لا تتحدي الصقر
الفصل السادس عشر
بارت طويل ياكش تحبوني💖
____
وقفت أمام المرآة تمشط شعرها الأسود ومن ثم تضع مساحيق التجميل على وجهها تتزين لزوجها تماما كما أوصتها مريم, نظرت لنفسها في المرآة طويلا ومن ثم شردت في حديث مريم حينما طلبت منها ألا تخبر أحدا بما يفعله زوجها وان تقول للسيدة حسنية التي كانت حتما تنتظر عودة هنا لإعلامها بما يفعله زوجها
###
فلاش باااك
دنت منها مريم تقول بجدية – هنا اسمعي من أهم شروط نجاح الحياة الزوجية ان محدش يعرف عن حياتك انتى وزوجك حاجة, طبعا لما ترجعي طنط حسنية هتسألك هتقوليلها انك سمعتي غلط وأنك ظلمتيه وهوا كان بيقابل صديق له, فاهماني زوجك مينفعش صورته تتهز قدام الناس اللي حصل يكون بينك وبينه هوا وبس ..
هزت هنا رأسها باستياء وأخفضت رأسها تشعر بمرارة فعلته, فمازال قلبها مكسور
مدت مريم يدها ترفع رأس هنا تجعلها تنظر اليها ثم هتفت – هنا حبيبتي, احنا دلوقتي مطلوب مننا نعرف ايه الاخطاء والعيوب اللي فينا ونحاول نصلحها, نشوف ايه هيه الحاجة اللي دفعت زوجك انه يسيب بيته ويبص لبرا "ده في حالة اذا كان هوا بيخونك فعلا "
أدمعت أعين هنا قائلة بعدم استيعاب –قصدك إيه يا مريم
هتفت مريم تصحح ما وصل لهنا من سوء فهم – مش قصدي والله ابدا اني أقلل منك أو انتقص من قدرك, كل انسان فيه عيوب وفيه بعض النقص فاحنا لازم نشوف فين النقص ده ونحاول نعالجه, هنا أنا مش هسألك عن حياتك في بيتك عاملة إزاي أنا بس هنصحك زي ما بنصح نفسي وأي ست متجوزة.
أخبرتها مريم أن تزيد اهتمامها بمظهرها أكثر وببشرتها وشعرها ,هي تعلم ان وجود طفلة صغيرة بالمنزل تعني وضع الأم في موقف صعب جدا لا تحسد عليه فتنسى نفسها لا تقصد إهمالها
لكن الأعباء التي عاتقها أصبحت أكثر فبالتالي تصب جل اولوياتها مع طفلتها الصغيرة وقد تغفل عن بيتها وزوجها وحتى نفسها فمسؤلية رعاية طفلة ليست بالامر السهل وخاصة اذا ترك الزوج المسؤلية كلها على عاتق الام وحدها.
كما أخبرتها أن تهتم بزوجها أكثر وتجعله يحب المكوث بالمنزل اطول فترة ممكنة , بمعنى ان تشاركه في اهتماماته فاذا كان مثلا يحب مشاهدة مباريات كرة القدم, عليها ان تجلس معه وتشجع الفريق الذي يحبه حتى لو كانت لا تفهم اى شىء في الكرة من الاساس , لابد ان تخلق جو من الالفة فيما بينهما ان
تسأله وتناقشه حول ما يدور وما يحدث, تعرف اوقات عرض المباريات وتتلهف مثله في متابعتها (ضربت مريم بكرة القدم كمثال وليس شرطا ان هذا ما يحبه أيمن, فاي نشاط لابد ان تشارك الزوجة زوجها فيه والعكس صحيح )
كانت مريم تريد من هنا اشغال زوجها عن تلك التي تبعده عن بيته وزوجته, كانت تريد منها ان تملأ حياة زوجها فلا يفكر في اخرى مهما بلغت قوة اغراءها وجمالها وجاذبيتها, ان تحاول هنا سلب عقل زوجها وتفكيره.
اخبرتها أنه اذا ما حاول ان يغادر المنزل لغير العمل عليها ان تشغله بشىء ما حتى لا يتسنى له مقابلتها مرة أخرى, فمثلا تطلب منه ان يخرجوا سويا للتنزه , ان يهتم بابنته قليلا , ان يشاركها في عمل مهم خاص بها
واخيرا حذرتها ما أن تكون زوجة كسولة فلا تهتم ببيتها الا قليلا, طلبت منها ان تحاول قدر الامكان ترتيب المنزل فلا يراه زوجها الا في أحسن حال ...واخبرتها بوصية أمامة بنت الحارث لابنتها تلك الوصية الشهيرة الهامة جدا ....
**""أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكر للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن أمرأة أستغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغن الناس عنه،ولكن النساء للرجال خلقن،ولهن خلق الرجال.
أي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه،فاحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.
أما الأولى والثانية:فالخشوع له بالقناعة،وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة:فالتفقد لموقع عينية وأنفه،فلا تقع عينه منك علي قبيح،ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة:فالتفقد لوقت منامه وطعامه،فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة:فالاحتراس بماله، والإرعاء بحشمه وعياله،وملاك الأمر في المال حسن التقدير،وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة:فلا تعصين له أمراً،ولا تفشين له سراً فإنك إن خالفت أمره، أوغرت صدره، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.""***
انهت مريم حديثها – عارفة ان اللي قلته كتير عليكي وممكن كمان بكون بحملك فوق طاقتك بس لازم نحاول يا هنا علشان نحافظ على بيتنا قبل ما يضيع.
هنا- تفتكري هقدر اعمل اللي قلتي عليه ده واني هقدر حتى أبص في وشه بعد اللي عمله
أمسكت مريم يدها تشد من أزرها – لازم تقدري يا مريم, زوجك مش من النوع الخاين او اللي اخلاقه سيئة ومعني انه بيقابلها انه بيخطط فعلا انه يتجوزها .
وقفت هنا صارخة –ايه؟
أمسكتها مريم من يدها لتجلسها – يا بنتي اقعدي, اسمعي بس كلامي وباذن الله هتلاقي الوضع اتحسن كتير
زفرت هنا وهي تعود لمكانها ثانية – طيب وهعدي اللي عمله ده كده !!
مريم- لا طبعا بس مش دلوقتي الكلام فيه , لو حصل وسمعتيه تاني لازم في وقتها تصارحيه انك تعرفي باللي بيحصل , بس لو لقيتي الوضع اتعدل وبقا خلاص مش بيكلم الست دي خلاص اغفري له زلته يا هنا, انسيها , كلنا بنغلط
###
بااااك
تنهدت هنا بضيق تحاول التماسك من أجل بيتها واستقراره, أعادت ظهرها للخلف تنظر لانعكاس صورتها بالمرآة تحدث نفسها – هنا لازم تكوني أقوى بيتك بيضيع وانتي اللي ضيعتيه بإهمالك
تذكرت انها ومنذ وفاة مودة والتي حزنت عليها كثيرا اهملت في نفسها وبيتها ولكن أيمن كان دائما ما يقف جوارها ويساندها حتى تتخطى تلك المحنة لكن بعدها انشغلت هي
بالحمل والرضاعة ورعاية طفلتها فعاودت اهمال بيتها من جديد وعلى ما يبدو ان أيمن اعتاد على الأمر الى ان استطاعت اخرى السيطرة عليه .
نظرت لنفسها في المرآة تلومها- انتى اللي ضيعتيه يبقى لازم ترجعيه من تاني.
_____
عندما رأت ابيها ينطلق بهذه السرعة تبادلت النظرات الحائرة مع جدها, الذي لاحظ الحزن البادي على وجهها الصغير فضمها اليه بحنان
في الداخل كانت ياسمينا تجوب الردهة ذهابا وايابا تنتظر صغيرتها هي تعلم انها ستعود ولن تتركها لكن لم تأخر ابيها بالخارج الى هذا الحد لذا قررت الخروج للحديقة وتنظر ما الامر لكنها لا تريد ان ترى ذلك الصقر مرة اخرى فكانت تتمنى ان يكون قد رحل
خرجت اليهما وما ان شاهدتهم وحدهما دون الصقر حتى زفرت براحة وجرت نحو ابنتها تضمها اليها بسعادة –مودي حبيبتي انتى رجعتى ليا زي ما وعدتيني
بدت مودي صامته لا تتحدث ولم تبادل امها العناق كما اعتادت ان تفعل, فابعدتها ياسمينا عن صدرها وقالت وهي تنظر لابنتها بقلق وحيرة- مودي مالك يا روحي, وات هابن (ايه اللي حصل) ليه انتي زعلانة؟
أدمعت أعين مودي- انا عايزة بابا معانا هنا يامامي
اعتدلت ياسمينا في وقفتها قائلة بصدمة فهذا آخر ما كانت تفكر به ان تعيش مع الصقر بمكان واحد فهي لا تطيقه ابدا وتعلم انه ايضا يبادلها نفس الشعور- وات؟ معانا هنا فين يا مودي ؟
مودي- يعيش معانا هنا, ليه انتي وبابي عايشين كل واحد في مكان.
حكت رأسها محاولة ان تفهم الصغيرة على حسب عمرها- حبيبتي في الوقت الحالي مش هينفع , يمكن لما تكبري هفهمك كل حاجة
هزت مودي رأسها باستنكار ما تسمع- نو مامي انا مبقتش صغيرة
تدخل ذكي لانهاء ذلك الحوار – مودي حبيبتي , انا هتصرف في الموضوع ده, يلا ندخل جوا وبكرة انا هعملك كل اللي انتي عايزاه
مودي بانصياع – حاضر يا جدو
رمقت ياسمينا والدها باستفسار –ما الذي يقصده؟ وما الذي سيفعله؟
لكنه تهرب منها لأن خطته وما ينوي لفعله لن يعجبها بالمرة لذا قرر ألا يخبرها به إلا في وقته
______
رمقه بغيظ مستاءا مما سمعه وجلس على المقعد في استراحة العمل بصمت
ليهتف عادل باستغراب _مالك يابني بتبصلي كده ليه
ليهدر به أسامة_ صدق انت مفيش عندك دم
لم يفهم عادل شيئا حقا فقال بجدية _في إيه بس يا أسامة أنا قلت إيه زعلك ،ده بدل ما تقولي مبرووك!
هتف أسامة بغيظ من صديقه_ بقى انت هيجيلك نفس تفرح من غيري ،مش عارف تستنى على الشبكة والخطوبة لحد ما موضوعي يمشي أنا كمان ، ونعمل الحفلتين مع بعض
إرتبك عادل فأخته أميرة ترفض الحديث في هذا الأمر نهائيا فهو حاول ان يفاتحها بالأمر أكثر من مرة لكن دون جدوى
لاحظ أسامة توتره فقال بقلق توجسه _عادل ،انت مخبي عني حاجة!! أميرة رفضتني!!
صعق عادل من فهم أسامة للأمر فقال بتلعثم واضح وحزن على صديقه من أن يكسر قلبه_زز..زي ما قلتلك يا أسامة أميرة محتاجة تأخد وقت أكتر علشان تعرف تأخد قرار صح ،بلاش نستعجل ،خلينا نعطيها وقتها
شعر أسامة بالاختناق فقام من مكانه مبتعدا عن عادل وهو يقول_ ماشى زي ما تحب
لحق به عادل يستوقفه_أسامة استنى رايح فين!!
أجابه دون أن ينظر إليه _مخنوق، هتمشى شوية
وقف عادل أمامه يمنعه من التقدم_أسامة أنا مش عايزك تزعل، أميرة عانت كتير ومحتاجه فعلا تأخد وقت
تحدث أسامة بحرقة_أنا مستعد أستناها العمر كله يا عادل مش شهر ولا اتنين ،بس على ما يبدو أن أميرة مش موافقة بيا من الأساس
عادل_مين قال كده بس .
هتفت أسامة بمرارة_مش محتاج تقول الحكاية واضحة زي الشمس، انت حتى مش عارف تبص في وشي
صمت عادل فأسامة على حق فيما قاله
ليتابع أسامة سيره بضياع وحزن شديدين
_____
في الصباح
وبعد أن قضى الصقر ليلته بمكتبه شاعرا بالوحدة تستعر في قلبه
وجد بلال ومعه صغيره يحيى ،يدلفون إليه مكتبه وفي يده علبة طعام الافطار أعدتها مريم خصيصا لابن عمها والذي بمكانه أخيها وولي أمرها
تحدث يحيى بإبتسامة _بابا صقر ،جبنا لحضرتك الفطار
مسد الصقر على شعر يحيى_متشكر يا حبيبي، أخبارك إيه!!
يحيى_الحمد لله كويس، بس أنا عايز مودي تلعب معايا، مش بحب ألعب لوحدي وكمان مودي لعبها مسلي أوي
تنهد الصقر بضيق ونظر ليحيى بقلة حيلة _ ما باليد حيلة يا يحيى، مودي عايزة تفضل هناك وأنا مش عايز أزعلها
يحيى بتبرم_بس يا بابا صقر ...
نهره بلال قبل أن يكمل كلامه_خلاص بقا يا يحيى، مودي لما هترجع هتلعب معاك، يلا اتفضل العب برا المكتب عايز اتكلم مع صقر شوية
يحيى بانصياع_حاضر يابابا
نظر الصقر إلى أثر يحيى وقال مناديا_يحيى أوعى تخرج برا
يحيى من الخارج في الردهة_ حاااضر.
تحدث بلال بضجر_ممكن اعرف مجتش تنام في اوضتك ليه ،وايه اللي رجعك تنام هنا تاني!!
أغمض الصقر أعينه _مش عارف حاسس إني تايه مش عارف أنا عايز أيه ولا أنا عايش ليه أصلا ..صمت قليلا ثم أردف _ مودي اللي كنت مفكرها هتعوضني عن وحدة قلبي، مُصرة تبعد مش عايزة تسيب الغبية اللي اسمها ياسمين دى، يا ما نفسي أمسكها أخنقها بإيدي وأخلص
في هذه الاثناء طرق باب مكتب ليدلف منه ذكي
فهمس بلال الى الصقر بمزاح_ مصيبة ليكون سمعك بتقول كده على بنته
لكزه صقر بضيق_ تعرف تسكت !
ثم رحبا اثنتيهم بذكي ،فجلس قبالة الصقر على الكرسى المقابل لكرسى بلال
تحدث الصقر بقلق على ابنته_خير يا ذكي بيه ،أنا كنت لسه معاك أمبارح ،مودي بنتي كويسة!!!
تحدث ذكي بوجه خال من التعابير لذا لم يستطع الصقر أن يستشف حالته _ ممم يعني ،تقدر تقول أه وتقدر تقول لا
وقف الصقر مكانه قائلا بنظرات زائعة_في ايه يا ذكى بيه مودي بنتي مالها!!
بدا ذكى هادئا_متقلقش يا صقر مودي كويسة اطمن، بس مشكلتها حاجة واحدة بس
رمقه بلال بإهتمام ليعلم ما الأمر
فتابع ذكي حديثه ،بينما جلس الصقر مكانه ثانية
_مودي محتجالك يا صقر، مودي محتاجة تكون بين أبوها وأمها ،البنت رافضة تكون مع
واحد فيكم من غير التاني
البنت حاسة بالتشتت ،مش عايزة تزعل حد فيكم عايزة تعيش وسطيكم إنتم الاتنين إنت وياسمينا
تجهمت تقاسيم وجه الصقر عندما يقرن أحد اسمه باسم ياسمينا وقال بغضب_بغض النظر عن إني مش طايق بنتك ولا طايق اسمع حتى اسمها، هنعيش إحنا الثلاثة مع بعض إزاي
ذكي وهو ينظر لبلال_إنت ناسي إنك لسه جوزها؟
ضيق الصقر بصره ووزع نظراته بينهما فهو نسي ذلك الأمر تماما ولو كان يتذكره لكان طلقها من فوره ،فرفع يده يخبط بها على رأسه بتذكر_يااااه ،ده أنا نسيت تماما ، خلاص يا ذكي بيه من بكرة هروح للمأذون وأنهي الموضوع أنا آسف، حقيقي مكانش في بالي أصلا
التفت ذكي للصقر قائلا بجدية_أنا مش جايلك دلوقتي وبتقولك كده علشان تطلقها يا صقر
هز صقر رأسه ليستوعب اكثر وقال بنبرة تحمل التهكم_اومال إيه، علشان نحدد معاد للفرح مثلا
نظر له ذكي بنظرة ذات مغزى_وليه لا ،أنا مش هلاقي لبنتي زوج أفضل منك ،انت مثال للزوج اللي بتمناه طول عمري لياسمينا
ضحك الصقر بسخرية_ ذكي بيه من فضلك بلاش هزار، أنا أتجوز بعد مودة!!! ومن مين من دي!!
امتعض وجه ذكي
فتراجع الصقر _أنا أسف يا ذكي بيه، بس انت عارف رأيي في بنتك كويس وأن اللي عملته أنا مش عارف اعديه بالساهل وبسببها أنا والبنت بنعاني زي ما انت شايف .
تنهد ذكي وقال بصوت أب خائف على ابنته_ اسمعني يا صقر يابني ،زي ما انت شايف بنتي متدلعة إزاي ولحد دلوقتى احيانا مش بتعرف تفرق بين الغلط من الصح ولا الحلال من حرام
قالها وهو يخفض رأسه فهو يعلم أنه السبب في هذا بتدليله الزائد وفي اهماله في تعليم ابنته امور دينها .
_علشان كده كنت عايزك تعيش معانا بناءا على رغبة مودي علشان البنت تعيش حياة مستقرة وكمان علشان تقوَّم سلوكيات ياسمينا ،أنا مش هعرف أقول بالمهمة دي لكن انت تقدر، انت تقدر تغيرها للأحسن
لمعت أعين الصقر بتوعد_قصدك أربيها من جديد مش كده !!
أصيب ذكي بالحرج_ أحم ..اه مش بالظبط يعني
رحّب الصقر بتلك الفكرة ،فهو لن يتوانى في إعطاء ياسمينا درسا لن تنساه جراء فعلتها الشنعاء تلك ،لكن المشكلة هي أنه لا يود حقا أن يذهب هناك ،لا يريد أن يجمعه بها مكان واحد ،فيعرف الناس أنهم متزوجان وهو أمر لن يقبله ،فاسمه مقرون باسم مودته فقط ولا يريد غير ذلك .
انتظر ذكي رده لكن الصقر بدا شاردا ولم يعطه جواب
فقال_قلت إيه يا صقر ، هتيجي تعيش معانا في الفيلا علشان بنتك وعلشان تقدم لي خدمة انسانية عمري ما هنساها لك طول عمري
ابتسم الصقر بتوعد وهو يحدث نفسه_ بس مترجعش تزعل من اللي هعمله في بنتك
ذكي_ها ياصقر قلت ايه!!!
أومأ له الصقر بالموافقة _ماشى موافق .
فرح ذكي بموافقه وأستأذن مغادرا ليعد الفيلا لاستقبال فردا جديدا بها
_______
_
تأهب للذهاب خارج المنزل وحمل حقيبته السوداء يجرها خلفه ،بوجه خال من التعابير، كصفحه بيضاء لا تستطيع أن تقرأ فحواها
تتابعه أعين صديقه "بلال "الفَرِحة بأنه أخيراً سيخرج من قوقعة حزنه ويعيش حياته من جديد ،بأنه أخيراً سيجد الصقر الذي فقده منذ وفاة مودته.
لكن أستوقفته هي بأعين زائغة دامعه وقلب ملتاع تقول وكأنها تلومه وكأن ما سيفعله جُرم لا ينبغى فعله_ومودة يا أبيه؟
نهرها بلال واضعاً يده على كتفها_مريم سيبيه بقا يعيش حياته ،أنا ما صدقت إنه بدأ يستعيد نفسه ،كفايه السنين اللى ضيعها فى الحزن
لتقول مريم ببكاء أكثر ومرارة كغصة تقف فى الحلق_إنت اللى بتقول كده يابلال ،للدرجه دى عايزه يسيب مودة ،يتخلى عن حبيبته بالسهوله دى ،أنا مش مصدقه
تكلم بلال بهدوء عندما شاهد إنفعال زوجته وتأثرها _مين قال كده أنا عارف ومتأكد إن صقر عمره ما هيقدر ينسى مودة ،أنا بس عايزه يعيش حياته ،الدنيا مينفعش تقف على كده لازم يكمل ويعافر فيها علشان يغلبها قبل ما هى تغلبه
ضيقت مريم شفتيها بأسى_ صقر لو راح هناك ممكن يتعلق بياسمينا وأنا سمعت إنها ملكة جمال و...
كان يسمع حوارهما بهدوء ظاهرى مولياً لهما ظهره فقد كان وصل أخيراً إلى باب الشقه ،لكن كلمة مريم الأخيرة جعلته يثتثار غضباً فضغط بيده القابضه على الحقيبه بقوة ومن ثم
إستدار قائلاً بإنفعال واضح فعروق وجهه قد انتفخت وتلون وجهه بالحمرة_حتى لو كانت ملكة جمال المجرة ....مش هتقدر تزحزح مكان مودة اللى فى قلبى مللى واحد ، مودة
وبس اللى قدرت تحتل قلبى بل كيانى كله ومفيش قوة فى الارض هتقدر تغير مكانتها عندى ولا حتى الموت نفسه.... فاهمانى يا مريم
هدأت أوصال مريم نسبياً لكنها قالت بصوت مهزوز_طيب ليه وافقت تروح هناك
أجابها بهدوء هذه المرة معلقاً بصره على نقطة ما فى الفراغ_علشان مودى يا مريم
مودى من حقها تعيش بين أم وأب على الاقل فى السنوات الاولى دى من عمرها
علشان زى ما مودى محتاجانى أنا كمان محتاج ليها جداً ،مودى ظهرتلى فى أكتر فترة أنا كنت محتاج ليها بجد.
مقدرش تبعد عنى ،وكمان مقدرش أخليها تفضل معايا وخاصه إنها متعلقه باسمينا جداً .....أنا بشوف فيها مودتى البنت
نسخه من مودتى ،سبحان الله كأنها هى وهى طفله جايز تكونى مش فاكرة مودة لما كانت طفله علشان هيا اكبر منك ،لكن أنا فاكرها كويس ،أنا اللى مربيها على إيدي ،أنا اللى اشتلتها بإيديا دول لما اتولدت ،أنا كنت اول حد مودة تفتح
عينيها عليه فى الدنيا ،فكنت أنا دنيتها وهيه كمان دنيتى ،روحى اللى كنت عايش بيها، ثم اردف بعد أن اغرورقت أعينه بالدموع وقال بصوت مختنق_الموت خطفها منى بسرعه أوى ،زهرة حياتى إختفت مرة واحدة وبدون سابق إنذار ،
عايزانى متعلقش بمودى بنتى وأروح وراها مكان متكون ،يمكن ربنا له حكمه فى اللى عملته ياسمينا علشان تكون مودى ليا مواساه لقلبى المجروح
إقترب منه بلال معانقاً إياه بشدة ومربتاً على كتفه_روح ياصاحبى ،وعيش اللى باقى من عمرك،عوض بنتك حنان الاب اللى فقدته بقالها اربع سنين
______
لم يخبر ذكي ابنته بشأن قدوم الصقر للفيلا ولكنه اخبرها ومودى بأنه يعد لهم مفآجئة في المساء
وفي المساء
جاء الصقر في الموعد المتفق عليه مع ذكي
وما ان علمت مودي بشأن مكوث أبيها معهم ،حتى ارتمت بين ذراعي جدها تشكره_ثانكس جدو ،أنا مبسوطة أوي أن بابي هيعيش معانا هنا
قبل الصقر ابنته وهو يقول_حبيبتي أنا جيت هنا علشان اربيكي بنفسي وأربي ...
قالها وهو ينظر لتلك التي احتلت الصدمة تقاسيم وجهها كله ثم هتفت باستنكار _دادي، ايه اللي بيحصل هنا ، ومين اللي هيقعد معانا هنا ؟؟
وضع الصقر يديه في جيب بنطاله ورمقها بإبتسامة سمجة _أنا هفضل هنا مع بنتي،ايه مش عاجبك ولا إيه!!!
فتحت ياسمينا فمها على وسعه _وااات!!
أجابها الصقر ببرود_ بقولك إيه يا ياسمين ،اطلعي حضري اوضتي لإني عايز أطلع أنام
هتفت هي بحنق _اسمي ياسمينا مش ياسمين، ثم انت ازاي تطلب مني أنا أحضر ليك اوضتك!!!
إستمتع هو بإثارة غضبها فقال مستمرا على تلك الوتيرة_اه طبعا انتي أومااال مين !! مش لازم تحضري أوضة زوجك بنفسك!!
حملقت هي به وهي تقول بصدمة_وااات!!
رمقها بضجر _بقولك ايه انتي لسه هتوطوطي ، اطلعي يلا إعملي اللي قولتلك عليه اخلصي
هتفت هي بحنق من اسلوبه معها فقالت بشراسة_اسمع مش أنا اللي أتعامل بالاسلوب ده ومش هقبل بيه أبدا انت فاهم ،وكمان انت مش جوزي ،فمتنساش نفسك
قابل حدتها تلك بهدوء على غير طباعه_ممم طيب ان كان كده ،يبقى مودي مش بنتك وملكيش حق تشوفيها من أصله، أنا هاخد بنتي وهامشى وانسي مودي تماما
اجابته بحدة صارخة به_انت بتقول إيه إنت اتجننت!!! محدش يقدر يمنعني عن مودي
أردف هو بهدوء أيضا_بس انا أقدر ولو عملتي إيه مش هتعرفي تشوفيها غير بمزاجي أنا
(كان ذكي قد اخذ مودي الي غرفة أخرى ليشغلها وذلك عندما رأى أن الجدال سيحتدم بين الاثنين)
زفرت هي بنرفزة واضحة فهي تعلم انه يستطيع أن يأخذ منها ابنتها وليس لها الحق في الاعتراض او منعه لذا صاحت به بغضب_انت عايز ايه يا صقر !!!
رمقها بنظرة تحذيرية_أولا صوتك ده ميعلاش عليا
ثانيا_ لما تكلميني تكلميني باحترام أكتر من كده!!
شبكت ساعديها أمام صدرها بتهكم_اه وإيه كمان ،اوعى تكون عايزني أناديك سى السيد مثلا
رفع الصقر أحد حاجبيه وقال بسخريه_إيه ده إنتى طلعتي بتتفرجي على أفلام أبيض واسود زينا أهو .
رمقته بضجر وهي تنقر الارض بكعب حذائها المدبب
فصاح بها _انتي لسه واقفة عندك ،اطلعي يلا حضري الأوضة مش هعيد كلامي مرتين
قالت بضجر واضح_اوك يا صقر،بس لازم تكون عارف أن الوضع ده مش هيستمر كتير، مش أنا اللي أسيب راجل يتحكم فيا
غمز لها الصقر لإثارة استفزازها ،فنفخت هي بضيق شديد قبل أن تتوجه لأعلى وتنادى على الخادمة لتعد للصقر غرفته
تنهد الصقر بضيق ومن ثم توجه إلى حيث يجلس ذكي مع ابنته ،فجرت ابنته نحوه، فضمها اليه وهو يقول _ها يا ذكي بيه ايه رايك في البداية دي؟
ابتسم له ذكي_عظيم، استمر
صقر_ تمام ،بس مش عايزك تتدخل من فضلك في أي حاجة بعملها
رفع ذكي يده_لا اتصرف براحتك مش هتدخل
صقر_ تمام ،خد بالك من مودي ،لاني خارج شوية.
استغرب ذكي خروجه في هذا الوقت_على فين انت لسه جاي وبعدين انت مش قلت لياسمينا تحضر لك أوضتك
صقر بشرود_مشوار كده مهم ،كنت مأجله بس الظاهر جه وقته
مودي_بابي حضرتك رايح فين،هتمشي تاني!!
صقر_لا ياحبيبتى ،راجع تانى متقلقيش
____
توجهت ياسمينا إلي غرفتها بدلا من أن تعد غرفة الصقر كما طلب منها وانتظرت الخادمة تأتي إليها كما طلبت منها
_تحت امرك يا ياسمينا هانم
أجابت تلك التي تجلس تمشط شعرها بلا مبالاة _حضرتي الاوضة، زي ما طلبت منك
_ يا هانم الأوضة جاهزة من الصبح ،ذكي بيه أمرنا بتحضيرها من بدري
وضعت ياسمينا المشط من يدها _طيب تمام روحي إنتي وخدي الباب في إيدك
_حاضر يا هانم
ياسمينا _اه استني، اطلبي من مودي تطلعلي هنا حالا
قررت ياسمينا المكوث في غرفتها وعدم النزول حتى لا تحتك به ثانيا ،يكفيها ما حدث ،فهي لا تحب أن تشعر أن هنالك أحد يملي عليها الاوامر أو أن يطلب منها أن تفعل شيئا لا تريده ،بمعنى أنها لا تريد ان يتحكم بها أحدا مطلقا..
__
بمجرد أن خطت قدمه بوابة الفيلا ليمكث فيها مع ابنته وهو يشعر بأنه قد خان زوجته الراحلة ،مودة قلبه ونبض حياته الذي توقف عن نبض السعادة مذ أن غادرت الدنيا
لذا أحس بأنه في حاجة ماسة الى الاعتذار إلى أن يكون معها الان ،لذا قرر الذهاب لأول مرة منذ اربع سنوات الى شقته الى حيث ذكرياته الجميلة معها، حيث كل ركن ينبض بذكرى خاصة معها
فتح الباب بتخوف كبير ،ومن ثم مد قدمه بتثاقل شديد فدخوله ليس هينا عليه ،كيف يطأ المنزل دونها، دون صاحبته ، كيف يدخل المملكة دون ملكتها التي تديرها
غزى قلبه قبل أنفه عطر عبيرها الذي لم ينساه أبدا ،ففاضت عيناه رغما عنه وهو يجوب بعينيه أرجاء المنزل يتخيلها في كل ركن فيه، يتخيل ابتسامتها عندما كانت تجلس جواره يتابعان التلفاز بمرح ، يتخيل هيئتها عندما كانت تنهره عندما يكثر من شرب الشاي ،ليقف متخشبا أمام المطبخ وهو يتذكر حركتها هنا وهناك، كانت حقا ونعم الزوجة ، كانت نعمة فقدها بسرعة قد خطفتها الايام دون أن يشعر
قادته قدماه حيث غرفتهما بعد عدة ساعات من تجوله في انحاء المنزل وتسمره أمام كل جزء فيه
دخل الغرفة يتحسس كل جزء فيها ، يتمنى أن تحدث معجزة ما فتعيد حبيبته للحياة فيضمها إلى صدره ولو لمرة واحدة فقط
وقف أمام مكتبها التي كانت تستذكر دروسها عليه ليفتح درج المكتب ليخرج صورة خاصة بهما ،كانت تحتفظ بها مودة تذكر عندما كانت تخبره أنها اذا ما استثقلت أمر المذاكرة تنظر الى صورته فيرجع اليها شغفها للمذاكرة من جديد ،ولا تعلم أنها هي كانت السبيل لإعادة شغفه هو للحياة
انهار هو وأحس بأن قدماه لا تحملانه فجلس على طرف الفراش حتى لا يسقط على الارض ، ثم نظر لتلك الوسادة
بحنان وشوق جارف لتلك التي كانت تضع رأسها عليها كل ليلة ، لذا حملها من مكانها يضمها اليه بقوة وكأنما يحتضن زوجته ، فزرفت أعينه الدمعات دون توقف ترثى قلبه المكلوم ،ظل على وضعه لفترة طويلة لا يعلم كم مر عليه من الوقت يضم
الوسادة إلى صدره لكنه انتبه لصوت قرآن الفجر ، فقرر ان يتوضأ ويصلي ركعتين قبل الفجر ليدعوا لزوجته التي لم ينساها أبدا ،فهو يدعوا لها في صلاته دائما حتى انه ينسى أن يدعوا لنفسه بشىء فهو مسخر كل دعاءه لها وحدها
التف ليضع الوسادة بهدوء مكانها كما كانت ،ليجد ورقة ما كانت أسفلها لم ينتبه لها عندما حمل الوسادة
استغرب تلك الورقه ولماذا تضعها مودة تحت وسادتها ،أمسكها بين يديه ،لا يدري لم اضطرب قلبه فجاءه وارتعشت يديه وكأنها تحوي على لعنة ما ،فتحها سريعا ليعلم فحواها
ليتغير لون وجهه وتبرز عروق وجهه ونحره بشدة وهو يحملق بأعين حمراء تشتعل نيرانا_ رسايل تهدييد!!!
مودة حد كان بيهددها وأنا معرفش
ضغط على الصورة بين يديه بقوة وهو يقول بأسف_ليه يا مودة مقلتليش ليه خبيتي عليا موضوع مهم زي ده
ثم فجأة لمعت أعينه بشرر_معنى كده أن موت مودة مكانش حادث عرضي, موتها كان مدبر !!!
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
