لا تتحدي الصقرج٢
الفصل التاسع عشر
لم يستطع تمالك نفسه والوقوف هكذا فهتف بحدة_
استنى عندك انت ازاي تدخل هنا من غير استأذان.
لم يهتم له هانى ووجه حديثه لياسمينا مستطردا باستنكار_ده اللي بعتيني علشانه، ياسو انا انتظرتك طول الفترة دى كلها
ياسمينا بخفوت_ايام سو سورى الموضوع مش زي ما انت فاهم .
_اومال ايه؟ كده تبيعيني يا ياسو؟
اشتعل الصقر غضبا من تجاهل هاني له فهتف _انت يا اخينا مش بكلمك ؟
هاني بعدم اهتمام للصقر_استني انت على جنب شويه كلامى مع ياسمينا .
فتح الصقر فمه من وقاحة ذلك الاحمق ،فما كان من الصقر الا أن لكمه بقوة ،اوقعه بحمام السباحة
فصرخت ياسمينا بدهشة من فعلته ليلتفت اليها بغضب_وانتي لسه واقفة عندك بتعملى إيه؟
لم تعرف ياسمينا ما تقوله وظلت تنظر لهاني في الماء_ها..
ليصيح بها الصقر _انا بكلمك يا متخلفة انتي ،ليه ممشيتيش اول ما عرفتي أن في راجل غريب جاي .
لم تنتبه ياسمينا بأن الصقر أهانها للتو لانها كانت منشغلة بذلك الذي سقط في الماء_صقر ده الظاهر هاني مش بيعرف يعوم
لم يكترث له الصقر وهدر بها_ردي على كلامي
أجابته بضجر_عادي ياصقر وفيها ايه؟
زفر بغيظ من لا مبالاتها بأي شىء _انتى عايزة تجننينى هو انتى كله عندك عادى كده فاتحاها على البحرى الكل متاح له يتفرج!!
استنكرت هي حديثه المهين لها فرددت بغضب_انت بتقول ايه صقر ؟
هدر بها بحدة أخافتها فعادت للخلف خطوتين_امشى من قدامى دلوقتى بدل ما ارتكب فيكى جريمة !!
انشغلت ياسمينا بذلك الذي يجاهد في انقاذ نفسه من الغرق_صقر هاني بيغرق بجد.
لوي فمه بتهكم_ان شاء الله يموت ياشيخة ،انتى شكلك عايزة تحصليه ،اتنيلى اطلعي البسى حاجه يخربيت كده .
هتفت مشيرة لحوض السباحة_طب وهاني اللي هيغرق ده؟
فاض به الكيل فصرخ بها_يقطع هاني وسنين هاني، اقسم بالله لو ما مشتيتى لأكون مكسر دماغك
فما كانت من ياسمينا الا أن رحلت خائفة من هيئته الغاضبة
زفر بضيق ونظر للحوض ليجد هاني فعلا على وشك الغرق فعلا...
فقالت بضجر- يخربيتك ده انت بتغرق بجد
فمال كان من الصقر الا انه أزال عنه قميصه وقفز في الماء ليلحق بذلك الاحمق الذي لا يعرف السباحة وبالفعل وصل اليه وأخرجه من الماء ومن ثم وضعه على ظهره ليجده فاقدا للوعي, فتعجب الصقر أكانت لكمته قوية الى هذا الحد؟
بدأ صقر يتفقد هاني ويتحسس نبضه, ليجده يتنفس فحمد الله انه بخير فعلى ما يبدو انه فقط أصيب بالفزع لانه لا يعرف السباحة
لذا وضعه على وضع الإفاقة (وضع الفم لأسفل والذقن لأعلى )لتفريغ السوائل التي يكون قد ابتلعها, فبدأ هاني يسعل عدة مرات, فتنفس الصقر براحة .
---------
كانت قد صعدت الى غرفتها لتبدل ملابسها لكنها كانت خائفة على هاني, لذا نظرت من شرفة غرفتها لتجد الصقر يقوم بمساعدتة فاستغربت فعلته, كيف يلقيه بنفسه في الماء ومن
ثم يقوم بإنقاذه, اعجبت بصنيعه فعلى ما يبدو أن الصقر مُلما بالإسعافات الاولية للغريق, كما أنه بدا سباحا بارعًا وبجسد رياضي قوي, تنهدت براحة هي الأخرى ودلفت للداخل كي ترتدي ملابسها.
------
وعندما فاق هاني واعتدل في جلسه, نظر للصقر بضيق وغضب وقال بنزق- انت ازاي تعمل اللي عملته ده, انت مش عارف انا مين؟, انا هوديك في ستين داهية.
رمقه الصقر ببرود ولا مبالاة وقال وهو ينتصب واقفا ويرتدي قمصيه مرة أخرى كي يغادر - اعمل اللي انت عايزه.
وقف هاني أمامه قائلا بغضب وغرور –يعني مش خايف من اللي ممكن اعمله فيك, انا ممكن ادخلك السجن وساعتها هتتحايل عليا اني اخرجك.
ضحك الصقر على حديث ذلك المعتوه المتكبر وقال باستنكار- يااه وهتحايل عليك تخرجني, كمان؟
دفشه الصقر في صدره بضجر – روح العب بعيد يا شاطر, انت لسه متعرفنيش كويس.
فما كان من هاني الا ازداد غضبا ونرفزة وقال- لا انت زودتها اوي مش كفاية اخدت مني حبيبتي والله ما ههنيك عليها أبدا, ياسو بتاعتي انا وبس وهنشوف يا بتاع انت .
ثم التفت يبحث عن ياسمينا وينادي عليها هاتفا- ياسو, ياسمينا حبيبتي!!!!
رفع الصقر حاجبيه من قلة تهذيب ذلك المتغطرس –لا ده انت الظاهر حلال فيك الغرق.
فما كان من الصقر الا ان لكمه لكمة أكثر قوة من سابقتها ليسقط هاني صارخا بفزع في الماء
ليرمقه الصقر بحدة- ده علشان تتأدب وتعرف تتكلم كويس و أبقى أشوف حد يطلعك.
مشى الصقر الى غرفته حانقا من هؤلاء أشباه الرجال, فهو لم يصادفه نوعا كهذا من قبل, رفع هاتفه الى اذنه يتحدث الى ذكي بغضب– ايوة يا ذكي بيه, هو اى حد غريب عادي بيدخل عندكم الفيلا كده بدون استئذاان؟
لم يفهم ذكي مقصده- في ايه ياصقر, مش فاهم؟
الصقر- لا ولا حاجة كلم حد من الحرس اللي برا يجوا يخرجوا الدغوف اللي في البسين ده قبل ما يغرق, سلام.
ضيق ذكي حاجبيه باستغراب- في البسين؟؟.... مصيبة ليكون هاني!!
كان ذكي قد وصل لبوابة الفيلا وهو يحادث الصقر في الهاتف, فاستدعي أحد الحراس في الحال وتوجهوا نحو البسين لينظرا ما الأمر.
ارتدت ملابسها وذهبت إلى أبيها تبحث عنه حتى وجدته في طريقه إلى غرفته فقالت- بابي... هو حضرتك نزلت البسين؟
نظر الصقر لبنطاله الذي اصابه البلل وقال ضيق - اه تقريبا كده .
هتفت هي ببراءة – بابي...يحيى وحشني أوي... ايه رأيك نتغدى ونروحله؟
أعجبت هذه الفكرة الصقر فهو يريد الابتعاد عن ذلك المكان الذي سيصيبه بالجنون – فكرة يا مودي... تعالى نروح نتغدى معاهم هناك.
قفزت مودي من الفرحة- يس دادي ..يلا بينا
هاتف صقر صديقه بلال يخبره بشأن قدومه اليهم... وبالفعل بّدل الصقر ملابسه وتوجه الى بيت صديق عمره بلال.
----------------
أمر ذكي بإخراج هاني من الماء وبعد عدة محاولات لإفاقته , فاق هاني أخيرا وقال غاضبا وهو يجفف جسده – والله ما هسيبه المتخلف ده, ده كان قاصد يموتني
تحدث ذكي باستياء- هاني ممكن اعرف انت بتعمل ايه هنا في البسين اصلا؟
هاني بحب- كنت جاي لياسو حبي
ذكي- طبعا وانت قلت الكلام ده قدام صقر؟
هاني بغباء- صقر مين!
ذكي بغيظ- صقر ده جوز ياسمينا يا هاني, اللى انت بتقول عليها حببيبتك؟
اتسعت عيني هاني بدهشة – ده جوزها؟
هز ذكي رأسه باستياء- اه ودلوقتي حضرتك هببت الدنيا , انت تحمد ربنا انه مخلصش عليك, والموضوع عدى على خير .
هتفت هاني باستنكار لغضب الصقر- يخلص عليا ليه؟ ايه الانسان البيئة ده ...ذكي بيه أنا همشي وليا كلام تاني مع ياسو.
أشار له ذكي لأن يرحل واستغرب انه كان موافقا في يوم من الايام على شخص كهذا ليكون زوجا لابنته فشتان بينه وبين رجولة الصقر, فعلى الرغم من انه يعلم تمام العلم ان الصقر لا
يطيق ابنته ياسمينا الا انه بدا محافظا جدا عليها , وليس ديوثا يسمح بانتهاك حرمات البيت, وتمني أن يلين قلبه ويحب ابنته يوما
-----------------
في الاعلى وبينما كانت ياسمينا تتهيأ للنزول وتناول الغداء مع والدها وابنتها وتتمنى الا يكون الصقر بالجوار’ جاءها اتصال من صديقتها سلمى
-هاي سلمي... هو ار يو
-كويسة يا ياسو اخبارك ايه واخبار مودي حبيبتي ايه؟
تنهدت ياسمينا بضجر وقلة حيلة- ايام فاين سو فار (أنا كويسة لحد دلوقتي) وجود الصقر معانا هنا في الفيلا هيخليني اتعقد قريب.
ضحكت سلمى وقالت وهي تتذكر مودة وحبها للصقر وحديثها عنه بكل خير –استاذ صقر انسان محترم جدا والله, حاولي انتي بس متثيريش غضبه والدنيا عندك هتمشي
زمت ياسمينا شفتيها – يا بنتي ده انسان متزمت جدا وبيعلق على حاجات هايفه وعادية اوى, ده شكله بيتحجج
نفت سلمى ما قالته ياسمينا- لا يا ياسو, المشكلة بس ان كل منكم اتربى في بيئة مختلفة عن التاني, الحاجات اللى انتى شايفاها هايفة وعادي دي, دي في الشرع كبيرة اوي, مشكلتك انك للأسف مش عارفاها.
ياسو- والعمل سلمى انا كده هتخنق مش هتحمل كتير
فكرت سلمى في حل فرأت انها لابد ان تجلس معها وتعلمها امور دينها بهدوء وحكمة وموعظة حسنة قال تعالى ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسن)- ايه رايك نتقابل قريب ونتكلم مع بعض شوية ؟
ياسو- اوك سلمى مفيش مانع.
سلمى – تمام... المهم ياسو انا كنت بكلمك علشان اقولك خطوبتى بكرا وطبعا انتي هتيجي انتي ومودي مفيش كلام.
فرحت ياسمينا لأجل سلمى وهتفت بسعادة- يس زاتس اجود نيوز ( ايه الاخبار الحلوة دي) مبروووك يا روحي
سلمى بفرحة – الله يبارك فيكي حبيبتي . منتظراكي بكرة بالليل ها؟
ياسمينا- أوك أي ويل كام فور يو ( اكيد انها هاجي علشانك)
سلمى- حبيبتي متحرمش منك.... بوسيلي مودي لحد ما اشوفها بكرة بإذن الله .
--------------------
وصلا الى بيت بلال, ليفتح لهما يحيى الذي كان بانتظارهما الباب وبمجرد ان رأى يحيى مودي حتى تعانقا بفرحة لرؤيتهما بعضهما البعض ومن ثم دخلا سريعا الى الداخل ليريها يحيى العابه الجديدة التي جلبها له والده لانه يحسن التصرف دائما.
ليتبادل كل من الصقر وبلال النظرات بدهشة من تصرف الصغيران
فقال الصقر بمزاح- استلم يا ابني شوف ابنك.. انا لولا اني انا اللي مربيه وعارفه كويس, كنته علقته من قفاه دلوقتي.
لم يتمالك بلال نفسه من الضحك وقال مازحا- كده يا بني عيني عينك وقدام ابوها ..فضحتنا الله يكسفك,
ومن ثم عانق هو صديقه بحرارة- وحشتنى يا وحش ... نورت بيتك
ربت الصقر على ظهر صديقه- وانت كمان يا بلال.
رفع الصقر رأسه ليسأله بجدية- ها مفيش أخبار؟
هز بلال رأسه بالنفي – لا للااااسف مفيش عنهم لا حس ولا خبر
مسح الصقر شعر رأسه بغضب- وبعدين بقا .. ما انا هجيبهم يعني هجيبهم.
دعاه بلال للدخول – طب ادخل بس يا صقر واهدى كده وبإذن الله رجالتنا هيلاقوهم هيروحوا فين يعني .
جلس صقر محاولا تهدئة نفسه وسأل بلال عن ابنة عمه- مريم اخبارها ايه يابلال؟
جاءت هي بابتسامة خفيفة على وجهها –انا كويسة يا ابيه صقر.. حضرتك عامل ايه
اجابها صقر بحب أخوي – انا بخير طول ما انتم بخير يا مريم .. انتم الحاجة اللي مخلياني واقف على رجلي لحد دلوقتي
مريم بحزن فهي تعلم مدى الحزن الذي في قلبه- ربنا يخليك لينا يا ابيه يارب .. هروح اجهز الاكل علشان نتغدى
صقر- معلش يا مريم جينا متطفلين عليكم النهاردة .. هنتعبكم معانا
لينظر له بلال بضيق – انت بتقول ايه يا اخينا .. البيت بيتك في أي وقت .. معقوله ياصقر هتعمل فرق بينا
ابتسم له الصقر – ربنا يباركلي فيك يا صاحبي..
ثم نظر لمريم – ها يا مريم هتأكلينا ايه النهاردة... انا على اخري وعايز اطلع همي في الاكل
ابتسمت له مريم- بعيد الشر عن حضرتك يا ابيه... انا عاملة طاجن بامية هيعجبك جدا
تصنم الصقر للحظات- بامية .. ياااه أنا نفسي فيها اوي ...
ثم اردف بحزن وصوت مختنق- الطبق ده كان المفضل عندي علشان مودة كانت بتحبه جدا...
اغمض عينيه هنيهة ثم اردف بصوت متحشرج- الله يرحمها... قالها وهو يخفض رأسه بألم مختنق
جلست مريم محلها ونظرت لزوجها بحزن لأنها ذكرت الصقر بمودة .. عم الصمت للحظات ولم يخرجهم منه إلا قدوم مودي ويحيى يتبرمان جائعين- ماما احنا جعنا اوي
مودي- انطي مريم .. انا جعت جداا
لاحظ كل من يحيى ومودي الحزن البادي على وجه الصقر فذهبا اليه
يحيى- بابا صقر ملك مين زعلك؟
مودي وهي ترفع رأس أبيها لتجعله ينظر اليها- بابي حبيبي انت ليه زعلان ؟
حاول الصقر ان يبتسم في وجهيهما – لا ابدا مفيش حاجة. وضمهم اليه محاولا اضفاء جو من المرح وتناسي حزنه الذي لن يبرأ حتي بمرور الزمن.
ونظر الى مريم التي لاحظ حزنها وقال مبتسما- ايه يا مريم هننتظر كتير ولا ايه ؟
حاولت مريم ان تتظاهر بالابتسامة هي الأخرى- لا حالا هيكون جاهز
---------------------
لم تستطع ان تتذوق الطعام ولا حتى ان تستسيغه في فهما فما سمعته من ولدها قد عكر مزاجها وحطم آخر خيط تتشبث به للتماسك , فذهبت الي غرفتها تبكي بحرقة ووقفت بين دي الله
تناجيه ان يعيد اليها زوجها فحبال التماسك لديها على وشك ان تفلتها وتلقي بها في ظلمات الحزن واليأس وقد يصل الأمر بها الى الانهيار التام – يارب رجعلي زوجي وقرة عيني يارب في أقرب وقت طال الانتظار ومبقتش قادرة اتحمل اكتر من
كده .. يارب انت العالم بحالي ..انقذ ابني من بين ايدين أبي يارب.. ابني لو فضل اكتر من كده مع جده هيضيع ... يارب انت تعلم انه لا حول ولا قوة لي ..فادعوك بحولك وقوتك ان تنقذني وابني مما انا فيه ..يارب..يارب
----------
أخذ نفسا عميقا من السجائر التي في فمه ومن ثم نفث دخانا كثيرا وهو يقول لصاحبه بنظرة تحمل الكثير من الخبث- استعد الأوامر جتلنا اننا نتحرك
زفر الاخير براحة وسعادة وهو يقول- أخيرا ياجمال هنخرج بقا من القمقم اللي احنا عايشين فيه ده
اجابه جمال بغيظ- نعمل ايه الحكومة كانت عينيها علينا طول السنين دي .. والحمد لله اخيرا بدأت تنسى أمرنا خلينا نرجع بقا نعيش تاني ... دي العيشة الحلال دي تقصف العمر
اجابه بفرحة – ياااه أخيرا هنرجع لعملياتنا من تاني.. انا متشوق اوي ... هنرجع الصعيد!!
هز جمال رأسه بالايجاب- ايوه الكبير منتظرنا هناك... هو كمان كانت عليه العين واخيرا انزاحت .. بس كان بيشتغل على بسيط كده .. وهندخل بقا في الجد .
بدير وهو يطفىء نيران سجائره – تمام.. يلا نجهز نفسنا للانطلاق
بادله جمال الابتسامة – يلا
----
أثناء تناول عادل العشاء مع أخته وأمه ويتحدثان في ترتيبات الخطبة غدا وبعد ان انهوا شراء الشبكة الخاصة بسلمى .
قالت أمه بتذكر- صحيح يا عادل انت عزمت أستاذ صقر على خطوبتك بكرا؟
ضرب عادل بيده على جبهته فلقد نسى تمام- صدقي يا ماما انا نسيت تماما الاستاذ صقر
امه- اختك اللي فكرتنى الصبح وانا نسيت اقولك, ملحوقة كلمه دلوقتي لسه بدري .. الأستاذ صقر خيره علينا وعمره ما نسي أميرة وسلمى ابدا
هز عادل رأسه مؤكدا- صحيح يا ماما.. أنا هكلمه حالا
---------------
في المساء وبعد ان قضى الصقر مع ابنته اليوم باكمله ببيت بلال فهنا يجد راحته اما في الفيلا فقد كان يشعر بالاختناق ولا يدري سببه
انتظرت ياسمينا ابنتها طويلا كي تخرجان معا للتسوق من أجل حفلة سلمى بالغد , لكن الصقر لم يعد بها حتى الان فطلبت من والدها ان يهاتفه الا انه طلب منها هي ان تهاتفه بنفسها واعطاها رقم هاتف الصقر متعللا بأنه مشغول وما هو كذلك هو يريد ان يقرب بينهما باي حال من الاحوال
زفرت ياسمينا بضيق وهاتفت الصقر مضطرة .
انتبه الصقر الى رنين هاتفه فضغط زر الاجابة- السلام عليكم.. مين؟
تحشرج صوتها وقالت بارتباك فهي خائفة منه – انا ياسمينا يا صقر.
امتعض وجه الصقر وقال بتجهم- خير عايزة ايه؟ متقلقيش مودي مش هخطفها يعني دي بنتي
هتفت بضيق- انا مقلتش كده.. انا بس انتظرتها علشان نخرج نتسوق بس انت اتأخرت .. ممكن من فضلك تجيبها دلوقتي علشان أخرج انا وهيا
نظر الصقر في ساعة يده ليجدها شارفت على الحادية عشرة مساءا فضيق حاجبيه وقال بتعجب- تخرجي دلوقتي؟
اجابت بلا مبالاة- واي نوت ؟ عادي انا متعودة على كده
لوى فمه بامتعاض فهو يعرف الفتيات جيدا اذا ذهبن للتسوق فسيقضون العديد من الساعات لابتياع ما يعجبهن وعلى هذا الحال فياسمينا لن تعود بابنته الا وقت اذان الفجر - لا الكلام ده ميمشيش معايا ... مفيش خروج خلاص النهاردة
هتفت هي بغضب- وات دو ساي صقر (انت يتقول ايه)؟
اجابها ببرود – ده اللي عندي.. سلام
حاولت ان تستوقفه – صقر ... وايت وايت( استنى استنى)
لكن الصقر كان قد انهي المكالمة .
فهتفت بغيظ- اوف هيه ايز سو اسيوبد ( أوف غبي)
شاهد ذكي ابنته تشتعل غضبا ..فعلم ان المحادثة لم تكن على هواها.. فتنهد بيأس فالمسافة بين الصقر وياسمينا تحتاج لآلاف الأميال كي تقطع ليصل كل منهما الى قلب الاخر لكنه سيحاول جاهدا على التقريب بينهما .
-----------
في هذه الاثناء جاء للصقر مهاتفة اخرى من عادل
عادل بحرج- السلام عليكم ..ازي حضرتك يا استاذ صقر .. انا اسف اني بكلمك في وقت متاخر زي ده
صقر بترحاب شديد- اهلا ياعادل .. عادي يا ابني ولا يهمك... عامل ايه وازي الحاج والحاجة والبنات؟
عادل – الحمد لله كلنا كويسين وبيسلموا عليك
صقر- بلغ سلامي للجميع
عادل – يوصل باذن الله .. انا كنت بكلمك علشان اعزمك على خطوبتى انا وسلمى بنت خالي
سعد الصقر بهذا الخبر السعيد- الف الف مباارك يا عادل ربنا يتمم لكم على خير ..عقبال اميرة هيه كمان
عادل بحبور – الله يبارك فيك يا استاذ صقر. منتظر حضرتك بكرة انت ودكتور بلال..سلمى كلمت مدام مريم وعزمتها .
صقر- تمام يا عادل.. اكيد هنيجي ان شاء الله
عادل- تنوروا بإذن الله
--------------------
في اليوم التالي
اصطحبت ياسمينا "مودي" لمركز التسوق وابتاعت لها ولابنتها فستانين رأتها مناسبة لتلك المناسبة, وابتاعت هدية من اجل سلمى .
في المساء استعد الصقر ليذهب بصحبة بلال ومريم وابنته ويحيى لبيت عادل, ولم يهتم بأمر ياسمينا وكيف ستذهب الى هناك.
استغل ذكي تلك الفرصة وطلب من الصقر ايصال ياسمينا معه بم ان وجهتهم واحدة .
أصيب الصقر بالضيق لكنه لم يستطع الرفض – ماشي انا منتظرها انا ومودي في الحديقة برا .
ما ان علمت ياسمينا بشأن ايصال الصقر لها حتى ثارت هي الاخرى- دادي ليه طلبت منه انه يوصلني انا اعرف أروح لوحدي مش محتاجة مساعدته.
لم يستطع ذكي ان يقول لها انه هو من خطط لهذا من اجل تقريبهما من بعضهما البعض فقال- معلش يابنتي علشان خاطر مودي .
زفرت ياسمينا- اوف دادي..اوك انا نازلة
استوقفها أبيها مشيرا الى ملابسها – استني ياسو انتى هتنزلي كدا؟
نظرت ياسمينا الى والدها بملل وقالت – ايه هيعلق بردو على لبسي؟ ماله الفستان ماهو طويل اهو, دي حاجة تقرف
ذكي باستياء- ياسو الفستان مكشوف اوي يابنتى .
هزت ياسمينا أرجلها بغضب- دادي ... انت عمرك ما علقت على لبسي.. وبعدين دي حفلة ازاي يعني مش هلبس سواريه.
ذكي بندم – كنت مغيب يا ياسو ودلوقتي بس عرفت اني كنت غلطان
حركت ياسمينا شعرها بضجر وعند- نو دادي انا هنزل كده ومش هبدل الفستان
حاول والدها تحذيرها بألا تهبط لأسفل بهذا الشكل _ياسو اسمعي الكلام
لكن ياسمينا أصرت على أن تفعل ما تريده وتذهب للحفل كما تحب وهبطت للأسفل دون اكتراث لتحذيرات والدها .
جلس في سيارته يطرق على المقود بضجر من الانتظار،الى أن هتفت مودي مشيرة الى امها_بابي، مامي نزلت اهي!!
نظر الصقر إلى حيث تشير مودي التي تجلس جواره فأتسعت أعينه من الصدمة وقال بعدم تصديق_ يخربيتك انتى عاملة في نفسك كده ليه؟؟
خرج من السيارة مسرعا يهدر بغضب_اوعي تفكري أن هتيجي معانا بمنظرك ده
نظرت الى هيئتها بادعاء عدم الفهم_ماله شكلي.. سو بيوتيفول مش كده
ليصيح هو_زفت ..اللي انتي لابساة زفت ..انا مش حذرتك انك تخرجي وجزء من جسمك باين؟؟
كانت ياسمينا ترتدي فستانا بدون اكمام من اللون الأبيض المطعم بأحجار كريمة من اللون الاسود ،كان مزهلا عليها لكن طبعا لا ينبغي لها الخروج بهذا الشكل أمام أحد غير محارمها.
أجابت بهدوء و بلا مبالاة وهي تتوجه نحو السيارة _ والله براحتي أعمل اللي أنا عايزاه، قلتلك مليون مرة انت مش هتتحكم فيا ياصقر
أمسكها من ذراعها بحدة ليجعلها تستدير له وقال وهو يكز على أسنانه يكظم غيظه_إقصري الشر وإطلعي البسي حاجة زي الناس.. مودي بتبص علينا وانا مش عايزها تزعل لو شافتني بمد إيدي عليكي .
هتفت بحنق _طيب فكر تمد ايدك عليا تاني ياصقر .اذا كنت سكت في أول مرة أنا مش هسكت تاني
اقترب الصقر من السيارة وطرق عليها بقبضته بغضب عارم ثم التفت اليها_اسمعي يابنت الناس الكلام .. أنا ماسك نفسي بالعافية.. ده ايه الغلب ده ..استغفر الله العظيم.
ابتسمت ياسمينا عندما رأت الصقر غاضبا الى هذا الحد وأنها استطاعت استفزازه رغم خوفها منه وهو على هذه الحالة لكنها تحلت بالشجاعة وقالت_يلا افتحلي باب العربية...اسمع انك جنتيل مان بس مش شايفة ده
شمر هو أكمام قميصه الابيض وقال وهو ينظر لها بجدية وغضب شديد وأدعى أنه يستعد لضربها_لا مبدهاش..طالما الزوق مش نافع معاكي
إرتدت هي للخلف عدة خطوات وقالت بنبرة خائفة _إنت هتعمل ايه؟
لم يحد نظراته عنها وقال وهو يقترب منها ،مشمرا عن ساعديه_ولا حاجة علقة تفوت ولا حد يموت.
ازدرت ريقها برعب حقيقي فعلى ما يبدو أنه لا يمزح فقالت _وايت صقر.. طيب ألبس ايه.. ده اللي اشتريته الصبح ومش هلحق اشتري غيره
هتفت بضجر_البسي أي حاجة تداري جسمك اخلصي مش هنتظر كتير
ركلت الارض بقدميها وقالت بتبرم_اوك..وايت اي ويل بي باك( استنى هرجع تانى).
ابتسم هو بسخرية عندما رآها تعود أدراجها للداخل لتبدل ملابسها المكشوفة تلك وعلم أن اسلوب التخويف ذاك هو الذي يؤتي ثماره وعليه أن يتبعه دائما.
بعد دقائق عادت ياسمينا وهي ترتدي نفس الفستان ولكنها تضع شالا أسودا شفافا الى حد ما على كتفيها وقالت بابتسامة _ها كده كويس
نظر لها ولأول مرة يراها حقا ملكة جمال كما قالت مريم ، لكنه هز رأسه بغضب ونفض عنه تلك الفكرة، فمهما كان سيظل مخلصا لحبيبته إلى أن يموت ويجتمع بها في الجنة لذا قال بضيق_ ده اللي قدرتي عليه
رفعت هي أصبعها أمامه_ أنا مش هبدله تاني خلاص، كفايا الاوت فيت بتاعي باظ بسببك
استغرب كلمتها التي لم يفهمها فقال باستياء _ اركبي اركبي،انتي لسه هتبرطمي... أنا عملت إيه وحش في حياتي علشان ابتلى بمصيبة زي دى
رفعت إحدي حاجبيها فهي سمعته يقول شيىا لكنها لم تفهمه_بتقول حاجة!!
صعد الصقر مكانه أمام مقود القيادة_لا اركبي، مريم في انتظارنا اتأخرنا عليهم
_اوك اوك
_______
في الحفل
كانت الاجواء جميلة وهادئة ،سعدت بها ياسمينا كثيرا ، فرغم بساطة الحفل مقارنة بالحفلات الصاغبة التي تحضرها ياسمينا الا انها كانت سعيدة بهذا الحفل جدا واحست براحة كبيرة عنه عندما تكون في الحفلات الاخرى
قدمت هديتها لسلمى وتمنت لها السعادة
وكذلك مريم قدمت لها هديتها أيضا والتي ابتاعتها من اجلها
أما الصقر فقد ارسل هديته اليها عن طريق ابنته ،فاقتربت مودي من سلمى ببراءه_بابي، جايب لحضرتك الهدية دي وبيقول ان مودة كانت بتتمنى تقدمها لحضرتك في خطوبتك
أجفل الجميع بحزن عندما سمعن كلمات مودي وأشفقن على الصقر ..فهو افتقد إنسانة رائعة لن يكررها الزمن مرتين
أمسكت مودي بطرف ثوب أمها_مامي.. مين مودة دى ..يقصدنى أنا..
نظرت ياسمينا إلى الفتيات يتبادلن النظرات فماذا ستجيب ياسمينا على ابنتها فاضطرت أن تقول_اه يا مودي
مودي_اوك مامي، هروح العب مع يحيى
فتحت سلمى ذلك المظروف بأعين دامعة حزنا واشتياقا لصديقتها ،وكذلك كانت أميرة ومريم تنظرن لتلك الهدية بلوعة كبيرة و يتمنين لو أن تكون صاحبتها موجودة معهم لتكتمل فرحتهن
لتجد سلمى اطارا جميلا يبدو أن مودة قد حاكته خصيصا من اجل سلمى لمناسبة خطبتها واكتفت باسم سلمى فقط فهي لم تكن تعلم من هو خاطبها أثناء إعداده إياه ،فمودة أعدت ايضا
لأميرة مثله وكانت قد اطلعت الصقر عليهم ليقول رأيه في صنيعها واخبرته أنها ستهادي بهما صديقتيها في حفل خطبتهما، لكنها لم تعش لترى ذلك اليوم لذا اراد للصقر أن يحقق امنيتها ويهاديها الى صديقتها .
___
استغرب عادل تأخر قدوم صديقه أسامة فهو كان معه في الصباح وأكد عليه أنه سيحضر مساءا..ليكون جواره ولكي يجلس مع أميرة ليتحدثا قليلا.. لكنه لم يأتي الى الان ، هاتفه
عدة مرات لكن هاتفه المحمول خارج الخدمة ..فاضطر لأن ينهي اجراءات الحفل ويعطى لأخته لتبلس سلمى شبكتها والتى هي عبارة عن خاتمين رقيقين من اختيار سلمى و أميرة
لتنطلق الام بزغاريد فرحة بتلك المناسبة المنشودة
كان عادل سعيدا جدا فأخيرا خطب من أختارها قلبه لتكون شريكة حياته، لكنه كان قلقلا للغاية على صديقه الذي تخلف عن تلك المناسبة الهامة وخشى أن يكون قد أصابه مكروه.
___
انتهى الحفل واستأذن الصقر ومن معه للمغادرة
وفي أثناء قيادة الصقر للعودة للمنزل
جاء اتصال لبلال ليخبره أنهم رأوا جمال وبدير بالصعيد لكنهم اختفوا عن ناظريهم فلم يستطيعا معرفة مكانهما تحديدا
سعد الصقر بهذه الاخبار وقرر أن يذهب بنفسه الى هناك في الغد فقال بصوت أشبه برائحة الموت_أنا رايحلهم بنفسي هناك يا بلال........
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
