج يا بأف إنت. 


قاطعهم تيم موجهاً حديثهِ لـ ماهر قائلاً: إيه أخبار الشغل يا ماهر؟! 





أجاب ماهر بحزن: تمام يا صاحبـي.. ماشيه.. أهم حاجه إنت كويس؟! 


قال تيم بإبتسامه ناظراً نحو ماريا ثم ممرراً نظره نحوهم جميعاً: أنا بقيت كويس لما شوفتكوا.. و إطمّنوا كلكوا أنا بخير والله. 


نظر له والده في تردد إستشعره هو فقال: في حاجه عايز تقولها يا بابا؟! 


حوقل والده بصوت خفيف ثم قال: أيوة يا تيم.. إنت عارف يبني إن كل عطية ربنا خير و كل شيء نصيب كمان. 





أومأ تامر تيم بقلق و أردف: خير يا بابا؟! حد جراله حاجه.. أمي كويسه؟! 


طمئنه والده بـ إيماءه خفيفه و قال: متجلجش يبني كلنا بخير الحمدلله. 


قال تيم بنفاذ صبر: طيب يا بابا في إيه؟! 


نظر له والده بـ شفقـه ثم قال:حماك كان عندي إمبارح و بيجول كل شيء نصيب. 


بُهِتَ تيم مما سمع فظن والده أن صمته حزناً فقال محاولاً مواساته: معلش يبني بكرة ربنا يعوضك بالأحسن. 


تشدّق تيم بشرود: و أنا اللي كنت خايف أسيبها عشان مظلمهاش! يعني بقالي سنه بضغط علي نفسي و بحاول و يشاء ربنا إنه يحصل كده عشان أعرفها علي حقيقتها.. الحمد لله علي كل حال. 




تابع والده: متزعلش نفسك يا تيم كله مكتوب يا ولدي. 


أومأ تيم بموافقه و أردف: الحمد لله.. كويس إنها جت منها.. أنا كده إرتحت.. عالعموم يا بابا شوف إيه اللي هيتعمل عشان الطلاق و إعمله أنا موكلك كل حاجه. 





أومأ والده و قطع حديثهم صوت العسكري: الزيارة إنتهت. 


نهضوا جميعاً فصافح تيم والده و أخوه و صديقه ثم إستأذنهم قائلاً: لو سمحتوا دقيقه بس هقوللها حاجه. 


إبتعدوا بمسافه فوقف هو بمقابلها و قال: خلي بالك من نفسك يا ماريا.. ميعاد الدكتور بكرة لازم تروحي. 


قالت بصوت يملؤه البكاء: لا طبعاً مش هروح من غيرك. 


أمسك بكلتا يديها بين يديه و قال: لازم تروحي عشان خاطري يا ماريا.. لو مروحتيش هفضل قلقان عليكي طول الوقت.. لو خايفه تروحي لوحدك قولي لماهر ييجي معاكي. 





أومأت و قالت: حااضر هروح... أخرجت من حقيبتها مذكرة و قلم ثم أعطتهم له و قالت: خد دول خليهم معاك.. إكتبلي كل يوم رساله.. عشان لما آجي المرة الجاية آخدهم منك. 


إبتسم بحنان ثم قال: ماشي.. خلي بالك من نفسك و لو إحتاجتي اي حاجه كلمي ماهر و هو هيساعدك.. مع السلامه. 




صافحها بشده ضاغطاً علي يدها بيده ثم ودعها و إنصرف عائداً نحو زنزانته.


💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥

بعد مغادرة السجن قال والد تيم مخاطباً ماريا: إركبي يبنتي عشان نوصلك. 


قالت بأسلوب مهذب: شكرا لحضرتك أنا هركب تاكسي.


_لا.. تعالي و إحنا نوصلك. 


ركبت معهم السياره.. رن هاتفها و كان المتصل والدها فأجابت و علي شفتيها إبتسامة مستنكره لم تغفل عنها عين ذلك الذي يجلس بالأمام يطالعها بتفحص. 


_أيوة يا بابا؟!  .. أجابت بإقتضاب. 

=حبيبة بابا.. عامله إيه؟! 

_الحمد لله.. إنت كويس؟! 

=ما هو إنتي مبتسأليش يا وحشه. 

_معلش..قولت أسيبك مع المدام الجديده براحتك. 


قطب العمده حاجبيه و أنصت بتركيـز.. 


=لا يا بابا أنا مرتاحه مع تيته.. إنت عارف الجو عندك مش مريح بالنسبة ليا. 

_بس إنتي وحشتيني يا ماريا... قالها والدها بصدق فوصلها إحساسه صادقاً فقالت بصوت مختنق: و إنت كمان. 

=طيب مش هتيجي تشوفي بابا و تقعدي معايا يومين؟! 

_حاضر يا بابا بكرة هاجي. 

=مستنيكي يا حبيبتي.. مع السلامه. 

_سلام. 


تشدقت بالأخيره فنزلت من عينيها عَبرة وئدتها هي سريعاً.. ألقت نظرة خاطفه علي الأمام فإلتقطت عيناها زوج العيون المتفحصه التي حمحم صاحبها قائلاً: وصلنا يا آنسه.




شكرتهم كثيراً ثم غادرت و تركتهم ينظرون في أثرها فبادر تامر قائلاً: إيه ده عليا الطلاج إحنا ما عايشين! 


نظر له والده و قال بتوبيخ: ليه يا أستاذ تامر؟! أحب أفهم! 


قال تامر بحماس: تفهم إيه يا حج محمد؟! إنت مشوفتش إبن المحظوظة تيم كان لافحها إزاي؟! طول عمره نمس! 


عنّفه والده و قال: إتلهي.. ده حسابه معايا تجيل بس لما يخرج بالسلامة جليل الربايه ده. 




تدّخل ماهر قائلاً: لا مؤاخذه يا عمي يعني بس إنت مشوفتهاش جريت عليه إزاي و عبُطت فيه!... يبن المحظوظه يا تيم  ! 


زجره العمده قائلاً:  ايه ياض ما تسترچل كده و إنشف! 


قال ماهر متلعثماً: لا مؤاخذه يا حج..إتفضلوا بقا نطلع نتغدا سوا. 


رفض العمده قائلاً: لا يا سيدي ألف شكر.. كمل چميلك بس ووصلنا المطار يدوب نلحج الطيارة. 


فعل ماهر كما أمره والد تيم ثم عاد إلي منزله ففوجئ بـ سالي تنتظره أمام الباب.. لم يستطيع أن يخفي كم إشتاقها و لكنه حاول إرتداء قناع البرود فقال: أهلاً.. خير؟! وقعتي ولا الهوا رماكي؟! 





قالت بنبرة صوت حزينه مصطنعه:طيب هنتكلم علي السلم اللي رايح و جاي يسمعنا؟!


نظر لها بإستغراب و أردف: معندكيش مشاكل يعني ندخل جوا؟! 


_هو مينفعش طبعاً.. بس لازم أتكلم معاك!  


فتح الباب و أشار لها بالدخول فتصنعت التردد و دخلت علي إستحياء. 


جلست فجلس أمامها يتفحصها بنظرات شك فهمتها هي علي الفور فقالت: علي فكره اللي شوفته معايا ده يبقا أخويا فعلاً.. إخوات في الرضاعه. 




لم يندهش كثيراً فعلمت أن عليها الإمساك بزمامه بطريقة أخري فقالت: ماهر أنا بحبك.. أنا يومها إتخضيت لما شوفتك عشان كنت خايفه تبين قدامه إني أعرفك.. ده بيعتبرني زي إخواته البنات و بيغير عليا جداً. 


لم تحرك كلماتها ساكناً فعملت بالخطه البديله. 


قامت من مقعدها و جثت أمامه علي ركبيتها لتعطيه شعور الهيمنه و رفعت ناظريها لأعلي مقابل عينيه بحكم فارق الطول فجاءت نظراتها ضعيفه منكسرة و لكنها ذات مغزي. 





نظر لعينيها بتماسك فمدّت يدها و أمسكت بيديه في ترجي و أردفت: عشان خاطري متزعلش منى.. أنا بحبك يا ماهر و إنت عارف. 


خارت قواه فنظر لها نظرات إلتقطتها هي بأعين خبيرة فباغتته محتضنه إياه. 




تصلّب جسده و لم يبدي أي رد فعل فشددت هي من ضمه إليها و تصنعت البكاء فما كان منه إلا أن إحتضنها يعتصرها بداخله. 


إبتسمت هي إبتسامة إنتصار و نظرت بداخل عينيه و قالت: مسامحني! 


جاءت نبرتها ناعمه فأذابت قلبه و قال بضعف: أيوة مسامحك. 


ظلت ترسل له نظرات خبيثه محمومه و تابعت: بتحبني يا ماهر؟! 


قبض علي خصرها بقبضتيه و ضمها إليه في حاله من اللاوعي و قال: أوووي.. بحبك أوووي يا سالي. 




قاطعه رن هاتفها فإبتعدت عنه قائله: إيه ده أنا إتأخرت.. محمود إبن خالتي مستنيني تحت.. أنا قولتله إني هزور واحده صحبتي. 




قال بإستنكار: إيه ده؟! و إبن خالتك يستناكي ليه؟! إنتي هتروحي معاه! 


_بقولك أخويا في الرضاعه يا ماهر.. مالك؟! 


قبّل ماهر يديها بحب و قال: بغير عليكي يا سالي.. كويس إنه أخوكي عشان أجي أطلبك منه. 




أجابت بتلعثم: آه.. آن شاء الله.. هنزل أنا بقا.. ثم طبعت علي وجنته قبله خاطفه و غادرت سريعاً. 


ظل هو يتحسس مكان قبلتها مبتسماً و قال: يبنت المجانين! 


💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥

أأشرقت شمس يومٍ جديد؟!.. إذن. 

لك أن تصنع فيه المعجزات و لك أن تجلس تبكي علي ما فات.. لك أن تجعله يوماً لا ينسي و لك أن تتركه يسلب منك ما تبقي و يمضي..كلٌ بيمينك.





قامت من فراشها بإبتسامه..تريد أن تفتح ذراعيها للشمس و العصافير و رائحة قطرات الندي..لقد رأته في منامها يحتجزها بين أضلعه و كم راقها ذلك الدفء الذي إستشعرته و الحنان التي إختلسته من بين يديه إختلاساً مشروعاً.





ذهبت و توضأت و أحضرت ثوب الصلاه الذي إبتاعته مؤخراً ووقفت تناجي ربها.


_يااارب..إحفظه و رجعهولي بالسلامة.. يااارب أنا مقدرش أستغني عنه ولا هقدر أكمل من غيره.. يارب سامحني و إشفيني.. و خرجني من اللي أنا فيه ده علي خير. 




تسابقت دموعها علي خديها فأحسّت بصفاء روحها و أدت فريضتها بسلام نفسي.


بعد أن فرغت من صلاتها أبدلت ثيابها و نزلت متخذه طريقها نحو الطبيب النفسي. 


💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥


داخل عيادة الطبيب... 


_أهلا يا آنسه ماريا.. أومال تيم مجاش معاكي ليه النهارده؟! 


أجابت بحزن چم: تيم في السجن. 


إتسعت عينا الطبيب و ردد بصدمه: في السجن!! 


قصّت ماريا للطبيب ما حدث بدايةً من يوم الحفله و حتي يوم أمس و زيارتها لتيم في السجن. 




الطبيب بدهشه و حزن: والله مش مصدق.. يعني تيم كبر في نظري جدا إنه يفضّلك علي نفسه و يساعدك بالرغم من إنه كان عارف إنه هيتأذي.. طيب و هو عامل إيه؟! إزاي تقبـل الوضع و إجتاز الفتره الأولي دي؟؛ 


اجابت بضيق: الحقيقه مكانش في فرصه أبدأ إننا نتكلم.. كان معانا ناس. 


ثم نظرت للطبيب و إبتسمت بحالميه قائله: قاللي وحشتيني! 


تأكدت ظنون الطبيب فسألها: كان واحشك؟! 


_جداااا.. كنت ضايعه و ملقيتش نفسي غير لما خدني في حضنه.. حضنه حنين أوي.. لما خرجت من حضنه كنت هعيط زي العيال الصغيره بس مسكت نفسي. 


=بتحبيه؟! 


فاجئها سؤال الطبيب فنظرت له بتردد ثم أجابت: من أول مره شوفته حسيت إنه هياخد بإيدي و فعلاً حصل.. بس مش عارفه ده حب ولا إحتياج. 


=متستعجليش علي الإجابه..بس لما توصلي لإجابة سؤالك متضيعيش وقت لازم تعترفي لنفسك أولاً..و بعدها ليه..زي ما قولتلك انتي من حقك تطالبي بحقك في أي علاقه انتي طرف فيها.


شكرته و إنصرفت مغادرة نحو منزل جدتها.


دخلت و أغلقت الباب خلفها و نادت علي جدتها كالعاده فلم تجيب..كررت نداؤها فلم تجيب..دخلت غرفتها و صُعقت لما رأت فصرخت بصوت هز أركان المنزل.


               الفصل الثانى عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



<>